يقول تعالى ذكره: ( إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ) انشقَّت، وإذا كواكبها انتثرت منها فتساقطت، ( وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ) يقول: فجَّر بعضها في بعض، فملأ جميعها.
----------------------------------- قال الطبري رحمه الله "
وقوله: ( وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ) يقول: وإذا القبور أُثيرت فاستخرج من فيها من الموتى أحياء، يقال: بعثر فلان حوض فلان: إذا جعل أسفله أعلاه، يقال: بعثرة وبحثرة: لغتان. --------------------------------------------------------
وقوله: ( عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ) يقول تعالى ذكره: علمت كلّ نفس ما قدّمت لذلك اليوم من عمل صالح ينفعه، وأخرت وراءه من شيء سنَّه فعمل به. ----------------------------------------------
وقال آخرون: عُني بذلك ما قدّمت من الفرائض التي أدتها، وما أخَّرت من الفرائض التي ضيعتها. * ----------------------------------------------------
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ما قدّمت من خير أو شرّ، وأخَّرت من خير أو شرّ.
----------------------------------------------------------------------- قال الطبري رحمه الله "
وإنما اخترنا القول الذي ذكرناه، لأن كلّ ما عمل العبد من خير أو شرّ فهو مما قدّمه، وأن ما ضيَّع من حقّ الله عليه وفرّط فيه فلم يعمله، فهو مما قد قدّم من شرّ، وليس ذلك مما أخَّر من العمل، لأن العمل هو ما عمله. فأما ما لم يعمله فإنما هو سيئة قدّمها، فلذلك قلنا: ما أخر: هو ما سنه من سنة حسنة وسيئة، مما إذا عمل به العامل، كان له مثل أجر العامل بها أو وزره.
---------------------------------- قال الطبري رحمه الله "
قال الطبري رحمه الله " وقوله: ( الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ ) يقول: الذي خلقك أيها الإنسان فسوّى خلقك ( فَعَدَلَكَ )
------------------------------------------------------------ قال الطبري رحمه الله في قراءة فعدّلك "
واختلفت القرَّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرَّاء المدينة ومكة والشام والبصرة ( فعدّلك ) بتشديد الدال، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بتخفيفها، وكأن من قرأ ذلك بالتشديد وجَّه معنى الكلام إلى أنه جعلك معتدلا معدّل الخلق مقوَّما، وكأن الذين قرءوه بالتخفيف، وجَّهوا معنى الكلام إلى صرفك وأمالك إلى أيّ صورة شاء، إما إلى صورة حسنة، وإما إلى صورة قبيحة، أو إلى صورة بعض قراباته. وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أن أعجبهما إليّ أن أقرأ به قراءة من قَرَأ ذلك بالتشديد، لأن دخول " في" للتعديل أحسن في العربية من دخولها للعدل، ألا ترى أنك تقول: عدّلتك في كذا، وصرفتك إليه، ولا تكاد تقول: عدلتك إلى كذا وصرفتك فيه، فلذلك اخترت التشديد.
. وقوله: ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ) يقول: وإن عليكم رُقَباء حافظين يحفظون أعمالكم، ويُحْصونها عليكم ( كِرَامًا كَاتِبِينَ ) يقول: كراما على الله كاتبين يكتبون أعمالكم.
----------------------------------------------- قال الطبري رحمه الله "
وقوله: ( يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ) يقول: يعلم هؤلاء الحافظون ما تفعلون من خير أو شرّ، يحصون ذلك عليكم. وقوله: ( إِنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ) يقول جل ثناؤه: إن الذين برّوا بأداء فرائض الله، واجتنابِ معاصيه لفي نعيم الجنان ينعمون فيها.