العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغرق فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال أمطار غريبة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث النسبية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حديث عن المخدرات الرقمية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الكايميرا اثنين في واحد (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى كتاب علو الله على خلقه (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 07-03-2009, 07:15 PM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي أماهُ لا تبكي عليّ

أماهُ لا تبكي عليّ



رسالة الشَّهيدِ إلى أمه الصامدة



حين وصلني الخبر، كانت هزَّةً عاطفيَّةً عنيفة، انتابتني مشاعر شتى، تهيج بي عواطف متباينة، لا أستطيع تمييز دوافعها، أو تحديد مواجعها.

أهوَ الشَّوقِ إلى لثم جراحهِ النّاَزفة، أم الحسرة على أني لن ألقاه بعد الآن.
تجيش بي رغبة إلى البكاء، لا أدري أهيَ من الغبطة على ما آل إليه، أم الحسرة على نفسي أني لم أدرك مُناه.

كأني بأمه الصابرة قد وقع لها ما ألمَّ بي، ولعلها مشاعر تجيش بي أيضا إلى أمي الحبيبة، فإذا قلمي يطبعُ هذه الكلمات:



لا تَبكِ يا أُماهُ واحتَسِب
ي


ولْتَحبسي مَوَّارة الغَضَبِ



ولْتَسألي الرَّحمنَ مَغفِرَةً



بِأَكُفَّ أَطهَرُ من نَدى السُّحُبِ



عَفواً وغُفراناً ويَقبلنَي



ويُزيلَ يَومَ الرَّوعِ مِنْ رَهَبي



هذي الأَكُفُّ أتوقُ ألثُمُها



وأَضُمُّها بِجَوانحٍ التَّعبِ



في دِفئِها ذُقتُ الحَنانَ وكمْ



مَسَحتْ غُبارَ الوَهن عن قَلبي



ما زِلتُ أشعُرُ لِينَ مَلمَسِها



في جَبهتي يَحنو كَلَمْسِ نَبي



* ** *

أماهُ قدْ أزفَ الرَّحيلُ فلا



تأسَي فحسبُكِ أنني بَطَلُ



فأنا صَنيعُكِ طاهراً نَضِراً



أضفى البهاءُ عليهِ والأملُ



غُصنٌ يَهيجُ على منابتِهِ



نَفْحُ الهُدى زَهراً فَيَشتعِلُ



كم ذا بَذَلتِ على رِعايَتِهِ



جُهداً وها قَدْ أثمَرَ العَملُ



يا دَوحَةَ الإيمانِ يَغمُرُها



فَيضُ التُّقى في رَيِّهِ الهَطِلُ



قدْ كُنتِ لي رَوضاً أطوفُ بهِ



بَينَ الغُصونِ كأنني ثَمِلُ



أفنانُه الفَيحاءُ زاهيَةً



بالخَيرِ تَغمُرُنني فأكتمِلُ



وأركِ قنديلَ الهَدى سَطَعَتْ



أنوارُهُ فأضاءتْ السُّبُلُ



أجني ثِمارَ الحُّبِّ نَضرَتُها



رَيّانَةٌ فإذا أنا رَجُلُ



* ** *

أماهُ إن الخُلدَ مَوعِدُنا



رَسَمَ الطَّريقَ لنا إليه أبي



كم كانَ طَيفُكِ باعثاً شَجَناً



في مهجَتي النَّشوى من الطَّرَبِ



طيفٌ أفاضَ ظِلالَ أجنحةٍ



وكأنَّها الأجفانُ للهُدُبِ



ويَهلُّ منه النُّورُ مُبتَسِماً



طُهراً يَفيضُ كَبارِقِ الشُّهُبِ



طَيفٌ أرقُّ من العَبيرِ شَذاً



وصَفاؤهُ أنقى منَ الذَّهبِ



روحي إليكِ تَطيرُ ضارعَةً



أماهُ فوقَ جَوانحِ السُّحُبِ



وإلى رُبوعِ مَواطني الوَلهى



بِرَحيقِ خَمرِ التّينِ والعِنَبِ



وأريجِ زَهرِ الزَّيزفونِ وقدْ



فاحتْ كَنَفحِ المجدِ في الكُتُبِ



أماهُ هذا كانَ لي نَسَباً



وبهِ أفاخرُ كلَّ مُنتسِبِ



* ** *

أماهُ فَيضُ هُداكِ عَلَّمني



أن لا أعيشَ بهامشِ الدُّنيا



هَمْلٌ على هونٍ تُدَغدِغُهُ



أهواؤهُ ويَهيمُ بالرُّؤيا



لكنَّني بَينَ الضُّلوعِ أرى



نَفسي تُنازِعُني إلى ألعَليا



تأبى الهوانَ وتَسْتَشيطُ إذا



ما عايَنَتْ بينَ الوَرى بَغيا



فَتَثورُ مُغضَبةُ الجَنانِ ولا



تَرضى منَ الآلامِ بالرُّقيا



فَتعيشُ شامخَةً بعِزَّتِها



وتَهبُّ فهي بدينِها العُليا



أو أن تَموتَ أبيَّةً وإذاً



هيَ لَنْ تَموتَ وإنَّما تَحيا



حُرَّاً وتَغلي بي دِماءُ أبي



وأرى الشَّهادةَ لي هيَ المُنيا



* ** *

أماهُ إنَّ النَّجمَ صافَحني



وحَنا يُقبِّلُ جُرحيَ الدَّامي



ويَمُدُّ من بَينِ الغيومِ يَداً



لِيَشُدَّني لِمقامِهِ السَّامي



بَيضاءَ بَدَّدَ نورُها جَزَعي



مُستأصِلاً حُزني وأوهامي



فأنا أحَلِّقُ في العُلا قَمَرٌ



أُضفي على الأكوانِ إلهامي



طَيفٌ يجوبُ الكَونَ في رَهَفٍ



وكأنَّهُ تَرجيعَ أنغامِ



وأهيجُ كالنَّسماتِ في وَلَهٍ



بينَ الجِنانِ ورَوضِها النَّامي



كالصُّبحِ فاضَ بِسِحرِهِ وسَرى



فَوقَ الرُّبا كَطُيوفِ أحلامِ



أغشى جِنانَ الخُلدِ يَغمُرُني



فيها الرِّضا وصَفاءُ أيّامي



لا ظُلمَ بينَ النَّاسِ يؤرقُني



أو بَغيَ سَعَّرَ فيَّ آلامي



أماهُ لا تبكي عليَّ فقدْ



جَفَّ النَّزيفُ بجُرحيَ الدَّامي




الرياض 15/ 7 / 2007 م

محمد نادر فرج
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .