العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حوار مع شيخ العرفاء الأكبر (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 05-05-2009, 01:02 AM   #1
سيدي حرازم يطرونس
المشرف العام
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
الإقامة: SDF
المشاركات: 1,056
إفتراضي بـيـن الـسـيـاقـة و الـسـيـاســـة ™

تقوم الحركات الاجتماعية والسياسية والدينية المطالبة بالإصلاح والتغيير في مختلف المجتمعات البشرية بممارسة العديد من الأفعال السياسية؛ وذلك لبلوغ أهدافها، وتحقيق مطالبها، وتتمحور هذه الأساليب في الوقت الحالي حول محاولة قيادة حركة الرأي العام في مجتمعاتها.. والسؤال المحوري الذي نطرحه في هذا الصدد هو: ما العلاقة بين مظاهر التعبير عن الرأي العام والمضمون أو المطالب التي تعبر عنها من ناحية، وردود أفعال السلطة السياسية الحاكمة تجاه هذه المظاهر والتعبيرات من ناحية أخري؟!

وللإجابة نتناول بالتوضيح سبعة متغيرات أساسية:

أولاً: ماهية العصيان السياسي وحق مقاومة الطغيان

العصيان هو النقيض لظاهرة الطاعة السياسية، وكلاهما تعبير عن جوهر فكرة الالتزام أو عدمه والتي تعني الرضاء والقبول الطوعي بجوانب ثلاثة متكاملة:

الأول: القبول بما تمثله هذه الأنظمة وتعبر عنه من نظام قيمي تراتبي تتربع على قمته قيمة عليا محورية كالحرية أو المساواة أو العدالة.

الثاني: القبول بأشخاص الحاكمين من حيث امتلاكهم للأهلية السياسية أو الجدارة.

الثالث: القبول بالممارسات السياسية للأنظمة من حيث إجراءاتها، وغاياتها، ومقاصدها، ومآلاتها.

ويعتبر العصيان السياسي ومقاومة الطغيان السياسي حقًّا ثابتًا للأمة ككل، وللرأي العام كحقيقة رقمية وظاهرة كمية متحركة - كما يقول أستاذنا العلامة د.حامد ربيع - والتي تمتلك الحق المطلق في رفض ومقاومة النظام السياسي في مستوياته الثلاثة السابقة وتغييره لآخر تراه محققا لذلك.

ويتخذ حق مقاومة الطغيان السياسي العديد من الصور مثل:

الإضراب العام: وقد برزت كمفهوم في الفقه السياسي، ثم تغلغلت في الحركة السياسية خلال القرن التاسع عشر قبل أن يتم إقرارها وإضفاء المشروعية القانونية عليها لاحقا.

أما الانقلاب العسكري: بأنواعه وصوره المختلفة؛ فهو تغيير غير شرعي في الأداة الحكومية؛ أي لا يأخذ بالأسلوب الذي يسمح به نص القانون الوضعي، ولا يتعدى إلي تغيير أو تجديد المثالية السياسية والنظام القيمي الذي يحكم النظام القائم.

أما ظاهرة الثورة: فهي أوضح صور ومظاهر التعبير عن حق مقاومة الطغيان، وهي رد الفعل العنيف الذي يرتبط بالعنف الجماعي؛ ليعلن عن التغيير في النظام السياسي، وهي تفترض التغيير الكلي في المفهوم الفكري الذي يسيطر على المجتمع السياسي، وهي أيضا وضع حد لتصور معين للشرعية السياسية واستقبال جديد لتصوراتها، وأيضا تغيير في الغايات التي يسعى لتحقيقها النظام السياسي.

ثانياً: ديناميات نشأة عمليات العصيان السياسي

تتطلب نشأة ومولد عمليات العصيان السياسي وتبلورها بعد ذلك في حق مقاومة الطغيان حدوث عمليات تغييرية متعددة الأبعاد تقوم على مستويين متكاملين وهما:

المستوى الأول: التغيير الذي له جوانب ثلاثة هي:

الأول: ما يحدث في إدراكات وذهنيات الناس الذين ألفوا وتعودوا من قبل على القبول بالوضع القائم.

الثاني: يبدأ النظام السياسي القائم بفقدان شرعيته ككل.

الثالث: يتولد لدى الناس "شعور جديد" بالقدرة والإرادة والفعالية- بديلاً عن الشعور بالعجز الذي كان سائداً من قبل؛ فتصبح هناك قناعة وإرادة على التغيير في بعض الأمور.

المستوي الثاني: يحدث في السلوك والفعل السياسي، ويتسم بسمتين:

الأولى: من ناحية التوجه والاتجاه الذي يتمثل في رفض الانصياع للسلطة الحاكمة، وعصيان أوامرها والخروج عليها.

والثانية: الجماعية؛ أي أن تتم العملية باعتبارها سلوكاً جماعياً وليس مجرد سلوك مجموعة من الأفراد المتفرقين المعزولين.

ثالثاً: النظريات المفسرة لنشأة عمليات العصيان السياسي

تقدم دراسات الفكر السياسي العديد من النظريات التي تسعى إلى تفسير مثل هذه العمليات؛ بداية من أرسطو الذي يرجعها إلى ظاهرة "عدم المساواة" التي يحرك واقعها المحرومون لتحقيق "العدالة"..

وإذا انتقلنا إلى مستوى النظريات الكبرى، فإننا نقسمها إلى نوعين:

النوع الأول: النظريات التي تؤكد على "طبيعة القوى الضاغطة" على جسد المجتمعات، والتي تقود إلى حدوث انفجار عمليات العصيان السياسي.

النوع الثاني: النظريات التي تؤكد على التغييرات في الأبنية التنظيمية المجتمعية والسلطوية، خاصة تلك التغيرات السريعة والحادة النابعة من عدم المقدرة على مواكبة التطورات والأحداث.

النوع الثالث: النظريات التي تؤكد على أنَّ الانقسامات التي تحدث داخل "الصفوة" السياسية والاقتصادية والاجتماعية قد تؤدي إلى نشأة مختلف مظاهر العصيان السياسي؛ ففي الظروف العادية الطبيعية يكون من مصلحة هذه الصفوة الحفاظ على الأوضاع القائمة، ولكن ظروف التحولات المؤسسية والاجتماعية التي تؤثر على الصفوة بأشكال مختلفة يهدر من قوة البعض، ويرفع من قوة الآخرين؛ مما يؤدي إلى خلافات داخل الصفوة، الأمر الذي قد يقود إلى تآكل سيادتهم.

رابعاً: العوامل المحدِّدة للأشكال التي تتخذها عمليات العصيان السياسي

فالبعض قد يختار "المقاطعة "، و"الإضراب"؛ والآخر قد يختار"الاحتجاج" والتظاهر، والهبّات، والثورة الشاملة؛ وهذا الاختيار يرجع إلى عدة عوامل نذكر منها:

1 ـ طبيعة الأوضاع والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تقود إلى عمليات العصيان السياسي وتفرض مقاومة الطغيان.

2 ـ يشكل "النمط المؤسسي" طبيعة واتجاه الحركات الشعبية التي تقود العصيان السياسي أو حق مقاومة الطغيان، فالنقابات تشكل شخصية المجموع، وتعطيه تجربة مشتركة إلى حد كبير، بينما صغار التجار متفرقون؛ مما يجعل القاسم المشترك المرئي وإمكانيات التعاون أقل.. أما الطلاب في الجامعات والمدارس، فإن تجربة التجمع أكبر مما يجعل شكل التحرك أوسع، ولكنه مؤقت أو موسمي؛ لارتباطه بطبيعة عمل المؤسسة..

3 ـ تحدد "الأدوار المؤسسية" الفرص والإمكانيات المتاحة.. أما ممارسة العصيان السياسي؛ فالعمال يضربون؛ لأنهم موجودون في نفس الإطار (المصنع)، بينما العاطلون عن العمل لا يمكنهم الإضراب، ولكنهم يتظاهرون.

4 ـ تعبر المعارضة في الظروف العادية عن نفسها من خلال "صناديق الانتخاب" التي يجب أن تتم من خلالها عملية التغيير السياسي؛ ويعتبر أولى علامات "الاستياء الشعبي" هو حدوث تحولات حادة في نتائج الانتخابات المختلفة؛ كأن تتراجع بشدة قوة حركة شعبية، أو ينهزم حزب حاكم لفترة طويلة هزيمة ساحقة أو ذات دلالة، أو عندما تبدو عملية الانتخابات والتغيير عبر صناديق قليلة الجدوى.

5 ـ قد تمارس الصفوة السياسية أدوارها في استثارة العصيان السياسي الشعبي، وكذلك في تشكيل مطالبه من ناحية، ومن ناحية أخرى قد تشكل تصرفاتها دوراً في الإرضاء ومحوراً تلتقي حوله الهموم، كما أنها قد تمتص الغضب الجماهيري بالحديث عن "حقوقهم"، والتدخل أحياناً للاستجابة لبعض المطالب الجزئية..


يتبع
__________________
"Noble sois de la montaña no lo pongais en olvido"

آخر تعديل بواسطة سيدي حرازم يطرونس ، 15-05-2009 الساعة 04:01 PM.
سيدي حرازم يطرونس غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-05-2009, 01:48 AM   #2
الخامس
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 77
إرسال رسالة عبر ICQ إلى الخامس إرسال رسالة عبر  AIM إلى الخامس
إفتراضي

موضوع مهم جدا و يستحق المتابعة و ستكون لي مداخلة ان شاء الله في الوقت المناسب و هنا عندي تسؤل بسيط ربما اجد عندك جوابا له او توضيحا
لقد قلت انت :
" المستوى الأول: التغيير الذي له جوانب ثلاثة هي:

الأول: ما يحدث في إدراكات وذهنيات الناس الذين ألفوا وتعودوا من قبل على القبول بالوضع القائم.

الثاني: يبدأ النظام السياسي القائم بفقدان شرعيته ككل.

الثالث: يتولد لدى الناس "شعور جديد" بالقدرة والإرادة والفعالية- بديلاً عن الشعور بالعجز الذي كان سائداً من قبل؛ فتصبح هناك قناعة وإرادة على التغيير في بعض الأمور.

المستوي الثاني: يحدث في السلوك والفعل السياسي، ويتسم بسمتين:

الأولى: من ناحية التوجه والاتجاه الذي يتمثل في رفض الانصياع للسلطة الحاكمة، وعصيان أوامرها والخروج عليها.

والثانية: الجماعية؛ أي أن تتم العملية باعتبارها سلوكاً جماعياً وليس مجرد سلوك مجموعة من الأفراد المتفرقين المعزولين. "




ففي رايكم اين يمكن تصنيف التغيير عند امتنا العربية بالنسبة لهذه المستويات ؟
__________________
لا احد يمتلك كل الحقيقة والكل يمتلك بعض الحقيقة
الخامس غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 15-05-2009, 04:10 PM   #3
سيدي حرازم يطرونس
المشرف العام
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
الإقامة: SDF
المشاركات: 1,056
إفتراضي

خامسا : إستراتيجيات الأنظمة السياسية في مواجهة العصيان السياسي
تختلف إستراتيجية الأنظمة السياسية الحاكمة في التعامل العصيان السياسي طبقا للأجواء التي ينشأ فيها وهي غالبا استثنائية ينعدم فيها الاستقرار وترتفع فيها الحساسية السياسية، وهناك ثلاث إستراتيجيات أساسية:
الأولى: التجاهل السياسي: أي يتم تجاهل الأمر إذا لم يمتلك القطاع المقاوم تأثيرا سياسيا حقيقيا فإنه غالبا ما يتم تجاهله من قبل السلطة السياسية الحاكمة، وخاصة إذا لم تتأثر قطاعات مركزية في المجتمع بمقاومته، أو ما لم تتأثر قطاعات أخرى بالقطاعات المتمردة.
الثانية: استخدام القوة والعنف: بحيث يتم اضطهاد القطاعات المقاومة خاصة عندما تتأثر مؤسسات مركزية أو حساسة في المجتمع من جراء عمليات التمرد أو العصيان.
الثالثة: الاسترضاء والرشوة السياسية: وهنا تسعى السلطة السياسية الحاكمة للاسترضاء بأشكال متعددة منها:
- تقديم تنازلات مباشرة أو الضغط على الصفوة من رجال الأعمال والقطاع الخاص لتقديمها لقطاعات معينة من الجماهير، سواء أكانت التنازلات ملموسة أو رمزية.
- ضخ طاقات الغضب الناجمة عن العصيان في مسارات أكثر شرعية وأقل ضررا بتقديم المزيد من الإغراءات أو بعبارة أخرى احتواء القيادة في اللعبة السياسية.
- إضعاف حدة التعاطف الجماهيري مع عمليات الاحتجاج من خلال جهود الترضية السابقة، وعبر برامج يبدو أنها تحقق المطالب الأخلاقية لها، وبالتالي يتم سلب الدعم عن هذه العمليات دون تقديم تنازلات ملموسة.
وهناك ما نطلِق عليه "الإستراتيجية المزدوجة" التي تتبعها الأنظمة السياسية الحاكمة في احتواء عمليات العصيان السياسي وهي تشمل جهود الترضية والرشاوى السياسية والمكاسب الظاهرية -على النحو الذي أسلفنا- من جانب، ومن الجانب الآخر يتم عادة التبني الآمن لإجراءات تعسفية يتم من خلالها مضايقة القادة والقطاعات الأكثر تمردا أو تلك التي ترفض التنازلات من خلال تحرش السلطة السياسية الحاكمة، وبإجراءات قانونية ورسمية تتم إجراء التحقيقات وتصل إلى المحاكمات وإصدار الأحكام في إطار تغطية إعلامية ودعائية واسعة.
وهكذا تضمن الأنظمة الحاكمة أن الإجراءات التعسفية لن تجلب -غالبا- التذمر من الجمهور المتعاطف، بل إن هذه الإستراتيجية المزدوجة قد تضفي نوعا من المصداقية والتوازنية على ممارسات السلطة السياسية الحاكمة.
سادسا : احتواء واستيعاب العصيان السياسي في الأطر المؤسسية والتنظيمية
تشير الخبرات التاريخية إلى أن تحقق مفهوم "القوة" و"السيطرة" لأي نظام سياسي يكون عبر التحكم في وسائل القوة المادية والإنتاج الاقتصادي من جانب والآلة العسكرية والأداة الأمنية من جانب آخر واللذين يتركزان مع مرور الزمن في يد الطبقة الحاكمة، كما أن حماية وتوسع هذين المصدرين تتم من خلال استخدامهما في التحكم ليس فقط "بسلوك" أفراد المجتمع، بل في التأثير على "معتقداتهم"؛ الأمر الذي يطلق عليه البعض "التنظيم الأعظم" ويسميه آخرون "الثقافة"، ويشمل منظومة معقدة من "المعتقدات" و"الطقوس" التي تؤطر للناس الصحيح والخطأ، والممكن وغير الممكن، وما يترتب على هذه المعتقدات من سلوكيات "واجبة"... إلخ.
والواقع أنه تتم في الدول الرأسمالية تغطية المال والثراء كمصدر للقوة بعملية انتخابية يشارك فيها أفراد المجتمع بصورة متساوية؛ فيتم تغطية قاعدة "المال" بقاعدة "التصويت"، ومن ثمَّ يتم الحد من المشاركة الفعالة، والإلزام بخيارات محدودة، وترجيح مصالح الصفوة على مصالح الجماهير... إلخ، ومن ثم فإن الاستنتاج الطبيعي هو أن التزام الفئات بإطار العملية الانتخابية لن يتيح لهم ممارسة أي تأثير يذكر في المجتمع؛ وبالتالي فقد أضحى واضحا أن العصيان السياسي ليس عملية شغب ولكنه الخيار الوحيد أمام هؤلاء المحرومين والمبعدين عن ممارسة خيارات سياسية حقيقية، وبالتالي فإن استيعاب عمليات العصيان السياسي عبر تحويلها إلى "تنظيمات سياسية"، أو السماح بتبني مطالبها وأهدافها عبر قنوات المؤسسات السياسية القائمة في إطار مؤسسة الدولة؛ الأمر الذي يطلق عليه "الوظيفة الاستيعابية أو التطويرية للنظام السياسي" هو أمر غير ناجح عمليا، ويتم من خلاله القضاء على إمكانيات التغيير الحقيقية، أو الاستجابة الفعلية للمطالب التي تتبناها حركات العصيان السياسي...
فالاعتقاد بأن تحويل الحركة الشعبية المعبرة عن العصيان السياسي إلى "منظمة سياسية" سيجبر الصفوة السياسية والاقتصادية على تقديم تنازلات سياسية يتم من خلالها توسيع المنظمة وتحقيق مطالبها؛ هذا الأمر وإن حدث تاريخيا فقد كان تحت تأثير عاملين:
الأول: جاذبية اللحظة التاريخية؛ حيث يقود الاستياء والسخط عددا كبيرا من الناس للتمرد والعصيان السياسي؛ الأمر الذي يبدو معه أن هناك الكثير مما يمكن القيام به في حالة إنشاء منظمة كبيرة ودعم عملية استمرارها.
الثاني: تقدم الصفوة -أحيانا- في مواجهة العصيان السياسي بعض التنازلات التي يبدو أنها لم تكن ممكنة من قبل، فيعتقد أن الأمر سيزداد ويتدعم في حالة إنشاء منظمات سياسية.
ولكن ذلك يتضمن خللا حقيقيا؛ إذ إن الصفوة لن تقبل بتقديم سلسلة من التنازلات تمس جوهر حكمها، أو تسمح باستخدامها في تحد حقيقي لمواجهتها، كما أن القيادات بإنشاء هذه المنظمات السياسية تنقل الجهود من "الشارع" إلى "قاعات الاجتماعات"، وتصبح هذه المنظمات رأس جسر لجهود الصفوة السياسية في دفع العصيان السياسي في القنوات السياسية التقليدية والتي لن تحقق أو تستجيب للمطالب الحقيقية، بينما تظل هذه الجماعات والمنظمات السياسية تعتقد -وبالأصح تعيش وهمًّا- أنها تسلك "الطريق الطويل والصعب" ولكنه المضمون نحو تحقيق أهدافها.
سابعا : انتهاء حركات العصيان السياسي وموت مقاومة الطغيان:
بعد أن تتأكد الصفوات والسلطات الحاكمة من درجة ومستوى فعالية المنظمات السياسية التي قامت في سياق عمليات عصيان سياسي تعبيرا عن مطالب حقيقية – لكنها فقدت بتحويلها التنظيمي هذا الزخم تسعى إلى جذبها إلى بنية الأنظمة السياسية لمعرفة آرائها، ولكي تعرض همومها وشكواها عبر المؤسسات والقنوات الرسمية للدولة، وهذه الاستجابة الرمزية ليست للمنظمة كـ"تنظيم" ولكن للبقية الباقية من قوى العصيان السياسي داخلها – وهذه بدورها لا تدوم طويلا كأي مظهر من مظاهر الرأي العام المتقلبة والزئبقية، وهكذا فإن أكثر التنظيمات التي نشأت تعبيرا عن مطالب حقيقية ومن رحم حركة شعبية تتلاشى كوجود حقيقي...
ومع ذلك تستمر هذه المنظمات كـ"هياكل" و"أبنية" فارغة رهينة بأمرين:
الأول: تصبح ذات فائدة ومصدر وجاهة ومكانة رمزية، وغالبا ما تشكل وسيلة ومصدر معيشة للذين يتحكمون في مواردها ويعتمدون عليها من المجموعات والأفراد الذين يدعون تمثيل المنظمة أو الجماهير".
الثاني: تصبح أكثر خضوعا لمن تعتمد عليهم في مواردها المختلفة، ويبقى توازنها الهش رهينا بتوازن مجموعات "الشلل" و"الزبائن" الذين تؤول أمورها إليهم، بالإضافة إلى سبب جوهري مهم وهو أن استمرارها بهذه الوضعية إنما يكون بسبب هجرها للسياسات المعارضة الفعلية والجذرية، وقبولها بلعب "أدوار" محددة في إطار "لعبة" السياسات الرمزية.

انتهى
__________________
"Noble sois de la montaña no lo pongais en olvido"
سيدي حرازم يطرونس غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .