العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 05-11-2007, 12:13 AM   #1
youcefi abdelkader
كاتب ساخر
 
الصورة الرمزية لـ youcefi abdelkader
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
المشاركات: 223
إفتراضي قصة العم 'ابن دحمان ' المقدمة والأجزاء . للدكتور يوسف عبد القادر

قصة العم 'ابن دحمان ' الجزء الثالث

لازال " ابن دحمان" ينتظر دواء الرحمان والقوم حوله و منهم من أسند ظهره لجدار من الطوب و استسلم لملك الرقاد و منهم من تقوقع داخل كساء فصار لا يرى منه سوى العينان كطائر البوم

لما عسعس الليل, صارت روح شيخنا المذعورة تتردد بين الخروج للأفق الرحب و البقاء داخل داك القفص من الأضلع الهشة، خلخلتها نوبات سعال كالرعد. كانت جرعات من الدواء" أو لسعة إبرة تنفث ترياقا يسري في كامل جسده كافية لينجلي عن صدره ذاك الصديد و الغبار و الأدران العالقة داخل رئتيه ، لكنه اكتفى بما جادت به قمم الجبل من شيح و أزير و أعشاب أخرى ،أعدتها له" الحاجة ميمونة" في قنينة ليحتسى منها قدحا كل صباح و مساء .زعم كبير أبناءه و القيم عليهم ، أن أن تابعا من الجن كان يأتي أباه كل يوم خميس، قبيل المغرب ، في صورة طائر أسود ،و أنه سمع أباه يكلمه ذات مرة، و قد مكث فيهم ذاك الطائر شهرا لا يبرح


سقف البيت ، ثم اختفى .اقتفى أثره فلم يعثر عليه. و ما أظنه إلا أصاب الشيخ بسوء و عرج إلى السماء يسترق السمع. خرج الابن مهرولا يلتمس لأبيه رجلا يرقيه ، فدله أحدهم على مكان'' الطالب الغزالي''.
كان عجوزا قد بلغ من الكبر عتيا،امتطاه الشيطان مند أعوام فغرر به ، علمه السحر و الدجل ; و صار قرينا له . اتخذ ملجأ خارج المدينة، وسط غابة موحشة، تعانقت أشجارها كأسنة البخت و ادعى أن جنية تأتيه بأخبار السماء، فهابه الناس و العجيب أن قرينته هذه لم تعد له بصرا أو تمنعه من ضرباتنا الموجعة نحن صبية الحي ، إذ كنا نجمع ما تيسر حمله من حجارة الوادي المسننة، فنكبر و نهلل و نقذفها بمقلاع محكم الحبك، كالمنجنيق نحو كوخه من حيث نراه و لا يرانا ، و ما كان عملنا ذاك إلا جهادا ابتغينا من وراءه ثوابا من الله، لنقض مضجع عدوه، فيسومه سوء العذاب بأيدينا، و لازلنا معه في كر و فر حتى أظهرنا الله عليه .لعن الله من ناوله دواة أو برى له قلما.كان يفرق بين المرء و زوجه .
دخل المشعوذ و معه ثلاثة رجال شداد غلاظ، لا يعصون له أمرا ، أمرهم ببطح شيخنا أرضا وكبله من أطرافه الأربعة، وقد انكشفت عورته و بانت سوءته .تلمس الأذن اليمنى لشيخنا و ظل يتلو فيها تعاويذ و عزائم لا يفقهها العامة من الناس حتى خفت صوته و راح يضربه على أم رأسه، ثم عمد للبصاق في أدنه ثلاثا و خنقه حتى اصفر وجهه و أدمعت عيناه، ثم صاح بصوت أجش "إني آمرك أن تخرج أيها الجني من أصبع القدم اليمنى لابن دحمان ابن "رقية". ضغط بكل ما أوتى من قوة على الأصبع لكن شيخنا المبطوح أرضا باغته برفسة قدم مقاسها" 45" على البطن ، على حين غرة. فتدحرج المشعوذ للوراء يتأوه، و يشكو ألما مبرحا في أحشاءه ،كتمت نوبة ضحك هستيرية انتابتني .
طلب المشعوذ الدجال شيء من ماء الورد و الزعفران و حفنة بيضاء ، و أخرج من حقيبته دواة و قلم .سحق عيدان الزعفران و مزجها بماء الورد ثم تناول االجفنة و خط فيها خطوطا و رسم مربعات و مثلثات، في كل مربع كتب حرفا، و قبل أن تجف محاها بماء الشرب، فاستخلص محلولا اصفر . سكب المحلول في كفه و قد أصاب ثوبه الأبيض شيء منه، و راح يدهن به جبهة عمي ابن دحمان و قطر ما تبقى في منخاري الرجل، فجعله يعطس عطسة عظيمة أطفئت نور السراج ، دخل شيخنا على إثرها في غيبوبة أسوء مما كان عليه من قبل .

شرع الرجال الثلاثة في قرع الطبول، و تلاوة التعاويذ، و المشعوذ يتخبط كان به مس من الجن،أخذت قرعات طبولهن تعلو شيئا فشيئا ،حتى حمى الوطيس، و صار كل من في الدار يهتز خشوعا أو طربا . أخد المشايخ يحذفونه بالدراهم حذفا منكرا ،وعلى صياحهم فأزعج الجيران، جعل العقل يقف على الباب حيران ، يتساءل أين نحن مما وصل أليه الأمريكان، من علم و ما نحن فيه من هذيان ، مجنون تتهاطل عليه الدراهم
و ذا لب في ركن حيران. ورب الكعبة لن يعلو لنا بين الأمم بنيان، و سيطويننا النسيان، فنصير في خبر كان .

أما شيخنا ، فشهق شهقة ، ثم خر مغشيا عليه بين يدي ابنه كأنما صعق، فظنناه مات. بلع التعب من ذاك البهلوان مبلغا عظيما ، فتوقف و توقفت الطبول و خيم الهدوء ،في ذاك الظلام هنيهة من الوقت ،حبست فيها أنفاس الناس، انتظارا لما سيؤول إليه حال الشيخ.
لم تؤتى تلك الشطحات و ذاك الهرج و المرج أكله ، فخسئ عمل المشعوذ زمرته .ظننت انه سيأتي بمعجزة تجعل' ابن دحمان' يعود لوعيه فيستوي قائما، و يرحب بالحاضرين حوله ، فينقلب الحزن إلي فرح و تدق الطبول و تعزف الأنغام و ترقص و تغني القينات، و ربما تشرب أقداح من الخمر العتيقة حتى الصباح، احتفاء بشفاء الشيخ.
لم يفلح عمل المشعوذ، فأوجس في نفسه خيفة، و خشي أن يدركه ملك الموت فيسلبه بعض ما تبقي له من أعوام ، آثر الانصراف في داك الظلام المدلهم حافي القدمين.
youcefi abdelkader غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-11-2007, 12:22 AM   #2
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

د يوسف كيف حالك ؟؟؟ أشرقت ونورت .
بارك الله فيك أكمل الجزئين الآخرين.
تحياياي وتقديري
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-11-2007, 12:38 AM   #3
youcefi abdelkader
كاتب ساخر
 
الصورة الرمزية لـ youcefi abdelkader
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
المشاركات: 223
إفتراضي

لك منا كل سلام و تحية عطرة يا اخا العرب حياك الله و نحن عند حسن ظنك انشاء العزيز القدير
youcefi abdelkader غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-11-2007, 01:27 AM   #4
welaa
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2007
المشاركات: 491
إفتراضي

فين الا جزاء التانيه
__________________
welaa غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-11-2007, 01:28 AM   #5
welaa
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2007
المشاركات: 491
إفتراضي

فين الا جزاء التانيه
__________________
welaa غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-11-2007, 10:45 PM   #6
youcefi abdelkader
كاتب ساخر
 
الصورة الرمزية لـ youcefi abdelkader
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
المشاركات: 223
إفتراضي قصة العم ابن دحمان (الجزء الاول)

قصة العم ابن دحمان ( الجزء الاول)
لم يكن يفارق دكاننا فكانت أذن أبى تطرب لسماع حديثه و يشكو له ما يجد من الوجد و الهيام لجارتنا 'زبيدة '. بيد أن الوالدة سامحها الله و قد صارت في العقد الثانى من العمر وبدأت ملامح الشيخوخة تغزو وجهها، و لم يجدي معها طلاء أو زيت زيتون ، كانت تنكر عليه صحبة الشيخ ابن دحمان و ملازمته له كظله . لم تكن تتردد في استراق السمع لهما و تقول هذا الشيطان سيوقع أباكم في الهاوية و ما كنت افقه شيئا مما كانت تعنيه و يبدو أن حياتها مع الوالد كانت قاب قوسين أو أدنى من الطلاق و قد صار الوالد ياخد من أطراف لحيته في اليوم أكثر من مرة و يكثر النظر للمرآة ،و يتابع قصص العشاق في التلفاز، فينفرد به من دوننا ، ويزيد قلقها حين تراه يفرغ قنينة العطر في يومين و يبادر لاقتناء أجود أنواع العطور و أغلاها ثمنا ليوقع جارتنا ' زبيدة' في حباله .
إنها امرأة ثيب لا تزال في عز شبابها و من أجمل ما رأت العيون، مات زوجها اثر مرض عضال أقعده الفراش عام.
ترملت فتنافس المشايخ في طلب ودها، بعد أن شابت لحاهم و لم يعد لهم في ود الفتيات نصيب و لو تسنى لأحدهم لهتك أستار الجيران و هدم الحيطان. كانت إذا مرت برهط منهم افترسوها بأعينهم و كثر همزهم و لمزهم . تمشي مشي الحمامة ،مائلة مميلة ،تهز اردافها هزا خفيفا،فتخفق لها قلوب المشايخ . ترميهم بنظرة ازدراء، ما رأيت احدهم أغض طرفه و حفظ بصره، فلا تزال أنظارهم مشدودة إليها حتى يغيب عنهم طيف خيالها في الزحام .
,أقضت مضجع الحاج محمود ،جزار الحي،فكان يختلس النظر إليها بين الفينة و الأخرى عبر نافذة حجرته ثم يعوى كالذئب . قيل انه كاد يفصل إبهام يده اليمنى بساطور حين دخلت حانوته تبغي لحما،فجال ببصره في وجهها و لم يصرف نظره عنها حتى اشتد الم أصبعه و قد سال منها دم كثير .و قد حدثني أخي و قرة عيني الحاج علي ،أن هذا الجزار راود نسوة كثيرات في الحي عن أنفسهن فاعرضن عنه لذمامة في جهه و استعصى عليه استمالة قلب زبيدة له رغم إنفاقه مالا كثيرا .
ذبحت والدي من الوريد إلى الوريد ، كانت إذا دخلت الحانوت و كشفت شعرها،ألقى ما في يده و جعل ينظر إليها ويمسح عيناه ليلتقط لها صورة أوضح ، يحتفظ بها في ذاكرته الضعيفة أياما ،و حين يغيب عنه طيف خيالها، يدخل الدار معكر المزاج، فيحمل علينا، يضرب هذا ضربا مبرحا و يسب ذاك من رأسه إلى أخمص قدميه،لأتفه الأسباب ، ثم ينزوي في غرفته و يشعل سيجارة ليرتشف دخانها و هو يدندن .
كنت استرق السمع لحديث دار بين عمى ابن دحمان و بين أبي ذات ليلة ، فسمعته يقول، إن إحدى الروميات شتمته على ملاء من المارة و بلسان أعجمي فصيح ،فعجز أن يلقمها حجرا و لو بكلمة أو كلمتين تثلج صدره ،فأصابه الغم .انتابتني نوبة من الضحك لا عهد لي بها و لازلت اضحك حتى استلقيت على ظهري نقام والدي فضربنى بمرفقه على ام راسي جزاه الله عني خيرا.
نكح ابن دحمان من نساء الحي امراتين و عشق منهن عددا لا يحصى. قيض الله له من الأولى ثلاث بنات و هي ثيب عشقها عشقا مبرحا و ورزق من الثانية أربع من البنين أصغرهم جذعا في الحول السابع ،ثم شغف شغفا عظيما بفتاة في الثامنة عشرة من العمر.يحكى انه كان يترصدها من درب، لدرب ،و يتلطف في الحديث معها . خطبها من أبيها فأبى أن ينكحها رجلا يكبرها بأربعين عاما ولازال يلح عليه و يبعث له الوفود تلو الوفود من شتى القبائل إلى أن أجابه إلى طلبه على مضض، و ما استطابت له الدنيا حتى أوقعها في شباكه فرضيت به بعلا و كان عمره آنذاك نحو ستين عاما و نيف.
باع كبشا و قدم لها ثمنه صداقا.أولم بشاتين و أقام حفلا كبيرا ، عزفت فيه الأنغام و تسابق الفرسان على ظهور الخيل.و دوت طلقات البارود في سماء البلدة،و زغردت النسوة فكانت فرجة لنا نحن غلمان الحى ،فسرنا نتراقص كالظباء على وقع عزف الناي و دقات الطبول حتى لاح الصباح .
في غمرة ذاك الحفل بأهازيجه ، فرت العروس في اثوابها البيض و حليها ،فرار الأرنبة منثعلب ماكر و اختفت إلى يومنا هذا.ذكر شهود عيان أن الفتاة كانت تنوي قتل نفسها لكنهاترددت ، وجدوا في حجرتها قنينة سم، و مكتوبا بخط يدها باحمر الشفاه على الحائط ٌُ تركت لكم الجمل بما حمل " .
كثرت الإشاعات حول قصتها و نسجت الأكاذيب و الخرافات فزعم بعضهم أن الفتاة سافرت لبلاد أخرى و لجأت لأحد الدور المشبوهة لتحترف الرذيلة مقابل دراهم معدودة.لكن صاحب شرطة البلدة توعد أباها بالعقاب إن تعرض لها باذا و قال :
" سأخسف بك الأرض إن مسستها بسوء". حزن شيخنا لفراقها حزنا كبيرا ،هجر زوجاته شهرا كاملا.
ضاقت عليه الدنيا بما رحبت ،فاعتزل الناس و لزم داره، و تناقلت النسوة أخبار ما آل إليه حاله . صار يقضى طرفا من النهار و زلفا من الليل قابعا تحت جدار بيته لا يحرك ساكنا و ربما وضعت حمائم الحي فضلاتها على كتفيه ظنا منها انه جدار أو عمود. مكث على هكذا حال أعوام لا يكلم أحدا من القوم و كأنه نذر لله صوما عن الكلام، أصيب بحزن شديد و هزال وزادته الفاقة سوءا فقسمت ظهره
.................................................. .................................................. ...........يتبع
youcefi abdelkader غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-11-2007, 10:48 PM   #7
youcefi abdelkader
كاتب ساخر
 
الصورة الرمزية لـ youcefi abdelkader
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
المشاركات: 223
إفتراضي قصة العم ابن دحمان ( مقدمة القصة)

مقدمــــــــــــــة بقلم/ عاشق الحرف و القافية العربية د/يوسفي
قصة العم ابن دحمان ........
بضعة آلاف أو يزيدون من أهل البادية. منعوا القطر خمسة أعوام فجف الضرع والزرع, و ا غبرت أرضهم وهامت دوابهم وماشيتهم. هلكت منها قطعان كثيرة ،صارت طعاما لكل ذي ناب ومخلب في البيداء ،فسحت أبدانها وعافت الجيف , أما ما تبقى منها على قيد الحياة فسيق لسوق الماشية وبيع بأثمان بخسة .
هجران البادية واللجوء لبلدة تربعت على صدر جبل ،كان أمر ما منه بد. هام القوم على وجوههم في شوارعها بحثا عن عمل يضمن لقمة تسد الرمق,انتشرت كلابهم الضالة في قطعان ،أضحي التجوال في الليل أمرا بالغ الخطورة ومهلكة.تهافت رهط منهم على شراء قطع من ألاراضى على تخوم البلدة بما تبقى لديهم من أموال و أقاموا عليها دورا و خيم من القش ،فنبت حي جديد، قطانه بدو رحل لا يقرؤون و لا يكتبون عشش الجهل في أدمغتهم . بين ظهرانيهم عاش عمى'' ابن دحمان'' ثلاثة أعوام و نيف يقارع غباء القوم بالكلمة الطيبة و جهلهم بالحجة الدامغة .
رجل قوي البنية زاده الله بسطة في الجسم، يهابه اللصوص على بعد فرسخين أو ثلاث، لم تلد النساء مثله. تضرب إليه أكباد الإبل من كل فج للتداوي بالحجامة .حكمة ورثها أبا عن جد ،و ما لبث أن تخلى عنها حين انقبضت نفسه من دماء القوم و قد صارت اشد نتانة من ذي قبل.
لم يكن يملك من متاع الدنيا غير خراف، بعدد أصابع اليد، كان يرعاها على ما أبقاه الجذب من أشواك و خشاش الأرض المنتشر على تخوم المدينة ، ثم يعيدها للزريبة إذا غربت الشمس ، و فرس لقبها "الشهباء" يمتطي صهوتها و يجوب البراري بحثا عن الكلأ ، أما الدار فينعدم فيها الفراش الوثير اللهم إلا قطع من الحصير وأثاث قديم على ميمها نصبت زريبة تضم "الخراف" يطوف حولها كلب لا يجد النوم لعينيه سبيلا البتة و لا ينطبق له جفن طوال الليل.ماكر لا يؤمن غدره قيل إن أصله من بلاد الألمان ، نباحه يصم الأذان، يزعج الجيران فيتمنى النفر منا هلاكه. سافر لبلاد الفرنجة مع أخ له غير شقيق سعيا وراء الرزق، فأقام هناك بين ظهراني بني الأصفر ثلاثا ثم عاد منها بخفي حنين، خالي الوفاض، لا يحمل إلا أخبار عن قطعان الروميات، و كيف كان يشرأب عنقه نحوهن .و هن يتسكعن في الأزقة و المحلات،كاسيات عاريات.
youcefi abdelkader غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-11-2007, 10:52 PM   #8
youcefi abdelkader
كاتب ساخر
 
الصورة الرمزية لـ youcefi abdelkader
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
المشاركات: 223
إفتراضي قصة العم ابن دحمان (الجزء الثاني)

قصة العم ابن دحمان (الجزء الثاني)
لم يكن يفارق دكاننا فكانت أذن أبى تطرب لسماع حديثه و يشكو له ما يجد من الوجد و الهيام لجارتنا 'زبيدة '. بيد أن الوالدة سامحها الله و قد صارت في العقد الثانى من العمر وبدأت ملامح الشيخوخة تغزو وجهها، و لم يجدي معها طلاء أو زيت زيتون ، كانت تنكر عليه صحبة الشيخ ابن دحمان و ملازمته له كظله . لم تكن تتردد في استراق السمع لهما و تقول هذا الشيطان سيوقع أباكم في الهاوية و ما كنت افقه شيئا مما كانت تعنيه و يبدو أن حياتها مع الوالد كانت قاب قوسين أو أدنى من الطلاق و قد صار الوالد ياخد من أطراف لحيته في اليوم أكثر من مرة و يكثر النظر للمرآة ،و يتابع قصص العشاق في التلفاز، فينفرد به من دوننا ، ويزيد قلقها حين تراه يفرغ قنينة العطر في يومين و يبادر لاقتناء أجود أنواع العطور و أغلاها ثمنا ليوقع جارتنا ' زبيدة' في حباله .
إنها امرأة ثيب لا تزال في عز شبابها و من أجمل ما رأت العيون، مات زوجها اثر مرض عضال أقعده الفراش عام.
ترملت فتنافس المشايخ في طلب ودها، بعد أن شابت لحاهم و لم يعد لهم في ود الفتيات نصيب و لو تسنى لأحدهم لهتك أستار الجيران و هدم الحيطان. كانت إذا مرت برهط منهم افترسوها بأعينهم و كثر همزهم و لمزهم . تمشي مشي الحمامة ،مائلة مميلة ،تهز اردافها هزا خفيفا،فتخفق لها قلوب المشايخ . ترميهم بنظرة ازدراء، ما رأيت احدهم أغض طرفه و حفظ بصره، فلا تزال أنظارهم مشدودة إليها حتى يغيب عنهم طيف خيالها في الزحام .
,أقضت مضجع الحاج محمود ،جزار الحي،فكان يختلس النظر إليها بين الفينة و الأخرى عبر نافذة حجرته ثم يعوى كالذئب . قيل انه كاد يفصل إبهام يده اليمنى بساطور حين دخلت حانوته تبغي لحما،فجال ببصره في وجهها و لم يصرف نظره عنها حتى اشتد الم أصبعه و قد سال منها دم كثير .و قد حدثني أخي و قرة عيني الحاج علي ،أن هذا الجزار راود نسوة كثيرات في الحي عن أنفسهن فاعرضن عنه لذمامة في جهه و استعصى عليه استمالة قلب زبيدة له رغم إنفاقه مالا كثيرا .
ذبحت والدي من الوريد إلى الوريد ، كانت إذا دخلت الحانوت و كشفت شعرها،ألقى ما في يده و جعل ينظر إليها ويمسح عيناه ليلتقط لها صورة أوضح ، يحتفظ بها في ذاكرته الضعيفة أياما ،و حين يغيب عنه طيف خيالها، يدخل الدار معكر المزاج، فيحمل علينا، يضرب هذا ضربا مبرحا و يسب ذاك من رأسه إلى أخمص قدميه،لأتفه الأسباب ، ثم ينزوي في غرفته و يشعل سيجارة ليرتشف دخانها و هو يدندن .
كنت استرق السمع لحديث دار بين عمى ابن دحمان و بين أبي ذات ليلة ، فسمعته يقول، إن إحدى الروميات شتمته على ملاء من المارة و بلسان أعجمي فصيح ،فعجز أن يلقمها حجرا و لو بكلمة أو كلمتين تثلج صدره ،فأصابه الغم .انتابتني نوبة من الضحك لا عهد لي بها و لازلت اضحك حتى استلقيت على ظهري نقام والدي فضربنى بمرفقه على ام راسي جزاه الله عني خيرا.
نكح ابن دحمان من نساء الحي امراتين و عشق منهن عددا لا يحصى. قيض الله له من الأولى ثلاث بنات و هي ثيب عشقها عشقا مبرحا و ورزق من الثانية أربع من البنين أصغرهم جذعا في الحول السابع ،ثم شغف شغفا عظيما بفتاة في الثامنة عشرة من العمر.يحكى انه كان يترصدها من درب، لدرب ،و يتلطف في الحديث معها . خطبها من أبيها فأبى أن ينكحها رجلا يكبرها بأربعين عاما ولازال يلح عليه و يبعث له الوفود تلو الوفود من شتى القبائل إلى أن أجابه إلى طلبه على مضض، و ما استطابت له الدنيا حتى أوقعها في شباكه فرضيت به بعلا و كان عمره آنذاك نحو ستين عاما و نيف.
باع كبشا و قدم لها ثمنه صداقا.أولم بشاتين و أقام حفلا كبيرا ، عزفت فيه الأنغام و تسابق الفرسان على ظهور الخيل.و دوت طلقات البارود في سماء البلدة،و زغردت النسوة فكانت فرجة لنا نحن غلمان الحى ،فسرنا نتراقص كالظباء على وقع عزف الناي و دقات الطبول حتى لاح الصباح .
في غمرة ذاك الحفل بأهازيجه ، فرت العروس في اثوابها البيض و حليها ،فرار الأرنبة منثعلب ماكر و اختفت إلى يومنا هذا.ذكر شهود عيان أن الفتاة كانت تنوي قتل نفسها لكنهاترددت ، وجدوا في حجرتها قنينة سم، و مكتوبا بخط يدها باحمر الشفاه على الحائط ٌُ تركت لكم الجمل بما حمل " .
كثرت الإشاعات حول قصتها و نسجت الأكاذيب و الخرافات فزعم بعضهم أن الفتاة سافرت لبلاد أخرى و لجأت لأحد الدور المشبوهة لتحترف الرذيلة مقابل دراهم معدودة.لكن صاحب شرطة البلدة توعد أباها بالعقاب إن تعرض لها باذا و قال :
" سأخسف بك الأرض إن مسستها بسوء". حزن شيخنا لفراقها حزنا كبيرا ،هجر زوجاته شهرا كاملا.
ضاقت عليه الدنيا بما رحبت ،فاعتزل الناس و لزم داره، و تناقلت النسوة أخبار ما آل إليه حاله . صار يقضى طرفا من النهار و زلفا من الليل قابعا تحت جدار بيته لا يحرك ساكنا و ربما وضعت حمائم الحي فضلاتها على كتفيه ظنا منها انه جدار أو عمود. مكث على هكذا حال أعوام لا يكلم أحدا من القوم و كأنه نذر لله صوما عن الكلام، أصيب بحزن شديد و هزال وزادته الفاقة سوءا فقسمت ظهره . تناهى لمسمعي من بعض غلمان الحي، خبر احتضار الشيخ ذات مساء من أيام شهر تشرين من سنة اثنان وثمانين وتسعمائة وألف . ...........يتبع
youcefi abdelkader غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-11-2007, 06:01 PM   #9
youcefi abdelkader
كاتب ساخر
 
الصورة الرمزية لـ youcefi abdelkader
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
المشاركات: 223
إفتراضي قصة العم ابن دحمان ...........الجزء الرابع

ا

قصة العم ابن دحمان ......الجزء الرابع

استيأست من حال شيخنا، و كنت غير بعيد عن جسده المسجى و الناس حوله في حيرة من أمرهم ،و قد انتابتني
حالة من الحزن و الأسى على فقيد حارتنا، وبطل لعبة' السيق' الذين لا يشق له غبار، إذا شمر ساعدا وجثي على ركبة و نصف. قلت في نفسي، و أنا انظر إليه بعين الشفقة، و ألوك قطعة لبان : إيه يا عم ! أنت حلقة وصل بين البداوة و الحضر, بين الأمس و اليوم، أنت آخر حلقة سينفرط بعدها العقد كله، و يخلو الجو لرعاة الشاة. ساورني قلق في أعماق قلبي على حالته, تذكرت كيف كان يجمعنا حوله، و نحن صبية لا يتعدى عمر الواحد منا السادسة و يقص علينا قصصا، عن فرسه حين يسابق الريح عدوا، و عن غزو بني الأصفر، كيف دخلوا أرضه و استباحوا زرعه و أبادوا بهائمه.
تذكرت مزاحه و مداعبته لفرسه الشهباء، و هي تتمرغ تحت ظل تلك الشجرة العظيمة أمام البيت، و ها أندا أقف أمامه اليوم وقفة العاجز عن المساعدة. زفرت زفرة أو زفرتين، ودنوت من القوم زحفا ثم جثوت على ركبتي وقد صار الفقيد قاب قوسين أو أدنى مني.
بينما نحن قعود عند رأسه في صمت ،و كأن على رؤوسنا الطير، إذ أقبلت علينا" زليخة " ابنته، تحمل إناء ليقضى فيه أباها حاجته، و يفرغ مثانته في دار الدنيا.
دخلت ،على حين غفلة منا، و قد أسفرت عن وجه كأنه القمر. لم تكن تبرزه لأحد من قبل ، لها عينان كبيرتان رماديتا اللون كعيون ألمها ، غائرتان في محجريهما ،دواتا لهيب عجيب ، تلويان شعاعهما كعقافة كلاب على القلب فتضمه، إن أبحرت في تلك الأحداق، فلن يتحول بصرك إلا ليبحث عن شامة في الوجنة، تعرج بخيالك في عالم الأحلام.ينعقد لسانك فلا تعد قادرا على الكلام .
.إيه ، إيه يا ذاك الزمان، لما لا تعود إلينا أطيافك و لو مرة واحدة ؟ ، فتبتسم إذ ذاك الأفكار أمام ناظري، و يتمايل قلمي تمايل شجرة الصفصاف قرب الغدير، و وددت لو كتبت عنها ألف بيت لكنني، مثقل بالأحزان كالبركان بالحمم.
رأيتها و قد اتشحت ثيابا سود، و أشرق بياض قدميها على حمرة نعليها، كانت من أحسن فتيات الحي وجها، و كانت أطولهن إذا قامت ، و أعظمهن إذا قعدت أكثرهن ميلا للعزلة. أوتيت من فنون الطبخ الكثير، فكانت اذا صنعت طعاما جودته . علمت صويحباتها كيف تحظر أكلة الزر يزري الشهية، و الرفس، وخبز المسمن.
وقفت واجمة و قد عقد لسانها ما آل إليه حال أبيها ، فنكس القوم رؤوسهم إجلالا لها، و قد عرفناهم مجرد ثلة من الأشرار، لا تعرف غض الأبصار،و تظل عاكفة على لعب القمار، تتتبع عورات الناس من دار لدار ، تعبد الدرهم و الدينار لا تبالي إلا بملء بطونها ، أما أنا فقد أوغلت فيها ببصري،فأمعنت النظر اليها حتى سال لعابي كالمطر، كانت نظراتي بريئة ، براءة الذئب من دم يوسف ابن يعقوب، لكنها انقلبت وبالا علي في الدنيا قبل الآخرة، فما لبثت أن تهاطلت علي نظرات الشزر من شيخ يمقتني مقتا مريرا ، رأيت الشرر يتطاير من عينيه مذ وضعت منكبي حذو منكبه ، ثكلته أمه،فأخذ يقذفني بوابل من نعال القوم.
أصابني بعض تلك النعال إصابة مباشرة، كاد يهشم أنفي و تطاير بعضها الأخر هنا و هناك. أنفي، و كنت اتقي ضرباته متترسا بظهر عجوز في السبعين، أو نحو دالك، كان متقوقعا أمامي ،نال هو الأخر حظا من تلك النعال ،فتدرجت شيبته بالدم .قامت ضجة عظيمة، و أطلت الفتنة برأسها، لولا لطف لاختلط الحابل بالنابل .
لازلت في حيرة من أمري ، أأكتم غيضي على هون أو اصب على ذالك الأحمق جام غضبي، فأنغص على العم 'ابن دحمان' هجعته .رأيت انه من الأجدى أن ابتلع غضبي، لكن لي كبرياء ما أحببت أن تذبح بين القوم و إن كنت أضعفهم عودا ،و قد قرع الشيطان عليه لعنة الله ،طبول الحرب في أذني، فما أحسست إلا و صوتي يرتفع مدويا.
قلت: لما يمقتني هدا الشيخ من بين غلمان الحي؟ ، معتوه و رب الكعبة ،ألا يرى إن الموقف جلل و ألا سلطان لي على عيناي حبيستا هذا الزجاج ،إن هي إلا نظرات إعجاب أفلتت منهما فما الضير في ذالك .نكست رأسي و قد فاضت دموع عيناي .
سمعت صوتا يقول انج بنفسك يا غلام فوا لله لنكأني به يتبعك كأنه بعير أكل مرارا . نظرت يمينا فإذا هو يمشى نحوي مسرعا ثم مد ذراعيه و هم بالتقاطي من بين المشايخ ليرميني خارج الغرفة .
امسك كبير القوم'' الحاج محمد قدور'' على يده وأنتهره بعنف و جذبني من يدي و ،أجلسني بجانبه درءا للفتنة فأحسست بشيء من الدفء و الحنان و الأمان في حضنه، وانتشت نفسي بعد ضيق أصابها برائحة المسك المنبعثة من تلابيبه و لحيته البيضاء المسبلة على صدره ،قال : لا عليك يا عبدا لقادر، و ضمني ضمة لصدره، كادت تختلف لها أضلاعي و ينقطع نفسي، ثم أرسلني و اشتغل بإماطة الأذى عن عمي'' ابن دحمان'' .
سمعت لداك الأعرابي فحيحا كفحيح الأفعى و ما لبث ان خنس وتقوقع داخل كساءه، فكفى الله المؤمنين القتال و لو لا رحمة الله لتفرق دمي بين القبائل تلك الليلة ، أغضوا الطرف عنى إلا لحظوة كانت لأبي عند كبيرهم'' الحاج محمد قدور'' صاحب الكلمة النافدة فيهم .
في تلك الآونة ،هبت ريح صرصار، عاتية على البلدة الآمنة،كادت تجتث الشجر، و تقتلع أبواب البيت ، أخذت ستائر الغرفة ترفرف فوق رؤوسنا ،اندفع الغبار و الأتربة إلينا، فملأ صدورنا و عيوننا ،ثم انطفأ السراج فصرنا نسبح في ظلام مدلهم . ساد سكون رهيب و بلغت القلوب الحناجر من الخوف فكنت لا أسمع ألا عطس القوم أو سعالهم الشديد.
شرع الحاج'' محمد قدور'' في التسبيح و التكبير، لعل الله يحمينا من ضرر محتمل لتلك العاصفة، كأن يقع علينا سقف الحجرة، و قد أخذت أعمدته الخشبية المشدودة بالحبال، ترتعد . تبعه القوم يرددون ما يقول ، فغشيتنا رحمة من الله ،و هدئت العاصفة و استقرت ستائر الغرفة مكانها و عاد النور من جديد .
مكثت هامدا كجلمود صخر حطه السيل من علي لا أحرك ساكنا. أنتظر ملك الموت، لأرى كيف يعالج روح شيخنا ا لعزيز.
دثرت' زليخة' أباها بدثار احمر قرمزي ، وخرجت شاحبة الوجه تعلوها صفرة من قلة النوم و الأكل ،و ما أظنها تناولت طعاما بعد تلك الليلة إلا غصت به لذكر أبيها.
و ما كانت هبة دالك الرجل ، إلا لعداء يكنه لي منذ أعوام خلت ، إد كنت احرمه طعم القيلولة ، حين يخلد للراحة وقت الظهيرة .انزع النعاس من عينيه نزعا، حين أتسلى برشق باب منزله بالحصى ، و أتوارى خلف الجدار، بحيث أراه و لا يراني ، و انظر كيف يثور و يزمجر كالرعد،و يتوعدني بفصل راسي عن عنقي إن ظفر بي .
دعوت الله إن يسلط عليه زوبعة تجتثه من الأرض، وقد بلغ أرذل العمر فأصيب بالخرف و زعم أن الشيطان يأتيه في يقظته و ينزع عنه لباسه على مراء من المارة ، حتى انتبذه أهله وتركوه في أحد المصحات النفسية و ما لبث أن قضى نحبه ومات، خشيت أن يفتضح أمري بين القوم فأثرت الزحف على ركبتاي لأغير المكان . و قد أصاب انفي شيء من روائح جوارب القوم النتنة.
انزويت في ركن ، حيث تلتقط عيناي صورة أوضح للفقيد، من بين تلك العمائم المتراصة كقمم الجبال حوله، و قد سكتت الألسنة عن الكلام و الخوض في الحديث عن الاسواق و الهمس فيما بينهم ، فخيم السكون و "خشعت الأصوات للرحمن ،تنتظر قضاء الله و ما هو فاعل بالعم ابن دحمان عليه سحائب الرحمة ،بعد هنيهة من الزمن .أرسلت بصري نحوه ، رأيته يرتعد و سكرات الموت تمخضه مخضا . يفتح عيناه، فاغرا فاه، ثم يغيب عن الوعي ،و قد صار على شفير القبر ،في موقف وداع الحياة أجمعها حلوها و مرها أهله و دويه و فرسه الشهباء .يذرف بين الحين و الحين دمعا، لا يذرفه إلا من قل نصيبه من الأصدقاء و أقفر ربعه من الأوفياء و حرم زيارة الأتقياء .
أثر في نفسي حاله و أنا أراه كمن يتشبث بأهداب الحياة ،بكل ما أوتى من قوة و هي تنسل من بين أصابعه خيطا تلو خيط، حتى يهوي في قاع جـب لا نجاة منه .
ازداد فضولي لأطلع عن كثب، كيف يصارع ابن ادم الموت، و ما أظن ذلك المشهد ينمحي من مخيلتي ما حييت ،بل سأظل أذكره على الدوام كلما سولت لي نفسي فعل المنكرات ، أو رشق باب من أبواب الجيران بالحصى .
دنوت منه حتى صرت بجانبه ، و قد اشرأبت الأعناق نحوه، شعرت كأن قلبي يرتعد جزعا وهلعا، حين شخص ببصره إلي وأطال النظر في وجهي، وكأن لسان حالة يقول أقرضني من عمرك أعوام و سأظل ممتنا لك على الدوام . لو كان بوسعي دالك، لوهبته من عمري حولا كاملا ،يستعد فيه للقاء الواحد الجبار ،يتصدق علينا
بالخراف الخمسة ، و يقيم الليل و يصوم النهار و يحج، فيطوف بالبيت باكيا متذللا للواحد القهار، ويسبحه أناء الليل و أطراف النهار، فيفوز بميتة الأولياء و الصالحين الأطهار، بعيدا عن هذا الجمع من الأشرار، الذي لا خير في السواد الأعظم فيه، الا من هجر الديار لبلاد الكفار، كهذا القابع أمامهم ،و تنبعث من تلابيبه روائح بني الاصفر.
.قلت في نفسي، أيها القوم ما أظن أن الموت مصبح مريضكم هذا ، و لا مهرب من قضاء الله ، أفلا بعثتم أحدكم بورقكم إلى البلدة المجاورة، ليدرك سوق الماشية صباحا، فيبتاع كبشين أملحين أقرنين ،لإطعام الوافدين لتقديم التعازي والمتطفلين أمثالي ،غدا أو يختار عجلا فالعجل أكثر لحما و أوفر للمال و الرأي رأيكم .
خشيت أن يلهج لساني ببعض ما جال في خاطري،فألقى حتفي، فعقلته بين ضرسين طاحنتين ، وغشيني النعاس فأسندت كتفي للحائط و توسدت ذراعي ............يتبع
youcefi abdelkader غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-11-2007, 09:29 PM   #10
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

د يوسف . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دمجت لكم كل مواضيع قصة العم ابن دحمان حتي تكتمل الفائدة .
تحياتي وتقديري
ودمت بود وخير.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .