العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات فى بحث النسبية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حديث عن المخدرات الرقمية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الكايميرا اثنين في واحد (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى كتاب علو الله على خلقه (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 12-04-2009, 09:07 PM   #11
صبحة بسيونى
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2009
المشاركات: 27
إفتراضي

الأأخ الكريم ابن حوران
جزاكم الله خير الجزاء على ما تفضلتم به علينا من نشر المعرفة والإهتمام بقضايا الفرد والمجتمع
صبحة بسيونى غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-04-2009, 09:38 PM   #12
الفارس
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: مصـر
المشاركات: 6,964
إفتراضي

بحثت عن هذا الكتاب كثيرا لأجد تعريفا كافيا وشافيا للولاء
وما يتلوه من التغيير


بارك الله في مجهودكم
وجعله في موازين اعمالكم
__________________
فارس وحيد جوه الدروع الحديد
رفرف عليه عصفور وقال له نشيد

منين .. منين.. و لفين لفين يا جدع
قال من بعيد و لسه رايح بعيد
عجبي !!
جاهين
الفارس غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-04-2009, 06:32 PM   #13
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الأخت الفاضلة صبحة بسيوني
الأخ الفاضل الفارس

شكرا لتفضلكم بالمرور الكريم
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-04-2009, 06:33 PM   #14
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المحاضرة السادسة

التدريب على الولاء

يتطرق الكاتب لاعتراضين كان قد تلقاهما بعد محاضرته السابقة، وهما يخصان إصرار الكاتب على استخدام مصطلح (الولاء)، بشكل ممل، في حين كان بالإمكان استخدام مصطلحات مثل: التفاني وتكريس الذات والوفاء والإخلاص الخ.

فيجيب: في حالة التفاني وتكريس الذات، فقد يكرس الفرد حياته لتحقيق السعادة لنفسه ويتفانى في ذلك، ولكن ذلك ليس ولاءً. والوفاء والإخلاص هو لمحة من لمحات الولاء ولكنه ليس هو، فقد يكون الصديق وفيا لصديقه ومخلصا له، كذلك يفعل الكلب مع صاحبه لكن ذلك لن يُعد ولاءً.

فالولاء بنظري (والحديث للمؤلف) هو التفاني الإرادي والعملي الكامل من ذات معينة لخدمة قضية ما. والقضية في حالة الولاء توحد حياة مجموعة من الأفراد المختلفين في حياة واحدة.

(1)

كيف يتم تدريب الأفراد على الولاء؟ قسم الحديث في هذا الأمر الى قسمين تدريب الصغار وتدريب الكبار على الولاء.

يقول المؤلف أن تدريب الصغار يُعد أصعب بكثير من تدريب الكبار، وأن إتقانه عند الصغار سيؤثر على قوة ولائهم عندما يكبرون. ويشترط أن تكون هناك صناعة تمهيدية لأسس الولاء، منها: القدرة على التصور والإدراك لأي قضية اجتماعية يُراد التفاف الجيل الجديد حولها، وأن يُدرب الفرد على الحسم واتخاذ القرار والالتزام والوفاء بالسير فيه، وهنا تُصنع الإرادة المتطورة للفرد، وأن تكون المناهج التربوية تتصف بالصبر لتنتقل بالفرد الى حالة التهيؤ للولاء في سن المراهقة.

لذا ينصح المؤلف التربويين بأن يبتعدوا عن العجلة في جعل التلاميذ الصغار يرددون عبارات لا يفهمونها بشكل جيد، فإن كان ذلك فقد ينقلب الى ردة بعد حدوث الوعي عند أولئك الأطفال. ويقرر هنا أنه لا يمكن خلق حالة الولاء إلا بعد سن المراهقة. وهنا يذكر أن تدريب الأطفال على تمثيل دور البطولة لأبطال تاريخيين، لا يجب أن يُنظر إليه نظرة نهائية، ولكنه يمهد نوعا ما في خلق الاستعداد للولاء، وذلك بأن يؤشر على شخوص قد يصلحوا أن يكونوا مثلا أعلى للأطفال بعد نضجهم.

وعلى المربين في المدارس، أن يحترموا وفاء الأطفال لبعضهم البعض، ولا يضغطوا عليهم ليصبحوا جواسيس على الآخرين، فهذا يدمر قاعدة تأسيس الولاء المستقبلي لدى الطفل.

(2)

في مرحلة المراهقة، تتسارع الخطى لتكوين الولاء الأولي، فتتكون الفرق الرياضية بالأحياء، وجماعات الأخوة (الشلل). وهنا يبرز دور الموجهين التربويين في تطوير تلك التمارين من الولاء نحو الولاء العام لأهداف فاضلة. فتعاون أولياء الأمور ومربي الصفوف، يحد من أن تتحول تلك الشلل لنشاط فاسد قد يضر بالمجتمع، فبدلا من أن يكتسب الفتى عادات تتعلق بتعاطي المخدرات والجنوح، فإنه بالإمكان جعل تلك الفرق تنخرط في أندية رياضية تجعل الفرد فيها يلتزم بقوانين اللعب وأخلاقياته، أو مراكز شباب تنمي المهارات الثقافية والكشفية وغيرها.

(3)

كيف يتم التدريب الفردي على الولاء؟
يُشترط أن يكون هناك ثلاثة عوامل لاكتمال موضوع الولاء في سن الرشد:
1ـ التأثير الشخصي لقادة المجموعات. فإن كان القائد يتمتع بمواصفات تعج بالفضيلة، فإنه سيصبح مثلا أعلى للأفراد الذين هم تحت قيادته. والعكس صحيح.

2ـ وجود قضية ذات قيمة عليا، وأطلق عليها المؤلف: (تعقيل القضية) أي جعل تلك القضايا التي يلتف حولها الأفراد مهضومة من عقولهم، وتتناسب مع القاعدة الخلقية المتبعة في المجتمع الأكبر. وقد تكون القضية التي تستدعي الولاء عادية في ظاهرها، كالاندفاع من أجل فوز فريق رياضي مثلا.

3ـ التدريب العملي الشاق والمتواصل، وعدم الاكتفاء بالرغبة في تحقيق مثل تلك الأهداف، فلذلك تكون الجيوش بتدريب جنودها المستمر في حالة أفضل من تلك الجيوش التي تكتفي بحب الوطن. وهذا ينسحب على فرق كرة القدم التي لا يتغيب لاعبوها عن التدريب. وهذا ينطبق على جمعيات الحفاظ على البيئة أو رعاية الأيتام الخ، حيث يتطلب الأمر منهم النشاط المستمر.

(4)

هناك قضايا يلتف حولها أناس، سماها المؤلف بالقضايا (الميئوس منها)، ورغم معرفة أصحابها أن تحقيقها شبه مستحيل، فإن تلك القضايا تبقى عائشة في نفوس المؤمنين بها مدى الحياة ويتم تناقلها من جيل لآخر، كقضايا استقلال قوميات أو طوائف تعيش في محيط أقوى وأوسع منها، (استقلال ايرلندا الشمالية عن المملكة المتحدة) (نمور التاميل في سيرلانكا) ( المسلمين في جنوب الفلبين) ( قضايا الأكراد في الدول التي يعيشون فيها) (استرجاع لواء الإسكندرونة السوري من تركيا) ( استقلال الأحواز ـ إيران) الخ.

لقد اختار المؤلف جزءا من قصيدة تمد أصحاب مثل تلك القضايا بالصمود:

إن كان الماضي قد رحل حزيناً
فهناك مستقبل لم يأتِ بعد
عليك أن تستعد له

(5)

يعود الكاتب للإشارة لبعض ما جاء في محاضرته، بالقول كيف نتعرف على القادة الذين يشدون غيرهم نحو الولاء. فيضع بعض صفاتهم، وكأنه يخاطب هنا من يريد أن يصبح قائداً لمجموعة موالية، أن يحترم ولاء خصومه لولائهم، ويدرب من يتبعونه على ذلك. أن لا يتعرض بسوء للموالين لقضايا إشاعة السلام والأمن بين الناس، بل يناصرهم ويمدهم بالعون، وأن لا يتعرض للغرباء الذين يعلنون ولائهم للمناطق التي أتوا منها، هكذا يكون القائد قائدا لمسألة الولاء الكلي المليء بالفضيلة.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-05-2009, 10:14 PM   #15
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المحاضرة السابعة

الولاء والحقيقة والواقع

ما يعطي تلك المحاضرات قيمتها التي هي عليها، هو ما كان يتبعه المؤلف من أسلوب يجعل من محاضراته وكأنها محاضرة واحدة متماسكة، فقد كان يتفقد ما تتعرض له محاضرته السابقة من انتقادات وتساؤلات، تطرح في الصحافة أو يراجعه من يعترض عليها في مكتبه أو من خلال المراسلات، ليجيب عن تلك التساؤلات في المحاضرة التالية.

ومن بين التساؤلات والاستنكارات للمحاضرات السابقة والتي سيذكرها في محاضرته التي بين يدينا، هي أن التركيز على الأخلاقيات دون الانتباه للواقع الذي يعيشه الفرد والمجتمع، سيكون ضربا من ضروب التخريف.

(1)

كتب له أحد أصدقائه يقول: إن الولاء ليس الغاية النهائية. أليس الولاء لكل الموضوعات المستحقة للولاء هو الواجب الأعلى الذي نسعى إليه؟ أليس التفاني هو موضوع ولائنا النهائي؟ أليس الجهد المصاحب لهذا الهدف هو الذي يضفي قيمة على أي بحث مخلص؟ أليس لنا الحق أن نسأل أنفسنا أو غيرنا عن سبب ولائهم؟

لقد فهم المؤلف من اعتراض صديقه أو تساؤله في رسالته على أن يريده أن يوضح علاقة الولاء بالواقع.

(2)

يتساءل المؤلف: ما هي حقيقة العالم، إذا كان الولاء نفسه خيرا حقيقيا، وليس مجرد وهم من الأوهام الإنسانية؟

إذا كان الولاء حقا، عبارة عن خدمة للقضايا. والقضية، حسب تعريفنا تربط حياة مجموعة من الأفراد في وحدة حياة واحدة. فإن الولاء إذا كان حقيقيا بالفعل، لا بد أن يربط النفوس الإنسانية في نوع من الوحدة الروحية الحقيقية. فهل تلك الوحدة موجودة بالفعل؟ وهل الإنسان إن اقتنع أنها غير موجودة، هل يبقى على ولاءه أم ستفتر همته؟

وهل يحقق الإنسان سعادته لأنه ملتزم بالولاء، من خلال اعتراف الآخرين بما هو عليه؟ أم أنه يحقق السعادة لأنه كان على ولاء بما يتوافق مع ذاته، وخدمة لكائن فردي أو جماعي لا يشترط أن يعلن إعجابه بولائه؟

يحسم المؤلف الإجابة عن تلك التساؤلات المعقدة، بقوله: إذا تيقن الفرد أن الروابط التي تجمعه بمن يعلن الولاء من أجلهم هي روابط روحية، فإن عزيمته لا تفتر وهمته لا تتهاوى. أما إذا كانت فكرة الولاء أسطورية لا تحقق للفرد إشباع شعوره بالسعادة، فسيتسلل الوهم الى نفس الفرد، ويصبح ولاءه وهما.

(3)

يقين، إيمان حقيقي، ولاء حقيقي، أي حقيقة؟ سواء كانت تلك الحقيقة علمية أم أخلاقية أم فلسفية أم روحية، فوقعها على الأفراد لا يكون بنفس الدرجة، ولا يكون تعريفها متفق عليه في كثير من التفاصيل.

فالمؤمن بالولاء الحقيقي، يحيا الحياة بواقعيتها ويؤمن بالخير الذي يتحقق من ولاءه، لكنه لا يستطيع جعل الآخرين أن يؤمنوا بنفس القدر الذي هو عليه من الإيمان.

لقد عرف الفيلسوف (وليام جيمس) الحقيقة في كتابه (البراجماتية) بأنها هي مطابقة الفكر مع الواقع. وعليه إذا كان لأحدنا فكرة مسبقة متكاملة عن شيء، وواجه ذلك الشيء فإن يحاكم ما يواجهه على ضوء تلك الفكرة أو المركب من الأفكار التي تجعله يقيم الشيء أنه حقيقي أم لا. وحتى تتطابق الصور التي يراها الناس مع أفكارهم، يفترض أن تكون أفكارهم متطابقة بكل تفاصيلها، حتى يستحق المجتمع أن يصنف أنه مجتمع (متوحد روحيا).

وهذا سيقودنا لمفهوم أو مصطلح (الصدق)، فالصدق يعامل كقيمة ينتفع بها الناس، فأي تبشير بفكرة لا تنفع الناس، لن يتبعها أحد، ولن يدفع بها ثمنا حتى لو كان ذلك الثمن منسوبا للولاء.

(4)

[ دعنا نحاول وضع مقاربة، لما يريد أن يقوله هذا الفيلسوف في محاضرته هذه، عن الصدق والحقيقة والولاء والواقع، حتى لا يبدو كأننا نقدم هذرا من كلام لا طائل منه. فلو آمن أحدنا بحزمة أفكار وطنية تخص الولاء للوطن والعمل وتقديم الخير للناس، وتلفت حوله ووجد الفساد مستشريا، ألا تساوره الشكوك بعبثية ولاءه؟] { هذه من عندنا لصناعة مقتربات الموضوع}

يقول المؤلف: إن أصحاب الولاء هم أقدر الناس جميعا، على التطلع الى أمل تحقيق نجاح حقيقي. فإن فشلوا كما يفشل الجميع. ولئن كانوا يعتمدون بصفة أساسية على خبرتهم الشخصية، إلا أنهم لا يهملون خبرات الآخرين، ويسعون الى تحقيق ما سماه الفيلسوف وليام جيمس ب (القيمة الفورية) أي تبجيل الناس لهم وتحقيقهم المنافع الشخصية، إنهم إن فعلوا ذلك ارتكس وتراجع مفهوم الولاء.

إن بقاء فكرة أن يموت البعض من أجل تحقيق هدفٍ سامٍ للآخرين، هي ما تبقي الآمال أمام الفضيلة لتنتصر على الرذيلة. هذا ما يحقق العدالة عندما يقسم الشهود على قول الحقيقة حتى لو كانت تلك الحقيقة تجلب لهم المتاعب.

إذن من العبث، أن يكتفي المرء بتعريف كل ما نقصده بالحقيقة، شعورنا ومشاعرنا الإنسانية بالمنفعة، أو بتحقيق مجموعة من الأهداف تفنى وينتهي تأثيرها بمجرد استخدامها. فأي هدف وأي موضوع منها، مجرد جزء، ونحن نريد بولائنا تحقيق الكل.

(5)

ماذا لو اكتشفنا في عينة من الوقت أن بحثنا عن الحقيقة كان مخلوطا بأفكارٍ خاطئة؟ وماذا لو كان ولائنا مستنداً على أفكارٍ مزيفة وغير حقيقية؟ هل يمكن أن نصل الى تلك الدرجة من محاسبة النفس؟

بالتأكيد، إن من يكون من أهل الولاء، لا بد وأن يكون منحازا لجانب من الحقيقة ولو كان جانبا واحدا، أي الانحياز للفضيلة التي تعم الجميع. لكن إذا كان الجميع يستنكرون عليه نمط ولاءه، فلا بد عندها أن يستمع ويتفكر بأهل الولاء من غير جماعته.

لقد شبه المؤلف (الفيلسوف) أهل الولاء (من البراغماتيين والذي يعتبر المؤلف أحدهم) لقضية ما، بالمؤسسة التجارية، التي يطالبها الدائنون بحقوقهم، وهي غير قادرة على تسديد تلك الديون، فعليها ـ بتلك الحالة ـ إعلان إفلاسها وتجيير موجوداتها للدائنين.

تعليق:

هذه أخلاقيات البراجماتيين (الذرائعيين) الذين يعتبرون النجاح هو المعيار الوحيد للحقيقة، لذلك يستند المؤلف الى ما قاله أستاذه (وليام جيمس 1842ـ 1910) والذي آمن بها بعد أن أوجدها زميله الفيلسوف (تشارلز بيرس 1839ـ 1914) وقد تسللت أفكارهم حتى أصبحت عماد الفلسفة الأمريكية المعاصرة. [اقتضى التنويه]



__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-05-2009, 12:06 PM   #16
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي


المحاضرة الثامنة (الأخيرة)

الولاء والدين

(1)

لقد سبق أن قلنا بصورة عامة بأن الولاء هو التفاني الإرادي والمستمر من فرد ما، تجاه قضية معينة. وعرفنا القضية بأنها شيء يوحد كثيراً من الحيوات الإنسانية في حياة واحدة. وكان مرادنا من وضع هذه التعريفات، هدفا عمليا أساساً. فلقد قََصَدَتْ فلسفتنا عن الولاء أن تكون فلسفة عملية، واستخدمنا تعريفاً، لمساعدتنا على كشف غاية الحياة، والخير الأعلى الذي تستطيع الكائنات الإنسانية تحقيقه لنفسها، ولقد وجدنا بالفعل أن هذا الخير يبدو متناقضاً. فلقد كان خيرا يتم من خلاله التضحية.

لا يتحقق الولاء بالتضحية فقط، إنما بالعمل الشاق المؤلم، ومن مرارة الهزيمة. فلقد أثبتت القضايا التي بدت خاسرة وميئوسا منها في التاريخ أنها أكثر القضايا خصوبة وحياة. وباختصار يتم التدريب على الولاء بوجود القادة الشخصيين وبتحويل قضايانا الى مثل عليا، هذه القضايا التي تتغذى على النكبة والبؤس، وتتوهج بالموت والتي تجعلها الهزائم أكثر وضوحا، والمثل الأعلى المرغوب.

إن خيرك الحقيقي، لا يمكن أن تحصل عليه أو يتحقق، في ظل خبرتك الإنسانية الحاضرة تحققا كاملا. وأفضل ما يمكن أن تحصل عليه يكمن في الاستسلام الذاتي وفي يقينك الذاتي بأن القضية التي سلمت لها نفسك قضية خيرة بالفعل، وإذا كانت قضيتك بالفعل قضية موجودة وواقعية وخيرها لا يستطيع فردٌ أو حتى مجموعة أفراد تحقيقه. فإن هذا الخير الخاص بالقضية يعد أساسا خيرا روحانيا، حتى وإن كان إنساني التجسد.

(2)

إن الذين يؤمنون بارتباط (الروحي) بمسألة (الولاء)، دائما يسألون عن كيف يصبح إيمانهم، إيمانا واضحا ويكون أقرب للبصيرة الواضحة؟

يحاول الكاتب (جوزايا رويس) أن يحل إشكالية البراجماتية الحديثة بجدوى ربطها بالروحي. فالفرد يرتبط بحلقات مهنية واجتماعية ومكانية وقومية وسياسية ويمكن أن يكون محرك ولاءه في كل حلقة له معنى واقعي ملموس، أما ربطه بالروحي فيبدو عند البراجماتيين لا يتصل بخبراتهم مباشرةً.

يقول: لا يعتبر العالم الواقعي، شيئا مستقلا عنا، إنه عالم محتوياته جاءت من طبيعة الخبرة، وبنائه يناسب ويصحح الضمان لتحقق أفعالنا الإيجابية وتكون كل طبيعته يمكن التعبير عنها وتفسيرها بالأفكار والنشاط العقلي، لكن هذا النشاط يختص بكل جزء من مكونات العالم الطبيعي، في حين تكون الروح أو النشاط الروحي معنيا بالكل المحتوي لتلك الأجزاء.

إن ذاكرة الفرد معرضة للخطأ عندما يحاول تقييم مسألة سابقة، وإن أراد التحقق منها باختبارات معينة، فإن تلك الاختبارات تكون هي الأخرى معرضة للخطأ، والفرد وهو يحاول ذلك سيكون مثل من يتيه في أحراش وأدغال لا يوجد بها معالم واضحة للمخارج، فقد يعيد ويكرر المرور من نفس المسالك التي سلكها حتى يهتدي للمخرج، وإن أراد شرح ذلك للآخرين أو أراد أن يتذكر محاولاته فإنه سيجد نفسه أمام قدرة محدودة ناقصة، وهنا تبرز الركون للروح، أو الإيمان بالغيب والدين وإرجاع رعايته كفرد من مجموع لقوة خارقة ترعاه وترعى الآخرين.

(3)

كان الدين دائماً، وفي أي صورة له، عبارة عن محاولة لتفسير عالم يتجاوز عالمنا الإنساني، ومحاولة للاستفادة من ذلك العالم، ولا يهمنا هنا عرض تاريخ الصورة البدائية والبسيطة للدين، وعلاقة الأخلاق بالدين بصورتها البدائية.

أن تحاول البشرية التوفيق بين العلم والدين، فهذا ممكن جدا، أما أن تحاول التوفيق بين الدين والأخلاق فلا يمكن ذلك إلا بجذب الاثنين معا نحو شواطئ محيط الزمان الغامض واللانهائي، ثم إغراقهما في أعماقه (وهو ما عمله البوذيون والمسيحيون)

يشير الكاتب الى الموروث العالمي: بأن الأخلاق تجعل من الفرد في أفضل الأحوال كائناً أو مواطناً مقبولاً، بينما الدين هو وحده القادر على تحقيق التوافق بين الفرد والعالَم الإنساني.

(4)

يحاول الكاتب إيجاز الخلاصة النهائية لنظريته، بأن الولاء هو تجسيد (للأبدي) في أفعالهم، فمن يضحي بروحه من أجل قضية معينة أعلن ولاءه لها، وهو مؤمن يريد مرضاة الله، ولا يريد أن يكافئه المجتمع الذي يعيش بينه عليها.

لكن، هل يمكن أن يعلن أشخاص غير متدينين ولاءهم لشيء ويضحوا بأرواحهم من أجله دون أن يكونوا مؤمنين بالحياة الأخرى؟

نعم، هذا ممكن، فالأبدي والخلود والأخلاق عند غير المتدينين لها أبعاد إنسانية مختلفة عن المتدينين الذين يربطون ولائهم برضا الله. وهم يرون أن الدين يفسد الأخلاق ويضر في تعامل الناس فيما بينهم، فقد يتناحر أبناء الديانات المختلفة راغبين في اختفاء غيرهم من أبناء الديانات أو الطوائف الأخرى، في حين من يقدم الأخلاق على الدين ينظر بعين إنسانية لكل البشر.

(5)

يتميز الولاء الديني عن غيره، بأنه أكثر مدعاة للصبر والمثابرة والجلد وإن كان مصدرا للحزن والآلام، فإن تلك الأحزان والآلام هي ما تضفي عليه تميزه وقدسيته.

وإن من يعلن ولاءه للدين، يحس بعدم عبثية حياته، ويقول لمن يشاركونه بالولاء اطمأنوا (أنا معكم حتى نهاية حياتي) بعكس الذي يعيش بلا (أي ولاء) الذي يحس بعدميته وعزلته ونفور الآخرين من أنانيته.

انتهى
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .