العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الاسلامية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نقد رسالة في جواب شريف بن الطاهر عن عصمة المعصوم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات فى مقال أسرار وخفايا رموز العالم القديم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال آثار غامضة ... هل هي أكاذيب أم بقايا حضارات منسية؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خرافة وهم سبق الرؤية .. ديجا فو (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال هستيريا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال فن التحقيق الجنائي في الجرائم الإلكترونية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مونوتشوا رعب في سماء لوكناو الهندية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: A visitor from the sky (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة فى مقال مستقبل قريب (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 14-08-2009, 09:14 PM   #1
فرحة مسلمة
''خــــــادمة كــــــتاب الله''
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 2,952
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة نسيم الحياة مشاهدة مشاركة
..أثابك الله ..
جزاك الله خيرا أخي او أختي نسيم الحياة على اهتمامك وتصفحك لهذا الموضوع.

تحياتي لك.
__________________








فرحة مسلمة غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 15-08-2009, 08:23 AM   #2
فرحة مسلمة
''خــــــادمة كــــــتاب الله''
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 2,952
إفتراضي

أنس بن مالك


أنس بن مالك بن النَّضر الخزرجي الأنصاري، ولد بالمدينة، وأسلم صغيراً وهو أبو ثُمامة الأنصاري النّجاري، وأبو حمزة كنّاه بهذا الرسـول الكريم وخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد أخذته أمه (أم سليم) الى رسـول الله وعمره يوم ذاك عشر سنين

وقالت: (يا رسـول الله، هذا أنس غلامك يخدمك فادع الله له)... فقبله الرسـول بين عينيه ودعا له: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له، وأدخله الجنة

فعاش تسعا وتسعيـن سنة، ورزق من البنين والحفـدة الكثيريـن كما أعطاه الله فيما أعطاه من الرزق بستانا رحبا ممرعا كان يحمل الفاكهة في العام مرتين، ومات وهو ينتظر الجنة

الأرض
قال ثابت: كنت مع أنس فجاءه قَهْرمانُهُ -القائم بأموره- فقال: (يا أبا حمزة عطشت أرضنا)... فقام أنس فتوضأ وخرج إلى البرية، فصلى ركعتين ثم دَعا فرأيت السحاب يلتئم، ثم أمطرت حتى ملأت كلّ شيءٍ، فلما سكن المطر بعث أنس بعض أهله فقال: (انظر أين بلغت السماء)... فنظر فلم تَعْدُ أرضه إلا يسيرا

البحرين
لمّا استخلف أبو بكر الصديق بعث الى أنس بن مالك ليوجهه الى البحرين على السعاية، فدخل عليه عمر فقال له أبو بكر: (إني أردت أن أبعث هذا الى البحرين وهو فتى شاب)... فقال له عمر: ابعثه فإنه لبيبٌ

الحديث عن الرسول
كان أنس -رضي الله عنه- قليل الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان إذا حدّث يقول حين يفرغ: أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حدّث مرة بحديثٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجلٍ: أنت سمعته من رسول الله؟
فغضب غضباً شديداً وقال: والله ما كلُّ ما نحدِّثكم سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن كان يحدِّث بعضنا بعضاً، ولا نتّهِمُ بعضنا
قال أبو غالب: لم أرَ أحداً كان أضنَّ بكلامه من أنس بن مالك

الرمى
كان أنس بن مالك أحد الرماة المصيبين، ويأمر ولده أن يرموا بين يديه، وربّما رمى معهم فيغلبهم بكثرة إصابته


الصلاة
لقد قدم أنس بن مالك دمشق في عهد معاوية، والوليد بن عبد الملك حين استخلف سنة ست وثمانين، وفي أحد الأيام دخل الزهري عليه في دمشق وهو وحده، فوجده يبكي فقال له: ما يبكيك؟
فقال: (ما أعرف شيئاً مما أدركنا إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضُيّعت) ... بسبب تأخيرها من الولاة عن أول وقتها

الطيب
دخل الرسـول صلى اللـه عليه وسلم على أنس بن مالك فقال عنده (من القيلولة) فعرق، فجاءت أمه بقارورة فجعلت تُسْلِتُ العرقَ فيها، فاستيقظ النبـي صلى الله عليه وسلم بها، فقال: (يا أم سُلَيْم، ما هذا الذي تصنعين؟) ... قالت: هذا عَرَقُك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد قال أنس: ما شممت عنبراً قط ولا مسكاً أطيبَ ولا مسسْتُ شيئاً قط ديباجاً ولا خزّاً ولا حريراً ألين مسّاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم

الغزو
خرج أنس مع النبي صلى الله عليه وسلم الى بدر وهو غلام يخدمه، وقد سأل اسحاق بن عثمان موسى بن أنس: كم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: سبع وعشرون غزوة، ثمان غزوات يغيب فيها الأشهر، وتسع عشرة يغيب فيها الأيام
فقال: كم غزا أنس بن مالك؟
قال: ثمان غزوات

الوَضَح
وكان أنس رضي اللـه عنه ابتلي بالوَضَح، قال أحمد بن صالح العِجْلي: لم يُبْتَلَ أحد من أصحاب رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم إلا رجلين: مُعَيْقيب كان به هذا الداء الجُذام، وأنس بن مالك كان به وَضَحٌ


خدمة الرسول
يقول أنس رضي الله عنه: أخذت أمّي بيدي وانطلقت بي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إنه لم يبقَ رجل ولا امرأة من الأنصار إلا وقد أتحفتْك بتحفة، وإني لا أقدر على ما أتحفك به إلا ابني هذا، فخذه فليخدمك ما بدا لك
فخدمت رسول الله عليه وسلم عشر سنين، فما ضربني ضربةً، ولا سبّني سبَّة، ولا انتهرني، ولا عبسَ في وجهي، فكان أول ما أوصاني به أن قال:يا بُنيّ أكتمْ سرّي تك مؤمناً
فكانت أمي وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألنني عن سِرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أخبرهم به، وما أنا مخبر بسرِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً أبداً

عِلْمه
لمّا مات أنس رضي الله عنه قال مؤرق العجلي: ذهب اليوم نصف العِلْم
فقيل له: (وكيف ذاك يا أبا المُغيرة؟)... قال: كان الرجل من أهل الأهواء إذا خالفنا في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا له: تعالَ الى مَنْ سمعَهُ منه
يعني أنس بن مالك... قال أنس بن مالك لبنيه: يا بنيَّ قَيّدوا العلمَ بالكتاب

فضله
دخل أعرابى على أنس بن مالك رضي اللـه عنه فقال: (رأتْ عيْناك رسـول اللـه صلى الله عليه وسلم؟!)... فقال: (نعم)... فقبّلهما ثم قال: (فمشت رجلاك في حوائج رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم؟!)... فقال: (نعم)... فقبّلهما ثم قال فصببتَ الماء بيديك؟!)... قال: نعم
فقبّلهما ثم قال له أنس: يا ثابت، صببتُ الماءَ بيدي على رسول الله صلى الله عليه وسلم لوضوئه فقال لي :[يا غلام أسْبِغِ الوضوءَ يزدْ في عمرك، وأفشِ السلام تكثر حسناتك، وأكثر من قراءة القرآن تجيءْ يوم القيامة معي كهاتين]... وقال بأصبعيه هكذا السبابة والوسطى


وفاته
توفي رضي الله عنه في البصرة، فكان آخر من مات في البصرة من الصحابة، وكان ذلك على الأرجح سنة (93 هـ) وقد تجاوز المئة ودُفِنَ على فرسخين من البصرة، قال ثابـت البُنانـي: قال لي أنس بن مالك: هذه شعرةٌ من شعر رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم فضعها تحت لساني قال فوضعتها تحت لسانه، فدُفن وهي تحت لسانه)... كما أنه كان عنده عُصَيَّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فمات فدُفنت معه بين جيبه وبين قميصه
وقال أنس بن سيرين: شهدت أنس بن مالك وحضره الموت فجعل يقول: لقِّنُوني لا إله إلا الله، فلم يزل يقولوها حتى قُبِضَ
رضى الله عنه وأرضاه.
__________________








فرحة مسلمة غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 17-08-2009, 07:34 PM   #3
فرحة مسلمة
''خــــــادمة كــــــتاب الله''
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 2,952
إفتراضي

حمزة بن عبد المطلب
أسد الله و سيد الشهداء

كانت مكة تَغِط في نومها ، بعد يوم ملء بالسعي ، و بالكد ، و بالعبادة ، و باللهو..
و القرشيون يتقلبون في مضاجعهم هاجعين … غير واحد هناك يَتَجافى عن المضجع جَنبَاه ، يأوي إلى فراشه مبكراً ، و يستريح ساعات قليلة ، ثم ينهض في شوق عظيم ، لأنه مع الله على موعد ، فَيَعمَد إلى مصلاه في حجرته ، و يظل يناجي ربه و يدعوه .. و كلما استيقظت زوجته إلى أزيز صدره الضارع و ابتهالاته الحارَّة الملِحَّة ، و أخذتها الشفقة عليه ، و دعته أن يرفق بنفسه ، و يأخذ حظه من النوم - يجيبها و دموع عينيه تسابق كلماته :
( لقد انقضى عهد النوم يا خديجة )…!!!
لم يكن أمره قد أرَّق قريش بعد و إن كان قد بدأ يشغل انتباهها ، فلقد كان حديث عهد بدعوته ، و كان يقول كلمته همساً و سراً .
كان الذين آمنوا به يومئذ قليلين جداً ..
و كان هناك من غير المؤمنين به من يحمل له كل الحب و الإجلال ، و يطوي جوانحه على شوق عظيم إلى الإيمان به و السير في قافلته المباركة ، لا يمنعه سوى مُواضعات العرف و البيئة ، و ضغوط التقاليد و الوراثة ، و التردد بين نداء الغروب و نداء الشروق .من هؤلاء كان حمزة بن عبد المطلب .. عم النبي صلى الله عليه و سلَّم و أخوه من الرضاعة
* * *
كان " حمزة " يعرف عظمة ابن أخيه و كماله .. و كان على بينة من حقيقة أمره ، و جوهر خصاله ..فهو لا يعرفه معرفة العم بابن أخيه فحسب .. بل يعرفه معرفة الأخ و الصديق ، ذلك أن الرسول و حمزة من جيل واحد ، و سن متقاربة .. نشأا معاً ، و ولعبا معاً ، و تآخيا معاً ، و سارا معاً على الدرب من أوله خطوة خطوة ..و لئن كان شباب كل منهما قد مضى في طريق فأخذ " حمزة" يزاحم أنداده في نيل طيبات الحياة و إفساح مكان لنفسه بين زعماء مكة و سادات قريش .. بينما عكف " محمد " على أضواء روحه التي انطلقت تنير له طريق الله و على حديث قلبه الذي نأى به من ضوضاء الحياة التأمل العميق ، و إلى التهيؤ إلى مصافحة الحق و تلقِّيه ..
نقول : لئن كان شباب كل منهما قد اتَّخذ وجهة مغايرة ، فإن حمزة لم تغب عن وعيه لحظة من نهار فضائلُ تِربِهِ و ابن أخيه …
تلك الفضائل و المكارم التي كانت تحِلِّ صاحبها مكاناً علياً في أفئدة الناس كافةً ، و ترسم صورة واضحة لمستقبله العظيم .
في صبيحة ذلك اليوم خرج " حمزة " كعادته . و عند الكعبة وجد نفراً من أشراف قريش و سادتها فجلس معهم ، يستمع لما يقولون .. كانوا يتحدثون عن" محمد " ..و لأول مرَّة رآهم " حمزة " يستحوذ عليهم القلق من دعوة ابن أخيه و تظهر في أحاديثهم عنه نبرة الحقد ، و الغيظ ، و المرارة . لقد كانوا من قبل لا يبالون ، أو هم يتظاهرون بعدم المبالاة و الاكتراث . أما اليوم فوجوههم تموج موجاً بالقلق ، و الهم ، والرغبة في الافتراس ..و ضحك " حمزة " من أحاديثهم طويلاً .. و رماهم بالمبالغة ، و سوء التقدير .. و عقَّب أبو جهل مؤكداً لجلسائه أن " حمزة " أكثر الناس علماً بخطر ما يدعو إليه " محمد " و لكنه يريد أن يهون من الأمر حتى تنام قريش ثم تصبح يوماً و قد ساء صباحها ، و ظهر أمر ابن أخيه عليها ..و مضوا في حديثهم يزمجرون و يتوعدون ..و " حمزة " يبتسم تارة ، و يمتعض تارة أخرى ، و حين انفضَّ الجمع و ذهب كل إلى سبيله ، كان " حمزة " مثقل الرأس بأفكار جديدة ،وخواطر جديدة .راح يستقبل بها أمر ابن أخيه ،ويناقشه مع نفسه من جديد !!!
* * * *
ومضت الأيام ،ينادي بعضها بعضاً و مع كل يوم تزداد همهمة قريش حول دعوة الرسول .. ثم تتحول الهمهمة إلى تحرُّش و " حمزة " يرقب الموقف من بعيد .. إن ثبات ابن أخيه ليَبهَرُه … و إن تفانيه في سبيل إيمانه و دعوته لَهُوَ شيء جديد على قريش كلها رغم ما عرُِفت به من تفانٍ و صمود ..!!
و لو استطاع الشك يومئذ أن يخدع أحداً عن نفسه في صدق الرسول و عظمة سجاياه فما كان هذا الشك بقادر على أن يجد إلى وعي "حمزة"منفذاً أو سبيلاً..
فحمزة خير من يعرف محمداً من طفولته الباكرة ..إلى شبابه الطاهر ..إلى رجولته الأمينة السامقة..
إنه يعرفه كما يعرف نفسه ، بل أكثر مما يعرف نفسه . و منذ جاءا إلى الحياة معاً .. و ترعرعا معاً .. و بلغا أشُدَّهما معاً.. وحياة محمد كلها نقية كأشعة الشمس ..!! لا يذكر حمزة شبهة واحدة ألَمَّت بهذه الحياة .. لا يذكر أنه رآه يوماً غاضباً ، أو قانطاً ، أو طامعاً ، أو لاهياً ،أو مهزوزاً ..
و " حمزة " لم يكن يتمتع بقوة الجسم فحسب ، بل و برجاحة العقل ، و قوة الإرادة أيضاً ..
و من ثم لم يكن من الطبيعي أن يتخلَّف عن متابعة لإنسان يعرف فيه كل الصدق و كل الأمانة .. و هكذا طوى صدره إلى حين على أمر سيتكَشَّف في يوم قريب ..
* * *
و جاء اليوم الوعود ..
و خرج " حمزة " من داره ، متوشحاً قوسه ، ميمماً شطر الفلاة ليمارس هوايته المحببة ، و رياضته الأثيرة – الصيد .. و كان صاحب مهارة فائقة فيه..
و قضى هناك بعض يومه .. و لما عاد من قَنَصِه ، ذهب كعادته إلى الكعبة ليطوف بها قبل أن يَقفِل راجعاً إلى داره .
و قريباً من الكعبة لقيته خادمة لعبد الله بن جدعان …
و لم تكد تبصره حتى قالت له :
[ يا أبا عمارة .. لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفاً ، من أبي الحكم بن هشام .. وَجَدَهُ هناك جالساً ، فآذاه و سبَّه ، و بلغ منه ما يكره ]..
و مضت تشرح له ما صنع أبو جهل برسول الله ..
و استمع حمزة جيداً لقولها ، ثم أطرق لحظة ، ثم مدَّ يده إلى قوسه فَثَبَّتها فوق كتفه ..ثم انطلق في خطى سريعة حازمة صوب الكعبة ، راجياً أن يلتقي عندها بأبي جهل .. فإن هو لم يجده هناك ، فسيتابع البحث عنه في كل مكان حتى يلاقيه ..
و لكنه لا يكاد يبلغ الكعبة ، حتى يبصر أبا جهل في فنائها يتوسطه نفراً من سادة قريش ..و في هدوء رهيب ، تقدَّم " حمزة " من أبي جهل ، ثم استل سيفه و هوى بها على رأس أبي جهل فَشَجَّهُ و أدماه ، و قبل أن يفيق الجالسون من الدهشة صاح حمزة في أبي جهل :
[ أتشتم محمدأً ، و أنا على دينه أقول ما يقول..؟! ألا فَرُدَّ ذلك عليَّ إن استطعت ].. و في لحظة نسي الجالسون جميعاً الإهانة التي نزلت بزعيمهم أبي جهل و الدم الذي ينزف من رأسه و شغلتهم تلك الكلمة التي حاقت بهم كالصاعقة .. الكلمة التي أعلن بها " حمزة " أنه على دين محمد يرى ما يراه ، و يقول ما يقوله ..
__________________








فرحة مسلمة غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 17-08-2009, 07:38 PM   #4
فرحة مسلمة
''خــــــادمة كــــــتاب الله''
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 2,952
إفتراضي

تابع
أحمزة يسلم ..؟؟
أعز فتيان قريش و أقواهم شكيمة ..؟؟
إنها الطامَّة التي لن تملك قريش لها دفعاً .. فإسلام حمزة سيغري كثيرين من الصفوة بالإسلام ، و سيجد " محمد " حوله من القوة و البأس ما يعزز دعوته و يشد أزره ، و تصحو قريش ذات يوم على هدير المعاول تحطِّم أصنامها و آلهتها ..!!
أجل .. أسلم حمزة ، و أعلن على الملأ الأمر الذي كان يطوي عليه صدره ، و ترك الجمع الذاهل يَجتَّرُ خيبة أمله ، و أبا جهل يلعق دماءه النازفة من رأسه المشجوج .. و مدَّ " حمزة " يمينه مرَّة أخرى إلى قوسه فَثَّبتها فوق كتفه ، و استقبل الطريق إلى داره في خطواته الثابتة ، و بأسه الشديد..!
* * *
كان حمزة يحمل عقلاً نافذاً ، و ضميراً مستقيماً..
و حين عاد إلى بيته ، و نضا عنه متاعب يومه، جلس يفكِّر ، و يدير خواطره على هذا الذي حدث من قريب ..
كيف أعلن إسلامه .. و متى ..؟؟
لقد أعلنه في لحظةٍ من لحظات الحَميَّة ، و الغضب ، و الانفعال ..
لقد ساءه أن يساء ابن أخيه ، و يظلم دون أن يجد له ناصراً ، فغضب له ، و أخذته الحميَّة لشرف بني هاشم ، فشَجَّ رأس أبي جهل و صرخ في وجهه بإسلامه ..
و لكن ، هل هذا هو الطريق الأمثل لكي يغادر الإنسان دين آبائه و قومه.. دين الدهور و العصور .. ثم يستقبل ديناً جديداً لم يختبر بعد تعاليمه ، و لا يعرف عن حقيقته إلا قليلاً .
صحيح أنه لا يشكُّ لحظة في صدق " محمَّد" و نزاهة قصده ..و لكن أيمكن أن يستقبل امرؤٌ ديناً جديداً ، بكل ما يفرضه من مسؤوليات و تبعات ، في لحظة غضب ، مثلما صنع " حمزة " الآن ..؟؟
لقد كان يطوي صدره على احترام هذه الدعوة الجديدة التي يحمل ابن أخيه لواءها..
و لكن ، إذا كان مقدوراً له أن يكون أحد أتباع هذه الدعوة ، المؤمنين بها ، و الذائدين عنها .. فما الوقت المناسب للدخول في هذا الدين ..؟
لحظة غضب و حميَّة ..؟ أم أوقات تفكير و روية ..؟؟
و هكذا فرضت عليه استقامة ضميره ، و نزاهة تفكيره أن يُخضِع المسألة كلَّها من جديد لتفكير صارم و دقيق..
و شرع يفكِّر .. و قضى أياماً ، لا يهدأ له فيها خاطر .. و ليالي لا يرقأُ له فيها جفن ..
و حين ننشد الحقيقة بواسطة العقل ، يفرض الشك نفسه كوسيلة إلى المعرفة ..
و هكذا ، لم يكد " حمزة " يستعمل عقله في بحث قضية الإسلام ، و يوازن بين الدين القديم ، و الدين الجديد ، حتى ثارت في نفسه شكوك أزجاها الحنين الفطري الموروث إلى دين آبائه ..و التهيب الموروث إلى دين آبائه .. التهيب الفطري الموروث من كل جديد..
و استيقظت كل ذكرياته عن الكعبة ، و آلهتها ، و أصنامها .. و عن الأمجاد الدينية التي أفاءتها هذه الآلهة المنحوتة على قريش كلِّها، و على مكة بأسرها ..
و بدا الانسلاخ من هذا التاريخ كله .. و هذا الدين العريق .. هوَّة تتعاظم مُجتازَها ..
و عجب " حمزة " كيف يتسنَّى لإنسان أن يغادر دين آبائه بهذه السهولة و هذه السرعة .. و ندم على ما فعل .. و لكنه واصل رحلة العقل .. و لما رأى أن العقل وحده لا يكفي لجأ إلى الغيب بكل إخلاصه و صدقه ..
و عند الكعبة ، كان يستقبل السماء ضارعاً ، مبتهلاً ، مستنجدا بكل ما في الكون من قدرة و نور ، كي يهتدي إلى الحق و إلى الطريق المستقيم ..
و لنصغ إليه و هو يروي بقية النبأ فيقول :
[ .. ثم أدركني الندم على فراق دين آبائي و قومي ..و بتُّ من الشك في أمر عظيم لا أكتحل بنوم ..
" ثم أتيت الكعبة ،وتضرَّعت إلى الله أن يشرح صدري للحق ، و يُذهبَ عني الريب ..فاستجاب الله لي و ملأ قلبي يقيناً..
" و غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته بما كان من أمري ، فدعا الله أن يثبت قلبي على دينه…]
و هكذا أسلم " حمزة " إسلام اليقين..
* * *
أعزَّ الله الإسلام بحمزة …و وقف شامخاً قوياً يذود عن رسول الله و عن المستضعفين من أصحابه..
و رآه أبو جهل يقف في صفوف المسلمين ، فأدرك أنها الحرب لا محالة ، و راح يحرض قريشً على إنزال الأذى بالرسول و صحبه ، و مضى يهيئ لحرب أهلية يشفي من خلالها مغايظه و أحقاده..
و لم يستطع حمزة - طبعاً- أن يمنع كل الأذى .. و لكن إسلامه مع ذلك كان وقاية و درعاً .. كما كان إغراء ناجحاً لكثير من القبائل التي قادها إسلام حمزة أولاً ، ثم إسلام عمر بن الخطاب بعد ذلك إلى الإسلام فدخلت فيه أفواجاً ..!!
و منذ أسلم " حمزة " نَذَرَ كل عافيته ، و بأسه ، و حيلته، لله و لدينه حتى خلع النبي عليه هذا اللقب العظيم:
[أسد الله ، و أسد رسوله]…
و أول سرية خرج فيها المسلمون للقاء عدو، كان أميرها " حمزة " …
و أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه و سلم لأحد من المسلمين ، كانت لحمزة..
و يوم التقى الجمعان في غزوة " بدر " ، كان أسد الله و أسد رسوله هناك يصنع الأعاجيب…!!
* * *
و عادت فلول قريش من بدر إلى مكة تتعثَّر في هزيمتها و خيبتها .. و رجع أبو سفيان مخلوع القلب ، مطأطئ الرأس ، وقد خلف على أرض المعركة جثث سادة قريش ، من أمثال أبي جهل .. و عتبة بن ربيعة ..وشيبة بن ربيعة .. وأمية بن خلف .وعقبة بن أبي معيط ..والأسود بن عبد الأسد المخزومي ..والوليد بن عتبة ..والعاص بن سعيد .. والنصر بت الحارث .. والعاص بن سعيد .. وطعمة بن عدي ..وعشرات مثلهم من رجال قريش و صناديدها .
وما كانت قريش لتتجرع هذه الهزيمة المنكرة في سلام ..فراحت تعد عدتها ،وتحشد بأسها ويأسها ،لتثأر لنفسها ولشرفها ولقتلاها .. وصممت قريش على الحرب
* * *
وجاءت غزوة " أحد"حيث خرجت قريش على بكرة أبيها ، ومعها حلفاؤها من قبائل العرب ، بقيادة أبي سفيان مرة أخرى وكان زعماء قريش يهدفون بمعركتهم الجديدة هذه
إلى رجلين اثنين : الرسول عليه صلاة الله وسلامه .. وحمزة رضي الله عنه وأرضاه ..
أجل… والذي كان يسمع أحاديثهم ومؤامراتهم قبل الخروج للحرب ، يرى كيف كان "حمزة" بعد الرسول بيت القصيد وهدف المعركة .. ولقد اختاروا قبل الخروج ، الرجل الذي وكلوا إليه أمر حمزة ،وهو عبد حبشي ، كان ذا مهارة خارقة في قذف الحربة..
جعلوا كل دوره في المعركة أن يتصَّيد " حمزة " ويصوِّب إليه ضربة قاتلة من رمحه ،
وحذروه من أن ينشغل عن هذه الغاية بشيء آخر ، مهما يكن مصير المعركة واتجاه القتال
ووعدوه بثمن غالٍ وعظيم ـ هو : حريته ..فقد كان الرجل واسمه " وحشي " عبداً لجبير بن مطعم .. وكان عم جبير قد لقي مصرعه يوم بدر فقال له جبير :
[ اخرج مع الناس وإن أنت قتلت حمزة فأنت عتيق ] …!
ثم أحالوه إلى " هند بنت عتبة " زوجة أبي سفيان لتزيده تحريضاً و دفعاً إلى الهدف الذي يريدون ..
و كانت هند قد فقدت في معركة بدر أباها ، و عمها ، و أخاها ،و ابنها ..و قيل لها إن " حمزة " هو الذي قتل بعض هؤلاء ,و أجهز على البعض الآخر ..
من أجل هذا كانت أكثر القرشيين و القرشيات تحريضاً على الخروج للحرب ، لا لشيء إلا لتظفر برأس حمزة مهما يكن الثمن الذي تتطلبه المغامرة ..!!و لقد لبثت أياماً قبل الخروج للحرب ، ولا عمل لها إلا إفراغ كل حقدها في صدر " وحشي " و رسم الدور الذي عليه أن يقوم به .. و لقد وعدته إن هو نجح في قتل حمزة بأثمن ما تملكه المرأة من متاع و زينة- فلقد أمسكت بأناملها الحاقدة قرطها اللؤلؤي الثمين و قلائدها الذهبية التي تزدحم حول عنقها ، ثم قالت و عيناها تحدقان في وحشي : [ كل هذا لك إن قتلت حمزة ] …‍‍‍‍‍‍ و سال لعاب وحشي .. و طارت خواطره تواقة مشتاقة إلى المعركة التي سيربح فيها حريته ، فلا يصير بعد عبداً أو رقيقاً ، و التي سيخرج منها بكل هذا الحلي الذي يزين عنق زعيمة نساء قريش ، و زوجة زعيمها و ابنة سيدها ..‍‍‍‍‍‍
كانت المؤامرة إذن ..و كانت الحرب كلُّها تريد " حمزة " رضي الله عنه بشكل واضح و حاسم .
* * *
__________________








فرحة مسلمة غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 17-08-2009, 07:40 PM   #5
فرحة مسلمة
''خــــــادمة كــــــتاب الله''
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 2,952
إفتراضي

تابع
و جاءت غزوة أحد …
و التقى الجيشان .. و توسط " حمزة " أرض الموت و القتال ، مرتدياً لباس الحرب .. و على صدره ريشة النعام التي تعود أن يزين بها صدره في القتال …و راح يصول و يجول ، لا يريد رأساً ، إلا قطعه بسيفه ، و مضى يضرب في المشركين ، و كأن المنايا طوع أمره ، يقذف بها من يشاء فتصيبه في صميمه ..‍‍وصال المسلمون جميعاً حتى قاربوا النصر الحاسم و حتى أخذت فلول قريش تنسحب مذعورة هاربة ..و لولا أن ترك الرماة مكانهم فوق الجبل و نزلوا إلى أرض المعركة ليجمعوا غنائم العدو المهزوم .. لولا تركهم مكانهم و فتحهم الثغرة الواسعة لفرسان قريش لكانت غزوة أحد مقبرة لقريش كلَّها : رجالها ..و نسائها ..بل و خيلها ..و إبلها ..
لقد دهم فرسانها المسلمين من ورائهم على حين غفلة ، و أعملوا فيهم الظامئة المجنونة .. وراح المسلمون يجمعون أنفسهم من جديد ، و يحملون سلاحهم الذي كان بعضهم قد
و ضعه حين رأى جيش قريش ينسحب و يولي الأدبار .. و لكن المفاجأة كانت قاسية و عنيفة .و رأى " حمزة " ما حدث فضاعف قوته و نشاطه و بلاءه ..و أخذ يضرب عن يمينه و شماله …و بين يديه و من خلفه … و " وحشي " هناك يرقبه ، و يتحين الفرصة الغادرة ليوجه نحوه ضربته .. و لندع " وحشياً " يصف لنا المشهد بكلماته :
[…و كنت رجلاً حبشياً ، أقذف بالحربة قذف الحبشة ، فقلما أخطئ بها شيئاً …فلما التقى الناس خرجت أنظر " حمزة " وأتَبَصَّرُه حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورَق .. يَهُدُّ الناس َ بسيفه هَدّاً ، ما يقف أمامه شيء .. "فوالله إني لأَتَهَيَّأ له – أريده ، وأستتر منه بشجرة لِأَتَقَحَّمَهُ أو لِيدنو مني ، إذ تقدَّمني إليه "سباع بن عبد العزَّى ".فلما رآه
حمزة صاح به : هلُمَّ إليَّ يا ابن مقطِّعَة البظور . ثم ضربه ضربة فما أخطأ رأسه…
" عندئذ هززت حربتي ، حتى إذا رضيت منها دفعتها فوقعت في ثنَّتِه حتى خرجت من بين رجليه .. ونهض نحوي ، فغُلِب على أمره ثم مات …
" وآتيته فأخذت حربتي ، ثم رجعت إلى المعسكر فقعدت فيه ، إذ لم يكن لي فيه حاجة –فقد قتلته لأُعتَق ..] ولا بأس في أن ندع " وحشياً يكمل حديثه:[ فلما قدمت مكة أُعتقت ، ثم أقمت بها حتى دخلها رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم الفتح فهربت إلى الطائف .." فلما خرج وفدٌ من الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ليُسلم تعيَّت عليَّ المذاهب . وقلت : ألحَق بالشام ، أو اليمن ، أو سواها …
" فوالله إني لفي ذلك من همي إذ قال لي رجل : ويحك … إن رسول الله ، واللهِ لا يقتل أحداً من الناس يدخل دينه … " فخرجت حتى قدمت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة فلم يرني إلا قائماً أمامه أشهد شهادة الحق . فلما رآني قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أوحشيٌّ قلت : نعم يا رسول الله .. قال: فحدِّثني كيف قتلت حمزة ، فحدثته … فلما فرغت من حديثي قال : ويحك .. غيِّب عني وجهك .. فكنتُ أتنكَّب طريق رسول الله صلى الله عليه و سلم حيث كان ؛ لئلا يراني حتى قبضه الله إليه .. " فلما خرج المسلمون إلى مسيلمة الكذَّاب صاحب اليمامة خرجت معه و أخذت حربتي التي قتلت بها حمزة … فلما التقى الناس رأيت مسيلمة الكذَّاب قائماً بيده السيف ، فتهيَّأت له ، وهززت حربتي ، حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت فيه …
" فإن كنت قد قتلتُ بحربتي هذه خير الناس وهو حمزة … فإني لأرجو أن يغفر الله لي إذ قتلت بها شرَّ الناس مسيلمة "
* * *
هكذا سقط أسد الله وأسد رسوله، شهيداً مجيداً…‍‍
وكما كانت حياته مُدَوِّيةً ، كانت موتته مُدَوِّيةً كذلك ..
فلم يكتف أعداؤه بمقتله .. وكيف يكتفون أو يقنعون ، وهم الذين جنَّدوا كل أموال قريش وكل رجالها في هذه المعركة التي لم يريدوا بها سوى الرسول وعمه حمزة …
لقد أمرت "هند بنت عتبة " زوجة أبي سفيان .. أمرت وحشيَّاً أن يأتيها بكبد حمزة ..واستجاب الحبشيُ لهذه الرغبة المسعورة .. وعندما عاد بها إلى هند كان يناولها الكبد بيمناه ، ويتلقى منها قرطها و قلائدها بيسراه ، مكافأة له على إنجاز مهمته ..
ومضغت هند بنت عتبة الذي صرعه المسلمون ببدر ، وزوجة أبي سفيان قائد جيش الشرك والوثنية .. مضغت كبد حمزة ، راجيةً أن تشفي تلك الحماقة حقدها وغلَّها ، ولكن الكبد استعصت على أنيابها ، وأعجزتها أن تُسيغَها ، فأخرجتها من فمها ، ثم علت صخرةً مرتفعة ، و راحت تصرخ قائلة :

نحنُ جَزينـــــاكم بيوم بَدرِ
والحربُ بعد الحربِ ذات سُعرِ
ما كان عن عُتبةَ لي من صبر
ولا أخي ، وعمِّه ، وَبكري
شَفَيتُ نفسي وقَضَيتُ نَذري
أزاح وَحشيُّ غَليلَ صدري

وانتهت المعركة ، وامتطى المشركون إبلهم ، وساقوا خيلهم قافلين إلى مكة .. ونزل رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه معه إلى أرض المعركة لينظر شهداءها ..وهناك في بطن الوادي ، وإذ هو يتفحّص وجوه أصحابه الذين باعوا لله أنفسهم ،
وقدَّموها قرابين مبرورة لربهم الكبير ، وقف فجأة …ونظر ، فوجم ..وضغط على أسنانه ..وأسبل جفنيه..فما كان يتصور قط أن يهبط الخلق العربي إلى هذه الوحشية البشعة .فيُمَثلَ بجثمان ميت على الصورة التي رأى فيها جثمان عمه الشهيد المجيد " حمزة بن عبد المطلب " أسد الله ..وسيد الشهداء ..وفتح الرسول عينيه التي تألق بريقهما كوَمضِ القدَر
وقال وعيناه على جثمان عمه :[لن أُصابَ بمثلك أبداً.. وما وقفتُ موقفاً قط أغيظ إلي من مَوقِفي هذا..] ثم التفت إلى أصحابه وقال :
[لولا أن تحزن صفيَّة- أخت حمزة – ويكون سُنَّة من بعدي ، لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير .. ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن ، لاُمَثِّلنَّ بثلاثين رجلاً منهم..] فصاح أصحاب الرسول :
[ واللهِ، لئن أظفرنا اللهُ بهم يوماً من الدهر ، لَنُمَثِّلنَّ بهم ، مُثلًةً لم يُمثِّلها أحدٌ من العرب ..‍]ولكن الله الذي أكرم " حمزة " بالشهادة ، يكرمه مرة أخرى بأن يجعل من مصرعه فرصة لدرس عظيم يحمي العدالة إلى الأبد ، ويجعل الرحمة حتى في العقوبة والقصاص واجباً وفرضاً ..
وهكذا لم يكد رسول الله صلى الله عليه و سلم يفرغ من إلقاء وعيده السالف حتى جاءه الوحي وهو في مكانه لم يبرحه بهذه الآيات الكريمة :
[ ادعُ إلى سبيل ربِّك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وجَادِلهم بالتي هي أَحسن ، إنَّ رَبَّك هو أعلمُ بِمَن ضَلَّ عن سبيله ، وهو أعلَمُ بالمهتدين ..
وإن عَاقَبتُم فعَاقِبوا بِمِثلِ ما عُوقبتُم به ، ولئن صَبَرتُم لَهُوَ خيرٌ للصابرين ..
وَاصبِر ، وما صبرُك إلا بالله ، ولا تحزن عليهم ، ولا تكُ في ضيق مِمَّا يمكرون ..
إنَّ الله مع الذين اتقَوا ، والذين هُم مُحسِنون ..]
وكان نزول هذه الآيات ، في هذا الموطن ، خير تكريم لحمزة الذي وقع أجره على الله..
* * *
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يحبه أعظم الحب ، فهو كما ذكرنا من قبل لم يكن عمَّه الحبيب فحسب ..
بل كان أخاه من الرضاعة …
وتِربَه في الطفولة …
وصديق العمر كله …
وفي لحظات الوداع هذه ،لم يجد رسول الله صلى الله عليه و سلم تحيَّةً يودعه بها خيراً من أن يصلِّي عليه بعدد شهداء المعركة جميعاً ..
وهكذا حمل جثمان " حمزة " إلى مكان الصلاة على أرض المعركة التي شهدت بلاءَه ، واحتضنت دماءه ..فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه ، ثم جيء بشهيد آخر ،فصلى عليه الرسول ..ثم رُفع وَتُرِك حمزة مكانه ، وجيء بشهيد ثالث فوضع إلى جوار حمزة وصلى عليهما الرسول … وهكذا جيء بالشهداء … شهيد بعد شهيد …و رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي على كل منهم وعلى حمزة معه حتى صلى على عمِّه يومئذ سبعين صلاة…
* * *
__________________








فرحة مسلمة غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 17-08-2009, 07:43 PM   #6
فرحة مسلمة
''خــــــادمة كــــــتاب الله''
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 2,952
إفتراضي

تابع
وينصرف الرسول من المعركة إلى بيته، فيسمع في طريقه نساء بني عبد الأشهَل يَبكين شهداءَ هُن ، فيقول عليه الصلاة والسلام من فَرط حنانه وحُبِّه :
[ لكنَّ حمزة لا بَوَاكيَ لهُ ]..‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ويسمعها "سعد بن معاذ " فيظنُّ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم يطيب نفساً إذا بكت النساء عمَّه ،فيسرع إلى نساء بني الأشهل ويأمُرًهُنَّ أن يبكين حمزة ، فيفعَلن .. ولا يكاد الرسول يسمع بكاءَ هنّ حتى يخرج إليهن ، ويقول :
[ ما إلى هذا قَصَدت، ارجِعنَ يرحمكن الله، فلا بُكَاءَ بعد اليوم ] ..
ولقد ذهب أصحاب الرسول يتبارون في رثاء "حمزة" وتمجيد مناقبه العظمى ..فقال حسَّان بن ثابت في قصيدة طويلة له :

دَع عنك داراً قد عفا رَسمُها
وَابكِ على حمزة ذي النائل
اللاَّبس الخيل إذا أحجمَت
كَاللَّيث في غابته ، الباسِل
أبيضُ في الذروة من هاشــم
لم يَمرِ دون الحق بالباطِل
مالَ شهيداً بينَ أسيــافكـم
شُلَّت يدا وَحشِيّ مِن قاتل
* * *
وقال عبد الله بن رواحة :
بكَت عيني وحقَّ لها بُكاها
وما يُغني البكاء ولا العويل
عَلى أسَدِ الإله غَداةَ قالوا :
أحمزةُ ذا كُم الرجُل القتيل
أُصيبَ المسلمون به جميعاً
هناك وقد أُصيبَ به الرسول
أبا يَعلى ، لكَ الأركان هُدَّت
وأنت الماجدُ البَرُّ الوصـول
* * *
وقالت صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم وأخت حمزة :
دعاهُ إلهُ الحقِّ ذو العرش دعوةً
إلى جنة يحيا بها ، وسرور
فذلك ما كُنَّا نُرجِّي ونرتجي
لحمزةَ يومَ الحشرِ خيرَ مصير
فواللهِ لا أنسَاك ما هبَّتِ الصَّبـا
بكاءَ وحزناَ ،مَحضري وَمَسيري
على أسدِ اللهِ الذي كان مِدرَهاً
يذودُ عن الإسلام كلَّ كَفُور
أقولُ وقد أعلَى النَّعِيُّ عشيرتـي
جزى اللهُ خيراً من أخ ونَصِير

على أنَّ خير رثاء عطَّر ذكراه كانت كلمات الرسول له حين وقف على جثمانه ساعة رآه بين شهداء المعركة وقال :
[ رحمةُ اللهِ عليك ، فإنك كنت – ما عَلِمتُ – وَصُولاً للرحم ، فَعُولاً للخيرات ] ..
* * *
لقد كان مصاب رسول الله صلى الله عليه و سلم في عمه العظيم فادحاَ …وكان العزاء فيه مهمة صعبة …بَيدَ أن الأقدار كانت تدَّخر لرسول الله أجمل عزاء .
ففي طريقه من "أحد " إلى داره مرَّ عليه الصلاة والسلام بسيدة من بني دينار استشهد في المعركة أبوها ، وزوجها ، وأخوها …وحين أبصرت المسلمين العائدين من الغزو ، سارعت نحوهم تسألهم عن أنباء المعركة … فنعوا إليها الزوج ..والأب ..والأخ ..
وإذا بها تسألهم في لهفة :[ وماذا فعل رسول الله ] ..؟؟
قالوا :[ خيراً …هو بحمد الله كما تحبين ] …‍‍‍‍
قالت :[ أَرونيه ، حتى أنظُرَ إليه ] ..‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍
ولبثوا بجوارها حتى اقترب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فلما رأته أقبلت نحوه تقول :
[ كلُّ مصيبة بعدك ، أمرها يهون ] …
* * *
أجل …
لقد كان هذا أجمل عزاء وأبقاه …
ولعل رسول الله صلى الله عليه و سلم قد ابتسم لهذا المشهد الفذ الفريد ،فليس في دنيا البذل ، والولاء ، والفداء لهذا نظير …
سيدة ..ضعيفة، مسكينة ، تفقد في ساعة واحدة أباها ، وزوجها ، وأخاها … ثم يكون ردُّها على الناعي لحظة سماعها النبأ الذي يهدُّ الجبال :[ وماذا فعل رسول الله ]…؟؟؟
لقد كان مشهداً أجاد القدر رسمه وتوقيته ليجعل منه للرسول الكريم صلى الله عليه وسلَّم عزاءً أيَّ عزاء …. في أسد الله ، وسيد الشهداء ….






__________________








فرحة مسلمة غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 18-08-2009, 08:24 AM   #7
فرحة مسلمة
''خــــــادمة كــــــتاب الله''
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 2,952
إفتراضي

خالد بن الوليد
خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي، أبو سليمان، أحد أشراف قريش في الجاهلية وكان إليه القبّة وأعنّة الخيل، أمّا القبة فكانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش وأما الأعنة فإنه كان يكون المقدّم على خيول قريش في الحرب... كان إسلامه في شهر صفر سنة ثمان من الهجرة، حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك إلا إلى الخير).
قصة إسلامه
وتعود قصة اسلام خالد الى ما بعد معاهدة الحديبية حيث أسلم أخوه الوليد بن الوليد، ودخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مكة في عمرة القضاء فسأل الوليد عن أخيه خالد، فقال: (أين خالد؟)... فقال الوليد: (يأتي به الله).
فقال النبي: -صلى الله عليه وسلم-: (ما مثله يجهل الاسلام، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرا له، ولقدمناه على غيره)... فخرج الوليد يبحث عن أخيه فلم يجده، فترك له رسالة قال فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد... فأني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الاسلام وعقلك عقلك، ومثل الاسلام يجهله أحد؟!... وقد سألني عنك رسول الله، فقال أين خالد - وذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه - ثم قال له: فاستدرك يا أخي ما فاتك فيه، فقد فاتتك مواطن صالحة) .
وقد كان خالد -رضي اللـه عنه- يفكر في الاسلام، فلما قرأ رسالة أخيـه سر بها سرورا كبيرا، وأعجبه مقالة النبـي -صلى اللـه عليه وسلم-فيه، فتشجع و أسلـم...
الحلم
ورأى خالد في منامه كأنه في بلادٍ ضيّقة جديبة، فخرج إلى بلد أخضر واسع، فقال في نفسه: (إن هذه لرؤيا)... فلمّا قدم المدينة ذكرها لأبي بكر الصديق فقال له: (هو مخرجُكَ الذي هداك الله للإسلام، والضيقُ الذي كنتَ فيه من الشرك).
الرحلة
يقول خالد عن رحلته من مكة الى المدينة: (وددت لو أجد من أصاحب، فلقيت عثمان بن طلحة فذكرت له الذي أريد فأسرع الإجابة، وخرجنا جميعا فأدلجنا سحرا، فلما كنا بالسهل إذا عمرو بن العاص، فقال: (مرحبا بالقوم)... قلنا: (وبك)... قال: (أين مسيركم؟)... فأخبرناه، وأخبرنا أيضا أنه يريد النبي ليسلم، فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة أول يوم من صفر سنة ثمان).
قدوم المدينة
فلما رآهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه: (رمتكم مكة بأفلاذ كبدها)... يقول خالد: (ولما اطلعت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سلمت عليه بالنبوة فرد على السلام بوجه طلق، فأسلمت وشهدت شهادة الحق، وحينها قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الحمد لله الذي هداك قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك الا الى الخير)... وبايعت الرسـول وقلت: (استغفر لي كل ما أوضعـت فيه من صد عن سبيل اللـه)... فقال: (إن الإسلام يجـب ما كان قبله)... فقلت: (يا رسول الله على ذلك)... فقال: (اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيلك)... وتقدم عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، فأسلما وبايعا رسول الله)...
والدته
كان خالد بن الوليد ميمونَ النقيبـة، وأمّه عصماء، وهي لبابة بنت الحارث أخـت أم الفضـل بنت الحارث، أم بني العباس بن عبد المطلب، وخالته ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
غزوة مؤتة
كانت غزوة مؤتة أول غزوة شارك فيها خالد، وقد قتل قادتها الثلاثة: زيد بن حارثة، ثم جعفر بن أبي طالب، ثم عبدالله بن رواحة -رضي الله عنهم-، فسارع الى الراية (ثابت بن أقرم) فحملها عاليا وتوجه مسرعا الى خالد قائلا له: (خذ اللواء يا أبا سليمان) فلم يجد خالد أن من حقه أخذها فاعتذر قائلا: (لا، لا آخذ اللواء أنت أحق به، لك سن وقد شهدت بدرا)... فأجابه ثابت: (خذه فأنت أدرى بالقتال مني، ووالله ما أخذته إلا لك). ثم نادى بالمسلمين: (أترضون إمرة خالد؟)... قالوا: (نعم)... فأخذ الراية خالد وأنقذ جيش المسلمين، يقول خالد: (قد انقطع في يدي يومَ مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة لي يمانية).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أخبر الصحابة بتلك الغزوة: (أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ الراية جعفر فأصيب، ثم أخذ الراية ابن رواحة فأصيب ،... وعيناه -صلى الله عليه وسلم- تذرفان...، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم)... فسمي خالد من ذلك اليوم سيف الله.
هدم العُزّى
بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى العُزّى يهدِمُها، فخرج خالد في ثلاثين فارساً من أصحابه حتى انتهى إليها فهدمها، ثم رجع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (هُدِمَتْ؟)... قال: (نعم يا رسول الله)... فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هل رأيت شيئاً؟)... فقال: (لا)... فقال: (فإنك لم تهدِمْها، فأرجِعْ إليها فاهدمها)... فرجع خالد وهو متغيّظ، فلما انتهى إليها جرّد سيفه، فخرجت إليه إمرأة سوداء عُريانة، ناشرة الرأس، فجعل السادِنُ يصيح بها، قال خالد: (وأخذني اقشِعْرارٌ في ظهري)... فجعل يصيح: (...
أعُزَّيَّ شـدِّي شدّةً لا تكذّبـي ... أعُزّيَّ فالْقي للقناع وشَمِّـري
أعُزَّي إن لم تقتلي اليومَ خالداً ... فبوئي بذنبٍ عاجلٍ فتنصّري
وأقبل خالد بالسيف إليها وهو يقول: (...
يا عُزَّ كُفرانَكِ لا سُبحانَكِ ... إنّي وجدتُ اللهَ قد أهانَكِ
فضربها بالسيف فجزلها باثنتين، ثم رجع الى رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره فقال: (نعم ! تلك العُزّى قد أيِسَتْ أن تُعبدَ ببلادكم أبداً)...
ثم قال خالد: (أيْ رسول الله، الحمدُ لله الذي أكرمنا بك، وأنقذنا من الهَلَكة، ولقد كنت أرى أبي يأتي إلى العُزّى نحيرُهُ، مئة من الإبل والغنم، فيذبحها للعُزّى، ويقيم عندها ثلاثاً ثم ينصرف إلينا مسروراً، فنظرتُ إلى ما مات عليه أبي، وذلك الرأي الذي كان يُعاش في فضله، كيف خُدع حتى صار يذبح لحجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع؟!)... فقال رسول الله: (إنّ هذا الأمرَ إلى الله، فمَنْ يسَّرَهُ للهّدى تيسر، ومَنْ يُسِّرَ للضلالة كان فيها).
يتبع
__________________








فرحة مسلمة غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 18-08-2009, 08:26 AM   #8
فرحة مسلمة
''خــــــادمة كــــــتاب الله''
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 2,952
إفتراضي

حروب الردة
وشارك في فتح مكة وفي حروب الردة، فقد مضى فأوقع بأهل الردة من بني تميم وغيرهم بالبُطاح، وقتل مالك بن نويرة، ثم أوقع بأهل بُزاخَة - وهي المعركة التي كانت بين خالد وطليحة بن خويلد-، وحرقهم بالنار، وذلك أنه بلغه عنهم مقالة سيئة، شتموا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وثبتوا على ردّتهم، ثم مضى الى اليمامة ووضع حداً لمسيلمة الكذاب وأعوانه من بني حنيفة.
بلاد الفرس
وفي فتح بلاد الفرس استهل خالد عمله بارسال كتب إلى جميع ولاة كسرى ونوابه على ألوية العراق ومدائنه: (بسم الله الرحمن الرحيم، من خالد بن الوليد الى مرازبة فارس، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فالحمدلله الذي فض خدمكم، وسلب ملككم، ووهّن كيدكم، من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم، له ما لنا وعليه ما علينا، إذا جاءكم كتابي فابعثوا إلي بالرّهُن واعتقدوا مني الذمة، وإلا فوالذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة !!).
وعندما جاءته أخبار الفرس بأنهم يعدون جيوشهم لمواجهته لم ينتظر، وإنما سارع ليقابلهم في كل مكان محققا للإسلام النصر تلو الآخر0ولم ينس أن يوصي جنوده قبل الزحف: (لا تتعرضوا للفلاحين بسوء، دعوهم في شغلهم آمنين، إلا أن يخرج بعضهم لقتالكم، فآنئذ قاتلوا المقاتلين).
معركة اليرموك وبطولاتها
إمرة الجيش
أولى أبوبكر الصديق إمرة جيش المسلمين لخالد بن الوليد ليواجهوا جيش الروم الذي بلغ مائتي ألف مقاتل وأربعين ألفا، فوقف خالد بجيش المسلمين خاطباً: (إن هذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم، وتعالوا نتعاور الإمارة، فيكون أحدنا اليوم أميراً والآخر غداً، والآخر بعد غد، حتى يتأمر كلكم).
تأمين الجيش
وقبل أن يخوض خالد القتال، كان يشغل باله احتمال أن يهرب بعض أفراد جيشه بالذات من هم حديثي عهد بالإسلام، من أجل هذا ولأول مرة دعا نساء المسلمين وسلمهن السيوف، وأمرهن بالوقوف خلف صفوف المسلمين وقال لهن: (من يولي هاربا، فاقتلنه).
خالد و ماهان الروماني
وقبيل بدء القتال طلب قائد الروم أن يبرز إليه خالد، وبرز إليه خالد، في الفراغ الفاصل بين الجيشين، وقال (ماهان) قائد الروم: (قد علمنا أنه لم يخرجكم من بلادكم إلا الجهد والجوع فإن شئتم أعطيت كل واحد منكم عشرة دنانير وكسوة وطعاما، وترجعون إلى بلادكم، وفي العام القادم أبعث إليكم بمثلها !).
وأدرك خالد ما في كلمات الرومي من سوء الأدب ورد قائلا: (إنه لم يخرجنا من بلادنا الجوع كما ذكرت، ولكننا قوم نشرب الدماء، وقد علمنا أنه لا دم أشهى ولا أطيب من دم الروم، فجئنا لذلك !)... وعاد بجواده الى صفوف الجيش ورفع اللواء عاليا مؤذنا بالقتال: (الله أكبر، هبي رياح الجنة).
من البطولات
ودار قتال قوي، وبدا للروم من المسلمين مالم يكونوا يحتسبون، ورسم المسلمون صورا تبهر الألباب من فدائيتهم وثباتهم... فهاهو خالد غلى رأس مائة من جنده ينقضون على أربعين ألف من الروم، يصيح بهم: (والذي نفسي بيده ما بقي من الروم من الصبر والجلد إلا ما رأيتم، وإني لأرجو أن يمنحكم الله أكتافهم)... وبالفعل انتصر المائة على الأربعين ألف.
خالد وجرجه الروماني
وقد انبهر القادة الروم من عبقرية خالد في القتال، مما حمل (جرجه) أحد قادتهم للحديث مع خالد، حيث قال له: (يا خالد اصدقني، ولا تكذبني فإن الحر لا يكذب، هل أنزل الله على نبيكم سيفا من السماء فأعطاك إياه، فلا تسله على أحد إلا هزمته؟)... قال خالد: (لا)... قال الرجل: (فبم سميت سيف الله؟).
قال خالد: (إن الله بعث فينا رسوله، فمنا من صدقه ومنا من كذب، وكنت فيمن كذب حتى أخذ الله قلوبنا إلى الإسلام، وهدانا برسوله فبايعناه، فدعا لي الرسول، وقال لي: (أنت سيف من سيوف الله) فهكذا سميت سيف الله)... قال القائد الروماني: (وإلام تدعون؟).
قال خالد: (إلى توحيد الله وإلى الإسلام)... قال: (هل لمن يدخل في الإسلام اليوم مثل مالكم من المثوبة والأجر؟)... قال خالد: (نعم وأفضل)... قال الرجل: (كيف وقد سبقتموه؟)... قال خالد: (لقد عشنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورأينا آياته ومعجزاته وحق لمن رأى ما رأينا، وسمع ما سمعنا أن يسلم في يسر، أما أنتم يا من لم تروه ولم تسمعوه ثم آمنتم بالغيب، فإن أجركم أجزل وأكبر إذا صدقتم الله سرائركم ونواياكم).
وصاح القائد الروماني وقد دفع جواده إلى ناحية خالد ووقف بجواره: (علمني الإسلام يا خالد !)... وأسلم وصلى لله ركعتين لم يصل سواهما، وقاتل جرجه الروماني في صفوف المسلمين مستميتا في طلب الشهادة حتى نالها وظفر بها ...
وفاة أبوبكر
في أثناء قيادة خالد -رضي الله عنه- معركة اليرموك التي هزمت فيها الإمبراطورية الرومانية توفي أبوبكر الصديق -رضي الله عنه-، وتولى الخلافة بعده عمر -رضي الله عنه-، وقد ولى عمر قيادة جيش اليرموك لأبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وعزل خالد... وصل الخطاب الى أبى عبيدة فأخفاه حتى انتهت المعركة، ثم أخبر خالدا بالأمر فلم يغضب خالد -رضي الله عنه-، بل تنازل في رضى وسرور، لأنه كان يقاتل لله وحده لا يبغي من وراء جهاده أي أمر من أمور الدنيا ...
قلنسوته
سقطت منه قلنسوته يوم اليرموك، فأضنى نفسه والناس في البحث عنها فلما عوتب في ذلك قال: (إن فيها بعضا من شعر ناصية رسول الله وإني أتفائل بها وأستنصر)... ففي حجة الوداع ولمّا حلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- رأسه أعطى خالداً ناصيته، فكانت في مقدم قلنسوته، فكان لا يلقى أحداً إلا هزمه الله تعالى...
فضله
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (نِعْمَ عبد الله خالد بن الوليد، سيْفٌ من سيوف الله).
قال خالد -رضي الله عنه-ما ليلة يهدي إليّ فيها عروسٌ أنا لها محب، أو أبشّرُ فيها بغلامٍ أحبَّ إلي من ليلة شديدة الجليد في سريّةٍ من المهاجرين أصبِّحُ بها العدو).
وأمَّ خالد الناس بالحيرة، فقرأ من سُوَرٍ شتى، ثم التفت إلى الناس حين انصرف فقال: (شغلني عن تعلّم القرآن الجهادُ).
نزل خالد بن الوليد الحيرة على أمير بني المرازبة فقالوا له: (احذَرِ السُّمَّ لا يسقيكهُ الأعاجم)... فقال: (إئتوني به)... فأتِيَ به فأخذه بيده ثم اقتحمه وقال: (بسم الله)... فلم يُضرَّه شيئاً.
وأخبِرَ خالد -رضي اللـه عنه- أنّ في عسكره من يشرب الخمر، فركب فرسـه، فإذا رجل على مَنْسَـجِ فرسِـهِ زِقّ فيه خمر، فقال له خالد: (ما هذا؟)... قال: (خل)... قال: (اللهم اجعله خلاّ)... فلمّا رجع الى أصحابه قال: (قد جئتكم بخمر لم يشرب العربُ مثلها)... ففتحوها فإذا هي خلّ قال: (هذه والله دعوة خالد بن الوليد).
وفاة خالد
استقر خالد في حمص -من بلاد الشام- فلما جاءه الموت، وشعر بدنو أجله، قال: (لقد شهدت مائة معركة أو زهاءها، وما في جسدي شبر الا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، ألا فلا نامت أعين الجبناء)... وكانت وفاته سنة إحدى وعشرين من الهجرة النبوية... مات من قال عنه الصحابة: (الرجل الذي لا ينام، ولا يترك أحدا ينام)... وأوصى بتركته لعمر بن الخطاب والتي كانت مكونة من فرسه وسلاحه... وودعته أمه قائلة: (...
أنت خير من ألف ألف من القوم ... إذا ما كبت وجوه الرجال
أشجاع؟.. فأنت أشجع من ليث ... غضنفر يذود عن أشبال
أجواد؟.. فأنت أجود من سيل ... غامر يسيل بين الجبال
__________________








فرحة مسلمة غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 19-08-2009, 07:39 AM   #9
فرحة مسلمة
''خــــــادمة كــــــتاب الله''
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 2,952
إفتراضي

زيـد بن ثابت

زيد بن ثابت بن الضحّاك الأنصاري من المدينة، يوم قدم الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمدينـة كان يتيمـاً (والده توفي يوم بُعاث) و سنه لا يتجاوز إحدى عشرة سنة، وأسلـم مع أهلـه وباركه الرسول الكريم بالدعاء.

الجهاد
صحبه آباؤه معهم الى غزوة بدر، لكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- رده لصغر سنه وجسمه، وفي غزوة أحد ذهب مع جماعة من أترابه الى الرسول -صلى الله عليه وسلم-يرجون أن يضمهم للمجاهدين وأهلهم كانوا يرجون أكثر منهم، ونظر إليهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- شاكرا وكأنه يريد الاعتذار، ولكن (رافع بن خديج) وهو أحدهم تقدم الى الرسول الكريم وهو يحمل حربة ويستعرض بها قائلا: (إني كما ترى، أجيد الرمي فأذن لي)... فأذن الرسول -صلى الله عليه وسلم- له، وتقدم (سمرة بن جندب) وقال بعض أهله للرسول: (إن سمرة يصرع رافعا)... فحياه الرسول وأذن له.
وبقي ستة من الأشبال منهم زيد بن ثابت وعبدالله بن عمر، وبذلوا جهدهم بالرجاء والدمع واستعراض العضلات، لكن أعمارهم صغيرة، وأجسامهم غضة، فوعدهم الرسول بالغزوة المقبلة، وهكذا بدأ زيد مع إخوانه دوره كمقاتل في سبيل الله بدءا من غزوة الخندق، سنة خمس من الهجرة.
وكانت مع زيد -رضي الله عنه- راية بني النجار يوم تبوك، وكانت أولاً مع عُمارة بن حزم، فأخذها النبي -صلى الله عليه وسلم- منه فدفعها لزيد بن ثابت فقال عُمارة: (يا رسول الله ! بلغكَ عنّي شيءٌ ؟)... قال الرسول: (لا، ولكن القرآن مقدَّم).


العلم
لقد كان -رضي الله عنه- مثقف متنوع المزايا، يتابع القرآن حفظا، ويكتب الوحي لرسوله، ويتفوق في العلم والحكمة، وحين بدأ الرسول -صلى الله عليه وسلم- في إبلاغ دعوته للعالم الخارجي، وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها، أمر زيدا أن يتعلم بعض لغاتهم فتعلمها في وقت وجيز... يقول زيـد: (أُتيَ بيَ النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- مَقْدَمه المدينة، فقيل: (هذا من بني النجار، وقد قرأ سبع عشرة سورة)... فقرأت عليه فأعجبه ذلك، فقال: (تعلّمْ كتاب يهـود، فإنّي ما آمنهم على كتابي)... ففعلتُ، فما مضى لي نصف شهـر حتى حَذِقْتُـهُ، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأتُ له).

حفظه للقرآن
منذ بدأ الدعوة وخلال إحدى وعشرين سنة تقريبا كان الوحي يتنزل، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يتلو، وكان هناك ثلة مباركة تحفظ ما تستطيع، والبعض الآخر ممن يجيدون الكتابة، يحتفظون بالآيات مسطورة، وكان منهم علي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وعبدالله بن مسعود، وعبدالله بن عباس، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم أجمعين... وبعد أن تم النزول كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقرؤه على المسلمين مرتبا سوره وآياته. وقد قرأ زيد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العام الذي توفاه الله فيه مرتين، وإنما سميت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت لأنه كتبها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقرأها عليه، وشَهِدَ العرضة الأخيرة، وكان يُقرئ الناس بها حتى مات...

بداية جمع القرآن
بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- شغل المسلمون بحروب الردة، وفي معركة اليمامة كان عدد الشهداء من حفظة القرآن كبيرا، فما أن هدأت نار الفتنة حتى فزع عمر بن الخطاب الى الخليفة أبو بكر الصديق راغبا في أن يجمع القرآن قبل أن يدرك الموت والشهادة بقية القراء والحفاظ... واستخار الخليفة ربه، وشاور صحبه ثم دعا زيد بن ثابت وقال له: (إنك شاب عاقل لا نتهمك)... وأمره أن يبدأ جمع القرآن مستعينا بذوي الخبرة.
ونهض زيد -رضي الله عنه- بالمهمة وأبلى بلاء عظيما فيها، يقابل ويعارض ويتحرى حتى جمع القرآن مرتبا منسقا... وقال زيد في عظم المسئولية: (والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه، لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن)... كما قال: (فكنتُ أتبع القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال)... وأنجز المهمة على أكمل وجه وجمع القرآن في أكثر من مصحف

المرحلة الثانية في جمع القرآن
في خلافة عثمان بن عفان كان الإسلام يستقبل كل يوم أناس جدد عليه، مما أصبح جليا ما يمكن أن يفضي إليه تعدد المصاحف من خطر حين بدأت الألسنة تختلف على القرآن حتى بين الصحابة الأقدمين والأولين، فقرر عثمان والصحابة وعلى رأسهم حذيفة بن اليمان ضرورة توحيد المصحف، فقال عثمان: (مَنْ أكتب الناس ؟)... قالوا: (كاتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد بن ثابت)... قال: (فأي الناس أعربُ ؟)... قالوا: (سعيد بن العاص)... وكان سعيد بن العاص أشبه لهجة برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال عثمان: (فليُملِ سعيد وليكتب زيدٌ).
واستنجدوا بزيـد بن ثابت، فجمع زيد أصحابه وأعوانه وجاءوا بالمصاحف من بيت حفصة بنت عمر -رضي الله عنها- وباشروا مهمتهم الجليلة، وكانوا دوما يجعلون كلمة زيد هي الحجة والفيصل... رحمهم الله أجمعين.


فضله

تألقت شخصية زيد وتبوأ في المجتمع مكانا عاليا، وصار موضع احترام المسلمين وتوقيرهم... فقد ذهب زيد ليركب، فأمسك ابن عباس بالركاب، فقال له زيد: (تنح يا بن عم رسول الله)... فأجابه ابن عباس: (لا، فهكذا نصنع بعلمائنا)... كما قال (ثابت بن عبيد) عن زيد بن ثابت: (ما رأيت رجلا أفكه في بيته، ولا أوقر في مجلسه من زيد).
وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يستخلفه إذا حجّ على المدينة، وزيد -رضي الله عنه- هو الذي تولى قسمة الغنائم يوم اليرموك، وهو أحد أصحاب الفَتْوى الستة: عمر وعلي وابن مسعود وأبيّ وأبو موسى وزيد بن ثابت، فما كان عمر ولا عثمان يقدّمان على زيد أحداً في القضاء والفتوى والفرائض والقراءة، وقد استعمله عمر على القضاء وفرض له رزقاً.
قال ابن سيرين: (غلب زيد بن ثابت الناس بخصلتين، بالقرآن والفرائض).


وفاته
توفي -رضي الله عنه- سنة (45 هـ) في عهد معاوية.
__________________








فرحة مسلمة غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 20-08-2009, 08:02 AM   #10
فرحة مسلمة
''خــــــادمة كــــــتاب الله''
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 2,952
إفتراضي

زيد بن حارثة
هو زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى، وكان طفلا حين سبي ووقع بيد حكيم بن حزام بن خويلد حين اشتراه من سوق عكاظ مع الرقيق، فأهداه الى عمته خديجة، فرآه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندها فاستوهبه منها فوهبته له، فأعتقه وتبناه، وصار يعرف في مكة كلها (زيد بن محمد). وذلك كله قبل الوحي.

قصة التبنى

منذ أن سلب زيدا -رضي الله عنه- ووالده يبحث عنه، حتى التقى يوما نفر من حي (حارثة) بزيد في مكة، فحملهم زيد سلامه وحنانه لأمه و أبيه، وقال لقومه: (أخبروا أبي أني هنا مع أكرم والد)... فلم يكد يعلم والده بمكانه حتى أسرع اليه، يبحث عن (الأمين محمد) ولما لقيه قال له: (يا بن عبد المطلب، يا بن سيد قومه، أنتم أهل حرم، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ولدنا، فامنن علينا وأحسن في فدائه).
فأجابهم -صلى الله عليه وسلم-: (ادعوا زيدا، وخيروه، فان اختاركم فهو لكم بغير فداء، وان اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء).
أقبل زيد رضي الله عنه- وخيره الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقال زيد: (ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت الأب و العم)... ونديت عينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدموع شاكرة وحانية، ثم أمسك بيد زيد، وخرج به الى فناء الكعبة، حيث قريش مجتمعة ونادى: (اشهدوا أن زيدا ابني ... يرثني وأرثه)... وكاد يطير قلب (حارثة) من الفرح، فابنه حرا، وابنا للصادق الأمين، سليل بني هاشم.

اسلام زيد
ما حمل الرسول -صلى الله عليه وسلم- تبعة الرسالة حتى كان زيد ثاني المسلمين، بل قيل أولهم... أحبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- حبا عظيما، حتى أسماه الصحابة (زيد الحب)، وقالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: (ما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة في جيش قط الا أمره عليهم، ولو بقي حيا بعد الرسول لاستخلفه)... لقد كان زيد رجلا قصيرا، أسمرا، أفطس الأنف، ولكن قلبه جميع، وروحه حر... فتألق في رحاب هذا الدين العظيم.

زواج زيد

زوج الرسول -صلى الله عليه وسلم- زيدا من ابنة عمته (زينب)، وقبلت زينب الزواج تحت وطأة حيائها من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولكن الحياة الزوجية أخذت تتعثر، فانفصل زيد عن زينب، وتزوجها الرسول -صلى الله عليه وسلم- واختار لزيد زوجة جديدة هي (أم كلثوم بنت عقبة)، وانتشرت في المدينة تساؤلات كثيرة: كيف يتزوج محمد مطلقة ابنه زيد؟... فأجابهم القرآن ملغيا عادة التبني ومفرقا بين الأدعياء والأبناء.
قال تعالى: {ما كان محمدا أبا أحد من رجالكم، ولكن رسول الله، وخاتم النبيين}... وهكذا عاد زيد الى اسمه الأول (زيد بن حارثة).


فضله

قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (دخلت الجنة فاستقبلتني جارية شابة، فقلت: لمن أنت ؟)... قالت: (لزيد بن حارثة)... كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لا تلومونا على حبِّ زيدٍ)... وآخى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين زيد بن حارثة وبين حمزة بن عبد المطلب.
بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعثاً فأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمارته فقال -صلى الله عليه وسلم-إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وأيمُ الله إن كان لخليقاً للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إليّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده).


استشهاد زيد

في جمادي الأول من العام الثامن الهجري خرج جيش الإسلام إلى أرض البلقاء بالشام، ونزل جيش الإسلام بجوار بلدة تسمى (مؤتة) حيث سميت الغزوة باسمها ... ولأدراك الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأهمية هذه الغزوة اختار لها ثلاثة من رهبان الليل وفرسان النهار، فقال عندما ودع الجيش: (عليكم زيد بن حارثة، فان أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب، فان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة)... أي أصبح زيد الأمير الأول لجيش المسلمين، حمل راية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واقتحم رماح الروم ونبالهم وسيوفهم، ففتح باب دار السلام وجنات الخلد بجوار ربه.
قال حسان بن ثابت:
عين جودي بدمعك المنزور ... واذكري في الرخاء أهل القبور
واذكري مؤتة وما كان فيها ... يوم راحوا في وقعة التغوير
حين راحوا وغادروا ثم زيدا ... نعم مأوى الضريك و المأسور



بُكاء الرسول
حزن النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- على زيد حتى بكاه وانتحب، فقال له سعـد بن عبادة: (ما هذا يا رسـول الله ؟!)... قال: (شوق الحبيب إلى حبيبه).
__________________








فرحة مسلمة غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .