العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: النهار فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في لغز اختفاء النياندرتال (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الشكر فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أنا و يهود (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نقد المجلس الثاني من الفوائد المدنية من حديث علي بن هبة الله الشافعي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: زراعة القلوب العضلية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: غزة والاستعداد للحرب القادمة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حديقة الديناصورات بين الحقيقة والخيال (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في مقال ثلث البشر سيعيشون قريبا في عالم البعد الخامس (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 04-04-2008, 07:25 PM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي النبوءة . لجاسم محمد صالح .

قصة قصيرة :
النبـــوءة
جاسم محمد صالح
gassim2008@gmail.com

زأر كما لم يزأر أحدٌ من قبل , وقال :
- ها أنا ذا …
أسوار المدنية كادت أن تسقط لولا أن الأيدي امتدت إليها … حيث ظل الرعب والخوف يلتهم المدنية ويوقف الأزمنة …والأوراق هي الأخرى فرت فزعة من أغصانها ...لم تجرؤ ان تقترب من الأرض … فهي تعرف ان لرجل المدنية قدمين بالغتي الثقل تدوسان كل شيء وتهشمان حجر الجرانيت ولا داعي لان أقول لكم :
أين ذهبت طيور الكناري ؟.
الفزع ذو النكهة الرمادية ابعد الأشياء عن منابتها ... وتطاير الريش وملا الأرجاء وأصبحت الطيور قطع لحم عارية , لكنها تطير خجلة … وما أشد ما كانت تعاني من ذلك .
زأر مرة ثانية تردد صوته في (سهل شنعار ) , تحركت رؤوس النخيل وتساءلت طيور الاهوار عن متطفل يبدد وحشة الصمت الموحشة التي لا أول لها ولا آخر .... لكن النخيل وبكل أصنافه كان ذكيا , ً هذه شهادة أقولها مضطراً ... نظر من بعيد الى ((أوروك)) , حيث لازال الرجل الأول يزعق ... ويزعق ... وأحيانا يمارس الزئير مثل أسد هرم , بنت عصافير الدوري في فروته عشاً .
ضحكت نخلة وتبعتها النخيل وكثر الهمس ماذا يحدث في المدينة ؟ … حيث تراكض كتاب المعبد .... وكهنته وامسكوا بالأسافين ... والرقم الطينية ... وراحوا يكتبون بخط مسماري ...أروع الأناشيد والابتهالات . وقد اعتلوا زقورة المدينة , كل واحد منهم أخذ جانبا ً وبدأ يؤرخ حركات هذا (الجلجامش ) ويتفننون فيما يفعلون … حولوا الزئير إلى تغريد وراحوا ((يدلعونه )) فمرةً صار (جلجلاً ) ومرة (مشمشاً) … ياه ما أحلى حروفك … ومع هذا فأن( جلجامش ) ظل يزعق ويزعق فقد ظن ان صوته أجمل الأصوات .
مل الجميع من الزعق حتى صار قدراً عليهم … ولكن من يجرؤ أن … ويتوقف التفكير بعد (أن) ويظل مثل ( دون كيشون ) يصول ويجول بسيف مصنوع من رمال تماسكت خوفاً لأحبا.
ـ أحد المعلمين في كتاب الزقورة … كان يعلم والتلاميذ لا يسمعون من كلامه شيئا ... فصراخ هذا ((الجلجامش )) يفوت عليهم الدرس . . ولادعي لان يغلقوا الشبابيك فزجاجها متطاير … أسمعتم بصراخ اشد هولا من الانفجار ؟ لكن معلم الفيزياء لم ييأس كان يقول لهم :
- لكل فعل رد فعل يساويه في القوة ويعاكسه في الاتجاه .
وكاد يكمل جملته حتى هوت عصى ((جلجامش)) إلى رأسه فهشمته ولم يبق منه شيء أمام تلاميذه الذين بدؤوا يضحكون ملء الأشداق .
- ما أروع هذا المخرج وما اشد مهارته , انه يزاوج في شريطه السينمي بين جمالية الفديو وذكاء وعبقرية البرمجة .
لم يناموا تلك الليلة من شدة الفرح , لكن طفلا واحداً ظل واقفاً في الباب ينتظر وينتظر… وينتظر ولا احد يأتي … لم يفكر به احد ولم يقل له احد : ان أباه التقى ( جلجامش ) وكانت العصا قبلة اللقاء , لم يقل الطفل شيئاً ولم يبك مثلما نحن نبكي أمام أحزاننا … كان طفلا وليس ككل الأطفال… لكنه قال بصمت :
ـ أنا لك يا (جلجامش ) .
لم يسمعه احد , حينما تنفس متنهدا , فلو حدث الذي حدث لأصاب المدنية مكروه مثلما أصاب ( روما ) يوم احرقها ذلك ( النيرون ) المعتوه .
- أسمعت برجل يزعق ليلا ونهاراً ؟ .
- انه (جلجامش ) رجل ( أوروك) المبجل .
ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان, فجأة تحققت نبوءة معلم الصبيان … ونقلت العيون الخبر بصمت مشوب بالفرح, المتصارعان خارج أسوار المدينة … مثل ثورين هائجين تارة ومثل حصان طروادة … تارة أخرى, ثم يحرنان مثل بغلين , الغبار يملا السماء … حتى كادت الشمس ان تختفي الى الأبد …و مياه نهر الفرات فقدت فراتها وبدأت الأسماك تتلوى على الشاطئ الطيني , وهما لم يملا … ولم يكلا … ثلاثة أيام بلياليها… كر وفر وصراع بالأنياب والأظافر … وبالأيدي و الأرجل إنهما يتدحرجان مثل كرة مطاطية تقفز من ارض الى ارض .
- انا كلكامش .
- وأنا انكيدو.
- انا أقوى .
- لا بل انا .
- انا أطول .
- انا اشد طولا .
- صوتي أقوى .
- وصوتي اشد رعبا .
- ان (أوروك ) مدينتي .
- لا بل مدينتي .
مباهاة بين الاثنين ولكن للاشيء ولما كان المتصارعان في صراع مقدس فقد تقرر ان تتوقف كل الأنشطة , ريثما تظهر النتيجة فجاعت المدينة … لا خبزاً … ولا ماءاً , وانقسم الناس إلى فريقين , كلكامشي و انكيدووي والصراخ يتعالى الى عنان السماء وكثرت المراهنات ونفدت البطاقات ... وسعيد الحظ من يحصل على بطاقة.
فجأة حدث ما لم يكن في الحسبان … دق ناقوس المدرسة … انتبه الناس جميعاً : - من الذي يقرع الناقوس هذه المرة ؟
نظروا نحو المدرسة … كانت مفتوحة ومضاءة … وهذا ما أذهلهم, الكراسي مرتبة … كل شيء جاهز … كان وجه ذلك الطفل يطالعهم في كل ركن وزاوية … إنهم يعرفونه تماماً انه (نرام ) ابن ذلك المعلم الذي هشم (كلكامش ) رأسه, قالوا له وبلغة واحدة :
- إنهما لازالا يتصارعان عند أسوار( اوروك) … ألا تعرف ذلك ؟ !! يا(نرام)
هز الطفل رأسه بالإيجاب قائلا :
- انا اعرف ذلك … واعرف الخلاص .
وحينما سمعوا الكلمة الأخيرة فرحوا كثيراً والتفوا حوله مثل سوار يحيط بمعصم وكلهم كانوا يقولون :
- كيف ؟ … كيف؟...
وكان الطفل (نرام ) يمسك بكتاب أبيه , فقد نسي (كلكامش) ان يمزقه … وقال بصمت :
- اتركوهما لوحدهما .
ووضع الكتاب جانبا ً وشرع يدرس مكان أبيه … ونسي الناس (كلكامش ) و(انكيدو) اللذين ملا من الصراع … وقررا ان يدخلا المدينة من جديد لكن المفاجأة كانت اكبر من التصور … فباب المدينة مغلق, حاولا ان يفتحاه عنوة … لكنه كان قوياً ولم يفلحا.
صرخ ( كلكامش ) :
- انا (كلكامش) .
وصرخ انكيدو :
- انا انكيدو .
لكن الصوت كان يقول نحن لا نعرفكما … زعق كلكامش وصرخ انكيدو مرة أخرى ,لكن أسوار المدينة لم تتحرك , حاولا ان يتسلقا السور لكنه كان أملس وعاليا فلم يقدرا وظلا يبكيان ويتوسلان … لكن لا احد يستمع الى بكائهما … وهناك عند بوابة المدينة علقت لوحة خشبية كبيرة مكتوب عليها بلغة مسمارية :
( من أراد ان يدخل مدينتنا عليه أولا ان يتعلم القراءة والكتابة ) .
وقتها لم يفكرا بتلك العضلات المفتولة ولا بذلك الصوت المرعب … نسيا كل شيء وظلا يفكران بطريقة يحصلان بها على ورقة وقلم .
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .