حقائق غير معروفة عن الأرمادا الإسبانية(2)
استخدم الإنجليز المراكب المشتعلة لكسر تشكيلة الأرمادا.
أزعج الأسطول الإنجليزي الأرمادا بغارات متكررة لعدة أيام خلال تقدمها نحو بحر المانش، ولكن سفنهم كافحت لاختراق تشكيل الأرمادا الدفاعية على شكل هلال. تفاقمت الأوضاع أكثر في 6 آب، عندما ألقى ميدينا سيدونيا المرساة قرب كاليه في فرنسا للالتقاء مع دوق بارما، الذي كان يحاول يائسا جمع جيشه في دونكيرك القريبة. كان دريك واللورد هوارد يعلمان أنهما لا يمكن أن يسمحا للإسبان بتوحيد قواتهم، فوضعا خطة لتفريق سفن العدو. في ليلة 8 أغسطس، حمّلا ثماني سفن فارغة بالأخشاب والقار، وأشعلا النيران فيها وأرسلوها نحو الأرمادا. وعندما رأى القباطنة الإسبان المراكب المشتعلة فروا إلى عرض البحر في حالة من الذعر. بل إن معظمهم قطعوا مراسي سفنهم لتجنب النيران العائمة. وفي حين نجت الأرمادا من كاليه دون أضرار جسيمة، نجحت ضربة المراكب المشتعلة في كسر الخط الدفاعي. في صباح اليوم التالي، اشتبك الإنجليزمع الأسطول الإسباني في معركة جرايفيلاينز، حيث استخدم هوارد ودريك تفوق المدافع بعيدة المدى ليسجلا نصرا حاسما.
كانت العواصف البحرية السبب الرئيسي لهزيمة الأرمادا
انتصر الأنجليز في جرايفيلاين، ولكنهم لم ينجحوا إلا في تدمير أو الاستيلاء على حفنة من سفن الأرمادا. الضربة القاضية الحقيقية أتت بفضل الطبيعة الأم. في منتصف شهر أغسطس، دفعت الرياح القوية الأسطول الأسباني المنهك نحو بحر الشمال ، منهية آماله في اللقاء بجيش بارما. وبعد أن كادت المؤونة من الغذاء والماء تنتهي، قرر سيدونيا العودة إلى بلاده عن طريق اسكتلندا والإبحار جنوبا على طول الساحل الغربي لايرلندا. رافقت الرحلة العواصف العنيفة ، وغرقت عشرات السفن في نهاية المطاف في البحر أو تدمرت على الساحل الايرلندي، مما أسفر عن مقتلحوالي 6000 بحارا. تتفاوت التقديرات، ولكن يعتقد معظم المؤرخين أن حوالي 75 أو 80 سفينة فقط من أصل 130 سفينة تمكنت من العودة الى إسبانيا. وبعد الاطلاع على حالة الأرمادا ، قيل أن فيليب الثاني هتف: "لقد أرسلت أسطول بلدي للقتال ضد الرجال، وليس ضد الرياح والأمواج."
أطلقت إنجلترا أسطولا مضادا في العام التالي أسفر ايضا عن نتائج كارثية
ما أن اختفت الأرمادا المهزومة في الأفق، حتى بدأت إليزابيث بالتخطيط لهجمة مضادة لتدمير آخر بحرية فيليب الثاني وتركيع الإمبراطورية الإسبانية. وبحلول أبريل 1859، كانت قد جهزت السير فرانسيس دريك والسير جون نوريس بأكثر من 120 سفينة وأرسلتهم في مهمة لغزو إسبانيا. كانت الخطة جريئة، ولكن المؤسف بالنسبة لإليزابيث، أن مصير " الأرمادا الإنجليزية " لم يكن أفضل من الإسبانية. فبدلا من مهاجمة السفن في سانتاندر حيث كانت بقايا الارمادا الاسبانية تلعق جراحها، قضى دريك ونوريس عدة أسابيع بحثا عن النهب ومحاصرة مدينتي كورونا ولشبونة دون جدوى. ولم يلبث أن فتك المرض بقواتهما ، وكادت سفينة دريك أن تغرق بعد أن عصفت بها العواصف خلال محاولة فاشلة لاقتحام جزر الأزور. عاد الأسطول الإنجليزي إلى بلاده يظلله العار في صيف عام 1589، بعد أن خسر 11000 رجل ودون تحقيق أيا من أهدافه العسكرية.
لم تشل هزيمة الأرمادا البحرية الاسبانية بشكل دائم
خلافا للاعتقاد الشائع، لم تكن هزيمة الأرمادا الإسبانية نهاية عهد إسبانيا كقوة بحرية عالمية. فقد أعاد فيليب الثاني بناء أسطوله بنجاح بعد كارثة 1588 والعمليات المستمرة ضد إنجلترا لعدة سنوات أخرى. بل إنه أطلق أسطولين في عام 1596 و1597، وكلاهما دمرتهما العواصف. في 1604 وقعت اليزابيث وخلفاء فيليب أخيرا معاهدة لإنهاء الحرب الأنجلو إسبانية التي استمرت 19 عاما ووصلت إلى طريق مسدود. واصلت القوات البحرية الإسبانية السيطرة على الممرات البحرية، ولم تتراجع إلا في منتصف القرن 17 خلال حرب الثلاثين عاما.
|