قراءة فى كتاب أخي أين زادك للرحيل؟
قراءة فى كتاب أخي أين زادك للرحيل؟
الكتاب تأليف أبو الحسن بن محمد الفقيه وهو يدور حول إعداد الإنسان الزاد وهو العمل الصالح للآخرة والمراد لدخول الجنة وفى مقدمته قال الفقيه:
" أما بعد:
أخي الكريم: ما أحوجنا إلى وقفة متأملة .. مع حقيقة الموت .. تلك الحقيقة المرة التي يرحل بها الإنسان من حياة إلى أخرى .. ومن دار إلى دار.
تلك الحقيقة التي حيرت العقول .. وحطمت أماني الخلود .. وأجبرت الناس على اختلاف منازلهم أن يروا الحياة محطة عابرة .. لا خلود فيها ولا قرار.
ففريق منهم أدرك سر الحياة .. فآمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا، وعلم من دينه أن الحياة رحلة ابتلاء، يعبرها المؤمن مسافرا إلى ربه، يرجو زادا يبلغه إليه سالما غانما.
وفريق منهم أدرك تفاهة الحياة، وقصرها واندثارها، بيد أنه ضل الطريق، فاتخذها قرارا، ورضي بها منزلا، فلم يعمل لزاد رحلته حسابا! فهو في تناقض واضطراب، وتضاد وعذاب."
وتساءل الفقيه فقال؟
"أخي الكريم: فمن أي الفريقين أنت؟ وأهل أعددت زادا للرحيل؟"
وكان الجواب:
"أنت عابر سبيل
فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوصيك أن تكون كذلك، ويقول: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» [رواه البخاري]"
والحديث به خطأ فلو اعتبر المسلم نفسه غريب أو مسافر فمعنى هذا أنه سيدعها للكفار يعملون فيها ما يشاءون من الكفر ولكنه صاحب قضية هى تحقيق العدل ولذا طلب الله منه ألا يدع زينة الدنيا وهى الطيبات من الرزق فقال :
"قل من حرم زينة الله والطيبات من الرزق"
ووعد الله المسلمين بتمكينهم فى الدنيا حيث يحكمونها بشرعه فقال :
" وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم"
ثم قال :
"وابن عمر رضي الله عنهما الذي وجه إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الوصية يقول: «إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك» [رواه البخاري]."
والحديث يتعارض مع قوله تعالى :
" ولا تقولن لشىء إنى فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله "
فالمسلم يعمل لغده سواء الدنيوى كما امر الله بقوله:
" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
وهو فى نفس الوقت عمل لآخرته
وقال الفقيه:
"أخي: وسواء عددت نفسك من العابرين لسبيل الحياة أم عددت نفسك من الخالدين المقيمين .. فأنت في النهاية سترحل! وفي سائر الحالات أنت عابرها!
فمنى الخلود .. كالظل الزائل .. {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون}
هكذا خلق الله الحياة .. وهكذا أرادها .. {كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}
الكل وإن طالت الأعمار راحل، وبريق الدنيا مهما لمع زائل، وعمودها مهما استقام مائل.
ألا أيها الناسي ليوم رحيله
أراك عن الموت المفرق لاهيا
ولا ترعوي بالظاعنين إلى البلى
وقد تركوا الدنيا جميعا كما هيا
ولم يخرجوا إلا بقطن وخرقة
وما عمروا من منزل ظل خاويا
وهم في بطون الأرض صرعى جفاهم
صديق وخال كان قبل موافيا
وأنت غدا أو بعده في جوارهم
وحيدا فريدا في المقابر ثاويا
جفاك الذي قد كنت ترجو وداده
ولم تر إنسانا بعهدك وافيا
فكن مستعدا للحمام فإنه
قريب ودع عنك المنى والأمانيا"
ما قاله الفقيه هنا حديث عن الموت والحياة ومسألة الخلود الدنيوى لا يعتقد فيها أى مسلم وإن خطرت بباله أحيانا
وذكر الفقيه الحكاية التالية:
"قصة
دخل رجل على أبي ذر فجعل يقلب بصره في بيته، فقال: «يا أبا ذر، أين متاعكم؟ قال: إن لنا بيتا نوجه إليه صالح متاعنا، قال: إنه لابد لك من متاع ما دمت ها هنا، قال: إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه».
فتأمل في هذا الفقه النبيه إذ قال أبو ذر: «إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه!» فالمنزل الدنيا .. وصاحبها هو الله، وقد قال الله تعالى: {إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار}
وهل يزين عاقل محطة عبور هو يدرك أنه عن قريب سيتركها؟!."
الحكاية لا تصح فالمسلم مطلوب منه إعداد مسكنه " أسكنوهن من حيث سكنتم" ومطلوب منه النفقة على أولاده " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف"
ومن ثم فأى صحابى مؤمن لابد أن يعد لدنياه الحلال لأن هذا الحلال هو إعداد للآخرة
ثم قال :
"ودخلوا على بعض الصالحين، فقلبوا بصرهم في بيته، فقالوا له: «إنا نرى بيتك بيت رجل مرتحل، فقال: أمرتحل؟ لا، لكن أطرد طردا».
وقال عمر بن عبد الرحمن: «إن الدنيا ليست بدار قراركم، كتب الله عليها الفناء، وكتب على أهلها منها الظعن، فأحسنوا رحمكم الله- منها الرحلة بأحسن ما بحضرتكم من النقلة، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى».
وأحسن منه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مالي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركها».[رواه الترمذي وأحمد]"
لو أخذنا بفهم الفقيه للرحيل والرواح فهذا معناه ترك الدنيا تماما للكفار والمسلمون عندما دعوا الله قالوا :
ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة "
فهم لا يتركون الدنيا للكفار يعملون ما يريدون فيها من الكفر وإنما المسلمون يقومون بحكمها بالعدل وهو حكم الله
وتحدث الفقيه مكررا عن الرحيل غير موضح لواجبات المسلم فقال :
"أخي: أنت معني بالرحيل على كل حال، أيامك تسوقك إليه، وخطواتك تقبل بك عليه، وأنت في الحياة مجبور على العبور، وخاضع لموت مقدور.
هب الدنيا تساق إليك عفوا
أليس مصير ذاك إلى انتقال
وما دنياك إلا مثل فيء
أظلك ثم آذن بالزوال"
ومع تلك المطالبات بترك الدنيا طالبه بالاستعداد للآخرة فقال :
"الاستعداد
فإن أيقنت أنك عن قريب سترحل .. فأين زاد الرحيل؟ أين استعدادك لسفر الآخرة الطويل؟ أين مقتضى إيمانك بسؤال القبر؟ وهول الحشر؟ والبعث والحساب؟
موتك فاصل بين حياة وحياة .. وليس هو نهاية المطاف .. بل هو نقلة تسير بك إلى عالم جديد .. عالم البرزخ بما فيه من هول القبر وسؤاله .. وهول البعث وأحواله .. وطول الحساب وجلاله .. {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون}
لأجل فهم هذه الحقيقة - أخي - بعث الله النبيين والرسل، كلهم اتفقوا على بيان هذه الحقيقة لقومهم: {يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار} لا تغفل، فإنك لم تخلق سدى، وإذا رأيت الناس قد سخروا فطنتهم للدنيا، فاستعمل فطنتك في الآخرة .. تفكر في رحيلك .. واجعل همك كل همك في معادك .. تذكر أن الموت يأتي على غرة .. وأعد لفجأته حسابا!
تفكر في لحظة احتضارك .. بم قد يختم لك؟ .. وكيف يكون وقتها حالك؟!
تأمل في الناس وقد تمايلت بحملك أكتافهم .. إذ حملوك .. فقبروك ودفنوك وودعوك .. ولم يملك لك أحدهم نفعا ولا ضرا .. كيف ستلاقي يومها ربك؟! كيف ستدخل عالم البرزخ وحدك؟! كيف تجيب؟! وهل ستسعد وقتها أم تخيب؟!
اعرض أعمالك وانظر ماذا قدمت .. {بل الإنسان على نفسه بصيرة}
يا من تمتع بالدنيا وزينتها
ولا تنام عن اللذات عيناه
شغلت نفسك فيما ليس تدركه
تقول لله ماذا حين تلقاه"
|