الهواء الذي نتنفسه
مع زيادة نسبة التلوث في الهواء، بدأت أتساءل ما إن كنا سوف نبادر قريبا بشراء زجاجات هواء معبأ مثل زجاجات الماء. لقد عرف العالم من زمن مصادر تلوث الهواء الطبيعية، المتمثلة في البراكين، وحرائق الغابات، والعواصف الترابية، ولكن كما هو الحال بالنسبة للماء الآن، أصبحت المشكلة الأساسية هي السموم الناجمة من الصناعة البشرية بما في ذلك عوادم السيارات. ويخشى أن تكون التشريعات الخاصة بتنقية الأجواء وحماية الطبيعة من قطع الأشجار قد تأخرت، مما يستلزم اتخاذ تقنيات خاصة في المساكن والأمكنة العامة تعمل على تصفية الهواء وتنقيته.
إن الهواء الملوث ليس قبيحا فحسب، وإنما هو خطر داهم يهدد صحتنا، فهو يزيد من فرص الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي من كل نوع ويضعف المناعة، ويجعلنا أكثر عرضة للإصابة بمرض السرطان.
لا أعتقد أنه من الحكمة أن نعيش ونعمل طوال الوقت في مناطق ملوثة بالهواء. حاول أن تبحث عن طريقة تمكنك من الانتقال الى مكان يكون فيه الهواء أكثر نقاء، أو على الأقل أكْثِر من زيارة مثل هذه الأماكن، حتى داخل المدن الكبرى، يمكنك أن تقضي بعض الوقت في المنتزهات العامة التي يكون مناخها أكثر نقاء نظرا لتوفر الأشجار.
إن كان الهواء في الحي الذي تعيش فيه سيئا، فعليك أن تبذل كل ما في وسعك لتقلل من سوءه داخل منزلك قدر الإمكان. من بعض مصادر التلوث، سواء باستعمال بعض مرشحات الهواء عالية الكفاءة. ومن المعلوم أن هناك في المنازل مصادر تلوث ممكن أن ننتبه إليها لنخفف من فساد الهواء، كغاز الوقود، ومعطرات الجو، وكرات النفتالين، والطلاء المُخزَن، والمذيبات الكيميائية، ومبيدات الحشرات، وزجاجات العطر، ومنتجات التنظيف المنزلية، وبعض الملوثات الطيارة الناجمة من ماء الاستحمام والفورمالدهايد من منتجات الخشب المضغوط.
التنفس هو المفتاح الأساسي للصحة والسلامة
يعطي المؤلف للتنفس أهمية استثنائية، فتجده يذكره في معظم فصول الكتاب، ولكنه هنا يربطه بأكثر من رابط، فيقول هناك الكثير من اللغات التي تستخدم كلمة الروح والنفس (يقصد العربية واليونانية) ولكن يضيف، مع الأسف إن لغتنا (الإنجليزية) لم تكن من بين تلك اللغات. وأن سكان أمريكا الأصليين يعتقدون أن الجنين يعيش حياة نباتية مجردة من الروح حتى تبدأ دورة التنفس.
يعلن مؤلف الكتاب بطبيب اشتهر في أمريكا اسمه (فولفورد)، والذي يذكر عنه أنه لم يستخدم الجراحة أو العقاقير لمرضاه إطلاقا، بل كان يستخدم يديه وتتبع حركة التنفس، وربما كانت مهارته تركز على النبض الذي كان يعتقد أنه نوع من أنواع التنفس، ينبعث من إشارات خاصة في المخ، فيتتبع إيقاعه.
يذكر المؤلف كيفية معالجة الطبيب المذكور لأمراض التهاب الأذن التي كانت دارجة عند الأطفال في أمريكا، بطريقة أسماها (تحرير التنفس وحل التصاق عظم العجز) بحيث يسترجع الطفل حركة التنفس الطبيعية. لكي يحقق ذلك، كان يلجأ الى العلاج اليدوي باستخدام (مطرقة النقر). وكان الدكتور المذكور يعتقد أن السبب الخفي وراء الإصابة بالتهاب الأذن المتكرر هو ركود السائل في الأذن الوسطى الناجم عن عرقلة التنفس بما أن حركة التنفس تعمل بشكل ميكانيكي على ضخ الدورة الليمفاوية. عندما تتعرض هذه الحركة للعرقلة يتجمع السائل في الأذن مما يشكل مرتعا خصبا للبكتيريا. يمكنك أن تتخلص من البكتيريا بسهولة بواسطة المضادات الحيوية، يقول فولفورد: ولكنك ما لم تعالج السبب الخفي للمشكلة المتمثلة في عرقلة التنفس، فسوف يعود الالتهاب من جديد وستحتاج لجرعات أكبر من المضادات الحيوية، حتى تفقد المضادات الحيوية فعاليتها نهائيا.
حالة غريبة
يقول مؤلف الكتاب: لقد أرسلت مريضا للدكتور (فولفورد) كان يعاني من مشكلة عويصة، كان رجلا في منتصف الثلاثينات، كان يعاني لمدة ثلاث سنوات متتالية من اضطراب حاد ومتزايد في وظائف الأمعاء مصحوبة بإسهال دائم ومخلوط بدم ومخاط، وتقلصات في البطن وعدم رغبة بالطعام ونقص في الوزن. وقد كان هذا المريض والذي كان يعمل في المكسيك قد عولج عدة مرات على أساس أنه مصاب بالطفيليات، وبعد الفحوصات الكثيرة والباهضة الثمن لم يثبت أن حالته بها أي إصابة طفيلية أو غيرها.
كان المريض صاحب تاريخ طويل من الإصابات الرياضية والصدمات، وقد لاحظ الدكتور(فولفورد) أنه يتنفس بشكل دائم من فمه. وقد قدر الدكتور بأن مريضه صاحب الحالة الحرجة، قد حدث لديه خلل في وظيفة العصب الحائر الذي يتحكم في الجهاز الهضمي، وقد خلص الدكتور لهذا التشخيص بعد تحريك أوصاله وتلمس الجمجمة والتي عالجها يدويا لمدة عشرين دقيقة لإصلاح وظائف الجهاز التنفسي وحركة الجمجمة.
بعد الجلسة بست ساعات توقف الإسهال لدى المريض لأول مرة، ولم يعاوده ثانية مما مكنه من استعادة وزنه، لم يعد المريض يتنفس من فمه. حاولت جمع الطبيب (فولفورد) مع طبيب المعدة لكن الأخير لم يحضر.
التنفس والأعصاب
إن التنفس ممكن أن يكون إراديا، أو يكون لا إراديا. والأعصاب تنتمي الى مجموعتين مجموعة الأعصاب الإرادية والمجموعة غير الإرادية. والتنفس هو الجسر الذي يربط بين النظامين.
إن معظم الأمراض تنبع من الخلل الوظيفي للجهاز العصبي التلقائي. عندما يكون إيقاع هذا النظام به خلل يمكن أن يحدث اضطرابا في دقات القلب، وارتفاع في ضغط الدم، واضطرابا في الدورة الدموية وكذلك في المعدة والأمعاء، كما يمكن أن يسبب مشاكل جنسية وبولية. إن عقولنا الواعية لا تملك أي اتصال مباشر بهذا النظام. يلجأ الأطباء الى علاج الخلل التلقائي باستخدام عقاقير قوية قد تفيد وقد لا تفيد. ولكن التحكم في طريقة التنفس سيفيد أكثر من العلاج بالعقاقير، هكذا اعتمد الهنود اليوجا لتنظيم التنفس والتواصل مع الروح لأمرها بتركيز على الابتعاد عن التوتر وتقليل اضطراب أجهزتها.
ملاحظات في محلها
راقب شخصا في حالة غضب أو خوف أو قلق، سوف تجد تنفسه سريعا وسطحيا غير منتظم، وستجد تنفسه مسموعا، ويفغر فاه، لا يمكن حل تلك الانفعالات وما ينجم عنها من مشاكل قد تصل حد الانهيار أو الإغماء أو الموت في بعض الأحيان، إلا بواسطة التوجه الى نمطية التنفس.
إن ثمان أنفاس عميقة، (إغماض العينين وإغلاق الفم وسحب الهواء بعمق، ثم فتح العينين وزفر الهواء حتى لا يبقى منه شيء في الداخل) ستعطي مفعولا مذهلا خلال دقائق..[ ويمكن الرجوع لنمطية التنفس في فصل سابق]
__________________
ابن حوران
|
النمط الخطي
