قراءة فى مقال هل الذين قتلوا الحسين هم شيعته ؟
قراءة فى مقال هل الذين قتلوا الحسين هم شيعته ؟
صاحب المقال على الكورانى والمقال عبارة عن سؤال من موقع جيش الصحابة لعلماء الشيعة حيث طلبوا الاجابة على اعتراضهم والسؤال عن قتلة الحسن أو بالأحرى من سبب قتله والسؤال هو :
إن الذين كتبوا آلاف الرسائل للإمام الحسين ودعوه إلى الكوفة قالوا له نحن شيعتك ، كما ورد في كتاب جلاء العيون ، فهؤلاء هم الذين قتلوه ، لا شيعة بني أمية كما تدعون !
وكان جواب الكورانى :
موافق لمضمون السؤال فالذين تركوا القتال معه بعد أن بينوا له مناصرتهم له كانوا سبب فى مقتله على يد الجيش الأموى وإن كان الطرفين ليس لهما وجود وهو قول الكورانى:
"الجواب : نعم كتب أكثر زعماء الكوفة رسائل إلى الإمام الحسين يدعونه فيها إلى المجئ إليهم ، وزعموا أنهم من شيعته ، ثم وفى له قسم منه وقاتلوا معه ، وقسم كبير منهم أرادوا الذهاب إليه فسجنهم ابن زياد حتى امتلأت سجونه ، وكثير منهم خانوا وغدروا به وقاتلوه مع يزيد وابن زياد .
فانكشف بذلك أن الذين ادعوا أنهم من شيعته كان بعضهم صادقا ، وكان أكثرهم كاذبين وأنهم كانوا في الواقع من شيعة بني أمية ، وأنهم كتبوا اليه بتوجيه السلطة لكي يجروه إلى الكوفة ويقتلونه ، لأن السلطة خافت أن يبقى في مكة .
( جاء في كلمات الإمام الحسين ص 310 :
( فلما بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية ، أرجف أهل العراق بيزيد ، وقالوا قد امتنع حسين وابن الزبير ولحقا بمكة . قال محمد بن بشر الهمداني : اجتمعنا في منزل سليمان بن صرد الخزاعي فخطبنا فقال : إن معاوية قد هلك ، وإن حسينا قد تقبض على القوم ببيعته وقد خرج إلى مكة ، وأنتم شيعته وشيعة أبيه ، فإن كنتم تعلمون أنكم ناصروه ومجاهدوا عدوه فاكتبوا إليه ، وإن خفتم الوهل والفشل فلا تغروا الرجل من نفسه ! فقالوا : لا ، بل نقاتل عدوه ونقتل أنفسنا دونه ! قال : فاكتبوا إليه فكتبوا إليه : بسم الله الرحمن الرحيم ، للحسين بن علي من سليمان بن صرد ، والمسيب بن نجبة ، ورفاعة بن شداد ، وحبيب بن مظاهر ، وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة ، سلام عليك ، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد : فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد ، الذي انتزى على هذه الأمة فابتزها وغصبها فيئها ، وتأمر عليها بغير رضا منها ، ثم قتل خيارها واستبقى شرارها ، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وأغنيائها ، فبعدا له كما بعدت ثمود . إنه ليس علينا إمام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق ، والنعمان بن بشير في قصر الأمارة لسنا نجتمع معه في جمعة ولا نخرج معه إلى عيد ، ولو قد بلغنا أنك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتى نلحقه بالشام إن شاء الله ، والسلام عليك ورحمة الله . ثم سرحنا بالكتاب مع عبد الله بن سبع الهمداني وعبد الله بن وال التميمي ، فخرج الرجلان مسرعين حتى قدما على الحسين بمكة ، لعشر مضين من شهر رمضان . ثم لبثنا يومين ، ثم سرحنا إليه : قيس بن مسهر الصيداوي وعبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرحبي وعمارة بن عبيد السلولي ، فحملوا معهم نحوا من مائة وخمسين صحيفة من الرجل والاثنين والأربعة . قال : ثم لبثنا يومين آخرين ، ثم سرحنا إليه هانئ بن هانئ السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي وكتبنا معهما : بسم الله الرحمن الرحيم للحسين بن علي من شيعته من المؤمنين والمسلمين . أما بعد ، فحي هلا ، فإن الناس ينتظرونك ولا رأي لهم في غيرك فالعجل العجل . والسلام عليك ) .
وكتب شبث بن ربعي ، وحجار بن أبجر ، ويزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم ، وعزرة بن قيس ، وعمرو بن الحجاج الزبيدي ، ومحمد بن عمر التميمي : أما بعد فقد اخضر الجنان ، وأينعت الثمار ، وطم الجمام ، فإذا شئت فأقدم على جند لك مجند ، والسلام عليك . فلما جاء هاني بن هاني وسعيد بن عبد الله إلى الإمام وقرءا كتاب أهل الكوفة قال لهانئ وسعيد بن عبد الله الحنفي : خبراني من اجتمع على هذا الكتاب الذي كتب معكما إلي ، فقالا : اجتمع عليه شبث ابن ربعي ، وحجار بن أبجر ، ويزيد بن الحارث ، ويزيد بن رويم ، وعروة بن قيس ، وعمرو بن الحجاج ، ومحمد بن عمير بن عطارد . كتابه لأهل الكوفة ثم كتب مع هاني السبيعي ، وسعيد بن عبد الله الحنفي ، وكانا آخر الرسل : بسم الله الرحمن الرحيم . من الحسين بن على ، إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين ، أما بعد : فإن هانئا وسعيدا قدما علي بكتبكم - وكانا آخر من قدم علي من رسلكم - وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم ، ومقالة جلكم : إنه ليس علينا إمام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى والحق .
وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم ، فان كتب إلي أنه قد أجمع رأي ملئكم ، وذوي الفضل والحجى منكم ، على مثل ما قدمت علي به رسلكم ، وقرأت في كتبكم أقدم عليكم وشيكا إن شاء الله ، فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب ، والآخذ بالقسط والدائن بالحق ، والحابس نفسه على ذات الله ، والسلام )
ونلاحظ أنه عنون رسالته إليهم : ( إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين ) لأنه يعرف أن أكثرهم ليسوا من شيعته وأنه عندما أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة كتب شيعة يزيد من أهل الكوفة إلى يزيد بأخبار مسلم ، فكتب يزيد إلى ابن زياد واليه على البصرة ، كما رواه الفتال النيشابوري في روضة الواعظين ص 174 : ( أما بعد : فإنه كتب إلي من شيعتي من أهل الكوفة تخبرني أن ابن عقيل بها يجمع الجموع ليشق عصا المسلمين ، فسر حين تقرأ كتابي هذا حتى تأتى الكوفة فتطلب ابن عقيل طلب الخرزة حتى تثقبه فتوثقه أو تقتله أو تنفيه والسلام ، وسلم إليه عهده على الكوفة ) . انتهى .
فهذا يدل على أن الكوفة كان فيها شيعة لبني أمية وفيها شيعة لأهل البيت
ولاشك أن الذين حاربوا الحسين هم شيعة آل أبي سفيان وليسوا شيعته ، بل إن عددا من الذين كتبوا إليه كانوا في الباطن من شيعة بني أمية ، وكان غرضهم أن يأتي الحسين إلى الكوفة ليقتلوه ! وكان الحسين يعرف نياتهم وهدفهم ، لكنه يعمل حسب برنامجه وهداية ربه ، وقد وصفهم الحسين بأنهم شيعة آل أبي سفيان كما في لواعج الأشجان للسيد الأمين ص 185 : ( فصاح الحسين : ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون يوم المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم هذه ، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون ! فنادى شمر : ما تقول يا ابن فاطمة ؟ فقال : أقول إني أقاتلكم وتقاتلونني والنساء ليس عليهن جناح ، فامنعوا عتاتكم وجهالكم وطغاتكم من التعرض لحرمي ما دمت حيا ، فقال شمر : لك ذلك يا ابن فاطمة . ثم صاح إليكم عن حرم الرجل واقصدوه بنفسه فلعمري هو كفو كريم ! فقصدوه بالحرب وجعل شمر يحرضهم على الحسين فجعلوا يحملون على الحسين والحسين يحمل عليهم فينكشفون عنه وهو في ذلك يطلب شربة من ماء فلا يجد ، وكلما حمل بفرسه على الفرات حملوا عليه بأجمعهم حتى أجلوه عنه ! )
وقرر الكورانى فى نهاية المطاف أن من قتلوا الحسين هم جيش بنى أمية فقال :
"من هذا يتضح أن الذين قتلوا الحسين هم شيعة بني أمية أما شيعة الحسين فكانوا في السجون ووصل إليه منهم عدد قليل تمكنوا أن يفلتوا من الحصار الشديد على الكوفة . ( قال الإمام الرضا كما رواه الصفار في بصائر الدرجات ص 193 : ( إن شيعتنا مكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم ، أخذ الله علينا وعليهم الميثاق ، يردون موردنا ويدخلون مدخلنا ) ( وفي قرب الإسناد للحميري ص 350 : ( وقال أبو جعفر : إنما شيعتنا من تابعنا ولم يخالفنا ، ومن إذا خفنا خاف ، وإذا أمنا أمن ، فأولئك شيعتنا ) "
قطعا مقتل الحسين خرافة كوجود دولة بنى أمية الذى هو خرافة للتالى:
-أن فى عهد المزعوم يزيد عاش كثير من الصحابة كما يقول التاريخ مثل عبد الله بن عمر وابن الزبير وسليمان بن صرد وطالما كان الصحابة موجودون فلا يمكن أن تتحول الدولة للكفر لأن التحول يكون فى عهد الخلف مصداق لقوله تعالى بسورة مريم "وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا "والمهتدين والمجتبين هم الصحابة وفيهم قال تعالى بسورة المجادلة "رضى الله عنهم ".
-أن بفرض حدوث وراثة يزيد للخلافة فإن الصحابة لابد أن يحاربوه ولابد أن ينتصروا مهما كانت قوة عدوهم لأنهم يحاربون بصفتهم جنود الله وفيهم قال تعالى بسورة الصافات "وإن جندنا لهم الغالبون "ولكن الروايات تبين لنا عكس ذلك وهو إنهزام جند الله وانتصار جند الشيطان .
-أنه يجوز أن يتولى يزيد الخلافة لأمور عدة هى وجود الصحابة وأنه ليس صحابيا وليس عالما .
-أن الحسين نفسه – لو كان له وجود حقيقى – لو طلب الخلافة فى وجود الصحابة لكان باغيا لأنه ليس مهاجرا ولا أنصاريا وإنما ممن أتوا بعدهم والخلافة هى حق المهاجرين والأنصار طالما كانوا علماء لأنهم أعظم درجة ممن أمن بعد الفتح وجاهد مصداق لقوله تعالى بسورة الحديد "لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل اولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ".
-أن الحكايات المروية عن مقتل الحسين كاذبة فمبايعة أهل الكوفة له لا تعنى فى الإسلام حقه فى الخلافة لأنها بلد من بلاد كثيرة وحكاية تركه للمدينة حيث يوجد أصحاب جده الذين ينصرون الحق هى الأخرى غير مبلوعة خاصة أنه بين أهله وبين من يريدون للحق أن يعلو .
-أن ما يحكى عن يزيد من أن أباه تركه فى البادية مع أمه حتى شب وكبر حكاية غير معقولة لأسباب عدة أهمها أن يزيد كان الولد الوحيد والأب بطبيعته يحب أن يكون ولده بجواره خوفا عليه وأن يترك معاوية زوجته وابنه عدة سنوات ثم يستدعيهم إنما هو ضرب من الخيال خاصة أن المرأة التى يتغيب عنها زوجها أكثر من أربعة أشهر تصبح مطلقة فى الإسلام حتى ولو لم يطلقها زوجها لقوله تعالى بسورة البقرة "الذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم ".
أن خروج الحسين للكوفة بالطريقة المذكورة وهيه أخذ النساء والأولاد والأقارب إنما هى طريقة مجنون لا يصلح لقيادة حرب فضلا عن قيادة المسلمين ومن ثم فالرواية كذب فى كذب لأن أقل قائد يعرف أن أول قاعدة فى البحث عن قيادة الناس إنما هى الحذر أى الإحتياط وهنا ليس أى إحتياط لخروجه علنا حتى أن بعض الناس نصحوه بعدم الذهاب وتظهر الروايات الحسين متهورا مندفعا فعندما بلغه نبأ تخاذل أهل الكوفة بمقتل مسلم بن عقيل لم يعد من حيث أتى أو يغير من وجهته وإنما ذهب ليلقى حتفه .
|