نقد كتاب الاستخارة
نقد كتاب الاستخارة
الكتاب من تأليف محمد محمد صادق الصدر وهو يدور حول مشروعية الاستخارة التى لا وجود لها فى كتاب الله ولا دليل عليها منه وقد استهل الكلام بذكر معناها فقال :
"معنى الاستخارة:
قال ابن منظور : الاستخارة طلب الخير في الشيء وهو إستفعال منه وفي الحديث كان رسول الله (ص) يعلمنا الاستخارة في كل شيء وخار الله لك أي إعطاك ما هو خير لك والخيرة بسكون الياء: الاسم من ذلك ومن دعاء الاستخارة أي اللهم خر لي أي إختر أصلح الأمرين وإجعل لي الخيرة فيه وإستخار الله طلب من الخيرة (بفتح الياء) "
وأشار الصدر إلى أنها عادة وليست تشريع إلهى فقال :
"أقول: والإستخارة عادة جرى عليها المتشرعة في الاسلام منذ صدر الاسلام الى العصر الحاضر وسنذكر بعض النصوص الواردة في ذلك الدالة على ثبوت ذلك من زمن الأئمة المعصومين بل من زمن رسول الله (ص)
وتحدث عن وجود ثلاث معانى للاستخارة فقال :
"والإستخارة كمفهوم يمكن أن يراد به أحد ثلاثة أمور:
الأمر الأول:
ما أشار إليه إبن منظور وهو طلب الخير
الأمر الثاني:
طلب الخيرة (بفتح الياء) من الله سبحانه على ان يدلك على ما هو الأصلح لك في المستقبل المنظور من حياتك هل الأفضل أن تفعل أو الأفضل أن تترك
فهو معنى يحتوي على طلب الخير من الله سبحانه إلا أنه يحتوي في نفس الوقت على جهة تشريعية: افعل أو اترك بحسب الهداية الالهية الموجودة في أسلوب الإستخارة
الأمر الثالث من معاني الخيرة:
طلب الخير بمعنى محاولة التوصل الى معرفة: أن الله سبحانه ماذا أراد لي أو لنا في المستقبل المنظور من حوادث ومجريات هل هي حوادث خير أو هي حوادث شر وسوء من دون أن تكون له صفة تشريعية
وهذا المعنى يحتوي على محاولة التعرف بالهداية الالهية على المستقبل أو على (الغيب) الذي لم يحصل الى الآن"
وأشار الصدر إلى معنى الاستخارة عند عامة الناس محاولة الوصول لمعرفة إرادة الله الغيبية فى أمر ما فقال :
"وهذا هو المعنى الذي يعتقده الكثيرون من عامة الناس في معنى الإستخارة وأنها منتجة الكشف عن المستقبل وسنناقشه بعد ذلك وهو وإن لم يكن بمعنى الخيرة التي نحن بصددها إلا أن للناس فيه عادة وهو مرتبط بها في أذهانهم فيحسن جدا التعرض له"
والاستخارة فى كل الأحوال هى مطلب ممنوع سواء كان العلم بالغيب عن أى طريق وهو أمر لا يعلمه الله الخلق كما قال :
" وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو "
وسواء كان أمر الله بأن يختار الخير معاندا ما قضاه من قبل من شر فى الأمر وهو اعتراض على قضاء الله وقدره
وتحدث الصدر عن تكوين الاستخارة النظرى فقال :
"تكوينها النظري:
وتحتاج الاستخارة الى الايمان بما نستطيع ان نسميه بالتكوين النظري لها اذ بدونه تكون الطريقة لاغية وغير منتجة حتما وأول فقرات هذا التكوين هو الايمان بالله عز وجل ذي القدرة الواسعة والعلم الواسع والرحمة الواسعة بحيث يعلم بحاجة ذي الحاجة وبطلبه الاختيار وبوجه المصلحة فيما يجهله العبد وهو قادر سبحانه على اجابة طلبه وتعريفه وجه المصلحة عن طريق ما اشترطه العبد من طريق معين كإمساك عدد فرد أو زوج من الحبات أو الحصى على ما سيأتي وهو تعالى رحيم كريم لا يغش من استنصحه ولا يكذب على من يسأله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا"
وهذا الكلام يتناقض مع أن أخبرنا أنه يبتلينا بالخير والشر كما قال تعالى :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
فالله وضع مصالح العباد جميعا عندما وزع عليها بالعدل الشرور والخيرات حتى لا يكون ظالما وتلك الطريقة من الدعاء هى اعتراض على ما قضاه إذا كان شرا
وحدثنا عن سؤال لطالب لأستاذه فى الموضوع فقال :
"السؤال الذي يسأله بعض أساتذتنا أحد طلابه: هل تعلل أن هناك سبب فوق الطبيعة (ميتا فيزيقي) يدخل الحبات في يدك؟ فأجاب الطالب: لا وكأن هذا ينتج ضعف في الدليل على الاستخارة لأنها ما دامت خاضعة لقوانين الطبيعة وغير مشمولة لما ورائها: إذن فهي لا تكشف بأي حال عن وجه المصلحة أو قل: عن الهداية الالهية المطلوبة منها ولا بد الى الاستخارة إذا كانت ولا بد للاستخارة إذا كانت منتجة أن تكون مشمولة بقوانين ما وراء الطبيعة"
واعتبر الصدر تلك الاجابة دالة على ضعق الثقة بالله فقال :
" وهذا الكلام إن دل على شيء فإنما يدل على ضعف اليقين بالله عز وجل وبأسمائه الحسنى وصفاته العليا ولا ينبغي أن يكون الكلام في الاستخارة مع الماديين وأضرابهم من أهل الدنيا الذين كانت الدنيا أقصى همهم ومبلغ علمهم {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون}
ولا شك أن كل قوانين الكون بما فيها قوانين الكون والقوانين التي فوقها كلها خاضعة لإرادة الله عز وجل ونحن مهما تصورناها قوية وفعالة ومؤثرة فإنما ذلك بمشيئة الله سبحانه وحسن تدبيره
وإذا كان الامر كذلك أمكننا أن نفترض أن المؤمن إذا فعل الاستخارة كان ذلك سببا (فوقيا) للتأثير على مقدار الحبات بحيث يطابق عددها ما هو المصلحة الواقعية ويكون ذلك سببا لعلمه بالواقع
وهذا الافتراض ليس جزافيا بل ناتج من اليقين بسعة قدرة الله وعلمه كل ما في الامر أننا تارة نفترض أن قدرة الله تعالى قد أثرت بالطبيعة مباشرة وأخرى نفترض أن قدرته أثرت بتحريك القانون الفوقي على الطبيعة وثالثة نفترض أن السبب الفوقي بإختياره أصبح مؤثرا في الطبيعة وليس إختياره جزافيا وإنما نتيجة لتعاليم الهية موجودة عنده ومهما كان من الصحيح أحد هذه الافتراضات فإن النتيجة تكون صحيحة لا محالة وحبات السبحة أو أي طريقة أخرى للخيرة تكون مطابقة للمصلحة الواقعية لا محالة كل ما في الامر أننا نحتاج الى شيء من اليقين"
|