التراب فى القرآن
التراب فى القرآن
ماهية التراب :
التراب هو ذرات أو حبيبات اليابس الصغيرة
المتصدق المفتخر كالصفوان عليه تراب :
طلب الله من الذين أمنوا ألا يبطلوا صدقاتهم بالمن والأذى والمراد ألا يحبطوا عطاياهم بالفخر على الأخذين وإلحاق الضرر بالأخذين وهذا يعنى أن ثواب العطايا يزول بسبب المن والأذى ومثل أى شبه و هذا يعنى أن الله شبه هذا المبطل لثوابه بالذى ينفق ماله رئاء الناس والمراد بالذى يصرف من ملكه إرضاء للخلق وليس إرضاء لله وهو لا يؤمن أى لا يصدق بالله أى بحكم الله واليوم الأخر أى يوم القيامة ومثل أى شبه المنفق ماله رئاء الناس كمثل أى كشبه صفوان عليه تراب والمراد كحجر عليه غبار يغطيه فأصابه وابل والمراد فنزل عليه مطر فتركه صلدا أى فجعله صخرا على طبيعته وهى كونه جامد قاسى وأصل التشبيه هو المتصدق هو الحجر وانفاقه هو التراب أى ذرات الفتات أى العبار الذى يغطى حقيقته وأما الوابل فهو الوحى الذى أظهر حقيقة المتصدق وهى كونه قاسى القلب وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة :
"يا أيها الذين أمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الأخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شىء مما كسبوا"
عيسى (ص) كآدم (ص) مخلوق من تراب :
بين الله أن مثل عيسى (ص)عند الله كمثل آدم(ص) والمراد أن خلق عيسى (ص)يشبه خلق أدم(ص)فى أن كلاهما تم خلقه من تراب والمراد أنشأه من طين وكلاهما قال الله له كن فكان وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران :
"إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب"
العجب من قول الكفار إنهم بعد تحولهم لتراب يبعثون :
بين الله للنبى (ص)أنه إن يعجب أى يستغرب فعليه أن يعجب أى يستغرب من قول الكفار "أإذا كنا ترابا أإنا لفى خلق جديد" والمراد هل إذا كنا عظاما ورفاتا أى فتاتا لفى حياة حديثة والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار لا يؤمنون بالبعث وفى هذا قال تعالى بسورة الرعد
"وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا إأنا لفى خلق جديد"
دفن المولودة فى التراب:
بين الله أن الكافر إذا بشر أى أخبر بولادة أنثى أى بنت له ظل وجهه مسودا والمراد استمر وجهه حالكا وبألفاظ أخرى ظهر على تقاسيم وجهه الضيق طول الوقت وهو كظيم أى مغتاظ والمراد غاضب فى داخله وهو يتوارى من الناس والمراد يتخفى من البشر والمراد يبتعد عن مقابلة الناس والسبب فى فعله هذا هو اعتقاده أن البنت سوء أى شر بشر به أى أخبر به والمراد ضرر أصيب به ويتصارع فى نفس الإنسان أمران :الأول أن يمسكه على هون والمراد أن يبقيها على ذل يعتقد أنه يصيبه بسببها والثانى أن يدسه فى التراب والمراد أن يدفنها فى الأرض تخلصا من ذلها الذى يعتقد أنها ستجلبه له وفى هذا قال تعالى بسورة النحل:
"وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه فى التراب ألا ساء ما يحكمون"
الصاحب لصاحبه الكفر بالذى خلقك من تراب:
طلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :إن صاحب أى صديق صاحب الجنتين قال له وهو يحاوره أى يناقشه فى أحكامه الضالة :أكفرت بالذى خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا أى هل كذبت بحكم خالقك الذى أبدعك من طين ثم من منى ثم صورك ذكرا ؟والغرض من السؤال هو إخبار صاحب الجنتين أن أصل الإنسان تراب أكله أبواه فى صورة أطعمة متنوعة ثم تحول فيهما لنطفة أى لمنى فخلقه من جزء من المنى ثم صوره ذكرا وما دام هو الرب أى الخالق فهو وحده المستحق للعبادة ليس معه آلهة مزعومة وفى هذا قال تعالى بسورة الكهف
"قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذى خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا"
الناس من تراب :
نادى الله الناس مبينا لهم إنهم إن كانوا فى ريب من البعث والمراد إن كانوا فى تكذيب للقيام بعد الموت فإنه قد خلقهم من تراب والمراد أنشأهم من طين والتراب هو الصعيد الذى تحول إلى طعام أكله الناس فتحول إلى نطفة أى جزء من المنى فى أجسامهم ولما استقر منى الرجل مع منى المرأة فى رحمها تحولا إلى علقة أى قطعة من المنى الملتف حول نفسه مرفوعة فى وسط الرحم وبعد ذلك تحولت القطعة المرفوعة إلى مضغة مخلقة وغير مخلقة والمراد إلى لحم متغير وغير متغير فاللحم المتغير هو الذى يتحول بعد إلى ذلك لعظام يغطيها اللحم غير المتغير وهذه الحقائق ليبين أى ليظهر الله للناس قدرته على البعث ،وبعد ذلك يقر الله فى الأرحام ما يشاء إلى أجل مسمى والمراد يخلق الله فى البطون الذى يريد سواء ذكر أو أنثى إلى موعد معلوم له وحده وفى هذا قال تعالى بسورة الحج:
"يا أيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر فى الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى"
تعجب الكفار من بعثهم من التراب :
بين الله الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا :أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون والمراد هل إذا كنا فتاتا وآباؤنا هل إنا مبعوثون للحياة مرة أخرى لقد وعدنا أى أخبرنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين أى تخاريف السابقين والمراد أكاذيب السابقين وفى هذا قال تعالى بسورة النمل :
"وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وأباؤنا أإنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين"
الخلق من التراب آية للبشر :
وضح الله للناس أن من آياته وهى البراهين الدالة على وجوب عبادته وحده أنه خلق الناس من تراب أى طين أى فتات ممزوج بالماء فإذا أنتم بشر تنتشرون والمراد فإذا أنتم ناس تخرجون للحياة وفى هذا قال تعالى بسورة الروم :
"ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون"
الخلق من التراب أمر يسير :
بين الله للناس أن الله خلقهم من تراب والمراد أن الرب أبدعهم من طين ثم من نطفة أى جزء يسير من المنى ثم جعلكم أزواجا أى ثم خلقكم أفرادا أى ناسا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه والمراد وما تحبل كل امرأة ولا تلد إلا بمعرفته أى فى موعد يحدده هو وحده ويعلمه هو وحده وما يعمر من معمر أى وما يحيا من مخلوق ولا ينقص من عمره والمراد ولا يقل من طول حياته إلا فى كتاب أى صحيفة وكان كل هذا على الله وهو الرب يسيرا أى سهلا هينا وفى هذا قال تعالى بسورة فاطر:
"والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا فى كتاب إن ذلك على الله يسير"
الرد على سؤال البعث من تراب بنعم :
بين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما والمراد هل إذا توفينا وكنا فتاتا أى غبارا متجمعا وعظاما أو آباؤنا الأولون وهم السابقون ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا تكذيبهم بالبعث ويطلب الله من نبيه (ص)أن يجيب على سؤالهم نعم وأنتم داخرون أى مبعوثون أى راجعون للحياة وفى هذا قال تعالى بسورة الصافات :
"أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو أباؤنا الأولون قل نعم وأنتم داخرون"
|