العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات فى مقال أسرار وخفايا رموز العالم القديم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال آثار غامضة ... هل هي أكاذيب أم بقايا حضارات منسية؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خرافة وهم سبق الرؤية .. ديجا فو (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال هستيريا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال فن التحقيق الجنائي في الجرائم الإلكترونية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مونوتشوا رعب في سماء لوكناو الهندية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: A visitor from the sky (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة فى مقال مستقبل قريب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال ماذا يوجد عند حافة الكون؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أهل الكتاب فى عهد النبى (ص)فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 15-08-2009, 06:50 PM   #1
البدوي الشارد
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2009
الإقامة: حزيرة العرب
المشاركات: 760
إفتراضي بدايات الانقسام الرأسي والأفقي في مصر

محمد عبد الحكم دياب



أدخل المسعى الانعزالي مصر إلى مرحلة يمكن تسميتها مرحلة الشق طولا وعرضا، فعلى المستوى الرأسي بدأت بوادر تقسيم الناس على أساس المعتقد والدين والمذهب، وعلى المستوى الأفقي تتقطع البلاد وفق احتياجات ومقاسات قوى لا انتماء لها ولا هوية، وهذا نتاج طبيعي لانتقال مصر وتحولها من دولة إلى مزرعة . ومن حكم المؤسسة إلى ملكية العائلة. تصطنع فيها التوترات والمشاكل بين المسلمين والمسيحيين في مناطق عدة واستغلالها لإحداث هذا الشق . ويراد للخطاب الانعزالي أن يسود بما يحتويه من إمكانية تسميم علاقات شركاء الوطن والمصير، وأن ينشر دعوته بالتخلص من المصريين الذين عدوا محتلين وغزاة .
هذا مع صعوبة التعرف على الكيفية التي عليها تتم التفرقة بين من هو المحتل ومن هو غير المحتل، وفرز الغازي عن غيره . ووفق منطقهم فسوف نكتشف أن عدد هؤلاء قد يتجاوز خمسة وسبعين مليون نسمة، في حالة استثناء الأشقاء سكان النوبة، فهم وإن كانوا يتحدثون فيما بينهم لغة شفاهية غير عربية تبقى مشكلتهم في اعتناقهم الإسلام الذي يضعهم في خانة الغزاة، ويتحدثون ويكتبون بالعربية كلغة وطنية، ليجدوا أنفسهم في زمرة المحتلين، بجانب أنهم ليسوا ضمن زمرة القبط، لتشملهم عملية إعادة إنتاج القبطية كبديل للشخصية الوطنية والهوية القومية .
ونعترف بأن الخطاب الانعزالي حقق نجاحات بين أوساط تدعي المعرفة والثقافة. جعلوا من أنفسهم دعاة للقبطية في صياغتها الجديدة . شعارهم كلنا أقباط. أي لسنا مصريين أو عربا . فهذا قبطي مسلم وهذا قبطي مسيحي . وصارت صفة المصري العربي سبة ومعيبة . ويتولى تيار انعزالي قوي داخل الكنيسة المصرية نشر مفردات وتعبيرات تخدم هذا الغرض. لتحمل معاني عنصرية لم يألفها المصريون. وعلى سبيل المثال كان تعبير الشعب يطلق على رعايا الكنيسة المرقسية، وبالتدريج تحول من مدلوله الكنسي إلى مدلول عنصري يتجاوز معنى رعايا الكنيسة كما كان في السابق، ولم يكن أحد يتحسس في الماضي من استخدام تعبير الشعب حين كان يعني الأهل والسكان. كا لقول بشعب أسيوط، وشعب البحيرة، وشعب الاسكندرية. أي سكان أسيوط والبحيرة والإسكندرية تبعا لتقسيمهم الإداري وليس لاختلافهم عن غيرهم من السكان. ومنذ مدة بدا الأمر وكأن مصر مقسمة إلى أكثر من شعب. بعضه أصيل وأغلبه دخيل . وقد فات حملة هذا الخطاب استحالة وجود شعب نقي مئة في المئة على ظهر هذه الأرض . والنقاء المدعى يقول به العنصريون والمحافظون والقبليون المتشددون، ولاعلاقة لذلك بالواقع، وهوية أى شعب أو أمة هي حصاد وحصيلة ما مر به من تحولات ونقلات كمية ونوعية.
ومن ناحية السلالة يصعب تحديد مكونات الأمم والشعوب على أساس وحدة السلالة. على الرغم مما قد يكون بين بعضهم من تشابه وتماثل. مثلما هو عليه الحال بين أغلب سكان المنطقة العربية .
يضاف إلى ذلك أن الخطاب الانعزالي يربط بين العرب والبداوة بشكل مغرض . اختزلوا الشخصية العربية في خيمة وناقة وجمل وحصان وسيف وصحراء وقحط . أي أنهم قبائل راحلة لا تستقر. لم يسأل أي منهم كيف للموصوفين بالبداوة أن يقيموا المدن و يبنوا الحصون والقلاع فور الفتح، فهم من بنوا الفسطاط والقاهرة في مصر، وأسسوا البصرة والكوفة في العراق، وأنشأوا القيروان في تونس. وفي أغلب الأحيان كان اختيار الجند والجماعات المصاحبة للفتح يتم من بين ذوي الدراية بظروف المناخ والبيئة في البلاد المفتوحة، وأغلب من جاءوا إلى مصر كانوا من سكان الوديان والمناطق الزراعية، لذا عندما أقاموا الفسطاط أقاموها على النسق الريفي الزراعي، مما سهل سرعة الاختلاط بالسكان من أهل الزراعة والري.
من ناحية أخرى يشير قاسم عبده قاسم استاذ التاريخ بجامعة الإسكندرية في ترجمته لكتاب ' الفتوح العربية الكبرى .. كيف غير انتشار الإسلام العالم الذي نعيش فيه ' إلى تفسير المؤرخ البريطاني هيو كينيدي للانتشار السريع للإسلام هو أن المسلمين لم يطلبوا من السكان اعتناق دينهم، ولم يتدخلوا في حياة الناس، وتركوهم يعيشون كما يريدون، فشعروا بأنهم غير مهددين في هويتهم ، وهذا يساعدنا على تفسير هذه الصياغة الفريدة لشخصية المنطقة العربية بما فيها مصر. العرب لم يكونوا مستوطنين، ولم يستهدفوا اقتلاع السكان واغتصاب أوطانهم وأراضيهم كما فعل الأوروبيون مع الهنود الحمر وأصبحوا أمريكيين، وكما يفعل الصهاينة مع الفلسطينيين وصاروا إسرائيليين.
وجدير بالذكر أن الفتح العربي جاء بعد حقبة عرفت بعصر الشهداء في مصر القرن الثالث الميلادي إبان حكم الامبراطور الروماني دقلديانوس، وأن يقدم المسيحيون الأوائل هذا المستوى من التضحية تمسكا ودفاعا عن دينهم، وتتداوله الذاكرة التاريخية للمسيحيين المصريين بفخر. فمعنى هذا أن مثل هؤلاء لا يجبرون على اعتناق دين لا يرتضونه، ومن يدفع هذا الثمن الباهظ راضيا لا يجدي معه ترغيب ولا يثنيه ترهيب، سواء من العرب أو غيرهم، ولو كانوا كذلك كان أولى بهم الإذعان للرومان قبل العرب . هم إذن لم يواجهوا ضغطا حقيقيا يثنيهم على ترك دينهم أو التخلي عنه . وبجانب ما أشار إليه علماء التاريخ والجغرافيا والآثار المصريون المحدثون من علاقة وانصهار واندماج قديم بين مصر ومحيطها العربي والإفريقي. ذكر الناقد الراحل رجاء النقاش فى كتابه ' الانعزاليون فى مصر ' في رده على دعاوى لويس عوض وتوفيق الحكيم عن احتلال العرب لمصر أن أساس الخطأ هو إصدار الأحكام على عصور سابقة بمقاييس العصر الراهن، وقال حين دخل العرب مصر، ثم بعد ذلك بعدة قرون، كانت الشعوب تمتزج وتختلط بالسلم تارة وعن طريق الحرب والعنف تارة أخرى . ودعم رأيه بتاريخ بعض الأمم والشعوب . كالبريطانيين الذين تكونوا عبر أخلاط من جماعات وقبائل عدة. بدأت بالبريطانيين الأوائل، ثم القبائل الجرمانية والانكلو ساكسون، انتهاء بالنورمانديين الذين دخلوا من الشاطئ الفرنسي إلى انكلترا واستقروا بها منذ ما يقرب من ألف عام . والتكوين البريطاني صاغته الحروب والمصادمات حتى وصل إلى الصيغة الراهنة، وهو ما لم تمر به المنطقة المعروفة اليوم بالوطن العربي .
البدوي الشارد غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 15-08-2009, 06:51 PM   #2
البدوي الشارد
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2009
الإقامة: حزيرة العرب
المشاركات: 760
إفتراضي

يستكثر الانعزاليون أن ينسب للمنطقة أي إنجاز حضاري أو تاريخي يذكر. وهو ما حدا بهم إلى إعادة إنتاج القبطية لإسقاط ألف وأربعمئة عام من تاريخ البشرية، وهو نهج غربي عنصري يسقط نفس هذه الفترة من مواد الثقافة العامة، ومن مناهج التعليم العام والجامعي. وكذلك لتلبية مطالب التقسيم والتفتيت التي يسعى إليها الداعمون لهذا التوجه، و تأهيلهم للالتحاق بأصولهم الممتدة في حوض البحر المتوسط وجنوب أوروبا . ومن المتوقع إذا استمرت التداعيات بمعدلها الراهن أن يتسع الشق بكل ما لذلك من آثار سلبية في الوجدان الجماعي وفي اتجاهات الرأي العام الذي أخذ التعصب يلعب دورا خطيرا في توجيهه، وقد تراجعت شعبية الكنيسة المصرية، وخسر البابا شنودة الثالث كثيرا من مكانته بين جموع المصريين، وناله مؤخرا ما نال شيخ الأزهر من هجوم ونقد. وكان البابا شنوده صاحب شعبية كبيرة. كان أكثرها بين المواطنين المسلمين، الذين قدروا له موقفه الرافض لزيارة القدس في ظل الاحتلال. احترق كل هذا الرصيد، وما كسبه برفض التطبيع خسره بمساندته للتيار الانعزالي القوي داخل كنيسته. و انتهى بقبول التوريث وتزكية جمال مبارك في وراثة حكم من أبيه، ومبارك الابن شخصية مناسبة للانعزالية المصرية. وزاد الوضع تفاقما بسيل الكتابات والادعاءات التي تصدر عن قساوسة محسوبين على الكنيسة المصرية. تردد دون كلل بأن المسلمين غزاة وأن العرب محتلون وأن القبط أصحاب الزمان والمكان. أي التاريخ والجغرافيا. وهم على وجه أقرب لليقين ليسوا امتدادا للمصريين القدماء. ولا لهم علاقة بحضارتهم. كل ما يريدون هو إيقاف عقارب الساعة عند ما قبل القرن السابع الميلادي احياء لزمان قديم بثقافته وتراثه اليوناني والروماني واليهودي، واختطاف المكان والنزول به إلى الحفريات والقبور فيما قبل ألف وأربعمئة عام .
وأمام أعين البابا شنودة تشهد مصر شحنا مستمرا في الاتجاه الانعزالي، وكان في مقدوره أن يستغل مكانته ويوجه رسالة للسياسيين والمفكرين والشخصيات العامة يطالبهم بالدعوة لحوار وطني يواجه ما قد يكون قد تراكم من مشاكل بين المسلمين والمسيحيين. دون الوقوع في أسر النهج الاستشراقي المعتمد على ادعاءات تاريخية مزيفة التي كثيرا ما تصدى لها مؤرخون منصفون. فالعالم البريطاني الفريد باتلر ذكر في مؤلفه الصادر في جزءين عن الكنائس القبطية القديمة في مصر وصدر عن دار كلاردون للنشر في عام 1884. والكتاب صدر بعد سنتين من الاحتلال البريطاني لمصر. ذكر أن القبط شعروا بالارتياح بعد الفتح العربي لأنه حررهم من اضطهاد الرومان وأزاح عن كاهلهم استغلال الجاليات اليونانية واليهودية . ونضيف من جانبنا أن من دخل مع الفتح كان عددا محدودا من العسكر لا يتعدى الآلاف القليلة. ولم يسجل التاريخ واقعة لها علاقة بممارسة التطهير العرقي أو التهجير أو الإبادة الجماعية، فضلا عن اعتماد الفاتحين على القبط فأوكلوا إليهم إدارة كثير من شؤون البلاد. وأن يتكاثر عدد العسكر ومن لحق بهم فيتعدى خمسة وسبعين مليون نسمة يعني أن هناك حلقة مفقودة في حاجة إلى من يبحث عنها. هل كان ذلك العدد المحدود قادرا على التكاثر بهذا الحجم؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فمعنى ذلك أن الذين لم يتكاثروا رحلوا في ركاب الرومان واليونانيين واليهود، وهذا غير صحيح. أو أن مصر كانت تخلو منهم، وهذا أيضا غير صحيح. والواضح هو أن السكان بغالبيتهم تحولوا وانتقلوا من حال إلى حال آخر.
وزيادة في الاستفزاز يقدم الانعزاليون نموذج المعلم يعقوب الذي كون وقاد فرقة عسكرية من مسيحيي مصر حاربت مع العسكر الفرنسيين بقيادة نابليون بونابرت، ولن نستخدم إلا ما وصفه به الكاتب الوطني جمال أسعد عبد الملاك وهو خروج المعلم يعقوب عن الاجماع الوطني، الذي حشد كل طاقته لمقاومة الحملة الفرنسية ودعم ثورتي القاهرة الأولى والثانية. وإحياء هذا النموذج المثير للجدل كقدوة للجيل الجديد المستقطب من قبل الانعزاليين. فهذا يكشف مستوى الاستفزاز والرغبة العارمة في الاصطفاف بعيدا عن الجماعة الوطنية. في الوقت الذي يتم فيه تجاهل شخصيات بوزن وعظمة المجاهد الوطني الراحل مكرم عبيد، ومكانة السياسي الراحل إبراهيم فرج، ومن المخضرمين ميلاد حنا. ومصر المريضة بالداء الانعزالي مزدحمة بالنماذج والخبرات الوطنية في كل المجالات وبين كل المواطنين، مسلمين ومسيحيين. لكن هكذا يراد للزمن الرديء أن يصاغ بهذا الشكل فيعتمد على كل ما هو شاذ وفاسد.
' كاتب من مصر يقيم في لندن
البدوي الشارد غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .