العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: المنافقون فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: النهار فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في لغز اختفاء النياندرتال (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الشكر فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أنا و يهود (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نقد المجلس الثاني من الفوائد المدنية من حديث علي بن هبة الله الشافعي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: زراعة القلوب العضلية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: غزة والاستعداد للحرب القادمة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حديقة الديناصورات بين الحقيقة والخيال (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في مقال ثلث البشر سيعيشون قريبا في عالم البعد الخامس (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 10-12-2009, 12:47 PM   #23
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
Angry الحلقة السابعة

7
الليلة الثالثة... ليلة (الشيفون) بامتياز. استفقت من غيبوبتي لأجدني ملقى على قفاي كسلحفات رماها موج البحر في اليابسة وعجزت عن العودة.


أطرافي مخدرة بالكاد أحركها, تحسست أنفي النازف المتورم. نوبة سعال رهيب صارت تنتابني , أبصق بعدها بقع الدم القاني. وألم فضيع أحسه في حنجرتي وكأن شفرات حلاقة حادة علقت بها.

صرت أحمل هم السعال أكثر من هم الجلوس على المرحاض لقضاء حاجتي بعدما(فرشوني) بسحب رجلي اليمنى لأقصى اليمين واليسرى لأقصى الشمال خلال حفلة الليلة الفائتة. وكأن أسياخ حديد تخترق كامل بدني المثخن. ثياب نومي المبتلة بالكاد أصبحت تستر عورتي .

حاولت جهدي مقاومتهم كي لا ينزعوا سروالي الذي تمزق , ويا ليتني مافعلت . بعد محاولة المقاومة الفاشلة تلك لم تعد الأصفاد تفارق معصمي خلف ظهري بعد ما كنت على الأقل أقي بهما بعض لكماتهم النازلة على وجهي بعشوائية بالغة.

مبتلا من أخمص قدمي إلى شعر رأسي, اختلطت على أنفي الروائح, رائحة (الشيفون) العفن الكريهة, ورائحة البول العطنة. خمنت, ربما فعلها الكلب كابيلا صاحب الوجه البشع بشاعة المكان وأنا في غيبوبتي.

فقد كنت علمت من بعض إخوة المحنة أن إحدى هوايته المتعددة المفضلة عنده هي إفراغ متانته المملوءة جعة وخمرا على أجساد الضحايا ووجوههم خاصة.
أحمد الله على كل حال.


لم يفعلوها بي أمام عيون أفراد أسرتي وبحضورهم كما فعلوها بميمون البركاني في غرفة نومه حين احتج على ترهيب أبنائه ليلا والدخول على زوجه وهي بلباس النوم فقط . وطالب بإذن الوكيل العام لتفتيش البيت. المسكين ربما صدق كلام التلفزيون وبراحي { العهد الجديد} وحسب أن ذاك الزمن قد ولى ولن يعود كما يروجون. وأن زوار الفجر وخفافيش الظلام يعترفون بشيء اسمه القانون.

كلما التقيته في ساحة السجن خاطبته مازحا مذكرا إياه بالواقعة. {واقعة التبول عليه أمام أعين زوجته وأبنائه}
"هل تظن نفسك في السويد يا ميمون" فكان يبتسم بألم .

بل أكثر وأخطر من هذا ماحدثني به لحظة مداهمة بيته وبعد التبول عليه. أيقظوا شقيقه وشقيقته الصغار وهما من ذوي الإحتياجات الخاصة {الصنف المنغولي} كان المسكين يعيلهما فانهالوا عليهما ضربا بكل قوة. لم يسلم من شرهم أحد في هذه البلاد في هذه الحرب المستعرة بالوكالة. أقسموا له قائلين
" والله إن لم تدلنا على مكان تواجد صديقك فلان لنقتلنهما"

كانا يصرخان في هلع ورعب شديد. وتبولا من شدة الرعب حتى ابتلت ملابسهما بذلك. نزلت عليهما الأيدي والأرجل الخشنة بكل قوة ولم تكف حتى وافق على كشف مكان تواجد صاحبه الذي نال رفقته حكما بأربعين سنة قسموها بينهما سواسية .

زحفت على بطني بمساعدة يدي كدودة مبعوجة الذيل داستها قدم آدمية غير مكترثة صوب صنبور الماء. صدق الخبيث ووفى بما توعدني به بالأمس حين قال: " مازال ما شفت والو أوليدي سير ارتاح وفكر مزيان مع راسك. وتعاون معانا راه من مصلحتك..."
(إنك لم تر بعد شيئا يا ولدي . اذهب الآن لترتاح وفكر جيدا وكن متعاونا فإن ذلك من مصلحتك )

صدق الخبيث هذا مما لم أره وأذق طعمه من قبل . لكني أكيد قرأت أو سمعت عنه ممن زاروا المكان من قبل أو زاروا غيره من المراكز السرية والعلنية التي تنتشر على طول هذا الوطن أكثر من المستشفيات.

الليلة الثالثة... ليلة (الشيفون) بامتياز. وما أدراك ما الشيفون. أدخل قبري ولا أنساها. اللعنة ألف مرة على من اخترع هذه الوسيلة البشعة . لو عرفته لبصقت على قبره وربما تبولت عليه.

بعدما علقوني من رجلي ومعصمي وسط عمود حديدي أفقي على طريقة الديك المشوي, تدلى رأسي للخلف لتسهل العملية. شرعوا في الضغط على أنفي بملقط خاص لم أتبين شكله مما كان يضطرني لفتح فمي, حينها يدخلون خرقة الموت المبلولة بالسائل الغريب ويعصرونها في فمي. غلبت رائحة مادة {الكريزين} القوية على رائحتي الكلور ومياه المجاري وربما أشياء أخرى لم أعرفها.

وأنا صغير أذكر أنني كنت أفر من البيت حين تستعمل الوالدة {الكريزين} في تنظيف المرحاض هربا من رائحته الخانقة. وها أنا ذا أعبه عبا رغما عن أنفي. كنت أظنه قد انقرض من الأسواق وتوقف إنتاجه بعدما هزمته منتوجات التنظيف الجديدة زاهية الألوان والتعليب , ولم يصمد أمام وصلاتها الإشهارية المتنوعة التي لا تتوقف على التلفزيون.

من المؤكد أن القوم لا زالوا يحتفظون بمخزون هائل من هذا {الكريزين} من عهد يزعمون أنه ولى بلا رجعة. تبدلت بعض الوجوه والشعارات ولم تتبدل الوسائل. تبا لهم...وهذه الوسيلة بالذات أزهقت أرواح العديد من المواطنين في مخافر الشرطة والمعتقلات...

انذلق السطل فأمر أحدهم بملئه من جديد. تمنيت لو تطول مدة غيابه حتى أسترجع بعضا من أنفاسي . لكن الخبيث عاد في رمشة عين, وكأن الوصفة الرهيبة جاهزة ولا تحتاج كبير عناء لتحضيرها. لعلها بئر مملوءة أو خزانات ضخمة , هكذا خلتها حينئذ...

تمنيت الموت...عيني تجحضان حتى كنت أظنهما قد غادرتا محجريهما... السائل يخرج من أنفي ...رأسي تنفجر...حين يحسون باختناقي الشديد وقرب دنو أجلي كانوا يوقفون العملية للحظات...

كنت أغيب عن الوعي فتوقظني الصفعات القوية والمياه الباردة على وجهي...وربما جعة كابيلا ورفاقه المخزنة في مثانته ...
رفعت سبابته كما أمروني إذا رغبت في القول:
"ملي تبغي تكلم هز صبعك"

أوقفوا العملية "قووول ...قوووول ...بسرعة قوووول...."
"مهلا عليه أريحوه يا كلاب...أتركوه يسترجع أنفاسه...أنا أعرفه راجل ونصف" هكذا صاح فيهم أحد الممثلين. ثم توجه إلي يمسح الزبد الخارج من فمي وهو يردد " مالك على هاد التكرفيص أوليدي من الصباح قول لهم فين هو صاحبك خ وسير ارتاح مع راسك . ياك هو صاحبك من الروح للروح مايمكنش يغبر بلا ما يقول لك فين غادي؟؟؟!!! "

أخذت فرصة لأسترجع بعضا من أنفاسي. خلتهم فرحين يفركون أيديهم مبتسمين يتغامزون علي. ألحوا علي مرة أخرى فنهرهم الممثل الغبي متظاهرا بالتعاطف معي والإشفاق لحالي " دعوه يرتاح قليلا" قاطعته حينها " قتلوني وريحوني والله ماعارف شي حاجه عليه "

كنت طبعا كاذبا في قسمي لأني أعلم علم اليقين أن الأمر لن يتوقف عند معرفتهم أين ذهب سيكون اعترافي ذاك مجرد رأس الخيط وبداية السلسلة
حرف الألف يتبعه الباء ثم التاء ثم الثاء ...وهكذا. وإلا فلو كان الأمر يتوقف هنا لقلت لهم وأرحت نفسي . تبا لهم فلأصبر والله معي.

ازداد غيظهم وصراخهم وحنقهم بعد جوابي , فضاعفوا لي العذاب. آخر ما أذكره من كلامهم قبل أن أغيب عن الوعي هو :
" واش احنا قتاله باغينا نقتلوك واش احنا مجرمين أولد الق حيد لمه السروال...حيد لمه السروال..."

هل نحن قتلة مجرمون حتى تطلب منا قتلك يا ابن العاهرة انزع سرواله...
الليلة الثالثة : وما أدراك ما الليلة الثالثة...صوت جلبة وضوضاء تكسر سكون الممر. زحفت صوب البوابة الضخمة. غريب أمر المكان, كل الحواس تكاد أن تتعطل هناك وتتبلد ماعدا حاسة السمع من شدة الخوف يصبح المرء أسمع من فرس.

وضعت خدي على الأرض بمحادات أسفل البوابة السوداء حيث يتسرب خيط شعاعي ضوئي خافت, علي أسمع بعض ما يجري .

ضحية جديدة تساق نحو المسلخ, بالكاد يجر قدماه. تمتمت له بالدعاء.
عم الصمت الرهيب المكان لبعض الوقت, قبل أن يصلني صوت كبيرهم في لكنته الفاسية الركيكة..."قووول...قووول...قووول...
يجيبهم الضحية في إصرار غريب بصوت فيه حشرجة وبحة :
"والله ما نقول !!! والله مانقول!!! "

قووووول أولد الق.....قووووول أحسن لك...قووووووول......"
يجيبهم في تحد " والله مانقوووول....والق....هي أمك...أنت هو ولد الق..

وقف شعر رأسي وساد السكون الرهيب مرة أخرى. ربما يعدون العدة لكسر هذا التحدي الغريب الذي لا يقدم عليه هنا إلا مجنون فقد عقله أو إنسان من غير طينتنا .

بعد لحظات دوى صراخ المسكين. رجع صداه هز هدوء الليل . وكأن جلده يسلخ عن لحمه. كدت أخر هلعا, تقطعت النياط في قلبي ألما وحزنا وخوفا. في حياتي لم أسمع كتلك الصرخات التي لا تزال تدوي في أذني ليومي هذا مساهمة بدورها في كوابيسي التي لاتنتهي منذ غادرت المكان.
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .