العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الاسلامية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 03-04-2010, 10:08 AM   #11
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أشكركم أخي الفاضل على المرور الكريم
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 03-04-2010, 10:13 AM   #12
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

القوي الفاجر
وقيل: إنه قدم أهل الكوفة على عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكون سعد بن أبي وقاص.
فقال: من يعذرني من أهل الكوفة? إن وليتهم التقي ضعفوه، وإن وليتهم القوي فجروه.

فقال له المغيرة بن شعبة: يا أمير المؤمنين، إن التقي الضعيف له تقاه ولك ضعفه، وإن القوي الفاجر لك قوته وعليه فجوره.
قال: صدقت أنت القوي الفاجر فاخرج إليهم.

فلم يزل عليهم أيام عمر وعثمان رضي الله عنهما وأيام معاوية حتى مات المغيرة.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 03-04-2010, 05:51 PM   #13
فسحة أمل
مشرفة عدسة الأعضاء واللقطات
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2009
المشاركات: 1,583
إفتراضي

السلام عليكم ورحمة الله

شكرا لك أخي ابن حوران على هذه الدروس القيمة

أين نحن من عدل عمر وتقوى عمر وحكمة عمر

بارك الله فيك أخي وجعله في ميزان حسناتك
__________________



فسحة أمل غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-04-2010, 08:00 AM   #14
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أشكركم أختنا الفاضلة على استحسان تلك المساهمة
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-04-2010, 08:02 AM   #15
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

معاوية والطرماح بن الحكم


قيل: إن معاوية رضي الله عنه جلس يوماً بين أصحابه، إذ أقبلت قافلتان من البرية، فقال لبعض من كان بين يديه: انظروا هؤلاء القوم وائتوني بأخبارهم. فمضوا وعادوا وقالوا: يا أمير المؤمنين، إحداهما من اليمن والأخرى من قريش. فقال: ارجعوا إليهم وادعوا قريشاً يأتونا، وأما أهل اليمن فينزلون في أماكنهم إلى أن نأذن لهم في الدخول.

فلما دخلت قريش سلم عليهم وقربهم وقال: أتدرون يا أهل قريش لم أخرت أهل اليمن وقربتكم? قالوا: لا والله يا أمير المؤمنين. قال: لأنهم لم يزالوا يتطاولون علينا بالفخار ويقولون ما ليس فيهم، وإني أريد إذا دخلوا غداً وأخذوا أماكنهم من الجلوس أن أقوم فيهم نذيرا وألقي عليهم من المسائل ما أقل به إكرامهم وأرخص به مقامهم، فإذا دخلوا وأخذوا أماكنهم من الجلوس وسألوا عن شيء فلا يجبهم أحد غيري.

قال الراوي: وكان المقدم عليهم رجلاً يقال له الطرماح بن الحكم الباهلي، فأقبل على أصحابه، وقال: أتدرون يا أهل اليمن لم أخركم ابن هند وقدم قريشاً? قالوا: لا قال: لأنه في غداة غد يقوم فيكم نذيراً ويلقي عليكم من المسائل ما يقل به إكرامكم ويرخص به مقامكم، فإذا دخلتم عليه وأخذتم أماكنكم من الجلوس وسألكم عن شيء فلا يجبه أحد غيري.


فلما كان من الغد دخلوا عليه وأخذوا أماكنهم فنهض معاوية قائماً على قدميه، وقال: أيها الناس من تكلم قبل العرب، وعلى من أنزلت العربية? فقام الطرماح وقال: نحن يا معاوية، ولم يقل يا أمير المؤمنين.


فقال: لماذا? فقال: لأنه لما نزلت العرب ببابل وكانت العبرانية لسان الناس كافة أرسل الله تعالى العربية على لسان يعرب بن قحطان الباهلي، وهو جدنا فقرأ العربية وتداولها قومه من بعده إلى يومنا هذا، فنحن يا معاوية عرب بالجنس وأنتم عرب بالتعليم.



فسكت معاوية زماناً ثم رفع رأسه وقال: أيها الناس، من أقوى العرب إيماناً ومن شهد له بذلك? فقال الطرماح: نحن يا معاوية.


قال: ولم? قال: لأن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم فكذبتموه وسفهتموه وجعلتموه مجنوناً، فآويناه ونصرناه فأنزل الله: "والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً". وكان النبي صلى الله عليه وسلم، محسناً لنا متجاوزاً عن سيئاتنا فلم لم تفعل أنت كذلك? كأنك خالفت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: فسكت زماناً ثم رفع رأسه وقال: أيها الناس، من أفصح العرب لساناً ومن شهد له بذلك? قال الطرماح: نحن يا معاوية.


قال: ولم ذلك? قال: لأن امرأ القيس بن حجر الكندي منا قال في بعض قصائده:


يطعمون الناس غَباً
في السنين الممحلاتِ

في جِفانٍ كالخوابي
وقدورٍ راسياتِ

وقد تكلم بألفاظ جاء مثلها في القرآن، وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.

قال: فسكت معاوية زماناً وقال: أيها الناس، من أقوى العرب شجاعة وذكراً ومن شهد له بذلك? قال الطرماح: نحن يا معاوية.


قال: ولم ذلك? قال: لأن منا عمرو بن معد يكرب الزبيدي، كان فارساً في الجاهلية وفارساً في الإسلام وشهد له بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.


فقال له معاوية: وأين أنت وقد أتي به مصفداً بالحديد? فقال له الطرماح: ومن أتى به? قال معاوية: أتى به علي.


قال الطرماح: والله لو عرفت مقداره لسلمت إليه الخلافة ولا طمعت فيها أبداً.


فقال له معاوية: أتحجني يا عجوز اليمن? قال: نعم أحجك يا عجوز مضر لأن عجوز اليمن بلقيس آمنت بالله، وتزوجت بنبيه سليمان بن داود، عليهما السلام، وعجوز مضر جدتك التي قال الله في حقها: "وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد".


قال: فسكت معاوية زماناً ثم رفع رأسه وقال: جزاك الله خيراً من صاحب ووفر عقلك ورحم سلفك وأعطاه وأحسن إليه.

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-04-2010, 06:44 AM   #16
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

العاشق ذو المروءة

حكي عن الأصمعي أنه قال: دخلت البصرة أريد بادية بني سعد، وكان على البصرة يومئذ خالد بن عبد الله القسري (والي العراق في عهد هشام بن عبد الملك بن مروان)، فدخلت عليه يوماً فوجد قوماً متعلقين بشاب ذي جمال وكمال وأدب ظاهر، بوجه زاهر حسن الصورة طيب الرائحة جميل البزة، عليه سكينة ووقار، فقدموه إلى خالد فسألهم عن قصته فقالوا: هذا لص أصبناه البارحة في منازلنا. فنظر إليه فأعجبه حسن هيئته ونظافته، فقال: خلوا عنه. ثم أدناه منه وسأله عن قصته، فقال: إن القول ما قالوه والأمر على ما ذكروه.

فقال له: ما حملك على ذلك وأنت في هيئة جميلة وصورة حسنة? قال: حملني الشره في الدنيا. وبذا قضى الله سبحانه وتعالى.


فقال له خالد: ثكلتك أمك، أما كان لك في جمال وجهك وكمال عقلك وحسن أدبك زاجر لك عن السرقة.


قال: دع عنك هذا أيها الأمير، وانفذ ما أمرك الله تعالى به. فذلك بما كسبت يداي. وما الله بظلام للعبيد.


فسكت خالد ساعة يفكر في أمر الفتى ثم أدناه منه وقال له: إن اعترافك على رؤوس الأشهاد قد رابني وأنا ما أظنك سارقاً. وإن لك قصة غير السرقة فأخبرني بها.


فقال: أيها الأمير، لا يقع في نفسك سوى ما اعترفت به عندك، وليس لي قصة أشرحها لك إلا أني دخلت دار هؤلاء فسرقت منها مالاً فأدركوني وأخذوه مني وحملوني إليك.


فأمر خالد بحبسه وأمر منادياً ينادي في البصرة: ألا من أحب أن ينظر إلى عقوبة فلان اللص وقطع يده فليحضر من الغد.


فلما استقر الفتى في الحبس ووضع في رجليه الحديد تنفس الصعداء، ثم أنشأ يقول:

هددني خالد بقطع يدي
إن لم أبح عنده بقصتها

فقلت هيهات أن أبوح بما
تضمن القلب من محبتها

قطع يدي بالذي اعترفت به
أهون للقلب من فضيحتها

فسمعه الموكلون به فأتوا خالداً وأخبروه بذلك، فلما جن الليل أمر بإحضاره عنده، فلما حضر استنطقه فرآه أديباً عاقلاً لبيباً ظريفاً فأعجب به فأمر له بطعام فأكلا وتحادثا ساعة. ثم قال له خالد: قد علمت أن لك قصة غير السرقة، فإذا كان غداً وحضر الناس والقضاة وسألتك عن السرقة فأنكرها واذكر فيها شبهاتٍ تدرأ عنك القطع. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادرءوا الحدود بالشبهات".

ثم أمر به إلى السجن، فلما أصبح الناس لم يبق بالبصرة رجل ولا امرأة إلا حضر ليرى عقوبة ذلك الفتى، وركب خالد ومعه وجوه أهل البصرة وغيرهم، ثم دعا بالقضاة وأمر بإحضار الفتى، فأقبل يحجل في قيوده، ولم يبق أحد من النساء إلا بكى عليه وارتفعت أصوات النساء بالبكاء والنحيب، فأمر بتسكيت الناس، ثم قال له خالد: إن هؤلاء القوم يزعمون أنك دخلت دارهم وسرقت مالهم فما تقول? قال: صدقوا أيها الأمير، دخلت دارهم وسرقت مالهم.


قال خالد: لعلك سرقت دون النصاب.


قال: بل سرقت نصاباً كاملاً.


قال: فلعلك سرقته من غير حرز مثله.? قال: بل من حرز مثله.


قال: فلعلك شريك القوم في شيء منه? قال: بل هو جميعه لهم لا حق لي فيه.


فغضب خالد وقام إليه بنفسه وضربه على وجهه بالسوط. وقال متمثلاً بهذا البيت:

يريد المرء أن يُعطى مناه
ويأبى الله إلا ما أرادا

ثم دعا بالجلاد ليقطع يده. فحضر وأخرج السكين، ومد يده ووضع عليها السكين، فبرزت جارية من صف النساء عليها آثار وسخ، فصرخت ورمت بنفسها عليه، ثم أسفرت عن وجه كأنه البدر وارتفع للناس ضجة عظيمة كاد أن تقع منه فتنة، ثم نادت بأعلى صوتها: إليه رقعة ففضها خالد فإذا هي مكتوب فيها:

أخالد هذا مُستهام متيمٌ
رمته لِحاظي من قسي الحمالق

فأصماه سهم اللحظ مني فقلبه
حليف الجوى من دائه غير فائق

أَقَرَ بما لم يقترفه لأنه
رأى ذلك خيراً من هتيكة عاشق

فهلا على الصب الكئيب لأنه
كريم السجايا في الهوى غير سارق

فلما قرأ الأبيات تنحى وانعزل عن الناس وأحضر المرأة، ثم سألها عن القصة، فأخبرته أن هذا الفتى عاشق لها وهي له كذلك، وأنه أراد زيارتها وأن يعلمها بمكانه، فرمى بحجر إلى الدار، فسمع أبوها واخوتها صوت الحجر، فصعدوا إليه، فلما أحس بهم جمع قماش البيت كله وجعله صرة، فأخذوه وقالوا: هذا سارق وأتوا به إليك فاعترف بالسرقة وأصر على ذلك حتى لا يفضحني بي اخوتي، وهان عليه قطع يده لكي يستر علي ولا يفضحني. كل ذلك لغزارة مروءته وكرم نفسه.

فقال خالد: إنه خليق بذلك.


ثم استدعى الفتى إليه وقبل ما بين عينيه وأمر بإحضار أبي الجارية وقال له: يا شيخ إنا كنا عزمنا على إنفاذ الحكم في هذا الفتى بالقطع، وإن الله عصمه من ذلك، وقد أمرت له بعشرة آلاف درهم لبذله يده وحفظه لعرضك وعرض ابنتك وصيانته لكما من العار. وقد أمرت لابنتك بعشرة آلاف درهم، وأنا أسألك أن تأذن لي في تزويجها منه.


فقال الشيخ: قد أذنت أيها الأمير بذلك.


قال: فحمد الله وأثنى عليه وخطب خطبة حسنة وقال للفتى: قد وقدره عشرة آلاف درهم.


فقال الفتى: قبلت منك هذا التزويج.


وأمر بحمل المال إلى دار الفتى مزفوفاً في الصواني، وانصرف الناس مسرورين ولم يبق أحد في سوق البصرة إلا نثر عليهما اللوز والسكر حتى دخلا منزلهما مسرورين مزفوفين.


قال الأصمعي: فما رأيت يوماً أعجب منه أوله بكاء وترح وآخره سرور وفرح.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-04-2010, 07:22 AM   #17
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

تولية عبد الملك للحجاج على العراق



روي أنه لما ولي الحجاج الحرمين الشريفين حظي عنده إبراهيم بن محمد بن طلحة فلما أراد الحجاج الرجوع إلى الشام إلى عبد الملك بن مروان، وفد معه إبراهيم بن محمد بن طلحة وقال: أتيتك برجل الحجاز في الشرف والأبوة والفضل والمروءة يا أمير المؤمنين، مع ما هو عليه من حسن الطاعة وجميل المناصحة، والله لم يكن في الحجاز له نظير، فبالله عليك يا أمير المؤمنين، إلا فعلت معه من الخير ما هو مستحقه? فقال عبد الملك: من هو يا أبا محمد? قال له: إبراهيم بن محمد بن طلحة.

قال: يا أبا محمد لقد ذكرتنا بحق واجب ائذن له في الدخول.


فلما دخل على عبد الملك أمر بجلوسه في صدر المجلس ثم قال: إن أبا محمد الحجاج ذكر لنا ما نعرفه من كمال مروءتك وحسن نصيحتك، فلا تدع في صدرك حاجة إلا أعلمتنا بها حتى نقضيها لك ولا نضيع شكر أبي محمد الحجاج فيك.


قال إبراهيم: إن الحاجة التي نبغي بها وجه الله تعالى والتقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في القيامة نصيحة أمير المؤمنين. قال: قل! قال: لا أقولها وبيني وبينك ثالث.


قال: ولا صديقك الحجاج? قال: لا.


قال: قم.


فقام خجلاً وهو لا يعرف أين تطأ رجله، فلما مضى قال له: هات نصيحتك.


فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين، وليت الحجاج الحرمين الشريفين وفيهما من تعرف من أولاد المهاجرين والأنصار وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما تعلمه من ظلمه وفسقه وجوره وبعده من الحق وقربه إلى الباطل، يسومهم الخسف ويطؤهم بالعسف، فليت شعري أي جواب أعددته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا سألك الله في عرصات القيامة عن ذلك? فبالله عليك يا أمير المؤمنين، إلا عزلته وادخرتها قربة إلى الله تعالى.


فقال عبد الملك: لقد ظن الحجاج الخير بغير أهله، ثم قال: يا إبراهيم! قم.


فقمت على أنحس حال وخرجت من المجلس، وقد اسودت الدنيا في وجهي فتبعني حاجبه وقبض على زندي وجلس بي في الدهليز، ثم دعا عبد الملك بالحجاج. فدخل فمكث طويلاً فما شككت إلا أنهما يتشاوران في قتلي. ثم دعاني فقمت ودخلت فوافاني الحجاج خارجاً فعانقني، وقال: جزاك الله عني خيراً في هذه النصيحة، أما والله لئن عشت لأرفعن قدرك.


وتركني وخرج ودخلت وأنا أقول: يهزأ بي، وهو معذور، فدخلت على عبد الملك فأجلسني مجلسي الأول ثم قال لي: قد علمت صدقك وقد عزلته عن الحرمين ووليته العراق وأعلمته أنك استقللت له الحجاز واستدعيت له العراق، وأنك تطلب له الزيادة في الأعمال وهو يظن أنك السبب في توليته العراق، وقد تهلل وجهه فرحاً لذلك، فسر معه أينما توجه يولك خيراً، ولا تقطع نصيحتك عنا والله أعلم.

كيف ولد الحجاج

وفي مروج الذهب للمسعودي وشرح السيرة وغيرهما. أن أم الحجاج ابن يوسف وهي الفارعة بنت همام. ولدته مشوهاً لا دبر له فثقب دبره، وأبى أن يقبل ثدي أمه وغيرها فأعياهم أمره، فيقال: إن الشيطان تصور لهم في صورة الحرث بن كلدة، فقال: ما خبركم? فقالوا: ولد ليوسف الثقفي من الفارعة ولد وقد أبى أن يقبل ثدي أمه فقال: اذبحوا له تيساً أسود والعقوه دمه ثم اذبحوا له أسود سالخاً، وأولغوه من دمه واطلوا به وجهه ثلاثة أيام ففعلوا فقبل الثدي في اليوم الرابع فكان لا يصبر عن سفك الدم وارتكاب أمور لا يقدر عليها غيره.

الحجاج والمرأة الحرورية

قال الرواي: ولما ولي الحجاج العراق قال: علي بالمرأة الحرورية. فلما حضرت قال لها: كنت بالأمس في وقعة ابن الزبير تحرضين الناس على قتل رجالي ونهب أموالي? قالت: نعم. قد كان ذلك يا حجاج.

فالتفت الحجاج إلى وزرائه وقال: ما ترون في أمرها? فقالوا: عجل بقتلها.


فضحكت المرأة فاغتاظ الحجاج وقال: ما أضحكك? قالت: وزراء أخيك فرعون خير من وزرائك هؤلاء.


قال: وكيف ذلك? قالت: لأنه استشارهم في موسى فقالوا: "أرجه وأخاه"، أي أنظره إلى وقت آخر، وهؤلاء يسألونك تعجيل قتلي. فضحك الحجاج وأمر لها بعطاء وأطلقها.

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 17-04-2010, 07:42 AM   #18
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الوليد وسليمان



خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان

كان يختم القرآن في ثلاث وكان يختم في رمضان سبع عشرة ختمة. قال إبراهيم بن علية: كان يعطيني أكياس الدنانير أقسمها في الصالحين.

قال الحافظ ابن عساكر: كان الوليد عند أهل الشام من أفضل خلفائهم، بني المسجد بدمشق وفرض للمجذومين ما يكفيهم وقال: لا تسألوا الناس، وأعطى كل مقعد خادماً وكل أعمى قائداً.

وذكر أن جملة ما أنفق على المسجد الأموي أربعمائة صندوق، في كل صندوق ثمانية وعشرون ألف دينار. وكان فيه ستمائة سلسلة ذهب للقناديل، وما كمل بناءه إلا أخوه سليمان لما ولي الخلافة وفعل خيرات كثيرة وآثاراً حسنة.
خلافة سليمان بن عبد الملك بن مروان

فما يذكر من محاسنه: أن رجلاً دخل عليه فقال: يا أمير المؤمنين أنشدك الله والأذان، فقال سليمان: أما أنشدك الله فقد عرفناه، فما الأذان? قال: قوله تعالى: "فأذن مؤذن بينهم: أن لعنة الله على الظالمين".

فقال سليمان: ما ظلامتك? قال: ضيعتي الفلانية غلبني عليها عاملك فلان.
فنزل سليمان عن سريره ورفع البساط ووضع خده على الأرض وقال: والله لا رفعت خدي من الأرض حتى يكتب له برد ضيعته. فكتب الكتاب وهو واضع خده على الأرض ولما سمع كلام ربه الذي خلقه وخوله في نعمه خشي من لعن الله وطرده، رحمه الله.

صفات سليمان بن عبد الملك

قيل: أنه أطلق من سجن الحجاج ثلاثمائة ألف نفس ما بين رجل وامرأة، وصادر آل الحجاج واتخذ ابن عمه عمر بن عبد العزيز وزيراً ومشيراً.

قال محمد بن سيرين رحمه الله: سليمان افتتح خلافته بخير وختمها بخير، افتتحها بإقامة الصلاة لمواقيتها الأولى وختمها باستخلافه لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 17-04-2010, 07:53 AM   #19
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

جابر عثرات الكرام



قيل: كان في أيام سليمان رجل يقال له خزيمة بن بشر من بني أسد، كان له مروءة ظاهرة ونعمة حسنة وفضل وبر بالإخوان، فلم يزل على تلك الحالة حتى قعد به الدهر فاحتاج إلى إخوانه الذين كان يتفضل عليهم وكان يؤاسيهم، فواسوه ثم ملوه، فلما لاح له تغيرهم أتى امرأته وكانت ابنة عمه، فقال لها: يا ابنة عمي، قد رأيت من إخواني تغيراً، وقد عزمت على أن ألزم بيتي إلى أن يأتيني الموت، فأغلق بابه وأقام يتقوت بما عنده حتى نفد وبقي حائراً وكان يعرفه عكرمة الفياض الربعي متولي الجزيرة، وإنما سمي بذلك لأجل كرمه، فبينما هو في مجلسه إذ ذكر خزيمة بن بشر فقال عكرمة الفياض: ما حاله? فقالوا: قد صار إلى أمر لا يوصف وإنه أغلق بابه ولزم بيته.

قال: أفما وجد خزيمة بن بشر مواسياً ولا مكافئاً? فقالوا: لا.
فأمسك عن الكلام ثم لما كان الليل عمد إلى أربعة آلاف دينار فجعلها في كيس واحد ثم أمر بإسراج دابته وخرج سراً من أهله. فركب ومعه غلام من غلمانه يحمل المال. ثم سار حتى وقف بباب خزيمة فأخذ الكيس من الغلام، ثم أبعده عنه وتقدم إلى الباب فدفعه بنفسه فخرج إليه خزيمة فناوله الكيس، وقال: أصلح بهذا شأنك، فتناوله فرآه ثقيلاً فوضعه عن يده ثم أمسك بلجام الدابة، وقال له: من أنت? جعلت فداك.


فقال له عكرمة: يا هذا ما جئتك في هذا الوقت والساعة أريد أن تعفني? قال: فما أقبله إلا أن عرفتني من أنت? فقال: أنا جابر عثرات الكرام.


قال: زدني.


قال: لا. ثم مضى ودخل خزيمة بالكيس إلى ابنة عمه، فقال لها: أبشري فقد أتى الله بالفرج والخير ولو كانت فلوساً فهي كثيرة. قومي فاسرجي.


قالت: لا سبيل إلى السراج.


فبات يلمسها بيده فيجد خشونة الدنانير ولا يصدق، وأما عكرمة فإنه رجع إلى منزله فوجد امرأته قد فقدته وسألت عنه فأخبرت بركوبه فأنكرت ذلك وارتابت. وقالت له: والي الجزيرة يخرج بعد هدو من الليل منفرداً من غلمانه في سر من أهله إلا إلى زوجة أو سرية.


فقال: اعلمي أني ما خرجت في واحدة منها.


قالت: فخبرني فيما خرجت? قال: يا هذه ما خرجت في هذا الوقت وأنا أريد أن يعلم بي أحد.


قالت: لا بد أن تخبرني? قال: تكتمينه إذاً.


قالت: فإني أفعل.


فأخبرها بالقصة على وجهها وما كان من قوله ورده عليه. ثم قال أتحبين أن أحلف لك أيضاً? قالت: لا فإن قلبي قد سكن وركن إلى ما ذكرت.


وأما خزيمة فلما أصبح صالح الغرماء وأصلح ما كان من حاله ثم إنه تجهز يريد سليمان بن عبد الملك، وكان نازلاً يومئذ بفلسطين، فلما وقف ببابه واستأذن دخل الحاجب فأخبره بمكانه، وكان مشهوراً بمروءته وكرمه. وكان سليمان عارفاً به فأذن له، فلما دخل سلم عليه بالخلافة فقال له سليمان بن عبد الملك: يا خزيمة، ما أبطأك عنا? قال: سوء الحال.


قال: فما منعك من النهضة إلينا? قال: ضعفي يا أمير المؤمنين.


قال: فبم نهضت إلينا الآن?

قال: لم أعلم يا أمير المؤمنين إلا أني بعد هدو من الليل لم أشعر إلا ورجل يطرق الباب وكان من أمره كيت وكيت، وأخبره بقصته من أولها إلى آخره.


فقال سليمان: هل تعرف هذا الرجل? فقال: خزيمة: ما عرفته يا أمير المؤمنين لأنه كان متنكراً وما سمعت من لفظه إلا إني جابر عثرات الكرام.


قال: فتلهب وتلهف سليمان بن عبد الملك على معرفته وقال: لو عرفناه لكافأناه على مروءته، ثم قال: علي بقناة.


فأتى بها فعقد لخزيمة بن بشر المذكور على الجزيرة عاملاً عوضاً عن عكرمة الفياض. فخرج خزيمة طالباً الجزيرة، فلما قرب منها خرج عكرمة وأهل البلد للقائه، فسلما على بعضهما ثم سارا جميعاً إلى أن دخلا البلد. فنزل خزيمة في دار الإمارة وأمر أن يؤخذ لعكرمة كفيل وأن يحاسب، فحوسب فوجد عليه فضول أموالٍ كثيرة فطالبه بأدائها قال: ما لي إلى شيء من ذلك سبيل.


قال: لا بد منها.


قال: لست عندي فاصنع ما أنت صانع.


فأمر به إلى الحبس ثم أنفذ إليه من يطالبه فأرسل يقول: إني لست ممن يصون ماله بعرضه فاصنع ما شئت.


فأمر أن يكبل بالحديد فأقام شهراً كذلك أو أكثر فأضناه ذلك وأضر به، وبلغ ابنة عمه خبره فجذعت واغتمت لذلك ثم دعت مولاة لها، وكانت ذات عقل ومعرفة، وقالت لها: امض الساعة إلى باب هذا الأمير خزيمة بن بشر وقولي: عندي نصيحة، فإذا طلبت منك فقولي: لا أقولها إلا للأمير خزيمة بن بشر، فإذا دخلت عليه فسليه أن يخليك، فإذا فعل ذلك فقولي: ما كان هذا جزاء جابر عثرات الكرام منك. كافأته بالحبس والضيق والحديد.


ففعلت الجارية ذلك. فلما سمع خزيمة كلامها نادى برفيع صوته وا سوأتاه، وإنه لهو? قالت: نعم، فأمر لوقته بدابته فأسرجت وبعث إلى وجوه أهل البلد فجمعهم إليه وأتى بهم إلى باب الحبس ففتح ودخل خزيمة ومن معه فرآه قاعداً في قاعة الحبس متغيراً أضناه الضر والألم وثقل القيود فلما نظر إليه عكرمة والى الناس أحشمه ذلك فنكس رأسه فأقبل خزيمة حتى أكب على رأسه فقبله فرفع عكرمة إليه رأسه وقال: ما أعقب هذا منك?

قال: كريم فعالك وسوء مكافأتي.

قال: يغفر الله لنا ولك.


ثم أتي بالحداد ففك القيود عنه وأمر خزيمة أن توضع القيود في رجل نفسه.


فقال عكرمة: ماذا تريد.? فقال: أريد أن ينالني من الضر مثل ما نالك.


فقال: أقسم عليك بالله لا تفعل.


فخرجا جميعاً حتى وصلا إلى دار خزيمة فودعه عكرمة وأراد الانصراف عنه. فقال: ما أنت ببارح.


قال: وما تريد? قال: أغير حالك وإن حيائي من بنت عمك أشد من حيائي منك.


ثم أمر بالحمام فأهلي ودخلاه معاً فقام خزيمة وتولى أمره وخدمه بنفسه ثم خرجا فخلع عليه وحمله وحمل معه مالاً كثيراً ثم سار معه إلى داره واستأذنه في الاعتذار إلى ابنة عمه، فاعتذر إليها وتذمم من ذلك.


قال: ثم سأله بعد ذلك أن يسير معه إلى سليمان بن عبد الملك، وهو يومئذ مقيم بالرملة، فأنعم له بذلك وسارا جميعاً حتى قدما على سليمان بن عبد الملك فدخل الحاجب فأعلمه بقدوم خزيمة بن بشر فراعه ذلك وقال: والي الجزيرة يقدم بغير أمرنا? ما هذا إلا لحادث عظيم! فلما دخل قال له قبل أن يسلم: ما وراءك يا خزيمة? قال: الخير يا أمير المؤمنين.


قال: فما الذي أقدمك? قال: ظفرت بجابر عثرات الكرام، فأحببت أن أسرك به لما رأيت من تلهفك وتشوقك إلى رؤيته.


قال: ومن هو? قال: عكرمة الفياض? قال: فأذن له بالدخول.


فدخل وسلم عليه بالخلافة فرحب به وأدناه من مجلسه وقال: يا عكرمة ما كان خيرك له إلا وبالاً لعيك. ثم قال سليمان: اكتب حوائجك كلها وما تحتاج إليه في رقعة. ففعل ذلك، فأمر بقضائها منه ساعته، وأمر له بعشرة آلاف دينار وسفطين ثياباً، ثم دعا بقناة وعقد له على الجزيرة وأرمينية وأذربيجان وقال له: أمر خزيمة إليك إن شئت أبقيته وإن شئت عزلته.


قال بل اردده إلى عمله يا أمير المؤمنين، ثم انصرفا من عنده جميعاً ولم يزالا عاملين لسليمان مدة خلافته، والله أعلم.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 19-04-2010, 09:12 AM   #20
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

هشام والغلام الفصيح


مما يحكى أن هشام بن عبد الملك كان ذات يوم في صيده وقنصه إذ نظر إلى ظبي تتبعه الكلاب فتبعته وأحالته إلى خباء أعرابي يرعى غنماً، فقال هشام: يا صبي دونك هذا الظبي فأتني به.

فرفع الصبي رأسه إليه وقال له: يا جاهل بقدر الأخيار لقد نظرت إلي باستصغار وكلمتني باحتقار فكلامك كلام جبار وفعلك فعل حمار.


فقال هشام: يا صبي، ويلك ما تعرفني? فقال: قد عرفني بك سوء أدبك إذ بدأتني بكلامك قبل سلامك.


فقال: ويلك أنا هشام بن عبد الملك.


فقال له الأعرابي: لا قرب دارك ولا حيي مزارك، ما أكثر كلامك وأقل إكرامك.
فما استتم حتى أحدقت به الجيوش من كل جانب، كل منهم يقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فقال هشام: أقصروا الكلام واحفظوا الغلام.


فقبضوا عليه ورجع هشام إلى قصره وجلس في مجلسه وقال: علي بالغلام البدوي، فأتي به.


فلما رأى الغلام كثرة الغلمان والحجاب والوزراء والكتاب وأبناء الدولة وأرباب الصولة لم يكترث بهم ولم يسأل عنهم بل جعل ذقنه على صدره وجعل ينظر حيث تقع قدماه إلى أن وصل إلى هشام فوقف بين يديه، ونكس رأسه إلى الأرض، وسكت وامتنع من الكلام.


فقال بعض الخدام: يا كلب العرب! ما منعك أن تسلم على أمير المؤمنين? فالتفت إليه مغضباً وقال: يا برذعة الحمار، منعني من ذلك طول الطريق ونهز الدرجة والتعويق.


فقال هشام وقد تزايد به الغضب: يا صبي قد حضرت في يوم حضر فيه أجلك وخاب فيه أملك وانصرم فيه عمرك.


فقال له الصبي: والله يا هشام لئن كان في المدة تأخير ما ضرني من كلامك لا قليل ولا كثير..


فقال له الحاجب: بلغ من أمرك ومحلك يا أخس العرب أن تتخاطب أمير المؤمنين كلمة بكلمة.


فقال له مسرعاً: لقيك الخذل ولامك الويل والهبل: ما سمعت ما قال الله تعالى: "يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها". فإذا كان الله يجادل جدالاً فمن هشام حتى لا يخاطب خطاباً? فعند ذلك قام هشام واغتاظ غيظاً شديداً، وقال: يا سياف علي برأس هذا الغلام فقد أكثر الكلام فيما لا يخطر على الأوهام.


فقام السياف وأخذ الغلام وأبركه في نطع الدم. سل سيف النقمة على رأسه. وقال: يا أمير المؤمنين، عبدك المدل بنفسه المتقلب في رمسه، أأضرب عنقه، وأنا بريء من دمه? قال: نعم.


فاستأذنه ثانية فأذن له ثم استأذنه ثالثة فهم أن يأذن له فضحك الصبي حتى بدت نواجذه، فازداد منه تعجباً وقال: يا صبي أظنك معتوهاً. ترى أنك مفارق الدنيا ومزايل الحياة وأنت تضحك هزأ بنفسك? فقال: يا أمير المؤمنين لئن كان في المدة تأخير ولم يكن في الأجل تقصير ما ضرني منك قليل ولا كثير، ولكن أبيات حضرت الساعة فاسمعها، فقتلي لا يفوت فكثر الصموت.


فقال هشام: هت وأوجز، فهذا أول أوقاتك من الآخرة وآخر أوقاتك من الدنيا.


فأنشد يقول:


نُبئتُ أن الباز علق مرة
عُصفور بساقه المقدور

فتعلق العصفور في أظفاره
والباز منهمكٌ عليه يطير

فأتى لسان الحال يخبر قائلاً:
ها قد ظفرت وإنني مسرور

مثلي فما يغني لمثلك جوعةً
ولئن أُكلْتُ فإنني محقور

فتبسم البازُ المُدل بنفسه
طرباً وأطلق ذلك العصفور

قال: فتبسم هشام وقال: وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو تلفظ بهذا من أول وقت من أوقاته وطلب ما دون الخلافة، لأعطيته، يا خادم: احش فاهه دُراً وجوهراً وأحسن جائزته ودعه يمضي الى حال سبيله.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .