العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغرق فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال أمطار غريبة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث النسبية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حديث عن المخدرات الرقمية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الكايميرا اثنين في واحد (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى كتاب علو الله على خلقه (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 13-04-2009, 12:47 PM   #1
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي المعنى في بط الشاعر

المعنى في " بط " الشاعر !! ـ د. مصطفى رجب


د. مصطفى رجب : بتاريخ 10 - 3 - 2007
شاع على الألسنة عند التوقف أمام بيت شعري غامض قولهم :" المعنى في بطن الشاعر"!! أي في عقله ، وذهنه ، ولكن المعنى في القصة التالية في " بطن " الشاعر الحقيقية : أي في معدته !! ويمكن أن نقول إن المعنى في القصة في " بط " الشاعر الكبير الدمياطي محمد مصطفى الماحي (1895-1976) .
فحين صدر " ديوان الماحي " في طبعته الثالثة عام 1969م [ وكانت الطبعة الأولى منه قد صدرت عام 1934 في العام ذاته الذي صدر فيه أول ديوان لكل من إبراهيم ناجي وعلى محمود طه ثم صدرت الطبعة الثانية من ديوان الماحي عام 1957م] . احتفلت به الأوساط الأدبية في مصر ، وأقيمت عدة ندوات حول هذا الديوان في دار " جمعية الشبان المسلمين " بالقاهرة ، وفي دار " جمعية الشبان المسيحية " وفي دار " جمعية الأدباء " ، وفي دار " الرابطة الإسلامية " ورابطة الأدب الحديث وغيرها .
وفي إحدى هذه الندوات ألقى الشاعر الفكه عبد السلام شهاب قصيدة متميزة ، غمز فيها الشاعر الماحي غمزتين فكاهيتين ، أولاهما حين تحدث عن حجم الديوان الضخم فقال :
ديوان " الماحي " الدمياطي ... سبحان الوهاب العاطي
أرأيتم دفتر تليفونٍ ..." معبوطاً " أو " تحت الباطِ"؟

ثم انتقل إلى الغمزة الثانية ليصنع منها المفارقة ، فهذا الشاعر الذي أنتج ديواناً بهذا الحجم الضخم الذي جعله أشبه بدليل التليفونات هو من أهل دمياط المعروفين بين المصريين بشدة حرصهم – أو بخلهم – ،[ مع ما فيهم من عروبة وشهامة ومروءة وأريحية ] فيقول شهاب :
هو من دمياط – لا عجب !!-... يزن الدنيا بالقيراطِ
والدمياطي بفطرته..." لقَّاط " القرش بملقاط

ومع أنه من بلد معروف أهلها بشدة حرصهم ، وجمعهم المال والحفاظ عليه ، فإنه رجل كريم ، سمح ، يستمتع أصحابه إذا كانوا ضيوفاً عليه بما يأكلون وما يشربون :
واسأل من زاروا منزله... عن ألف سماطٍ وسماطِ
فلبستان الماحي صيتٌ... في جمع البط " الزغاطي"

وبالرغم من أن عبد السلام شهاب – فيما يبدو بعد ذلك من المعركة – لم يكن قد زار الماحي ولا ذاق طعم بطه ولا طعامه ، فإن حيلته قد نجحت ، وانطلت على الشعراء حاضري الندوة.
وكان الشاعر محمود غنيم واحداً من أبرز شعراء الفكاهة والمساجلات الإخوانية ، وكان مشغوفاً بالدخول في معارك " البطون " بصفة خاصة كما نرى في قصائده عن العدس الأباظي ، ولحوم الخراف ، والديوك . . وغيرها مما نجده في ديوانه .
وبعد انتهاء الندوة كتب محمود غنيم إلى صديقه الماحي يعاتبه لأن عنده مزرعة بط وأطعم منها عبد السلام شهاب وغيره من أصحابه ولم يدع غنيماً معهم ، مع شدة ما يرى من الغلاء الفاحش الذي يفتك بالناس ، فقال يخاطب الماحي :
قد سمعنا عن بطكم ما سمعنا.... فأكلنا بالأذن حتى شبعنا
غير أن الأفواه تنطق همساً:.... ما عرفنا لذلك البط معنى!!
يا أبا مصطفى ، عليك سلامٌ.... أفيُرضيك أن شبعتَ وجُعْنا؟
وسع الناس كلهم بطك النا.... ضِج دُهناً ، لكنه لم يسعنا
جُدْ علينا ولو بطيف جناح... لا تَدَعْنا نشكو الطوى،لا تدعنا!
نحن في عهد أزمة وغلاءٍ... قد رهنَّا فيه المتاع وبعنا
نحن قوم لنا العفاف شعارٌ... إن سُقينا حِسَاءَ بط قنعنا
وإذا نالنا كريم بإحسا... نِ ، شكرنَا صنيعه وأذعنا
ونذيق البخيل هَجْواً وبيلاً... مِثل حدِّ السلاح ضرباً وطعنا
صاح،لا عذر بعد هذا،فقُلْ لي:... قد سمعنا ما قلتَه وأطعنا
وحين وصلت أبيات محمود غنيم إلى الشاعر الماحي ، أدرك أنه خاسر لا محالة ، فإما أن يدعو غنيماً وصحبه إلى وليمة ضخمة تجور على ثروته من البط ، وإما أن يستعد لقصائد الهجاء المقذعة فيخسر سمعته ومكانته الرفيعة بين أدباء عصره ، فلجأ إلى التحايل ورفع لواء المسكنة ، والتشكي من الغلاء والبلاء وسوء الحال ، وزعم أن عبد السلام شهاب لم يزره ولم يطعم عنده بطاً ولا دجاجاً ، وإنما قال ما قال تحت وطأة الجوع ، وللجائع أن يحلم كيف شاء بما شاء فكتب إلى محمود غنيم يقول :
يا أخي ، يا غنيم ، رفقاً بحالي.... إن عبد السلام بات يُغالي
لا تصدق ما قاله ، يا صديقي.... إنه شاعر رحيب الخيالِ
لم يزرني ولم أزره ، ولكن.... هاجه الشوق للطعام الغالي
كان فيما مضى يُقدَّمُ بطٌّ.... ودجاجٌ مُحمَّرٌ في المقالي
يوم كان الزمان سهلاً رخياً.... لا يمر الغلاء فيه ببالِ
فغدا البط والدجاج – كما تَعْـ... ـلم – ضربين من ضروب المحالِ


ويبدو أن الماحي بعد أن كتب الأبيات السابقة خشي مما كان يعرفه من سلاطة لسان غنيم ، وتخيل ما ينتظره من سوء العاقبة إن لم تنطل على غنيم حيله السابقة، وشكاواه من الغلاء ، فأردف يدعوه دعوة رقيقة لا جزم فيها ولا تحديد موعد فقال :
غير أني – وقد تصوَّرتُ ما قا.... ل صحيحاً – أراه سهل المنالِ
لك عندي وللصديق شهاب... أسمن البط في قريب الليالي
ولمن شئت من مُحبيك طُراً... أنا والله لست بالبخَّال
فاقترح ، يا أخي – فديتك – يوماً... واختبر – إن شككتَ- صدق مقالي


ومع ذلك فلم يسلم من لسان غنيم ، الذي أرسل إليه يسخر مما جاء في قصيدته من ادعاء للفقر ، وشكوى من الزمان ، مما كاد يدفع بمحمود غنيم إلى أن يتبرع له بما يملك من قوت أولاده ، وسخر من دعوته التي جاءت في آخر أبياته لأنها دعوة مذبذبة لا حسم فيها ولا تأكيد ، فقد تلقى من محمود غنيم قصيدة حادة اتهمه فيها بالبخل ومحاولة التمسح بالغلاء، مع أن أصحابه لم يطلبوا منه ذبح عجل من الماشية ولا ذبح ناقة ولا جمل ، لكنهم لم يجمحوا بخيالهم الطامح لأكثر من ذبح بطة هزيلة جائعة، فلماذا يصر على دعوتهم بهذا القلب الهلوع ؟ وتلك النفس الوجلة ؟ فقال غنيم للماحي :
أيها الشاعر الرقيق الحال... أنا لم أدرِ أن جيبك خالي
أنت قد بِتَّ تدَّعي الفقرَ حتى.... كِدتُ أهدي إليك قوت عيالي
ما طلبنا إليك ذبح فَصِيليْـ... ـن ، وفحلين من فحول الجمالِ
بل طلبنا جناح أنثى من البط... إلى الله تشتكي من هُزالِ
فعلام الأسى، وطول التشاكي... والتباكي على الزمان الخالي؟
لستَ ممن يدعو الضيوف بقلبٍ.... بل بقول ممزقِ الأوصال
لست ممن يدعو بطرف قريرٍ.... بل بطرفٍ ذي مَدمَع سيَّال
مُومِئاً نحو باب دارك للضيـ... ـف بيُمناك ، طارداً بالشِّمال
والكريم الكريم يدعو بقلبٍ.... ثابتٍ ثابتٍ ثبات الجبالِ

ثم بدأ غنيم في تنفيذ ما هدد به من هجاء مقذع ، فقال للماحي إنه ابن أصل لهذه المدينة التي اشتهرت بين المصريين بالحرص الشديد ، مع ما عرف من أنها بلد الأدباء والشعراء . ونفض محمود غنيم – بهذا الهجاء القومي – يده من فكرة دعوته إلى أكلة من بط الماحي ، وليستعد الماحي بعد ذلك لجولات أخرى من الهجاء في كل مناسبة فقال غنيم :
يا ابن دمياط ، إنّ دمياط... إن عدّت بنيها تعدك ابن حلال !!
إن دمياط مهبط الشعر ، لكن... هي في الحرص مضرب الأمثال
إن أنجالها كثير ، ولكن.... أنت ، يا صاح ، أنجب الأنجال !!
بكرُها أنت حكمةً وبياناًَ... وفتاها حرصاً على الأموال !!
صاح دعني من أكل بطك،دعني... أوثر الجوع ؛ إن عِرضيَ غالي!
واستمرت المعركة سجالاً ، فرد الماحي مدافعاً عن نفسه ، متذرعاً بسوء الأحوال – مرة أخرى – والغلاء الفاحش ، واستغرب ألا يحس غنيم بوطأة هذا الغلاء لما حققه من ثراء وما جمعه من ثروة :
يا صديقي،لقد عهدتك عدلاً... منصفاً في المقال والأفعالِ
أنا لا أشتكي-كما قلتَ- فقراً.... لا،ولا البخل خصلة من خصالي
فلم الجور والتشكك فيما.... سُقتَه باكياً لرقة حالي؟
فيم نُكرانك الغلاءَ، وكل الـ.... ـناس يشكون من أذى مغتالِ؟
فإذا لم تحسه، فهنيئاًَ.... لك ما قد جمعت من أموالِ
أنا عندي من القناعة كَنزٌ.... ومن الله فضله المتوالي

ولم يجد الشاعر مصطفى الماحي بداً من الدفاع عن بلده ( دمياط ) فوصفها بأنها بلد الجد والاجتهاد والعمل ، وما شاع عنها إنما هو حقد من الآخرين عليها لأنها تفرق تفريقا عميقا دقيقا بين " الحرص" بمعنى " الشطارة" أو الوعي الاقتصادي، وبين " البخل " بمعناه المذموم شرعاً وعرفاً. وعلى هذا الأساس من التفريق بينهما ،اضطر الماحي إلى تجديد دعوته إلى غنيم لكي يأتي – ومن شاء معه – إلى دمياط لتناول البط ليدرأ الماحي عن نفسه تهمة البخل :
إن دمياط ذات جد ، وقصدٍ.... لا لحرص، ولا لسوء فعالِ
تضع الحق في النصاب ولا تفـ... ـعل فعل الأغفال والجُهالِ
هل أجاريك في دُعايتك الحر... ى، وأنت المداعب المتغالي
لا، وحسبي أني أعود إلى دعـ... ـوتك اليوم، صادقاً في سؤالي
مع من شئت من محبيك ، إني.... لا أماري، ولستُ بالبخَّال
فاقترح، يا أخي – فديتك- يوماً.... واختبر- إن شككت- صدق مقالي


ولما رأي محمود غنيم أن دعوة صاحبه الماحي لم تزد عن سابقتيها وما تزال دعوة هشة هزيلة مذبذبة كتب عشر مقطوعات ساخرة نال فيها من الماحي نيلاً عظيماً وجعل لكل منها عنواناً مستقلاً ، وهذه المقطوعات آية من آيات الإبداع الفني فيما تجلى فيها من خيال ودقة تصوير وتنوع في معاني السخرية اللاذعة وهي :


في الصفحة التالية





http://www.almesryoon.com/ShowDetail...&Page=7&Part=1
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .