قال الشيخ : واعلم أنني بسطت القول في هذا الجواب لما حصل من المعمعة والضجة حول قيادة المرأة للسيارة والضغط المكثف على المجتمع السعودي المحافظ على دينه وأخلاقه ليستمريء قيادة المرأة للسيارة ويستسيغها. وهذا ليس بعجيب لو وقع من عدو متربص بهذا البلد الذي هو آخر معقل للإسلام يريد أعداء الإسلام أن يقضوا عليه، ولكن هذا من أعجب العجب إذا وقع من قوم من مواطنينا ومن أبناء جلدتنا يتكلمون بألسنتنا، ويستظلون برايتنا، قوم انبهروا بما عليه دول الكفر من تقدم مادي دنيوي ، فأعجبوا بما هم عليه من أخلاق تحرروا بها من قيود الفضيلة إلى قيود الرذيلة وصاروا كما قال ابن القيم في نونيته:
هربوا من الرق الذي خلقوا له وبلو برق النفس والشيطان
وظن هؤلاء أن دول الكفر وصلوا إلى ما وصلوا إليه من تقدم مادي بسبب تحررهم هذا التحرر؛ وما ذلك إلا لجهلهم أو جهل الكثير منهم بأحكام الشريعة وأدلتها الأثرية والنظرية، وما تنطوي عليه من حكم وأسرار تتضمن مصالح الخلق في معاشهم ومعادهم ودفع المفاسد . فنسأل الله تعالى لنا ولهم الهداية والتوفيق لما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة . انتهى ملخص كلام العالم الناصح محمد بن عثيمين رحمه الله .
ألا فليتق الله كل مسلم غيور على دينه ، غيور على هذه البلاد المباركة ، وأمنها ، وصلاح أهلها .
وعلينا جميعا ، عامة وخاصة ، أن ننطلق في إصلاح أحوالنا من كتاب ربنا وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - .. ولنعلم أنه لا خيار لنا في ذلك .. (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلالا مبينا) "
الفتاوى التى ذكرها الخطيب لا يوجد بها نص واحد أو حتى رواية تستعمل كدليل على الحرمة واستند الفقيهين إلى أن ما أفضى إلى المحرم فهو محرم وهذا يعنى أن يقطع الرجل قضيبه لأنه يؤدى للزنى ويفقع عينيه لأنه يؤدى للنظر المحرم ويقطع لسانه لأنه يتكلم به السوء وهو محرم وايضا تقطع المراة مهبلها لأنه يستعمل في المحرم وهو الزنى وتقطع وجهها لأنه يؤدى للمحرم وهو فتنة الرجال
إنها قاعدة فاسدة ما انزل الله بها من سلطان
وأما أن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح فهى قاعدة يقول بها من لا يفهم أنه بهذا يحرم الجهاد لأن الجهاد سبب من اسباب الفساد الكبرى من تخريب العمار وقتل الناس وجرحهم وهذه القاعدة هى عينها ما قالته اليهود عن أن المسلمون مفسدون بقطعهم الشجر في الحرب ونزل قول الله مبينا أن القطع والتدمير مباح في حالة الحرب وفى هذا قال سبحانه:
" ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله"
ثم قال الخطيب :
"فقد ذكر بعض الناس هداهم الله بعض المبررات الاجتماعية والاقتصادية لقيادة المرأة السيارة ، كقولهم : إن منع المرأة من قيادة السيارة يكلف المجتمع مبالغ مالية تدفع للسائقين المستقدمين ، علاوة على ما يسببه السائقون من كثرة وقوع الحوادث ، وأن المرأة تقود السيارة في الدول الأخرى ولم تتعرض للأذى ... الخ ما ذكروا .
والجواب على هذه الكلام من وجوه :
إن من الخطأ الظاهر ما يذكره بعض الناس من المنافع والمبررات لهذا الأمر، لكنهم ينسون أو يتناسون المفاسد المترتبة على هذا الأمر ، وقد قال الله تعالى في الخمر والميسر (قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ، وإثمهما أكبر من نفعهما).
إن قياس هذه البلاد على غيرها من البلدان قياس مع الفارق ، فالعاقل يدرك ما تتمتع به هذه البلاد من خصوصية ومحافظة ، ويدرك أحوال مجتمعها ، وما يعيشه نساؤها وشبابها ، فلا يمكن أن يقال فيها ما يقال في غيرها من البلاد .
إن قيادة المرأة للسيارة لا تعني بالضرورة إلغاء السائقين، وواقع المرأة في دول الخليج يؤكد ذلك، حيث بقي السائق في كثير من البيوت التي تقود فيها المرأة السيارة .
لو سلمنا بأن منع المرأة من قيادة السيارة يكلف المجتمع مبالغ مالية تدفع للسائقين المستقدمين ، فهل خسارة المال أشد من خسارة الأعراض والإخلال بأمن الأسرة والمجتمع ؟ ولله در القائل:
أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض بالمال
إن كثرة وقوع الحوادث لا يدفعها قيادة المرأة للسيارة ، بل ربما تزيدها أضعافا ، لضعف المرأة وشدة خوفها لاسيما في المواطن المزدحمة أو الخطيرة . وفيما ذكره الله تعالى من قصة ابنتي شعيب اللتين كانتا لا تسقيان حتى يصدر الرعاء أكبر شاهد على ضعف المرأة ، ولو كان معها امرأة أخرى ، وأنها لا غنى لها عن الرجل .
إن الادعاء بوجود ضوابط لتقنين قيادة المرآة للسيارة يبطله الواقع، وما نراه في الشارع ، وما نعانيه من قيادة الشباب للسيارات ، وتسببهم في المآسي والحوادث خير دليل ذلك."
قطعا كل ما ذكره الخطيب من مبررات هو كلام بلا دليل وهوما يتنافى مع كتاب الله ومع روايات عدة بينت أن المرأة كانت تقود الدواب للسفر والعمل
ثم حدثنا عن أن عدم قيادة المرأة للسيارة هو حفاظ على مكانتها فقال :
"وأخيرا : هل في عدم قيادة المرأة للسيارة احتقار لها أو حط من قدرها؟ سبحان الله .
من هم الذين لا يقودون السيارة .. بل ويجلسون في الخلف .. ويخصص لهم سائق وسيارة؟
نعم .. إنهم الملوك والرؤساء ، والقادة والأمراء ، والشخصيات الهامة ، وقد شاركتهم المرأة السعودية ..لأنها مكرمة ..أكرمها دينها..وأعزها ورفع شأنها...وجعل والدها وأخاها..وزوجها وابنها يخدمونها.. ويرافقونها.. وستظل المرأة السعودية بإذن الله ، عزيزة مكرمة ، متى ما حافظت على دينها ، وتمسكت بأخلاقها .
نسأل الله تعالى أن يأخذ بأيدينا وولاة أمورنا للبر والتقوى ، ويرينا وإياهم الحق حقا ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ، وأن يرد ضالنا إليه ردا جميلا ، وأن يهدي كل من أراد منا الحق فلم يوفق إليه ."
قطعا يجب أن تتدرب بعض النساء على قيادة السيارات وغيرها لأن الحرب قد تحتم عليهن في يوم ما أن يقدن السيارات ويعملون في باقى أعمال الرجال وهذا من باب إعداد القوة للعدو كما قال تعالى :
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
|