قراءة فى خطبة موقف المؤمن من الزلازل
قراءة فى خطبة موقف المؤمن من الزلازل
الخطيب أسامة خياط وقد استهل الخطبة لمقدمة تقليدية فقال :
"الحمد لله الذي يفعل ما يشاء، أحمده سبحانه له الخلق والأمر في الأرض والسماء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كريم الإحسان عظيم الآلاء، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله، إمام المتقين وخاتم الأنبياء، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله وصحبه ما أهلَّ صبح أو أطلَّ مساء."
وتحدث عن غياب علم الساعة الناس وأن الله وحده المختص بها فقال :
"أمّا بعد:
فيا عبادَ الله، اتَّقوا الله الذي لَه مَقاليد السماوات والأرض، واذكُروا أنَّكم موقوفون بين يديه في يومٍ تشخَص فيه الأبصار، يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:52]. فأعدّوا ـ يا عبادَ الله ـ لهذا اليومِ عدَّته، ولا تغرّنّكم زهرةُ الحياة الدنيا وزينتُها وطول المقام بها، ولا يغرّنّكم بالله الغَرور.
أيّها المسلمون، إنّ من تقدير الله تعالى الحكيمِ الخبير أن حجبَ العلم بوقتِ قيامِ الساعة عن جميعِ خَلقه، واختصَّ بِهِ وجعَله مِن غيبِه الذي لم يظهِر عليه ملكًا مقرَّبًا ولا نبيًّا مرسلاً كما قال سبحانه: يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [الأعراف:187]، وقال عزَّ من قائِل: يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنْ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا [الأحزاب:63]، وقال تعالى: وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [الزخرف:85]."
وتحدث خياط عما سماه أمرات وأشراط الساعة فقال :
"غيرَ أنَّ النبيَّ أخبر بما جاءَه من ربِّه، أخبر عن أماراتِها وأشراطِها، وهي العلاماتُ الدّالّة على قربِ وقوعِها ودُنُوِّ زَمانها، فكان وقوعُ هذه الأخبار النبويّة الصادقة دليلاً مِن دلائل نبوّته وعلَمًا من أعلامها وآية بيّنةً على صِدقِه صلوات الله وسلامُه عليه فيما أخبر به عن ربِّه."
وبالقطع لا يوجد فى وحى الله ما يسمى بعلامات الساعة وإماراتها لأن لو كان هناك علامات وأمارات لعرف الموعد وهو ما يناقض اختصاص الله وحده بها :
الغريب انه ألف مئات الكتب فى علامات الساعة ولم ينتبه أحد إلى أن وجود تلك العلامات يعنى معرفة قرب الساعة ولا أستثنى نفسى من ذلك الخطأ
والحقيقة :
أن القيامة غائبة تماما ليس لها علامات تبين قرب وقوعها ولا بعد وقوعها
وأما حديث الله فى الوحى عن أشراطها وهى أحداثها فقد فهمناها خطأ على أنها علامات نتيجة تلك الكتب
فالأشراط جاءت فكيف تجىء الأشراط وهى أحداث القيامة قبلها
ولقد أخطأت فى الفهم عندما اعتبرت فى أحد كتبى أن دابة الأرض علامة ولكنها حادث لا يحدث إلا فى القيامة كما قال تعالى :
"وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون"
فوقوع القول يعنى حدوث القيامة وأن الدابة واحدة من أحداثها
ولكن تبين أن الأشراط هى الأحداث هى التى تقع فى القيامة نفسها وليس قبلها
ولو كانت الأشراط علامات قبلها لعرف قرب موعدها كما نعرف أن كثرة السحب وسواد السماء دليل على كون المطر قريب وكما نعرف أن شدة سطوع الشمس فى أول النهار دليل على أن اليوم يوم قائظ فنحتمى فى البيوت
وتحدث خياط عن أن من علامات الساعة كثرة الزلازل فقال:
"ولقد كان مما أخبرَ به من أشراط الساعة كثرةُ الزلازل التي تكون في آخرِ الزّمان كما جاء في الحديث الذي أخرجَه البخاريّ في صحيحه وابن ماجه في سننه، ولا ريبَ أنَّ في هذه الزلازل ـ يا عبادَ الله ـ منَ الرّزايا والبلايا والآلام النّاشئة عن نقصِ الأموال والأنفسِ والثّمرات وخرابِ العمران ما لا يأتي عليه الحَصر ولا يستوعِبه البيان، غيرَ أنها لا تخلُو مع ذلك من آثارِ رحمةِ الله بعباده وكريمِ عِنايتِه بهم وعظيمِ إِحسانه إليهم، وقد جاءَ بيان هذه الحقيقةِ وإيضاحُ هذا المعنى في الحديثِ الذي أخرجه الإمام أحمدُ في مسنده وأبو داودَ في سننه والحاكم في مستدركِه بأسانيدَ بعضُها حِسان وبعضُها وصِحاح عن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه عن رسولِ الله أنه قال: ((أمّتي هذه أمّةٌ مرحومة، ليس عليها عذابٌ في الآخرة، عذابُها في الدنيا الفِتَن والزّلازل والقتل)).
وهذا الحديث ـ كما قال أهل العلم ـ واردٌ في الثناء على هذه الأمّة ومدحِها باختصاصها بهذه الفضيلةِ الدالّة على عنايته سبحانه ورحمتِه بها وإتمامِه النعمةَ عليها برفعِ الآصارِ والأغلال التي كانت على الأممِ مِن قبلها؛ مِن قتلِ النّفس في التوبة وقرضِ النجاسة من الثياب وتحريمِ الأكل منَ الغنائم، ومعناه أنَّ غالبَ أفراد هذه الأمّة مجزيٌّ بأعماله في الدنيَا بالمحنِ والأمراض والرزايَا التي منها الزلازلُ تكفيرًا وتَطهيرًا، كما جاء في الحديث الآخر الذي أخرجه الشيخان في صحيحَيهما عن أبي هريرةَ وأبي سعيد الخدريّ رضي الله عنهما أنَّ النبي قال: ((ما يصيب المسلمَ من نصبٍ ولا وصَب ولا همٍّ ولا حزن ولا أذى ولا غمٍّ حتى الشوكة يُشاكها إلاّ كفَّر الله بها من خطاياه))، والنّصَب التعَب، والوَصَب المرض، وفي صحيح البخاريِّ أيضًا عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن رسولِ الله أنه قال: ((من يرِدِ الله بِه خيرًا يصِبْ منه))، أي: ينزل به مِن ألوانِ المصائب ما يكون كفّارةً لذنوبه إذا صبَر واحتسب، أمّا أهل الكبائر من أهلِ التوحيد الذين ماتوا على غيرِ تَوبة فهم تحت مشيئةِ الله تعالى، إن شاء عذّبهم، وإن شاء غفَر لهم، لقوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ الآية [النساء:48]، كما هو مقرَّر في معتقَد أهل السنة والجماعة."
وبالقطع الحديث الذى رواه خياط ليس فيه أى إشارة للقيامة وهى الأخرة وإنما نصه فى الدنيا بقوله:
" عذابُها في الدنيا الفِتَن والزّلازل والقتل"
ومن ثم الرواية تنقض فهم خياط تماما ومن الواجب الإشارة إلى وجود رواية أخرى هى :
" لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، وهو القتل وحتى يكثر فيكم المال فيفيض."
ومن قرأ الرواية سيتوصل إلى أن ألأشياء المذكورة تحدث قبل الساعة دون تحديد لوقتها بالقرب أو البعد
ومن يتمعن سيجد أن تلك الأحداث وقعت فى الزمان قبلنا وتقع فى حياتنا وستقع بعدنا
وأما كثرة الزلازل فأمر موجود منذ أزمان متطاولة فلا يكاد يمر عام دون أن تحدث عدة مئات أو آلاف من الزلازل الخفيفة والمتوسطة واحيانا الكبرى
وهو أمر معروف فى علم الجغرافية وهناك مناطق معينة تنشط فيها الزلازل كل عام يسمونها بحزام الزلازل ومع هذا لم تقع القيامة حتى ألان رغم تلك الكثرة
|