قراءة فى خطبة محبة الله عز وجل
قراءة فى خطبة محبة الله عز وجل
صاحب الخطبة حسين آل الشيخ وتدور الخطبة عن محبة الله تعالى وقد استهلها بالحديث عن مدرسة النبوة فقال :
"معاشرَ المسلمين، لقد جاءَت المدرسةُ النبويّة وفي توجيهاتِها المحاسنُ التي لا تتناهى والمبادِئ المثلَى التي لا تُجَارى، كيف وهي مدرسةُ سيّد الثقلين والمبعوثِ رحمةً للخلق أجمعين؟! مدرسةٌ ما أحلَى أن نطيِّبَ الأسماع بتوجيهاتها وأن نطيِّب الأوقاتَ بالعيش معها."
قطعا سيد الثقلين خطأ يتعارض مع قوله تعالى :
"لا نفرق بين أحد من رسله "
ومع اخوة المؤمنين التى قال تعالى فيها :
" إنما المؤمنون اخوة"
وذكر حديثا عن أحب الناس والأعمال لله فقال :
روى ابن عمرَ رضي الله عنهما أنّ رجلاً جاء إلى النبيّ فقال: يا رسولَ الله، أيُّ الناسِ أحبّ إلى الله؟ وأيّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟ فقال رسولُ الله : ((أحبُّ الناسِ إلى الله تعالى أنفعُهم للنّاس، وأحبّ الأعمال إلى الله سرورٌ يدخِله إلى مسلمٍ أو يكشِف عنه كربةً أو تقضِي عنه دينًا أو تطرُد عنه جوعًا، ولأن أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ أحبّ إليّ مِن أن أعتكِفَ في هذا المسجد ـ يعني مسجدَ المدينة ـ شهرًا، ومن كفَّ غضبَه سترَ الله عورته، ومن كظمَ غيظَه ولو شاء أن يمضيَه أمضاه ملأَ الله قلبَه رجاءً يومَ القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى تتهيّأ له أثبتَ الله قدمَه يوم تزول الأقدام، وإنَّ سوءَ الخلُق ليفسِد الدّين كما يفسِد الخلُّ العسل)) حديث رواه الطبرانيّ في الكبير وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج وغيرهما، وسنده حسن عند المحقّقين من المحدّثين."
والحديث لم يقله النبى(ص) لأنه يحتوى على أخطاء أهمها أن وأحبّ الأعمال إلى الله سرورٌ يدخِله إلى مسلمٍ أو يكشِف عنه كربةً أو تقضِي عنه دينًا أو تطرُد عنه جوعًا وهو ما يناقض كون الجهاد أفضل العمال حيث يميز المسلمين عن بعضهم فى الجنة كما قال تعالى :
" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
والثانى زوال الأقدام فى القيامة ولا أدرى هل هذا تصحيف أم لا والزوال محال فالأقدام لا تزول فى القيامة ولا بعدها حيث تعذب بها الكفار كما قال تعالى :
" فيؤخذ بالنواصى والأقدام"
وبنى على هذا الحديث الباطل قوله :
"حديثٌ عظِيم تضمَّن ما يورِث حبَّ الله وحبَّ الخلق وما بِه تشيعُ روحُ الأخوّة بين المسلمين وتقوَى العلاقاتُ معه بين المؤمنين. حديثٌ جليل تضمَّن من مبادئ الأخلاق أعلاها، ومِن قيَم الآداب أرفعَها، ومِن معالي المحاسِن أزكاها، ومِن محاسِنِ الشمائل أرقاها. توجيهاتٌ تزكو بها النفوس وتصلح بها المجتمعاتُ وتسعَد بها الأفراد والجماعات قِيَم اجتماعيّةٌ لم يشهد التأريخُ لها مثيلاً، ومبادِئُ حضاريّة لم تعرف البشريّة لها نظيرًا، ذلكم أنها توجيهاتُ من لا يصدر عن الهوى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى [النجم:4].
إخوةَ الإسلام، وهنا وقَفاتٌ عند هذا الحديثِ الجليل نستمتِع عندها بتوجيهاتِ سيّدنا ونسَرُّ معها بإرشاداتِ رسولنا عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
الوقفةُ الأولى: تأكيدُ هذا الحديث على بذلِ النفعِ للمسلمين بوجوهِ النفع المختلِفة وأشكالهِ المتعدِّدة، فذلكم سببٌ عظيم للفَوز بالأجر الكبير والثوابِ الجزيل، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث: ((أحبُّ النّاس إلى الله أنفعُهم للناس)).
ومن أعظم النفع لهم قضاءُ حاجاتهم وإعانَتهم في ذلك، أكانت حاجتهم إلى المال أو العمَل أو الوظيفة أو إلى بذل كلمةٍ طيّبة أو إلى دفعِ ظلمٍ أو إلى المشاركة بالمشاعِر في الأتراح والأفراح أو إلى نحوِ ذلك من الحاجات التي تختلِف باختلافِ أسبابها وبتنوُّع أشكالها.
وهذه قاعدةٌ عامّة في الشرع، قاعدةُ مشروعيّة المواساة بين المؤمنين والحِرص على قضاء حاجاتِ المسلمين، ومن هذا المنطلَق جاء في هذا الحديثِ قولُه تمثيلاً لجزئيّات هذه القاعدة: ((ولأن أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ أحبُّ إليَّ من أن أعتكفَ في هذا المسجد شهرًا))، وقوله: ((ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى تتهيّأ له أثبتَ الله قدمَه يومَ تزول الأقدام)).
وفي مقامِ التفصيل والبيان يقول : ((وإرشادُك الرّجلَ في أرض الضلالِ لك صدقة، وبصرُك للرجل الرّدِيء البصَر لك صدقة، وإماطتُك الحجر والشوكةَ والعظم عن الطريق لك صدقةٌ، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقَة)).
ولهذا كلِّه حرص أهلُ الخير والفَضل على إنهاءِ حاجاتِ المؤمنين وإسداءِ النفع للمسلمين، يقول حكيم بنُ حزام رضي الله عنه: (ما أصبحتُ صباحًا قطّ فرأيت بفناءِ داري طالبَ حاجة قد ضاقَ بها ذرعًا فقضيتُها إلاَّ كانت من النِّعَم التي أحمدُ الله عليها، ولا أصبَحتُ صباحًا لم أرَ بفنائي طالبَ حاجة إلاَّ كان ذلك من المصائبِ التي أسأل الله عزّ وجلّ الأجرَ عليها)."
ومما لا شك فيه أن قضاء الحاجات مثله مثل أى طاعة لله والأجور تختلف فقط فى عدد الحسنات وأما ما تفعله فى القيامة فواحد كستر العورات ودخول الجنة على الأقدام
وتحدث عن ثواب قضاء الحاجات فقال :
"الوقفةُ الثانية: أكّد هذا الحديث العظيمُ على صفاتٍ خاصّة من قضاء حوائجِ المسلمين لعظيمِ أجرِها وكبيرِ ثوابها، وهذه الصفاتُ هي الحِرص بقدرِ الإمكان على عونِ المسلم في تنفيسِ كربَتِه أو قضاءِ دينِه أو طَرد جوعِه، قال : ((أطعِموا الجائعَ، وعودوا المريضَ، وفكّوا العاني)) رواه البخاري، ويقول : ((ألا رجلٌ يمنَح أهلَ بيتٍ ناقةً تغدو بعُسّ ـ أي: قدحٍ كبير ـ وتروح بعسٍّ، إنَّ أجرها لعظيم)) متفق عليه.
وفي شأنِ ثواب التجاوزِ عن الدَّين أو قضائهِ عن المدِين جاء في الصحيحين أنّ رسول الله قال: ((كان رجلٌ يدايِن الناسَ، فكان يقول لفتاه: إذا أتيتَ معسِرًا فتجاوز عنه لعلَّ اللهَ أن يتجاوزَ عنَّا، فلقيَ الله عز وجل فتجاوز عنه))، وعن عبد الله بن أبي قتادة أنّ أبا قتادةَ طلب غريمًا له فتوارى عنه، ثم وجده بعد ذلك فقال ـ أي: المدين ـ: إني معسر، فقال: آلله؟ قال: آلله، قال: فإني سمعتُ نبيَّ الله صلوات الله وسلامه عليه يقول: ((مَن سرَّه أن ينجيَه الله من كُرَب يومِ القيامة فلينفِّس عن معسرٍ أو يضَع عنه)) رواه مسلم.
خصالٌ عظيمَة التزَم بها الصالحون وعمِل بها المتّقون، قال أبو هريرة رضي الله عنه: كنَّا نسمِّي جعفرَ أبا المساكين؛ كان يذهَب إلى بيته، فإن لم يجِد شيئًا أخرج لنا عُكّةً مِن عسلٍ أثرُها عسَل فنشقُّها فنلعَقُها، وكانت لأبي برزَة الأسلميّ جفنةٌ من ثريدٍ في الغدوِّ والعشيّ للأرامِل واليتامَى والمساكين، وكان عليّ بن الحسَين رضي الله عنه وعن أبيه وعن جدّه يحمِل الخبزَ باللّيل على ظهرِه يتتبّع به المساكين في الظلمَة ويقول: "إنّ الصّدقةَ في سوادِ اللّيل تطفِئ غضَبَ الربّ"، قال محمد بن إسحاق رحمه الله:
|