العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ابونا عميد عباد الرحمن (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة في مقال مخاطر من الفضاء قد تودي بالحضارة إلى الفناء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في كتاب من أحسن الحديث خطبة إبليس في النار (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث وعي النبات (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث أهل الحديث (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب إنسانيّة محمد(ص) (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الى هيئة الامم المتحدة للمرأة,اعتداء بالضرب على ماجدات العراق في البصرة (آخر رد :اقبـال)       :: المهندس ابراهيم فؤاد عبداللطيف (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نظرات في مقال احترس من ذلك الصوت الغامض (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال أصل الوراثة من السنن الإلهيّة غير القابلة للتغيير (آخر رد :المراسل)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 11-02-2019, 04:15 PM   #1
محمد محمد البقاش
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2010
المشاركات: 202
إفتراضي قراءة بادية للإبداع في مساءات يعقوبية

بسم الله الرحمن الرحيم

قراءة بادية للإبداع في مساءات يعقوبية

قراءتي البادية للإبداع في مساءات يعقوبية إبداع يراوح مكانه في ركوب النقد شأنه شأن كل إبداع كتب باللغة العربية لأن النقد حين يراد له أن يكون نقدا يتوجب على الناقد أن يكون ناقدا من جنس الإبداع، وهذا غير متيسر لمن كان ضرورة لدراسة فصل الجنس عن الجنس من جهة اللغة المكتوب بها لأنهما جنسان إما يتعارضان أو يتوافقان، هذا إذا كان الجنسان من نفس اللغة المكتوب بها، أما إن كانا من غير اللغة المكتوب بها كان ذلك مختلفا تماما فكان ترجمة، والترجمة كتابة جديدة لمعاني مأخوذة من إبداع كتب بغير تلك اللغة.
وحين أردت ركوب النقد في تناولي لمساءات يعقوبية تعسر علي ذلك ولكن لم أعدم حيلة للانتقال إلى غير النقد فتقرر لدي ممارسة القراءة البادية للإبداع وهو بنفس الوقت قراءة عاشقة للإبداع.
والسبب في ذلك ضرورة التفريق بين ما ينبت في أرضية بذور الإنبات فيها هي اللغة العربية وثمارها أصناف كثيرة من الإبداع كالشعر والقصة والرواية إلخ، وبين ما ينبت في أرضية بذور الإنبات فيها لغة فقيرة لا تملك من الجذور اللغوية إلا 700 جذر لغوي كاللاتينية مثلا أو 2000 جذر لغوري كاللغة الأنجلو سكسونية، بينما اللغة العربية تملك من الجذور اللغوية 16000 جذر فكانت بذلك أم اللغات وأصل اللغات بما فيها تلك اللغات القديمة كالهيروغليفية مثلا وهذا بحث ليس أوانه في هذه الجلسة، وكمثال على ذلك نأخذ مثلا غنى اللغة العربية وفقر غيرها من اللغات كالإنجليزية مثلا في لفظ جيد، وهي عينها في الإنجليزية كود، فالعربي إذا أراد أن يقول أكثر من جيد يقول جيد جدا، ولكنه إذا أراد أن يقول كلمة واحدة للدلالة على معنيين فيقول أجود وفي الإنجليزية فيري كود، أضف إلى ذلك أن اللغة الإنجليزية في اللفظ الذي سقناه لا يخرج منه شيء بينما في العربية تجد أجود وجاد يجود وجيد وجواد وجياد وجاد وجوّد إلخ، وهذا يدل على الغنى الفاحش في اللغة العربية وفقر غيرها دون استثناء، ومن الطبيعي أن يأخذ الغني من الفقير فكانت اللغات الحية واللغات التي كانت حية قديمة ثم دخلت المتاحف أو تنوسيت قد أخذت من اللغة العربية، ويكفي هذا فخرا للمبدع أن يكتب باللغة العربية لأنها قادرة على التعبير عن المعاني بالآلاف وعشرات الآلاف بل ومئات الآلاف.
والقراءة البادية للإبداع العاشقة لمساءات يعقوبية ضغطت علي حتى أشير إلى النقد الذي يأتي على القياس وهو ما يعني الإسقاط فيكون الناقد فيه كالخيّاط الذي يفصِّل الثوب على مقاس زبونه، فإذا فصّله على مقاس زبونه صار ذلك عادة وطريقة للنقد لجميع أنواع النصوص الأدبية وهذا هو الخطأ الكبير والسلوك الثقافي المعيب، إذ كيف آخذ طريقة نقدية وضعت لإبداع ذي خصوصية ومن ثقافة تقوم على وجهة نظر أساسية مختلفة عن غيرها ثم أطبقها على إبداع لا يمت بصلة إلى ما ذكر إلا من جوانب تتعلق باشتراك البشر في منظومة فكرية متحدة وذلك كاتفاقهم جميعا على تحسين الشباب وتقبيح الشيخوخة وتحسين الصحة وتقبيح المرض وتحسين الغنى وتقبيح الفقر إلخ، هذا لا يكون، ولنأخذ مثلا جاك دريدا (1930م ــ 2004م) ثم نجعل ما فصّله دريدا وما خاطه من خلال ثقافته الخاصة ورؤاه عن الكون والإنسان والحياة وعن علاقتهم بما قبلهم وما بعدهم؛ يأتي على مقاس أعمالنا الإبداعية، فإذا لم يأت بأن كان عملنا أكبر من القياس أنقصنا منه استجابة للمدرسة التفكيكية، وإذا كان أقل زدنا فيه فكان النقد عبارة عن قوالب ليتها تأتي على مقاس ما يراد له أن يحتويه ذلك القالب، بل تأتي على غير ذلك، فجاك دريدا في مذهبه النقدي التفكيكي يشك في أن للنص الأدبي معنى ثابتا بحيث يرى جاك ديريدا أن النص الأدبي يمنع استقراره على معنى ثابت ومحدد، وهذا مخالف للواقع لأن النص الأدبي قد يستقر على نص ذي معنى ثابت وربما لا يستقر، هذا في النص ذاته من حيث البناء والتأليف اللغوي باللغة العربية التي لها سلطان يجب احترامه، فإذا وضع العربي لفظ الزيارة للمعافى والعيادة للمريض فلا يجوز قلبهما، وإذا وضع لفظ قعد لمن كان قائما فلا يقال لمن هو جالس على جنبه اقعد القرفصاء وكل ذلك خضوعا لسلطان اللغة العربية ولا علاقة للموضوع بالتطوير لأن تطوير اللغة ليس من هذا الباب، بل من باب آخر ليس أوان بحثه الآن، أما في قراءة المتلقي وتذوُّقه للأدب فقد يثبت على معنى وربما لا يثبت، قد يثبت على معنى والنص في ذات المعنى لا يمكن الخروج عنه وذلك كقول شوقي:
أبا الزهراء قد جـــــــاوزت قدري بمدحك بيد أن لي انتسابــــا
فما عرف البلاغة ذو بيـــــــــــان إذا لــم يتخذك له كتابــــــــــا
فشوقيات شوقي هذه لا يمكن أن تعني غير سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وبذلك كان النص ثابتا على معنى معينا، بينما الذي يأتي ليس كذلك، إذ لا يثبت النص على معنى واحد ولا يقتصر عليه، بل في تركيبه وبراعة صياغته معاني كثيرة، فعبارة: ((قعد أسفل رأسه فحار له الموضع واستغلق له الفهم)) رواية: نساء مستعملات، محمد محمد البقاش، صفحة: 15 منشورات الجيرة الطبعة الورقية الأولى: 2010م، هذه العبارة تحتوي على معاني كثيرة غير ثابتة إلا لمن أراد لها الثبات على معنى يصطفيه هو، وعليه فهي عبارة ثابتة على معنى وغير ثابتة على معنى، فقعد أسفل رأسه بمعنى أقام دونه لأن الرأس قمة، فإذا كان القعود دون الرأس في المال وكان الحديث عن الثروة كان الأعلى أغنى، وإذا كان القعود دون العالِم في العلْم وكان الحديث عن العلم كان الرأس أعلم، وإذا كان القعود دون المقدام في الشجاعة وكان الحديث عن الإقدام كان الرأس أشجع وهكذا اختر ما شئت من أشكال القعود، فقعد أسفل رأسه استحالت مثالا يُضرب للناس وبمثالنا الذي سقناه يصدق القول القائل أن النقد بالمعنى الحقيقي للنقد لا يوجد، وفي رأيي أن النقد ما هو إلا قراءة بادية للإبداع، أو هو قراءة ابتنائيه على الإبداع، والقراءة البادية للإبداع جنس أدبي جديد وهو بنفس الوقت نقد ظرفي وخصوصي، والقراءة الابتنائية على الإبداع إبداع جديد بني على إبداع سابق، وهي ما أختار اليوم وأصطفي وهي من جنس القراءة البادية للإبداع ولكن في شقها الثاني لأن القراءة البادية للإبداع إما أن تكون ارتجالا عند سماع الإبداع، أو تكون كتابة عند قراءة الإبداع وهي هنا من القراءة الابتنائية على الإبداع وهي عاشقة بطبيعة الحال.
إن ما ظهر في مساءات يعقوبية موضوع واحد لم ينوع فيه المبدع إلا قليلا جدا بحيث جعل موضوعه محورا لإبداعه، والموضوع هو المرأة، وهذا ناذر في الأعمال الإبداعية لا أذكر منه إلا تائية الانتفاضة وهي ديوان شعري بقصيدة واحدة في ألف بيت جعل من الانتفاضة موضوعا ومحورا ولكن الشاعر في الديوان نوّع كثيرا بحيث جاء بالفكر والأدب والفلسفة وأكثر من التنوع المعرفي والعلمي أداه بالعمل الأدبي، ولكن مبدع مساءات يعقوبية لم ينسج على ذلك المنوال وهو من حقه ولنا أن نتساءل قائلين: هل يصبح في يوم من الأيام العمل الإبداعي تخصصا؟..
ودعونا لا نقف على هذه النقطة بالرغم من استوقافها لي، دعونا نذهب إلى الصور الشاعرية التي جاء بها المبدع ليجعل منها وسيلة لهز المتلقي والتأثير عليه فرحا وحزنا، ذما ومدحا..
في المساء التاسع والثلاثين تستحيل للمبدع عشيقته كالجنية التي تظهر ثم تغيب، تستحيل في مخيلته كعائشة قنديشة، فهو بها مغرم ولكنه يرتجف لحبها ولا يزعم أن يجاريه إلا كما تجارى الأحلام، صحيح أن المجاهدين والمقاومين كانوا يستعملون حيلة عائشة قنديشة للظفر بالعدو حتى يغتالوه أو يعتقلوه إلا أن مبدعنا لم يرق له أن يتقمص دور المجاهد والمقاوم ربما لكبر جنيته في حيلها وتنوع خدعها وانهزامه أمامها..
وفي المساء الثالث والعشرين يحاول المبدع أن يستحيل رساما تشكيليا مستهدفا مجاراة خلق الله في التصوير فلم يقدر، وباستماتته في المحاولة الميؤوس منها رسم حبيبته على شكل خربشات لا تخطئها العين ولكنها لا تستطيع اصطياد شيء من عشقها لتمنُّعها على العاشقين الذين ليس لديهم مساءات يعقوبية.
وفي المساء العشرين قفز المبدع قفزة الزانة ولا عصى بيده فاقتبس للرادفة ما يسبقها، ولدكّ الجبال انشقاق السماء، ثم بسط أودية وجعلها تجري حين أحال عشيقته إلى معين لا ينضب لأن أنهره ووديانه تستمد حياتها من أنوثة فيكتوريا..
وفي المساء السابع والعشرين يعرّي المبدع عشيقته إلا من خيط رفيع يتعلق بالعري ذاته، فهو مبدع يتضاءل أمام عشيقته ولكنه حين يجد فسحة للركض يهرب إلى الخلف وسرعان ما يعود كعودة حليمة إلى عادتها القديمة، يمسك بيده تمائم من أبدع الألوان ثم يشرع في تعليقها على قلب عشيقته وينسى أنه إنما يفعل ذلك هروبا من بطشها وفرارا من حرارة عشقها..
وفي المساء الرابع عشر يشتري مطرية فلا يستعملها استلذاذا بالرذاذ البارد الذي ينعش بدنه، ثم يتسرب إلى هيامه، وعند مقام الضعف الذي يجده يستحيل مازوكيا أمام عشيقته يسمح لها بفعل ما تريد لعلة انصهاره في بركانها وذوبانه في حرارة عشقها، يسلك سلوك الغيرة فتتحول عشيقته إلى لبوة لا تقبل من أسدها إلا أن يكون قويا وقائدا ذائدا، وحين استضعفته نهشته وأتت على كليته فلم يبق منها سوى ثقب صغير سمحت له به حتى يوصوص على أنفتها، على غيرتها، على شموخها وإبائها..
وفي المساء الحادي عشر يغرق صاحبنا في بحر لُجّيّ من تحته موج من فوقه موج من فوقه سحاب وظلمات أظلم من اليل البهيم فلا يجد من نفسه حيلة للفرج والمخرج سوى الاستسلام لطقوس الغوص لعل غوصه المتقن يشفع له في ضياء يمتطيه إلى الشاطئ، يأتي المبدع بصور تجريدية جميلة هي عينها تلك الصور الشاعرية التي توحي بها إليه عشيقته، فالمبدع أسير الهوى قد تم اعتقال حبه، وتم سجن هيامه إلى أن بات يستجدي، وأنى للمستجدي أن يُستجاب له وهو المتمنع..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد محمد البقاش
طنجة في: 09 فبراير 2019م
كانت هذه القراءة في مندوبية وزارة الثقافة بطنجة بنفس اليوم
محمد محمد البقاش غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .