نظرات فى كتاب أحكام التهنئة
نظرات فى كتاب أحكام التهنئة
المؤلف رأفت الحامد العدني وهو يدور حول حكم التهانى المختلفات وقد عرف التهنئة فقال :
"التهنئة : خلاف التعزية تقول : هنأه بالأمر والولاية تهنئة وتهنيئا وهنأه هنأ إذا قال له ليهنئك ،والعرب تقول : ليهنئك الفارس بجزم الهمزة وليهنيك الفارس بياء ساكنة ولا يجوز ليهنك كما تقول العامة أي لأن الياء بدل من الهمزة ...، ولها مرادفات أخرى تشترك معها في بعض المعنى مثل: التبريك, والترفئة, ونحو ذلك.......
راجع تاج العروس ومختار الصحاح "
الغريب أن ما ذكره هو تعريف كما يقال الماء بالماء والتهنئة هى كلمة تعنى فى القرآن إما حلالا طيبا كما فى قوله عن المهر" فكلوه هنئيا مريئا"
وإما جزاء أى ثواب كما فى قوله " وكلوا اشربوا هنيئا بما كنتم تعملون"
ومن ثم التهنئة تعنى الدعاء بالثواب أو دعاء بخير
وتحدث العدنى عن كون التهنئات عادات فقال :
"قاعدة :الأصل في التهنئة أنها من العادات .
التهاني من حيث الأصل من باب العادات ، والتي الأصل فيها الإباحة ،حتى يأتي دليل يخصها ، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر .
قال العلامة (عبد الرحمن ابن سعدي) في منظومة القواعد .
(وهذان الأصلان العظيمان ذكرهما شيخ الإسلام في كتبه ، وذكر أن الأصل الذي بنى عليه الإمام أحمد مذهبه : أن العادات الأصل فيها الإباحة ، فلا يحرم منها إلا ما ورد تحريمه ...) "
وبالطبع لو كان مصدرها العادات ما قال الله للمسلمين على لسان الملائكة "كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية"
فالتهنئة ليست عادة وإنما حكم من الله حيث تقال فى حالات الخير
وذكر العدنى تهنئة الملائكة لأهل الجنة فقال:
"التهنئة لأهل الجنة
قال تعالى :" {وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون }
قال النسفي في تفسيره :" ونادوا أى أصحاب الأعراف أصحاب الجنة أن سلام عليكم أنه سلام أو أى سلام وهو تهنئة منهم لأهل الجنة لم يدخلوها أى أصحاب الأعراف "
والسلام هو تحية وهو ليس مشتق من الجذر هنا ومن ثم يستبعد أن يكون تهنئة بالمعنى المعروف خاصة أن السلام هنا لم يعقله دخول الجنة
وذكر التهنئة بالتوبة فقال :
" التهنئة بالتوبة
قال كعب بن مالك لم أتخلف عن رسول الله (ص)في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك ……………..ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل منا قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على سلع يقول بأعلى صوته يا كعب بن مالك أبشر قال فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء فرج قال فآذن رسول الله (ص)الناس بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروننا فذهب قبل صاحبي مبشرون وركض رجل إلي فرسا وسعى ساع من أسلم قبلي وأوفى الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني فنزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته والله ما أملك غيرهما يومئذ واستعرت ثوبين فلبستهما فانطلقت أتأمم رسول الله (ص)يتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئونني بالتوبة ويقولون لتهنئك توبة الله عليك …. الحديث رواه مسلم في صحيحه
والحديث ملىء بلفظ التهنئة وهو بمعنى أسعدك الله وإن كان فيه ما يبطله وهو أن الرجل تعرى مرتكبا ذنبا أخر حيث خلع كل ملابسه وأعطاها لمن بشره وجلس عاريا حتى أرسل لمن يعطيه ثوبا يغطيه
والخبل هو من الاثنين العاطى والمعطى فأولهما قبل العاطى التعرى تماما والمعطى لم يراعى أن الرجل تعرى أمامه تماما كاشفا عورته ولم يقل له عط عورتك
وتحدث عن التهنئة بالفضائل فقال :
التهنئة بالفضائل العلية والمناقب الدينية
عن أنس قال : لما انصرف رسول الله (ص)من الحديبية نزلت هذه الآية { إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما } قال المسلمون يا رسول الله هنيئا لك ما أعطاك الله فما لنا فنزلت { ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما } . رواه أحمد في المسند وعن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ؟ قال قلت الله ورسوله أعلم قال :"يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ؟ قال قلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم قال فضرب في صدري وقال :" والله ليهنك العلم أبا المنذر " رواه مسلم في صحيحه "
وأدلة الاستشهاد باطلة فالحديث الأول يقول أن ثواب الرسول(ص) نزل فى آية وثواب المسلمين نزل فى آية بعدها نتيجة السؤال ما لنا مع أن نفس المعنى وهو دخول الجنة تكرر عشرات المرات من قبل ومن بعد
والحديث الثانى يفرق بين كلام الله فيجعل بعضه أعظم من بعض مع أن الله وصف كتابه كله بالعظمة فقال " والقرآن العظيم" فكيف يكون كله عظيما ونجعل بعض منه أفضل من بقيته
وتحدث عن تهنئة العروسين فقال :
تهنئة العروسين
فعن أبي هريرة قال : كان رسول الله (ص)إذا رفأ إنسانا قال بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما على خير .
رواه أحمد في المسند والترمذي في سننه قال قال الحافظ:"......ودل صنيع المؤلف على أن الدعاء للمتزوج بالبركة هو المشروع ولا شك أنها لفظة جامعة يدخل فيها كل مقصود من ولد وغيره ". فتح الباري
وعن عائشة رضي الله عنها قالت :تزوجني النبي (ص)فأتتني أمي فأدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت فقلن :" على الخير والبركة وعلى خير طائر" رواه البخاري[ومسلم أي : على أفضل حظ ونصيب وطائر الإنسان : نصيبه ."
وتهنئة الأعراس هى دعاء لهما بالخير فى حياتهما الزوجية لا أقل ولا أكثر
ثم قال :
التهنئة في العيد
عن جبير بن نفير قال : كان أصحاب النبي (ص)إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك .
قال الألباني في تمام المنة قال الحافظ : إسناده حسن " ،
وعن محمد بن زياد قال: [ كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي (ص)فكانوا إذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم] .
قال أحمد رحمه الله: إسناد حديث أبي أمامة جيد
مذاهب الفقهاء في حكم التهنئة في العيدين :
المذهب الحنفي
قال الطحطاوي :" والتهنئة بقوله تقبل الله منا ومنكن ولا تنكر بل مستحبة لورود الأثر بها .... " . حاشيته على المراقي
المذهب المالكي
قال ابن حبيب : "سئل مالك من قول الرجل للرجل في العبد تقبل الله منا ومنك وغفر لنا و لك فقال : ما أعرفه ولا أنكره . ". اهـ أشرف المسالك
المذهب الحنبلي
قال ابن قدامة :" فصل : ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد تقبل الله ، قال أحمد: ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد : تقبل الله منا ومنك ". انظر المغني، والإنصاف
قال شيخ الإسلام : "أما التهنئة يوم العيد يقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد تقبل الله منا ومنكم وأحاله الله عليك ونحو ذلك فهذا قد روى عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره لكن قال أحمد أنا لا أبتدىء أحدا فإن ابتدأني أحد أجبته وذلك لأن جواب التحية واجب وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأمورا بها ولا هو أيضا مما نهى عنه فمن فعله فله قدوة ومن تركه فله قدوة والله أعلم" . اهـ مجموع الفتاوى
المذهب الشافعي
قال الشربيني :" قال القمولي لم أر لأحد من أصحابنا كلاما في التهنئة بالعيد والأعوام والأشهر كما يفعله الناس لكن نقل الحافظ المنذري عن الحافظ المقدسي أنه أجاب عن ذلك بأن الناس لم يزالوا مختلفين فيه والذي أراه أنه مباح لا سنة فيه ولا بدعة" . اهـ انظر مغني المحتاج
|