العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: زراعة القلوب العضلية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: غزة والاستعداد للحرب القادمة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حديقة الديناصورات بين الحقيقة والخيال (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في مقال ثلث البشر سيعيشون قريبا في عالم البعد الخامس (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغرق فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال أمطار غريبة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث النسبية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حديث عن المخدرات الرقمية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الكايميرا اثنين في واحد (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 05-02-2008, 08:13 AM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي نحن و إشكالية الدولة

نحن و إشكالية الدولة

غالبا ما يسعفنا لفظ "الدولة" بإيجاد مبررات لعجزنا وتخلفنا. فإن تمت مقارنة إنجازات شعوب الأرض بإنجازاتنا، نجد مشجب الدولة حاضرا لتعليق عجزنا عليه. هذا على صعيد الجماعات، ولا تكون الحالات الفردية استثناءا لذلك، فإن فشل أحدنا بتجارته أو عمله أو حتى حياته الأسرية، فسرعان ما يحشر الدولة باعتبارها سببا في فشل حياته الزوجية أو عدم توفيق أولاده في دراستهم أو وفاة أحدهم .. قد يكون حشر الدولة في إحداث بعض الإخفاقات سببا مشروعا، ولكن المبالغة في تحميلها كل حالات الإخفاق يضم بين ثناياه ظلما يحتاج لإنصاف ..

كثيرة هي المواضيع الأدبية والسياسية والصحفية والنقابية التي تناولت وتتناول موضوع الدولة العربية، ولكن كتابها في كثير من الأحيان ينجرون للكتابة بشكل كيدي، أو بشكل يرد كيد كاتبين آخرين، فتظهر الكتابات وكأنها ردود على ردود، فكل كاتب يهاجم من سبقه، يدحض من خلال كتابته ما تقدم به من سبقه في الكتابة ليحاكمه من زاوية عقائدية ويبين نقائص فكره ويستخف بها، دون أن يساهم في تطوير الفكرة أو الأفكار التي تصب في الفضاء الذهني الذي يجعل من الدولة العربية مساوية لمثيلاتها في الدول المتقدمة..

لقد وقع معظم الكتاب العرب في مصائد جعلتهم قاصرين عن تطوير فكرة الدولة العربية. فمنهم الأسير لفكرة الدولة القديمة التي وَضع شكلها بما يناسب رغبته الفكرية التي لم يكتمل تكوينها بشكل يؤهله للحديث في هذا المجال، فتَصَوَّر بذلك أن الدولة العربية أو الإسلامية قد اكتملت شروطها في عينة من الوقت بحيث إنه لم ينقصها شيء، ويتحصّن وراء هذه الفكرة مستفيدا من حجم الإنجازات الفكرية والعسكرية التي تحققت في أجواء إدارة تلك الدولة، متناسيا الظروف التي ترافقت مع تلك الإنجازات، وساكتا عن حجم المشاكل التي واجهت تلك الدولة أو الكيفية التي تمت معالجة تلك المشاكل بها .. ولو طُلب من هؤلاء الكتاب تحويل أفكارهم لمنهج إجرائي لتاهوا في تفاصيل يختلط بها العقائدي مع الإداري، لتتحول تلك الأفكار بالتالي إلى جهد لا يصب في حل إشكالية الدولة.

ومنهم من يفتتن بنماذج دولية معاصرة، يريد الاحتذاء بها دونما مواضعة للشروط والظروف التي رافقت قيام تلك التجارب الدولية، فهذا يريد تجربة على الطريقة الأمريكية وهذا يريدها على الطريقة اليابانية وذاك يريدها على الطريقة السوفييتية وآخر يريدها أن تكون على الطريقة الفلانية .. فإن كانت الرجعية تعني رفض فكرة التطور والتمسك بما كان (وِفْق تصور صاحب الفكرة)، -وهذه يمكن أن نطلق عليها الرجعية الزمانية (المتعلقة بالزمن والتاريخ)-، فإن الاحتذاء بتجربة عالمية لا تتوافق شروطها مع شروط وضعنا الخاص، يمكن إطلاق تسمية (الرجعية المكانية) عليها..

وحتى نتمكن من الدخول الى الموضوع لكشف ما نرمي إليه، ولنتمكن بالتالي من الزعم بأننا قد نحاول إضافة فكرة تصب في الجهد الذي يجعل من موضوعنا مساهمة في تنشيط الحديث بهذا الموضوع الشائك، علينا أن نضع بعض المقتربات الضرورية للتمهيد لهذا الحديث: وعي الناس بالدولة، ما هي الدولة وماذا تريد الدولة من مواطنيها، وماذا يريد المواطنون من الدولة، أي ما هي ضرورات الدولة، ومتى تكون الدولة شرعية ومتى تفقد الدولة شرعيتها، الخ من الأسئلة التي تساعد في تكوين صورة لما يجب أن تكون عليه الدولة وكيفية السبيل لتحقيق ذلك.

الوعي بالدولة

من المفيد أن نتذكر أن الوعي هو القدرة على تكوين صورة أو إعادة تكوين صورة، فالوعي الماضوي (المنسوب للماضي) يعني إعادة تكوين صورة حدثت في الماضي، وهذا يتطلب مجموعة من تحديد نقاط الصورة لكي تكون مطابقة لما كانت عليه ( إحداثيات الصورة بمحوريها السيني والصادي [ حسب المفاهيم الهندسية])، وهي مهمة أقل صعوبة من تكوين صورة لم ترسم بعد، في الوعي المستقبلي.

حيث إن الصورة السابقة تحتاج تثقفا بما رافق تشكيلها وقت رسمها الأصلي، مثل فهم الظروف السائدة في وقتها وعوامل القوة والضعف، وهذا يأتي من خلال الدراسات المستفيضة والاستعانة بما كتب المؤرخون حول قضية معينة. أما رسم صورة مستقبلية بالوعي المستقبلي، تحتاج جهدا مضاعفا في فهم إحداثيات الصور الماضوية والحاضرة (الراهنة) للانتقال الى استشعار واستشراف العوامل المحيطة بالصورة المنشودة مستقبلا ..

لا يتمنى الرعاة ولا البدو ولا (الغجر) وجود دولة، لأنها بكل بساطة تعيق من حركتهم وتقيد حرياتهم، وكذلك لا يتمنى المجرمون ولا المهربون وجود دولة، ولكن بعض الأصناف من هؤلاء لن يكون لوجودها أهمية إذا اختفت الدولة، فالتهريب سيصبح غير استثنائي إذا زالت مراقبة السلطات الحدودية له .. هل يعني ذلك أن الدولة هي رديف للرقي والتقدم والانضباط وخضوع الفرد لإرادة جمعية تتحكم في شكلها قوانين يتم وضعها ضمن تسلسل يتطور وفق حاجات ضبط حركة أفراد الدولة؟

يقول المفكر عبد الله العروي في هذا الصدد أن (كل منا يكتشف الدولة قبل أن يكتشف الحرية، أو بعبارة أدق، تجربة الحرية تحمل في طياتها تجربة الدولة، لأن الدولة هي الوجه الموضوعي القائم في حين أن الحرية تطلعٌ الى شيء غير محقق)*1.. ويتابع (تواجهنا الدولة أول ما تواجهنا كفكرة مسبقة، كمعطى بديهي يطلب منا أن نقبله بلا نقاش، كما نقبل خلقتنا وحاجتنا الى الأكل والنوم .. الخ) .. هكذا يبدأ وعينا بالدولة وعي مضطرب يرتبط بكل سلطة ومنشأ للأوامر والنواهي وقوائم الممنوعات، وينسحب هذا الوعي ليشمل كل من يقوم بهذا الدور من رب العائلة لشيخ العشيرة للمسئولين المحليين من تربويين وشرطة وغيرهم، فيزداد الاضطراب اضطرابا في تكوين صورة واضحة عن مفهوم الدولة ..

يتبع

هامش
ــ
*1ـ مفهوم الدولة/ عبد الله العروي/ المركز الثقافي العربي/المغرب/ الدار البيضاء/ ص 5
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-02-2008, 07:35 PM   #2
ماجد زايد
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2007
المشاركات: 239
إفتراضي

اقتباس من مقال / حوران
لقد وقع معظم الكتاب العرب في مصائد جعلتهم قاصرين عن تطوير فكرة الدولة العربية. فمنهم الأسير لفكرة الدولة القديمة التي وَضع شكلها بما يناسب رغبته الفكرية التي لم يكتمل تكوينها بشكل يؤهله للحديث في هذا المجال، فتَصَوَّر بذلك أن الدولة العربية أو الإسلامية قد اكتملت شروطها في عينة من الوقت بحيث إنه لم ينقصها شيء، ويتحصّن وراء هذه الفكرة مستفيدا من حجم الإنجازات الفكرية والعسكرية التي تحققت في أجواء إدارة تلك الدولة، متناسيا الظروف التي ترافقت مع تلك الإنجازات، وساكتا عن حجم المشاكل التي واجهت تلك الدولة أو الكيفية التي تمت معالجة تلك المشاكل بها .. ولو طُلب من هؤلاء الكتاب تحويل أفكارهم لمنهج إجرائي لتاهوا في تفاصيل يختلط بها العقائدي مع الإداري، لتتحول تلك الأفكار بالتالي إلى جهد لا يصب في حل إشكالية الدولة.

ولا تصب ـ أيضا ـ فى حل الخلاف الذى ينشأ من خلال الحوار ـ أى حوار ـ يتعلق جانب منه
بمجتمع من الماضى القريب أو البعيد بسبب عدم ألاحاطه الكامله بالظروف التى ترافقت مع
تلك الانجازات أو تلك الاخفاقات "سيان" ,وحيثيات كيفيه المعالجه للأسباب التى أدت لتك
النتائج ! ! !
ومن هذا المنطلق ـ وحرصا على جدوى ثمار الحوارات ـ فى المجتمعات المتقدمه , أنهم
بدأوا يسنون القوانين على السماح بنشر "أسرار" لوقائع بعد مضى مده محدده , كان
من المحظور اعلانها فى أعراف الدول القديمه كأسرار الحروب والقاده المحاربين ! !

وعذرا أخى / حوران , على انى أقتصرت على فقره من "مقالك الرائع" , لتعلقها الوثيق
بمشكله (فقر الحوارات على تعددها وأتساعها لنتائج متفق عليها بين أطراف الجدل)
حيث يرجع ذلك ـ عاده ـ لعين التعليل الذى ورد فى تلك "الفقره"خاصتك
ألا وهو : قصور احاطه المحاور ومحاوره ـ أو أحدهم ـ بتفاصيل الملابسات التى رافقت
تلك "الحقبه" أو ذلك "القرار" أوذلك "الانجاز" أوتلك "السقطه" ........! !
فيروح يعانق الشجب , أو يتبنى التأييد ! ! !
وعلى ذلك ظهر علم النفس "كعلم" ثم أتسع وتأصل ونما ثم تفرع وأثر فى العلاجات
وتوجيه المجتمعات فى مختلف المجالات حتى لم يدع مجالا لاضلع له فيه
ونجاح "عالم" علم النفس ودرجه هذا النجاح تتوقف على "مدى" معرفته بالحقيقه
وتفاصيلها ثم تجزئتها ـ تحليلها ـ ثم دراسه كل جزء "على حده" ثم ربط نتائج بحث
كل جزء بباقى النتائج , "والحنكه" فى كيفيه دمج تلك النتائج فى صياغه "مختصره"
لكن تعبر عن مزيج متجانس مسوغ يقبله العقل .
__________________
(ماجد)


[FRAME="11 70"] عهده الوثيق واحـه النجاه ... أول الطريق هو منتهاه[/FRAME]
ماجد زايد غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-02-2008, 11:27 PM   #3
عربي قرفان
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2007
المشاركات: 154
إفتراضي

ممضوع متميز ..... نادر الوجود في السياسية .... في إنتظار البقية و شكراً لك
عربي قرفان غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 06-02-2008, 12:06 AM   #4
redhadjemai
غير متواجد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
المشاركات: 3,723
إفتراضي

موضوع جميل لكاتب جميل من عضو جميل

ننتظر البقية
__________________

redhadjemai غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-02-2008, 03:08 PM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الأخوة الأفاضل ..

أشكر مروركم الكريم ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-02-2008, 03:09 PM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الدولة تاريخيا في ذهنية العرب :

تمتزج المفاهيم مع مرور الوقت، فتبتعد عن حقيقتها المجردة ، وتصطبغ بصفة أقرب لموروث (تراثي). وعند مقاربتها مع المفاهيم السائدة، يتصارع الموروث (بتفاصيله غير الواضحة) مع علمية الوظيفة للمفهوم، وتتيه الفكرة لتتحول الى شظايا فكرية تكون عصية على التحول الى حزمة أو حزم فكرية ، كان القصد من تجميعها كي تكون في خدمة تطور المفهوم، فيحال المصطلح الى دواوين أكاديمية أو ثقافية فيفقد دوره العضوي في خدمة مصلحة القضية التي أُثير من أجلها، وهذا شأن مفهوم الدولة في تراثنا العربي ..

لقد طغى تطور الدولة في أوروبا منذ القرن السادس عشر الى القرن العشرين على الخلفية التي تُناقش فيها مسألة الدولة في مختلف بقاع العالم، وحيث أن العلوم السياسية التي يتم تدريسها في المدارس والجامعات في مختلف بلدان العالم لا بد لها من المرور على التجربة الأوروبية، فإن مساحة التأثر بفكرة الدولة (أوروبيا) كان ولا يزال يحتل مساحة كبيرة أو (طاغية) في مناقشة قضية الدولة..

وقد تأثرت مدارس الفكر الأوروبي بإيقاع التطور الصناعي والمالي الذي كان يرافق عصور النهضة والحداثة، فكان أصحاب الفكر الليبرالي يؤكدون على علاقة مفهوم الدولة بفكرة السيادة وبحقوق المواطنة، وقد استكمل رواد الفكر (الديمقراطي) الحديث هذا التوجه بالتركيز على أهمية فكرة المسئولية السياسية. ومن ناحية أخرى اتجه الفكر الماركسي الى إبراز صلة الدولة بالهيكل الطبقي وعلاقاته ودورها كأداة للضبط الاجتماعي والقهر السياسي في ظروف اجتماعية معينة *1..

لقد تناغم النشاط الفكري مع النشاط الاقتصادي والعلمي في أوروبا، بحيث كانت الأفكار المطروحة أولا بأول تتماشى مع الحاجة للضوابط التي تنظم الحريات العامة مع إرادة الدولة كممثل للمجموع، فكان تطورها مفهوما عند المفكرين والمثقفين ومقبولا أو مفسرا عند عموم أبناء الشعب.

في حين لم يكن لدينا (نحن العرب) مثل تلك الخصائص العامة، فلم تحسم النخب التي تستلم الحكم أو تعترض على الحكم أمرها في الشكل الذي تريده من الهيئة الظاهرة للدولة، والتي تكون قابلة للفهم من قبل الجمهور حول دور الدولة ووظائفها العامة. فإن كان فلاسفة الغرب (في شأن الدولة) يمثلون معالم فكرية متتابعة وتشكل مراجعا لعلامات التطور في مفهوم الدولة، فإن تحدثوا أو استشهدوا بما قال (هيجل) بشأن الدولة وما قاله ماركس وما وصل إليه نيكولاس بولانتزاس أو جرامشي فإنهم قد تعرفوا على هؤلاء في أدبياتهم واستطاعوا أن يؤشروا على نقاط النقص أو الثغرات فيما قالوا أو وصلوا إليه فكريا، فيكون الجهد في معالجة النواقص قائما في كل مرحلة، بينما يبحث أحدنا (كعرب) في صفحات التاريخ عن فيلسوف أو مفكر يتواصل مع من سبقه ليوصل الى من يليه، فلا يجد ضالته بسهولة، بل يجد مفاهيم ضبابية تاهت بين الترحم والأسى والتمني ..

مقارنات برؤية عربية

لم يكن للعرب دولة واضحة قبل الإسلام، بل كان لهم أشباه دول، ولكنهم ـ بعد الإسلام ـ واتساع دولتهم في العهدين الأموي والعباسي، تم اعتبارهم ورثة كل الدول التي سبقتهم في حكم المناطق التي بسطوا نفوذهم عليها، وبقيت حتى اليوم محسوبة على أنها (بلدان عربية)، فليس هناك من يستطيع أن ينافس العرب على أنهم ورثة الفراعنة أو السومريين أو الكنعانيين أو السبأيين. ولكن ذاكرة العرب السياسية لا تتخطى الحد الذي يفصل بين الدعوة المحمدية وما قبلها، فليس هناك تشبث بالكيفية التي كانت تُدار بها الدولة في اليمن قبل الإسلام أو الدولة الفرعونية أو الدولة الحثية الخ ..

لذلك جاءت الصورة عن الدولة مهزوزة أو مرتجة وغير واضحة المعالم في ذهنية العربي كما يصفها (محمد جابر الأنصاري) في كتابه التأزم السياسي عند العرب وموقف الإسلام .. ولو لخصنا ما قاله في الكتاب لخرجنا بما يلي:

1ـ إن الدولة عند العرب لغويا (مرتجة و مهزوزة) من تداول الحديث، وهكذا دواليك، وتلك الأيام نداولها بين الناس، في حين الدولة عند الغرب مأخوذة من
Statusأي الصخرة الصلبة ، فأصبحت State ..

2ـ الدولة جغرافيا وتاريخيا عند العرب غير واضحة المعالم، لا هي و مواطنيها، ففي حين نعتبرها من الأندلس الى الصين، ونعتبر أن مفكريها وأعلامها هم من أبناء عمومتنا أو أجدادنا من زهير بن أبي سلمى الى أبي القاسم الشابي واحمد شوقي و جميل صدقي الزهاوي .. نجد أن هناك مجلس أمة في الأردن ومجلس أمة في الكويت الخ .. فالارتجاج واضح جغرافيا وتاريخيا عند العرب، في حين أن الصين مثلا، هي التي تقع داخل حدود سور الصين ..

3ـ الدولة مرتجة اجتماعيا، ارتبطت الدولة العربية أو حتى تلك الدول التي سبقت الإسلام بعائلة أو عشيرة، فهذه دولة الفراعنة وهذه دولة الأمويين وحتى يحدث تخصيص مطلق فيقولون دولة الرشيد أو دولة فلان .. ولا زال هذا الوضع قائما فيرتبط اسم الدولة باسم عائلة .. وهنا يبرر الكاتب عدم حرص المواطنين للدفاع عن دولة فلان أو العائلة الفلانية .. في حين لا نجد تلك الظاهرة في فرنسا أو ألمانيا مثلا ..

حقائق تاريخية اجتماعية

من أكثر ما يواجه النشاط الفكري العربي فيما يخص الدولة عند العرب، هو ما يخص الرؤية الإسلامية (السياسية) في الفكر الحديث، فكل يوم نسمع ونقرأ من يدعو الى العودة الى الماضي لنضمن العودة الى بواطن القوة، فهناك من يرفع شعار الإسلام هو الحل، وكأن هذا الشعار يطرح لأمة غير مسلمة، علما بأن سكان البلدان العربية غالبيتهم المطلقة من المسلمين. ومع ذلك سنحترم هذا الطرح الذي لا خلاف عليه وسنناقشه وِفق رؤية ثبتها (محمد عابد الجابري) في كتابه (الدين والدولة وتطبيق الشريعة) وسندرج الحقائق التي توصل إليها الكاتب:

1ـ لقد كان النظام السياسي الاجتماعي في مكة والمدينة (يثرب) قبل الإسلام، نظاما جماعيا قبليا لا يرقى الى مستوى الدولة التي قوامها أرض ذات حدود معلومة وجماعة من الناس تسكن هذه الأرض وسلطة مركزية تنوب عنهم في تدبير شؤونهم الجماعية وفق قوانين وأعراف.

2ـ مع البعثة المحمدية، بدأ المسلمون يمارسون الدين الجديد ليس كموقف فردي إزاء الرب (المعبود) بل أيضا كسلوك جماعي منظم، انسلخوا فيه عن انتماءاتهم القديمة( مجموعة الهجرة الى الحبشة، كانت من مختلف القبائل ولكنها تصرفت كمجموعة منضبطة وفق انتماء عقائدي جديد غلب انتماءاتها القديمة) ..

رفض الرسول صلوات الله وتسليمه عليه أن يسمى حاكما أو ملكا، رغم أنه كان يقود مجتمع المسلمين سياسيا وعسكريا واقتصاديا وتنظيميا، يبعث الرسل ويوزع الغنائم الخ

3ـ إذا كان الدين هو وحي من الله لا يمكن أن يرثه أحد من الرسول، ولا أن يخلفه فيه، فإن التنظيم السياسي الاقتصادي الاجتماعي الذي نما بنمو الدعوة وانتشارها يحتاج الى من يرعاه ويدبره ويسهر على حسن سيره بعد وفاة الرسول صلوات الله عليه .. ولم يكن هذا التنظيم السياسي الاقتصادي الاجتماعي يحمل اسما سياسيا، فلقد رفض الرسول أن يُسمى ملكا، ولم يكن في قاموس اللغة العربية مصطلح آخر للرئاسة غير الملك، وهو مصطلح رفضه الإسلام وشجبه باعتبار أن (الملك) الوحيد هو الله .. من أجل ذلك استعاض الصحابة بمصطلح (الأمر) .. وهكذا صارت عبارة من سيتولى هذا الأمر؟ تدل على ما تدل عليه عبارة من سيرأس الدولة؟

يذكر المؤرخون أن العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، أثار المسألة مع علي بن أبي طالب عندما كان النبي مريضا مرضه الأخير، إذ قال له: (أدخل على النبي واسأله إن كان الأمر لنا بينه، وإن كان لغيرنا أوصى بنا خيرا) وتقول الرواية أن عليا امتنع لأنه خاف أن تكون النتيجة سلبية إن هو سأل النبي، فيحرم الهاشميون من الخلافة الى الأبد .. وتدل هذه الواقعة أن الصحابة كانوا يشعرون أن الدعوة المحمدية قد تطورت فعلا الى دولة..

4ـ رغم أن القرآن قد تحدث عن الأمة الإسلامية مرارا، وتحدث عن الأوامر والنواهي والحلال والحرام، إلا أنه خلا من ذكر النظام السياسي .. إلا إشارة (أولي الأمر منكم) والتي لم يتفق ـ حتى الصحابة ـ على تعريفها بشكل متطابق فاختلفوا ـ أو كادوا ـ في سقيفة بني ساعدة .. وبقيت بذور الاختلاف تعلو وتهبط حتى طغى الخلاف السياسي على قوة التطابق العقائدي (الديني).

5ـ يبدو أن مسألة علاقة الدين بالدولة لم تأخذ حقها من النقاش لا في زمن النبي صلوات الله عليه ولا في زمن الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم .. فكانت مبايعة أبي بكر تختلف عن مبايعة عمر وتختلف عن مبايعة عثمان، لتبدأ بذور الفتنة في السنوات الأخيرة لحكم عثمان وتتعمق في حكم علي ..

لقد وضعنا تلك المقاربة، لنناقش موضوع الدولة سياسيا، بعيدا عن الاجتهادات العقائدية، على قاعدة أن الغالبية من مواطني الأمة هم من المسلمين الذين، لم يتحزبوا الى وجهة نظر عقائدية ضد أخرى، سيما أن هذا الخلاف قد وقع بين أطهر المسلمين من الصحابة ومنهم مبشرين بالجنة، فالرجوع إليه يدخلنا بمتاهات سجالية لا تقدم ولا تؤخر ..

يتبع


هوامش
ــ
*1ـ يمكن الرجوع الى : العرب ومشكلة الدولة/ نزيه نصيف الأيوبي/دار الساقي/ بيروت/ الطبعة الأولى 1992
*2ـ التأزم السياسي عند العرب وموقف الإسلام(مكونات الحالة المزمنة) / محمد جابر الأنصاري/المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت 1995ط1
*3ـ الدين والدولة وتطبيق الشريعة/ محمد عابد الجابري/ مركز دراسات الوحدة العربية/ بيروت/1996 ط1
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 03-03-2008, 11:44 PM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

مفهوم الدولة

لو حاول أحدنا تصنيف ما يقوله الناس عن الدولة، لوقع بحيرة كبيرة في تحديد شكل المقولات، فمنهم من ينظر لها من زاوية غلاء الأسعار ومنهم من ينظر لها من زاوية إطلاق الحريات، ومنهم من ينظر إليها من زاوية تأمين الكرامة الوطنية ومنهم من ينظر إليها من زاوية التشريعات التي تسنها وتغض النظر عن تجاوزها من قبل البعض الخ

( إن الفيلسوف لا يتعامل مع معطيات التاريخ مثل العالم الاجتماعي أو المؤرخ، والمؤرخ لا يستغل استخلاصات الفلاسفة والاجتماعيين كما يفعل غيره. إن الباحث في هدف الدولة، رغم سرده للأحداث، لا يكتفي بالنظرة التطورية وإلا خرج عن حيز الفلسفة. لا بد له أن يتجاوز أنماط الدولة المتلاحقة ليصل الى مفهوم الدولة في حد ذاتها وليطرح على النطاق العام المجرد السؤال التالي: ما هو هدف الدولة؟)*1

لو عرضنا مقالتين كان لهما تأثير واسع في مجرى التاريخ البشري، ولم تعط أية واحدة منهما للدولة استقلالا كافيا لكي تهيئ تربة فكرية لنشأة نظرية الدولة، بالمعنى الدقيق للكلمة.

المقالة الأولى: تقرر أن الغاية المقدرة للبشر ليست من عالم المرئيات وأن الحياة الدنيا هي بمثابة تجربة يجتازها المرء ليعرف قيمته وما يستحق من جزاء في حياة أخرى محجوبة عنه الآن وغير متناهية .. فالتوجه هنا في تلك المقالة يكون للوجدان الفردي لكي ينفصل عن قوانين الحياة الدنيا الخادعة.

فالدولة في تلك المقالة عبارة عن تنظيم اجتماعي اصطناعي لا يمكن أن يتضمن قيمة أعلى من قيمة الحياة الدنيا كلها، فإن كانت الدولة في خدمة الفرد لكي يحقق غايته المنضبطة (وجدانيا) مع روح المقالة فهي مقبولة شرعيا. أما إذا منعته من أن يلبي الدعوة الموجهة الى وجدانه أو تجاهلت الهدف الأسمى أو عارضته فهي مرفوضة ولا شرعية ..

في تلك المقالة تتحدد واجبات الفرد في تربة فكرية ترسم النظريات الأخلاقية التي تحدد مسئوليات الدولة، وهنا فإن الشريعة هي مجموعة القيم المتولدة عن الغاية العليا والتي يعمل الفرد على تحقيقها والأخلاق هي مجموع طرائق السلوك التي تتجسد فيها تلك القيم. فتخاطب الشريعة في آخر المطاف (الفرد) .. والأخلاق هي أخلاق الفرد عندئذ، ولا معنى للكلام هنا عن أخلاق الدولة!

هناك تمييز دائم بين الفرد وبين الدولة، بين القانون الوجداني الفردي ( القانون الجواني) وبين القانون الذي تصدره الدولة (القانون البراني) .. ليس بالضرورة أن يتعارض القانونان باستمرار.. فقد يكون قانون الدولة خاصا بالحياة الحيوانية في الإنسان التي هي ضرورية لحياة (روحه) ..

لقد تعددت في التاريخ أشكال تلك المقالة من قبل المسيح عليه السلام عند اليونانيين وامتدت حتى وصلت فقهاء الإسلام*2


المقالة الثانية: تقرر أن غاية الإنسان هي المعرفة والرفاهية والسعادة. إن الإنسان وليد الطبيعة، يصبو الى سد حاجاته البدنية والفكرية المتنامية باستمرار. فيتجه الى الطبيعة التي تمده بالوسائل الضرورية لذلك. من أهم تلك الوسائل التعاون. إن قوة الإنسان في الأساس قوة جماعية: إذا نظرنا إليها من زاوية الحاضر وجدناها تنشأ عن التعاون وإذا نظرنا إليها من زاوية الماضي وجدناها مدخرة في العادات، في الثقافة، في اللغة. المجتمع إذن نظام طبيعي ضروري، فهو بالتالي معقول متكامل متجانس، لا توجد فيه تناقضات تلزم تدخل قوة رادعة من الخارج. نلاحظ في هذا الاستدراج لتلك المقالة أن الناس في الوقت الحاضر لا يلجئون الى الدولة (الشكوى والقضاء الخ) إلا بعد استنزاف وسائل حلها فيما بين المختلفين وفق عادات وطرائق جربها المجتمع سابقا.

إن الدولة الطبيعية تخدم المجتمع بقدر ما يخدم المجتمع الفرد العاقل: تنظم التعاون، تمهد طرق السعي، تشجع الكسب وطلب العلم. المطلوب منها بالأساس الحفاظ على الأمن في الداخل والسلم في الخارج، أي ردع العنف اللامعقول، ما دام له أثر بين البشر .. بقدر ما تتقدم الإنسانية في سبيل العلم والرفاهية والسعادة بقدر ما تخف ضرورة اللجوء الى الدولة بشأن المحافظة على السلم، فتتلاشى وسائل الدولة الزجرية والقمعية..

أما الدولة الفاسدة المناقضة للمجتمع المبنية على العنف واستعباد الناس، فليست سوى مؤامرة ضد الإنسانية. لقد أنتجتها تاريخيا عملية سطو قام بها النبلاء (وليسوا في الأصل سوى قطاع طرق) والكهان (وليسوا سوى مغترين مزورين) اختلقوا خرافة الإنسان الشرير، أسطورة الفرد اللاإجتماعي الذي يفضل الجهل على العلم ويسعد عندما يلحق الضرر بأخيه الإنسان. هذه خرافة اختلقتها أقلية شريرة لتثبيت حكمها والدفاع عن امتيازاتها*3

هاتان مقالتان متعارضتان تعارضا تاما، في الظاهر نراهما تتصارعان في الفلسفة اليونانية وداخل الفكر الإسلامي (أخوان الصفا) وفي الفلسفة الغربية الحديثة، يصل تعارضهما الى حد أن الكلمة الواحدة (عقل، طبيعة، أخلاق) تؤدي في كل واحدة منهما معنى معاكس لما تعنيه في الأخرى. رغم ذلك فالمقالتان متفقتان على كيفية تصور المشكلات في منظومة فكرية معينة (تخص الدولة).


كيف فهم العرب القدماء فكرة الدولة

عندما نقول العرب في هذا المقام، فإننا نقصد أولئك الذين نزل عليهم الإسلام في بداياته، وهم عرب الجزيرة والعراق وبلاد الشام .. فهؤلاء لم يكونوا بعيدين عن محاولات جادة و متكاملة في تأسيس الدول، خصوصا أولئك الذين كانوا في اليمن*4 أو الإمارات التي كانت في نجد و الحجاز والعراق وبلاد الشام كإمارة كندة وإمارة الغساسنة وإمارة المناذرة *5 .. ومع ذلك فقد ورث العرب تراث التعاطي مع فكرة الدولة من خلال إرثهم لحضارات ما بين الرافدين أو مصر*6

وبعد دخول الإسلام الى قلب الجزيرة العربية، أحس الرسول صلى الله عليه وسلم بوجوب الإحاطة بطرق إدارة الدولة فبعث بالعام الخامس للهجرة للحبشة، للفرار من الفتنة أولا ولنشر الدعوة الإسلامية ثانيا و للدراسة الميدانية لطريقة إدارة الأحباش لدولتهم*7

وسنفرد في المرة القادمة حول تطور الفهم العربي الإسلامي لمفهوم الدولة

هوامش

*1ـ مفهوم الدولة/ عبد الله العروي/ المركز الثقافي العربي/ الدار البيضاء/ المغرب/ الطبعة السابعة 2001/ ص 8

*2ـ يقول ابن تيمية : الأصل أن الله خلق الأموال إعانة على عبادته لأنه خلق الخلق لعبادته (السياسة الشرعية ص 39)

*3ـ يقول فيخته : (إني أعلم أنكم ستذكرون لا محالة أن بني آدم أشرار. وهذا ما لم أتوصل الى إقناع نفسي به) ذكره عبد الله العروي في هامش صفحة15

*4ـ ممكن الرجوع لموسوعة العلامة جواد علي (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) الصادر عن دار العلم للملايين/بيروت

*5ـ ممكن الرجوع لكتاب الحياة السياسية عند العرب/ دراسة مقارنة على ضوء الإسلام/ تأليف: محمد حامد الناصر /دار الجيل/بيروت/1994/ صفحات 29ـ 36.

*6ـ ممكن الرجوع لكتاب : مقدمة في دراسة المجتمع العربي والحضارة العربية/ الياس فرح/ دار الطليعة ـ بيروت/ ط2 /1980/ فصل يصف فيه الطريقة التي كانت تدار فيها مكة عشية ظهور الإسلام صفحة 44 وما بعدها.

*7ـ النظام السياسي في الإسلام/ محمد عبد القادر أبو فارس/ دار الفرقان / عمان ـ الأردن/ 1986صفحة 134
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 31-03-2008, 10:56 AM   #8
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

تطور الفهم العربي الإسلامي للدولة

يطرح الكاتب التركي (علي كازانجيكيل) التساؤل التالي: (لماذا تسعى التكوينات غير الأوروبية ـ التي لم تمر بتركيبة مماثلة من العوامل التاريخية ـ الى خلق الدولة الحديثة بدلا من أن تبحث عن أنماط أخرى للدولة؟ ولماذا نجد أن المجتمعات التي تعارض الأيديولوجية السائدة فيها (مثلا " الأصولية الإسلامية") فكرة الدولة ـ الأمة، عاجزة عن أن تتخطى مرحلة الرفض لكي تشكل نماذج سياسية بديلة للدولة؟) *1

من يتمعن في تساؤل المفكر التركي، سيجد أن بين ثنايا تساؤله يكمن الخلل الذي تمر به معظم بلداننا العربية، كما هي الحال الكثير من بلدان العالم الثالث، ولكن تزداد وطأة المشكلة عندنا، أن إصرار الكثير من المفكرين العرب وبالذات أولئك الذين يستحضرون روح الدولة الإسلامية، ينتقون من تاريخ تلك الدول (أو بالحقيقة التجارب الإسلامية للدولة في أكثر من عهد) ما يحتاجونه لدعم وجهات نظرهم. وأن رداءة الأداء الحكومي الراهن تسعف هؤلاء المفكرين ليصعدوا بخطابهم وكأنهم يملكون حلا حاسما وقاطعا. وقد كان حظهم في شيوع خطابهم، أنهم بقوا في صفوف المعارضين طيلة قرن من الزمان، فلم يسجلوا أخطاءً تتعلق بالحكم كما هي الحال عند القوميين .. وفات هؤلاء أن انهيار الدولة الإسلامية (كنظام) قد سبق ظهور الحركات القومية بالعالم بقرون ..

وطالما أن تاريخ أي أمة، له علاقة بكل أبنائها بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو طبائع تفكيرهم، فتاريخ الدولة الإسلامية هو تراث لكل أبناء الأمة وليس مجيرا لصنف من المفكرين أو المثقفين دون غيرهم. وعليه فإن استحضاره من أجل استخلاص العبر منه، ليس وِقفا على جهة دون غيرها، وإن تمت الإشارة الى مثلبة أو إبداع فهي لا تعني أن هناك انتقاد لأحد، إن فُهِم كذلك في بعض الأحيان .

يقارن الكاتب والمفكر التركي بين الدولة في العالم الثالث والعالم المتقدم، ويعزي تردي الحالة في العالم الثالث الى عدم حسم موضوع (الأمة ـ الدولة) وكذلك يربطه بمسألة بناء الاقتصاد الوطني، ويذكر للتدليل على ارتباك مفهوم الدولة بالعالم الثالث، أنه في الفترة الواقعة بين عامي 1960و 1982 حدث 108 انقلابات في دول العالم الثالث، مما يعبر عن ارتباط ظواهر التخلف والعنف والتسلط في هذه البلدان.

ويقترب (جاكسون) و (روزبرغ) في تحليلهما (1985) من هذه الفكرة، فهم يفرقان بين الدولة كمفهوم قانوني فقهي (Juridical) والدولة كمفهوم اجتماعي تطبيقي (Empirical)، وفي رأيهما أن الدولة في العالم الثالث .. قد اتبعت نمطا تطوريا معاكسا للنمط الذي اتبعته في أوروبا الغربية عموما، حيث في الأخيرة تطورت حقيقة الدولة ككيان سياسي وعسكري واجتماعي أولا، ثم سعت للحصول على الاعتراف القانوني بوجودها. أما في العالم الثالث فقد ظهرت الدولة بمفهومها القانوني أولا (كميراث استعماري) في وقت لم تكن قد توافرت لها فيه العناصر المجتمعية والإدارية الكفيلة بجعل هذه الدولة حقيقة واقعة. ويذهب الكاتبان الى أكثر من ذلك عندما يقولان : إن قانونية الدولة في العالم الثالث قد أعاقت من إمكانات تبلورها كحقيقة اجتماعية وتنظيمية، لأنها أعطت إيحاءً كاذبا بوجود الدولة.*2

فكرة الحكم وشرعيته

الحكم رديف للدولة، وعندما يتم الحديث عن الدولة، فإن المعني بالحديث غالبا هو الحكم وليس الأرض والشعب المكملين للحكم. والحكم في اللغة العربية (لغة بني إياد وقريش) هو القضاء .. والتحكيم هي عملية المقاضاة، والتحكم هو التسلط لانتفاء شرط قبول المتقاضين بقاضيهم.

عندما يختلف اثنان على مسألة فإنهما يُحَكِمَان طرفا ثالثا بينهما، وفي حالة عدم رضا أحد الطرفين عن الحكم، تبقى مسألة التحكيم ناقصة وقد يتم تغيير المحكم. ومن شروط المحكم النزاهة وعدم التحيز لطرف ضد طرف، ومن شروطه أيضا الدراية بالمسألة التي يُحكم بها فلا يجوز أن يحكم أعمى بغش في الصبغ أو التلوين. كما يجب أن يكون المحكم صبورا ..

إذن، فإن تحقيق العدل، هو أساس رضا المحكم بينهم. وقد أحب العرب والمسلمون الدين الإسلامي، لأنه قد حض على العدل ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)المائدة 8.

لكن يبرز سؤال، ما هو النظام السياسي الذي يقبل أن يوصف بأنه (إسلامي) ويكون بنفس الوقت متلائما مع ظروف عصرنا مستجيبا لحاجاته واتجاه تطور التاريخ؟ لا يكفي أن يقال إن الحكم في الإسلام مبني على الشورى وعلى العدل وعلى الإخاء الخ .. فجميع الديانات وجميع المذاهب السياسية والاجتماعية ترفع شعارات من هذا النوع، وحتى جميع المرشحين للبرلمان من كل الأطياف، بحملاتهم الانتخابية يرفعون شعارات قريبة من بعضها إن لم تكن متطابقة، فلم يصدف ونقرأ شعارا لمرشح بأنه سيشيع الفقر والظلم ويقطع الكهرباء عن المواطنين ..

وبما أن ليس هناك، لا في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية الشريفة، نص تشريعي يُنظم مسألة الحكم، وبما أن النبي صلوات الله عليه قد توفي من دون تعيين من يخلفه ومن دون أن يبين طريقة تعيينه ومن دون أن يُحدد اختصاصاته ولا مدة ولايته، فإن المسألة قد بقيت تنتمي الى جنس المسائل التي يصدق عليها قوله صلوات الله عليه (أنتم أدرى بشؤون دنياكم). فهي إذن متروكة ل (الدراية) و (الاجتهاد) وبالتالي فشعار (الإسلام هو الحل) عندما يُرفع كشعار سياسي، سيبقى شعارا فارغا ما لم يكن رافعه يُبشر باجتهادات معينة واضحة و مفصلة في المسألة السياسية، مسألة الحكم بصورة خاصة*3

أخطر مفاصل الحكم في التاريخ الإسلامي

إن الواقعة السياسية الرئيسية في التاريخ العربي الإسلامي هو (انقلاب الخلافة الى مُلك) .. وهنا يُطرح سؤال: (لماذا انقلبت الخلافة الى مُلك؟) ولماذا لم تعالج الأزمة السياسية التي حدثت في السنوات الست الأخيرة من حكم الخليفة عثمان بن عفان رضوان الله عليه؟ إذا أردنا أن نستخلص العبر مما حدث في الفتنة الكبرى فعلينا أن نعترف أو ندرب أنفسنا على الاعتراف بأن ما حدث كان تعبيرا عن فراغ دستوري كبير في نظام الحكم الذي قام بعد وفاة الرسول صلوات الله عليه .. وإن أردنا أن ننظر إليه بعيون القرن الحادي والعشرين فإننا سنراه متجليا (حسب الجابري)*4 في المسائل الرئيسية الثلاث التالية:

1ـ عدم إقرار طريقة واحدة مقننة لتعيين الخليفة. فكل طريقة من الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم كانت مختلفة عن الأخرى .

2ـ عدم تحديد مدة ولاية الخليفة. وهذا شيء يمكن أن نفهمه إذا استحضرنا في أذهاننا أن وظيفة (الخليفة) الأساسية في ذلك الوقت، هو أن يكون (أميرا) للمسلمين، يقود جهادهم في حروب الردة أولا ثم في حروب الفتوحات. إن الأمير في الاصطلاح العربي القديم هو قائد الجيش في المعركة. لكن هل إذا انتهت الحرب سيعود الأمير كباقي الناس. لم يحل المسلمون تلك المسألة ولا زالت ماثلة في حياتهم حتى اليوم.

3ـ عدم تحديد اختصاصات الخليفة. لا عند بيعة أبي بكر ولا عند بيعة عمر ولا عند بيعة عثمان، والسبب هو هيمنة النموذج في أمارة الجيش. وعندما كثرت المغانم وتبدلت الأحوال، ظهرت مظاهر اعتراض واحتجاج مثل تعيين الخليفة عثمان لأقاربه في الولايات والتصرف بخمس الغنائم وعندما وصلت ملامح التذمر له، خطب في الناس قائلا (مالي لا أصنع في الفضل ما أريد؟ فلِمَ كنت إماما؟ .. وعندما طالبه الثوار وقالوا (اعزل عنا عمالك الفساق واستعمل علينا من لا يتهم على دمائنا وأموالنا واردد علينا مظالمنا) رد عليهم : ما أراني إذن في شيء إن كنت استعمل من هويتم وأعزل من كرهتم، الأمر إذن أمركم)*5

و من يريد الإطلاع على نماذج الحكم المختلفة في دولة الأمويين ودولة العباسيين، والدول الأخرى(الإسلامية)، سيكتشف أن عطاء الدولة والتطور الحضاري فيها، في مختلف المجالات، علوم القرآن وعلوم الحديث، والفلك والطب والترجمة وغيرها، وبالمقابل فإن علماء بالحديث والفقه يتعرضون لقسوة الحكام. وبالتالي فإن نجاح أو فشل أو تطور الدولة العربية والإسلامية، لم يكن على هامش خلاف عقائدي (ديني) بقدر ما هو على هامش خلاف سياسي في ظل غياب قوالب دستورية يتم الاتفاق عليها ..




هوامش
ـــ
*1ـ العرب ومشكلة الدولة/ نزيه نصيف الأيوبي/ بيروت ـ دار الساقي/ط1 1992/ ص 28
*2ـ المصدر السابق ص 30
*3ـ الدين والدولة وتطبيق الشريعة/ محمد عابد الجابري/ مركز دراسات الوحدة العربية/ط1/1996/ ص 74
*4ـ المصدر السابق ص 80
*5ـ المصدر السابق ص81
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-04-2008, 01:57 PM   #9
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

ماذا نريد من الدولة وماذا تريد الدولة منا؟

حتمية العلاقة تحدد شكلها

في المطاعم تجد العلاقة بين (الزبون) وصاحب المطعم لصالح الزبون باستمرار، فعبارات التفخيم والانحناءة والابتسامة تقدم للزبون لإرضائه. وعندما يجد الزبون تقصيرا معينا من أصحاب المطعم، فإنه سرعان ما يبدي عدم رضاه بشكل واضح. لكن في الولائم ومن يُدعى إليها، فإن التفخيم سيأتي من المدعوين لصاحب الدعوة، وإن حس المدعو بتقصير فإنه يبلعه ويبقي حالة الامتعاض محبوسة في صدره، أو أنه يكذب ويقلب التقصير الى كرم..

في مدرجات ملاعب كرة القدم، يدفع المتفرج ثمن البطاقة، ويدخل وِفق نظام تفرضه إدارة الملعب (الإستاد) ويعبر عن فرحه أو غضبه بصيحات لا تتجاوز بأحسن حالاتها مستوى (الضجيج)، ولن تؤثر تلك الصيحات كثيرا على سير المباراة، حتى لو كانت ضد رغبة من يتفرج ..

في مسألة المواطنة، يولد و ينمو الطفل وهيئات الدولة ومؤسساتها موجودة منذ اللحظة الأولى التي وُلِد فيها، فهي بذلك قد سبقت وعيه بها، ولكنه سيكون في كل الحالات، ليس كالحالة في مثالنا الأول حتى لو كبر وبلغ أشده، أو حتى لو أصبحت له ثقافة واسعة تسمح له بمعرفة جوانب التقصير في الدولة، فإنه سيبقى كالمدعو في الوليمة في مثالنا الثاني أو كالمتفرج في مثالنا الثالث.

في المقابل، لو أن هذا البالغ الراشد الواعي المثقف، قد انتقل في سكناه من دولته التي ولد بها الى دولة أخرى ك (بريطانيا) أو (فرنسا) أو دولة شقيقة (في الحالة العربية التي نحن بصددها)، فإن اعتراضه أو عدم رضاه سيكون قاصرا وخافتا وباهتا، كونه ينتمي (أصلا) لدولة غير الدولة المضيفة (الجديدة). يعني أن إحساسه بالحق كونه شريكا ( لا ضيفا ) قد اختفى بالحالة الجديدة.

من هنا، نستطيع القول، أن أس الخلاف بين المواطن ودولته (حكومته) يتركز في توصيف تلك العلاقة، هل هو شريك فاعل في مواطنته مع أعلى رأس في الدولة في مواطنته؟ أم هو (رقم مفعول به) ليس له الحق بالاعتراض والتذمر أو إبداء الرأي؟

تباين في قبول العلاقة

لو نظرنا لحالات رسوخ الدول وهيئاتها وتقاليدها، لوجدنا أن الدول التي تكون فيها الأنهار حاضرة في حياة المواطنين ك (مصر مثلا)، تكون أكثر رسوخا من تلك التي تنشأ في المناطق التي لا يكون للأنهار حضورا. وسبب ذلك ـ بالأساس ـ هو حاجة من يستغل مياه الأنهر لتنظيم أدوار المياه. بعكس الحالات الرعوية، التي يتضايق فيها الرعاة من وجود أي رقيب عليهم في حركتهم وتنقلهم.

وإن كان المجتمع الزراعي متقدما على المجتمع الرعوي وحاجته الى من ينظم العلاقات بين أفراده أكثر، فإن المجتمع الأكثر تطورا (الصناعي والتجاري) سيكون أكثر حاجة لمن ينظم العلاقات بين أفراده. وعليه فإن فقه القوانين يتأتى من فهم تلك العلاقات بين مكونات المجتمع واحتياجاتهم للضوابط التي تنظم تلك الحركة بما يضمن الشعور بالأمان وتحقيق الرفاه وديمومة العطاء بين تلك المكونات ..

النقل أم التجريب؟

عندما ينبري المثقفون للحالة العربية في إدارة الدولة بمكوناتها (الأرض والشعب و الحكومة والإمكانات)، سنجد أن آراءهم قد استخلصت من أنماط إما تاريخية (الحالة العربية بتراثها) أو جغرافية راهنة (الانبهار بتجارب دول أخرى) وإسقاطها على الحالة العربية الراهنة.

فالنقل سواء كان تاريخيا، أو جغرافيا، سيكون محفوفا بمخاطر ولا يؤدي دوره بالشكل الدقيق. وهذه الحالة تشبه من يوظف منقذ سباحة في منطقة صحراوية لا ماء فيها ولا مسابح .. والقوانين والتعليمات هي تماما كإشارات المرور على الطرقات، يفترض أن تكون على مسافة مدروسة بين الإشارة وما تشير إليه، فعندما نرى قطعة مكتوب عليها (أمامك منعطف!) أو (انحدار شديد) فإننا سنتهيأ لذلك ونستعد له بحواسنا، ولكن لو وضعت القطعة بعد المنعطف أو المنحدر ستفقد أهميتها بكل تأكيد.

تعليم الناس، له أصول وتقاليد، تتعلق بالعمر والقدرة على الفهم، ومعرفة ما كان يعرف (المتعلم أو التلميذ) حتى تكون المادة المعطاة له تتعلق بسابق معرفته عن المادة، لترتبط بها وتزيد تلك المعرفة استعدادا لتوظيفها في أكثر من شأن.

تشترك أجهزة الدولة والمنظمات الأهلية والوعاظ والأدباء والشعراء والمثقفون في تهيئة الشعب للاستعداد بالانتقال من حالة الى حالة، من حالة الترهل والفساد والتخلف الى حالة قبول فكرة التعلم واستثمار التعلم وِفق مشاريع جادة .. لكن، لا بد من ثقة كل تلك الأطراف بعضها ببعض.

مصادر الثقة تنبع من وصف العلاقة

إن جاز لنا أن نصف المجتمع الكلي بأعضاء شركة مساهمة، فإن مجلس إدارته (الحكومة) أو المجتمع السياسي هو من سيتولى أمور تلك الشركة برسم سياساتها والتصرف بإنتاجها وتوزيع أرباحها على الأعضاء وفق نظام يرضى به الأعضاء.

لكن، إذا أحس المواطن أن مجلس إدارته قد فُرض عليه دون أن يكون للمواطن أي دور في اختياره، أو أن أعضاء مجلس إدارته لم يكن له فرصة في التعرف عليهم وفحص مدى أهليتهم ونزاهتهم، فإن أي تجريب في وضع وصفات لهذا الاختيار سيبقى موضع جدل لفترات طويلة.

إن المواطن الذي يرفض الذهاب الى صناديق الاقتراع، لديه مبرراته، ولو أحصينا نسب عدم المقترعين في أي انتخابات (عربية وغير عربية) لوجدنا أن تلك النسبة تفوق ما يحصل عليه أي (ناجح) في انتخابات، لكن هؤلاء من يرفضون الذهاب للاقتراع لا يربط بينهم أي رابط، ولا يعتبرون بأي حال من الأحوال (جماعة) لها ثقلها ووزنها في العمليات السياسية. إنما لا يمنع ذلك من اعتبار أن تلك الظاهرة تؤشر على انعدام الثقة بمشروعية الأنظمة القائمة!

وتبقى الدولة

في كل تلك الأوصاف وغيرها، تبقى الدولة والدول بكل أشكالها الديكتاتورية والديمقراطية والخليط فيما بين الشكلين، قائمة وتؤدي دورها وتصيب وتخيب، ويبقى التفاوت بين شعوب الأرض، هذا شعب متحضر (بغض النظر عن نوعية نظامه) وهذا شعب متخلف (بغض النظر عن نوعية نظامه). لكن، ستبقى الدول والشعوب الأكثر تحضرا، هي تلك الشعوب التي اقتربت من وصفة مثالية في تناقل السلطة بين أبنائها.

ماذا نريد من الدولة وماذا تريد منا؟

إذا كانت الدولة (في الحالة العربية) هي صاحبة اليد العليا أو صاحبة الدعوة، كما في مثالنا الثاني، فإننا سنقدم احتياجاتها على احتياجاتنا وسنلخصها بأنها تريد منا الانضباط وعدم إثارة المشاكل فيما يخص استحقاقها المقدس في حكمنا دون تدخل منا في تسمية من سيحكمنا أو كيف يتصرفون في خيرات البلاد أو مع من يقيمون علاقات مع دول نحبها أو نكرهها.

وبالمقابل، فإن المواطن يريد من الدولة الأمن والأمان وما يتعلق بهما، فأمنه مرهون بإشباع احتياجاته الغذائية والصحية والتعليمية وتأمين السكن والعمل، وحفظ كرامته الدينية والوطنية..

فهل يا ترى ممكن تحقيق الاتفاق بين مطالب الطرفين؟
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .