العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: ابونا عميد عباد الرحمن (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة في مقال مخاطر من الفضاء قد تودي بالحضارة إلى الفناء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في كتاب من أحسن الحديث خطبة إبليس في النار (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث وعي النبات (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث أهل الحديث (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب إنسانيّة محمد(ص) (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الى هيئة الامم المتحدة للمرأة,اعتداء بالضرب على ماجدات العراق في البصرة (آخر رد :اقبـال)       :: المهندس ابراهيم فؤاد عبداللطيف (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نظرات في مقال احترس من ذلك الصوت الغامض (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 14-08-2008, 12:30 PM   #51
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

كتاب في جريدة

في الوقت الذي نضع فيه " كتاب في جريدة " كأول عمل ثقافي عربي موحد بين أيدي قراء العربية , بمشاركة كبريات الصحف في الوطن العربي , أملاً في أن تبلغ الثقافة والمعرفة مدّى اكثر اتساعاً في حياة الأفراد والمجتمع , فإن منظمة اليونسكو ومؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية ومؤسسة صخر ومؤسسة الحريري , تنجز بهذا المشروع خطوة مهمة نحو الاندماج الثقافي وتعميم القراءة والتواصل مع الآداب والفنون عبر مختلف العصور , من اجل مزيد من التلاحم وترسيخ وحدة اللغة والثقافة .

يهدي " كتاب في جريدة " عبر صحفه المشترك في شبكة التوزيع مجاناً إلى ملايين الأسر في العالم العربي وخارجه الكثير من المؤلفات الإبداعية العربية المهمة , ترافقها أعمال فنية لنخبة متميزة من الفنانين التشكيليين .

كويتشيرو ماتسورا عبد الغفار حسين
محمد عبد الرحمن الشارخ
بهية الحريري

مدير عام منظمة اليونسكو
مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية
مؤسسة صخر
مؤسسة الحريري




الهيئة الاستشارية : أدونيس - توفيق بكار - جابر عصفور - سمير سرحان - عبد العزيز المقالح - عبد الله الغذامي - محمد بنيس - محمود درويش - ناصر الظاهري - يمنى العيد.

المشرف العام : شوقي عبد الأمير

المشرف الفني والمصمم : محيي الدين اللباد

إدارة وأمانة سر : ميرنا نعمة

تصميم حروف العناوين : المأمون أحمد

تدقيق ومراجعة : يس إبراهيم

أعمال الكمبيوغرافيك : أسامة بحر



الصحف المشاركة : الاتحاد الاشتراكي ( الدار البيضاء ) – الاتحاد ( حيف ) – الأنباء ( الخرطوم ) – الأهرام ( القاهرة ) – الأيام ( رام الله ) – الأيام ( المنامة ) – بيان اليوم ( الدار البيضاء ) – تشرين ( دمشق ) – الثورة ( صنعاء ) – الخليج ( الشارقة ) – الدستور ( عمان ) – الرأي ( عمان ) – الراية ( الدوحة ) – الرياض ( الرياض ) – السفير ( بيروت ) – الشعب ( نواكشوط ) – الشمس ( طرابلس الغرب ) – العلم ( الرباط ) – القدس العربية ( لندن ) .





الشكر واجب : لعائلة الفنان عصام أبو شقرا

مركز خليل السكاكيني الثقافي برام الله ...

على تعاونهم في توفير أعمال الفنان لهذا الكتاب .





** كتاب في جريدة
( السنة الرابعة ) رقم 39
3 يناير / كانون الثاني 2001
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 12:31 PM   #52
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

إلى شاعرٍ عراقي ...

( 1 )



أُعِدُّ لأَرْثيكَ , عِشْرينَ عاماً مِنْ الحُبِّ , كُنْتُ وَحَيداً هناكَ تُؤَثِّثُ مَنْفى لسَيَّدَةِ الزَّيْزَفُونِ , وبَيْتا ,,, لِسَيِّدِنا في أعالي الكَلامِ .
تَكَلَّمْ لِنَصْعَدَ أَعْلى..وَ أَعْلَى ... وَأَعْلى ...

على سُلَّمِ الْبِئْرِ , يا صاحِبي , أَينَ أَنتَ ؟

تَقَدَّمْ لأَحْمِلَ عنكَ الكَلامَ .. وأَرْثيك /



... لو كانَ جِسْراً عَبَرْناهُ , لكنَّه الدَّارُ والهاوَية

وللقَمَر البابِليِّ على شَجَرِ اللَّيلِ مَمَلَكَةٌ لَمْ تَعُدْ

لَنا , مُنْذُ عادَ التَّتارُ على خَيْلِنا

والتَّتارُ الجُدُدْ يَجُرُّونَ أَسْماءَنا خَلْفَهُم في شَعابِ الجِبالِ , ويَنْسَونْنا

وَيَنْسَوْنَ فينا نَخيلاً ونَهْرَيْنِ :

يَنْسَوْنَ فينا العِراقْ



أَما قُلْتَ لي في الطَّريقِ إلى الرِّيحِ :

عَمَّا قَليل سَنَشْحَنُ تاريخَنا بالمَعاني ,

وَتَنْطَفِئُ الحَربْ عمَّا قَليل

وَ عمَّا قَليل نُشَيِّدُ سُومَرَ , ثانِيَةً , في الأَغاني

وَنَفْتَحُ بابَ المَسارحِ للنَّاسِ والطَّيْرِ مِن كلّ جِنْسِ ؟

وَنَرْجِعُ مِنْ حَيْثُ جَاءَتْ بِنا الرِّيح .../

(.... )



لَنا غُرَفٌ في حَدائِقِ آبَ , هُنا في البِلادِ الَّتي







( 2 )



تُحِبُّ الكِلابَ وتَكْرَهُ شَعْبْكَ واسْمَ الْجَنوبِ

لَنا بَقايا نِساءٍ طُردْنَ مِنْ الأُقْحُوانِ

لَنا أَصْدِقاءُ من الغَجَرِ الطَّيِّبينَ .

لَنا دَرَجُ الْبَارِ .

رامبو لَنا ,ولنا رَصيفٌ مِنَ الكَستَنْاءِ .

لَنا تكنولوجيا لِقَتْلِ الْعِراق



تَهُبُّ جَنُوبيّةٌ ريحُ مَوْتاكَ , تَسْأَلُني :

هَلْ أَراك ؟

أَقولُ : تَراني مساءً قَتيلاً على نَشْرَةِ الشَّاشَةِ الْخامِسَة

فَما نَفْعُ حُرِّيَّتي يا تَماثيلَ رودانَ ؟

لا تَتَساءَلْ , ولا تُعَلِّقْ على بَلَحِ النَّخْلِ ذاكرَتي جَرَساً .

قَدْ خَسِرْنا مَنافِينا مُنْذُ هَبَّتْ جَنوبِيَّةَ ريحُ مَوْتاك.../



.... لا بُدَّ مِنْ فَرَسٍ لْغَرِيبِ ليَتْبَعَ قَيْصَرَ , أَوْ

ليَرْجِعَ مِنْ لَسْعَةِ النَّايِ .

لاَ بُدَّ مِنْ فَرَسٍ للغَريبْ

أَما كانَ في وُسْعِنا أَنْ نَرى قَمَراً وَاحِداً لا يَدُلُّ

على امْرَأَةٍ ما ؟

أَما كان في وُسْعِنا أَنْ نُمَيِّزَ بَيْنَ البَصيرَةِ ,

يا صاحِبي , والبَصَرْ ؟







( 3 )



لَنا ما عَلَيْنا من النَّحْلِ وَالمُفْرداتِ .

خُلِقْنا لِنَكْتُبَ عَمَّا يُهَدِّدُنا مِنْ نساءٍ وَقَيْصَرَ ..

والأَرْضِ حِينَ تَصيرُ لُغَةْ ,

وَعَنْ سِرٍّ جلَجامشَ الْمُستَحيلِ , لِنَهْرُبَ مِنْ عَصْرِنا إِلى أَمْسِ خَمْرَتِنا الذَّهَبيِّ ذَهَبْنَا ,

وَسِرنْا إلى عُمْرِ حِكْمَتنا

وكانت أَغاني الحَنينِ عِراقّيَةً ,

والعِراقُ نَخَيلٌ وَنَهْرانَ .../



... لِي قَمَرٌ في الرَّصافَةِ .

لِي سَمَكٌ في الفُراتِ ودِجْلَةْ

ولِي قارِئٌ في الجَنُوبِ , ولِي حَجَرُ الشَّمْسِ في نَيْنَوى ونَيْروزُ لِي في ضَفائِرِ كُرديّةٍ في شَمالِ الشَّجَنْ ...

ولِي وَرْدَةٌ فِي حَدائِقَ بابِلَ .

لي شاعِرٌ في بُوَيْب,

ولي جُثَّتي تَحْتَ شَمْسَ العراق

ولا الغَربُ غَرْبٌ , تَوَحَّدَ إِخْوَتُنا في غَريزَةِ قابيلَ , لا تُعاتِبْ أَخاكَ ,

فإِنْ الْبَنَفْسَجَ شاهِدَةُ الْقَبر ..../



... قَبْرٌ لِباريسَ , لُنُدنَ , روما , نيويورك , موسكو , وقبر لِبَغْدادَ , هَلْ كانَ من حَقْها أَن تُصَدِّقُ ماضيَها المُرْتَقَبْ ؟

وَقَبْرٌ لإِيتاكَةِ الدَّرْبِ وَالْهَدَفِ الصَّعْبِ , قَبْرٌ لِيافا ...





( 4 )



وَقَبْرٌ لهِوميِّر أَيْضاً وَ لِلبُحْتُرِيِّ , وَقَبْرٌ هو الشَّعْرُ, قبرٌ من الرِّيحِ ... يا حَجَرَ الرُّوحِ ,

يا صَمْتَنا !

نُصَدِّقُ , كَي نُكْمِلَ التَّيهُ , أَنَ الخَريفَ تَغَيَّرَ فينا .. نَعَمْ , نَحْنُ أَوْراقُ هذا الصَّنَوَبَرِ , نَحْنُ التَّعَب..., وقَدْ خَفَّ , خارِجَ أجسادنا , كالنَّدى ... وَانْسَكَب

نَوارِسَ بيضاءَ , تبحثُ عن شُعَراءِ الْهَواجِس فينا ..

وعَنْ دَمْعَةِ الْعَرَبِيِّ الأَخيرةِ ,

صَحْراء ... صَحْراء.... /



(....)

ولا صَوْتَ يَصْعَدُ , لا صَوْتَ يَهْبِطُ , بَعْدَ قَليل ..

سَنُفْرِغُ آخِرَ أَلْفاظنا في مَديحِ المَكانِ , وَبَعْدَ قليل سَنَرْنو إلى غَدنا , خَلْفَنا , في حَريرِ الكَلامِ القَديم

وسَوْفَ نُشاهِدُ أَحْلامَنا في المَمَرَّاتِ تَبْحَثُ عَنَّا

وعَنْ نَسْرِ أَعْلامِنا السُّود .../



صَحْراءُ للصَّوْتِ , صَحْراءُ للصَّمْتِ , صَحراء للْعَبَثِ الأَبَديّ

للَوْحِ الشَّرائِعِ صَحْراءُ , للكُتُبِ الْمَدْرَسِيَّةِ , للأَنبِياء وللَعُلَماءْ



( 5 )



لَشيكسبير صَحْراءُ , للباحِثينَ عنِ الله في الكائنَ الآدَمِيّ

هُنا يَكْتُبُ العَرَبيُّ الأَخِيرُ : أَنَا العَرَبِيُّ الَذي لَمْ يَكُنْ

أَنَا العَرَبِيُّ الَذي لَمْ يَكُنْ



قُلِ الآنِ إِنْكَ أَخْطَأْتَ , أَو لا تَقُلْ

فَلَنْ يَسْمَعَ المَيتونَ اعْتذارَكَ منهم , ولَنْ يَقْرَؤوا

مَجَلاّتِ قاتِلِهمْ كَيْ يَرَوْا ما يَرَوْنَ , ولن يَرْجعِوا إِلى الْبَصْرَةَ الأَبَدِيةِ كَيْ يَعْرِفوا ما صَنَعْتَ بأُمِّك ,

حِينَ انْتَبَهْتَ إلى زُرْقَةِ الْبَحْر .../

(....)



سَأُولَدُ مِنْكَ وَتُولَدُ مِنّي . رُوَيْداً رُوَيْداً سأَخْلَعُ عَنْك أصابعَ مَوتايَ , أَزْرارَ قُمصانهمْ.

وبطاقاتِ ميلادهمْ وتخلعُ عنيِّ رسائلَ مَوْتاكَ للْقُدْس , ثُمَ نُنَظِّفُ نظَّرَتَيْنا من الدمِ , يا صاحِبي , كَيْ نُعيدَ قِراءَةَ كافْكا ونَفْتَحَ نافِذَتَيْنِ على شارِعِ الظِّلّ .../

... في داخِلي , لا تُصَدِّقْ دُخانَ الشِّتاءِ كثيراً

فعمَّا قليل سَيَخْرُجُ إِبْريلُ مِنْ نَوْمِنا , خارِجي داخِلي فلا تَكْتَرِثْ بِالتَّماثيلِ ... سَوْفَ تُطَرِّزُ بِنْتٌ عِراقيِّةٌ ثَوْبَها بأَوَّلِ زَهْرَةِ لَوْزِ ,

وتَكْتُبُ أَوَّلَ حَرْفٍ مِنَ اسْمِكَ

على طَرَف السَّهْمِ فَوْقَ اسْمِها ....

في مَهَبِّ الْعِراق ..



(من ديوان " أَحد عشر كوكباً " 1992)



السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 12:33 PM   #53
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

مزامير


يومَ كانتْ كلماتي
تربةً..

كنتُ صديقاً للسنابلْ

يومَ كانت كلماتي

غضباً..

كنتُ صديقاً للسلاسل

يوم كانت كلماتي

حجراً ..

كنتُ صديقاً للجداول

يومَ كانت كلماتي

ثورةً ..

كنتُ صديقاً للزلازل

يوم كانت كلماتي

حنظلاً..

كنتُ صديقَ المتفائل

حين صارت كلماتي

عسلاً ..

غطَّى الذباب

شفتيَّ ..



(من ديوان "أحبك أو لا أحبك" 1972)

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 12:34 PM   #54
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

أربعة عناوين شخصية *


( 1) متر مربع في السجن ,,,


هو البابُ , ما خلفه جنَّةُ القلب .

أشياؤنا – كُلُّ شيء لنا – تتماها وبابٌ.

هو الباب , بابُ الكنايةِ , باب الحكاية , باب يُهذِّب أيلولَ .

بابٌ يعيد الحقولَ إلى أوَّل القمحِ .

لا بابَ للبابِ لكنني أستطيع الدخول إلى خارجي عاشقاً ما أراهُ وما لا أراهُ .

أفي الأرض هذا الدلالُ وهذا الجمالُ ولا باب للبابِ؟

زنزانتي لا تضيء سوى داخلي .. وسلامٌ عليَّ , سلامٌ على حائط الصوت ِ .

ألَّفْتُ عشرَ قصائدَ في مدْح حريتي ههنا أو هناك .

أُحبُّ فُتاتَ السماء ..,, التي تتسلل من كُوَّة السجن متراً من الضوء تسبح فيه الخيول وأشياءَ

أميِّ الصغيرة .. رائحةَ البُنِّ في ثوبها حين تفتح باب النهار لسرب الدجاج .

أُحبُّ الطبيعةَ بين الخريف وبين الشتاء , وأبناء سجَّانِنا , والمجلاَّت فوق الرصيف البعيد .

وألَّفْتُ عشرين أُغنيةُ في هجاء المكان الذي لا مكان لنا فيه .

حُريتي : أن أكونَ كما لا يريدون لي أن أكونَ .

وحُريتي : أنْ أوسِّع زنزانتي : أن أُواصل أغنيةَ البابِ :باب هو البابُ : لا بابَ للبابِ لكنني أستطيع الخروج إلى داخلي , الخ. الخ ,,,

























(2)
مقعدٌ في قطار


مناديلُ ليست لنا.

عاشقاتٌ الثواني الأخيرةِ ضوءُ المحطة .

وردٌ يُضَلِّل قلبًا يُفَتِّش عن معطفٍ للحنانٍ.

دموعٌ تخونُ الرَصيفَ.

أساطيرُ ليست لنا، من هنا سافروا هل لنا من هناك لنفرحَ عند الوصول؟

زنابقُ ليست لنا كي نُقَبِّل خط الحديد.

نسافر بحثاً عن الصِّفْر لكننا نحبُّ القطارات حين تكون المحطات منفى جديداً .

مصابيحُ ليستْ لنا كي نرى حُبَّنا واقفاً في انتظار الدخانِ.

قطارٌ سريعٌ يَقُصُّ البحيراتِ.

في كُل جيبٍ مفاتيحُ بيتٍ وصورةُ عائلةٍ .

كُلُّ أهلِ القطارِ يعودون للأهلِ .

لكننا لا نعودُ إلى أي بيتٍ.

نسافرُ بحثاً عن الصفرْ كي نستعيد صواب الفراش.

نوافذُ ليستْ لنا، والسلامُ علينا بكُلِّ اللغات .

تُرى , كانت الأرضُ أوضحَ حين ركبنا الخيولَ القديمةَ ؟

أين الخيول , وأين عذارى الأغاني , وأين أغاني الطبيعة فينا ؟

بعيدٌ أنا عن بعيديَ .

ما أبعد الحبّ! تصطادنا الفتياتُ السريعاتُ مثل لصوصِ البضائعِ.

ننسى العناوين فوقَ زجاج القطارات .

نحن الذين نحُّب لعشر دقائقَ لا نستطيع الرجوعَ إلى أي بيتٍ دخلناه .

لا نستطيع عبور الصدى مرتين .











( 3 ) حجرة العناية الفائقة



تدورُ بيَ الريحُ حين تضيقُ بيَ الأرضُ .

لا بُدَّ لي أن أطيرَ وأن ألجُمَ الريحَ , لكنني آدميٌّ .. شعرتُ بمليون نايٍ يُمَزِّقُ صدري .

تصبَّبتُ ثلجاً وشاهدتُ قبري على راحتَّي . تبعثرتُ فوق السرير .

تقَّيأتُ .

غبتُ قليلاً عن الوعي , متُّ وصحتُ قبيل الوفاة القصيرة : إني أحبُّكِ , هل أدخل الموت من قدميكِ؟ ومتُّ ... ومتُّ تماماً , فما أهدأ الموت لولا بكاؤك ! ما أهدأ الموتَ لولا يداكِ اللتان تدقَّان صدري لأرجع من حيث متُّ .

أحبك قبل الوفاةِ وبعد الوفاةِ , وبينهما لم أُشاهد سوى وجه أمي .

هو القلب ضَلَّ قليلاً وعاد .

سألتُ الحبيبة : في أي قلبٍ أُصبتُ ؟ فمالتْ عليه وغطَّتْ سؤالي بدمعتها .

أيها القلب ... يا أيها القلبُ كيف كذبت عليَّ وأوقعتني عن صهيلي ؟

لدينا كثير من الوقت , يا قلب , فاصمُدْ

ليأتيك من أرض بلقيس هدهدْ .

بعثنا الرسائل .

قطعنا ثلاثين بحراً وستين ساحلْ

وما زال في العمر وقتٌ لنشرُدْ

ويا أيها القلب , كيف كذبتَ على فرسٍ لا تملُّ الرياحَ .

تمهّل لنكملَ هذا العناقَ الأخيرَ ونسجُدْ.

تمهَّل .. تمهَّل لأعرفَ إن كنتَ قلبي أم صوتها وهي تصرخ:

خُذني .,,

















( 4 ) غرفة في فندق



سلامٌ على الحب يوم يجيءُ , ويوم يموتُ , ويومَ يُغَيَّرُ أصحابَهُ في الفنادِقِ!

هل يخسرُ الحبُّ شيئاً ؟

سنشربُ قهوتنا في مساءِ الحديقةِ .

نروي أحاديثَ غربتنا في العشاءِ

ونمضي إلى حجْرةٍ كي نتابع بحث الغريبين عن ليلةٍ منْ حنانٍ , [ الخ .. الخ ..] .

سننسى بقايا كلام على مقعدين , سننسى سجائرنا , ثم يأتي سوانا ليكمل سهرتنا والدخان .

سننسى قليلاً من فوق الوسادة .

يأتي سوانا ويرقد في نومنا , [ الخ .. الخ .. ] .

كيف كُلَّنا نُصَدِّق أجسادنا في الفنادقِ ؟

كيف نُصَدِّقُ أسرارنا في الفنادق ؟

يأتي سوانا , يُتابع صرختنا في الظلام الذي وَحَّدَ الجسدينْ . [ الخ .. الخ .. ] .

ولسنا سوى رَقمين ينامان فوقَ السرير المشاع , المشاع , يقولان ما قاله عابران على الحبِّ قبل قليلٍ.

ويأتي الوداعُ سريعاً , سريعاً .

أما كان هذا اللقاء سريعاً لننسى الذين يحبوننا في فنادق أخرى ؟

أما قلتِ هذا الكلامِ الإباحيَّ يوماً لغيري ؟

أما قلتُ هذا الكلام الإباحيِّ يوماً لغيرِك في فندقٍ آخر أو هنا فوق هذا السرير ؟

سنمشي الخطى ذاتها كي يجيء سوانا ويمشي الخطى ذاتها .. [ الخ .. الخ .. ] .



(من ديوان "هي أغنية هي أغنية" 1986)





السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 12:36 PM   #55
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

( 1 )



أَسْرَجوا الخَيْلَ ,

لا يَعرفون لماذا

ولكِّنُهمْ أَسْرَجُوا الخيلَ في السهلِ



.. كان المكانُ مُعَدَّاً لِمَوْلِدِه : تلَّةً

من رياحين أَجداده تَتَلَفَّتُ شرقاً وغرباً

وزيتونهً قُرْبَ زيتونه في المَصاحف تُعْلي سُطُوح اللُغَةْ ...

ودخاناً من اللازَوَرْدِ يُؤَثِّثُ هذا النهارَ لمسْأَلةٍ

لا تخصُّ سِوى الله . آذارُ طفلُ

الشهور المُدَلَّلُ . آذارُ يُؤلِمُ خبيز لِفناء الكنسيةِ

آذارُ أَرضٌ لِلَيْلِ السنون , ولا مرآةٍ

تَسْتَعدُّ لصرخَتَها في البراري... وتمتدُّ في

شَجَرِ السنديانْ .



يُولَدُ الآنَ طفلٌ

وصرختُهُ ,

في شقوق المكانْ



اِفتَرقْنا على دَرَجِ البيت . كانوا يقولونَ:

في صرختي حَذَرٌ لا يُلائِمُ طَيْشَ النباتاتِ ,

في صرختي مَطَرٌ ؛ هل أَسأَتُ إِلى إخوتي

عندما قلتُ إني رأَيتُ ملائكةٌ يلعبون مع الذئب في باحة الدار ؟

لا أَتذكَّرُ

أَسماءَهُمْ . ولا أَتذكَّرُ أَيضاً طريقَتَهُمْ في

الكلام ... وفي خفِّة الطيرانْ

( 2 )



أَصدقائي يرفّون ليلاً , ولا يتركونْ

خَلْفَهُمْ أَثَراً . هل أَقولُ لأُمِّي الحقيقةَ :

لِي إخوةٌ آخرونْ

إخوةٌ يَضَعُونَ على شرفتي قمراً

إخوةٌ ينسجون بإبرتهم معطفَ الأُقحوانْ



أَسْرَجُوا الخيلَ

لا يعرفون لماذا ,

ولكنهم أَسرجوا الخيل في آخر الليلِ



سَبْعُ سنابلَ تكفي لمائدة الصَيْف .

أَبيض يَسْحَبُ الماءَ من بئرِهِ ويقولُ

لهُ : لا تجفَّ . ويأَخذني من يَدي

لأَرى كيف أكبُرُ كالفَرْفَحِينَة...

أَمشي على حافَّة البئر : لِيَ قَمَرانْ

واحدٌ في الأعالي

وآخرُ في الماء يسبَحُ ... لِي قمرانْ



واثَقيْن , كأسلافهِمْ , من صَوَابِ

الشرائع ... سَكُّوا حديدَ السيوفِ

محاريثَ . لن يُصْلِحَ السيوفِ ما

أفْسَدَ الصَّيْفُ – قالوا وصَلُّوا

طويلاً . وغَنّوا مدائحَهمْ للطبيعةِ ...

لكنهم أَسرجوا الخيل ,

كي يَرْقُصُوا رَقْصَةَ الخيلِ ,

في فضَّة الليل ...



تَجْرحُني غيمةٌ في يدي : لا

( 3 )



أُريدُ من الأَرض أَكثَرَ مِنْ

هذه الأَرضِ : رائحة الهالِ والقَشِّ

بين أَبي والحصانْ .

في يدي غيمةٌ جَرَحْتني . ولكنني

لا أُريدُ من الشمس أَكثَرَ

من حَبَّة البرتقال وأَكثرَ منْ

ذَهَبٍ سال من كلمات الأذانْ



أَسْرَجُوا الخَيْلَ ,

لا يعرفون لماذا ,

ولكنهُمْ أسرجوا الخيل

في آخر الليل , وانتظروا

شَبَحاً طالعاً من شُقوق المكانْ ....



( * ) من ديوان
" لماذا تركتَ الحصانَ وحيداً "

1995
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 12:37 PM   #56
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

القتيل رقم 18



غابةُ الزيتون كانت مرةّ خضراءَ

كانت .. والسماءْ

غابةً زرقاء ..كانت يا حبيبي

ما الذي غيّرها هذا المساء ؟


.. .. ..

أوقَفُوا سيارةَ العمال في منعطف الدربِ

وكانوا هادئين

وأدارونا إلى الشرق .. وكانوا هادئين



.. .. ..

كان قلبي مَرّةً عصفورةً زرقاءَ .. يا عش حبيبي

ومناديلك عندي , كلها بيضاء , كانت يا حبيبي

ما الذي لطّخها هذا المساء ؟

أنا لا افهم شيئاً يا حبيبي !



.. .. ..

أوقفوا سيارة العمّال في فمنتصف الدربِ

وكانوا هادئين

وأدارونا إلى الشرق .. وكانوا هادئين



.. .. ..

لكَ مني كلُّ شيء

لكَ ظل لك ضوء

خاتم العرس , وما شئتَ

وحاكورة زيتون وتين

وسأتيكَ كما في كل ليلهْ

أدخل الشبّاكَ , في الحُلمِ, وأرمي لَكَ فُلَّه

لا تلمني إن تأخرتُ قليلاً

إنهم قد أوقفوني



غابة الزيتون كانت دائماً خضراء

كانت يا حبيبي

إن خمسين ضحيَّهْ

جعلتها في الغروب ..

بركةً حمراء .. خمسين ضحيَّهْ

يا حبيبي .. لا تلمني ..

قتلوني .. قتلوني

قتلوني ..



( من ديوان "آخر الليل" 1967)





السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 12:39 PM   #57
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

البئر *


أختارُ يوماً غائماً لأَمُرَّ بالبئر القديمة .

رُبما امتلأتْ سماءً , رُبَّما فاضَتْ عن المعنى وَعَنْ أُمْثُولة الراعي .

سأشربُ حفنةً من مائها

وأقولُ للموتى حوالَيْها : سلاماً , أيُّها البَاقونَ

حول البئر في ماء الفراشةِ ! أَرفَعُ الطَّيُّونَ

عن حَجَرٍ : سلاماً أَيها الحَجَرُ الصغير !

لعَّلنا كُنَّا جناحَيْ طائرٍ ما زال يوجِعُنا

سلاماً أَيها القَمَرُ المُحَلِّقُ حَوْلَ صُورتَه التي لن يلتقي أَبَداً بها !

وأقول للسَّرْوِ : انتبْه ممَّا يقولُ لَكَ الغبارُ

لعَّلنا كنا هنا وَتَريْ كمان في وليمة حارسات اللازَوَرْدِ , لعلَّنا كُنَّا ذراعَيْ عاشِقٍ ...

قد كنتُ أَمشي حَذْوَ نفسي : كُنْ قوياً

يا قريني , وارفعِ الماضي كقرِنَيْ ماعزٍ

بيديكَ , واجلسْ قرب بئرك .

رُبَّما التفتتْ إليكَ أَيائلُ الوادي ..

ولاح الصوتُ – صوتُك – صورةُ حجريَّةً للحاضر المكسورِ ...

لم أُكْملْ زيارتي القصيرةَ بَعْدَ للنسيانِ ...

لم آخُذْ مَعي أَدواتِ قلبي كُلَّها :

جَرَسي على ريح الصَنوبرِ

سُلَّمي قرب السماءِ

كواكبي حول السطوحِ

وبُحَّتي من لسْعة الملح القديم ...











وَقُلْتُ للذكرى : سَلاماً يا كلام الجَدة العَفَوِيَّ

يأخُذُنا إلى أَيَّامنا البيضاءِ تحت نُعَاسها ...

واسمْي يرنُّ كليرة الذَّهَبِ القديمة عِنْدَ باب البئرِ .

أسْمَعُ وَحْشَةَ الأَسلاف بين الميم والواو السحيقة مثل وادٍ غيرِ ذي زرعٍ .

وأُخفي ثعلبي الوديّ .

أَعرفُ أَنني سأعود حيَّا , بعد ساعات , من البئر التي لم أَلْقَ فيها يوسفاً أَو خَوْفَ إخوتِهِ مِنَ الأصداء .

كُنْ حَذِراً ! هنا وضعَتْكَ أُمَّكَ قرب باب البئر, وانصرَفَتْ إلى تَعْويذةٍ ...

فاصنعْ بنفسكَ ما تشاءُ .

صَنَعْتُ وحدي ما أَشاءُ : كَبرتُ ليلاً في الحكاية بين أَضلاعِ المُثَلَّثِ مصرَ , سوريّا , وبابل .

ههنا وحدي كَبرتُ بلا إِلَهاتٍ الزراعة .

[ كُنّ يَغْسِلْنَ الحصى في غابة الزيتون .

كُنّ مُبلَّلاتٍ بالندى ] ... ورأيتُ أَنِّي قد سقطتُ عليَّ من سَفَرِ القوافِل , قُرب أَفعى .

لم أَجِدْ أَحداً لأُكْمَلَهُ سوى شَبَحي . رَمتْني الأَرضُ خارجَ أَرضها , واسمي يَرِنُّ على خُطَايَ

كَحذْوةِ الفَرسِ : اقتربْ ... أَعود من هذا

الفراغَ إِليكَ يا جلجامشُ الأبديُّ في اسْمِكَ !

كُنْ أَخي ! واذْهَبْ معي لنصيحَ بالبئر

القديمة ... ربما امتلأتْ كأنثي بالسماء ,

ورُبَّما فاضت عن المعنى وعمَّا سوف يحدُثُ في انتظارِ ولادتي من بئري الأُولى !

سنشرب حفنةً من مائها ,

سنقول للموتى حواليها : سلاماً

أيها الأحياءُ في ماء الفَرَاشِ ,

وأَيُّها الموتى , سلاماً !



(من ديوان "لماذا تركت الحصان وحيدا" 1995)

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 12:41 PM   #58
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

إلى أمي ...

أحنُّ إلى خبز أُمي

وقهوة أمي

ولمسة أُمي ..

وتكبُر في الطفولةُ

يوماً على صدر يومِ

وأعشَقُ عمرِي لأني

إذا مُتُّ,

أخجل من دمع أُمي !

خذينيِ إذا عدتُ يوماً

وشاحاً لهُدْبِكْ

وغطّي عظامي بعشب

تعمّد من طهر كعبك

وشُدي وثاقي ..

بخصلة شَعر..

بخيطٍ يلوِّح في ذيل ثوبك ..

عساني أصير ُإلهاً

إلهاً أصير..

إذا ما لمستُ قرارة قلبك !

ضعيني , إذا ما رجعتُ

وقوداً بتنور ناركْ ..

وحبل غسيل على سطح دارك

لأني فقدتُ الوقوفَ

بدون صلاة نهارك

هَرِمْتُ فردّي نجوم الطفولة

حتى أُشارك صغار العصافير

درب الرجوع .. لعُش انتظارِك!!



(من ديوان "عاشق من فلسطين" 1966)



السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 12:44 PM   #59
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي



حــــالة حصـــار

(مقاطع)
هنا، عند مُنْحَدَرات التلال، أمام الغروب وفُوَّهَة الوقت،
قُرْبَ بساتينَ مقطوعةِ الظلِ،
نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ،
وما يفعل العاطلون عن العمل:
نُرَبِّي الأملْ.

بلادٌ علي أُهْبَةِ الفجر. صرنا أَقلَّ ذكاءً،
لأَنَّا نُحَمْلِقُ في ساعة النصر:
لا لَيْلَ في ليلنا المتلألئ بالمدفعيَّة.
أَعداؤنا يسهرون وأَعداؤنا يُشْعِلون لنا النورَ
في حلكة الأَقبية.

هنا، بعد أَشعار أَيّوبَ لم ننتظر أَحداً...

سيمتدُّ هذا الحصارُ إلي أن نعلِّم أَعداءنا
نماذجَ من شِعْرنا الجاهليّ.

أَلسماءُ رصاصيّةٌ في الضُحي
بُرْتقاليَّةٌ في الليالي. وأَمَّا القلوبُ
فظلَّتْ حياديَّةً مثلَ ورد السياجْ.

هنا، لا أَنا
هنا، يتذكَّرُ آدَمُ صَلْصَالَهُ...

يقولُ علي حافَّة الموت:
لم يَبْقَ بي مَوْطِئٌ للخسارةِ:
حُرٌّ أَنا قرب حريتي. وغدي في يدي.
سوف أَدخُلُ عمَّا قليلٍ حياتي،
وأولَدُ حُرّاً بلا أَبَوَيْن،
وأختارُ لاسمي حروفاً من اللازوردْ...

في الحصار، تكونُ الحياةُ هِيَ الوقتُ
بين تذكُّرِ أَوَّلها.
ونسيانِ آخرِها.

هنا، عند مُرْتَفَعات الدُخان، علي دَرَج البيت،
لا وَقْتَ للوقت.
نفعلُ ما يفعلُ الصاعدون إلي الله:
ننسي الأَلمْ.

الألمْ
هُوَ: أن لا تعلِّق سيِّدةُ البيت حَبْلَ الغسيل
صباحاً، وأنْ تكتفي بنظافة هذا العَلَمْ.

لا صديً هوميريٌّ لشيءٍ هنا.
فالأساطيرُ تطرق أبوابنا حين نحتاجها.
لا صديً هوميريّ لشيء. هنا جنرالٌ
يُنَقِّبُ عن دَوْلَةٍ نائمةْ
تحت أَنقاض طُرْوَادَةَ القادمةْ

يقيسُ الجنودُ المسافةَ بين الوجود وبين العَدَمْ
بمنظار دبّابةٍ...

نقيسُ المسافَةَ ما بين أَجسادنا والقذائفِ بالحاسّة السادسةْ.

أَيُّها الواقفون علي العَتَبات ادخُلُوا،
واشربوا معنا القهوةَ العربيَّةَ
غقد تشعرون بأنكمُ بَشَرٌ مثلناف.
أَيها الواقفون علي عتبات البيوت!
اُخرجوا من صباحاتنا،
نطمئنَّ إلي أَننا
بَشَرٌ مثلكُمْ!

نَجِدُ الوقتَ للتسليةْ:
نلعبُ النردَ، أَو نَتَصَفّح أَخبارَنا
في جرائدِ أَمسِ الجريحِ،
ونقرأ زاويةَ الحظِّ: في عامِ
أَلفينِ واثنينِ تبتسم الكاميرا
لمواليد بُرْجِ الحصار.

كُلَّما جاءني الأمسُ، قلت له:
ليس موعدُنا اليومَ، فلتبتعدْ
وتعالَ غداً !

أُفكِّر، من دون جدوي:
بماذا يُفَكِّر مَنْ هُوَ مثلي، هُنَاكَ
علي قمَّة التلّ، منذ ثلاثةِ آلافِ عامٍ،
وفي هذه اللحظة العابرةْ؟
فتوجعنُي الخاطرةْ
وتنتعشُ الذاكرةْ

عندما تختفي الطائراتُ تطيرُ الحماماتُ،
بيضاءَ بيضاءَ، تغسِلُ خَدَّ السماء
بأجنحةٍ حُرَّةٍ، تستعيدُ البهاءَ وملكيَّةَ
الجوِّ واللَهْو. أَعلي وأَعلي تطيرُ
الحماماتُ، بيضاءَ بيضاءَ. ليت السماءَ
حقيقيّةٌ غقال لي رَجَلٌ عابرٌ بين قنبلتينف

الوميضُ، البصيرةُ، والبرقُ
قَيْدَ التَشَابُهِ...
عمَّا قليلٍ سأعرفُ إن كان هذا
هو الوحيُ...
أو يعرف الأصدقاءُ الحميمون أنَّ القصيدةَ
مَرَّتْ، وأَوْدَتْ بشاعرها

غ إلي ناقدٍ: ف لا تُفسِّر كلامي
بملعَقةِ الشايِ أَو بفخِاخ الطيور!
يحاصرني في المنام كلامي
كلامي الذي لم أَقُلْهُ،
ويكتبني ثم يتركني باحثاً عن بقايا منامي

شَجَرُ السرو، خلف الجنود، مآذنُ تحمي
السماءَ من الانحدار. وخلف سياج الحديد
جنودٌ يبولون ـ تحت حراسة دبَّابة ـ
والنهارُ الخريفيُّ يُكْملُ نُزْهَتَهُ الذهبيَّةَ في
شارعٍ واسعٍ كالكنيسة بعد صلاة الأَحد...

نحبُّ الحياةَ غداً
عندما يَصِلُ الغَدُ سوف نحبُّ الحياة
كما هي، عاديّةً ماكرةْ
رماديّة أَو مُلوَّنةً.. لا قيامةَ فيها ولا آخِرَةْ
وإن كان لا بُدَّ من فَرَحٍ
فليكن
خفيفاً علي القلب والخاصرةْ
فلا يُلْدَغُ المُؤْمنُ المتمرِّنُ
من فَرَحٍ ... مَرَّتَينْ!

قال لي كاتبٌ ساخرٌ:
لو عرفتُ النهاية، منذ البدايةَ،
لم يَبْقَ لي عَمَلٌ في اللٌّغَةْ

غإلي قاتلٍ:ف لو تأمَّلْتَ وَجْهَ الضحيّةْ
وفكَّرتَ، كُنْتَ تذكَّرْتَ أُمَّك في غُرْفَةِ
الغازِ، كُنْتَ تحرَّرتَ من حكمة البندقيَّةْ
وغيَّرتَ رأيك: ما هكذا تُسْتَعادُ الهُويَّةْ

غإلي قاتلٍ آخر:ف لو تَرَكْتَ الجنينَ ثلاثين يوماً،
إِذَاً لتغيَّرتِ الاحتمالاتُ:
قد ينتهي الاحتلالُ ولا يتذكَّرُ ذاك الرضيعُ زمانَ الحصار،
فيكبر طفلاً معافي،
ويدرُسُ في معهدٍ واحد مع إحدي بناتكَ
تارِيخَ آسيا القديمَ.
وقد يقعان معاً في شِباك الغرام.
وقد يُنْجبان اُبنةً (وتكونُ يهوديَّةً بالولادةِ).
ماذا فَعَلْتَ إذاً ؟
صارت ابنتُكَ الآن أَرملةً،
والحفيدةُ صارت يتيمةْ ؟
فماذا فَعَلْتَ بأُسرتكَ الشاردةْ
وكيف أَصَبْتَ ثلاثَ حمائمَ بالطلقة الواحدةْ ؟

لم تكن هذه القافيةْ
ضَرُوريَّةً، لا لضْبطِ النَغَمْ
ولا لاقتصاد الأَلمْ
إنها زائدةْ
كذبابٍ علي المائدةْ

الضبابُ ظلامٌ، ظلامٌ كثيفُ البياض
تقشِّرُهُ البرتقالةُ والمرأةُ الواعدة.

الحصارُ هُوَ الانتظار
هُوَ الانتظارُ علي سُلَّمٍ مائلٍ وَسَطَ العاصفةْ

وَحيدونَ، نحن وحيدون حتي الثُمالةِ
لولا زياراتُ قَوْسِ قُزَحْ

لنا اخوةٌ خلف هذا المدي.
اخوةٌ طيّبون. يُحبُّوننا. ينظرون إلينا ويبكون.
ثم يقولون في سرِّهم:
ليت هذا الحصارَ هنا علنيٌّ.. ولا يكملون العبارةَ:
لا تتركونا وحيدين، لا تتركونا .

خسائرُنا: من شهيدين حتي ثمانيةٍ كُلَّ يومٍ.
وعَشْرَةُ جرحي.
وعشرون بيتاً.
وخمسون زيتونةً...
بالإضافة للخَلَل البُنْيويّ الذي
سيصيب القصيدةَ والمسرحيَّةَ واللوحة الناقصةْ

في الطريق المُضَاء بقنديل منفي
أَري خيمةً في مهبِّ الجهاتْ:
الجنوبُ عَصِيٌّ علي الريح،
والشرقُ غَرْبٌ تَصوَّفَ،
والغربُ هُدْنَةُ قتلي يَسُكُّون نَقْدَ السلام،
وأَمَّا الشمال، الشمال البعيد
فليس بجغرافيا أَو جِهَةْ
إنه مَجْمَعُ الآلهةْ

قالت امرأة للسحابة: غطِّي حبيبي
فإنَّ ثيابي مُبَلَّلةٌ بدَمِهْ

إذا لم تَكُنْ مَطَراً يا حبيبي
فكُنْ شجراً
مُشْبَعاً بالخُصُوبةِ، كُنْ شَجَرا
وإنْ لم تَكُنْ شجراً يا حبيبي
فكُنْ حجراً
مُشْبعاً بالرُطُوبةِ، كُنْ حَجَرا
وإن لم تَكُنْ حجراً يا حبيبي
فكن قمراً
في منام الحبيبة، كُنْ قَمرا
غ هكذا قالت امرأةٌ
لابنها في جنازته ف

أيَّها الساهرون ! أَلم تتعبوا
من مُرَاقبةِ الضوءِ في ملحنا
ومن وَهَج الوَرْدِ في جُرْحنا
أَلم تتعبوا أَيُّها الساهرون ؟

واقفون هنا. قاعدون هنا. دائمون هنا. خالدون هنا.
ولنا هدف واحدٌ واحدٌ واحدٌ: أن نكون.
ومن بعده نحن مُخْتَلِفُونَ علي كُلِّ شيء:
علي صُورة العَلَم الوطنيّ (ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخترتَ يا شعبيَ الحيَّ رَمْزَ الحمار البسيط).
ومختلفون علي كلمات النشيد الجديد
(ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخترتَ أُغنيَّةً عن زواج الحمام).
ومختلفون علي واجبات النساء
(ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخْتَرْتَ سيّدةً لرئاسة أَجهزة الأمنِ).
مختلفون علي النسبة المئوية، والعامّ والخاص،
مختلفون علي كل شيء. لنا هدف واحد: أَن نكون ...
ومن بعده يجدُ الفَرْدُ مُتّسعاً لاختيار الهدفْ.

قال لي في الطريق إلي سجنه:
عندما أَتحرّرُ أَعرفُ أنَّ مديحَ الوطنْ
كهجاء الوطنْ
مِهْنَةٌ مثل باقي المِهَنْ !

قَليلٌ من المُطْلَق الأزرقِ اللا نهائيِّ
يكفي
لتخفيف وَطْأَة هذا الزمانْ
وتنظيف حَمأةِ هذا المكان

علي الروح أَن تترجَّلْ
وتمشي علي قَدَمَيْها الحريريّتينِ
إلي جانبي، ويداً بيد، هكذا صاحِبَيْن
قديمين يقتسمانِ الرغيفَ القديم
وكأسَ النبيذِ القديم
لنقطع هذا الطريق معاً
ثم تذهب أَيَّامُنا في اتجاهَيْنِ مُخْتَلِفَينْ:
أَنا ما وراءَ الطبيعةِ. أَمَّا هِيَ
فتختار أَن تجلس القرفصاء علي صخرة عاليةْ

غ إلي شاعرٍ: ف كُلَّما غابَ عنك الغيابْ
تورَّطتَ في عُزْلَة الآلهةْ
فكن ذاتَ موضوعك التائهةْ
و موضوع ذاتكَ. كُنْ حاضراً في الغيابْ

يَجِدُ الوقتَ للسُخْرِيَةْ:
هاتفي لا يرنُّ
ولا جَرَسُ الباب أيضاً يرنُّ
فكيف تيقَّنتِ من أَنني
لم أكن ههنا !

يَجدُ الوَقْتَ للأغْنيَةْ:
في انتظارِكِ، لا أستطيعُ انتظارَكِ.
لا أَستطيعُ قراءةَ دوستوي÷سكي
ولا الاستماعَ إلي أُمِّ كلثوم أَو ماريّا كالاس وغيرهما.
في انتظارك تمشي العقاربُ في ساعةِ اليد نحو اليسار...
إلي زَمَنٍ لا مكانَ لَهُ.
في انتظارك لم أنتظرك، انتظرتُ الأزَلْ.

يَقُولُ لها: أَيّ زهرٍ تُحبِّينَهُ
فتقولُ: القُرُنْفُلُ .. أَسودْ
يقول: إلي أَين تمضين بي، والقرنفل أَسودْ ؟
تقول: إلي بُؤرة الضوءِ في داخلي
وتقولُ: وأَبْعَدَ ... أَبْعدَ ... أَبْعَدْ

سيمتدُّ هذا الحصار إلي أَن يُحِسَّ المحاصِرُ، مثل المُحَاصَر،
أَن الضَجَرْ
صِفَةٌ من صفات البشرْ.

لا أُحبُّكَ، لا أكرهُكْ ـ
قال مُعْتَقَلٌ للمحقّق: قلبي مليء
بما ليس يَعْنيك. قلبي يفيض برائحة المَرْيَميّةِ.
قلبي بريء مضيء مليء،
ولا وقت في القلب للامتحان. بلي،
لا أُحبُّكَ. مَنْ أَنت حتَّي أُحبَّك؟
هل أَنت بعضُ أَنايَ، وموعدُ شاي،
وبُحَّة ناي، وأُغنيّةٌ كي أُحبَّك؟
لكنني أكرهُ الاعتقالَ ولا أَكرهُكْ
هكذا قال مُعْتَقَلٌ للمحقّقِ: عاطفتي لا تَخُصُّكَ.
عاطفتي هي ليلي الخُصُوصيُّ...
ليلي الذي يتحرَّكُ بين الوسائد حُرّاً من الوزن والقافيةْ !

جَلَسْنَا بعيدينَ عن مصائرنا كطيورٍ
تؤثِّثُ أَعشاشها في ثُقُوب التماثيل،
أَو في المداخن، أو في الخيام التي
نُصِبَتْ في طريق الأمير إلي رحلة الصَيّدْ...

علي طَلَلي ينبتُ الظلُّ أَخضرَ،
والذئبُ يغفو علي شَعْر شاتي
ويحلُمُ مثلي، ومثلَ الملاكْ
بأنَّ الحياةَ هنا ... لا هناكْ

الأساطير ترفُضُ تَعْديلَ حَبْكَتها
رُبَّما مَسَّها خَلَلٌ طارئٌ
ربما جَنَحَتْ سُفُنٌ نحو يابسةٍ
غيرِ مأهولةٍ،
فأصيبَ الخياليُّ بالواقعيِّ،
ولكنها لا تغيِّرُ حبكتها.
كُلَّما وَجَدَتْ واقعاً لا يُلائمها
عدَّلَتْهُ بجرَّافة.
فالحقيقةُ جاريةُ النصِّ، حَسْناءُ،
بيضاءُ من غير سوء ...

غ إلي شبه مستشرق: ف ليكُنْ ما تَظُنُّ.
لنَفْتَرِضِ الآن أَني غبيٌّ، غبيٌّ، غبيٌّ.
ولا أَلعبُ الجولف.
لا أَفهمُ التكنولوجيا،
ولا أَستطيعُ قيادةَ طيّارةٍ!
أَلهذا أَخَذْتَ حياتي لتصنَعَ منها حياتَكَ؟
لو كُنْتَ غيرَكَ، لو كنتُ غيري،
لكُنَّا صديقين يعترفان بحاجتنا للغباء.
أَما للغبيّ، كما لليهوديّ في تاجر البُنْدُقيَّة
قلبٌ، وخبزٌ، وعينان تغرورقان؟

في الحصار، يصير الزمانُ مكاناً
تحجَّرَ في أَبَدِهْ
في الحصار، يصير المكانُ زماناً
تخلَّف عن أَمسه وَغدِهْ

هذه الأرضُ واطئةٌ، عاليةْ
أَو مُقَدَّسَةٌ، زانيةْ
لا نُبالي كثيراً بسحر الصفات
فقد يُصْبِحُ الفرجُ، فَرْجُ السماواتِ،
جغْرافيةْ !

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2008, 12:45 PM   #60
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي


أَلشهيدُ يُحاصرُني كُلَّما عِشْتُ يوماً جديداً
ويسألني: أَين كُنْت ؟ أَعِدْ للقواميس كُلَّ الكلام الذي كُنْتَ أَهْدَيْتَنِيه،
وخفِّفْ عن النائمين طنين الصدي

الشهيدُ يُعَلِّمني: لا جماليَّ خارجَ حريتي.

الشهيدُ يُوَضِّحُ لي: لم أفتِّشْ وراء المدي
عن عذاري الخلود، فإني أُحبُّ الحياةَ
علي الأرض، بين الصُنَوْبرِ والتين،
لكنني ما استطعتُ إليها سبيلاً، ففتَّشْتُ
عنها بآخر ما أملكُ: الدمِ في جَسَدِ اللازوردْ.

الشهيدُ يُحاصِرُني: لا تَسِرْ في الجنازة
إلاّ إذا كُنْتَ تعرفني. لا أُريد مجاملةً
من أَحَدْ.

الشهيد يُحَذِّرُني: لا تُصَدِّقْ زغاريدهُنَّ.
وصدّق أَبي حين ينظر في صورتي باكياً:
كيف بدَّلْتَ أدوارنا يا بُنيّ، وسِرْتَ أَمامي.
أنا أوّلاً، وأنا أوّلاً !

الشهيدُ يُحَاصرني: لم أُغيِّرْ سوي موقعي وأَثاثي الفقيرِ.
وَضَعْتُ غزالاً علي مخدعي،
وهلالاً علي إصبعي،
كي أُخفِّف من وَجَعي !

سيمتدُّ هذا الحصار ليقنعنا باختيار عبوديّة لا تضرّ، ولكن بحريَّة كاملة!!.

أَن تُقَاوِم يعني: التأكُّدَ من صحّة
القلب والخُصْيَتَيْن، ومن دائكَ المتأصِّلِ:
داءِ الأملْ.

وفي ما تبقَّي من الفجر أَمشي إلي خارجي
وفي ما تبقّي من الليل أسمع وقع الخطي داخلي.

سلامٌ علي مَنْ يُشَاطرُني الانتباهَ إلي
نشوة الضوءِ، ضوءِ الفراشةِ، في
ليل هذا النَفَقْ.

سلامٌ علي مَنْ يُقَاسمُني قَدَحي
في كثافة ليلٍ يفيض من المقعدين:
سلامٌ علي شَبَحي.

غ إلي قارئ: ف لا تَثِقْ بالقصيدةِ ـ
بنتِ الغياب. فلا هي حَدْسٌ، ولا
هي فِكْرٌ، ولكنَّها حاسَّةُ الهاويةْ.

إذا مرض الحبُّ عالجتُهُ
بالرياضة والسُخْريةْ
وَبفصْلِ المُغنِّي عن الأغنيةْ

أَصدقائي يُعدُّون لي دائماً حفلةً
للوداع، وقبراً مريحاً يُظَلِّلهُ السنديانُ
وشاهدةً من رخام الزمن
فأسبقهم دائماً في الجنازة:
مَنْ مات.. مَنْ ؟

الحصارُ يُحَوِّلني من مُغَنٍّ الي . . . وَتَرٍ سادس في الكمانْ!

الشهيدةُ بنتُ الشهيدةِ بنتُ الشهيد وأختُ الشهيدِ
وأختُ الشهيدةِ كنَّةُ أمِّ الشهيدِ حفيدةُ جدٍّ شهيد
وجارةُ عمِّ الشهيد غالخ ... الخ ..ف
ولا نبأ يزعج العالَمَ المتمدِّن،
فالزَمَنُ البربريُّ انتهي.
والضحيَّةُ مجهولَةُ الاسم، عاديّةٌ،
والضحيَّةُ ـ مثل الحقيقة ـ نسبيَّةٌ و غ الخ ... الخ ف

هدوءاً، هدوءاً، فإن الجنود يريدون
في هذه الساعة الاستماع إلي الأغنيات
التي استمع الشهداءُ إليها، وظلَّت كرائحة
البُنّ في دمهم، طازجة.

هدنة، هدنة لاختبار التعاليم: هل تصلُحُ الطائراتُ محاريثَ ؟
قلنا لهم: هدنة، هدنة لامتحان النوايا،
فقد يتسرَّبُ شيءٌ من السِلْم للنفس.
عندئذٍ نتباري علي حُبِّ أشيائنا بوسائلَ شعريّةٍ.
فأجابوا: ألا تعلمون بأن السلام مع النَفْس
يفتح أبوابَ قلعتنا لِمقَامِ الحجاز أو النَهَوَنْد ؟
فقلنا: وماذا ؟ ... وَبعْد ؟

الكتابةُ جَرْوٌ صغيرٌ يَعَضُّ العَدَمْ
الكتابةُ تجرَحُ من دون دَمْ..

فناجينُ قهوتنا. والعصافيرُ والشَجَرُ الأخضرُ
الأزرقُ الظلِّ. والشمسُ تقفز من حائط
نحو آخرَ مثل الغزالة.
والماءُ في السُحُب اللانهائية الشكل في ما تبقَّي لنا
من سماء. وأشياءُ أخري مؤجَّلَةُ الذكريات
تدلُّ علي أن هذا الصباح قويّ بهيّ،
وأَنَّا ضيوف علي الأبديّةْ.
رام الله ـ يناير 2002
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .