قراءة فى كتاب تحديد النسل فكرة غربية
قراءة فى كتاب تحديد النسل فكرة غربية
المؤلف: محمد الشيرازى والكتاب كما هو ظاهر من عنوان يدور حول أن تحديد النسل مقولة اخترعها الغرب وصدرها إلينا لغرض فى نفوس ساسته أو بالأحرى من يقودون عالمنا نحو الجهل والضلال ليزدادوا هم عنى وقوة ونزداد نحن ضعفا وفقرا ممثلا فى الديون وقد استهل الشيرازى كلامه بالحديث عن حكم الإسلام فى التكاثر فقال :
"الإسلام والتكاثر:
قال الله تعالي: "قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون"
من المسائل المهمة التي وقف الإسلام بوجهها هي مسألة تحديد النسل وقتل الأولاد ورفض الحالة التي كانت في زمن الجاهلية من وأد للبنات، وكما جاء في الآية الكريمة المتقدمة أن لا تقتلوا أولادكم خوفا من الفقر فان رزقكم ورزقهم علي الله تعالي
ومن هنا جاءت سنة الله تعالي في جميع الأديان ومنذ بدء الخليقة إلي يوم القيامة علي تشجيع الزواج والتناسل والتكاثر، وبهذا الصدد أوضح الإسلام علي لسان رسول الله (ص)«تناكحوا تناسلوا، تكثروا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة، ولو بالسقط»"
وما اعتبره الشيرازى مقولة إسلامية تقول بعدم تحديد النسل ليست من الإسلام فى شىء فالنهى عن وأد الأولاد لا يدل على التكاثر وإنما يدل على حرمة قتل الأولاد كما هو محرم قتل الناس بدون سبب حق
لقد نظم الإسلام عملية التناسل من خلال الزوجية فجعل مدة للحمل والنفاس وهى تقارب السنة وجعل مدة الرضاعة سنتين كما قال :
"والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين "
ومن ثم يكون الحمل والرضاعة مدتهم تقارب الثلاث سنوات وفى هذا قال تعالى :
" وحماله وفصاله ثلاثون شهرا"
ومن ثم إذا كانت المرأة تتزوج فى العشرين من عمرها فإنها سوف تنجب فى حالة التنظيم حوالى سبعة أو ثمانية أطفال باعتبار أن سن اليأس تكون فى الخامسة والأربعين لدى الكثيرات
وبالقطع يمكن أن يقل العدد باعتبارات كثيرة كالمرض أو تناقص القدرة الإنجابية لدى طرف أو اثنين أو خوفا على حياة المرأة من الموت
وأما حديث مباهاة الملائكة بالنسل فهل رواية تعتبر الله مخلوقا يفتخر بينما هو الخالق الذى لا يحتاج لأحد والفخر إنما فخر المخلوقات بالله وليس فخر الخالق بالمخلوق لأنه لا يحدث
والمعروف أن مباهاة الملائكة عى اغاظة لهمك وكأن الله مخلوق يغيظ مخلوق والغريب أنه يغيظ من يطيعونه وليس من يعصونه فى الحديث الباطل
وتحدث الشيرازى مبينا أن الغرب يعمل على تقليل عدد المسلمين بتلك المقولة الماكرة فقال :
"تحديد النسل فكرة غربية:
والآن إذ يسعي الغربيون لأجل القضاء علي الإسلام بمختلف الوسائل، ومنها اتباع محاولة تقليل عدد المسلمين وبالنتيجة يقل معهم عدد المؤمنين الرساليين في البلاد الإسلامية، اضافة إلي أن قلة عدد الأطفال في داخل الأسرة يوافقه تقليل المسؤولية الأسرية الذي قد يؤدي بدوره إلي افساح المجال أمام العائلة للانصراف إلي وسائل الفساد والافساد، ولذا فانهم يتوسلون بالمكر والحيلة والخداع لتضليل البسطاء ليتقبلوا هذه المفاهيم المضلة."
ومما لاشك فيه أن الغرب يسعى لهزيمتنا بكل السبل ولكن سبيل تقليل عددنا يتنافى مع حقيقة أن هزيمة المسلمين للكفار لا علاقة لها بقلتهم أو بكثرتهم لأن كم من جماعة قليلة غلبت جماعات كثيرة وهو قوله تعالى:
" وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله"
والغريب أن الفكرة السائدة فى القرآن هو أن الكثرة العددية للكفار كما قال تعالى :
" وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين"
وقال:
" ولا تجد أكثرهم شاكرين"
ومن ثم فعددنا الكثير حاليا هو مجرد عدد بالأسماء المسلمة ولكن حقيقة عدد المسلمين حقا هو عند لدى الله وقد ذم الله الكثرة التى تعصاه فقال :
"ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا"
وحدثنا عن أن النظم الحاكمة فى المنطقة تعمل من خلال أبواقها من مشايخ وعلماء الضلال على اشاعة المقولة بين المسلمين بزعم ما يسمونه الزيادة السكانية وعجز النظم عن إطعام تلك الأعداد وفى هذا قال :
"من هذه الأساليب ما يتعلق بتحديد النسل وادعاءات هؤلاء الذين ينساقون وراء ذلك أن العالم يشهد زيادة سكانية هائلة، ومن الممكن أن يتعرض الناس إلي أزمة غذائية عالمية خطيرة نتيجة لما أسموه ب (الانفجار السكاني)، حتي أن هذه الأفكار أخذت محلها في أذهان بعض المسلمين إلي درجة أن أحد المختصين راح يتحدث عبر الإذاعة عن تشجيع الإسلام لتحديد النسل وأغرب من ذلك أنه كان يستدل بالآية الشريفة: "وإذا الموءودة سئلت " بأي ذنب قتلت"
وحاول الشيرازى تفنيد ما يذاع فى وسائل الإعلام فنقل من التفاسير بعضا فقال :
"وقد جاء في تفسير الآية عن مجمع البيان للطبرسي " قوله:
«"وإذا الموءودة سئلت " يعني الجارية المدفونة حيا وكانت المرأة إذا حان وقت ولادتها حفرت حفرة وقعدت علي رأسها فإن ولدت بنتا رمت بها في الحفرة وإن ولدت غلاما حبسته .. ومعني قوله "بأي ذنب قتلت" أن الموؤدة تسأل فيقال لها بأي ذنب قتلت ومعني سؤالها توبيخ قاتلها .. »"
وتحدث عن ترويج المكر الغربى فى بلادنا فقال :
"ترويج الفكر الغربي
والله تعالي يقول لا تقتلوا أولادكم خشية الفقر كما نقلنا ذلك، ويأتي البعض ويقول: إن هذه الآية توحي بتحديد انجاب الأطفال لأن زيادتهم تتطلب وقتا كثيرا من الأب والأم لرعايتهم، والآباء بدورهم ونتيجة لتشعب مشاغل الحياة لا يملكون وقتا كافيا لذلك، بما سيحرم الطفل من التربية الصحيحة ولربما يجعله عنصرا شريرا في المجتمع، وهذا هو أخطر من قتل النفس، وأن الآباء سيسألون عن ذلك يوم القيامة، وهكذا يحملون الأدلة الشرعية آراءهم ومعتقداتهم الشخصية بما لا يرتضيها الإسلام، كما أن هناك العديد في البلاد الإسلامية ممن يعتقدون بصحة هذه الآراء، ويقولون بما أن المصادر الغذائية اللازمة لإدامة الحياة هي غير كافية مقابل الزيادة السكانية الطارئة في هذا العصر، لذا لابد من اتباع حل عاجل لذلك والحل يكمن في تحديد النسل."
إذا يشيع القوم أن لا حل لزيادة السكان سوى تحديد النسل وهو كلام يتناقض مع ما تقوم به الدول الكافرة المختلفة من رمى المحاصيل والمنتجات فى البحر لكى يظل ثمنها مرتفعا فلو كان الغذاء لا يكفى بالفعل ما رموه
المسألة إذا هى التجارة وليس زيادة السكان فالأغنياء يريدون مالا لا ينتهى من خلال ما يسمونه استقرار أو ارتفاع الأسعار وأما رخصها فهو يهدم سياستهم
وتحدث الشيرازى عن مشاكل بلادنا فقال :
"مشاكل المسلمين:
المشاكل التي تعترض طريق تقدم البلاد الإسلامية بما فيها المشاكل السياسية والاقتصادية وأزمات الغذاء والسكن. ليست ناتجة عن قلة في الثروات أو زيادة السكان وما إلي ذلك، بل يرجع الكثير منها إذا لم تكن جميعها إلي استبداد الحكومات الفاسدة المفسدة والأساليب الديكتاتورية إلي تمارسها تجاه الشعوب، فهذه الأساليب من الطبيعي أن تقود إلي أزمات ومشاكل حادة تودي بحياة الشعب، فيأتي البعض ليعالج النتيجة دون الالتفات إلي السبب مختلقا الحجج والتبريرات التي لا تصمد أمام الواقع.
وللإجابة علي التبرير الذي اختاره هؤلاء نقول لهم: أرجعوا الحريات الإسلامية المسلوبة إلي الناس أولا حتي يتمكن الناس في ظل الحرية من تهيئة مستلزمات السكن والعمل بسهولة حينذاك فان الآباء يستطيعون تربية أطفالهم مهما كثروا تربية صحيحة. هيئوا للأب الوقت اللازم والفرصة حتي يقوم بواجبه في التربية، حيث إن بعض الآباء يقضون أوقاتهم سعيا وراء متطلبات الحياة فيذهب الأب ليراجع هذه الدائرة أو تلك كل يوم لأخذ الرخصة مثلا لإنشاء دار للسكن أو للحصول علي العمل أو للحصول علي جواز السفر أو الجنسية أو غير ذلك، مما يستهلك جهده ووقته في أمور جانبية، وقد يضطره ذلك إلي دفع الرشوة أحيانا، فمن الطبيعي أن إنسانا كهذا لا يستطيع تربية أطفاله أكثر التربية المطلوبة اضافة الي ذلك فان الضرائب الثقيلة التي تجبي من الناس تجرهم أحيانا بالقوة الي الفقر.
ومثل دعوي هؤلاء كمثل قول الشاعر:
القاه في اليم مكتوفا وقال له
إياك إياك أن تبتل بالماء
نعم، فان الحكومات تعمد إلي أن توثق أيدي الناس ثم تتهمهم بعدم القدرة علي تربية أولادهم.
|