العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 08-10-2011, 11:48 PM   #1
صلاح الأول
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 44
Post قصيدة ..وتذوق 1

القصيدة : حب الوطن الشاعر :خير الدين الزركلي

العين بعد فراقها الو طنا لا ساكنا ألفت و لا سكنــا


ريــانةً بالدمـع أقلقـــها ألا تُحس كرىً ولا و ســـنــا


و القلب لولا أنـة صعدت أنكرته و شككت فيه أنــــا


ليت الذين أحبهم علمـوا وهموا هنالك ما لقيت هـنا


كثيرة هي القصائد الوطنية التي تعبر عن تعلق الشاعر ببلده وحنينه إلى أرضه . لكن القليل منها نال من الشهرة والذيوع ما نالت الأبيات السابقة للشاعر السوري خير الدين الزركلي .
و رغم أن المصادر لا تسعفنا بالتعرف على ظروف هذه القصيدة لكننا نعرف أن الشاعر كان ذا نزعة وطنية عروبية قوية . وهو الذي اتصل بالملك العربي الموحد عبدالعزيز آل سعود وأعجب به وألف كتابا في سيرته . فلا عجب إذا أن تصدر عنه هذه القصيدة المفعمة بحب الوطن أيا كان هذا الوطن ضمن نطاق عالمه العربي الكبير .
لكن الملمح الآخر الذي زاد من قيمة هذه القصيدة هو الروح العاطفية الرقيقة التي تغلف هذه الأبيات من أولها إلى آخرها . ولنتذوق هنا بضع أبيات من هذه القصيدة الرائعة الذائعة ...
يبدأ الشاعر قصيدته بمفردة جميلة " العين " ويجعل منها نظيرا للوطن . ويصور العلاقة بينهما كعلاقة أليفين فرقت بينهما الأيام . فصارت العين في غربة كصاحبها لا ترتاح إلى أحد من الناس " ساكنا " أو مكان من الأمكنة " سكنا ".
ولقد عبر عن هذا المعنى بألفاظ موسيقية سهلة يرن فيها النون بانتظام جميل مستفيدا من جمال الجناس والمطابقة في البلاغة العربية . و تخيل معي لو جعل القلب مكان العين . أو الصاحب مكان الساكن !! كيف يفقد البيت وهجه وتنطفئ روعته وموسيقاه الداخلية ...
ثم ذهب الشاعر في البيت الثاني يفصل الحالة الوجدانية التي تعيشها عين الغريب ومن ورائها نفس الغريب عن وطنه . فهي عين ريانة !! والري هو الامتلاء بالماء أو الخير عموما . لكن المدهش أن الشاعر جعلها صفة سلبية يشكو منها .فهي ريانة ولكن بالدموع . أما سبب هذه الدموع فهو قلق الغريب المتواصل الذي يحرمها من النوم ومن مجرد النعاس .
ولعلنا هنا نلحظ أن الشاعر قلب المعادلة المعروفة في العلاقة بين القلق والسهر دون مبرر فني واضح . فقد جعل السهر سببا للقلق . و لكن العكس هو الصحيح . وتبريرا لهذا القلب دعونا نتخيل هذه الصورة : بسبب انشغال الغريب بوطنه البعيد ذهبت عنه الرغبة في النوم . وطال سهره .فاستغربت العين وقلقت لذلك .
تحول الشاعر بعد " العين " إلى " القلب " ليعبر أيضا عن تأثير الغربة عن الوطن فيه . و القلب في العادة نابض بالحياة والحركة ملي بالمشاعر والأحاسيس . لكن قلب الغريب هنا ميت أو أشبه بالميت فلا شيء يحركه أو يستثير شعوره . ولا منظر يبهجه أو يؤنسه .
لا شيء إلا أنات مكتومة وزفرات حنين متصاعدة تدل على أن القلب مازال حيا . وكأن ذكرى الوطن الحبيب هي فقط التي تساعده في غربته على الحياة و البقاء . ولولا ذلك لشك هذا الغريب في حياته ! وتأمل هذه المفارقة الجميلة : أن يشك المرء في حياته وهو حي .
أجمل ما في هذا البيت هو لفظ " أنا " فهي أولا تجانس لفظ " أنة " . ليس هذا هو المثير في البيت ولكن موقعها في قافية البيت ملفت للانتباه . فربما تكون هذه من المرات النادرة في الشعر العربي التي يتوقف فيها البيت على ضمير منفصل . وتكون بهذه الحلاوة والطلاوة .
البيت الأخير غاية في الرقة و العذوبة . فهو يعبر عن حبه وشوقه لأهله في وطنه البعيد " هناك " دون أن يصف أو يفصل . إنه يتمنى فقط أن يشعروا بما يلاقيه في غربته "هنا " من آلام الغربة وغصص الشوق والحنين إليهم .
هذه إلمامة بسيطة تذوقنا من خلالها أربعة أبيات فقط من قصيدة الزركلي الشهيرة . و القصيدة بكاملها عذبة رقيقة مليئة بالمشاعر الوجدانية الصادقة ومعبرة عن إحساس فطري يعيشه كل من كتب له أن يتغرب ويبتعد عن وطنه وأهله و مراتع صباه .
صلاح الأول غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .