العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: خرافة وهم سبق الرؤية .. ديجا فو (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال هستيريا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال فن التحقيق الجنائي في الجرائم الإلكترونية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مونوتشوا رعب في سماء لوكناو الهندية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: A visitor from the sky (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة فى مقال مستقبل قريب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال ماذا يوجد عند حافة الكون؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أهل الكتاب فى عهد النبى (ص)فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: المنافقون فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: النهار فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 10-01-2009, 04:49 AM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المصدر الميميّ

هو مصدر قياسيّ، يُبْدَأ أبداً بميم زائدة(1)، ويساوي المصدر الأصلي في المعنى(2)، والدلالةِ على الحَدَث.

صَوْغُه:

¨ يصاغ من الثلاثي على وزن [مَفْعَل] قياساً مطّرداً، نحو: [مَجْلَس، مَصْبَر، مَوْعَد، مَوْصَل...] تقول:

المَصْبَر خيرٌ من المَشْكى = الصبر خير من الشكوى.

والمَجْلَس بعد المَرْكَض مُريح = الجلوس بعد الركض مريح.

والمَوْفَى بالمَوْعَد فضيلة = الوفاء بالوعد فضيلة(3).

¨ ويصاغ من غير الثلاثي على وزن اسم المفعول نفسِه. نحو: [مُدَحْرَج، مُقاتَل، مُسْتَخْرَج...].

تقول: مُدَحْرَجُ الكرة رياضةٌ مفيدة = دَحْرَجَتُها...

و: مُقاتَلُ الأصدقاء بغيض = قِتالُهم...

و: مُسْتَخْرَجُ النفط ثروةٌ للأمة = استِخراجُه...


عمله:

يعمل المصدر الميمي عمل فعله، ومنه قول الحارث بن خالد المخزومي:

أَظَلُومُ إنّ مُصابَكُمْ رَجُلاً أَهْدى السَّلامَ تحيّةً، ظُلْمُ

[ظلوم]: اسم امرأة، والهمزة قبله حرفُ نداء، [مصابكم]: مصدر ميمي، و[رجلاً]: مفعول به للمصدر الميمي، أي إنّ إصابتكم رجلاً... ظُلْم.



* * *



عودة | فهرس





--------------------------------------------------------------------------------

1- بسبب لزوم هذه الميم أوَّلَه، سَمَّوه ميميّاً.

2- قيل أيضاً: إنه آكَدُ من معنى المصدر الأصلي.

3- جاء عن العرب بضعة مصادر ميمية على وزن [مَفْعِل] نحو: [المَوْعِد بمعنى الوَعْد - المَوْضِع بمعنى الوَضع - المَوْقِف بمعنى الوقوف - المَوْلِد بمعنى الولادة - المَوْثِق بمعنى الثِّقة] فتحفظ وتستعمل، ولكنّ القياس [مَفْعَل].
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:49 AM   #2
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المعتل والصحيح



إذا كان أحد حروف الفعل الأصلية حرف علّة سُمّي [فعلاً مُعتلاً] نحو: [باع - وقف - رضي - رمى](1).

ثم إذا كان حرفُ العلة صدراً له نحو: وقف - ورد... سمَّوْه: مِثالاً.

وإذا كان في وسطه، نحو: قال - باع... سمَّوْه: أجوف.

وإذا كان في آخره، نحو: رمى- دعا... سمَّوْه: ناقصاً.

فإذا اقترن حرفا علة في الفعل، نحو: روى- طوى... سمَّوْه: لفيفاً مقروناً.

وإذا افترقا، نحو: وفى - وعى... سمَّوْه: لفيفاً مفروقاً.

فإذا لم يكن أحدُ حروفِه الأصلية حرف علة، نحو: شرب - رجع... قالوا هو فعل صحيح(2).

ثم إذا كان هذا الصحيح فيه همزة سمَّوْه مهموزاً، نحو: أخذ-سأل-بدأ..

وإذا كان فيه حرف أصلي مكرّر، سمَّوْه مضاعفاً، نحو: مرّ - زلزل...

* * *

عودة | فهرس




--------------------------------------------------------------------------------

1- ليس في العربية ألِفٌ تُعدّ من جذر الكلمة؛ فإما أن تكون منقلبة عن واو أو ياء نحو: قال مِن قول، وباع مِن بيع. أو تكون حرفاً من حروف الزيادة: [سألتمونيها] نحو: راكض من رَكَضَ. وعلى ذلك تكون حروف العلة واواً أو ياءً فقط؛ فإذا قلنا عن كلمة فيها ألفٌ نحو: [عدا - رمى]: إنها معتلة، فإنما نعني أن اعتلالها بواو أو ياء انقلبت ألفاً، لا أن الألف نفسها حرف علة.

2- لا التفات إلى الألف إذا لم تكن منقلبة عن أحد حرفَي العلة: الواو أو الياء. ففعل [قاتل] مثلاً [صحيح] غير معتلّ، وإن كان فيه ألف؛ ذاك أن حروفه الأصلية هي القاف والتاء واللام، وأما الألف فيه فزائدة، ولذلك لا يُلتفت إليها. ومثله [تراجع] لأن حروفه الأصلية هي: [الراء والجيم والعين] وهكذا...(انظر بحث الإعلال (26))
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:50 AM   #3
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المعرّف بالإضافة



تتحوّل النكرة إلى معرفة، إذا أضيفت إلى معرفة.

وإليك أمثلة ترى منها أن كلمة [كتاب] مثلاً - وهي نكرة - قد تحولت إلى معرفة حين أضيفت إلى إحدى المعارف:

- خذ كتابك: كلمة [كتاب] تعرّفتْ بإضافتها إلى الضمير.

- اقرأ كتاب خالد: تعرّفتْ بإضافتها إلى العَلَم [خالد].

- كتاب هذا الطالب جديد: تعرّفتْ بإضافتها إلى اسم الإشارة [هذا].

- يضيع كتاب الذي يهمل: تعرّفتْ بإضافتها إلى اسم موصول [الذي].

- كتاب المعلم قديم: تعرّفتْ بإضافتها إلى المعرَّف بـ [ألـ].



* * *
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:51 AM   #4
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المعلوم والمجهول



¨ قد يكون مَنْ فَعَلَ الفعل معلوماً (مذكوراً في الكلام) مثل: [كَسَرَ خالدٌ الزجاجَ] فيسمّى الفعل: مبنياً للمعلوم.

وقد يكون مَنْ فَعَلَه مجهولاً (غير مذكور في الكلام) مثل: [كُسِرَ الزجاجُ]، فيسمى الفعل: مبنياً للمجهول.

¨ تتغير صورة الفعل المعلوم حين يُبنى للمجهول؛ كما يلي:

1- بناء الفعل الماضي، للمجهول:

يُبنَى الفعل الماضي للمجهول، بكسر ما قبل آخره، وضَمِّ كلِّ متحركٍ قبلَه نحو: [فتح - فُتِح، أطعم - أُطْعِم، تعلّم - تُعُلِّم، استغفر - اُسْتُغْفِر].

فإن كان قبل آخره حرف مدّ، قلب ياء قولاً واحداً، نحو: [أقام - أُقيم، أمال - أُميل، استعار - اُستعير]، إلا أن يكون الفعل الماضي ثلاثياً أو خماسياً، فيكسر كلُّ متحرّكٍ قبل هذه الياء، نحو:

[قال - قِيل، باع - بِيع، سام - سِيم، اعتاد - اِعتيد، اجتاح - اِجتيح، اقتاد - اِقتيد].


2- بناء الفعل المضارع، للمجهول:

يُبنَى الفعل المضارع للمجهول، بضَمِّ أوّله، وفتح ما قبل آخره، نحو: [يَكسِر - يُكسَر، يُكرِم - يُكرَم، يُدحرِج - يُدحرَج، يَستَمِع - يُستَمَع، يتقبّل - يُتَقَبَّل، يَستخرِج - يُستَخْرَج].

فإن كان قبل آخره حرف مدّ، قلب هذا الحرف ألفاً قولاً واحداً، نحو: [يقول - يُقَال، يبيع - يُبَاع، يميل - يُمَال، يستغيث - يُستَغَاث، يستميل - يُستَمَال، بستطيع - يُستَطاع].



* * *
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:52 AM   #5
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المفعول به

هو ما وقع عليه فِعْلُ الفاعل فنَصَبَه. نحو: [أكل خالدٌ رغيفاً]؛ وحقُّه أن يجيء - في الأصل - بعد الفاعل، ولكنْ قد يتقدّم عليه، نحو: [أكل رغيفاً خالدٌ]، بل قد يتقدم أحياناً عليه وعلى فِعله أيضاً، نحو: [رغيفاً أكل خالدٌ].

هذا على أنّ تقديم المفعول به وتأخيره، جائزان في كل الأحوال(1). ولا يستثنى من ذلك إلاّ حالتان يجب تقديمه فيهما:

الأولى: أن يتّصل الفاعلُ بضمير المفعول، فيُقَدَّ م وجوباً على الفاعل، نحو: [سكن الدارَ مالكُها]، و[ركب الفرسَ رائضُها].

الثانية: أنْ يقع بين [أمّا] وجوابها، فيُقدَّم وجوباً على الفعل والفاعل معاً، نحو: [فأمّا الجائعَ فأَطْعِمْ وأمّا الغريبَ فأكْرِمْ].



* * *

نماذج فصيحة من استعمال المفعول به

· قال عنترة (الديوان /143):

ولقد نزلْتِ فلا تظنّي غيرَه منّي بمنْزلة المحبّ المُكْرَمِ

فِعل [الظنّ] ينصب مفعولين، فأمّا الأول في البيت، فهو: [غيرَ]، وأما الثاني فقد حذفه الشاعر. وذلك جائز. وقد نظم ابن مالك في جواز الحذف عموماً، قاعدة كليّة فقال: [وحذف ما يُعلم جائز...]، ولو ذُكر المفعول المحذوف لقال الشاعر: [فلا تظنّي غيرَه واقعاً].

· ]أين شركائي الذين كنتم تزعمون[ (القصص 28/62)

فِعل [زعم] ينصب في الأصل مفعولين، وقد حُذِفا هاهنا جميعاً، ولو ذُكرا لقيل: [تزعمونهم شركائي]، فكان الأول يكون هو الضمير المتصل: [هم]، وكان الثاني يكون: [شركائي]، ولكنهما حُذِفا. وإنما جاز حذفهما للعلم بهما، وقد ذكرنا آنفاً قاعدة جواز الحذف التي نظمها ابن مالك.

· ]وإذِ ابتلى إبراهيمَ ربُّه[ (البقرة 2/124)

[إبراهيمَ]: مفعولٌ به، والفاعل: [ربُّ]. وقد قُدِّم المفعول على الفاعل كما ترى، وتقديمه هنا واجب، لاتّصال الفاعل بضمير المفعول.

والقاعدة العامّة أنّ [كل تقديمٍ أو تأخير للمفعول جائز، ماعدا موضعين اثنين فقط، يجب تقديمه فيهما. الأول: أنْ يتّصل الفاعل بضمير المفعول - كما جاء في هذه الآية - والثاني: أن يقع المفعول بين (أمّا) وجوابها].

· وقال حسّان بن ثابت يرثي مُطْعِمَ بن عديّ (الديوان /398):

ولو أنّ مجداً أَخْلَدَ الدهرَ واحداً مِنَ الناس، أبقى مجدُه الدهرَ مُطْعِما

وفي قوله هذا مخالفة لقاعدة كلية هي: أنّ الفاعل إذا اتصل بضمير المفعول، وجب تقديم المفعول. ولقد تحقق هذا الاتصال في البيت: فـ [مجدُه] فاعل لـ [أبقى]، والهاء المتصلة به هي ضمير المفعول به: [مطعماً]. وهذا يوجب إعمال القاعدة، أي: تقديم المفعول على الفاعل، فيقال: [أبقى مطعماً مجدُه](2). ولكنّ الشاعر لم يُعملها، فكان ذلك شذوذاً، تسمّيه كتب الصناعة: [ضرورة شعرية]. ونورد فيما يلي نظائر لهذا البيت ترسيخاً للقاعدة.

· فنظير ما تقدّم، قولُ أبي الأسود الدؤلي (الديوان /401):

جزى ربُّهُ عني عدِيَّ ابنَ حاتمٍ جزاءَ الكلابِ العاوياتِ وقد فَعَلْ

وفي قوله: [جزى ربُّه عديّاً]، تقدّم الفاعل [ربُّه]، واتّصلت به الهاء، وهي ضمير يعود إلى المفعول: [عديّاً]. وهذا يوجب إعمال القاعدة المذكورة آنفاً، أي: تقديم المفعول على الفاعل، فيقال: [جزى عديّاً ربُّه]. ولكن الشاعر لم يعملها، شذوذاً، وهو ما تسمّيه كتب الصناعة، كما قلنا: [ضرورة شعريّة].

· وقولُ الآخر (شرح ابن عقيل 1/495):

كَسَا حِلْمُهُ ذا الحِلْمِ أثوابَ سؤدُدٍ ورَقَّى نَداهُ ذا النَدى في ذُرَا المجدِ

وفي قوله: [كسا حلمُه ذا الحِلمِ]، تقدّم الفاعل: [حلمُه]، واتصلت به الهاء، وهي ضمير يعود إلى المفعول: [ذا الحلم]، وهذا يوجب تقديم المفعول على الفاعل، فيقال: [كسا ذا الحلم حلمُه]. ولكن الشاعر لم يلزم ذلك شذوذاً. وأعاد ذلك مرة أخرى في عَجُز البيت، وكان واجباً أن يقول للسبب نفسه: [رقّى ذا الندى نداه]، ولكنه لم يلزم ذلك شذوذاً(3).

· وقال سليط بن سعد (شرح ابن عقيل 1/497):

جزى بنوه أبا الغيلانِ عن كِبَرٍ وحُسْنِ فِعْلٍ كما يُجْزى سِنِمّارُ

وما قلناه فيما تقدّم يقال هنا. فلو أن الشاعر حكَّمَ القاعدة - وهي وجوب تقديم المفعول إذا اتّصل الفاعل بضمير المفعول - لقال على المنهاج: [جزى أبا الغيلان بنوه] فقدّم المفعول على الفاعل، ولكنه لم يلزم ذلك شذوذاً.

· ]مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فما له من هادٍ[ (الرعد 13/33)

[مَنْ]: اسم شرط، وهو مفعولٌ به لفعل: [يضلل]. وكتب الصناعة تقول: إنّ تقديمه على الفعل والفاعل واجبٌ هاهنا، لأن أسماء الشرط لها الصدارة. ونقول: نعم، هذا صحيح، ولكنّ طالب العلم في غنى عن حفظه واستظهاره، لأنه تحصيل حاصل. فاسم الشرط له صدر الكلام سواء كان مفعولاً به أو لم يكن. وليس في الدنيا عربي - مهما يبلغ لسانه من العجمة - يقول مثلاً: [يضللْ مَنِ اللهُ] أو [يضللِ الله مَن فما له...] أو [يضللِ الله فما له مَن مِن هاد]، هذا فضلاً على أنّ فعل الشرط: [يضلل] لا يُجزَم إذا لم تتقدَّم عليه أداة الشرط.

مما تقدم يتبيّن: أن من الإثقال غير المسوَّغ، أن تقف كتب الصناعة عند هذه المسألة، وتعتدّها صنفاً من صنوف تقديم المفعول وجوباً على الفعل والفاعل.

· وقل مثل هذا في قوله تعالى: ]فأَيَّ آياتِ الله تُنكِرون[ (غافر 40/81)

فإنّ كلمة: [أيَّ] اسم استفهام، وهو مفعول به لفعل: [تنكرون]. وكتب الصناعة تقول: إنّ تقديمه على الفعل والفاعل، واجبٌ هاهنا، لأنّ أسماء الاستفهام لها الصدارة.

ونقول: إنّ تقديم أسماء الاستفهام لا علاقة له بإعرابها، فإن لها الصدارة في كل حال، سواء كانت منصوبة أو غير منصوبة. هذا تحصيل حاصل، ولو استُغني عن جعله مسألة يؤخذ فيها ويُعطَى، عند البحث في تقديم المفعول وجوباً على الفعل والفاعل، لكان ذلك أجدى.

ولو جَرَّب المرء تغيير مكان [أيّ] في الآية، سواء كانت مفعولاً أو غير مفعول، لاستيقن فوراً أنّ ذلك غير عربي. فمَن ذا الذي يقول: [آيات الله أيّ تنكرون، أو: آيات الله تنكرون أيّ]؟ هذا في العربية لا يقال، فليت كتب الصناعة تعرّد عنه، وتَقْصر همَّها على ما يفيد في تعليم الناس لغةَ قومهم.

· ]فأمّا اليتيمَ فلا تقهر وأمّا السائلَ فلا تنهر[ (الضحى 93/9-10)****

[تقهر]: فعلٌ، فاعلُه ضمير مستتر تقديره: [أنت].

[اليتيمَ]: مفعول به، تقدَّم - كما ترى - على الفعل والفاعل، وهو هنا تقديم واجب. وذلك أنّ المفعول يجوز تقديمه وتأخيره في جميع الأحوال ما عدا موضعين فقط، يجب تقديمه فيهما. الأول: أنْ يتصل الفاعل بضمير المفعول، والثاني: أنْ يقع بين [أمّا] وجوابها، كما جاء هنا في الآية، إذ وقع بين [أمّا]، وجوابِها [فلا تقهر]، فحقَّ أنْ يتقدّم وجوباً.

والشيء نفسه يقال في الآية التالية: ]وأمّا السائلَ فلا تنهر[ فإنّ المفعول: [السائلَ] وقع بين [أمّا] وجوابِها [فلا تنهر]، فكان تقديمه على الفعل والفاعل واجباً. فالحالتان في الآيتين متساويتان متطابقتان، وهذا يغني عن الإفاضة في التبيين.

· قال الشاعر (أوضح المسالك 1/363):

تزوَّدْتُ مِن ليلى بتكليم ساعةٍ فما زاد إلاّ ضعفَ ما بي كلامُها

[إلاّ]: أداة حصر، [ضعفَ]: مفعول به مقدَّم، [كلامُها]: فاعل مؤخَّر.

والتقديم والتأخير هاهنا جائزان، على المنهاج. وذلك أنّ تقديم المفعول، إنما يكون واجباً في حالتين فقط، هما أن يتّصل ضمير المفعول بالفاعل، أو أن يقع المفعول بين [أمّا] وجوابها. وليس في البيت أيّ من الحالتين. ودونك شواهد أخرى تؤيّد الجواز:

· قال دعبل الخزاعي (أوضح المسالك 1/362):

ولمّا أبى إلاّ جماحاً فؤادُه ولم يسلُ عن ليلى بمالٍ ولا أهلِ

[إلاّ]: أداة حصر، [جماحاً]: مفعول به مقدَّم، [فؤادُه]: فاعل مؤخّر.

وقد قدّم الشاعر المفعول به: [جماحاً]- وهو اسم محصور - على الفاعل: [فؤادُه]. إذ التقديم والتأخير جائزان. ولا يكون تقديم المفعول واجباً إلاّ في حالتين، لانملّ أنْ نكررهما: أنْ يتّصل ضمير المفعول بالفاعل، وأن يقع المفعول بين [أمّا] وجوابها.

· ودونك أخيراً شاهداً من هذه المسطرة، هو قول الشاعر (أوضح المسالك 1/369):

فلم يدْرِ إلاّ اللّهُ ما هيَّجتْ لنا - عشيَّةُ آناءِ الديارِ - وَشامُها(4)

فالمحصور في البيت، هو لفظ الجلالة: [الله]، والأصل: فلم يدْرِ ما هيَّجت لنا إلاّ اللهُ.

وقد قُدِّم الفاعل: [اللهُ]، على المفعول به وهو الاسم الموصول: [ما]. وجوازُ تقديم المفعول على الفاعل وتأخيرِه عنه، قاعدةٌ لا تتخلّف. وإنما يستثنى منها موضعان اثنان يجب فيهما تقديم المفعول، هما: أنْ يتّصل ضميرُ المفعول بالفاعل، أو أنْ يقع المفعول بين [أمّا] وجوابها.

· ]يومَ لا ينفع الظالمين معذِرتُهم[ (غافر 40/52)

[معذرتُهم]: فاعل مؤخّر، [الظالمين]: مفعول به مقدَّم.

وتقديم المفعول في الآية هاهنا على المنهاج. وذلك أنّ الفاعل: [معذرتُهم]، اتّصل به ضمير المفعول به. ومتى كان ذلك، وجب تقديم المفعول على الفاعل، كما رأيت. وهذه إحدى الحالتين اللتين يجب فيهما تقديم المفعول على الفاعل.

· ]ففريقاً كذَّبتم وفريقاً تقتلون[ (البقرة 2/ 87)

[فريقاً]: مفعول به، مقدَّم في الآية على الفعل والفاعل. وتقديمه عليهما أو على أحدهما جائز في كل موضع. وهذه قاعدة صلبة، لا تنكسر إلاّ في حالتين اثنتين يجب فيهما تقدّم المفعول على الفاعل، هما: أن يتصل ضمير المفعول بالفاعل، أو أنْ يقع المفعول بين [أمّا] وجوابها. وإذ لم يكن في الآية إحداهما، فقد تقدم المفعول في الآية مرتين - في صدرها وفي أثنائها - وذلك جائز. ولو لم يكن الكلام قرآناً، لجاز أن يقال: [فكذبتم فريقاً، وتقتلون فريقاً].

· ]وقذف في قلوبهم الرعبَ فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً[ (الأحزاب33/26)

في الآية شاهدان على جواز تقدّم المفعول وتأخّره. الأول: [فريقاً تقتلون]، وفيه تقدّم المفعول على الفعل والفاعل جميعاً. والثاني: [تأسرون فريقاً]، وفيه تأخر المفعول عن الفعل والفاعل جميعاً. وذلك أنّ تقدّمه على الفعل والفاعل أو على أحدهما، وتأخره عنهما أو عن أحدهما، جائز في كل موضع. ولا يستثنى من ذلك إلاّ حالتان، أكثرنا عن عَمْدٍ تكرارهما لنثبّتهما في الذاكرة.



* * *

عودة | فهرس




--------------------------------------------------------------------------------

1- ما يُزعَم من لبس قد يقع بسبب التقديم والتأخير، فسياق الكلام يزيله. من ذلك - مثلاً - أن يكون عيسى قاضياً، وموسى مجرماً، فإذا قيل: [عاقب موسى عيسى]، فُهِم من السياق أنَّ المعاقَب هو موسى.

2- لا يمنعنا العنوان: [نماذج فصيحة] أن نورد بيتاً فيه ضرورة شعرية، لنبين ما فيه من خروج على القاعدة.

3- في البيت ما فيه من المعاظلة والتراكب، مما يميل بالنفس إلى أنه مفتعل مصنوع.

4- الشام، جمع شامة وهي العلامة.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:52 AM   #6
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المفعول لأجله(1)

المفعول لأجله: مصدرٌ منصوب، يبيِّن عِلَّةَ وقوع الحَدَث، نحو: [وقفتُ إجلالاً للمعلِّم]. فالوقوف - وهو الحَدَث - ناشئ عن علّة، هي: الإجلال.



* * *

نماذج فصيحة من استعمال المفعول لأجله

· ]ولا تقتلوا أولادَكمْ خَشيةَ إملاق[ (الإسراء 17/31)

(الإملاق: الفقر). [خشيةَ]: مصدرٌ، تحقّقت له شروطُ نصبه مفعولاً لأجله. وذلك أنه مصدرُ [خشي-يخشى]، وقد بيّن علَّةَ قتل الجاهليين أولادَهم، وهي: خشية الإملاق.

· قال حاتم الطائيّ:

وأَغْفِرُ عَوراءَ الكَرِيمِ ادّخارَهُ وأُعْرِضُ عن شَتْمِ اللئيمِ تَكَرُّمَا

[تَكَرُّما]: مصدر تحققت له شروطُ نصبه مفعولاً لأجله. وذلك أنه مصدرُ [تَكَرَّمَ - يتكرَّم]، وقد بيَّن علَّةَ إعراض الشاعر عن شتم اللئيم، وهي: [التكرّم].

هذا، على أنّ في البيت مفعولاً لأجله آخر، هو: [اِدّخارَه]، فإنه مصدرٌ منصوب لفعْلِ: [اِدَّخَر - يدَّخِر]، وقد بيَّن علَّةَ غُفْرانِ الشاعرِ زَلَّةَ الرجلِ الكريمِ، وهي: ادِّخاره له أي: استبقاء مودّته.

· ]يجعلون أصابعهم في آذانهم مِن الصواعق حَذَرَ الموت[ (البقرة 2/19)

[حَذَرَ]: مصدر، تحقّقت له شروط نصبه مفعولاً لأجله. وذلك أنه مصدرُ [حَذِرَ - يحذَر]، وقد بيّن علَّةَ جعلِهم أصابعَهم في آذانهم، وهي: [الحذر من الموت].

· قال الحارث بن هشام (هو أخو أبي جهل):

فصفحتُ عنهمْ والأحبّةُ فيهمُ طمعاً لهمْ بعِقابِ يومٍ مُفْسِدِ(2)

[طمعاً]: مصدر: تحقّقت له شروط نصبه مفعولاً لأجله. وذلك أنه مصدرُ [طمِع - يطمَع]، وقد بيَّن علَّةَ صفحه عنهم، وهي: [الطمع بعقابهم بعدُ، في معركة يرجو النصر عليهم فيها].

هذا، ولم نرَ حاجةً إلى مزيد من عرض نماذج أخرى وتحليلها. وذلك لسهولة البحث، ولأن المفعول لأجله لا يخرج في كل حال، عن أن يكون مصدراً يبيّن علّة وقوع الحدَث.



* * *

عودة | فهرس




--------------------------------------------------------------------------------

1- يسمونه أيضاً: [المفعول له].

2- قال هذا معتذراً مِن فراره يوم معركة [بدر]، وقد قُتِل فيها أخوه أبو جهل.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:53 AM   #7
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المفعول المطلق(1)

المفعول المطلق: مصدر منصوب، يُذكَر بعد فعلٍ - أو شبهه(2) - من لفظه فيؤكّده، نحو: [زحف الجيش زحفاً، فوثقت أنه منتصرٌ انتصاراً...].

ويشتمل البحث في المفعول المطلق على مسألتين هما: أن يُحذَف، أو يُحذَف فعلُه (عامله).

أوّلاً - أنْ يُحذَف:

يُحذَف المصدر (المفعول المطلق) في حالات شتّى. لكنها على اختلافها وتنوعها، يحكمها ضابط واحد. هو أنّ المصدر - وإن حُذِف - يظلّ في الكلام ملحوظاً مُلتَمَحاً، ودونك البيان:

رجع القهقرى = رجع رجوعَ القهقرى

أكل كثيراً = أكل أكلاً كثيراً

ضربه سوطاً = ضربه ضربَ السوطِ

ضربه ذاك الضربَ = ضربه الضربَ ذاك

قعد جلوساً = قعد قُعودَ جلوسٍ

ضربه ثلاثين ضربة = ضربه ضرباتٍ ثلاثين

شبع كلَّ الشِّبَع = شبع شبعاً كلَّ الشبع(3)

ثانياً - أنْ يُحذَفَ فِعْلُه:

إذا حذف الفعل وبقي المصدر، نشأ معنى لم يكن لينشأ لولا الحذف(4). فمن ذلك أنْ تريد:

- إلى الأمر مثلاً، فتحذف الفعل فتقول: [رَمَلاً](5).

- أو إلى النهي، فتحذفه فتقول: [رَمَلاً لا عَدْواً](6).

- أو إلى الدعاء، فتحذفه فتقول: [سقياً لوطني].

- أو إلى التوبيخ، فتحذفه فتقول: [أَلَعِباً، وقد جدّ الناس؟!](7).

- أو إلى تفصيلِ عاقبةٍ، فتحذفه فتقول: [أقْدِمْ: فإمّا النصرَ وإمّا الشهادةَ(8)].



¨ شذور من المفعول المطلق:

في اللغة كلمات كثيرة تُعرَب مفعولاً مطلقاً، دونك شذوراً منها:

- حقّاً: نحو: [خالدٌ صديقي حقّاً].

- قطْعاً: نحو: [هذا مذهبي قطْعاً].

- سمعاً وطاعةً: [أي: أَسمع وأُطيع].

- عجَباً: كلمةٌ، معروفة المعنى والاستعمال.

- لبَّيك: [أي: أُلَبّي].

- شُكراً: كلمةٌ، معروفة المعنى والاستعمال.

- حَنانَيْكَ: [أي: تحنَّنْ].

- دَوالَيْكَ: كلمةٌ، تقال للتعبير عن تنقّل الأمر بين كذا وكذا.

- هنيئاً: كلمةٌ، معروفة المعنى والاستعمال.

- يقيناً: نحو: [عرفته يقيناً]. أي: أُوقِنُها يقيناً.

- بتّةً: وبتّاً والبَتَّةَ وألبتّةَ. (البتّ: القطع)، [لا أفعله بَتَّةً]، أي: قطعاً.

- سبحان الله: أي: تنْزيهاً لله عما لا يليق به.

- معاذَ اللهِ: (عاذ: لجأ واعتصم)، أي: أعوذ بالله.

- تَبّاً له: أي: هلاكاً له.

- (ما وأيّ: الاستفهاميتان): إذا استُفهِم بهما عن المصدر:

نحو: [ما نمت؟] = أيَّ نومٍ نمتَ؟ ونحو: [أيَّ سفرٍ تسافرون؟].

- (ما وأيّ ومهما: الشرطيات):

نحو: [ما تجلسْ أجلسْ = أيَّ جلوسٍ تجلسْ أجلسْ].

ونحو: [أيَّ سيرٍ تسرْ أسرْ].

ونحو: [مهما تقرأْ تستفدْ].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال المفعول المطلق

· قال مجنون بني عامر (الديوان /277):

وقد يجمع اللهُ الشَّتيتَين بعدما يَظنّان كلَّ الظنِّ أَنْ لا تلاقِيا

الأصل: يظنان ظنّاً كلَّ الظنّ، ثمّ حذف المصدر وهو: [ظناً]، ونابت كلمة [كلَّ] عنه، وأضيفت إلى المصدر، فكانت نائب مفعول مطلق.

· ]فلا تميلوا كلَّ المَيْل[ (النساء 4/129)

يقال في الآية ما قيل في [يظنان كلّ الظن]، من أنّ الأصل: لا تميلوا مَيلاً كلَّ الميل، ثم حذف المصدر وهو: [مَيلاً]...

· قال الشاعر (همع الهوامع 3/123):

لأَجهدنَّ فإمّا دَرْءَ مَفسدةٍ تُخشَى، وإمّا بلوغَ السُّؤْلِ والأَمَلِ

[درءَ]: في صدر البيت، مفعول مطلق، وكذلك [بلوغَ] في عجز البيت فإنه مفعول مطلق أيضاً. وقد حُذِف فِعلاهما وهما: [أدرأ وأبلغ]، لأنّ الشاعر ابتغى تفصيل عاقبةِ ما أقسم على بذله من الجهد. إذ قال: [فإما درءَ ... وإما بلوغَ...] وكان الأصل قبل الحذف هو: [فإما أدرأ درءَ مفسدة، وإما أبلغ بلوغَ السُّؤل]. والقاعدة: أنّ

الفعل يُحذَف، فينشأ معنى لم يكن لينشأ لولا الحذف، فلو لم يحذف الشاعر الفعلين بل قال: [أدرأ درء مفسدة، وأبلغ بلوغَ السؤل] لكان ما يتحصّل من قوله هو التوكيد، ولمّا كان لا يريد التوكيد بل يريد تفصيل عاقبةِ جهده، حَذف الفعل، فدلّ المصدر بعد حذف فعله على المعنى الذي أراد إليه الشاعر.

هذا، وترى الاستعمال نفسَه في القرآن الكريم، ففي سورة (محمّد 47/4) ]فشُدّوا الوَثاق فإمّا مَنّاً بعدُ وإمّا فداء[ ويقال هاهنا مثل الذي قيل في: [لأجهدنّ فإما... وإمّا...].

فبعد شدّ الوثاق، تُتَوَقَّع عاقبة، وقد أبانتها الآية تفصيلاً، إذ قالت: [فإما... وإما...] وهكذا جاء المصدر مفصِّلاً لمجملٍ قبله، ومبيناً لعاقبته ونتيجته، وما كان ذلك ليتحقق لولا حذف الفعل. فهاهنا مصدران منصوبان [منّاً وفداءً] حُذِف فعلاهما فأدّى حذفهما إلى معنى التفصيل وبيان العاقبة. ولو ذُكِرا فقيل: [فإما أن تمنوا منّاً وإما أن تفادوا فداءً]، لكان الذي يتحصل هو التوكيد.

· قال الشاعر (الجنى الداني /531):

وقد شفَّني ألاّ يزال يروعني خيالُكِ: إمّا طارقاً، أو مغادِيا

أوردنا هذا البيت شاهداً لصحة قول من يقول: [إمّا... أو...]، كما يصحّ قوله: [إمّا... وإمّا...]، فكلا التركيبين وارد وصحيح.

· قال قَطَريّ ابن الفجاءة (أوضح المسالك 2/39):

فصبراً في مجال الموت صبراً فما نَيْلُ الخُلودِ بمستطاعِ

[صبراً]: مصدر منصوب، ناب عن فعله المحذوف، والفعل هنا لا يُحذَف إلاّ لتحقيق معنى، لم يكن لينشأ لولا الحذف. وبيان ذلك، أنْ لو قيل: [اصبر صبراً] لكان المعنى المراد هو التوكيد. لكن لما حُذف الفعل فقال الشاعر: [صبراً]، عُرِف أنه أراد إلى الأمر بالصبر.

· ]واللهُ أنبتكم من الأرض نباتاً[ (نوح71 /17)

يلاحظ في الآية أنّ الفعل هو [أنبت - يُنبت] ومصدره قياساً، هو [إنبات]. ولكن المصدر الذي ورد في الآية هو: [نبات] لا [إنبات]. فدلّ ذلك على أنّ جَذْر المادة، هو ما يُنظر إليه في المفعول المطلق، لا وزن المصدر وقياسيته. وقل مثل ذلك في [سلّم سلاماً وتسليماً] فكلا المصدرين مفعول مطلق، وقل الشيء نفسه في قول القائل: [توضّأ توضُّؤاً ووضوءاً]، فكلا المصدرين هنا أيضاً مفعول مطلق.

ومن هذا قوله تعالى: ]وتبتّل إليه تبتيلاً[ (المزّمل 73/8) فالمفعول المطلق الوارد هنا في الآية هو:[تبتيل]، والتبتيل ليس مصدراً لـ [تبتّل]، بل مصدر تبتّل هو [تبتُّلٌ].

ويتبين من هذا: أنّ الفيصل المحكّم في المفعول المطلق، هو جذر المادة، لا وزنُ المصدر وقياسيته.

· قال العجّاج (الديوان 1/480):

أَطَرَباً وأنتَ قِنَّسْرِيُّ(9)؟!! والدَهْرُ بالإنسانِ دَوّارِيُّ؟!!

[أطرباً]: هاهنا مصدر منصوب (مفعول مطلق)، مسبوق بهمزة استفهام، وأما فعله فمحذوف. والأصل قبل الحذف والإتيان بالهمزة: [تطرب طرباً]، فيكون المصدر للتوكيد.

لكن الشاعر حذف الفعل؛ والفعل إذا حُذف وبقي المصدر، تحقق معنى لم يكن لينشأ لولا الحذف.

وقدّم على المصدر همزة استفهام يؤتى بها هاهنا إذا أريد التوبيخ، فدلّ ذلك على ما ابتغاه الشاعر وقصد إليه من إرادة التوبيخ.

· ولهذا الاستعمال نظير مماثلٌ من قول جرير، يهجو خالد بن يزيد الكندي (الديوان /650):

أَلُؤْماً لا أَبَاْ لَكَ واغترابا؟!!

فهاهنا مصدر منصوب (مفعول مطلق)، حُذف فعله، والأصل قبل الحذف: [تلؤم لؤماً]. وأتى بهمزة للاستفهام التوبيخي سبقت المصدر: [ألؤْماً]، فدلّ ذلك على أنّه إنما قصد إلى التوبيخ.

· ]وكلَّم اللهُ موسى تكليماً[ (النساء 4/164)

[تكليماً]: مصدر منصوب (مفعول مطلق)، جاء بعد فعلٍ من لفظه - على المنهاج - فأفاد التوكيد.

· ]فإنّ جهنم جزاؤكم جزاءً موفوراً[ (الإسراء 17/36)

[جزاءً]: مصدر منصوب (مفعول مطلق)، عامله الناصب له، مصدر أيضاً هو: [جزاؤكم]. وقد كنا ذكرنا في تعريف المفعول المطلق: أنه مصدر منصوب، يُذكَر بعد فعلٍ - أو شبهه - من لفظه. وشبه الفعل هنا هو: المصدر والمشتقات، مما يعمل عمله. واستكمالاً للمسألة، نورد قوله تعالى:

· ]والذاريات ذرواً[ (الذاريات 51/1)

فإنّ [ذرواً] في الآية، مصدر منصوب (مفعول مطلق)، عامله الناصب له، هو [الذاريات]. وهو اسم فاعل، ومن المعلوم أنّ اسم الفاعل يشبه الفعل، إذ يعمل عمله.

· ]فمَن يكفرْ بعدُ منكم فإني أعذّبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين[

(المائدة 5/115)

فعلُ [أعذّبه]، تكرر في الآية مرّتين، ومع كلّ فعل منهما ضمير متصل هو الهاء. فأما مع الفعل الأول فالضمير يعود إلى الذي يكفر، أي: [أعذب الذي يكفر]، فهو إذاً مفعول به. وأمّا مع الفعل الثاني فالضمير يعود إلى [عذاباً]، أي: [لا أعذب العذابَ]. وبتعبير آخر: [لا أُنزِل هذا العذابَ المذكورَ بأحد من العالمين]، فيكون الضمير مفعولاً مطلقاً، لا مفعولاً به كما يتبادر إلى الذهن أول وهلة.

· ]فاجلدوهم ثمانينَ جلدة[ (النور 24/4)

[ثمانين]: نائب مفعول مطلق منصوب. وقد حذف المصدر وأنيب عنه عدده، وظلّ المصدر المحذوف ملحوظاً ملتمحاً، على أنّ الأصل قبل الحذف: [فاجلدوهم جلداتٍ ثمانين].



* * *



عودة | فهرس





--------------------------------------------------------------------------------

1- كتب الصناعة تسمّي المفعول المطلق: (المصدر). ولقد جرى الاصطلاح على تسميته: [المفعول المطلق] لأنه مفعول لا يقيَّد بأداة، على حين تقيد المفاعيل الأخرى بذلك، فيقال: [المفعول به (81)، والمفعول معه (84)، والمفعول لأجله (82)، والمفعول فيه (50)].

2- شبه الفعل - كما ذكرنا من قبلُ مرّات - ما يعمل عمله، من اسم فاعل (11) واسم مفعول (15)...

3- كلّ ونصف وربع وبعض... جميعها في الحُكْم والاستعمال سواءٌ. تقول: [شبعتُ كلَّ الشبع ونصفَ الشبع ورُبعَ الشبع وبعضَ الشبع وهكذا...]، والنحاة إذا ذكروا: [كلّ] جمعوا إليها [بعض] و[أيّ] الكمالية، نحو: [اجتهدت بعض الاجتهاد] أو [أيَّ اجتهاد !!].

4- يصحب الفعلَ مصدرُه في الأصل للتوكيد نحو: [شربتُ شُرباً]. فإذا حُذف الفعل زال معنى التوكيد-بالضرورة- إذ المحذوف لا يؤكَّد. فينشأ من جرّاء ذلك معانٍ أخرى، مِن أمرٍ أو نهي أو توبيخ أو تفصيلِ عاقبة.

5- الرمَل: الهرولة، ومن المألوف أن يقول الضابط لجنوده في أثناء التدريب: [رَمَلاً]، فيفهموا - وقد حذف الفعل - أنه يأمرهم بالهرولة. ولو قال لهم: [ارملوا رملاً] لكان معنى الأمر ناشئاً من صيغة: [ارملوا] وكان المصدر [رملاً] لتوكيد الأمر. فإذا حذف الفعل وقال لهم: [رملاً]، أدّى المصدرُ معنى الأمر واستقلّ به. فهذا هو السر في حذف الفعل.

6- لا يأتي النهي هنا وحده مستقلاًّ، بل يأتي بعد الأمر، مصاحِباً له.

7- يلاحَظ أنّ المصدر - في حالة التوبيخ - يُسبَق بأداة استفهام.

8- بيان ذلك أنّ الإقدام في المعارك، له نتيجة وعاقبة، هما النصر أو الشهادة، وقد بيّنهما المثال [فإمّا... وإمّا...].

9- القِنَّسْريّ: الكبير المسنّ، الذي أتى عليه الدهر. والبيت للعجّاج والد رؤبة.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:54 AM   #8
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المفعول معه



المفعول معه: اسم فضلة(1) منصوب، قبله واوٌ بمعنى [مع] للمصاحبة (لا للعطف والمشاركة) مسبوقة بجملة(2)، نحو: [مشى خالدٌ والجدارَ](3).

¨ حُكمان:

1- إذا كان الفعل مما يقع مِن متعدِّد، نحو: [تصافح وتشاجر وتشارك وتحاور...] امتنع النصب على المعيّة، وصحّ العطف، نحو: [تصافح خالدٌ وسعيدٌ، وتشاجر زهيرٌ وعليٌّ...].

2- إذا احتمل المعنى: المشاركة والمصاحبة، جاز وجهان تبعاً للمعنى المراد: العطف للمشاركة، نحو: [طلع القمرُ والنجمُ]، والنصب على المعيّة للمصاحبة، نحو: [طلع القمرُ والنجمَ](4).

¨ تراكيب مِن تراثنا اللغوي:

جاء عن العرب، بعد [كيف] و[ما] الاستفهاميّتين، صنفان من الاستعمال، تعالجهما كتب الصناعة في بحث المفعول معه وهما:


الأول قولهم: [كيف أنت وخالدٌ] أو [خالداً]، ومثله طِبقاً: [ما أنت وخالدٌ] أو [خالداً]، بالرفع والنصب، إذا كان قبل الواو ضمير منفصل.

والثاني قولهم: [ما لك وخالداً] بالنصب فقط، إذا كان قبل الواو ضمير متصل.

وبتعبير تقعيديّ نقول: بعد [كيف] و[ما] الاستفهاميتين: يجوز الرفع والنصب إذا سبق الواوَ ضمير منفصل، وأما إذا سبقها ضمير متصل، فليس إلا النصب.



* * *

نماذج فصيحة من المفعول معه

· قال الوليد بن عقبة بن أبي معيط، يُحَرّض معاوية على قتال عليٍّ كرّم الله وجهه:

فإنّكَ والكتابَ إلى عليٍّ كدابغةٍ وقد حَلِمَ الأديمُ(5)

[والكتابَ]: ليس [الكتاب] في البيت، مفعولاً معه. وذلك أنّ مِن شروط نصبِ الاسم على المعيّة، أنْ تسبق الواوَ جملةٌ. وهو شرط لم يتحقق في البيت.

بل انتصابه بالعطف على اسم [إنَّ] المنصوب، وهو الكاف. ولهذا نظائر كثيرة جدّاً، منها على سبيل المثال، قولُ كثيّر عزّة:

وإنّي وتَهياميْ بعَزّةَ بعدَ ما تَخَلَّيْتُ ممّا بينَنا وتَخَلّتِ

لكالمرْتجي ظِلّ الغَمامةِ كلَّما تَبَوَّأَ منها للمَقِيلِ اضمحَلَّتِ

فالواو مِن [وتهيامي] حرف عطْف، عطَف الاسم بعدَها، على اسم [إنّ]، وهو الياء. ومِن ثمّ ليست كلمة [تهيامي] منصوبة على المعية، لأنّ مِن شروط المفعول معه، أنْ تسبق الواوَ جملةٌ، وهو شرطٌ لم يتحقّق هاهنا.

· قال الشاعر:

فكونوا أنتمُ وبَنِي أَبِيكمْ مكانَ الكُلْيَتَيْنِ مِنَ الطِّحالِ

[وبني]: الواو بمعنى [مع]، والاسم بعدها منصوب على أنه مفعولٌ معه(6). (وإن كانت الجملة قبل الواو لم تتمّ) والشاعر لم يرفعْه بالعطف على اسم [كان] المرفوع، وهو واو الجماعة، أي لم يقل: [وبنو أبيكمْ]، لأنّ الرفع يُفسِد المعنى المراد. إذ يكون عند ذلك: [كونوا أنتم ولْيكنْ معكم بنو أبيكم أيضاً، في مكان الكليتين...]. وهذا غير مراد. وإنما المراد أمرُه لهم، أن يكونوا في صحبة بني أبيهم،كالكليتين من الطحال. ولذلك نصَب [بني] على المعية. والمسألة في البيت تستحق التأمّل.

· ]يا قومِ إنْ كان كبُرَ عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكّلتُ فَأَجْمِعوا أمرَكُم وشركاءَكُم[ (يونس 10/71)

[وشركاءَكم]: الواو بمعنى [مع]، و[شركاءَكم] اسم منصوب على أنه مفعولٌ معه. أي: أَجْمِعوا أمرَكم بصحبة شركائكم.

والعطف هاهنا غير وارد، لِعلّةٍ لغوية منعت مِن ذلك، نبيّنها فيما يلي:

يقال في العربية: [أجمِعوا أمرَكم] أي: اِعزموا على أمر، ولا يقال: أجمِعوا الشركاءَ، لأنّ فعل [أجمع] لاينصب مفعولاً به من الأشخاص والأعيان، ومَن أراد جمع الشركاء أو غيرهم مِن الأشخاص والأعيان قال مثلاً: [اِجمَعوا الناسَ] لا [أَجمِعوا الناسَ]. فبين [جَمَعَ] و[أَجْمَعَ] فرقٌ، مَن أغفله أفسَد المعنى.

· قال الشاعر يذكرُ إطعامه ناقتَه بعد رحلته عليها: **

لمَّا حَطَطْتُ الرَّحلَ عنها وارِداْ علَفْتُها تِبْناً وماءً بارداْ

[وماءً]: كلمة [ماء]، لا يصحّ أن تكون معطوفة على [تبناً]، لأنّ الناقة تُعلَف تبناً، ولا تُعلَف تبناً وماءً، إذ الماء لا يكون علفاً. ولا يصحّ أيضاً أن تكون منصوبةً على المعية، لأنّ المعيّة تقتضي المصاحبة في الزمان، والناقة لا تشرب الماء وتأكل التبن في وقت واحد.

ولقد شغل هذا البيتُ أكابرَ الأئمة، منهم على سبيل المثال: ابن هشام وابن عقيل والجرميّ واليزيديّ والمازني والمبرد وأبو عبيدة والأصمعي والفارسي والفراء... فالتَقَوا في تخريجه وافترقوا، ولكنّ معظمهم على أنّ فِعْل [علفتها] متضمّن معنى [قدّمت لها]، فيصحّ المعنى على ذلك إذ يكون: [قدمتُ لها تبناً وماءً](7).

· كتَب معاوية إلى عليّ كرّم الله وجهه، يحمّله تبعةَ قتْل عثمان. فأجابه عليّ: [ما أنتَ وعثمانُ؟ إنما أنت رجلٌ مِن بني أميّة، وبنو عثمان أَوْلى...].

[ما أنت وعثمان؟]: هاهنا تركيب، ليس فيه فعلٌ قبل الواو، بل فيه قبلها [ما] الاستفهامية. والقاعدة في هذه الحالة، أنّ الاسم الذي يأتي بعد الواو، يجوز فيه الرفعُ والنصبُ: [عثمانُ وعثمانَ]. إذا كان قبل الواو ضمير منفصل، كما رأيت في الشاهد. وأمّا إذا كان قبل الواو ضمير متّصل فيتعيَّن النصب وجوباً(8). ودونك مثالاً تطبيقياً على ذلك، هو قول مِسكين الدارميّ:

فما لك والتَلَدُّدَ حوْلَ نجدٍ وقد غَصَّتْ تِهامةُ بالرِّجالِ

[ما لك والتلدّدَ]: [ما] استفهامية، والواو - كما ترى - مسبوقة بضمير متّصل هو الكاف، وفي هذه الحال يتعيّن النصب وجوباً: [التلدّدَ].

هذا، واستعمال الرفع والنصب بعد [ما] الاستفهامية كثير في كلامهم، نورد مِنه النموذجين التاليين، لمزيد استئناس:

فمِن النصب قول الشاعر:

ما أنتَ والسيْرَ في مَتْلَفٍ (يريد بالمتلف: القفْر)

ومن الرفع قوله:

ما أنت - وَيْبَ أبيك - والفخْرُ (ويب = ويح)



* * *

عودة | فهرس



--------------------------------------------------------------------------------

1- ليس معنى (الفضلة) هنا، أنها يصحّ أن تُطرَح من الكلام!! بل المعنى أنها ليست عمدة في الجملة.

2- كان أحدُ زملاء الدراسة يعرِّف!! المفعول معه شِعراً، على سبيل النكتة، فيقول: [فعلٌ فواوٌ فهُوَهْ].

3- ليس بين الجدار وبين خالد مشاركة، إذ الجدارُ لا يمشي. بل بينهما مصاحبة، ولذا يُنصب على أنه مفعول معه.

4- معنى [طلع القمرُ والنجمُ] طلع القمرُ، وطلع النجمُ أيضاً. ومعنى [طلع القمرُ والنجمَ] طلع القمرُ بصحبة النجم.

5- الوليد - هذا - هو أخو عثمان بن عفان لأمّه. وكان ولاّه على الكوفة، فشرب الخمر، فأُقيم عليه الحدُّ، وتولّى ذلك عليٌّ بيده. يقول لمعاوية: إنما حالك مع مراسلة عليّ، كحال مَن يدبغ الجلدَ، وقد وقعت فيه (الحَلَمَة): وهي دودة تأكل الجلدَ، فإذا دُبِغ وَهَى.

6- علامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

7- لقد أهمّتني القضية، فتساءلت وسألت: ما يمنع أن يكون الشاعر رطَّبَ التبن بالماء ثم علف ناقته إيّاهما معاً، كما يُفْعَل في علف الخيل، وهو شيء أعرفه بالتجربة، فتكون كلمة [ماء] منصوبة على المعية؟ ولكنّ جواب رعاة الإبل في البادية السورية والأردنية والسعودية، جاءني بعد شهور حاسماً يقول: إنّ التبن إذا رُطِّب بالماء كانت له رائحة تعافها الإبل، فإذا علفها رعاتُها، لم يخلطوهما!! وقد أذكرني جوابُهم هذا قولَ أبي نُواس:

تصفُ الطلولَ على السماع بها أفذو العيان كأنت في العِلْمِ؟!

وإذا وصفتَ الشيءَ مُتَّبِعاً لم تخلُ مِن زلَلٍ ومِن وَهْمِ!!

فاللهم عَلِّمنا.

8- كل ما نذكره هاهنا، ينطبق انطباقاً تامّاً على [كيف]،كما ينطبق على [ما]. وتمثِّل كتب الصناعة في العادة لـ [كيف] بمثال لا يتغير، هو قولها: [كيف أنت وقصعةٌ - أو قصعةً - من ثريد]؟
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:55 AM   #9
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

الممنوع من الصرف



الممنوع من الصرف: اسمٌ لا يُنَوَّن نحو: [سافر إبراهيمُ]. وإذا جُرَّ جُرَّ بالفتحة نحو: [مررتُ بمدارسَ جديدةٍ]. غير أنه يُصرَف فيُجَرّ بالكسرة، إنْ عُرِّف بـ[ألـ]، أو تلاه مضاف إليه نحو: [مررت بالمدارسِ] و[مررت بمدارسِ البلدِ].

بعد هذه القاعدة الكلية، دونك الممنوعات من الصرف، وهي:

1- كل علَمٍ مؤنّث حروفه أكثر من ثلاثة (1)، نحو: خديجة وزينب...

فإذا كان ثلاثة أحرف ساكن الوسط عربياً، جاز صرفه ومنعه الصرف، نحو: [سافرت هنْدُ + هندٌ] و[رأيت هندَ + هنداً] و[مررت بهنْدَ + بهندٍ].

تنبيه ذو خطر: إنّ قصْد المتكلم هو الحَكَم - في صرف العَلَم ومنعه الصرف - كلما كان محتمِلاً للتذكير والتأنيث.

[نجاح وصباح] مثلاً، مما يسمى بهما المذكر والمؤنث، ولذلك تصرفهما إن أردت مذكراً فتقول: [جاء نجاحٌ وصباحٌ مسرعَيْن]، وتمنعهما الصرف إن أردت مؤنثاً فتقول: [جاءت نجاحُ وصباحُ مسرعَتَيْن].

وأسماء القبائل، نحو: [تميم وهُذَيْل...] تصرفها إن أردت جَدَّ القبيلة، فتقول مثلاً: [جاء بنو تميمٍ وبنو هذيلٍ]، وتمنعها الصرف إن أردت القبيلة، فتقول: [أقبلتْ تميمُ وهذيلُ].

وكذلك أسماء المواضع والبلدان: نحو [عكاظ]، تصرفها باعتبارها مكاناً فتقول: [مررت بعكاظٍ]، وتمنعها الصرف، باعتبارها بلدةً أو أرضاً، فتقول: [مررت بعكاظَ].

2- كل علَمٍ أعجميّ، حروفه أكثر من ثلاثة، نحو: إبراهيم ويوسف وأنطون...

3- كل علَمٍ مزيدٍ في آخره ألفٌ ونون، نحو: [عدنان] فإنّه من عَدَنَ بالمكان، (إذا أقام به). و[مروان] فإنه من [المرْو] (ضرْبٌ من الحجارة)(2).

4- كل علَمٍ مركب من كلمتين جُعِلَتا كلمةً واحدة، نحو: [بعلبك = بعل، بك]، و[حضرَمَوت = حضر، موت].

5- كل علَمٍ وزنُه مقصورٌ على وزنِ الفعل نحو: [يزيد]، أو مشتَرَكٌ بين الفعل والاسم وسُمِعَ استعماله ممنوعاً من الصرف، نحو: [أحمد](3) .

6- كلمة: [أُخَرُ] جمعاً لـِ [أُخرى] نحو: [سافرت المعلمات ونساءٌ أُخَرُ].

7- /15/علَماً، على وزن: [فُعَل]، ليس في العربية سواها، وأكثرها لا يستعمل اليوم، هي: [عُمَر - مُضَر - قُزَح - جُحَى - زُحَل - زُفَر - بُلَع - هُذَل - هُبَل - ثُعَل - جُشَم - جُمَح - دُلَف - عُصَم - قُثَم].

8- كل اسمٍ(4) مزيدٍ في آخره ألفٌ مقصورة، أو ألفٌ ممدودة:

فالمقصورة، نحو: [تؤلمني ذكرى امرأةٍ حبلى رأتْ جرحى وقتلى](5).

والممدودة، نحو: [زارنا علماءُ عظماءُ، رأوا شعراءَ وأطبّاءَ، معهم أصدقاءُ لهم، يمرّون مِن صحراءَ إلى بيداءَ](6).

9- ماكان من الأسماء وزنُه: [أَفْعَل](7)، سواء كان:

صفةً، نحو: [أحمر وأخضر وأزرق].

أو علَماً، نحو: [أحمد وأسعد وأكرم].

أو اسمَ تفضيل، نحو: [أفضل وأكرم وأحلم].

10- كل اسمٍ وزنُه مفاعل أو مفاعيل(8):

فمن الأول: [مدارس - شواطئ - روائع]. ومن الثاني: [مفاتيح - عصافير - دواوين].

11- وزْن مَفْعَل وفُعال:

وهما وزنان منعتهما العرب من الصرف، واستغنت بهما عن تكرار الأعداد - مِن واحد إلى عشرة - مرّتين، واستعملتهما كما ترى في الأمثلة الآتية:

سافر الناس أُحادَ أو مَوْحَدَ أي: واحداً واحداً.

= = ثُناءَ أو مَثْنَى أي: اثنين اثنين.

= = ثُلاثَ أو مَثْلَثَ أي: ثلاثةً ثلاثةً.

وهكذا... حتى عُشارَ ومَعْشَرَ، أي: عشرةً عشرةً. وقد يكررون فيقولون: مثنى مثنى، وثُلاث ثُلاثَ، إلخ...

* * *

نماذج فصيحة من استعمال الممنوع من الصرف

· قال مجنون ليلى (الديوان /227):

فلو كان واشٍ باليمامة دارُهُ وداري بأعلى حضرموتَ اهتدى ليا

[حضرموتَ]: علَمٌ مركَّبٌ تركيباً مزجيّاً من كلمتين، هما في الأصل: [حضر، موت]، وقد مُنِع من الصرف لذلك، فجُرّ بالفتحة، وهو في البيت مضاف إليه.

· وقال جميل بثينة (الديوان /113):

أبوكَ حُبابٌ سارقُ الضيفِ بردَهُ وجَدِّيَ يا حجّاجُ فارسُ شَمَّرا

[شمّر]: علمٌ، وزنُه [فعَّل]، وهو أحد الأوزان المقصورة على الفِعْل، وقد مُنع من الصرف لذلك، فجُرّ بالفتحة. وهو في البيت مضاف إليه.

· وقال جرير (الديوان /1021):

لم تتلفّع بفضل مئزرها دعدٌ، ولم تُسقَ دعدُ بالعلبِ

[دعْد]: علمٌ عربي مؤنث، ثلاثيّ ساكن الوسط، فيجوز فيه وجهان: صرفُه ومنعُه الصرف. وقد جاء به الشاعر على المنهاج: مرةً مصروفاً: [دعْدٌ]، ومرةً ممنوعاً من الصرف: [دعْدُ].

· ]ونادى نوحٌ ربّه فقال ربِّ إنّ ابني من أهلي[ (هود 11/ 45)

[نوحٌ]: علم أعجميّ منوّن مصروف، وإنما صُرِف وهو أعجميّ، لأنه ثلاثيّ الأحرف. والعلم الأعجميّ إنما يُمنع من الصرف إذا كان زائداً على ثلاثة أحرف.

· قال العباس بن مرداس (الديوان /112):

وما كان حصنٌ ولا حابسٌ يفوقان مِرداسَ في مَجْمَعِ

[مرداسَ]: علمٌ، حقُّه أن يُصرَف فيُقال هنا: [مرداساً]، لأنه في البيت مفعولٌ به. وإنما منعه الشاعرُ من الصرف، فقال: [مرداسَ] خروجاً على القاعدة، لضرورة شعرية كما يقولون. ولو قال: [مرداساً] لانكسر الوزن.

· ]وقال الذي اشتراه من مصرَ لامرأته أكرمي مثواه[ (يوسف 12/21) ومثل ذلك ]وقال ادخلوا مِصرَ إن شاء الله آمنين[ (يوسف 12/99)

[مصرَ]: مُنعت من الصرف في الآيتين، على أنها علمٌ على موضع: مدينةٍ أو بلدةٍ أو محلّةٍ أو منطقةٍ... ولو أريد بها بلدٌ ما، من البلدان، أو مصرٌ ما من الأمصار، أو إقليم ما من الأقاليم، لصُرِفت فقيل: [مِن مِصرٍ] و[ادخلوا مصراً]. ومن هذا أنك تقول: زُرتُ أمصاراً شتى، مصراً بعدَ مصرٍ، فكان أعجب ما شاهدتُ أهرام مصرَ.

· ]إنْ هي إلاّ أسماءٌ سمّيتموها أنتم وآباؤكم ... [ (النجم 53/23)

[أسماءٌ]: اسم مصروف، منوَّن، وذلك أنّ الهمزة في آخره غير زائدة، بل أصلها الواو، أي: [أسماو]. وليس كذلك شأن [كرماء] مثلاً، فإنّ الهمزة فيه زائدةٌ، ولذلك يُمنَع من الصرف فلا ينوّن. وتلخيص المسألة: أنّ ما كانت همزته زائدة نحو: [كرماء وشهداء...] يمنع من الصرف فلا ينوّن. وما كانت همزته غير زائدة، نحو: [أسماء وأعضاء...] والأصل: [أسماو، أعضاو...] يُصرَف فَيُنَوَّن.

· ]ومَن كان مريضاً أو على سفرٍ فعِدّةٌ من أيامٍ أُخَر[ (البقرة 2/185)

[أُخَر]: جمعٌ ممنوع من الصرف مفرده كلمة [أُخرى]. وليس في العربية صفةٌ، وزنها [فُعَل]، ممنوعة من الصرف، غيرها. ولذلك تحفظ وتستعمل كما جاءت. ودونك من ذلك آيةً أخرى:

· ]يوسفُ أيُّها الصدّيقُ أفتِنا في سبع بقرات سمانٍ يأكلهنَّ سبعٌ عجافٌ وسبعِ سنبلاتٍ خُضْرٍ وأُخَرَ يابسات[ (يوسف 12/46)

· قالت فاطمة الزهراء، ترثي أباها رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم:

ماذا على مَن شمَّ تُربةَ أحمدٍ ألاّ يَشمَّ مدى الزمان غواليا(9)

[أحمدٍ]: علمٌ، صُرِف فنُوِّن، لضرورة شعرية، وكان حقُّه أن يُمنَع من الصرف لأن وزنه: [أَفْعَل]، وهو وزنٌ مشترَكٌ بين الفعل والاسم سُمِعت منه أعلام ممنوعة من الصرف، نحو: أسعد وأخطب وأيمن.



* * *



عودة | فهرس



--------------------------------------------------------------------------------

1- لا فرق في ذلك بين مؤنث حقيقي، نحو: [زينب وفاطمة]، ومؤنث لفظي، نحو: [طلحة وحمزة ومعاوية]، وبين عربي، نحو: [سعاد وسميّة]، وأعجميّ، نحو: [جولييت وكلود]. فالمؤنث ممنوع من الصرف، ما عدا نحو: هنْد ودعْد... فيجوز أيضاً صرفه، كما ذكرنا في المتن.

2- إن لم يكن علماً، نحو: عطشان وسكران وجوعان،كنتَ بالخيار: إنْ شئتَ صرفت وإن شئت لم تصرف.

3- وزْن الأعلام: [صالحٍ وسامرٍ وغالبٍ...] مشترك بين العلمية، وفعلِ الأمر: [صالحْ - سامرْ - غالبْ]، ومع ذلك لا تُمنَع هذه الأعلام ونحوُها من الصرف، فلا يقال مثلاً: [رأى صالحُ سامرَ في بيت غالبَ] بل يقال: [رأى صالحٌ سامراً في بيت غالبٍ] إذ لم يُسمع علمٌ وزنه: [فاعل]، مستعملاً ممنوعاً من الصرف.

4- نوجه النظر هنا، إلى ما بين العلم والاسم من فرق، فالعلم هو ما تسمّيك أمُّك به، نحو: خالد وسعيد ومحمد... وأما الاسم فهو ما ليس فعلاً ولا حرفاً، نحو: كتاب وقلم وسماء وأرض وطاولة وتلميذ ومعلم وشجرة وصديق...

5- إنما حكمنا بزيادة المقصورة هاهنا، لأن الأصل: ذكر - حبل - جرح - قتل. وأما نحوُ: [فتىً وعصاً] فليس ممنوعاً من الصرف، إذ الألف فيهما ليست زائدة، فالأصل في الأول [فتي] وفي الثاني [عصو]. يدلُّك على ذلك، قولك في تثنيتهما: [فتيان وعصوان].

6- حكمنا بزيادة الممدودة هاهنا، لأن الأصل: علم - عظم - شعر - طبب - صدق - صحر - بيد. ويحسن التنبيه على أن: [سماء ودعاء وبناء ونحوها...] ليست ممنوعةً من الصرف، إذ الهمزة فيها ليست زائدة، ففي [سماء ودعاء] أصلها الواو، أي: [سمو ودعو]. وفي [بِناء ومَشّاء] أصلها الياء، أي: [بني ومشي].

7- يستثنى من ذلك كلمتا [أربع] و[أرمل] فإنهما تُصْرَفان، فيقال مثلاً: مررت بنساءٍ أربعٍ ورجلٍ أرملٍ.

8- هكذا تقول كتب النحو، وأدقّ من ذلك أن يقال: [كل اسمٍ إيقاع وزنِه مفاعل //5/5 أو مفاعيل //5/55] لكي يدخل في التعريف، ما أوّلُه ميم، نحو: [مدارس وملاعب ومناشير ومسامير...]، وغير الميم، نحو: [شواطئ وروائع وعصافير ودواوين...].

9- الغوالي: جمعُ غالية، وهي أخلاطٌ من الطيب.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:58 AM   #10
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المنادى(1)



المنادى: اسمٌ، يُدعى بواسطة حرف من حروف النداء، نحو: [يا خالد].

وحروف النداء أربعة، هي: [يا، أيا، أيْ، الهمزة](2). فأما الهمزة فينادى بها القريب، وأما الباقيات فينادى بهنّ القريب والبعيد. ويجوز حذفهنّ جميعاً.

أحكام:

¨ قد يُنادَى بـ [يا] ما لا يُنادى، فتُعَدّ أداةَ تنبيه، نحو: [يا ليتني سافرت].

¨ لا يُنادَى الاسمُ المحلّى بـ [ألـ](3)، إلاّ إذا أُتي قبله بإحدى أداتين هما: [أيّها - أيتها]، نحو: [يا أيها الرجل - يا أيتها المرأة]. أو [اسم إشارة]، نحو: [يا هذا الرجل - يا هذه المرأة](4).

¨ الأعلام المحلاّة بـ [ألـ]، نحو: [الحسن، الحسين، الحارث...]، تُحذَف منها [ألـ] عند ندائها، فيقال: [يا حسن، يا حُسَين، يا حارث...]. ولا يستثنى من ذلك إلاّ لفظ الجلالة، فتثبت [ألـ] في أوله، وتُحقَّق همزته، فيقال: [يا أللهُ].


هكذا تنادي العرب، فتقول:

يا أهلَ الدارِ: فتنصب المنادَى، إذا كان بعده مضاف إليه.

ويا قارئاً كتبَ العلم: فتنصبه إذا كان مشتقّاً عاملاً فيما بعدَه.

ويا غافلاً، انتبه: فتنصبه إذا كان المنادِي يدعو كلَّ غافلٍ!! لا غافلاً معيَّناً(5).

وتقول:

يا غافلُ، انتبه: فتضمّ آخره، إذا كان المنادِي يدعو غافلاً معيَّناً دون كل غافل!! فيقصد إليه قصداً !! ويريد إليه إرادةً !! ويوجّه خطابه اليه توجيهاً(6)!!

ويا خالدُ: فتضمّ آخر المنادَى، إذا كان علماً مفرداً.

وتقول:

يا معلّمان: تجعل في آخره ألفَ ونونَ المثنى، إذا نادَت مثنّى.

ويا معلّمون: تجعل في آخره واوَ ونونَ الجمع، إذا نادَت جمعاً.

توابع المنادى(7):

وتعتري هذه التوابعَ أحوالٌ يكون فيها التابع مبنياً مرةً، ومعرباً مرةً، ومنصوباً مرةً، ومرفوعاً حَملاً على اللفظ مرة، ومنصوباً على المحلّ مرة، ومحتملاً للوجهين مرة بعد مرة(8). ويُغني عن كل هذا قاعدة كلية تقول:

قدِّرْ قبل التابع [يا] محذوفة (تصِبْ إنْ شاء الله)(9) ودونك النماذج:

يا خالدُ... ابنَ سعيد(10) = يا خالدُ يا ابنَ سعيدٍ

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا سعدُ... سعدَ العشيرة = يا سعْدُ يا سعدَ العشيرة

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا خالدُ... الفاضلُ = يا خالدُ يا أيّها الفاضلُ

بعد [يا] المحذوفة اسم محلّى بـ [ألـ]، فيضمُّ وتسبقه [أيّها] حُكماً(11).

يا خالدُ و... سعيدُ = يا خالدُ ويا سعيدُ

بعد [يا] المحذوفة علم مفرد، فضمُّه على المنهاج.

يا أبا الحسن... عليُّ = يا أبا الحسن يا عليّ

بعد [يا] المحذوفة علم مفرد، فضمُّه على المنهاج.

يا عليُّ... أبا الحسن = يا عليُّ يا أبا الحسن

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا عليُّ و... أبا سعيد = يا عليُّ ويا أبا سعيد

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا خالدُ... صاحبَ زهير = يا خالدُ يا صاحبَ زهير

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا رجلُ... أبا خليل = يا رجلُ يا أبا خليل

بعد [يا] المحذوفة مضاف، فالنصب على المنهاج.

يا خالدُ... الحسنُ الخلق = يا خالدُ يا أيها الحسنُ الخلق

بعد [يا] المحذوفة اسم محلّى بـ [ألـ]، فيضمُّ وتسبقه [أيّها] حُكماً.

المنادى المختوم بياء المتكلم:

إنْ كان معتلَّ الآخر، وجب فتح الياء - قولاً واحداً - فيقال مثلاً: [يا فتايَ ويا قاضيَّ].

فإن صحّ آخره، جاز في ندائه أن تقول مثلاً: [يا عبادِ - يا عباديَ - يا عباديْ](12). وفي نداء ابن الأمّ (الأخ)(13): [يا ابن أُمِّ - يا ابن أُمَّ - يا ابن أُمِّيْ].



ترخيم المنادى

الترخيم: حذْفُ حرفٍ أو أكثر، من آخر المنادى. وإنما يُرَخَّم شيئان:

· الاسم المختوم بتاء التأنيث مطلقاً، نحو: حمزة وفاطمة، فإذا رخّمتَ قلت: يا حمز ويا فاطم.

· والعلم الزائد على ثلاثة أحرف نحو: جعفر ومالك، فإذا رخّمتَ قلت: يا جعف ويا مال.


ملاحظة: لك أن تحذف من الاسم الذي ترخّمه حرفين، شريطة أن يبقى منه بعد الترخيم ثلاثة أحرف. نحو: [يا منصُور] ثم [يا منصُ].

ويجوز لك في العلم المرخّم وجهان:

- الأول: أن تنطق آخره، كما كنت تنطقه قبل ترخيمه، فتقول في ترخيم [فاطمة ومالِك] مثلاً: [يا فاطمَ ويا مالِ...](14).

- والثاني: أن تضمّ آخره، كما كنت تضمّ آخره قبل ترخيمه، فتقول: [يا فاطمُ ويا جعفُ...](15).

* * *

نماذج فصيحة من استعمال النداء

· ]يا ليت قومي يعلمون[ (يس 36/26)

[يا ليت]: يا - في الأصل - أداة نداء، لكنْ نودِيَ بها في الآية ما لا ينادى، وهو: [ليت حرف مشبَّه بالفعل]، فتُعَدّ في هذه الحال أداةَ تنبيه لا أداة نداء. وتلك مزيّة تمتاز بها [يا] من أدوات النداء الأخرى.

· ومثل ذلك طِبقاً، قولُه تعالى: ]يا ليتني كنت معهم[ (النساء 4/73)

فالاستعمال نفسه، والحُكم هو هو.

· قال ذو الرمة (الديوان 1/559):

ألا يا اْسلمي يا دار مَيّ، على البِلى ولا زال منهلاًّ بجَرعائك القَطْر

[يا اْسلمي]: يا أداة نداء في الأصل، لكنْ لما نودي بها ما لا ينادى، وهو الأمر: [اِسلَمي] عُدَّت أداة تنبيه. وتلك - كما قلنا آنفاً - مزيّة من مزايا [يا]، تنفرد بها.

· قال العباس بن مرداس (الديوان /106):

أبا خُراشةَ أمّا كُنْتَ ذا نفرٍ فإنّ قومي لم تأكلْهُمُ الضَّبُعُ

[أبا]: منادى بأداة نداء محذوفة. ويقول سيبويه عن أدوات النداء، [ويجوز حذفهنّ استغناءً]. وأما نصْب المنادى: [أبا]، فمن أنّ بعده مضافاً إليه هو: [خراشة]، وما كان كذلك، فنصبه على المنهاج.

· ]يوسفُ أعرض عن هذا[ (يوسف 12/29)

في الآية نموذج آخر، من نماذج حذف أداة النداء؛ ومنها على سبيل المثال: ]ربِّ أرني كيف تحيي الموتى[ (البقرة 2/260). وفي الكتاب العزيز نظائر كثيرة من مثله.

· ]يا أيتها النفس المطمئنّة[ (الفجر 89/27)

[النفس]: اسم محلّى بـ [ألـ]، وما يحَلّى من الأسماء بها، إذا نودي أُتي قبله حُكْماً بإحدى أداتين هما: [أيّها للمذكر وأيّتها للمؤنث] أو [اسم إشارة]. وقد سُبقت [النفس] - وهي مؤنث - بـ [أيتها]، فصحَّ نداؤها، على المنهاج.

· ويقال الشيء نفسه، في قوله تعالى: ]يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم[ (الانفطار 82/6)

فالمنادى: [الإنسان]، محلّى بـ [ألـ]، وقد أُتِي قبله بـ [أيّها]، على المنهاج في نداء المذكَّر المحلّى بـ [ألـ]. وفي التنْزيل العزيز كثير من نظائره.

· قال كثيّر عزّة (الديوان /453):

ليتَ التحيّةَ كانت لي فأشكرَها مكانَ يا جملٌ حُيّيتَ يا رَجُلُ

[يا جملٌ]: الأصل هنا ألاّ ينوَّن المنادى، فيقال: [يا جَمَلُ] - بالضمّ - باعتباره منادى مقصوداً إليه دون كل جَمَلٍ آخرَ، بتَّةً. [أي: نكرة مقصودة]. وقد زعمتْ كتب الصناعة، أنّ الضرورة ألجأت الشاعر إلى أن يُنَوِّن هذا المنادى، فنوّنه بالضم!! ولكنّ العينيّ - وهو من أئمة اللغة الأعلام 762 - 855 هـ - قال في شواهده: [نوّنه مضموماً، ويروى بالنصب]، أي يُروى: [يا جملاً].

وإنما أوردنا هذا البيت لنقول: إن كتب الصناعة، تعترف هنا بأن [يا جملٌ] ضرورة، وتصرّح بذلك؛ وإذ قد كان الأمر كذلك، فقد وجب أن يعيبوا هذه الضرورة، لا أنْ يُعْلُوا شأنها فيجعلوها قاعدة، فيقولوا: في الضرورة الشعرية يجوز تنوين المنادى المستحق للبناء، رفعاً ونصباً **!!* فالضرورة الشعرية، إنما هي تعبير عن عجز وقصور، والعجز والقصور لا يُنشِئان قاعدة.

· [
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .