اول ما خلق الله نور نبينا صلى الله عليه واله وسلم

[الحسن الجميل]

اول ما خلق الله نور محمد صلى الله عليه وسلم

الحمد لله رب العلمين والصلاة على محمد الامين وعلى اله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر المحجلين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين 0 وبعد 00000

اعلم اخي المسلم ان هناك عالمان عالم الغيب وعالم الشهادة والمقصود من الغيب قوله تعالى ( الذين يؤمنون بالغيب ) 3 سورة البقرة 0 وهو عالم ما قبل خلق ادم ( عليه السلام ) عالم خلق الارواح وقد خلق الله تعالى هذا العالم قبل خلق عالم الاجساد عالم ما بعد خلق ادم ( عليه السلام )وهو عالم الشهادة 000000
فالمقصود اول ماخلق الله نور نبيك او( نوري )هو في عالم الغيب لا في عالم الشهادة وهذا النور هو روحه الطاهرة صلوات الله وسلامه عليها خلقها فخلق الخير كله000000

الله تعالى كان في غيب الغيوب ولم يكن معه شيء فاراد ان يعرف، فخلق الخلق ليعرف وليتحقق قوله تعالى ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) وان هذه العبادة تحتاج الى علم ومعرفة بالله تعالى 000 فاعطى الله تعالى هذا العلم وتلك المعرفة اول خلقه وهي روحه صلى الله عليه وسلم فكانت نبوته بكل ما تحمله من مقومات الهدايه والدراية هي التي اعطته صفة(عقل) ولهذا جاء فيالاحاديث اول ما خلق الله العقل، واعطته صفة ( نور ) لما حملته من نور النبوة والهدايه 0000 ولهذا جاءت الاحادث للتصريح باولوية هذا المخلوق وهذا النور الذي وهبه الله الى كل الارواح لتستمد منها كل مظاهر الهداية لمن شاء من عباده لتتحقق الفائدة والمنفعة التي لاجلها خلق الله الخلق وهي عبادة الواحد الاحد 00000


وقد جاءت الاحاديث لتخبرنا بنبوته صلى الله عليه وسلم فعن العرباض بن سارية عن النبى صلى الله عليه وسلم قال إنى عند الله لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل فى طينته أى طريح ملقى قبل نفخ الروح فيه، وعن ميسرة الضبى قال قلت يارسول الله متى كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد، وقال صلى الله عليه وسلم كنت نبيا وادم بين الماء والطين ( ولم يقل كنت انسانا اومخلوقا فهي نور النبوة المجردة ) وعن الشعبى قال رجل يارسول الله متى استنبئت قال وآدم بين الروح والجسد 000000000

اما قوله تعالى ( ولا تعجل بالقران من قبل ان ينقضي اليك وحيه وقل ربي زدني علما ) 114 طه 0لهو دليل اخر على نبوته في عالم الغيب قبل الوحي في علم الشهادة 0 ان القران الكريم نزل جمله واحدة في ليلة القدر ثم فرقه او نجمه الوحي جبريل (عليه السلام ) في ثلاث وعشرين سنة وعندما كان جبريل ( عليه السلام) يعلمه القران المنجم كان صلى الله عليه وسلم يسبقه القول لما يحمله من القران المجمل بسبب نبوته قبل خلق ادم فانزل الله قوله ( ولا تعجل بالقران )0والا من اين للرسول صلى الله عليه وسلم علم القران ليعجل به قبل الوحي ولم يكن عنده علم من القران المنجم بدليل قوله تعالى ( ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ) ولهذا امره ان يقول ( وقل ربي زدني علما ) اي في علم التفريق الذي مصدره الوحي0000

فهذا اثبات من القران والسنة على نبوته في عالم الارواح ناهيك عن نبوته في عالم الاجساد بالوحي الذي انزله على قلبه الشريف 00000

وروى عن على بن أبى طالب كرم الله وجهه أنه قال لم يبعث الله نبياً من آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد فى محمد صلى الله عليه وسلم لئن بعث وهو حى ليؤمنن به ولينصرنه ويأخذ بذلك العهد على قومه قال تعالى ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال اقررتم واخذتم على ذلكم اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين ) 81 آل عمران ، قال الشيخ تقى الدين السبكى فى هذه الآية الشريفة من التنويه بالنبى صلى الله عليه وسلم وتعظيم قدره العلى ما لا يخفى وفيها مع ذلك أنه على تقدير مجيئه فى زمانهم يكون مرسلا إليهم فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق من زمن آدم إلى يوم القيامة وتكون الأنبياء وأممهم كلهم من أمته ويكون قوله صلى الله عليه وسلم وبعثت إلى الناس كافة لايختص به الناس من زمانه إلى يوم القيامة بل يتناول من قبلهم أيضا ويتبين بهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد وقوله تعالى ( واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين ) 172 الاعراف فهذا العهد والميثاق الذي اخذه الله تعالى على عباده عرفان باولوية محمد صلى الله عليه وسلم والمتمثلة بالاتباع والمناصره في عالم الغيب والشهادة0وكان هداية الناس على قدر اندفاعهم وعزمهم على قبول هذا الميثاق انظر الى بعض الانبياء عليهم السلام كيف كان عزمهم وانقيادهم للميثاق 00 قال تعالى (ولقد عهدنا الى ادم من قبل فنسي ولم نجد له عزما) 115 طه 0 وقال تعالى في اولي العزم من الانبياء (واذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم واخذنا منهم ميثاقا غليظا )7 الاحزاب0 وباعتباره هو صلى الله عليه وسلم ايضا من اولي العزم فالميثاق شمله ايضا باتباع ما اوكل اليه من واجب تبليغ الرساله والتضحية من اجل ترسيخ هذا المنهج الرباني العظيم على هذه الارض 00 فنشهد انه بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وكشف الغمة وتركنا على المحجة البيضاء صلوات الله وسلامه عليه 0000

اما جميع الارواح الذي اخذ عليها العهد والميثاق قبل خلق ادم هي ارواح عاقلة اتصفة بنفس صفة العقل الاول فهي نتاج هذا العقل ومثله وصورته ولكنها تفاوتت بحسب هداية تلك الروح في المسارعة لنصرة واتباع وطاعة العقل الاول ولهذا كثير ما كان القران يخاطب عقول البشر للايمان بالدعوة المحمدية وتصديقها والدفاع عنها0000
والانسان جسد وروح ولا ذكر للجسد من دون الروح ولهذا خلق ادم عليه السلام بصورته الطينية فلم يكن شيء يذكر حتى اذا جاءت روحه( التي هي من نتاج الروح الاول ) لتدخل جسده بالنفخ الالهي فاكتمل بشرا سويا000 ودليل ذلك ان الله تعالى لم يامر الملائكة بالسجود له وهو بجسده الطيني فقط ولكن امرهم بذلك عند النفخ فيه لما تحمله هذه الروح من مظاهر الاسماء والصفات الالهية والعلوم العرفانية التي استورثتها من العقل الاول او النور الاول قال تعالى ( فاذاسويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين )29 الحجر0 واول من كفر هو ابليس متحججا بقوله خلقتني من نار وخلقته من طين وهو محق في اجابته لانه لم يعرف السبب الرئيسي الذي لاجله طلب السجود منه لادم اما الملائكة فتحججت بقولها اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء00 ولكن لما اقام الله حجته عليهم بقوله انبئؤني باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين فعجزوا عن ذلك وانبئهم ادم بالاسماء والصفات الالهية علموا بان الله قد اودع في هذا المخلوق سر العلوم والمعارف الالهيه والذي اهلته ليكون سيد الملائكة والجان ( الا ابليس فلم تزده الحجج والباهين الا كفرا وجحودا ونفورا ) 0000
ولهذا كان محمد صلى الله عليه وسلم هو الاول والاخر الاول في نبوته في عالم الارواح وهو الاخر او الخاتم في نبوته في عالم الاجساد والله اعلم وصلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا00000