العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات فى بحث النسبية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حديث عن المخدرات الرقمية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الكايميرا اثنين في واحد (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى كتاب علو الله على خلقه (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 11-05-2009, 12:24 PM   #1
سيدي حرازم يطرونس
المشرف العام
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
الإقامة: SDF
المشاركات: 1,056
إفتراضي الـهـــويـــة والعــنـــف



امارتيا سن من مواليد الهند عام 1923. حاز عام 1998 على جائزة نوبل في الاقتصاد عن أعماله حول المجاعات والتنمية. وكان قد سبق له ونشر عام 1981 كتابا أصبح مرجعا في مجاله تحت عنوان: «الفقر والمجاعات» أثبت فيه أن المجاعات ترتبط بصورة وثيقة جدا مع ظاهرة التداخل بين أشكال عدم المساواة الاجتماعية ومنظومات التوزيع وليس بنقص المواد الغذائية في العالم.

المؤلف هو أول آسيوي يتولّى إدارة مركز للأبحاث الاقتصادية في إطار جامعة كامبردج. سبق له وقدّم العديد من المؤلفات من بينها: «ديمقراطية الآخرين» و«الهند: التاريخ والثقافة والهوية»، الخ. هذا الكتاب الجديد «الهوية والعنف» يندرج في نفس النهج من التحليل الذي شهدته أعمال امارتيا سن السابقة والمتمثل في الجمع بين الاقتصاد والفلسفة والعلوم الاجتماعية والتحليل السياسي، وذلك تماشيا مع مبدأ لم يحد عنه منذ البداية ومفاده أن «الاقتصاد علم أخلاقي» وأن مسيرة الحرية بالنسبة لأي شعب ولأي فرد تبدأ دائما من «التنمية». وبهذا المعنى يرى أن «الآليات الاقتصادية» هي ذات وظيفة «أخلاقية» و«إنسانية» و«اجتماعية». هذا إلى جانب تأكيده على الجوانب العملية في الحياة السياسة. فإذا كان يؤكد على أهمية الديمقراطية في الممارسة السياسية.

فإنه يرى ضرورة تأمين الشروط التي تسمح بممارستها بطريقة «واعية». ذلك بمعنى أنه إذا كان من المهم الحصول على حق الاقتراع فإن الأمر الأساسي هو امتلاك التربية الضرورية من أجل فهم الخيارات المطروحة على الناخبين. ولكن أيضا وأساسا امتلاك وسائل النقل الضرورية لتأمين وصول هؤلاء الناخبين إلى صناديق الاقتراع.

«الهوية والعنف» عمل يؤكد فيه مؤلفه على مقولة أن الهوية الإنسانية «متعددة الأبعاد ومعقّدة»، وبالتالي يرفض اختزالها إلى البعد العقائدي كما فعل المفكر الأمريكي صموئيل هنتنغتون في كتابه المعروف عن «صدام الحضارات». وبهذا المعنى يرد «امارتيا سن» على أطروحة هنتنغتون ويرى أنها تقدم مقاربة «ذات بعد واحد» لمفهوم الهوية، أي تقسيم العالم إلى «طوائف» وبالتالي إلى قوى «متنازعة» بالطبيعة، ذلك أنها تعبر عن «كتل ذات هويات محددة ومتناسقة فيما بينها».

ينطلق امارتيا سن في تحليلاته من حادث محدد كان قد عاشه هو نفسه عندما كان في حوالي العاشرة من عمره في بلدة «داكّا» حيث كان يعيش مع أهله عام 1944. فذات يوم وجد رجلا مضرّجا بدمه عند باب حديقة المنزل. كان مطعونا بعدة ضربات من آلة حادة، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يشاهد فيها الطفل مثل ذلك «العنف». لكن المشهد لم يبارحه طيلة حياته. ومنذ ذلك اليوم طرح على نفسه سؤال كبير: لماذا حاولوا قتل ذلك الرجل؟

وكانت الإجابة الوحيدة التي توصل إليها هي أنه قد فقد حياته لسبب واحد هو أنه كان مسلما، وأن سوء حظه قد دفعه إلى أن يكون في «المكان السيئ» وفي «اللحظة السيئة»، بحيث تضافرت الشروط لارتكاب الجريمة وخاصة توفر خلفية الحقد وعدم التسامح حيال «الآخر» لكون أنه «الآخر» دون أن يختار ذلك.

وفهم امارتيا سن أن ذلك الرجل ـ الضحية كان قد تلقّى من زوجته في صباح ذلك اليوم النصيحة بعدم الخروج من المنزل. لكن عدم الخروج كان يعني عدم توفير الطعام لأسرته. وبالتالي (لم يكن حرّا) في اتخاذ قرار عدم الخروج. هذا يعني أن الشروط الاقتصادية يمكنها أن تكبح ممارسة الحرية. هكذا خرج المؤلف انطلاقا من تلك الحادثة بقناعة كبيرة تقول بوجود «ارتباط كبير بين الاقتصاد والحرية». وشرح مثل هذه العلاقة الوثيقة يجدها القارئ في جميع أعمال حامل جائزة نوبل للاقتصاد بما فيها هذا الكتاب «الهوية والعنف».

«لذلك يخرج المؤلف من الحادثة نفسها ب«درس آخر» هو أن العنف الإنساني، ومهما بلغت درجة شراسته، لا يستطيع أن ينهي كل بعد إنساني لدى البشر. هكذا يروي كيف أن أباه، غير المسلم، لم يتردد لحظة واحدة في نقل ذلك الرجل الجريح بسيارته إلى المستشفى أملا بإنقاذ حياته، لكن الفرصة كانت قد فاتت.

وما يؤكده المؤلف هو أن فهم تلك الحادثة يتطلب الذهاب إلى ما هو أبعد من اعتبارها «قضية هندية ونزاع عقائدي، ديني» فقط. وإنما البحث عن خلفياتها العميقة في «المفاهيم المحدودة والجامدة للهوية». ويعتبر أن جميع التعريفات القائمة على أساس الانتماء إلى مجموعة معينة أو طائفة معينة إنما تقوم بعملية «اختزال»، و«قصر» الإنسان على بعد واحد، بينما أنه تجسيد ل«هويات متعددة» وإن هذه «التعددية» هي مصدر ثراء كبير له.

إن امارتيا سن يؤكد على تعقيد مفهوم الهوية وتنوعه، ولا يتردد في القول أنه «يمكن للشخص نفسه، دون الوقوع في أي تناقض، أن يكون مواطنا أميركيا تعود أصوله إلى منطقة الكاريبي، ومن جذور إفريقية، ويكون مسيحيا وليبراليا، امرأة أو رجلا،ومؤرخا أو معلما أو روائيا أو مدافعا عن حقوق المرأة أو عن حقوق الشاذين جنسيا، أو محبا للمسرح أو مدافعا عن البيئة أو موسيقيا يعزف الجاز، الخ». وضمن هذا النهج من التحليل يدين امارتيا سن، بأشكال مختلفة، كل تلك التيارات التي تحاول «سجن» الإنسان داخل أسوار «هوية مغلقة» و«منغلقة على ذاتها»، مما يفتح آفاق النزاعات والحروب على مصراعيها وتمنع الإنسان نفسه من «تحقيق إنسانيته ذات الأبعاد العديدة».

ويضرب امارتيا سن حالته الشخصية كمثال على الهوية ذات الأبعاد المتنوعة. فهو من مواليد الهند ويعيش حاليا في الولايات المتحدة، حيث يقوم بالتدريس في جامعة هارفارد، وبريطانيا والهند. ويؤكد أنه معجب ب«المطبخ الانكليزي» وأطباقه الشهية، ويستمع كثيرا إلى موسيقى الجاز والراب ولكن أيضا الموسيقى الهندية.

ويخرج بنتيجة مفادها أنه لا يحس أبدا أن ذلك التنوع يلغي واقع أنه هندي الأصل ومتعلق جدا بهويته «البنغالية».

ويشرح امارتيا سن أن فكرة الديمقراطية ليست منتوجا غربيا بصورة حصرية، كما يحلو لبعض المفكرين القول. بل إنه يؤكد على جذورها العالمية ذات البعد الإنساني. ويشير إلى وجود مثل هذه الجذور في تجارب سابقة بالهند وبالعالم الإسلامي في فترات سابقة متزامنة فيما بينها، هذا في الوقت الذي كانت فيه أوروبا «تقوم بحرق الهراطقة أحياء». وبهذا المعنى يؤكد المؤلف على أن «انتقال الديمقراطية» هو مشروع كوني ولا يمكنه أن يزدهر في إطار «العزلة الخانقة». كما يتم التأكيد في نفس الإطار على أن «الأشكال الديمقراطية للأنظمة الحديثة هي جديدة نسبيا في كل مكان من العالم».

كذلك يؤكد المؤلف على أن تفجيرات نيويورك وواشنطن يوم 11 سبتمبر 2001 وما أعقبها من تطرف هو الذي أعطى لمسألة «الهوية» بعدها الكوني المعاصر، كما أعطى لأطروحة صموئيل هنتنغتون الكثير من المصداقية.

ولا يتردد المؤلف في التأكيد على ضرورة بل على «أمله» الخروج من حالة «الانعزال» التي يحاول المتطرفون زج العالم الإسلامي فيها. ويتم التأكيد في هذا الإطار على الدور الكبير الذي يمكن للمفكرين المسلمين من دعاة التسامح أن يلعبوه من أجل ولوج فترات تنوير حقيقية. والتجارب التاريخية الخاصة ب«الحوار المنفتح والاختيار الحر» التي يتم ذكرها كثيرا وليس أقلّها شأنا ما عرفته قرطبة وغيرها من مدن الأندلس في العصر الإسلامي.

ويشرح المؤلف على مدى العديد من الصفحات كم هو من «المضحك والخطير» الحديث عن «هوية هندوكية» صافية. هذا لاسيما وأنه يوجد في الهند اليوم عدد من المسلمين يجعلها الأكبر في العالم الإسلامي بعد اندونيسيا والباكستان. ثم إن الهند ضمّت باستمرار عددا كبيرا من المدارس الفلسفية والصوفية والمادية أيضا.

ويؤكد المؤلف بخصوص هذه الأخيرة «أي الماديّة» إنها موجودة في الهند منذ القرن الثامن. وتتم الإشارة أيضا إلى أن ثلاثة أرباع أصوات الناخبين في الهند تذهب خلال العقود الأخيرة نحو أحزاب مستقلة عن الأديان. ويصل المؤلف في نتيجة التحليل إلى القول أن «عظمة الهند» تكمن في تنوعها. وأنه ليس هناك أي مستقبل لدعاة القومية الهندية «المتزمتة».

وبعد أن يشير المؤلف إلى أنه يتم النظر إلى العولمة على أنها منتوج «غربي» تحاول الحضارات الأخرى «مواجهته» بهوية ثقافية «خاصة»، يؤكد على خطأ مثل هذا الفهم، إذ لا يعتبر أبدا أن العولمة تعني الهيمنة الاقتصادية والثقافية للغرب. ذلك أن هناك قوى أخرى كبيرة فاعلة في عالم اليوم مثل الصين والهند. ويعيد امارتيا سن الخطأ الشائع في فهم العولمة على أنها غربية إلى أمرين.

الأول اعتبار أن العلم هو بالضرورة غربي، والثاني القناعة أن التجارة العالمية هي في قبضة الولايات المتحدة وأوروبا. وهذا ما يخالف واقع اليوم. الهوية والعنف... محركان للتاريخ اليوم... وموضوع كتاب لأحد أشهر المفكرين المعاصرين.





__________________
"Noble sois de la montaña no lo pongais en olvido"
سيدي حرازم يطرونس غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-05-2009, 01:31 PM   #2
العنود النبطيه
سجينة في معتقل الذكريات
 
الصورة الرمزية لـ العنود النبطيه
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
الإقامة: الاردن
المشاركات: 6,492
إفتراضي

إقتباس:
وبعد أن يشير المؤلف إلى أنه يتم النظر إلى العولمة على أنها منتوج «غربي» تحاول الحضارات الأخرى «مواجهته» بهوية ثقافية «خاصة»، يؤكد على خطأ مثل هذا الفهم، إذ لا يعتبر أبدا أن العولمة تعني الهيمنة الاقتصادية والثقافية للغرب. ذلك أن هناك قوى أخرى كبيرة فاعلة في عالم اليوم مثل الصين والهند.
اخي عصام

هل تشارك الكاتب رايه
في ان العولمة ليست للهيمنة الاقتصادية والثقافية؟؟؟
هل تبين حتى الان ان للعولمة مدخلات ومخرجات تؤدي الى غير ذلك؟؟؟

هل تؤمن بان العولمة لن تعمل على ذوبان واختفاء الهوية الحضارية والثقافية للدول والافراد
ويصبح العالم كله مائعا في بوتقة مادية لا تربط بين الاناس الا المصالح المادية المحضة؟؟؟

هل هنالك علاقة بين البعد الحضاري للدول الفقيرة
والعمر القصير نسبيا للدول العظمى بالعولمة واهدافها؟؟

اتمنى ان اعرف رايك الشخصي في هذه النقطة
__________________


كيف استر الدمع في عيونٍ عرايـــــا
وسحاب الألم لا يترك في العمر ورقة إلا ويرويها بالشقاء
أنّى للدموع الاختباء والفؤاد جريح
والنزيف سنين من عمرٍ صار خراب
فيا دمعاتي الحوارق هونا على الخدود حرّقها لهيبك
وهونا على العمر صار يجر الخراب وهو في بواكير الصبا



http://nabateah.blogspot.com
العنود النبطيه غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-05-2009, 08:05 PM   #3
البدوي الشارد
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2009
الإقامة: حزيرة العرب
المشاركات: 760
إفتراضي

الأخت العنود محقة في اعتراضها.
صار عندي انطباع أن المهاجرين من آسيا وبعض العرب أيضا عندهم نزوع ذميم للسخرية من مسألة الهوية والدفاع بحق أو باطل عن العولمة، وهذا للدفاع عن مواقعهم الانتهازية التي يشغلونها في الغرب لأنهم يقدمون أنفسهم كممثلين له في ثقافتهم.
قول أخينا إن العولمة غير غربية بدعوى أن الصين والهند تشاركان فيها طرح سطحي، لأن العولمة تتم بلغة إنجليزية وثقافة أمريكية، والصين والهند لم يدخلا العولمة حتى تأمركا ثقافة وأخلاقاً أيضاً.
أكانت الصين ستدخل العولمة لو كانت لا زالت ماوية أو لو كانت الهند لا زالت على مبادئ غاندي؟
البدوي الشارد غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-05-2009, 11:56 AM   #4
سيدي حرازم يطرونس
المشرف العام
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
الإقامة: SDF
المشاركات: 1,056
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة العنود النبطيه مشاهدة مشاركة
اخي عصام
هل تشارك الكاتب رايه
في ان العولمة ليست للهيمنة الاقتصادية والثقافية؟؟؟
هل تبين حتى الان ان للعولمة مدخلات ومخرجات تؤدي الى غير ذلك؟؟؟
هل تؤمن بان العولمة لن تعمل على ذوبان واختفاء الهوية الحضارية والثقافية للدول والافراد
ويصبح العالم كله مائعا في بوتقة مادية لا تربط بين الاناس الا المصالح المادية المحضة؟؟؟
هل هنالك علاقة بين البعد الحضاري للدول الفقيرة
والعمر القصير نسبيا للدول العظمى بالعولمة واهدافها؟؟
اتمنى ان اعرف رايك الشخصي في هذه النقطة


أهلا أختي العنود..
بداية اسمحي لي أن أعود لطرح التساؤل انطلاقا من الفقرة الأخيرة التي ارتكزت عليها في اعتراضك، فيكون تساؤلك على هذه الصيغة : "هل العولمة تعني الهيمنة الاقتصادية والثقافية للغرب"؟
وأنا أقول لك أن الهيمنة الاقتصادية ليست للغرب، فقط لأنه غرب، بل هي للغرب لأنه يملك اقتصادا قويا، وهي أيضا، للشرق الأقصى، ولكل الدول التي استطاعت بناء اقتصادات قوية ومتينة، والكاتب يقدم مثالا على ذلك الصين والهند، ومعلوم أن الصين اليوم هي عملاق العالم، الذي تعول عليه أمريكا لإنقاذ اقتصادها من أزمته العالمية، عبر بيعها سندات الخزينة الأمريكية، هذه السندات التي تملك فيها الصين اليوم 739 مليار دولار ما يعني أنها السيدة الأقوى في العالم.
ويمكن أن ينطبق الأمر على أي دولة أو تجمع دول بعد ذلك، هذه التجمعات أو التكتلات التي صار يسعى إلى إقامتها كل بلدان المعمور إلا دولنا الغبية للأسف.. وهكذا ليس هناك أمر ثابت في الإقتصاد وليس هناك مقدس، أما فعل الهيمنة فهو مطلب الجميع وكل قوي يسعى بالضرورة إلى ابتلاع الضعيف ولنا في الشركات العادية عبرة، فماذا يعني خلق شركات مجهولة الإسم s.a إن ذلك يعني منذ البداية رغبة الاقتصاديين في الخروج من صنف الشركات العائلية أو المتوسطة والصغيرة من أجل ضمان مكان بين الأقوياء لأن هذه هي فلسفة السوق أينما كان مكان وزمان العملية الاقتصادية في هذا العصر، وما ينطبق على الإقتصادات الصغرى ونلحظه بأم العين في متابعاتها اليومية هو نسخة طبق الأصل لما يجري بين الاقتصادات الكبرى والتكتلات عبر العالم.
وأعرج الآن على مسألة الثقافة.
أختي العنود.. بداية من منتصف التسعينات صار مصطلح العولمة يطرق ابوابنا عبر وسائل الإعلام ومن مختلف الجهات، ولا أحد يهاجم العولمة إلا ويقال عنه إنسان شهم ومثقف وقومي وطني، وما دافع عن العولمة أحد إلا اتهم بأنه عميل للغرب وخادم طيع للامبريالية والاستعمار الجديد.
سكت المدافعون والمهاجمون وجرت بنا الأقدار وسرنا وسارت معنا السنون.
واليوم، نظرة إلى ماضينا، تظهر لنا أننا كنا نعيش العوملة الثقافية بحذافيرها قبل أن نسمع عنها، من منكم من يشاهد والت ديزني ؟ من منكم لم يكن يقرأ لـ أكاثا كريستي، من منكم كان يجهل الكوكاكولا والبيبسي ؟
ميكي ماوس، دونالد، وكل الذين ظلوا يتلاعبون بعقول الصغار في حلقات المسلسل الكرتوني جزيرة الكنز، والمبادئ الليبرالية المسربة عبر حلقاته، ألعاب الننتاندو والرسوم المتحركة الأمريكية واليابانية، والأفلام، واللغة الأجنبية والرياضات الحربية التي تقربنا من فاندام أو براسلي، رومبو، أرنولد.. والقائمة طويلة.
لقد كنا نعيش تحت مظلة ثقافة أمريكية منذ صغرنا، ولم ننتبه إلى ذلك، بل أكثر، تبنيناها وصارت من طفولتنا العادية والبريئة، ولم يوجد أي تعارض لدى أحد، بين أن يكون مسلما عربيا، وبين أن يكون عاشقا لوالت ديزني ومغرما بالأفلام الأمريكية، يعطش فيشرب كوكاكولا، ويجوع فيطرق باب أحد المطاعم الأجنبية.
أكتشفنا أننا كنا نعيش ثقافة، عربية إسلامية أوربية أمريكية يابانية صينية أفريقية، ولم نجد تعارضا بين كل هذا وذاك، وكان هذا مدخلا ليصل مؤلف الكتاب السابق، إلى إيجاد ذلك التوافق والوئام بين أن تكون مواطنا ينتمي إلى قطر محدد، وبين أن تكون مواطنا عالميا.. على المستوى الثقافي والهوياتي على الخصوص.

أما قولك يا أختي العنود أن من نتائج العولمة تحول العالم إلى بوتقة مادية لا تربط بين أناسه إلا المصالح المحضة، فهنا دعيني ألفت انتباهك يا اختي العزيزة إلى خلط بسيط وقع فيه تحليلك، فأنت هنا تقصدين الفردانية التي تطبع تصرفات الناس، وهذه ليست من نتائج العولمة بالضرورة، بل تطور الحياة المدنية وتسارعها الذي لا مفر منه، كضريبة للتقدم، فهذه الأوصاف التي أظهرت لي تأففك منها، ظهرت مع التطور الصناعي، حيث انزوى كل واحد بعمله الشاق، واضطر آخرون للسفر أو الانقطاع عن أسرهم لفترة، وأمام مطالب الحياة المادية وكثرة رغباتنا وتعدد مطالبنا في توفير الضروريات والكماليات ابتليت عادات الإنسان بهذه الأمراض الاجتماعية من قبيل، الرغبة في الاغتناء، التعب الذي يدفعك إلى عدم التفكير في الآخرين، انشغالنا بمتطلبات الحياة، وهذه المظاهر سابقة لكل حديث عن العولمة، وقد تجدين مثالا في مجتمعك القريب ومجتمعي، حيث أن : في عمارة من ست طوابق، قد تجدين سكانها، لا يعرفون بعضهم، لا يتبادلون تحية السلام، لا يسألون عن بعضهم، ولا يتزاورون. وإن نسيت شيئا ذا قيمة على الدرج، فعليه العوض ومنه العوض.
__________________
"Noble sois de la montaña no lo pongais en olvido"
سيدي حرازم يطرونس غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-05-2009, 01:22 PM   #5
اوراق الثريا
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2007
المشاركات: 807
إفتراضي

صراحة من خلال ما كتبته انت من تحليل اجد انني اوافق امارتيا في كثير من افكاره
شعاري مما اقتبسته
الهوية الاولى يجب ان تكون للانسانية فهذا هو القاسم المشترك بيننا جميعا
بغض النظر عن مكان اقامتنا او جنسنا او نوعنا او تعليمنا
ما الارض الا وطن واحد والبشر سكانه
لو تعاملنا جميعا على اننا فقط "انسان" لانمحت جميع التعصبات من الوجود كالتعصبات الدينية

والمذهبية والاجتماعية والجنسية والسياسية والعرقية فكلها تنشأ نتيجة للمغالاة فى هوية معينة والتعصب لاجلها ومحاربة المختلفين عنها

لوتذكرنا جميعا اننا انسان مهما كان مدى اختلافاتنا ، وتذكرنا ان لكل من جماله الخاص لعشنا جميعا فى سلام وامان

سيدي حرازم يطرونس
شكرا لمقالك الجميل
__________________
كيف لي ان اقتحم اسوار عزلتي
ان استرق من نور الشمس إلهامي
ان ادفن خيباتي بعيداً
سئمت ضجري عجزي وذاتي
ما الطريق إلى المجهول الرحيم؟؟
اوراق الثريا غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-05-2009, 04:24 PM   #6
العنود النبطيه
سجينة في معتقل الذكريات
 
الصورة الرمزية لـ العنود النبطيه
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
الإقامة: الاردن
المشاركات: 6,492
إفتراضي



اخي العزيز عصام

اسهبت في التحليل مشكورا ولكنك نسيت انني انسانة عادية مواطنة فلاحة ليس لي من الثقافة العالمية والاقتصادية الكثير
وقد حاولت النظر للاعلى كثيرا وقراءت ردك اكثر من مرة لاستوعبه
فشكرا لك على جهدك واتعابي في ان معا

يا صديقي انا مثال لكثير من العرب
اعشق القهوة التركية والامريكية
واشرب البيبسي بشراهة
واكل البيرجر والبيتزا
لي صداقة مع ساندرا بولك و ميل غيبسون
احب ترافولتا و جوليا روبرتس ونيكولاس كيج

ولكن هذا كله لم يجعلني اخلع ثوب الدباوة عني
بل انه دعاني للتمسك بتراث وتقاليد منطقتي
وصرت اعشقه واتفاخر به
وانا كعنود كثيرا ما تعرضت لموقف قال لي الكثيرون ( من اصحاب المعالي والعطوفة والسيادة )
ومن اقطار مختلفة ( اصدقاء عالميين )
ان الغريب في العنود قدرتها عى العيش في قصر ملكي
وفورا تنتقل للعيش في بيت شعر بدوي بذات الهمة والتكيف والقدرة


هذا ما اسميه انا الحداثة بثوب الاصالة
ولكن العولمة تذوب الهوية الوطنية

جميل ان اجد في مدينتي محلا او سوقا متخصصا في البضائع الصينية
ولكن مشكلة كبرى اذا لم ارى الا البضائع الصينية
او العاملية
وتضمحل الصناعة المحلية في ظل عدم القدرة على المنافسة
وللحديث بقية غدا باذن الله
اليوم قرات لك ( اتعبتني ) وغدا ساحاول ان اكتب لك
عسى ان اوفق في طرح فكرتي وبيانها بالشكل الذي يتناسب واهمية ما نناقش

دم بخير يا صديقي الغالي

__________________


كيف استر الدمع في عيونٍ عرايـــــا
وسحاب الألم لا يترك في العمر ورقة إلا ويرويها بالشقاء
أنّى للدموع الاختباء والفؤاد جريح
والنزيف سنين من عمرٍ صار خراب
فيا دمعاتي الحوارق هونا على الخدود حرّقها لهيبك
وهونا على العمر صار يجر الخراب وهو في بواكير الصبا



http://nabateah.blogspot.com
العنود النبطيه غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-05-2009, 07:59 PM   #7
سيدي حرازم يطرونس
المشرف العام
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
الإقامة: SDF
المشاركات: 1,056
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة البدوي الشارد مشاهدة مشاركة
الأخت العنود محقة في اعتراضها.
صار عندي انطباع أن المهاجرين من آسيا وبعض العرب أيضا عندهم نزوع ذميم للسخرية من مسألة الهوية والدفاع بحق أو باطل عن العولمة، وهذا للدفاع عن مواقعهم الانتهازية التي يشغلونها في الغرب لأنهم يقدمون أنفسهم كممثلين له في ثقافتهم.
قول أخينا إن العولمة غير غربية بدعوى أن الصين والهند تشاركان فيها طرح سطحي، لأن العولمة تتم بلغة إنجليزية وثقافة أمريكية، والصين والهند لم يدخلا العولمة حتى تأمركا ثقافة وأخلاقاً أيضاً.
أكانت الصين ستدخل العولمة لو كانت لا زالت ماوية أو لو كانت الهند لا زالت على مبادئ غاندي؟
الفقرة الأولى يا أخي الشارد قد قدمت فيها مثلا وأجبت بتفسير عقلي ودقيق، لك مثال آخر من واقعنا المعيش، ذات مرة كنت أناقش أحدهم حول بعض الأفكار السياسية، وقد اظهر لي رفضا ومعارضة لأن يحكم البلاد إسلاميون، ولما سألته عن السبب قال : ماذا سيفعل هؤلاء، سيغلقون البارات، ويفرضون الحجاب على كل النساء..
أعترف أن محاوري هذا كان ساذجا سياسيا وذا مستوى تعليمي فقير، بل ومجرد عربيد.. لكن ذلك لم يمنعني أن أكشف عن حالته التي هي بالمناسبة تفضح دوافعه كما هي الحال عند الكثيرين.
يرفض الإسلاميين، لأن ذلك يشكل خطرا على بلواه..
مثلما سيرفض العرب الديمقراطية لأنها تهدد كراسيهم.
ويرفض آخرون العلمانية لأنها تجردهم من مزاياهم.
ويرفض آخرون وآخرون، لأن ولأن...

أرجع إلى النقطة الثانية.
لماذا نعتبر العولمة أمركة، وأمريكا نفسها، خليط من شعوب، وأديان وألوان وجذور ولغات أيضا.
ناهيك عن تعددية القيم والأخلاق هناك.
سؤال بسيط، ودعوة لتوسيع رقعة النقاش.
وللتذكير كذلك، أن الموضوع، ليس العولمة، بل الهوية والعنف.
تحياتي.
__________________
"Noble sois de la montaña no lo pongais en olvido"
سيدي حرازم يطرونس غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .