قراءة في كتاب الخلل في مجتمعنا بإصلاح مدرستنا
وإذا المعلم ساء لحظ بصيرة جاءت على يده البصائر حولا
انحراف المعلم خطير على العملية التعليمية، سهو المربي سهم في العملية التكوينية، فماذا عن أحوال معلمينا في مدارسنا؟ وماذا صنعوا في صنع الأجيال؟
ويقول حافظ إبراهيم:
والعلم إن لم تكتنفه شمائل تعليه كان مطية الإخفاق
لا تحسبن العلم ينفع وحده ما لم يتوج ربه بخلاق"
بالقطع دور المعلم هام ولكن هذا الدور تقضى عليه حكومات المنطقة من خلال قلة مرتباتهم في معظمها ومن ثم تضطرهم غلى العمل في أعمال أخرى لكى يقدروا على الانفاق على أسرهم وهى تقضى عليهم من خلال ما يسمى تطوير التعليم الذى هو تجارب متكررة تتغير أسمائها ومع كونها فاشلة غلا ان سياسة الحكومات تقتضى إعادتها لكى يظل التعليم فاشلا
وتحدث عن أمر خاطىء وهو أن المدارس تحدد شخصيات الأفراد فقال:
"شخصية الفرد تحدده المدرسة التي يترعرع فيها ويدرج، وكيانه يبلوره التعليم الذي يتلقاه، وأخلاقه تنبتها التربة التي تحتضن البذور الأولى، تصرفاته توجهها التربية التي يأخذها ويلقنها في مراحل الإعداد والتكوين، الضمير الذي يسيره ويقوده، ويعين له مساره، ويصونه من الانزلاقات، توجده فيه البيئة الأولى الذي يفتح عليها عينيه. هذه المكونات والمعدات والمهيئات والحاضنات والحافطات والصائنات، لن توجد إلا في المدرسة، في الدرجة الأولى."
وهذا كلام باطل فشخصية الفرد تحددها إرادته فقط فقد يتربى على الإسلام ومع هذا يكون كافر كما قال تعالى :
"والذى قال لوالديه أف لكما أتعداننى أن أخرج وقد خلت القرون من قبلى وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين"
وقد يتربى على الكفر ومع هذا يكون مسلما كموسى (ص) الذى تربى في قصر فرعون وفى تربيته قال فرعون :
"ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنينا"
وكرر كلامه عن أن المدرسة هى اساس التربية وهو كلام خاطىء فالتربية مسئولية المجتمع كله من مؤسسة الأسرة إلى كل مؤسسة في الدولة فعندما تنحرف مؤسسة واحدة فقد انحرفت الدولة كلها وفى دور المدرسة قال :
"الشكاوي التي نبثها صباح مساء، والآهات التي نرسلها دوما في الفضاء، والغضب الذي نبديه نحو الأبناء، والأسف الذي نظهره عن ضعف الانتماء، والتذمر الذي نطلقه عن هشاشة التكوين والبناء...كلها تذهب هباء، لن نجد لها دواء، إلا في إعادة النظر قي مفهومنا للتربية والبناء، ووعي حقيقة المسؤولية، وإعطاء الأهمية للمدرسة، وشحنها بالمقومات التي هي لها أساسه، إعداد مناهج تنبع من صميم ثقافة شعبنا، وتهيئة برامج تخدم مقاصدنا ومآربنا, وتقديم رجال أكفاء، يقومون على العملية التربوية، أكفاء علميا وتربويا ونفسيا، يكونون على هذه الشاكلة مع كامل العملية التعليمة، بداية ممن يخطط السياسة العامة للبلد، مرورا بمن بيده إصدار قرارات، وإيجاد مراسيم، انتقالا إلى من يملك حق التوجيه والتعديل والتطوير، من دون الغفلة عمن يعد الكتب، ويضع المخططات، مع التركيز على من ينفذ هذه المعدات في الميدان، من إدارة المدرسة ومعلميها ومن يقوم بتطبيق اللوائح في الميدان...
هؤلاء كلهم يجب أن يكونوا مهيئين ومعدين بالمقاس، وبالمواصفات التي تعكس ثقافة الأمة، ينطلقون من مبادئها، ويسيرون نحو أهدافها، في خط مستقيم، لا اعوجاج فيه، ولا انحراف إلى السبل المتفرقة، مع إيجاد سبل التنسيق والتعاون بين المعنيين بالأمر؛ ليكون العمل محكما شاملا.
هذا العمل بهذه الطريقة، وبهذا التوجه، وبهذه النظرة، هو الذي يكفل الخروج من وحل التردي والميوعة والتشويه، ومن دوامة الانحراف والضلال والتيه، ويقي من السقوط الحر في الدرك الأسفل من الرذيلة والبوار. وهو الذي ينقذ الجزائر من الزلازل التي تزلزل أركانها، والزعازع التي تهد كيانها. من غير النهوض لإعادة صياغة المنظومة التربوية بهذه النظرة لن تجدي الحلول الأخرى."
وكرر الرجل كلامه عن دور التعليم الصحيح فقال :
"إن التعليم الصحيح هو المخول لرسم مستقبل الأمة الزاهر. فكل من يسير ويدب في هذه الأرض، ويقوم بعمل أو نشاط، مهما يكن، يكون قد مر بالمرحلة الأولى من التعليم – إلا من قل ونذر- فلا بد إذن من تطعيمه بالتعليم الصحيح؛ حتى ينشأ على الصراط السوي، ويبنى البناء القوي، فيسير في النهج القويم. فالمسؤول سيحافظ على الأمانة التي أسندت إليه، فلن يهملها، ولن يخونها. ورجل الأمن يكون محافظا على أمن البلد المادي منه والمعنوي، فلن يستغل وظيفته في ابتزاز أموال المواطنين، وقهرهم والتسلط عليهم. والعامل سيخلص في عمله، فلن يتخلى عن واجبه، ولن يغادر مكانه، قبل إتمام ما عليه من فروض وواجبات. المعلم سيتقن عمله، الطالب سيجتهد في التحصيل، المؤتمن على خيرات البلاد سيحافظ عليها ويصونها ويتقي الله فيها...
على المدرسة مهمة التأسيس للصرح الشامخ، الذي لا يتأثر بالعواصف والقواصف، والزلازل والبلابل. بالتعليم الصحيح نقضي على الآفات والمهلكات والمقلقات. هلا التفتنا مرة أخرى إلى مدرستنا؟ وصححنا مسارها؟ ثم اعتمدناها في إصلاح ما فسد في مجتمعنا؟ واستعنا بها في إزالة الغم والهم اللذين لحقا بنا، من جراء الانحرافات الكثيرة التي نخرت بيئاتنا؟"
وحكاية التعليم الصحيح هى حل جزئى لا يحل شىء فالحل هو حل شامل وهو تطبيق حكم الله وهو ما عبر الله عنه بتغيير الناس أنفسهم فقال :
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
|