نقد كتاب الحرية في الإسلام
نقد كتاب الحرية في الإسلام
المؤلف صادق الحسيني الشيرازي وقد استهله بآية عدم أفكراه فى الدين فقال :
قال الله تعالي في كتابه الكريم: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي لا انفصام لها والله سميع عليم" "
ثم حدثنا عن معنى الطاغوت فقال :
"معني الطاغوت
الطاغوت من الطغيان وهو التجاوز عن الحد؛ قال الله تعالي: "إنا لما طغي الماء حملناكم في الجارية"
ويستعمل الطغيان في الفكر أيضا، ويراد به عادة المناهج المنحرفة عن سبيل الله تعالي، ومن هنا تطلق كلمة الطاغوت علي من كان في قمة الفكر المنحرف"
والخطأ هو اطلاق الطاغوت علي من كان في قمة الفكر المنحرف فهى تطلق على أى فاعل لذنب حتى يتوب منه أو يموت عليه ولذا قال تعالى :
" كلا إن الإنسان ليطغى"
ثم حدثنا عن العورة الوثقى فقال :
"العروة الوثقي
يقول الله سبحانه وتعالي: "فمن يكفر بالطاغوت" بأي أشكال الطاغوت "ويؤمن بالله فقد اسمتسك بالعروة الوثقي" أي الشديدة الإحكام، ثم وصفها بأنها: "لا انفصام لها" أي أنها ليست ضعيفة فتنقطع بل لا انقطاع لها أبدا، لأنها عروة حقيقية وصادقة وليست بكاذبة ومزيفة فإنه لا انقطاع ولا انفصام في الحق والصدق، خلافا للكذب، فحبله كما قيل قصير سرعان ما يقطع بصاحبه
مثال: فلو أنك أردت شراء دار وسألت عنها صاحبها، فأخبرك أنها صالحة وليس فيها عيوب أو مشاكل، وكان صادقا في إخباره، فإنك سوف تبادر إلي شرائها دون أن تعترض عليه أو ينقطع تصديقك به أما إذا كان كاذبا، فإنك قد تصدقه حين الشراء، ولكن هذه الحالة ستزول عندما تكتشف أن الأمر لم يكن كذلك أي سيحدث انفصام وانقطاع في تصديقك به
أما دين الله تعالي فلا انفصام فيه فعندما يخبر الله تعالي الإنسان ويعده أنه سيسعده إذا ما اتبع سبيله، فإن المسلم الحقيقي لاشك سينعم بالسعادة ما حيي، خلافا لبقية المبادئ التي تعد الناس ولا تفي ثم يظهر كذبها عاجلا أم آجلا"
والعروة الوثقى معنى عدم انفصامها هو عدم ضياعها لأن الله محافظ على دينه كما قال :
" لا مبدل لكلماته"
وقال:
"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"
وحدثنا عن خرية اختيار الفرد لدينه فقال :
"حرية اختيار الدين في الإسلام
من أصول الإسلام المسلمة والمؤكدة مسألة حرية اختيار الدين؛ قال تعالي: "لا إكراه في الدين" بل ليكن معلوما قبل كل شيء أن الإسلام وحده هو دين الحرية فحتي المدارس والمبادئ الأخري التي ظهرت منذ قرون وما زالت ترفع شعار الحرية لا واقع للحرية فيها سوي الاسم أما الإسلام فهو دين الحريات مبدأ وشعارا، وقولا وعملا وهذا موضوع طويل يتطلب من الباحث أن يطالع الفقه الإسلامي بتعمق من أوله إلي آخره لكي يعرف كيف أن الإسلام التزم بمبدأ "لا إكراه في الدين" في مختلف مجالات الحياة"
حرية اختيار الدين يتكلم عنها القوم كالشيرازى كلاما عاما دوما تفصيل فتلك الحرية من معانيها أن أطفال المسلمين يربون على الإسلام ولكنهم عند سن الرشد يخيرون بينه وبين غيره من الأديان وغالبا سيختارون الإسلام دينا وأما القلة النادرة منهم التى تختار الكفر فلا حاجة للمسلمين بهم لأنهم سيكونون عبء ومصدر للنفاق وهدم الدولة إن استمروا على إسلام ظاهر وكفر باطن ومن ثم فالأفضل أن يعلنوا كفرهم لأخذ الحذر منهم ولذا قال تعالى :
"إن من أولادكم وأزواجكم عدو لكم"
فهنا تخيير الأولاد بين الإسلام والكفر
وتحدث عن تطبيق الرسول(ص) للحرية فقال :
"رسول الله القدوة في تطبيق المبدأ
لقد شن أهل مكة حربا ظالمة علي رسول الله (ص)قل نظيرها في التاريخ فلقد عرف (ص)بينهم بالصدق والأمانة حتي لقبوه بالصادق الأمين، ولكنهم مع ذلك حاربوه إلا قليلا منهم عسكريا واجتماعيا واقتصاديا ونفسيا، حتي بلغ الأمر بهم أنهم كانوا لا يردون تحيته إذا حياهم
فكان الشخص منهم وهو مشرك يخشي إذا رد تحية النبي (ص)أن يراه الرائي من المشركين فلا يتبايعون معه بعد ذلك ولا يزوجونه ولا يتزوجون منه
وطردوا رسول الله (ص)ومن معه إلي أطراف مكة، وحاصروهم في شعب أبي طالب وفرضوا العزلة عليهم، فكان لا يحق لهم دخول مكة، وإذا دخلها أحدهم فدمه يهدر واستمرت الحالة هذه مدة ثلاث سنين
وبعدما هاجر النبي (ص)إلي المدينة شن عليه مشركو مكة عشرات الحروب ساندهم فيها اليهود والمنافقون ودامت الحالة عشرين سنة بمختلف أساليب الحروب حتي أذن الله له بالفتح وجاء (ص)مكة فاتحا وأصبحت مكة في قبضته وتحت سلطته
ورغم كل ما فعله المشركون من أهل مكة مع رسول الله (ص)إلا أن التاريخ لم يحدثنا أنه (ص)أجبر ولو شخصا واحدا علي الإسلام، ولو أنه (ص)أراد أن يجبر أهل مكة علي الإسلام لأسلموا كلهم تحت وطأة السيف، لكنه (ص)لم يفعل ذلك ولم يجبر أحدا علي الإسلام أما دعوي إسلام أبي سفيان فكان بتحريض وتخويف من العباس بن عبد المطلب (عم النبي) وليس من النبي (ص)نفسه، فالعباس هو الذي طلب من أبي سفيان أن يسلم حفاظا علي دمه لئلا يقتله النبي (ص)وكلام العباس ليس حجة ولا تشريعا، بل كان من عند نفسه ولو أن أبا سفيان لم يسلم لما أجبره رسول الله (ص)علي الإسلام فكثيرون من أمثال أبي سفيان كانوا موجودين في مكة ولم يقتل النبي (ص)أحدا منهم بسبب عدم إسلامه، ولا أجبر أحدا علي الإسلام، بل تركهم علي دينهم مع أنه باطل وخرافي لكيلا يسلبهم حرية الفكر والدين"
حكاية إسلام أبو سفيان نوع من حكايات التاريخ والتحريض ليس إجبارا وإنما هو نوع من بيان الفائدة والمصلحة ومن يختار فى النهاية هو الفرد وليس المحرض
وكرر الشيرازى كلامه عن سلوك النبى(ص) فى الموضوع فقال:
"هكذا روي التاريخ عن سلوك نبينا (ص) يحاربه قومه مع ما يعرفونه من صدقه وأمانته ونبله وكرم أخلاقه، بمختلف أنواع الحروب القاسية ويطردونه من موطنه ومسقط رأسه، ثم يتركهم أحرارا وما يختارون من دين وطريقة حياة؟! لقد كان رسول الله (ص)يهديهم وينصحهم ويوضح لهم طريق الرشد ويميزه عن طريق الغي ثم يترك الاختيار لهم "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" ، "قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي" ، "وهديناه النجدين" ، "إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا" هذا هو أسلوب الإسلام، لا ضغط ولا إكراه فيه"
وبعد أن تحدث عن دعوة الرسول(ص) للمشركين تحدث عن تعامله مع أهل الكتاب فقال :
"وهكذا الحال في سيرة رسول الله (ص)مع اليهود والنصاري فلقد رد (ص)عشرات الحروب والاعتداءات التي شنها أهل الكتاب دون أن يجبر أحدا منهم علي الإسلام لم يسجل التاريخ ولو حالة واحدة يكون فيها رسول الله (ص)قد أجبر ذميا علي اعتناق الإسلام، والتاريخ حافل بسيرة النبي المصطفي (ص)وسجل وحفظ الدقائق عن حياته فالعلامة المجلسي وحده خصص في موسوعته (بحار الأنوار) عشرة مجلدات الواحد منها في أربعمئة صفحة أي ما مجموعه أربعة آلاف صفحة أو أكثر كلها عن رسول الله (ص)وحروبه وأخلاقه وسيرته مع المسلمين ومع المشركين وأهل الكتاب لا تجدون فيها موقفا واحدا أجبر فيه رسول الله (ص)نصرانيا أو يهوديا علي اعتناق الإسلام، بل تجدون أنه (ص)كان له صديق نصراني أو جار يهودي دون أن يجبره علي اعتناق الإسلام مع أنه كان الحاكم الأعلي في الجزيرة العربية وكان بيده السيف والمال والقوة الكافية"
بالقطع لم يجبر الرسول(ص) أحد على اعتناق الإسلام مع أنه كان يريد هداية بعضهم كما قص الله علينا فى قوله:
" إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء"
وتحدث عن تطبيق على بن أبى طالب لنفس المبدأ فقال :
"أمثلة من سيرة أمير المؤمنين:
ولو انتقلنا من رسول الله (ص)إلي أهل بيته لرأينا الحالة نفسها فها هو الإمام أمير المؤمنين قد كان مبتلي بأشخاص ذوي نفسيات وضيعة ترد عليه وتقطع كلامه وتجادله بالباطل بل حتي تتطاول عليه، وهو مع ذلك لا يأمر بقتلهم وسجنهم ونحو ذلك، وهو الحاكم الأعلي الذي بايعته الأمة قاطبة ناهيك عن كونه منصبا من قبل رسول الله (ص)وبأمر من العلي القدير، بل كان يجيبهم ويترك لهم حرية العقيدة ما لم يتآمروا ويلجأوا إلي استعمال القوة والسيف"
وكلام الشيرازى عن مبايعة الأمة كلها لعلى قاطبة خطأ يتعارض مع مصادر التاريخ الشيعى التى تبين رفض معاوية ومن معه لبيعته بدليل تلك الحروب بينهما مع أن تلك الحكايات طبقا للقرآن لم تحدث أبدا
وأكمل الشيرازى كلامه فقال :
"عاش في عصر الإمام شخص يسمي ابن الكوا، وكان مشاغبا وذا مشاكل ومتاعب، يرد علي أمير المؤمنين ويناقشه دائما، حتي والإمام علي المنبر، ومع ذلك تركه الإمام وشأنه يعيش في المجتمع دون أن يفرض عليه شيئا
|