أنه أول يوم من ايام شهر رمضان المبارك ،يوم شديد الحر، و الوقت وقت الهاجرة .أوصدت المحلات أبوابها ،وخلت شوارع بلدتنا الصحراوية من المارة ،و الباعة المتجولين . آوى كل ضعيف بنية لركن ظليل ،كشجرة او حائط يقيه وهج الشمس .صليت الظهر، و عرٌجت على دار خالتي ميمونة ذات الثمانين عاما و نيف،لاطمأن هل مازالت قادرة على إتمام صيام ما تبقى من سويعات هذا اليوم، أم أن قواها قد خارت و انهارت عزيمتها . دخلت حجرتها ، فوجدتها تتململ في فراشها ،تحاول جلب النعاس لعينيها ، تتصبب عرقا، و قد جفٌ حلقها، و خفت صوتها .قلت يا خالة ، انكِ كبيرة السن اطال الله عمركِ و مصابة بداء السكري ،و ربما اشتد بكِ المرض إن أتممت الصيام الى المغرب . عليكِ إطعام مسكين عن كل يوم و تفطرين .فتحت عيناها و نظرت الي، و قد ارتسمت على محياها ابتسامة يخالطها رغبة شديدة في شربة ماء بارد تروي ظمأها و تثلج صدرها الملتهب .لكن الحياء منعها و آثرت كتم رغبتها و الصبر على العطش سويعات أخرى ، ريثما يؤذن المؤذن لصلاة المغرب .جلست احدثها عن حكم صيام المريض و المسن حتى استسلمت جفونها للنعاس فنامت .وضعت على جبينها خرقة من القماش بللتها بماء بارد،و انصرفت و فكري مشغول بما سيؤول اليه حالها بعد حين .قلت اصلي العصر و اعود لزيارتها و قد اوصيت حفيدة لها في العشرين من العمر ان تتفقدها بين الحين و الحين و تراقب تنفسها و ضربات قلبها ،فأن حدث مكروه لا سمح الله أطفأت النيران عن الطعام و ابلغت الجيران .
دخلت عليها بعد صلاة العصر فوجدتها كأنما نشطت من عقال ،نهضت قائمة تسلم على و تشكر صنيعي ،قلت لا شك انكِ عملت ِ بنصيحتي و أفطرتي ......، خيرا فعلتِ ...و الله .قالت بلى يا جاري العزيز ،الفضل للمضمضة بماء البئر البارد ،فقد أعاد لي عافيتي و بلل عروقي يارجل ، لو لاها لكنت الآن جثة هامدة .تعجبت من قولها و قلت كيف يا خالة ؟ قالت ما ان تركتني حتى عمدت لسطل ماء بارد،فتوضأت ،و لازلت اتمضمض و ابتلع ما تسير ابتلاعه، حتى ذهب عني الظمأ و ابتلت عروقي ،ههههههههه قلت فعلتِها يا خالة....... فمن اوحى لكِ بهذا ؟ قالت شيطاني عليه اللعنة ههههه .قلت بل رحمة الله بكِ .اهديتها بطيخة باردة و قلت:هذه تيممي بها الآن ، و لابأس أن تلتهمي منها شيئا ههههههه.
رمضان و خالتي ميمونة
النمط المتطور