العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: ابونا عميد عباد الرحمن (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة في مقال مخاطر من الفضاء قد تودي بالحضارة إلى الفناء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في كتاب من أحسن الحديث خطبة إبليس في النار (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث وعي النبات (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث أهل الحديث (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب إنسانيّة محمد(ص) (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الى هيئة الامم المتحدة للمرأة,اعتداء بالضرب على ماجدات العراق في البصرة (آخر رد :اقبـال)       :: المهندس ابراهيم فؤاد عبداللطيف (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نظرات في مقال احترس من ذلك الصوت الغامض (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 17-08-2010, 11:06 AM   #61
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الخمسون: رؤية مصرية لصورة اليهودي في أدب إحسان عبد القدوس ..
تقديم: رشاد عبد الله الشامي ..أستاذ في جامعة عين شمس ـ القاهرة

(الصفحات 849ـ 888)

تعتبر دراسة الصورة التي يقدمها عمل أدبي لشخصية من الشخصيات النمطية، سواء تلك المتصلة بشعب أو بجماعة دينية أو عرقية، من الدراسات المعترف بها في مجال التعرف على خصائص ذلك الشعب أو تلك الجماعة؛ ويعول عليها الكثير في معركة الخصائص السلوكية لتلك الشخصية النمطية في واقع الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية والعقائدية التي تؤثر فيها وتحدد معالم شخصيتها وتمكن من التنبؤ باستجاباتها وردود أفعالها.

الدراسة طويلة بحيث لا يمكن تقديمها بالطريقة التي قمنا بها سابقاً من اختصار وإيجاز، دون تجاوز لخطوط مسار البحث. أما في هذه الدراسة فإنه من الصعب الالتزام بالطريقة السابقة، نظراً لحجم الدراسة وتنوع نقاطها وكثرتها..

أولاً: الشخصية اليهودية في الأدب العربي

1ـ صورة اليهودي على النحو الذي وردت في القرآن الكريم
وقد لخصها الباحث مبيناً الآيات الكريمة التي تشير لها: التنكر للحق والمجادلة فيه؛ النفاق ونقض المواثيق؛ الجبن والخيانة؛ الحرص الشديد على الحياة؛ كراهية المسلمين والكيد للإسلام؛ الغدر بالأنبياء والإجرام والفساد في الأرض؛ السعي الدائم لإشعال الحروب.

2ـ صورة اليهودي في الأدب الشعبي العربي: وما أوردته السنة النبوية والتراث الإسلامي بالإضافة لما ورد في القرآن الكريم.

3ـ انعكاسات قضية فلسطين والصراع العربي الصهيوني في العصر الحديث.

ثانياً: الشخصية اليهودية في الأدب المصري

عندما نقول الأدب المصري، فإن المعني هنا هو الأدب النثري (الرواية والقصة الخ) وليس الشعر. لا يمكن رصد وجود شخصية محورية يهودية في الرواية المصرية منذ فترة الأربعينات الى الثمانينات من القرن الماضي. لا في كتابات توفيق الحكيم ولا طه حسين ولا نجيب محفوظ ولا يحيى حقي ويوسف إدريس وعبد الحميد جودة السحار، ويوسف السباعي وإبراهيم المازني ومحمود تيمور وغيرهم.

لكن هناك استثناءات في تناول الشخصية اليهودية، منها: (قفزات الطائر الأسمر النحيل 1983) و (مدينة فوق قشرة واهية 1984) للأديب المصري (نعيم تكلا).

أما الروائي والكاتب إحسان عبد القدوس، فقد كان أقرب للكاتب السياسي من الروائي المحايد، فكانت كتاباته بما فيه الروايات تعبر عن رؤية سياسية يستطيع القارئ التعرف على ملامحها، ومما كتبه عن الشخصية اليهودية:

1ـ بعيداً عن الأرض (1951). 2ـ أين صديقتي اليهودية ـ قصة قصيرة. 3ـ أضيئوا الأنوار حتى نخدع السمك. 4ـ لن أتكلم ولن أنسى 5ـ كانت صعبة ومغرورة. 6ـ لا تتركوني وحدي ـ رواية 1979.

ثالثاً: المحاور الرئيسية لرؤية إحسان عبد القدوس للشخصية اليهودية.

كانت من السمات الرئيسية المميزة لأدب إحسان عبد القدوس أنه أدب يصور أحداثاً رآها فعلاً، ووقائع عاشها، وأبطالاً شاهدهم وتعامل معهم، الى درجة أنه في كثير من أعماله يشعر القارئ، رغم التخفي، أنه يكتب تجربة ذاتية عاشها بالفعل، وكان أحد أبطالها واقعياً.

في روايته (لا تتركوني هنا وحدي) والتي نشرها بعد توقيع مصر اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني، يستعرض الكاتب أوضاع مصر منذ الأربعينات حتى وقت توقيع الإتفاقية.

بطلة الرواية هي (لوسيان هنيدي) اليهودية التي تنتمي الى أسرة متواضعة، لا تتوقف في محاولاتها عن بلوغ مراتب القوة والعزة واحتلال موقع هام في المجتمع. وتستخدم سلاحيها: الأنوثة والذكاء، وتبدأ في تحقيق الثروة لكنها لا تحقق الاحترام. فتلجأ الى الزواج من أحد أقطاب الأرستقراطية المصرية المسلمة، وتغير دينها وتعتنق الإسلام، وقبل ثورة يوليو 1952 بشهور يتوفى زوجها ويترك لها ثروة طائلة، لكنها تحس أنها بحاجة لحماية فتنجح في الإيقاع بأحد ضباط الثورة وتتزوجه فتؤمن الحماية لنفسها وثروتها وتحقق المزيد من الصعود الاجتماعي.

ويتتبع إحسان عبد القدوس شخصية (لوسيان هنيدي) والتي أصبح اسمها (زينب)، ليرسم ملامح الشخصية اليهودية والتي يكررها أو يزيد في تفصيلها في رواياته الأخرى والتي تتمثل في:

أ ـ اليهودية ليست ديناً بل شخصية. ب ـ هذه الشخصية اليهودية لها الغلبة على أي انتساب آخر. ج ـ إن شخصية اليهودي تتحرك دائماً في اتجاه عالم الطموح.

رابعاً: تغيير اليهودي لدينه بتأثير المصالح

كان المحك الذي اختاره إحسان عبد القدوس في حبكته القصصية في كل من العملين الأدبيين: لا تتركوني هنا وحدي؛ وكانت صعبة ومغرورة. لإثبات صدق منطلقه في فهم الطبيعة الخاصة للشخصية اليهودية، فأبطال قصصه (نساءً أو رجال) يتحولون من دينهم الى الإسلام لتحقيق مآربهم الملتصقة بشخصية اليهودي.

عندما رمت (لوسيان هنيدي) اليهودية شباكها على الأرستقراطي المصري المسلم (شوكت بك ذو الفقار) وعندما صار لها ما أرادت، طلبت من زوجها اليهودي (زكي راؤول) الطلاق ولكنه رفض، فأعلنت إسلامها ليتحقق لها ما أرادت. ويفاجئ إحسان عبد القدوس قرائه بتوجه زكي راؤول لإعلان إسلامه، حتى يمتنع عن الطلاق!

خامساً: موقف اليهودي بعد اعتناق الإسلام من العقيدة الإسلامية وتقاليدها

بتتبعه لشخصية لوسيان هنيدي، وكيفية ابتعادها عن العلاقات باليهوديات والالتزام بالتقاليد الإسلامية، يريد إحسان عبد القدوس، أن يثبت الصورة التي كرسها في أعماله المتعلقة بالشخصية اليهودية وهي المصلحة. فلطالما أن الإسلام قد جلب المال والوجاهة للوسي اليهودية فلماذا لا تتماهى معه؟

سادساً: الحنين الى رموز الارتباط بالانتماء اليهودي

من المفارقات التي تكشف عنها معالجة إحسان للشخصية اليهودية التي أشهرت إسلامها، أنه يجعل هذه الشخصية التي كانت بعيدة تمام البعد عن عالم التقاليد الدينية اليهودية، تستشعر نوعاً من الحنين الغامض الغريب الى كل الرموز التي كانت لا تحفل بها، ولا تقيم لها وزنا في حياتها، ولا تعبأ بالحرص عليها عندما كانت تعيش بالمجتمع اليهودي.

عندما أشهرت (لوسيان هنيدي) إسلامها، بدلت اسمها ليصبح (زينب) وعندما طلب زوجها المسلم إلحاق اسمها باسم أسرته، ليصبح زينب ذو الفقار، رفضت وأبقت على اسم العائلة (هنيدي) بحجة أن اسم عائلتها مشترك بين اليهود والمسلمين.

سابعاً: عدم رسوخ الانتماء للإسلام بعد اعتناقه

يلاحق احسان عبد القدوس زلات اللسان عند زينب، فعندما يغير ابنها اسمه من (إيزاك) الى خالد بناء على ضغط والده، ينوي الهجرة الى الأرض المحتلة، فتطلب منه أمه عدم تركها، قائلة: من قال أننا لسنا يهوداً؟ ويذكر الباحث عدة مواقع اقتنصها من الرواية لإثبات عدم ترسخ الدين الجديد في نفوس اليهود.

ثامناً: الصراع العربي ـ الصهيوني يكثف رسوخ مشاعر الانتماء اليهودي في الشخصية اليهودية

يستعمل احسان عبد القدوس، شخصية (إيزاك) المتمسك بيهوديته والرافض لاسم خالد، والذي ينوي السفر لقبرص للذهاب منها الى تل أبيب، للالتحاق بالجيش بعد نشوب حرب 1973، فقالت له أمه (زينب): لو كان اليهود بإسرائيل يحتاجونك لطلبوا منك ذلك مسبقاً، لكنهم (أي اليهود) يحتاجون أن تبقى في مصر أكثر!

كما يتتبع الكاتب الحوارات التي كانت زينب طرفاً بها، عند كل حرب (1948؛ 1956؛ 1967؛ 1973) وكيف تكون خائفة على مصير الكيان الصهيوني، وعندما يحقق الصهاينة انتصاراً، تقول: كنت واثقة من أننا سننتصر!

تاسعاً: الشخصية اليهودية بين رحلة الطموح اليهودي والسعي الدائم للإحتماء بالأقوى.

يرصد الباحث (رشاد عبد الله الشامي) الشخصيات اليهودية في روايات إحسان عبد القدوس، ولا يترك صغيرة أو كبيرة من لفظ أو كناية إلا وحللها، ليصل في النهاية لإثبات ما أراد أن يثبته في بحثه، من أن اليهودي لا يتوقف طموحه عند حد ولا يتوانى عن التخلي عن أي شيء في سبيل الوصول للهدف، ولا ينسى اليهودي الاستناد على مركز قوة يضمن الحماية له.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 22-09-2010, 07:26 PM   #62
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الحادي والخمسون: صورة الآخر في رواية المهدي لكونيل *1..

تقديم: أبو بكر أحمد باقادر .. أستاذ في جامعة الملك عبد العزيز ـ جدة

الصفحات 889ـ 904 من الكتاب

(1)

تُتاح للأديب فرصٌ في تصوير الآخر، أكثر من التي تُتاح لعالم الاجتماع أو السياسي أو المفكر العقائدي، حيث أنه لا يكون مُطالباً بتقديم معلومات يمكن فحصها والتأكد من صحتها في المراجع العلمية المعتمدة. فهو ـ كما المتعارف عليه ـ لا يقدم دراسة تاريخية، بل يقدم عملاً أدبياً.

والأديب، بتلك الحرية، يتحول لفنان يبتدع صوراً قد تكون خيالية، ويتعامل معها وكأنها ماثلة وموجودة (Self-fulfilling Prophecy)، بمعنى خلق عالم خاص خيالي، ولا وجود مناظراً له في الواقع.

وعليه فإن الباحث (أبو بكر باقادر) سيتناول رواية حديثة النشر للروائي الإنجليزي (إ. ج. كونيل) اسمها (المهدي)، وسيقدم إعطاء نبذة مختصرة عن أهم معالم الرواية، وأهم شخصياتها، ويقوم بتحليل الرواية من جانب، ثم يقوم بتقديم قراءات متعددة للرواية متقمصاً أدوار لأربعة من أصناف القراء.

(2)

تبدأ أحداث الرواية، بلقاء (هوك Hawke: ومعناه الصقر) وهو رجل مخابرات أمريكي، ب (برتشارد) وهو رجل مخابرات بريطاني، وهما من مسئولي فروع مخابراتهما بالشرق، وبعد تعارف وحديث، يعلن رجل المخابرات الإنجليزي، أن الغرب أخطأ في زرع الفرقة بين المسلمين، فكان من الأفضل بقائهم موحدين للسيطرة عليهم مجتمعين، لأنهم ـ بنظره ـ سهلين الانقياد، طالما اقتنعوا بمن يحكمهم دينياً.

وبعد اقتناع الأمريكي بوجهة نظر الإنجليزي، واصل الإنجليزي إكمال فكرته، باقتراح اختراعاً يوحد المسلمين، (المهدي المنتظر). أُعجب الأمريكي بالفكرة مشترطاً دخول البريطانيين فيها، لأنها لو فشلت لاستثمر فشلها السوفييت ضد أمريكا.

وبعد نقاش، وعودة رجل المخابرات الأمريكي الى بلده، ومناقشة الموضوع مع مسئوليه، تمت الموافقة على العملية والتي أطلق عليها اسم (ميراج: السرب)، ورسى الاختيار على شخص محترف مهنياً بالمخابرات البريطانية اسمه ( بيتر جيمل) وهو شاب رياضي ومحب للموسيقى الراقية والباليه وله حضور مميز.

ويناقش رجال المخابرات كيف سيقوم المهدي معجزة أمام الحجيج في يوم عرفات ، وهنا ستتدخل (ناسا) باستخدام الأقمار الصناعية التي ستقوم بمعجزة المهدي بواسطة أشعة الليزر.

اكتشفت المخابرات السوفييتية تفاصيل العملية والخطة واشترطت أن تشترك بها وإلا كشفتها.

(3)

ينتقل كاتب الرواية (كونيل) الى المدينة المنورة وجدة ومكة ليرسم لنا شخصية أبو قادر (تحريف لعبد القادر) الرجل الذي سيلعب دور المهدي، وكيف أنه صنيعة المخابرات الأجنبية، كما يلقي الضوء على العمل الدائم لرجال المخابرات الأجنبية من أجل إنجاح العملية بتفاصيلها وتعقيداتها المذهلة. وينتقل بنا الى مختبرات (NASA) والمختبرات الأخرى المتقدمة في تقانة الفضاء، حيث يتم إعداد المعجزة. وبالفعل كانت كل التفاصيل المطلوبة تسير كما هو مرغوب فيه، واستطاعت التقانة الأمريكية المتقدمة جداً أن تصمم جهاز بث لأشعة الليزر من الفضاء يمكن أن يستهدف بدقة فائقة المنطقة المرغوب فيها وأن يفجر نفسه بعد الانتهاء من المهمة.

وهكذا بعد أن ضمنت الجهات المهتمة بالعملية كامل التفاصيل، وقرب موعد الحج، قامت بعملين تفصيليين: أولهما بث الشائعات بمجيء المهدي المنتظر، والتي ابتدأ بثها في قرية من القرى الإندونيسية النائية، وتنتقل بواسطة خطط إعلام غربية منظمة، حتى أصبح العالم الإسلامي مهيئاً للحدث.

وأخيراً يعيش الكاتب مع الحجاج أيامهم الأخيرة في مكة، ثم الذهاب الى عرفات، فالعيد في منى، وكيف يتقدم (المهدي) أمام أنظار ملايين المسلمين الذين قدموا للحج ذلك العام، بأضحيته متوسلاً من الله أن يقدم أمام أنظار الجميع معجزته له. في هذه الأثناء نعيش لحظات ترقب، إذ يخبرنا الكاتب كيف أن برج العمليات في أمريكا يوضح أن جهاز إرسال أشعة الليزر يعاني خللاً فنياً، ولم يتمكنوا من إصلاحه، وتمر الدقائق بطيئة، وفي حالة ترقب وتحفز، إذ لو فشل (المهدي) في الحصول على المعجزة التي بشر بها، ربما قطعته الجماهير المترقبة إرباً باعتباره مهدياً مزيفاً. وفي آخر لحظة، وعلى الرغم من استمرار برج العمليات في أمريكا في المسعى، كان الخلل لا يزال قائماً، ثم ينطلق شعاع الليزر وتحدث المعجزة، ويسجد الجميع شكراً لله واعترافاً بمهدية المهدي، وهنا تنتهي الرواية.

ويستغرب كاتب البحث (أبو بكر باقادر) من مسألتين: الأولى أن من قام بدور المهدي هو (ابن غير شرعي) لرجل المخابرات البريطاني (بريتشارد)، تركه في أرض الجزيرة لتهيئته لهذا الدور، والثانية: إهداء مؤلف الرواية روايته للمسلمين لتحذيرهم من التضليل!

(4)

يتخيل صاحب البحث أربعة نوعيات من القراء لتلك الرواية والكيفية التي سيتأثرون بها بعد قراءتهم.

النوعية الأولى، القارئ الغربي العلماني: سيتأكد هذا القارئ أن هذا المجتمع الإسلامي الذي تنطلي عليه مثل تلك الحيل، هو بحاجة الى مساعدة عالمية يشترك بها الشيوعيون والرأسماليون وغيرهم لإنقاذه مما هو فيه من تخلف.

النوعية الثانية، القارئ الصليبي المتعصب: سيفرح ذلك القارئ بمادة جديدة، تؤكد تصوراته عن الدين الإسلامي، وتؤكد نشاطات من سبقه في وسم الإسلام بالتخلف والعجز وتصديق كل ما من شأنه غيبياً حتى لو كان حيلاً غربية!

النوعية الثالثة، المسلم العادي: الذي أهداه الكاتب في تقديمه للكتاب، والذي يعتقد بتفوق الغرب، والذي يعتبر معظم أو كل الحركات الإسلامية وحتى الحكومات هي ألعوبات في يد الغرب، وهذا سيكون طابوراً خامساً في التبشير برفض كل ما هو له علاقة بالتراث، حتى لو لم يقصد.

النوعية الرابعة، المسلم الغيور الملتزم: سيقوم هذا النوع من القراء بتمحيص الرواية وادعاءاتها، حتى لو كان الظاهر منها هو لتحذير المسلمين. فسيقف عند التبجح بالقوة الغربية وتفوقها على المسلمين، وجمع كل أطيافها من شيوعي وليبرالي وكاثوليكي وبروتستنتي وغيرهم، ليدخل بأدق التفاصيل، والتي تعني بالمسافات بين المدن المذكورة بالرواية وتفاصيل مناسك الحج. ووجود ما يشبه (المهدي المنتظر) في الديانة المسيحية (عودة المسيح) الخ. ليثبت في النهاية أن تلك الرواية ما هي إلا نمط من أنماط الغزو الفكري والثقافي.

خاتمة:

يتساءل الباحث: ماذا نقرأ وكيف نقرأ، وكيف نجيب؟ ومن ذا الذي يجيب؟ ومن ذا الذي يتصدى لتلك الموجات الكبيرة من الجهد المنظم والمفبرك ضد ديننا وأمتنا؟

*1ـ A.J. Quinnell, The Mahdi )London Macmillan 1981
__________________
ابن حوران

آخر تعديل بواسطة ابن حوران ، 22-09-2010 الساعة 07:36 PM.
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-10-2010, 03:17 PM   #63
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

( الحلقة قبل الأخيرة)
الصفحات 905ـ 923
الفصل الثاني والخمسين: الأصوات الغربية إزاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي: حالة الأدب الشعبي ..

تقديم: توان فان تيفلين .. أستاذة بجامعة أمستردام

أولاً: الأصوات والقوة

تمهد الباحثة (توان فان تيفلين) لبحثها بالتنويه والاستناد والانطلاق من أعمال الباحث الروسي (باختين) الذي يولي الأصوات والحوار دوراً جوهرياً في إيصال الخطاب، فهو يميز بين الخطاب الرسمي والخطاب الشعبي، حيث يقوم الخطاب الرسمي على تفسيخ الحوار الجاري طامسة العفوية والأصالة، ويمثل الجانب الرسمي والسياسي ويدافع عنه، ولا تنتقص الباحثة من أثر الخطاب الرسمي وقوته. أما الخطاب الشعبي فيكون مليئاً بالمشاعر والأصالة وأثره ضعيفاً في تغيير مجرى الأحداث.

أرادت الباحثة أن تركب موج (باختين) لتتبع مجرى الخطاب المتعلق بفلسطين والكيان الصهيوني، وتشير بطرف خفي لضعف خطاب العرب والفلسطينيين وأنصارهم واتصافه بالسذاجة والتهديد الفارغ، في حين يتصف خطاب الصهاينة وأنصارهم بالدهاء والقدرة على التأثير.

ثانياً: الأدب الشعبي

يُعد هذا النوع من الأدب بجمهوره العريض من أبلغ السبل لإعادة إنتاج وتعديل التعريفات الرسمية حول العلاقات الدولية. ويستغل الأدب الشعبي الانقسام القائم بين ما هو شعبي وما هو رسمي. ويسعى الخيال الشعبي الى تقويض ما هو رسمي. وللسلطة الشعبية منبعان رئيسيان يظهران بانتظام عبر الروايات الشائعة أكثر: أولهما هو التغلب على المعاناة وتذليل مصاعب الحياة بشكل عام، مما يثري تجارب البطل ويعزز لديه الحكمة؛ وثانيهما هو قدرته على الفعل المتجسدة في إقدامه على الأعمال الجريئة التي تتحدى المؤسسات القانونية القائمة وتكسبه سلطة قوية.

وبالمقابل فإن نماذج السلطة القانونية القائمة تبدو في هذا القص الشعبي سلطة واهية ينعدم منها الصدق، فهو يجعل من البيروقراطي والدبلوماسي والسياسي المحترف هدفاً للسخرية ما لم يقدموا على المغامرات.

ثالثاً: سياسة التدخل

تدخل الباحثة هنا في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وتشير الى مجموعة من الروايات التي كتبها غربيون وتركز على بعضها.

ففي رواية (القرصان) للروائي الشهير (هارولد وربانس) وقد تناولت حرب تشرين 1973 واستخدام النفط كسلاح من قبل العرب. ويقدم الكاتب في روايته حواراً دار بين جنرال إسرائيلي (بن عزرا) الذي كان يتوقع حرب تشرين/ أكتوبر 1973، وحذر الغرب من نتائجها قبل وقوعها. أما في حواره مع الجانب الأمريكي بعد الحرب، فقد طلب من الأمريكان إعطاء مهلة إضافية لإسرائيل حتى تواصل الحرب من أجل احتلال مصر وليبيا وبلدان الخليج العربي، لكي تنقذ العالم من تفاقم الحظر النفطي.

(....) لقد برز العرب ماسكين بأقوى سلاحٍ حلموا به، ألا وهو سلاح الحظر البترولي. إنه سلاح قادر على العصف بالعالم الغربي بسرعة تفوق سرعة القنبلة الذرية.

أما إذا تسنى لنا التحكم في البترول الليبي وفي أنبوب البترول السوري (الآتي من العراق)، فإن الحظر سيزول، فنتمكن عندها من تزويد العالم أجمع بالبترول على نحو ما نريد، إن إيران تقف الى جانبنا.

وأما إذا لم نقدر على ذلك، فسينهار اقتصاد العالم أمام أنظارنا، ويتولى العرب تقسيم العالم (....) ثم إنهم شيئاً فشيئاً سيصرفون عنا بلدان العالم.

نظر (هاريس الأمريكي) الى رئيس الوفد الإسرائيلي قائلاً: (من حسن حظنا ألا تكون سياسة حكومتك على شاكلتك).

تسوق الباحثة عدة نُتف من عدة روايات مثل رواية (الأحد الأسود: التي تتطرق الى حادثة ميونيخ للوفد الرياضي الإسرائيلي) و رواية (الشرق 34) و (زهرة العسل) و (الفارس الخامس) و (عام القرد الذهبي) و (على ضفاف نهر ممفيس) وكلها روايات تتهكم فيما إذا حصل العرب على تقنية القنبلة النووية، فماذا سيحصل للعالم؟

رابعاً: التساؤل الأخلاقي

في رواية (الأحد الأسود) يلتقي بطل الرواية الإسرائيلي (كاباكوف) وهو عميل للموساد بطبيبة نفسية وجراحة أمريكية تشتغل كمتطوعة في حرب 1967 وتدعى (راشال بومان)، فتتوطد العلاقة بينهما، وكانت قد أجرت عملية لأحد الجنود المصريين. وكانت مُتعبة منزعجة لما توجه إليها (كاباكوف) يسألها بلطف في ما كانت تفكر، فأجابت:

(أنا بصدد التفكير في الجهد الذي يبذله العاملون في مستشفيات القاهرة لمحو ما تسببون أنتم فيه من فساد، إنكم تفعلون ذلك حتى في زمن السلم أليس كذلك؟)
وتعلو نبرة صوتها في نقل ما يصفهم العالم به من قسوة وعنف، فيرد عليها ببرود: يجب أن تخلدي للراحة يا عزيزتي.

تنقطع الأخبار والعلاقة فيما بينهما، ثم تعود علاقة العشق فيما بينهما، ليستطيع فيها تجنيدها للموساد، وتبقى تكرر أريد السلم والسلام لشعب فلسطين!

خامساً: صوت الآخر

تقيم الباحثة النماذج التي أوردتها أو اطلعت عليها وحتى من بينها روايات عربية، وتلخص رأيها بما يلي:

1ـ الخطاب العربي كما تصوره الباحثة: عديم الشعبية ومليء بالكلام العاطفي وعديم التجربة.

2ـ وحتى تلك الأعمال الآتية من أنصار القضية الفلسطينية، وإن كانت توجه نقداً شديداً للصهيونية فإن تأثيرها يكاد يكون معدوماً.

تورد الباحثة نُتفاً من حوار حدث في رواية (صاحبة الطبل الصغيرة) ل (جون لوكري 1983). وهو بين عميل للموساد وممثلة بريطانية وقعت في عشقه، فهي تطالبه لا تقصفوا المخيمات... اتركوا الفلسطينيين يعيشون بسلام، فسألها: هل سبق لكِ أن ألقيتِ بنظرة على خريطة الشرق الأوسط؟
ـ بالطبع فعلت ذلك..
ـ هل تمنيتِ أن يتركونا نحن وشأننا؟

تخلص الباحثة الى أن الأصوات الأخلاقية التي تظهر هي أصوات شعبية، لا أثر كبير لها في مساندة الشعب الفلسطيني.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 04-11-2010, 01:05 PM   #64
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الثالث والخمسون (الأخير): التعامل مع الماضي وخلق الحضور: صور فلسطين البريدية ..

تقديم: أنليس موريس .. أستاذة بجامعة أمستردام ـ هولندا و استيفن فاشلين (مؤرخ ومصور هولندي) ..

إن الصورة البريدية هي من أول وسائل الإعلام المرئية. فمنذ نهاية القرن التاسع عشر كانت مثل هذه البطاقات أداة الاتصال المرئي الأكثر توزيعاً وشعبية. وقد أدت التطورات الحاصلة عندئذٍ في تقنيات الاستنساخ الى جعل إنتاج البطاقات البريدية المصورة ممكناً. كما ولَّد ظهور سوق إعلامية طلباً سريع التزايد عليها.

لقد صدرت البطاقات البريدية الأولى عام 1869، في النمسا، وتطورت تقنية تلك البطاقات فيما بعد في كل أنحاء العالم. ولحد الآن يلاحظ الزائر لأي بلاد أن البطاقات البريدية تُنضد على حاملات خاصة في المكتبات وعند (أكشاك) بيع التحف للسياح، وقد تفننت المطابع والشركات المتخصصة لإنتاج مثل تلك البطاقات لتؤدي رسالة ثقافية وسياحية ودعائية من أنواعٍ مختلفة.

1ـ مشاهد العقد القديم

قد تكون أول البطاقات البريدية التي تتعلق بفلسطين اُلتقطت صورها قبل ثلاثة أو أربعة عقود، وكان الغرض من إصدارها سياحيٌ بالدرجة الأولى، ويهدف لإبراز صورة فلسطين المقدسة التي ظهر بها السيد المسيح عليه السلام، فتظهر فلاحين وأناس يحملون المنجل والمنشار لتدلل على عمق تلك المهن والمناظر من العهود الأولى.

كما كان مصدرو تلك البطاقات يضعون عليها عناوين لها دلالات قديمة مثل (حقل بواز) حيث تذكر القصة التي وردت بالتوراة أن رجلاً ثرياً التقى بفلاَّحة قرب بيت لحم تدعى (روث) وهي تحمل الحطب من حقله، والرجل اسمه (بواز).

2ـ صور الأستوديو والأنماط التوثيقية

لجأ مصدرو البطاقات البريدية عن فلسطين في تصوير (خاصيات) شرقية كالنرجيلة والإبريق والأسلحة العتيقة، وكيل القمح (الصواع) ، ويتعاملون مع نماذج فلسطينية تلبس الأزياء التقليدية الفلسطينية. وتصور سياحاً يلبسون تلك الأزياء.

كانوا يريدون أن يبلغوا السائح الغربي، أن تلك الأرض لا زال سكانها بدو لم يطرأ عليهم أي تطور منذ العهد القديم.

3ـ القطيعة مع الماضي: صور اليهود

كان اليهود يصدرون بطاقاتٍ تبين حالة التشرد الذي يعيشونه، فتظهر يهودياً وهو يجلس على حقيبة سفره قرب محطة قطار، لتبين مدى المعاناة التي يلقاها اليهود تحت ما يسمى بمعاداة السامية، ويصورون وجهتهم نحو (حائط المبكى) كتدليل على الرمزية المختصة بالعقاب وطلب المغفرة من الله.

ثم تطورت البطاقات البريدية التي يصدرها اليهود عن فلسطين، بالكتابة تحتها (نحن نبني فلسطين) للدعاية للهجرة الصهيونية.

4ـ البطاقات الإسرائيلية الحديثة: المطالبة بالماضي

سيطرت شركة The Palestine Photo Rotation Company: Palphot اليهودية منذ عام 1934 على إصدار البطاقات البريدية في كل فلسطين، وأتيح لها بذلك لتكثيف رسالتها الصهيونية من خلال البطاقات.

فبعد أن كانت بطاقة (حقل بواز) تعني التذكير بالعهد المسيحي، أصبحت نفس البطاقة تحمل (قرويون عرب يحصدون في حقل الملك اليهودي هيرود 42 ق.م).

وعندما يصورون (حائط المبكى) يصبح جندي صهيوني يصلي عند الحائط الغربي! مع نص يقول ( من أجل صهيون لن أسكت، ومن أجل أورشليم لن أستريح).

ثم تتطور البطاقات لتصور صهاينة يلبسون مع نسائهم ملابس السباحة ويلهون في البحر، مع خلفية لبدويات برفقة جمل وكبش. (هذه إسرائيل؛ العتيقة والجديدة).

ولكي تكون رسائل الصهاينة بليغة، فقد أعادوا ترميم بعض أحياء (يافا) التي هدموها بأيديهم، ليبنوها بطابعها العربي، ولتكون لهم جذباً سياحياً، وتؤدي دعاية مفادها، أنهم جاءوا بالحضارة لتلك البلاد!

5ـ القراءة ضد التيار؟

لقد عمد تجار الصور وناشرو البطاقات البريدية، بحثاً عن النجاح، الى إمداد المحترفين الذين كانوا في الغالب من الغرب، بما كانوا يريدون. وفي مقابل ذلك فقد دعموا مثل هذه القوالب المرئية. ومع ذلك تظل قراءة أخرى ممكنة لأنه ثمة توتر داخلي بين صورة إسرائيل ( أرضاً بلا شعب لشعب بلا أرض)، وبين وضوح آثار فلسطين للعيان وضوحاً قد يذكر تذكيراً بما بُني عليه الحضور الإسرائيلي.

على ظهر بطاقة بريدية تحمل صورة (قيصرية: قيسارية) نص طويل: قيصرية مدينة فينيقية ثم ضُمت الى مملكة هشمونيا (اليهودية) وبعدها صارت عاصمة للرومان في فلسطين.

[ وللمعلومات فقيسارية من أقدم المدن في التاريخ بناها الكنعانيون وسموها (برج ستراتو) عندما دخلها الرومان أطلقوا عليها اسم (قيصرية) نسبة الى قيصر روما. هدمها اسحق رابين وطرد أهلها وأزال كل المظاهر العربية والإسلامية فيها... وهي تقع جنوب حيفا ب 37 كم].

وكان الصهاينة، يصدرون بطاقات عليها صورة لثمرة (الصبَّار: التين الشوكي) دلالة على أن خارجهم صلب مؤذي وداخلهم حلو المذاق ممتع!

انتهى عرض الكتاب بحمد الله
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .