قراءة فى مقال اختلاف المطالع
قراءة فى مقال اختلاف المطالع
كاتب المقال عبد الكريم الخضير وقد استهل الرجل مقاله بسؤال وأجاب عليه حيث قال :
"يقول: إذا أُكْمِل عِدَّة شعبان ثلاثين مع أنَّ هُناك رجل في دولةٍ أُخرى رَأَى الهِلال وصَامَتْ تِلك الدَّولة... فهل يصُوم من هُو في دَوْلَةٍ أُخْرَى؟
إِذَا رَأَى الهِلال ثُمَّ رُدَّت شَهَادَتُهُ مثلاً فَيَصْدُقُ عليهِ أنَّهُ رَأَى الهِلال، ويَدْخُل فِي قولِهِ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-: ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ)) وبهذا قال جَمْعٌ منْ أَهْلِ العِلم أَنَّهُ يَصُوم، وكَذَا لَوْ رَأَى هِلال شَوَّال يُفْطِر ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ))؛ وَلَكِنْ المُرَجَّح أنَّهُ لا يَصُوم ولا يُفْطِر إِلَّا مع النَّاس ((الصَّوم يوم تَصُومُونْ، والفِطْرُ يوم تُفْطِرُونْ، والأَضْحَى يوم تُضَحُّونْ)) فَيَصُوم مع النَّاس، ويُفْطِر مع النَّاس"
الأحاديث هنا متناقضة فمطلوب من المسلم أن يكذب عينيه إذا رأى الهلال ويسير مع الناس إذا أعلنوا انهم لم يروا الهلال
الحديثان متناقضان فالرؤية الفردية أو الجماعية توجبه بينما لو فى مناطق أخرى لم يروا فالحكم هو أن يكذب الفرد والطائفة الرائية نفسها ويسيروا مع بقية الناس
إن المسلم صادق هذه بديهية عندما يتعلق ألأمر بحكم شرعى ولكن الفقهاء يفترضون فيه الكذب معاندين قوله تعالى :
" والذين لا يشهدون الزور"
وتحدث الخضير عن أن تلك المسألة يسمونها اختلاف المطالع فقال :
" هذا الذِّي رَأَى الهِلال فِي دَوْلَةٍ أُخْرَى، وصَامَتْ تِلْكَ الدَّوْلَة ومَنْ فِي البَلَد الآخَر، هَذِهِ المَسْأَلَة يُسَمِّيها أو يَتَكَلَّم عنها أَهلُ العِلْم على اخْتِلاف المَطَالِعْ، وأنَّ لِكُلِّ بَلَدٍ مَطْلَع، ويَكُون الهِلال قَدْ طَلَع فِي الشَّام، ولا يكُون طَلَع فِي المَدِينة، ويَطْلُع فِي بَلَد ولا يَطْلع فِي بَلَد، فَإِذا رُؤِيَ الهِلال فِي بَلَد يَعْتَمِد الرُّؤْيَة الشَّرْعِيَّة... فَهَل يَلْزَم جَمِيع المُسْلِمِينْ الصَّوم أو يَلْزَم مَنْ فِي بَلَدِهِ وتَبْقَى البُلْدانْ الأُخْرَى على مَطْلَعِهَا ورُؤْيَتِها؟! "
اختلاف المطالع بديهية لا يمكن أن يختلف عليها الناس لأن بداية النهار وبداية الليل تختلف من البلد التى ليست على خط طول واحد ولكن الغير البديهى والجنونى هو:
أن يكون الهلال ظهر فى بلد وبعدها بيوم يظهر فى بلد أخر مجاور أو حتى بعيد
فالأرض كلها يوم واحد ومن ثم لا يمكن أن يظهر الهلال فى يومين مختلفين وإنما يظهر على التوالى كلما تقدمنا خطا ما من الخطوط الوهمية للوقت ومن ثم تكون المطالع كلها فى يوم واحد
وتحدث عن حديث الرؤية فقال :
قولُهُ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-: ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ)) هذا لَيْسَ بِخَاص بأَهْلِ المَدِينة كما في قولِهِ: ((ولَكِنْ شَرِّقُوا أو غَرِّبُوا)) لَيْسَ بِخَاص بأَهْلِ المَدِينة؛ وإِنَّما يَتَّجِه لِكُلِّ من يَتَصَوَّر مِنْهُ الإِجَابة ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ)) الأَصْل أنَّ الخِطَاب للأُمَّةِ كُلِّها، وعَلَى هذا إِذَا رُؤِيَ الهِلال فِي أَيِّ بَلَدٍ من بُلْدَانِ المُسْلِمين فَإِنَّهُ يَلْزَمُ جميع المُسْلِمين فِي شَرْقِ الأَرْضِ وغَرْبِهَا الصَّوْم؛ لأنَّ الخِطَاب مُوَجَّهٌ إِلَيْهِم، ولا يُوجَد ما يُخْرِجُ بَعْضَهم عن عُمُوم هذا الخِطَاب، وبِهَذا يقول جَمْعٌ من أهل العِلم، وهو المَعْرُوف عند الحَنَابِلة، وكثير من أهل العِلم، ومِنْ أهْلِ العِلم مَنْ يَرَى اخْتِلاف المَطَالِع وأنَّهُ إِذَا رُؤِيَ الهِلال في بَلَدٍ أو إِقْلِيم لا يَلْزَمُ غيرهُم الصِّيام؛ إلاَّ من كان على سَمْتِها واتَّحَدَ مَطْلَعَهُ مَعَهَا، "
بالقطع ما قاله الفقهاء هو ضرب من الجنون فلا يمكن أن يظهر الهلال فى بلدين فى يومين مختلفين وإنما هو يوم واحد للكل مع اختلاف هذا عن ذلك دقائق أو ساعات أقصاها ساعة23 و59 دقيقة
واستدل القوم على حكاية اليومين بحديث ما أنزل الله به من سلطان وهو :
"و يَسْتَدِلُّون على ذلك بِحَديث ابن عبَّاس المُخَرَّج فِي مُسْلِم، وهُو أنَّ كُرَيْباً قَدِمَ المَدِينة من الشَّام، فَرَأَى أَهْلُ الشَّام الهِلال في الجُمعة، وأهْلُ المَدِينة مَا رَأَوْهُ إِلَّا يومُ السَّبت، فقال كُرَيْب: إنَّ مُعَاوية والنَّاس صَامُوا يوم الجُمُعة، وعَلَى هذا أَكْمَلْنَا عِدَة رَمَضَان ثَلاثِينْ، ولا يُمْكِنْ أنْ يَزِيد الشَّهر على ثَلاثِينْ، فابن عبَّاس قال: لكنَّا لا نُفْطِرُ حتَّى نَرَاهُ هكذا أَمَرَنَا رسُولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، فَدَلَّ الخَبَر على أنَّ الشَّام لهُم رُؤْيَتُهُم ، وأنَّ أَهْل المَدِينة لهُم رُؤْيَتُهُم، ولم يُفْطِر أهلُ المَدينة بِفِطْر أهل الشَّام المَبْنِيّ على رُؤْيَتِهِم؛ وإنَّمَا أَكْمَلُوا رمضان ثَلاثِينَ يوماً هكذا أَمَرَنَا رسُولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، يَعْنِي الحَدِيث الخَبَر صَحِيح، ومَرْفُوع إلى النَّبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-،"
والحكاية حنونية لأن الشام والمدينة الحالية على خط واحد او متقارب ومن ثم لا يمكن أن يكون ألأمر كما تقول الحكاية وإنما الأمر هو :
ان يكون عند بلد غيوم أو عواصف أو أعاصير فلا يروا شيئا مع طلوع الهلال بالفعل وأن يكون عند الآخرين جو صاف فيروا الهلال
هذه حقيقة الأمر وقد أغنانا الله عن رؤية الهلال بكون الشهور كلها ثلاثين يوما عندما قال أن عدة الشهرين المتتابعين كعدة ستين مسكينا فى قوله تعالى :
" فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا"
ونجد الخضير يخرف بن حديث ابن عباس نص من الوحى فيقول:
"وتَجِد من أَهْلِ العِلم أَهْل الأَثَر أَهل الإِتِّبَاع أَهْل الإِقْتِدَاء يُفْتِي بَعضُهُم بِأَنَّ المَطَالِع مُتَّحِدَة، وأنَّ هَذَا أَضْبَط للنَّاس، وأَصْوَنْ لِصِيَامِهِم، فَلا يُتْرَك الأَمْر لِاجْتِهَادَاتْ البُلْدان، بِمَعْنى أنَّ هَؤُلاء يَصُومُون يوم الخَمِيس، وهَؤُلاء يَصُومُون يوم الجُمعة، وهؤُلاء يَصُومُون يوم السَّبت، ويُفْطِرُون قَبْلَهُم بِيَومٍ أو يَوْمَيْن... هل يُمْكِن لِمُجْتَهِدٍ أنْ يَجْتَهِد مع نَصِّ ابن عبَّاس فَيَقُول: بِاتِّحَادِ المَطَالِع... يُمْكِنْ أو مَا يُمْكِنْ؟، يعني لَوْ نَظَرْنَا فِي كَلام الشيخ ابن باز ويَعْرِف هذا الحَدِيث أو حتَّى المَذْهَب عند الحَنَابِلَة، على كُلِّ حَال الهَيْئَة أَفْتَتْ بِاخْتِلاف المَطَالِع؛ لَكِنْ الكَلام مَعَ مَنْ يَقُول بِاتِّحَادِ المَطَالِع مَعَ صِحَّة خَبَر ابن عبَّاس، وقَوْلِهِ: هكذا أَمَرَنَا رسُولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- فِي صَحِيح مُسْلِم... هل المَسْأَلة اجْتِهَادِيَّة أَو نَصِيَّة؛ لِيَسُوغَ فِيهَا الخِلاف؟ قولُهُ: هكذا
|