نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر
نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر
صاحب المقال عبد القادر إبراهيم حماد والعنوان كان المفروض أن يكون ثقافة الشاشات على اعتبار أن ما يدور عنه المقال هو مشاهدة شاشات التلفاز أو الحاسوب أو المحمول لأن ثقافة العين يدخل ضمنها القراءة ومشاهدة المتاحف ومشاهدة ألاثار وغيرها
استهل حماد مقاله بالحديث عن شكوى صديقه من كثرته مشاهدته التلفاز بحيث أنه لم يعد يقرأ شىء فقال :
ي"شكو لي صديقي من كثرة تحديقه في شاشة التلفاز: (وقتي كله مسلوب، لا أقرأ، أحدق في التلفاز، أفلام، أغاني، مباريات، برامج متنوعة، قنوات فضائية لا تعد ولا تحصى، ماذا أفعل أمام هذا الاستلاب؟)"
وتحدث عن انتشار ظاهرة التحديق فى قنوات التلفاز من قبل معظم الناس إلا من رحم الله فقال :
"لم يأت صديقي بجديد، فأنا أعرف هذه الحالة جيداً، ليس هو الوحيد الذي يحدق دائماً في الشاشة، فهي ظاهرة منتشرة بشكلٍ كبير، حتى ابني الصغير، الذي لم يكمل سنواته التسع بعد، يأكل وعينه على الشاشة، ينام وهو يحلم ببرنامج ما، يعود من المدرسة ليسألني عن (ستار أكاديمي)، والأغنية الأخيرة لمطرب لا أعرف اسمه، أما الشباب فبالكاد يقرأ كتابه الجامعي."
قطعا انتشار الظاهرة سببه تعمد الإعلام اخفاء حكم النظر للرجال والنساء فى التلفاز وهو غض البصر كما قال تعالى :
" قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم"
وقال :
" وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن "
فأكثر من 99% من الموجود فى القنوات حتى القنوات التى يسمونها إسلامية زورا مخالف لحكم الله حيث يظهؤ الرجال الذين يسمونهم المشايخ مع أن محرم ظهور الرجل كالمرأة فى التلفز لأن المفروض هو غض البصر
فالبرامج التلفازية حسب أحكام القرآن لابد أن تكون برامج علمية تتصل بالحيوانات والنباتات والظواهر الكونية وتعليم المهن والحرف وشرح الدروس التعليمية صوتيا مع وسائل الإيضاح ولكن للأسف كلها أصبحت قائمة على الأفلام والمسلسلات المختلطة والمباريات الرياضية والتى ينتشر فيها العرى وتعمل على نشر العنف والموبقات فى المجتمع وحتى المشايخ الذين يظهرون فى القنوات لا يظهرون لوجه الله فى الغالب فترى الشيخ خصوصا مشايخ السلطة الجدد يقومون كل خمس دقائق بتغيير الملابس والساعات وقصات الشعر وكأن المفروض هو الدعاية للعلامات التجارية التى يلبسها والبعض الأخر يروج لبضائع تنتجها مصانعه أو مصانع من فتحوا له القناة والقنوات ألإخبارية تعمل على الدعاية لدول معينة وتعمل على نشر نار الفتن الداخلية والخارجية بلا كلل أو ملل
وتحدث حماد عن أن العيون من عدة عقود كان لديها وقت للنظر فى أمور أخرى غير التلفاز فقال :
"في الماضي البعيد كانت الحياة البرية، غير المزدحمة، تعطي للعين فضاءها المتسع، الممتد في أفقٍ بعيد، وتجعلها عيناً متأملة هادئة، تمعن في الصورة والمشهد وتفهم قبل أن تختزن في الذاكرة.
ولم تكن المسألة مقتصرة على العين، بل كانت ممتدة إلى العقل، فهو في بيئة ملائمة تماماً، للإنتاج الفكري، وهكذا كنا نرى وتصل إلينا النظريات الكبرى والفلسفات العظيمة، أما في هذه الأيام المزدحمة، بكل شيء حتى بالعلوم، فالعين أرهقت والعقل أصبح متعباً."
وتحدث عن انقسام الناس فى المشاهدة إلى عيون مستقبلة وهى الأكثرية وهى كارثة فهم لا يفكرون فيما يعرض عليهم حلالا أم حراما صوابا أم خطأ وإنما الكثير منهم يسير خلف نظام بلده دون تفكير حتى ولو خرج على كل القيم والأخلاق وقسمها إلى عيون ناقدة فقال :
"إنها ثقافة العين، وككل الأشياء، للعين لغتها وبيئتها وثقافتها، قد تكون ثقافة ورؤية ناقدة، قادرة على وضع معايير للتمييز، لتصبح العين الرائية، وقد تكون اعتيادية لا تهتم بتفاصيل الرؤية، فتكون العين المستقبلة."
وأكد الرجل على أن ثقافة الاستقبال هى الشائعة فى المجتمعات وأن أكثرية الناس لا تقدم إنتاجا ثقافيا وإنما مستقبلة لما يعرض عليها فقال :
"وفي ظل ثورة الفضائيات، أصبحت العين/ الثقافة السائدة مستقبلة، ففي وجود التراكم والازدحام الهائل لبرامج الصورة، وتحول بعض الفنون المسموعة إلى فنون مرئية، أصبحت العين، ومن بعدها العقل، غير قادرة على ملاحقة التفاصيل والوقوف للتأمل وبناء مفهوم ما حول ما يسوق ويروج، ليصبح التعامل مع المعلومة والخبر وحتى القضايا الكبرى تعاملاً استهلاكياً لا إنتاجياً، متوافقاً مع مبدأ العرض والطلب وقيم السوق المتحولة والمتقلبة بشكلٍ حاد، حتى تكاد تصل إلى القيم الافتراضية."
وأكد أن الناس تحولت عقولهم وهى ليست عقولهم لأن لو شغلوا عقولهم فلن تكون مجرد مستقبل أى ريسفر وإنما ما يحدث هو أن إراداتهم تحولت إلى كونهم مجرد مستقبلين مستهلكين لما يقدم لهم دون تفكير فالتلفاز هو شيخهم الذى يحلل ويحرم ويقرر لهم حياتهم وشكلها وفى هذا قال :
"بهذا المنطق يتحول العقل، الذي من المفترض أنه يحمل مهام الإنتاج الفكري، ضمن رؤية ميثولوجية، إلى رسييفر مبرمج بحسب ما هو مطروح في إطار الصورة الطاغية، والحاملة للمضمون، التي تطرحها الجهات المنتجة المعنية فقط بالعائد المادي، بحيث تتقلص مساحة التأمل الذهنية، القادرة على بناء مناهج ونظريات وفلسفات."
وتحدث عن أن موقف المثقفين لابد أن يكون موقفا ناقدا ناقما على تلك الثقافة لأنها تمنع الناس من التفكير فقال :
"هذه القضية المعقدة في تداخلاتها وتشابكاتها، تطرح على المثقف تحدياً جدياً، على مسارين: أولهما المسار الذاتي، حيث الانزلاق إلى مساحة الاستهلاك أصبح وارداً وسهلاً، إذ عليه أن يبني سوراً حامياً للعقل، بمنهجية تقوم على تربية العين على منهجٍ انتقائي نقدي، حيث ان الفُرجة متعة لا تتحقق إلا بانغماسٍ كامل في المشهد، ولكن يجب على هذا الانغماس أن يكون واعياً لما يمرر عبر الفرجة الممتعة، والآخر متعالق مع سابقه، إذ على المثقفين توسيع حدقة عين الثقافة، لئلا يتحول العقل إلى رسفير لا حول له ولا قوة."
ونقل من أحد كتب النفرى مقولة عن النظر بالقلب لله والمراد التفكير فى وحى الله من أجل طاعة أحكام الله فالنظر ليس مجرد استقبال وإنما فهم أولا ثم تطبيق ثانيا فقال :
|