العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة الفـكـــريـة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 13-07-2009, 02:06 PM   #11
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

القضاء العشائري

كما أن هناك قضايا على الصعيد المدني، ممكن أن تُحل في مراكز الشرطة، أي قبل تحويلها للمحاكم المختصة، من خلال إسقاط حق المشتكي، والتصالح قبل أن تُعرض على القضاء، فإنه يوجد قضايا على المستوى العشائري يتم حلها بتدخل العقلاء قبل أن يتم عرضها على القضاء العشائري.

لكن، عندما يتمسك طرفان متخاصمان في أن الحق لصالح كلٍ منهما، فعندها لا بد أن يتدخل القضاء، سواء في المسائل المدنية والشرعية التي تعرض على المحاكم الحقوقية والجزائية والشرعية، أو أن تُعرض على القضاء العشائري.

وبالعادة، فإن القضاء يعتمد استنباط الدلائل من خلال الأسئلة والأجوبة والتحقيقات الجنائية، والاستعانة بمختبرات حديثة تكشف البصمات وما يُعثر عليه من دلائل تصل الى فصيلة الدم والحامض النووي.

ويجري تكييف القضايا وتصنيفها مع نصوص المواد القانونية، والنطق بالحكم وفق تلك القواعد والأحكام القانونية.

على ماذا يستند القضاء العشائري؟

يستند القضاء العشائري بالأساس على الشريعة الإسلامية، لكن مع فهم قد تكون بالمشافهة والقياس مستنداً الى فهارس الوقائع المشابهة، التي يُبَتُ في فصلها وفق الشريعة والأعراف.

ففي الكثير من الحالات، يجد الحاكم الإداري أو المدعي العام أو قاضي التحقيق نفسه عاجزا عن إحلال الأمن بين المتخاصمين، رغم أنه استند الى اللوائح القانونية (في حالة الخصومات المدنية) أو اللوائح الشرعية في الفصل بتلك القضايا، فيلجأ الحاكم الإداري الى الأمر بسجن أو توقيف أبرياء قد برأهم القضاء المدني أو الشرعي، حفاظا على سلامة أرواحهم، حتى يتيقن الحاكم أو القاضي أن الرضا بالحكم قد عم الجميع.

بين العدل والقِسْط

العدل: هو إحقاق الحق وِفق منطوق النص القانوني أو الشرعي.
أما القسط: فهو إحقاق الحق مع رضا الطرفين المتخاصمين.
فقد ينطق القاضي بالحكم على قاتل أو جاني بالسجن ثلاث سنوات مثلا، نتيجة تقديم المحامين قرائنهم المخففة للحكم ونجاحهم بها، لكن الطرف الثاني من أهل المجني عليه كانوا يتصورون أن الحكم لا يقل عن الإعدام، فلذلك يبقى الطرف الذي أحس بالغبن يتحين الفرص لإلحاق الأذى بالجاني أو أحد أقاربه. وهنا تكون الاستعانة بالقضاء العشائري للمساعدة في حسم مثل تلك القضايا.

من هو القاضي العشائري؟

تاريخيا، كان القضاء العشائري يمتد حتى قبل الإسلام بقرون، وقد كان بعد موت القاضي أن يخلفه ابنه أو ابن أخيه، حتى انحصر نشاط القضاء في أسرٍ دون غيرها، وتكاد كل البلدان العربية تتشابه في احتوائها عائلات تنتهي ب (القاضي).

ومع ذلك فإن هناك مواصفات يجب أن يتمتع بها القاضي العشائري:

1ـ أن يكون مرضيا عنه ومشهودا له بالنزاهة والعدل، من قِبل سكان الحي (البادية) أو العشيرة.

2ـ أن يكون محاربا قديرا يتمتع بصفات القيادة (هذا قبل استقرار الدولة المدنية) حيث كان مسئولا عن تقسيم الغنائم.

3ـ أن يوصي بتوليته القضاء قاض آخر مشهود له بكفاءته.

4ـ أن يكون قد تم استشارته من قبل قضاة في حل نزاعات قديمة، وتناقل الناس حكمته في المشورة.

تصنيف قضاة العشائر:

1ـ قضاة (القَلْطَة) : وهم القضاة المشرعون الذين يبتكرون قواعد للقضاء العشائري، وقواعدهم لا يتم تجاوزها من قبل أي قاض أو إلغاؤها، حتى من الدولة، ولكن الدول ومنها الأردن قد عدلت منذ عام 1921 تلك القاعدة، لتصبح شرائع هؤلاء القضاة قابلة للمناقشة أو الاستئناف.

2ـ قضاة مقطع الحق: وهم الذين يتناولون بحث القضايا الخطيرة والهامة.

3ـ قضاة التمهيد وهم الذين يتولون القضايا البسيطة، وإن عجزوا عنها يحيلونها لقضاة متقدمين أكثر منهم.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-08-2009, 06:48 AM   #12
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

إقامة القضايا

يختلف الفضاء العشائري عن القضاء المدني، بأنه يسعى الى إحلال الوئام بين الناس، ولا تدخل في قضاياه الدوافع السياسية، ولا يشترط وجود مذنب (أساسا) ولا يعتمد المنطق القانوني، بل يرد معظم الأفعال الرديئة الى (الشيطان)، وكثيرا ما نسمع في المداولات العشائرية عبارة (الله يلعنك يا شيطان) لتحميل تلك العبارة كل ما يذهب إليه علماء النفس والاجتماع والجريمة.

فالقاضي لا يريد تفصيلات كثيرة ومعقدة تحمل الى القضية الى متاهات، فإن (شطح) أحد الفريقين في شرحه، طلب القاضي العودة الى القضية الأساسية، أو أن يرفع الى الجهات الأعلى ما يستجد من إضافات خارج محور القضية الأصلي.

الاتفاق على التقاضي

يشترط في عملية التقاضي قبول الطرفين المتخاصمين بذلك القاضي، فإن انتدب أحد المتخاصمين قاضيا وقبل به، في حين امتنع الطرف الثاني عن المثول أمام القاضي، ليس تهرباً من التقاضي، بل رفضا لقاضٍ بعينه، فهذا من حقه، وعلى القاضي المنتدب أن يرفع ذلك ـ حتى لو كان ممتعضا ـ الى من أعلى منه سواء كانت سلطة عشائرية أو حكومية، يطلب فيها اعتذاره والبحث عن قاضٍ آخر.

من يقوم بتبليغ أطراف النزاع؟

عندما تحال قضية لقاض عشائري، فإنه يعد أسماء المتنازعين والشهود، ويكلف وجهاء أو شيوخ عشائرهم ليقوموا بذلك، ولا يتحمل القاضي مسئولية عدم امتثال أو استجابة هؤلاء للمثول أمامه. وهي شبيهة بالقضاء المدني حيث تقوم المحكمة بتلك المهمة بمساعدة الشرطة أحياناً.

تكاليف القضية

تسمى تلك التكاليف ب (الرزقة) وقد يكون اسمها مأخوذا من تفرغ القضاة العشائريين المعترف بهم من أوساط العشائر أو الدولة بتلك المهام، فهم يرتزقون منها، ولها أصولها، وعادة تحدد قيمة التكاليف قبل البدء بالتقاضي، وإن من يمتنع عن أداء تلك التكاليف ممن يقع عليهم تحميل الذنب أو الجرم، فإن الكفلاء هم من يجب عليهم دفعها. وإن لم تُدفع تعتبر من باب (قطع الوجه)، أي الاستهتار بكل أعراف تلك المحاكم وما يئول إليها من تبعات.

وقد كانت تلك الأمور تتم بمصادرة أموال من يقع عليهم الحق، أو ذبح مواشيهم، أو حرق مزروعاتهم، هذا قبل أن تتشكل العلاقة بين الحكومات المدنية والقضاء العشائري.

كيف يتم اختيار القضاة العشائريين؟

في منتصف السبعينات من القرن العشرين، تم في الأردن إنهاء الإجراء القضائي العشائري رسمياً، أي لم تعد الحكومة الأردنية تتدخل في توجيه هذا المنحى. ولكن هذا لم يجعل العشائر الأردنية من الاستمرار في إجراءات تنصيب القضاة أو الاتفاق عليهم.

كما لم تحل ظلال الاحتلال الصهيوني لصحراء النقب (بئر السبع) من الإبقاء على طقوس اختيار القضاة العشائريين.

لكن كيف؟
انه مبدأ (ثلاثة من خشم تسعة) أي أن يتم اختيار تسعة قضاة ثم يتم حذف ستة منهم ليبقى الثلاثة وكأنهم الهيئة العليا للقضاء العشائري، وقد غضت السلطات الحكومية النظر عن تلك الإجراءات طالما أنها لا تمس بالأمن الوطني، وطالما أنها تسهم في استتباب الأمن بين ربوع المناطق البدوية، وحتى الريفية.

يتبع

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-09-2009, 02:07 PM   #13
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الاستدلال في تسيير المحاكمات القضائية العشائرية

لم يكن للقضاة العشائريين وسائل معينة كالتي في أيامنا الحاضرة من فحص حامض نووي وتتبع البصمات الخ من مهام المختبرات الجنائية.

وكان تحصيل الحق يعتبر أهم من قيمة المختلف عليه مادياً، فقد شاهدت عدة مرات، أحد سكان قرية (كودنه ـ في الجولان المحتل ـ قبل احتلاله) يكلف أشخاصا لتقفي أثر سرقة بعض مواشيه، وكانت مصاريف من يكلفهم تفوق عدة مرات قيمة ما سُرق له.

ولتجميع الدلائل التي تثبت الحق عدة طرق عن العشائر، ومعظمها تعتمد المنطق الفطري في الاستدلال، لنتأمل تلك القضية التي أوردها الدكتور عبادي في كتابه القضاء عند العشائر الأردنية صفحة 369ـ370 وقد سبق الإشارة لهذا الكتاب:

في الخمسينات من القرن الماضي وقع الزنا في إحدى فتيات إحدى العشائر، وذهب أهلها الى قاضي عشائري وسأنقل الصيغة باللهجة التي قيلت بها:

(( يا قاضي وأنت تذكر الله، ويش عندك (أي ماذا عندك من عقوبة عادلة ضد الشخص) بالرجل اللي استغصب (اغتصب) إنثانا (ابنتنا). وخافت من الفضيحة ومن أهلها، ويوم فضحها بطنها (أي ظهرت حبلى)، راحت لأبو الولد واشتكت له عن اللي ساواه ولده بها، لكن أبوه طردها، وقال: روحي يا مره لا ترمينا ببلاكِ الذي بك، وبعدها راحت على عم الولد، فقال: قوطري لا تبلينا (أي اذهبي لا تفتري علينا). ويوم شافت ما عندهم فرج توهدنت الدولة (أي لجأت الى الدولة)، حيث اعترف الفاعل جدام (أمام : قدام) المحافظ قرار ما به إنكار. وهذه حجتي حجة الرجل البليم عند الرجل الفهيم))

لكن كبير المدعى عليه، قدم حجة دقيقة ومختصرة، حيث قال: (وش لك بالعري البري اللي ماله عندها مدور) ومعنى تلك العبارة: أيها القاضي، ماذا تحكم على شخص بريء مما ألصق به من اتهام، عار من أي ثوب للفضيحة يراد إلصاقه به.

تظهر في القصة ضعف حجة ذوي الفتاة المجني عليها، حيث أنهم لم يقتلوا الفتاة لتقوى حجتهم في المطالبة بالحقوق العشائرية، كما أن ادعائهم بأن الزنا قد وقع غصبا (استغصب إنثانا) يناقض قولهم بأن (بطنها فضحها) أي أن القضية بقيت ساكتة لظهور أعراض الحمل واضحة، فأين ردة فعل الاغتصاب؟

لقد فهم القاضي ضعف موقف أهل المجني عليها، ووضعتهم تلك القضية في دائرة قاتمة من الاعتبار الاجتماعي، لكن القاضي لا يريد أن يفقد حكمته التي ستغلق دائرة المشاكل، فاقترح زواج المدعى عليه بالمجني عليها، بمبلغ 300 دينار وإن طلقها عليه دفع 200 دينار، كأنه يريد أن يقول لذوي الفتاة (عيبك أصبح في جيبك).

مظاهر الأدلة

1ـ الاعتراف: في كل القوانين المدنية والشرعية والعشائرية، يكون الاعتراف سيد الأدلة. لكن في القضاء العشائري قد يكون الاعتراف للتغطية على جريمة أخرى أو لتبرئة فاعل آخر كأن يكون شيخا للعشيرة أو ابنا لرجل مهم. فلا يؤخذ بالاعتراف إلا في حالة واحدة وهو أن يكون المعترف على شفير الموت حيث تعتقد العشائر أن تلك اللحظات هي أكثر اللحظات رجاءً من الله وتقرباً له، فلا يعقل أن يكذب من يعترف بها.

2ـ اليمين: في كثير من القضايا، تختلط الأمور على القضاة أو المصلحين فيلجئون الى اليمين. في عام 1985، قام رجل بإطلاق النار على رجل وهما جالسين في سيارة أجرة، فتم القبض على الفاعل فوراً، لم يكن الاثنان يعرفان بعض، أو على الأقل لم يكن يعرفان بذهاب كل منهما الى تلك المدينة، لقد حيرت تلك القضية الناس والقضاة، واستمرت الحيرة ست سنوات، حيث وضع الفاعل في المصح النفسي، بعد إنكاره عن فعلته أو علمه بأن هناك من قُتل، وأخذت الظنون الناس الى وضع الاحتمالات، بأن الاثنين قد وجدا كنزا واختلفا، وأنهما قد تشاركا في تهريب بعض المخدرات ولم تكن قسمتهما مرضية، وعند البحث عن ماضي كل منهما لم يؤكد أحد من ذوي كل منهما أن الفاعل أو المقتول يعرفان بعض. هنا تم اللجوء الى اليمين في المسجد، وتم الصلح.

ولكن في بعض الأحيان، قد يقوم الطرف الآخر بحلف يمين مضاد ينسف ما جاء بيمين الطرف الأول، فتكون عندها الصلاحية للقاضي أن يلجأ لأسلوب المصالحة والمسامحة الخ.

3ـ العرافة: هذه تتعلق بمعرفة الأنساب واللهجات، وحتى بمعرفة سلالات الحيوانات (في حالات سرقة المواشي).

4ـ الشهود: معروف دور الشهود.

5ـ البشعة: وهي كي اللسان بقطعة حديد حارة (يد المحماسة: التي يحمس بها البن) بعد وضعها على الجمر حتى تحمر، ثم وضعها على لسان المتهم، ظنا أن المذنب الخائف ينشف ريقه فيخشى من حرق لسانه، وأن غير المذنب، يبقى لسانه رطبا فلا يخاف ولا يتأذى!

وقد ألغت معظم الدول تلك الطريقة، وأبقت على الشهود والقرائن واليمين والاعتراف، أما العرافة والبشعة فلم يعد لهما دور.



__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-09-2009, 10:42 AM   #14
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

مراسم الصلح

تختلف مراسم الصلح من قضية لأخرى ومن منطقة لأخرى. والهدف من الصلح بشكل عام هو وضع حد نهائي للقضية، وقد يتم ذلك في مراكز الشرطة أو عند الحاكم الإداري، أو في حضرة قاضي مدني (حقوقي، جزائي، أو شرعي). وقد تتم على يد مصلح (فرد أو جماعة) قبل أن تصل الى المحاكم المدنية أو حتى الشرطة، وقبل أن تأخذ مسارا عشائرياً متكاملا.

القضايا التي تُصنف على أنها من باب (القضاء والقدر) كقضايا (الخطلة: أي القتل برصاصة طائشة) أو قضايا الدهس (سيارات وغيرها) أو قضايا المشاجرات، تكون عادة أسهل من القضايا التي تتعلق بالشرف (اغتصاب، تحرش، دخول بيت دون إذن أصحابه بشكل مريب الخ) أو قضايا القتل العمد.

مقدمات الصلح في القضايا الكبرى

سبق وأن مررنا على المراحل الأولى (عطوة أمنية: والتي تأخذها الأجهزة الأمنية من المتضررين ومدتها محدودة ثلاثة أيام وثلث) وما يليها من (دخالة: أي توسط طرف ثالث يختاره أهل الجاني ويقبل به المتضررين) ومراحله التي تصنف العطوات التي تسبق الصلح، فإن اعترف أهل الجاني بذنبهم سميت عطوة اعتراف، وإن كان المسبب للأذى قد أنكر فعله وادعى أنه بريء، ولكن الشواهد العينية تشير إليه سميت العطوة ب (عطوة حق) أي أنه قد تبرئ جهات التحقيق (الحكومية أو الأهلية) ساحة المتهم. وقد يتم تجديد العطوة عدة مرات بمدد مختلفة لكل مرة بين شهر وستة أشهر، وأحيانا تطول القضية أكثر من عشرين سنة.

وقد تتخلل فترات تجديد العطوة اللجوء للقضاء العشائري، أو الاستناد لما ينتج عن تحريات أومحاكمة أجهزة الدولة، والتي تشترط إنهاء القضية بإسقاط الحق أو الوصول الى صلح عشائري يمنع تجدد الخلافات بين المتخاصمين.

عطوة الإقبال

يظهر من اسمها أنها آخر عطوة تسبق الصلح النهائي بين المتخاصمين، وتكون ثمرة لجهود الوسطاء ومشاويرهم المكوكية بين المتخاصمين لتقريب وجهات النظر، والتي عادة تكون حول شروط المتضررين من الخصومة، سواء كانت متعلقة بحجم الأموال المطلوبة (الدية) أو بطلبات معينة كإبعاد عائلة أو مجموعة عائلات من مكان سكناها الى مكان بعيد عن البلدة أو الحي (الجلوة: الجلاء).

وبعد أن يتوصل الوسطاء الى التفاصيل الدقيقة المتعلقة بكل تلك الأمور، والتي عادة ما تكون داخل غرف مغلقة وبعدد محدود جدا من الرجال الحكماء، يتم بعدها الاتفاق على موعد الصلح، ومكانه وأعداد المدعوين وشكل الصلح الخ.

تأمين الدية

تلجأ العشائر الكبيرة الى تقسيم الدية بين أبنائها (الذكور) وتكون أحيانا لصلة القرابة (أخ، ابن عم) يُفرض عليهم أكثر من أبناء العشيرة الأبعد قرابة.

وعندما يكون الجاني من عائلة صغيرة وفقيرة، يحمل راية خاصة ويطوف بها على أهالي البلدة أو البلدات والأحياء المجاورة طالبا المعونة بهتاف ذليلٍ خاص، فيقوم الناس بمساعدته حقنا للدماء.

مكان الصلح

مكان الصلح في القضايا الكبرى، يكون في أراضي المتضررين، سواء ديوان مبني بالحجارة أو بيت (شعر) أو سرادق، وعادة تكون كلف نصب السرادق والكراسي وحتى القهوة والماء وما يطلبه الطرف المتأذي على حساب مسببي الضرر (أهل الجاني)، ولكن بإدارة الدخيل (الطرف الوسيط).

ويبالغ أهل المتأذي بطلباتهم في بعض الأحيان في تضخيم مكان الصلح، ونصبه قبل الصلح بيوم أو يومين وذلك للإعلان عن أنهم في طريقهم لأخذ حقوقهم وغسل عارهم.

المشاركون في الصلح

يشترط المتأذون بإشراك وجوه معنوية معينة كرئيس الوزراء (أحياناً) أو شيوخ القبائل في مناطق محيطة بالبلدة، وبطبيعة الحال فإن الأجهزة الأمنية تكون حاضرة حضورا واضحاً تحسباً لأي طارئ.

كرنفالية الصلح

يصب أحد أفراد العشيرة المتأذية فنجال القهوة ويقول: (شومتكم بينكم) أي أنكم أنتم من تختارون من سيتكلم باسمكم، وطبعا هذا الأمر يكون متفق عليه بشكل مسبق، فيقوم من تم وضع الفنجال أمامه ويثني على مضيفيه وكرم أخلاقهم ويذكر بعض الآيات الكريمة التي تحث على الصلح، وبعض الأحاديث النبوية، ويلعن الشيطان الخ،

ويقوم ممثل ألمتأذين ويشكر الوسيط والمجتمع ويذكر مطالبهم التي تم تلبيتها في (عطوة الإقبال) ولكنه يزيد عليها كأحد طقوس الصلح، فيقوم متكلم آخر ويرجو من المتأذين تكريم الجاهة (وفد الصلح الكبير) فيتنازل عن جزء، ثم يقوم آخر فيطلب المزيد من التكريم حتى يصل ما تم الاتفاق عليه.

يتم بعضها التهليل والتكبير وقراءة الفاتحة، وشرب القهوة للجميع، ثم يدخل وجهاء وأبناء العشيرة المسببين للأذى بوضع ذليل يقودهم بعض رجال العشيرة الوسيطة، وأحيانا يضعون (عُقلهم: جمع عقال وهو ما يثبت غطاء الرأس) في رقابهم، تعبيراً عن أنهم أسرى للعشيرة المتأذية وتحت كرمهم.

تُعقد راية الصلح (راية بيضاء) تثبت على طرف عصا (رمح من القصب) ثم يهتف بعض أفراد العشيرة الوسيطة بهتاف خاص يمجد ويشكر العشيرة المتأذية ويرددون الهتاف وهم يطوفون بأرض الصلح ويحملون رايتهم ويبرزونها في عودتهم، سواء كانوا راكبين أو راجلين.

انتهى
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .