العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الميسر والقمار فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال لغز زانا الأم الوحشية لأبخازيا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: Can queen of England? (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: المعية الإلهية فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد رسالة في جواب شريف بن الطاهر عن عصمة المعصوم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات فى مقال أسرار وخفايا رموز العالم القديم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال آثار غامضة ... هل هي أكاذيب أم بقايا حضارات منسية؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خرافة وهم سبق الرؤية .. ديجا فو (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال هستيريا (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 15-01-2009, 09:06 AM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي فلسفة الولاء/جوزايا رويس

فلسفة الولاء

تأليف: جوزايا رويس
ترجمة: احمد الأنصاري
مراجعة: حسن حنفي

الناشر: المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومي للترجمة/القاهرة
سنة نشر الترجمة: 2002
حجم الكتاب: 211 صفحات من القطع المتوسط. الطبعة الأولى

من هو المؤلف جوزايا رويس؟

فيلسوف أمريكي معاصر، ولد عام 1855 وتوفي عام 1916، من الهيجليين الجدد، ومن ممثلي المثالية المطلقة، من أهم مؤلفاته: الجانب الديني للفلسفة نشره عام 1885، وروح الفلسفة الحديثة نشره عام 1889، والعالم والفرد نشره عام 1901، وفلسفة الولاء (الكتاب الذي بين يدينا) نشره عام 1908، ومشكلة المسيحية نشره عام 1913.

المؤلف كان أستاذا محاضرا في جامعة (هارفارد) الأمريكية، ومادة الكتاب هي مجموعة محاضرات ألقاها أمام مجموعة من الأكاديميين في جامعة هارفارد وجامعة (ألينوي) تحت عنوان (مقدمة في الأخلاق وعلاقتها باهتمامات المدرسين).

أهمية عرض الكتاب

تمر منطقتنا العربية بحالة من الجدل الفكري، والنشاط الذي يتذبذب بين التطرف المطلق والمهادنة الخانعة تجاه ما يجري على أرضها من نشاطات سياسية ليست بعيدة عن مخططات مدروسة بعناية من قبل دوائر خارجية تريد استغلال حالة التمزق الفكري والسياسي بأسرع ما يمكن من الوقت، لتثبيت واقع يصبح من الصعب التخلص منه من قبل الأجيال القادمة.

وتتأثر النخب الثقافية بولاءات مختلفة، قسم منها له علاقة بالولاء للعشيرة أو الأسرة أو الطائفة أو الدين الخ، وتنعكس حالة ترتيب أهمية الولاء المحوري على الأداء الثقافي والسياسي في المنطقة. وإن الكتاب كمادة فلسفية سوف يؤشر على ما يساعد في تفهم ما يُقرأ من وقائع وأحداث.

أقسام الكتاب:

1ـ طبيعة الولاء والحاجة إليه.
2ـ المذهب الفردي.
3ـ الولاء للولاء.
4ـ الضمير.
5ـ علاقة بعض المشكلات الأمريكية بالولاء.
6ـ التدريب على الولاء.
7ـ الولاء، الحقيقة، الواقع.
8ـ الولاء والدين.



__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 19-01-2009, 12:09 AM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

1ـ طبيعة الولاء والحاجة إليه.

دعنا، قبل أن نبدأ في صلب عنوان المحاضرة، أن نحاول أن نضع تعريفا أولياً للولاء حسب ما وضعه المؤلف (( إن الولاء هو التفاني الإرادي العملي المستمر، من قِبل فرد ما، تجاه قضية معينة. يعرف منها ما ينبغي أن يكون، وما ينبغي أن يقوم به من الأفعال. والولاء ضروري، لأنه يقضي على حالة التردد والحيرة الأخلاقية، ويحقق به الفرد الخير لنفسه... فالفرد لا يستمد خيره من الخارج، ولا يعرف واجبه منه، ودائما ما يلجأ الى الداخل، لاستشارة إرادته العاقلة)).

(1)

تعرض الدين والعلم والأخلاق الى معاول النقد باستمرار، والنقد الذي يأتي للمنظومة الخلقية لا يأتيها من العصاة والمارقين الذين لا يقيمون وزنا للمثل الأخلاقية فحسب، بل يأتي هذا النقد من قِبل أشخاص يطرحون أنفسهم كحريصين مخلصين للإنسانية. ففي حين تعتبر قوانين الملكية الشخصية من المسلمات التي يجب صيانتها واحترامها ببعديها القانوني والخلقي، نجد أن هناك من يعتبرها تخلو من المسحة الأخلاقية، فقد يكون الوارثون لملكيات في الأرض أو المال أو المؤسسات قد انتقلت لهم تلك الملكيات من أناس غاصبين أو مرتشين، أي من خلال طرق لا أخلاقية، فاعتبروا أن قانون حماية الملكية ( لا أخلاقي)، وهو ما ساد في القرون التي ازدهر فيها التفكير الاشتراكي، منذ نهاية القرن الثامن عشر حتى اليوم.

كما التقى الفكر الليبرالي مع الفكر الماركسي والوجودي على أنه لا يمكن اعتبار تقديس الروابط الأسرية واعتبارها من الفضائل، بل هي روابط لا قيمة لها.

إن الهجوم الكبير الذي وجهته النشاطات الفكرية على القيم الأخلاقية القديمة، وضع تلك القيم كمطلب أساسي عند تلك النشاطات لتجاوزها واعتبارها من التقاليد القديمة البغيضة، وهي بنظر أولئك المفكرين تعتبر أخلاقا زائفة.

(2)

إن مهمة الفلاسفة الحديثين هي الوقوف والتأمل أمام هذا النشاط الذي أفرزه نشاط المهاجمين للقواعد الخلقية القديمة، هذا النشاط الذي جعل العالم مرتبكا وحائرا أمام خيارين، إما التمسك بالأخلاق القديمة على ما هي، أو مسايرة التوجه الجديد بما فيه من فوضى تجعل العالم وكأنه بلا أخلاق.

لكن، بالمقابل (والحديث للمؤلف) فإن حافظات القواعد الخلقية وجدت في الكتب السماوية التي يعاد طباعتها كل عام كما كانت عليه قبل آلاف السنين، مما يجعلها لا تواكب ضرورات التغير الحضاري بشكل يجعلها ملائمة لهذا التغير المتسارع.

لذا يقع على الفلاسفة دور كبير في استنبات القيم الأخلاقية الفعالة التي تواكب العصر، ولا يعني هنا التوجه للقطيعة الكاملة مع الماضي، بل أخذ بذور فضيلة الماضي واستزراعها في بيئة جديدة تحتاجها.

(3)

يقول المؤلف: لقد استوحى عنوان كتابه (فلسفة الولاء) من قراءة كتاب كتبه عالم الأجناس (رودلف شتاين متز) بعنوان (فلسفة الحرب)، فوجد علاقة كبيرة بين إرادة الحرب و (الولاء)، ويضيف أنه لولا الولاء الشديد لاختفت الحروب، وأن الحرب توفر فرصة هامة ونادرة لتجديد الولاء.

ويحاول الكاتب الرد على من يعتبرون أن الولاء والانجرار وراء الحروب يعتبر نوعا من الضلال والضياع، فيقول: يكمن هذا النوع من الانحراف بالولاء الى تهدم القيم الأخلاقية السائدة التي تجعل من الحروب بحد ذاتها هدفا دون أن تكون من أجل الدفاع عن سيادة القيم الخلقية.

(4)

يحس المؤلف أنه أصبح غير مقنعٍ، فيعود الى تحديد مفهوم الولاء لدى الفرد، فيقول: يتصف الفرد بالولاء، أولا، إذا كان لديه القضية التي يتجه بولائه لها. وثانيا: عندما يهب نفسه لخدمتها طواعية. وثالثا: عندما يعبر عن هذا الإخلاص والتفاني للقضية، بطريقة عملية مقبولة، وبخدمة متواصلة وفعالة دائمة. ويضرب أمثلة على هذا النوع من الولاء، إخلاص المواطن لوطنه، واستعداده للتضحية بحياته من أجله. وإخلاص المؤمن لدينه. وتفاني قائد السفينة في تأدية وظيفته، إذا ما واجهت السفينة كارثة، لا يغادرها إلا بعد بذل قصارى جهده.

ويشير الكاتب الى الصفة الأولى بالولاء، وهي أن يكون للفرد قضية، فيقول: لم يحدد أن تكون تلك القضية خيرة أو شريرة، فهذا ليس مجال حديثه الآن.

(5)

يشعر كثير من الناس أنهم بحاجة للولاء، وأن الولاء مصدر خير لهم. ولكن إذا تساءلنا: لماذا يحتاج فرد ما للولاء؟ سيلاقي من يتلقى مثل هذا السؤال صعوبة كبيرة في الإجابة الفورية عليه. ويصمت ويضع بعض الخيارات: أنه ربما يحس أن الوطن أو الجماعة بحاجة إليه فلا بد من الولاء للوطن أو الجماعة! أو أن الوطن أو الجماعة لهم فضل عليه فلا بد له من تسديد هذا الدين الأخلاقي!

يقول الكاتب: أنه لن يجيب بوضوح عن دوافع الفرد للولاء لغيره في الوقت الحاضر، لكنه يكتفي بالقول بأن الفرد المحتاج للولاء يظن أن في ذلك خيرا له.

(6)

ما الذي نحيا من أجله؟ ما هو واجبنا؟ ما هو المثل الأعلى الحق للحياة؟ ما هو الفرق الحقيقي بين الصواب والخطأ؟ وما هو الخير الحق الذي نسعى إليه جميعا؟

سلسلة من الأسئلة طرحها الكاتب، وانتهى الى القول في إجاباتها التفصيلية أن تلك الإجابات تحددها قوى خارجة عن إرادة ذات الفرد، فتأتي من الأب والأم والمدرسة ومن دور العبادة، وستكون إجابة الفرد متأثرة بما أرادته القوى الخارجية، وينتهي الى القول بأن الله عز وجل هو مصدر الحقيقة المطلقة، وبقدر ما ينصاع الفرد لإرادة الله بقدر ما تكون نظرته حول الإجابة على تلك التساؤلات، وهنا يكون دور فهم المدرس لما فهمه أصلا من تلك الإجابات وفهم الأم والأب وكل سلطة خارجية لتلك الحقائق والقيم.

(7)

وهكذا، سنجد أنفسنا أمام موقف يتصف بالتناقض الظاهري ويمثل الموقف الأخلاقي لكل منا. فإذا أردت معرفة واجبي، لا بد أن أستشير إرادتي العاقلة. فأنا وحدي القادر أن أبين لنفسي لماذا أعتبر هذا أو ذاك واجبا لي.

وطبعا، بتنوع مصادر التأثير الخارجي للأفراد، وبقدر ما يتلقى الفرد من تلك المؤثرات وما يؤمن بها يصبح الولاء متفاوتا بين الأفراد حسب تفاوت فهمهم وإيمانهم بما تلقوه من تلك المؤثرات، فيصبح شخص ما بطلا، ويكون شخص ما خائنا.

(8)

في حالة إذعان الكائن الاجتماعي لمجتمعه وقيمه، فإن مهارات اجتماعية كثيرة سيكتسبها طوعيا مثل فن الحديث والمبارزة والقتال والتغلب على الآخرين في الحوار ومحاولاته المستمرة في توكيد ذاته المتفوقة (أو التي يريدها أن تتفوق على الآخرين). ويكون هنا فردا منضبطا اجتماعيا وبعيدا عن الفوضوية وعدم المبالاة.

وتعمل النكبات والحروب وأجواء التنمية عمل المحفز الكبير لاصطفاف الموالين حول قضية ما. وتخلق تلك الظروف جوا عاطفيا يعزز حب التوجه للولاء والتسابق في ترتيب درجة هذا الولاء للأفراد بالمجتمع.

يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 30-01-2009, 02:18 AM   #3
أحمد السلامونى
عضو نشيط
 
تاريخ التّسجيل: May 2007
المشاركات: 101
إفتراضي

فتح الله عليك ابن حوران ، ولا أخفيك سرا أن مشكلة الفلسفة المعاصرة وبعض الفلاسفة المعاصرين الذين يقومون بتشكيل فكر القيادات السياسية وتوجيهها إلى أهداف ما ، أو الترويج لمفهوم اجتماعى كمفهوم الولاء ، وأن الولاء هو سبب التعصب لذلك يقومون بالقضاء على مجموعات لديها انتماءات عقدية وتصفيتها لأنها هى التى تعوق انتشارهم الاستعمارى الثقافى والإيديولوجى ، وخلق حالة من التمرد القيمى وإحداث حالة من اللاانتماء ، وهنا تنهار منظومة القيم التى هى حبل يجمع كيان الأمة ، وهدفهم أن يضيع المجتمع بضياع القيم التى ينتمى إليها ، ويضيع الإنسان لانسلاخه عن عقيدته ، وهنا يهون كل شىء فى نظر الإنسان الذى لا يشعر بذاته ويصبح بلا قلب أو ضمير يضبط سلوكه يوجهه من خلال قيم كانت بمثابة شكيمة تكبح جماح نفسه الأمارة بالسوء والتى جبلت على الشر ، فقيام بعض المفكرين بتصدير بعض الأفكار بعد إعدادها لا يهدف منها إلا تفريغ شخصصية الإنسان العربى والمسلم أو أى إنسان فى العالم يتمسك بقيم أصيلة لتدجين الشعوب واستنساخ عقول يسهل انقيادها دون عصيان أو مقاومة أو دفاع عن شىء تنتمى إليه ، شواء هذا الشىء : الوطن ،العقيدة ، القيم ، فهل لنا من مفكرين وفلاسفة عرب يكون لهم السبق فى إبداع فكر فلسفى إنسانى ينبع من قيمنا وعقيدتنا الغراء التى تعلى من شأن الإنسان وخير الإنسانية ؟ !! . آسف على إطالتى وتقبل موفور الود
أحمد السلامونى غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 19-02-2009, 02:33 PM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الأستاذ الفاضل أحمد السلاموني

كنت لا أود التعليق على تعقيبكم بأكثر من كلمات الشكر المستندة لأصول المجاملة، لا لشيء إلا لأن الباب التالي لمؤلف الكتاب الأصلي، يناقش مثل تلك الاعتراضات أو الانتقادات التي تفضلتم بها.

لم يُصنف الكتاب، أصلا، من الكتب التي توجه لمن هم في خارج الولايات المتحدة، ولم يكن المؤلف قد خبر الروح الإمبريالية الحديثة التي سادت في الثلث الأخير من القرن العشرين، كما أن المؤلف (الفيلسوف) يتبنى فكرة معاداة مذهب الفردية التي تقوم عليه فلسفة الليبرالية التي لا يستسيغها الكثير من أبناء أمتنا، كما أن الكاتب أنجز كتابه في العقد الأول من القرن العشرين أي قبل فك الولايات المتحدة عزلتها (بعد الحرب العالمية الأولى)

إضافة، الى اقتران اسم الفيلسوف والمفكر العربي (حسن حنفي) بمراجعة الكتاب، وهو أحد المفكرين الذين نذروا حياتهم لإنجاز مشروع فكري يتعرض للكثير من القضايا التي تقف وراء ترهل تقدمنا، ومن بينها تمزق خاصية الولاء وتشتتها بين اهتمامات غير منظمة.

ولو أخذنا الفردية كظاهرة مقيتة تحول دون الولاء والتجمع في تحفيز الأداء الجمعي لرأيناها واضحة في الحياة اليومية بين سكان العمارة الذين لا يقيمون وزنا كبيرا لفكرة التجمع، ولرأيناها في تدني مستوى رد الفعل الفردي إزاء قضايانا، والتي اقتصرت في النهاية على (مجرد تحسر) وفهرست ما تمر به الأمة من رداءة أوضاع دون الانتقال لمستوى أفضل من التعبير.

أشكركم مرة أخرى وتقبل احترامي
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 19-02-2009, 03:51 PM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

2ـ المذهب الفردي.

يقول المؤلف: لقد صرحت بأن الولاء، أمرٌ خيرٌ للفرد، سواء كانت القضية جديرة أو غير جديرة بولائه، تماما مثل الحب، يظل المحب وفيا لمن يحب، بصرف النظر عن استحقاق محبوبه لهذا الحب أم لا.

ويضيف المؤلف: أن لكل فلسفة معترضين، وعلى الفيلسوف الانتباه لتلك الاعتراضات ولا يهملها، لأنه في الانتباه لها تكتمل وجهة نظره الفلسفية تجاه قضية ما.

لقد ذكر المؤلف حالة لاعتراض شاب روسي متحمس من أبناء المهاجرين الى الولايات المتحدة، عندما وجه للمؤلف سؤالا قال فيه: ( لقد كان الولاء في الماضي، من أهم نقاط ضعف الإنسانية، ومن أسباب الكوارث التي أصابتها. فلقد استغل الطغاة الولاء للسيطرة والتحكم في الآخرين. ثم أضاف الشاب: لقد سعدت ببعدنا عن صور الولاء وقضاياه. فما نريده لمستقبلنا هو التدريب على الحكم الفردي نريد الاستقلال والثقافة، ولا حاجة لنا بالولاء).

لقد اعتمد المؤلف، وقفة الشاب وتساؤله، قاعدة لأساس محاضرته ـ التي نحن في صددها ـ واعتبر استياء الشاب ابن المهاجر الروسي من الولاء، شكلاً آخرا من الولاء لقضية ربما لم يستطع التعبير عنها بشكل جيد.

إن الشاب يحتج على الولاء بصفته سلوكا يشبه سلوك العبيد يتسم بالاستسلام والطاعة العمياء لقائد يستثمر فكرة الولاء لصالحه. إذن فالشاب قد أعلن ولاءه لمعسكر الرافضين للخنوع لمراكز تتصرف بهم كعبيد.

(1)

يشير المؤلف الى حديث له مع أستاذ تربوي يشرف على مؤسسة تربوية كبرى، يطالبه ذلك الأستاذ أنه إذا التقى (المؤلف) بطلاب تلك المؤسسة أن يخبرهم بأن انتسابهم الى جمعيات سرية لا يعطيهم الحق بأعمال الشغب بدافع الولاء لتلك الجمعيات!. ثم صديقه التربوي: (بأن الولاء في مجتمعنا، عبارة عن عباءة، نغطي بها كثيراً من الرذائل. وأن ما يحتاجه هؤلاء الشباب، هو معرفة، أن لكل فرد واجبه الخاص، ولا بد من تنمية ضميره والإنصات لصوته، ولا ينبغي أن يعتبر الولاء سبباً يعفيه من المسئولية الفردية).

ويتابع المؤلف بذكر المثال تلو المثال، ليبين مسألة جوهر الاختلاف بين الولاء والتمتع بالحرية الفردية، فيذكر حالات المطالبة بتحرير المرأة في الغرب، وكيفية وصف تلك الدعوات بالتخلص من القيود التي تضفي صبغة مجتمعية عامة يراد من الثورة عليها تشتيت الولاء لها.

(2)

يعلن المؤلف إعجابه الشديد في حالة الولاء في اليابان التي أدت الى انتصار اليابان على الصين. وقد كتب البعض عن حالة الولاء في اليابان والعقيدة الأخلاقية (للبوشيدو) والتي أطلق عليها الكاتب (نتوبي) اسم (روح اليابان).

لم يفقد الياباني شعوره بالاعتداد الذاتي على الإطلاق. ولم يقبل الطغيان أبداً. وبالرغم من طاعته لرؤسائه، فإنه يشعر بالفخر لخدمتهم، ودائما ما كان يستغل تدريبه الراقي لتطبيق الميثاق المعقد للشرف، الذي تربى عليه تجاه مواطنته.

إن الولاء الياباني ليس مجرد أداة في يد الطغاة (رد على الشاب الروسي)، فلقد أدى الولاء الياباني الى تحقيق نوع من الوحدة لروح الأمة، والتي بالتالي تعطي اعتزازا لأبنائها.

(3)

في المذهب الفردي الأخلاقي، يرى المؤمن بهذا اللون من الفلسفة نفسه مركزا للعالم بدوائره الضيقة من أسرة أو جماعة أو حتى كون، فيتراءى له أنه مركز العالم وهذا الكون بفضائه وسماءه دوائر هائلة الاتساع تأخذ بعدها من الفرد نفسه كمركزٍ لها.

فكما يكون سكان سيبيريا أو أستراليا بعيدين (بالنسبة للفرد المتكلم أو المتأمل) فإن فضيلة عمل أو مردوده تكون أهميتها بالنسبة للفرد بالقدر الذي يتلقى الفرد نصيبا منه. فهذا مهم وهذا قليل الأهمية بالنسبة للفرد ومدى علاقته بتلك الأهمية.

(4)

هناك من يقول: إن هذا الأمر به (الخير) عندما يحقق له هذا الخير جانبا من السعادة، ولكن عندما لن يحقق له ذلك الجانب من السعادة، لا يعود يعنيه إن كان بالأمر (خير) أم لا.

يقول المؤلف: لو فكر أولئك المتبنون لتلك الفلسفة، أن انهماكهم بالبحث عن تلك السعادة لن يحقق لهم تلك السعادة، ولكنهم لو تسامحوا وعملوا من أجل تحقيق السعادة للآخرين سيشعرون بالسعادة الحقيقية.

إن الرغبة في امتلاك القوة الفردية (مال، صحة، عزوة) لا تشبع أبدا في صفة نهائية، وعندما يكون البحث عن امتلاكها محالا، فإنها تصبح عاملا من عوامل التعاسة للفرد.

يختم المؤلف محاضرته

لا يعني دفاعي عن الولاء بمعنى التفاني من قِبل ذات معينة لقضية معينة، أن أطالبك أو أفرض عليك الوفاء لقضية ما، فأنت إنسان مستقل في حكمك وقرارك الأخلاقي. وتستطيع أن ترفض الولاء كلية، إن كان ذلك مرادك. ولكن ما أود قوله، إنك إذا كان هذا موقفك، وإذا رفضت كلية تكريس حياتك لأي قضية، فإن قرارك بالاستقلال الخلقي، يظل قرارا فارغا.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 06-03-2009, 04:06 PM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الولاء للولاء

(1)

يستهل المؤلف قصة يعترف أنه يكررها أمام مستمعيه وطلابه في محاضراته، تدلل على موضوع الولاء للولاء. ويذكر أن تلك القصة لم تأخذ نصيبها في الدراسات الأخلاقية عبر التاريخ.

تقول القصة: أن الملك الإنجليزي شارل الأول أراد أن يعتقل بعض قيادات الأحزاب ـ الأعضاء في البرلمان الإنجليزي ـ عام 1642، فأرسل رئيس الحرس الخاص ليبلغ رئيس البرلمان بتلك الرغبة وطلب منه تنفيذها، كونه دستوريا هو المسئول عن هؤلاء الأعضاء. رفض رئيس البرلمان تنفيذ أوامر الملك كونه منتخبا ومفوضا من قبل البرلمان نفسه.

في اليوم الثاني حضر الملك مع حراسه الى مجلس البرلمان، ودخل وحده بعد أن أمرهم المكوث في الخارج، وخاطب رئيس البرلمان: السيد رئيس البرلمان، هل تلمح فلانا وفلانا (وعدد أسماءهم) لماذا لم تنفذ الأمر وتعتقلهم؟

أحس رئيس المجلس بالحرج الشديد فركع أمام الملك وقال: جلالة الملك أنا رئيس هذا المجلس ولذلك لا أرى ولا أتحدث إلا بما يأمر به المجلس، وأرجو وألتمس العفو من جلالتكم فتلك هي الإجابة الوحيدة المتاحة أمامي.

لقد شعر الملك بالانزعاج، ولكنه بنفس شعر أنه أمام حالة من تقاليد الشرف والنبل تفوق انزعاجه على هيبة جلالته.

تعليق:

أرى أن هذه الصورة من الولاء للولاء والمتعلقة بما يسمى (الشرف)، موجودة في مجتمعاتنا، فقبل أكثر من نصف قرن، دخل قاتل على شيخ أخذ صفته المعنوية ممن حوله من الأهالي واعترف الحكم (في ظل الاحتلال الفرنسي) بتلك الرئاسة الاجتماعية لذلك الشيخ، كما بارك الحاكم بعد زوال الاحتلال رئاسة ذلك الشيخ على منطقته. ورغم اعتراف القاتل بجريمته التي اقترفها بحق أحد الأهالي، فلم يسلم الشيخ القاتل للسلطات الحكومية، ولكنه احتفظ به.

دخل رجل من أهل المقتول خلسة الى منزل الشيخ فقتل القاتل، فما كان من الشيخ إلا أن قتل ذلك الرجل، وأتى الى قوم ليدخل في حمايتهم، وعندما ذكر لهم القصة، فقالوا له: يا شيخ قاتل وتم قتله على يد أقارب المقتول، فلماذا تعقد الأمور وتقتل من قتله؟ هنا صاح الشيخ قائلا عبارة لا زال أهل المنطقة يرددونها : (هنيئا لك يا من لا شرف لك!) .. إنه رجح الولاء للولاء، رغم اعتراف القاتل بجرمه، ولكنها الأعراف التي احتكم لها الشيخ.

(2)

تتعدد ولاءات الفرد في كل مكان، فهو يكن الولاء لأسرته وعشيرته ومهنته وأصحابه ووطنه ودينه وطائفته ومصلحته الاقتصادية الخ، وأسوأ ما يمر بالفرد عندما تتنازع أطراف ولاءه، فإن كان شريكه من طائفة دينية مختلفة، ويدب الصراع بين طائفتين، ستتمزق مشاعر الفرد في تحقيق الخير بولائه لكل من شريكه وأهل طائفته، وعندما تتساوى درجتا الولاء لدى الفرد، فلا يهتم بحجم الألم الذي يتعرض له أو الخسارة التي قد يتعرض لها نتيجة الصراع بين محوري الولاء، بقدر ما يتعرض له الولاء نفسه من خطر.

لنقرب ذلك بمثال قريب، في العدوان على غزة وحصارها كانت المعاناة شديدة في تأمين المواد الغذائية أو الماء أو فقدان أحد أفراد الأسرة، أو فقدان أحد أعضاء الجسم (باكتساب عاهة دائمة)، لكن تلك المعاناة لا تساوي شيئا أمام معاناة العيش في تهمة الخيانة. [ صراع بين الولاء لتأمين الراحة الفردية والأسرية مع الولاء لفكرة شرف الانتماء للوطن والرغبة القوية في الاستشهاد].

(3)

لا يقتصر الولاء على النبلاء والفرسان وأصحاب المبادئ والمفكرين والعقائديين، وإنما قد نصدفه عند أشخاص لا يفكرون بشهرة ولا يفكرون بجمع المال ولكنهم يفتخرون أنهم يتحركون لتحقيق الخير للآخرين، فقد نرى أمثالهم بين جامعي القمامة، أو الخبازين الذين لا يترددون في صنع الخبز حتى في العطلات الرسمية لعموم المواطنين، أو نجده عن سعاة البريد الذين يبذلون قصارى جهدهم لإيصال ما يحملون لأصحابه، أو نراه عند فتيان في مقتبل أعمارهم يتطوعون للاستشهاد في سبيل ما يؤمنون به من عقيدة.

لقد حسم كل هؤلاء أمورهم، عندما قدموا ولاءهم لما يؤمنون به على أنه خير للآخرين على كل شيء.

(4)

قد يعجز المصلحون الاجتماعيون، الذين يبشرون بالفضيلة على نشرها وتدعيمها بصورة عامة ظاهرة للناس، وذلك لأمرين: الأول قدرتهم المحدودة في الوصول لكل الناس، وضعف تأثيرهم، والثاني صعوبة وتعقيد الطبيعة الإنسانية، التي يحاولون إصلاحها أو تربيتها.

في حين يستطيع الإنسان الفرد، بالرغم من قدراته المحدودة، أن يخدم قضية الولاء بتركيز وتوجيه كل أفعاله الى الأفراد المحيطين به أو الدائرة الشخصية الخاصة به، وذلك من خلال وحي نفسه الذي هو بالحقيقة غير منفصل عن الفضاء المحيط به.

يقول الكاتب في هذا الخصوص: إذن لكي أحيا حياة الولاء للولاء، لا بد أن أختار أولاً، أنماط سلوك الولاء التي تتفق مع طبيعتي وتنبعث منها. ويعني ذلك أني في جانب من جوانب حياتي، سوف أحذو حذو الجاهل بالولاء. فأخدم القضايا التي يميل إليها مزاجي الطبيعي، وأختار الأصدقاء الذين أميل إليهم، وأخدم أسرتي ومجتمعي ودولتي، لأن ولائي لهم يشبع اهتمامي ومصلحتي.

وخدمة للولاء نفسه، قد يستغني عن ولاء عرضي اكتشف أنه يضر مصلحة الولاء الرئيسي، فيقول لقضية: " عزيزتي لا أستطيع حبك حباً شديدً فحبك لن يزيدني شرفاً*1

يذكر المؤلف أنماطا من مثل تقديم الولاء للولاء على غيره من المصالح، فيذكر قصة أحدهم كان يعمل مع شريك أكبر فطلب منه الشريك أن ينفذ خطة تدر عليهما ربحا كبيرا من المال، لكن فيها غش للناس، فبلغ عنه الدوائر الحكومية مفضلا عيشه بشرف الولاء للولاء على الاغتناء بطرق غير فاضلة.

يخلص الكاتب الى أن الولاء للولاء هو أساس كل قوانين الدول، ولكنه بالوقت نفسه هو أساس لكل أنواع الفضيلة بين الناس ليتعاملوا بإحسان فيما بينهم.

*1ـ اقتبسها المؤلف من قصيدة للشاعر (ريتشارد لوفلاس 1618ـ1658)
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 21-03-2009, 06:51 PM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أشكركم أخي ياسر الهلالي على متابعتكم الكريمة
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-04-2009, 09:07 PM   #8
صبحة بسيونى
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2009
المشاركات: 27
إفتراضي

الأأخ الكريم ابن حوران
جزاكم الله خير الجزاء على ما تفضلتم به علينا من نشر المعرفة والإهتمام بقضايا الفرد والمجتمع
صبحة بسيونى غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-04-2009, 09:38 PM   #9
الفارس
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: مصـر
المشاركات: 6,964
إفتراضي

بحثت عن هذا الكتاب كثيرا لأجد تعريفا كافيا وشافيا للولاء
وما يتلوه من التغيير


بارك الله في مجهودكم
وجعله في موازين اعمالكم
__________________
فارس وحيد جوه الدروع الحديد
رفرف عليه عصفور وقال له نشيد

منين .. منين.. و لفين لفين يا جدع
قال من بعيد و لسه رايح بعيد
عجبي !!
جاهين
الفارس غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-04-2009, 06:33 PM   #10
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المحاضرة السادسة

التدريب على الولاء

يتطرق الكاتب لاعتراضين كان قد تلقاهما بعد محاضرته السابقة، وهما يخصان إصرار الكاتب على استخدام مصطلح (الولاء)، بشكل ممل، في حين كان بالإمكان استخدام مصطلحات مثل: التفاني وتكريس الذات والوفاء والإخلاص الخ.

فيجيب: في حالة التفاني وتكريس الذات، فقد يكرس الفرد حياته لتحقيق السعادة لنفسه ويتفانى في ذلك، ولكن ذلك ليس ولاءً. والوفاء والإخلاص هو لمحة من لمحات الولاء ولكنه ليس هو، فقد يكون الصديق وفيا لصديقه ومخلصا له، كذلك يفعل الكلب مع صاحبه لكن ذلك لن يُعد ولاءً.

فالولاء بنظري (والحديث للمؤلف) هو التفاني الإرادي والعملي الكامل من ذات معينة لخدمة قضية ما. والقضية في حالة الولاء توحد حياة مجموعة من الأفراد المختلفين في حياة واحدة.

(1)

كيف يتم تدريب الأفراد على الولاء؟ قسم الحديث في هذا الأمر الى قسمين تدريب الصغار وتدريب الكبار على الولاء.

يقول المؤلف أن تدريب الصغار يُعد أصعب بكثير من تدريب الكبار، وأن إتقانه عند الصغار سيؤثر على قوة ولائهم عندما يكبرون. ويشترط أن تكون هناك صناعة تمهيدية لأسس الولاء، منها: القدرة على التصور والإدراك لأي قضية اجتماعية يُراد التفاف الجيل الجديد حولها، وأن يُدرب الفرد على الحسم واتخاذ القرار والالتزام والوفاء بالسير فيه، وهنا تُصنع الإرادة المتطورة للفرد، وأن تكون المناهج التربوية تتصف بالصبر لتنتقل بالفرد الى حالة التهيؤ للولاء في سن المراهقة.

لذا ينصح المؤلف التربويين بأن يبتعدوا عن العجلة في جعل التلاميذ الصغار يرددون عبارات لا يفهمونها بشكل جيد، فإن كان ذلك فقد ينقلب الى ردة بعد حدوث الوعي عند أولئك الأطفال. ويقرر هنا أنه لا يمكن خلق حالة الولاء إلا بعد سن المراهقة. وهنا يذكر أن تدريب الأطفال على تمثيل دور البطولة لأبطال تاريخيين، لا يجب أن يُنظر إليه نظرة نهائية، ولكنه يمهد نوعا ما في خلق الاستعداد للولاء، وذلك بأن يؤشر على شخوص قد يصلحوا أن يكونوا مثلا أعلى للأطفال بعد نضجهم.

وعلى المربين في المدارس، أن يحترموا وفاء الأطفال لبعضهم البعض، ولا يضغطوا عليهم ليصبحوا جواسيس على الآخرين، فهذا يدمر قاعدة تأسيس الولاء المستقبلي لدى الطفل.

(2)

في مرحلة المراهقة، تتسارع الخطى لتكوين الولاء الأولي، فتتكون الفرق الرياضية بالأحياء، وجماعات الأخوة (الشلل). وهنا يبرز دور الموجهين التربويين في تطوير تلك التمارين من الولاء نحو الولاء العام لأهداف فاضلة. فتعاون أولياء الأمور ومربي الصفوف، يحد من أن تتحول تلك الشلل لنشاط فاسد قد يضر بالمجتمع، فبدلا من أن يكتسب الفتى عادات تتعلق بتعاطي المخدرات والجنوح، فإنه بالإمكان جعل تلك الفرق تنخرط في أندية رياضية تجعل الفرد فيها يلتزم بقوانين اللعب وأخلاقياته، أو مراكز شباب تنمي المهارات الثقافية والكشفية وغيرها.

(3)

كيف يتم التدريب الفردي على الولاء؟
يُشترط أن يكون هناك ثلاثة عوامل لاكتمال موضوع الولاء في سن الرشد:
1ـ التأثير الشخصي لقادة المجموعات. فإن كان القائد يتمتع بمواصفات تعج بالفضيلة، فإنه سيصبح مثلا أعلى للأفراد الذين هم تحت قيادته. والعكس صحيح.

2ـ وجود قضية ذات قيمة عليا، وأطلق عليها المؤلف: (تعقيل القضية) أي جعل تلك القضايا التي يلتف حولها الأفراد مهضومة من عقولهم، وتتناسب مع القاعدة الخلقية المتبعة في المجتمع الأكبر. وقد تكون القضية التي تستدعي الولاء عادية في ظاهرها، كالاندفاع من أجل فوز فريق رياضي مثلا.

3ـ التدريب العملي الشاق والمتواصل، وعدم الاكتفاء بالرغبة في تحقيق مثل تلك الأهداف، فلذلك تكون الجيوش بتدريب جنودها المستمر في حالة أفضل من تلك الجيوش التي تكتفي بحب الوطن. وهذا ينسحب على فرق كرة القدم التي لا يتغيب لاعبوها عن التدريب. وهذا ينطبق على جمعيات الحفاظ على البيئة أو رعاية الأيتام الخ، حيث يتطلب الأمر منهم النشاط المستمر.

(4)

هناك قضايا يلتف حولها أناس، سماها المؤلف بالقضايا (الميئوس منها)، ورغم معرفة أصحابها أن تحقيقها شبه مستحيل، فإن تلك القضايا تبقى عائشة في نفوس المؤمنين بها مدى الحياة ويتم تناقلها من جيل لآخر، كقضايا استقلال قوميات أو طوائف تعيش في محيط أقوى وأوسع منها، (استقلال ايرلندا الشمالية عن المملكة المتحدة) (نمور التاميل في سيرلانكا) ( المسلمين في جنوب الفلبين) ( قضايا الأكراد في الدول التي يعيشون فيها) (استرجاع لواء الإسكندرونة السوري من تركيا) ( استقلال الأحواز ـ إيران) الخ.

لقد اختار المؤلف جزءا من قصيدة تمد أصحاب مثل تلك القضايا بالصمود:

إن كان الماضي قد رحل حزيناً
فهناك مستقبل لم يأتِ بعد
عليك أن تستعد له

(5)

يعود الكاتب للإشارة لبعض ما جاء في محاضرته، بالقول كيف نتعرف على القادة الذين يشدون غيرهم نحو الولاء. فيضع بعض صفاتهم، وكأنه يخاطب هنا من يريد أن يصبح قائداً لمجموعة موالية، أن يحترم ولاء خصومه لولائهم، ويدرب من يتبعونه على ذلك. أن لا يتعرض بسوء للموالين لقضايا إشاعة السلام والأمن بين الناس، بل يناصرهم ويمدهم بالعون، وأن لا يتعرض للغرباء الذين يعلنون ولائهم للمناطق التي أتوا منها، هكذا يكون القائد قائدا لمسألة الولاء الكلي المليء بالفضيلة.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .