امتنَّ الله تعالى على الخلق بنعَم جليلة ، في شرابها ، وغذائها ، ودوائها ، وسائر ما تحتاجه الخليقة لعمارة الكون ، ومن تلك النعم الجليلة " عسل النحل " ، وقد جمع الله تعالى فيه الشراب والغذاء والدواء ! .
قال ابن القيم رحمه الله عن
فوائد العسل : " وهو غذاء مع الأغذية ، ودواء مع الأدوية ، وشراب مع الأشربة ، وحلو مع الحلوى ، وطلاء مع الأطلية ، ومفرح مع المفرحات ، فما خُلق لنا شيء في معناه أفضل منه ، ولا مثله ، ولا قريباً منه " انتهى . " زاد المعاد " ( 4 / 34 ) .
وقد أخبرنا ربنا تعالى في محكم تنزيله أنه شفاء للناس ، قال تعالى : ( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل/ 68 ، 69 .
وقوله تعالى ( شفاء ) بالتنكير يدل على التبعيض ، وأنه شفاء لبعض الأدواء ، لا أنه شفاء لها كلها ، ولو كان العسل فيه الشفاء لكل الأمراض ما خلق الله دواء آخر غيره ! .
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - :
" وقوله : ( فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ) أي : في العسل شفاء للناس من أدواء تعرض لهم .
قال بعض من تكلم على الطب النبوي : لو قال فيه : " الشفاء للناس " لكان دواء لكل داء ، ولكن قال ( فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ) أي : يصلح لكل أحد من أدواء باردة ؛ فإنه حار ، والشيء يداوى بضده " انتهى . " تفسير ابن كثير " ( 4 / 582 ) .
وانظر تفصيلاً من الإمام الطبيب ابن القيم في فوائد العسل ومنافعه في جواب السؤال رقم : ( 9691 ) .
وبعض المرضى يتناول جرعة يسيرة من عسل ، ويظن أنه سيكون فيه الشفاء لمرضه ، بل لأمراضه ! وهذا بعيد من الشرع ، والواقع ، فقد يعتري هذه المعالجة أشياء تمنع من الشفاء بالعسل ، ومنه :
1. أن لا يكون المرض من الأدواء التي يكون العسل سبب شفائها .
2. أن تكون الكمية المتناولة قليلة ، والمرض يحتاج لما أكثر منها .
3. أو يكون العسل ليس طبيعيّاً .
4. أو يكون ذلك من باب الابتلاء ؛ ليُرى صبر المريض واحتسابه ، أو ليزداد الأجر والثواب له .
5. أن يكون في الجسم من الموانع ما يمنع من الاستفادة من هذا الدواء ، كحال المدخن ، أو الذي يشرب المسكرات .