. والحديث الذي رواه عبد الله بن صالح عن الليث عن عقيل عن الزهري أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد أخرج اسمه في الموتى " فهو حديث مرسل ومثله لا يعارض به النصوص .ا.هـ.
وحكم الحافظ ابن رجب على حديث عثمان بن محمد بن المغيرة الذي أورده ابن كثير بالإرسال أيضا في " لطائف المعارف " ( ص 256 ) .
وقال القاضي أبو بكر بن العربي : وجمهور العلماء على أنها ليلة القدر . ومنهم من قال : إنها ليلة النصف من شعبان ; وهو باطل لأن الله تعالى قال في كتابه الصادق القاطع : " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " فنص على أن ميقات نزوله رمضان , ثم عين من زمانه الليل هاهنا بقوله : " في ليلة مباركة " فمن زعم أنه في غيره فقد أعظم الفرية على الله , وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه لا في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها فلا تلتفتوا إليها .ا.هـ.
وقال القرطبي : قلت : وقد ذكر حديث عائشة مطولا صاحب كتاب العروس , واختار أن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم ليلة النصف من شعبان , وأنها تسمى ليلة البراءة . وقد ذكرنا قوله والرد عليه في غير هذا الموضع , وأن الصحيح إنما هي ليلة القدر على ما بيناه
وقال الشنقيطي في " أضواء البيان " (7/319) : وقد بين تعالى أن هذه الليلة المباركة هي ليلة القدر التي أنزل فيها القرآن من شهر رمضان في قوله تعالى : " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن "
فدعوى أنها ليلة النصف من شعبان كما روي عن عكرمة وغيره ، لا شك أنها دعوى باطلة لمخالفتها لنص القرآن الصريح . ولا شك كل ما خالف فهو باطل . والأحاديث التي يوردها البعض في أنها من شعبان المخالفة لصريح القرآن لا أساس لها ، ولا يصح سند شيء منها كما جزم به ابن العربي وغير واحد من المحققين . فالعجب كل العجب من مسلم يخالف نص القرآن بلا مستند كتاب ولا سنة صحيحة . "
وما سبق من النقد فى رقمى اثنين وثلاثة صحيح المعنى بغض النظر عن النقول
ثم قال :
3 – كما هو معلوم أن الأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي من جوامع كلمه صلوات الله وسلامه عليه ، ودعاء كميل المزعوم لا تجد فيه مسحة جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم لو فرضنا أن عليا نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فما بالكم لو كان عن غير النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا الطول ؟! .
لا شك أنه يرد ولو لم يكن في كلماته ما يستغرب أو يخالف آداب الدعاء ، ودعاء كميل على عكس ذلك ."
هذا كلام بلا دليل فلا محدد لما سماه زقيل الجوامع والكلام المنقول عن الرسول(ص) مختلف الأساليب ليس له أسلوب واحد حتى يمكن أن نقول هذا أسلوب النبى(ص) وإنما نعرف كونه صحيح المعنى من خلال عرضه على كتاب الله وموافقته له فإن لم يوافقه فلم يقله النبى(ص) ولا نطق به
ثم قال :
4 - يوجد الكثير في دعاء كميل من الاعتداء في الدعاء ، وخذ هذا الكلام على سبيل المثال لا على سبيل الحصر : يا مولاي...فكيف يبقى في العذاب ، وهو يرجو ما سلف من حلمك..؟! ام كيف تولمه النار، وهو يأمل فضلك ورحمتك ..؟! ام كيف يحرقه لهيبها ، وأنت تسمع صوته وترى مكانه..؟! أم كيف يشتمل عليه زفيرها ، وأنت تعلم ضعفة..؟! أم كيف يتقلقل بين اطباقها ، وانت تعلم صدقه..؟! أم كيف تزجرة زبانيتها ، وهو يناديك يا ربه ..؟! أم كيف يرجو فضلك في عتقه منها ، فتتركه فيها..؟! هيهات ...
والله قال في كتابه في التحذير من الاعتداء في الدعاء : " ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين "
و عن ابن لسعد أنه قال : سمعني أبي وأنا أقول : اللهم إني أسألك الجنة ، ونعيمها ، وبهجتها ، وكذا وكذا ، وأعوذ بك من النار ، وسلاسلها ، وأغلالها ، وكذا وكذا ، فقال : يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيكون قوم يعتدون في الدعاء فإياك أن تكون منهم إنك إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها من الخير ، وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر .رواه أبوداود (1480) ، وابن ماجه (3864) ، وأحمد (1/171، 183) ، وقال الأرنؤوط في تخريجه للمسند (3/80) : حسن لغيره .
وصور الاعتداء في الدعاء كثيرة ليس هذا مجال ذكرها ، ولكن يكفي العبارة التي جاءت في دعاء كميل ."
ثم قال :
5 - وكذلك في دعاء كميل من السجع المتكلف ما يكون سببا من أسباب عدم استجابة الدعاء على فرض ثبوته عن علي بن أبي طالب .
عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : ... فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك يعني لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب . رواه البخاري (6337) ."
بالقطع هذا الكلام لو استعملناه لوجب رد مئات الروايات مثل :
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، ومِنْ دُعَاءٍ لاَ يُسْمَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَمِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلاَءِ الأَرْبَعِ
فهو طبقا للغويين سجع مما لا شك فيه
ومثل:
اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا
ثم قال :
6 - وكذلك لفظة : يا سيدي الواردة في الدعاء ، تكلم عليها أهل العلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " (1/207) : وقد كره مالك وابن أبي عمران من أصحاب أبي حنيفة وغيرهما أن يقول الداعي : يا سيدي يا سيدي ، وقالوا : قل كما قالت الأنبياء : رب رب .ا.هـ.
وقال أيضا في " الفتاوى " (10/285) : وأما السؤال فكثيرا ما يجيء باسم الرب كقول آدم وحواء : " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " وقول نوح : " رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم " وقول موسى : " رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي " وقول الخليل : " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة " الآية وقوله مع إسماعيل : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " وكذلك قول الذين قالوا : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " ومثل هذا كثير
وقد نقل عن مالك أنه قال : أكره للرجل أن يقول في دعائه : يا سيدي يا سيدي يا حنان يا حنان ولكن يدعو بما دعت به الأنبياء ؛ ربنا ربنا نقله عنه العتبي في العتبية .ا.هـ.
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم عند شرح الحديث العاشر (1/274) : وسئل مالك وسفيان عمن يقول في الدعاء : يا سيدي ، فقالا : يقول : يا رب زاد مالك : كما قالت الأنبياء "
كلمة السيد ليس فيها نص يحرم قولها لله بل هناك رواية تقول أن السيد هو الله وأقوال الفقهاء مبنية على غير نص وإلا كانوا ذكروه
|