العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الاسلامية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نقد رسالة في جواب شريف بن الطاهر عن عصمة المعصوم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات فى مقال أسرار وخفايا رموز العالم القديم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال آثار غامضة ... هل هي أكاذيب أم بقايا حضارات منسية؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خرافة وهم سبق الرؤية .. ديجا فو (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال هستيريا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال فن التحقيق الجنائي في الجرائم الإلكترونية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مونوتشوا رعب في سماء لوكناو الهندية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: A visitor from the sky (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة فى مقال مستقبل قريب (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 14-08-2008, 10:31 PM   #1
RWIDA
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 226
إفتراضي

ثالثًا: الاعتماد على الأسباب

السبب في اللغة: الحبل، ويطلق على "كل شيء يتوصل به إلى غيره" استعير من الحبل الذي يتوصل به إلى نزع الماء من البئر.
وفي الاصطلاح هو: الأمور المحسوسة التي يفعلها الإنسان ليحصل له ما يريده من مطلوب، أو يندفع عنه ما يخشاه من مرهوب في الدنيا أو في الآخرة.
فمن الأسباب في أمور الدنيا: البيع والشراء أو العمل في وظيفة ليحصل على المال، ومنها: أن يطلب من سلطان أو غني مالا، لينفق منه على نفسه وعلى أولاده، ومنها: أن يستشفع بذي جاه عند السلطان ليسلم من عقوبة دنيوية، أو ليدفع عنه ظلمًا، أو لتحصل له منفعة دنيوية كوظيفة أو مال أو غيرهما، ومنها: أن يذهب إلى طبيب ليعالجه من مرض، ونحو ذلك.
ومن الأسباب في أمور الآخرة: فعل العبادات رجاء ثواب الله تعالى والنجاة من عذابه(1)، ومنها: أن يطلب من غيره أن يدعو الله له بالفوز بالجنة والنجاة من النار، ونحو ذلك.
والذي ينبغي للمسلم في هذا الباب هو أن يستعمل الأسباب المشروعة التي ثبت نفعها بالشرع أو بالتجربة الصحيحة، {قال شيخنا محمد بن عثيمين رحمه الله في القول المفيد، باب من الشرك ليس الحلقة 1-165ك "طريق العلم بأن الشيء سبب: إما عن طريق الشرع، وذلك كالعسل فيه شفاء للناس {النحل:69}، وإما عن طريق القدر، كما إذا جربنا هذا الشيء فوجدناه نافعًا في هذا الألم أو المرض، ولكن لابد أن يكون أثره ظاهرًا مباشرًا كما لو اكتوى بالنار فبرئ بذلك مثلا؛ فهذا سبب ظاهر بيّن، وإنما قلنا هذا لئلا يقول قائل: أنا جربت هذا وانتفعت به، وهو لم يكن مباشرًا، كالحلقة، فقد يلبسها إنسان وهو يعتقد أنها نافعة فينتفع لأن للانفعال النفسي للشيء أثرًا بينًا، فقد يقرأ إنسان على مريض فلا يرتاح له، ثم يأتي آخر يعتقد أن قراءته نافعة فيقرأ عليه الآية نفسها فيرتاح له ويشعر بخفة الألم، كذلك الذين يلبسون الحلق ويربطون الخيوط؛ قد يحسون بخفة الألم أو اندفاعه أو ارتفاعه بناءً على اعتقادهم نفعها، وخفة الألم لمن اعتقد نفع تلك الحلقة مجرد شعور نفسي، والشعور النفسي ليس طريقًا شرعيًا لإثبات الأسباب، كما أن الإلهام ليس طريقًا للتشريع"، وينظر مجموع الفتاوى 1-137}، كما ينبغي للمسلم أيضا مع استعمال الأسباب المشروعة أن يتوكل على الله تعالى، قال الحافظ ابن القيم في طريق الهجرتين (ص335، 336): "التوكل يجمع أصلين: علم القلب، وعمله، أما علمه: فيقينه بكفاية وكيله، وكمال قيامه بما وكله إليه، وأن غيره لا يقوم مقامه في ذلك. وأما عمله: فسكونه إلى وكيله وطمأنينته إليه، وتفويضه وتسليمه أمره إليه، وأن غيره لا يقوم مقامه في ذلك، ورضاه بتصرفه له فوق رضاه بتصرفه هو لنفسه، فبهذين الأصلين يتحقق التوكل، وهما جماعُه"، واعتقاد أن هذا الأمر إنما هو مجرد سبب، وأنه لا أثر له إلا بمشيئة الله تعالى، إن شاء نفع بهذا السبب، وإن شاء أبطل أثره. قال شيخنا محمد بن عثيمين في القول المفيد باب ما جاء في الرقى (1-184): "ومع وجود الأسباب الشرعية الصحيحة ينبغي للإنسان أن لا يعلق نفسه بالسبب، بل يعلقها بالله، فالموظف الذي يتعلق بمرتبه تعلقًّا كاملا، مع الغفلة عن المسبب وهو الله قد وقع في نوع من الشرك، أما إذا اعتقد أن المرتب سبب، فهذا لا ينافي التوكل، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأخذ بالأسباب مع اعتماده على المسبب، وهو الله عز وجل ".
أما إن اعتمد الإنسان على السبب فقد وقع في الشرك، لكن إن اعتمد عليه اعتمادًا كليًا، مع اعتقاد أنه ينفعه من دون الله فقد وقع في الشرك الأكبر، وإن اعتمد على السبب مع اعتقاده أن الله هو النافع الضار فقد وقع في الشرك الأصغر، فالمؤمن مأمور بفعل السبب مع التوكل على مسبب الأسباب جل وعلا.
وعليه فإن ترك الأسباب واعتقاد أن الشرع أمر بتركها، وأنها لا نفع فيها كذب على الشرع، ومخالفة لما أمر الله به وأجمع عليه أهل العلم، ومخالفة لمقتضى العقل، ولهذا قال بعض أهل العلم: "الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسبابًا نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع، وإنما التوكل والرجاء معنى يتألف من موجب التوحيد والعقل والشرع"(2).
ومن الشرك في الأسباب: أن يجعل ما ليس بسبب سببًا، فإن اعتقد أن هذا السبب يستقل بالتأثير بدون مشيئة الله فهو شرك أكبر، كحال عباد الأصنام وعباد القبور الذين يعتقدون أنها تنفع وتضر استقلالا، وإن اعتقد أن الله جعلها سببًا، مع أن الله لم يجعلها سببًا فهو شرك أصغر؛ ومن أمثلته: التطير، والاستسقاء بالنجوم، وسيأتي بيانهما وبيان كونهما من الشرك في هذا الفصل إن شاء الله تعالى.

المثال الرابع من أمثلة الشرك الأصغر
في الأعمال القلبية: التطير


التطير: التشاؤم بمرئي أو مسموع أو غيرهما، أو هي: ما يتشاءم به من الفأل الرديء، والشؤم: ضد اليمن، وهو عدم البركة.
ومن أمثلة التطير: ما كان يفعله أهل الجاهلية من أن أحدهم إذا أراد سفرًا زجر أو أثار طيرًا، فإن اتجه ذات اليمين تفاءل، فعزم على السفر، وإن اتجه ذات الشمال تشاءم، وترك هذا السفر، وقد كثر استعمال أهل الجاهلية للطيور في هذا الأمر حتى قيل لكل من تشاءم "تطير"، ومن أمثلة التشاؤم أيضًا: التشاؤم بسماع كلمة لا تعجبه ك (يا هالك)، أو بملاقاة الأعور أو العجوز الشمطاء، أو برؤية الغراب، أو البوم، أو صاحب عاهة في أول سفره، أو في أول نهاره فيترك هذا السفر، أو يترك البيع والشراء في هذا اليوم، ومن أمثلته: التشاؤم ببعض الأشهر كصفر، والتشاؤم ببعض الأرقام كثلاثة عشر، كما يفعله كثير من أصحاب الفنادق والعمارات وغيرهم في هذا العصر، فتجد بعضهم لا يضع هذا الرقم في أدوار العمارة أو في المصعد أو في مقاعد الطائرات، ونحو ذلك تشاؤمًا.
والتطير محرم، وشرك أصغر. والسبب في كونه شركًا هو بسبب ما يعتقده المتطير من أن ما فعله من التطير كان سببًا في دفع مكروه عنه أو في جلب الخير له مع أنه سببٌ غير صحيح، وإنما هو من خرافات الجاهلية، ومما يزينه الشيطان في نفوس الجهال، فإذا وقع بعض ما تطيروا به في بعض الأحيان جعلهم الشيطان يتعلقون بهذا التطير ويظنون أنه صحيح، كما أن في هذا التطير نوعًا من الاعتماد على الأسباب في دفع الضر وجلب الخير، فهي أسباب باطلة شرعًا وعقلا، فهو قد اعتمد على سبب لم يجعله الله سببًا، وتعلق قلبه بهذه الأسباب الباطلة، كما أن في التطير اعتمادًا على هذه الأمور الباطلة في دعوى معرفة ما سيكون في المستقبل، وهذا الحكم إنما هو في حق من اعتقد أن ما تطير به جعله الله علامة على هذا الأمر المكروه أو سببًا في حصوله، أما من اعتقد أن هذا المتشاءم به يحدث الشر بنفسه ويفعله استقلالا، أو اعتقد أنه يعلم الأمر الذي سيقع في المستقبل ويخبر به، فهذا من الشرك الأكبر(5).
ومثله: الفعل الذي يقدم عليه العبد أو يعزم عليه لرؤيته أو سماعه ما يسر به كما سبق ويستثنى منه الفأل الحسن، وهو: أن يكون الإنسان قد عزم على أمر معين فيرى أو يسمع أمرًا حسنًا من غير قصد له، فيسر به ويستبشر به، ويزيده ذلك اطمئنانًا بأن ما كان قد عزم على فعله سيكون فيه خير وبركة بمشيئة الله تعالى، ويعظم رجاؤه في الله تعالى في تحقيق هذا الأمر، من غير اعتماد على هذا الفأل، فهذا حسن، فالفأل حسن ظن بالله تعالى، ورجاء له، وباعث على الاستعانة به، والتوكل عليه، وعلى سرور النفس، وانشراح الصدر، وهو مسكن للخوف، باعث للآمال، والطيرة على النقيض من ذلك: فهي سوء ظن بالله، وتوكل على غيره، وقطع للرجاء، وتوقع للبلاء، وقنوط للنفس من الخير، وهو مذموم وباطل شرعًا وعقلا.
وقد وردت أدلة كثيرة تدل على بطلان التطير وتحريمه أما حديث ابن عمر الذي رواه البخاري (5094-5753)، ومسلم (2225) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا عدوى ولا طيرة، وإن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس" ومثله حديث سهل بن سعد عند البخاري (2859)، ومسلم (2226) فالأقرب أن المراد بالشؤم في هذا الحديث وشواهده ما رجحه الإمام البخاري في صحيحه وغيره، ورجحه شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله في بعض دروسه من أن المراد ما يكون في بعض أعيان هذه الثلاثة من الضرر المحسوس، كالمرأة السيئة الخلق، والدار الضيقة، أو السيئة الجيران، والفرس السيئة الطباع، ونحو ذلك، ومن ذلك ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الطيرة شرك"(6)، وتمامه: "وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل" وهذه التتمة من قول ابن مسعود رضي الله عنه كما في سنن الترمذي، والمعنى: وما منا أحد إلا وقد يعتريه التطير، وهذا يدل على أن ما يقع في القلب من التطير من غير قصد من العبد ولم يستقر في القلب معفو عنه، لكن إن ترتب عليه إقدام أو إحجام فهو محرم، ويؤيد هذا حديث معاوية بن الحكم عند مسلم (537): قال قلت: ومنا رجال يتطيرون؟ فقال صلى الله عليه وسلم : "ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدنهم"، وفي رواية: "فلا يصدنكم".
ومما يدل على تحريم الطيرة أيضًا وإباحة الفأل: ما رواه عروة بن عامر، قال: ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: "أحسنها الفأل، ولا ترد مسلمًا، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم: لا يأت بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك"(7)، قال في فتح المجيد ص522: "وقوله: (ولا حول ولا قوة إلا بك) استعانة بالله تعالى على فعل التوكل، وعدم الالتفات إلى الطيرة التي قد تكون سببًا لوقوع المكروه عقوبة لفاعلها، وذلك الدعاء إنما يصدر عن حقيقة التوكل الذي هو أقوى الأسباب في جلب الخيرات ودفع المكروهات"، وقوله صلى الله عليه وسلم : "لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الحسن" قالوا: وما الفأل؟ قال: "الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم" رواه البخاري ومسلم(8).
قال الحافظ ابن رجب بعد ذكره أن التشاؤم باطل شرعًا وعقلا، قال: "وفي الجملة فلا شؤم إلا المعاصي والذنوب فإنها تسخط الله عز وجل فإذا سخط على عبده شقي في الدنيا والآخرة كما أنه إذا رضي عن عبده سعد في الدنيا والآخرة، فالشؤم في الحقيقة هو معصية الله، واليمن هو طاعة الله وتقواه كما قيل:
إن رأيًا دعا إلى طاعة الله
لرأي مبارك ميمون
والعدوى التي تهلك من قاربها هي المعاصي، فمن قاربها وخالطها وأصر عليها هلك، وكذلك مخالطة أهل المعاصي ومن يحسن المعصية ويزينها ويدعو من شياطين الإنس، وهم أضر من شياطين الجن، قال بعض السلف: شيطان الجن تستعيذ بالله منه فينصرف، وشيطان الإنس لا يبرح حتى يوقعك في المعصية، وفي الحديث: " المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"(9)، وفي حديث آخر: "لا تصحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي"(10)، فالعاصي مشؤوم على نفسه وعلى غيره فإنه لا يؤمن أن ينزل عليه عذاب فيعم الناس ولا سيما من لم ينكر عليه عمله فالبعد عنه متعين، فإذا كثر الخبث هلك الناس عمومًا(11).

هوامش:


(1) مجموع الفتاوى 8-175، 176.
(2) مجموع الفتاوى 8-169، وينظر آخر مدارج السالكين 3-521، وشرح الطحاوية: الدعاء ص 679.
(3) القول السديد باب من الشرك لبس الحلقة ص45، 46، القول المفيد باب الرقى 1-183، مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين 1-102-104، الشرك الأصغر ص135-147.
(4) ينظر: الصحاح، والقاموس المحيط، والنهاية (مادة: طير)، إكمال المعلم 7-141، جامع الأصول 7-628.
(5) ينظر: فيض القدير 4-294، القول المفيد 1-577.
(6) رواه الإمام أحمد (3687 تحقيق شاكر)، وأبو داود (3910)، والترمذي (1614)، وقد صححه الترمذي، والحاكم، وصححه أيضًا الذهبي والعراقي كما في فيض القدير 4-294، وابن العربي في عارضة الأحوذي 7-116.
(7) رواه أبو داود في الطب (3919).
(8) صحيح البخاري (5754)، وصحيح مسلم (2223) من حديث أبي هريرة.
(9) رواه أبو داود (4833)، والترمذي (2395)، وابن حبان (554)، وسنده حسن.
(11) ينظر: لطائف المعارف: وظيفة شهر صفر ص77
RWIDA غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .