العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ابونا عميد عباد الرحمن (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة في مقال مخاطر من الفضاء قد تودي بالحضارة إلى الفناء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في كتاب من أحسن الحديث خطبة إبليس في النار (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث وعي النبات (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث أهل الحديث (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب إنسانيّة محمد(ص) (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الى هيئة الامم المتحدة للمرأة,اعتداء بالضرب على ماجدات العراق في البصرة (آخر رد :اقبـال)       :: المهندس ابراهيم فؤاد عبداللطيف (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نظرات في مقال احترس من ذلك الصوت الغامض (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال أصل الوراثة من السنن الإلهيّة غير القابلة للتغيير (آخر رد :المراسل)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 09-07-2007, 05:43 PM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي أبو العلاء المعري . رهين المحبسين. سيرته وشئ من شعره.

[FRAME="11 70"]
أبو العلاء المعرّي

رهين المحبسين












هذا جناه أبي عليّ و ما جنيتُ على أحد
======================
نبذة مختصرة 1

المعرّي هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان. ولد في معرّة النعمان في شمال سوريا سنة ثلاث وستين وثلاثمائة هجرية (973 ميلادية) وفي الرابعة من عمره أصيب بالجدري وفقد بصره. درس على أبيه الذي مات وهو في الرابعة عشرة من عمره، فرحل إلى حلب حيث كانت الحركة الثقافية التي ازدهرت في ظل سيف الدولة لاتزال نشيطة، ومن حلب إلى أنطاكية، وكانت لاتزال تدافع عما بقي لها من تراثها البيزنطي، ومن أنطاكية توجّه إلى طرابلس الشام، ومرّ باللاذقية فأخذ عن بعض الرهبان ما وجده عندهم من علوم اليونان وآرائهم الفلسفية.

في عام 398 هجرية رحل إلى بغداد حيث مكث عامين عاد بعدهما إلى معرّه النعمان ليجد أمه قد لحقت بأبيه فاعتزل الناس إلاّ خاصة طلاّبه وخادمه الذي كان يتقاسم معه دخله السنوي وهو ثلاثون دينارًا كان يستحقها من وقف. ورحل المعري سنة تسع وأربعين وأربعمائة هجرية .




--------------------------------------------------------------------------------



خـط سـير مفصّـل 2



نشأ "أبو العلاء المعري" في أسرة مرموقة تنتمي إلى قبيلة "تنوخ" العربية، التي يصل نسبها إلى "يَعرُب بن قحطان" جدّ العرب العاربةويصف المؤرخون تلك القبيلة بأنها من أكثر قبائل العرب مناقب وحسبًا، وقد كان لهم دور كبير في حروب المسلمين، وكان أبناؤها من أكثر جند الفتوحات الإسلامية عددًا، وأشدهم بلاءً في قتال الفرس.
وُلد أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان في بلدة "معرَّة النعمان"
ونشأ في بيت علم وفضل ورياسة متصل المجد، فجدُّه "سليمان بن أحمد" كان قاضي "المعرَّة"، وولي قضاء "حمص"، ووالده "عبد الله" كان شاعرًا، وقد تولى قضاء المعرَّة وحمص خلفًا لأبيه بعد موته، أمَّا أخوه الأكبر محمد بن عبد الله (355 - 430هـ = 966 – 1039م) فقد كان شاعرًا مُجيدًا، وأخوه الأصغر "عبد الواحد بن عبد الله" (371 – 405هـ = 981 - 1014م) كان شاعرًا أيضًا.

وعندما بلغ أبو العلاء الثالثة من عمره أُصيب بالجدري، وقد أدَّى ذلك إلى فقد بصره في إحدى عينيه، وما لبث أن فقد عينه الأخرى بعد ذلك.ولكن هذا البلاء على قسوته، وتلك المحنة على شدتها لم تُوهِن عزيمته، ولم تفُتّ في عضده، ولم تمنعه إعاقته عن طلب العلم، وتحدي تلك الظروف الصعبة التي مرَّ بها، فصرف نفسه وهمته إلى طب العلم ودراسة فنون اللغة والأدب والقراءة والحديث.فقرأ القرآن على جماعة من الشيوخ، وسمع الحديث عن أبيه وجدِّه وأخيه الأكبر وجدَّتِه "أم سلمة بنت الحسن بن إسحاق"، وعدد من الشيوخ، مثل: "أبي زكريا يحيى بن مسعر المعري"، و"أبي الفرج عبد الصمد الضرير الحمصي"، و"أبي عمرو عثمان الطرسوسي".وتلقَّى علوم اللغة والنحو على يد أبيه وعلى جماعة من اللغويين والنحاة بمعرَّة النعمان، مثل: "أبي بكر بن مسعود النحوي"، وبعض أصحاب "ابن خالوية".وكان لذكائه ونبوغه أكبر الأثر في تشجيع أبيه على إرساله إلى "حلب" – حيث يعيش أخواله – ليتلقى العلم على عدد من علمائها، وهناك التقى بالنحوي "محمد بن عبد الله بن سعد" الذي كان راوية لشعر "المتنبي"، ومن خلاله تعرَّف على شعر "المتنبي" وتوثقت علاقته به.ولكن نَهَم "أبي العلاء" إلى العلم والمعرفة لم يقف به عند "حلب"، فانطلق إلى "طرابلس" الشام؛ ليروى ظمأه من العلم في خزائن الكتب الموقوفة بها، كما وصل إلى "أنطاكية"، وتردد على خزائن كتبها ينهل منها ويحفظ ما فيها.وقد حباه الله تعالى حافظة قوية؛ فكان آية في الذكاء المفرط وقوة الحافظة، حتى إنه كان يحفظ ما يُقرأ عليه مرّة واحدة، ويتلوه كأنه يحفظه من قبل، ويُروى أن بعض أهل حلب سمعوا به وبذكائه وحفظه – على صغر سنه – فأرادوا أن يمتحنوه؛ فأخذ كل واحد منهم ينشده بيتًا، وهو يرد عليه ببيت من حفظه على قافيته، حتى نفد كل ما يحفظونه من أشعار، فاقترح عليهم أن ينشدوه أبياتًا ويجيبهم بأبيات من نظمه على قافيتها، فظل كل واحد منهم ينشده، وهو يجيب حتى قطعهم جمعيًا.


عاد "أبو العلاء" إلى "معرة النعمان" بعد أن قضى شطرًا من حياته في "الشام" يطلب العلم على أعلامها، ويرتاد مكتباتها.وما لبث أبوه أن تُوفي، فامتحن أبو العلاء باليُتم، وهو ما يزال غلامًا في الرابعة عشرة من عمره، فقال يرثي أباه:
أبي حكمت فيه الليالي ولم تزل
رماحُ المنايا قادراتٍ على الطعْنِ

مضى طاهرَ الجثمانِ والنفسِ والكرى
وسُهد المنى والجيب والذيل والرُّدْنِ

وبعد وفاة أبيه عاوده الحنين إلى الرحلة في طلب العلم، ودفعه طموحه إلى التفكير في الارتحال إلى بغداد، فاستأذن أمه في السفر، فأذنت له بعد أن شعرت بصدق عزمه على السفر، فشد رحاله إليها عام (398هـ = 1007م).
واتصل "أبو العلاء" في بغداد بخازن دار الكتب هناك "عبد السلام البصري"، وبدأ نجمه يلمع بها، حتى أضحى من شعرائها المعدودين وعلمائها المبرزين؛ مما أثار عليه موجدة بعض أقرانه ونقمة حساده، فأطلقوا ألسنتهم عليه بالأقاويل، وأثاروا حوله زوابع من الفتن والاتهامات بالكفر والزندقة، وحرّضوا عليه الفقهاء والحكام، ولكن ذلك لم يدفعه إلى اليأس أو الانزواء، وإنما كان يتصدى لتلك الدعاوى بقوة وحزم، ساخرًا من جهل حساده، مؤكدًا إيمانه بالله تعالى ورضاه بقضائه، فيقول تارة:

غَرِيَتْ بذمِّي أمةٌ
وبحمدِ خالقِها غريتُ

وعبدتُ ربِّي ما استطعـ
ـتُ، ومن بريته برِيتُ

ويقول تارة أخرى:

خُلِقَ الناسُ للبقاء فضلَّت
أمةٌ يحسبونهم للنفادِ

إنما ينقلون من دار أعما
لٍ إلى دار شقوة أو رشادِ


ولم يكن أبو العلاء بمعزل عن المشاركة في الحياة الاجتماعية والفكرية في عصره؛ فنراه يشارك بقصائده الحماسية في تسجيل المعارك بين العرب والروم، كما يعبر عن ضيقه وتبرمه بفساد عصره واختلال القيم والموازين فيه، ويكشف عن كثير مما ظهر في عصره من صراعات فكرية ومذهبية، كما يسجل ظهور بعض الطوائف والمذاهب والأفكار الدينية والسياسية.
وقد عرف له أهل بغداد فضله ومكانته؛ فكانوا يعرضون عليه أموالهم، ويلحُّون عليه في قبولها، ولكنه كان يأبى متعففًا، ويردها متأنفًا، بالرغم من رقة حالة، وحاجته الشديدة إلى المال، ويقول في ذلك:

لا أطلبُ الأرزاقَ والمو
لى يفيضُ عليَّ رزقي

إن أُعطَ بعضَ القوتِ أعـ
ـلم أنَّ ذلك فوق حقي

وكان برغم ذلك راضيًا قانعًا، يحمد الله على السراء والضراء، وقد يرى في البلاء نعمة تستحق حمد الخالق عليها فيقول:

"أنا أحمد الله على العمى، كما يحمده غيري على البصر".


لم يطل المقام بأبي العلاء في بغداد طويلاً؛ إذ إنه دخل في خصومة مع "المرتضي العلوي" أخي "الشريف الرضي"، بسبب تعصب "المعري" للمتنبي وتحامل المرتضي عليه؛ فقد كان أبو العلاء في مجلس المرتضي ذات يوم، وجاء ذكر المتنبي، فتنقصه المرتضي وأخذ يتتبع عيوبه ويذكر سرقاته الشعرية، فقال أبو العلاء: لو لم يكن للمتنبي من الشعر إلا قصيدته: "لك يا منازل في القلوب منازل" لكفاه فضلاً.
فغضب المرتضي، وأمر به؛ فسُحب من رجليه حتى أُخرج مهانًا من مجلسه، والتفت لجلسائه قائلاً: أتدرون أي شيء أراد الأعمى بذكر تلك القصيدة؟ فإن للمتنبي ما هو أجود منها لم يذكره. قالوا: النقيب السيد أعرف! فقال: إنما أراد قوله:

وإذا أتتك مذمَّتي من ناقص
فهي الشهادة لي بأنِّي كامل


وفي تلك الأثناء جاءت الأخبار إلى أبي العلاء بمرض أمه، فسارع بالرجوع إلى موطنه بعد نحو عام ونصف العام من إقامته في بغداد.


غادر أبو العلاء بغداد في (24 من رمضان 400 هـ = 11 من مايو 1010م)، وكانت رحلة العودة شاقة مضنية، جمعت إلى أخطار الطريق وعناء السفر أثقال انكسار نفسه، ووطأة همومه وأحزانه، وعندما وصل أبو العلاء إلى بلدته كانت هناك مفاجأة قاسية في انتظاره.. لقد تُوفِّيت أمه وهو في طريق عودته إليها.ورثاها أبو العلاء بقصيدة تقطُر لوعة وحزنًا، وتفيض بالوجد والأسى. يقول فيها:

لا بارك الله في الدنيا إذا انقطعت
أسباب دنياكِ من أسباب دنيانا

ولزم داره معتزلاً الناس، وأطلق على نفسه "رهين المحبسين"، وظلَّ على ذلك نحو أربعين عامًا، لم يغادر خلالها داره إلا مرة واحدة، عندما دعاه قومه ليشفع لهم عند "أسد الدولة بن صالح بن مرداس" - صاحب حلب - وكان قد خرج بجيشه إلى "المعرة" بين عامي (417،418هـ = 1026،1027م)؛ ليخمد حركة عصيان أهلها، فخرج أبو العلاء، متوكئا على رجُل من قومه، فلما علم صالح بقدومه إليه أمر بوقف القتال، وأحسن استقباله وأكرمه، ثم سأله حاجته، فقال أبو العلاء:

قضيت في منزلي برهةً
سَتِير العيوب فقيد الحسد

فلما مضى العمر إلا الأقل
وهمَّ لروحي فراق الجسد

بُعثت شفيعًا إلى صالح
وذاك من القوم رأي فسد

فيسمع منِّي سجع الحمام
وأسمع منه زئير الأسد


فقال صالح: بل نحن الذين تسمع منَّا سجع الحمام، وأنت الذي نسمع منه زئير الأسد. ثم أمر بخيامه فوضعت، ورحل عن "المعرة".


وكان أبو العلاء يأخذ نفسه بالشدة، فلم يسع في طلب المال بقدر ما شغل نفسه بطلب العلم، وهو يقول في ذلك:
"وأحلف ما سافرت أستكثر من النشب، ولا أتكثر بلقاء الرجال، ولكن آثرت الإقامة بدار العلم، فشاهدت أنفس مكان لم يسعف الزمن بإقامتي فيه".ويُعدُّ أبو العلاء من أشهر النباتيين عبر التاريخ؛ فقد امتنع عن أكل اللحم والبيض واللبن، واكتفى بتناول الفاكهة والبقول وغيرها مما تنبت الأرض.وقد اتخذ بعض أعدائه من ذلك المسلك مدخلاً للطعن عليه وتجريحه وتسديد التهم إليه، ومحاولة تأويل ذلك بما يشكك في دينه ويطعن في عقيدته.وهو يبرر ذلك برقة حاله وضيق ذات يده، وملاءمته لصحته فيقول:

"ومما حثني على ترك أكل الحيوان أن الذي لي في السنة نيِّفٌ وعشرون دينارًا، فإذا أخذ خادمي بعض ما يجب بقي لي ما لا يعجب، فاقتصرت على فول وبلسن، وما لا يعذب على الألسن.. ولست أريد في رزقي زيادة ولا لسقمي عيادة".
وعندما كثر إلحاح أهل الفضل والعلم على أبي العلاء في استزارته، وأبت به مروءته أن يرد طلبهم أو يقطع رجاءهم، وهم المحبون له، العارفون لقدره ومنزلته، المعترفون بفضله ومكانته؛ فتح باب داره لا يخرج منه إلى الناس، وإنما ليدخل إليه هؤلاء المريدون.فأصبح داره منارة للعلم يؤمها الأدباء والعلماء، وطلاب العلم من كافة الأنحاء، فكان يقضي يومه بين التدريس والإملاء، فإذا خلا بنفسه فللعبادة والتأمل والدعاء.وكما لم تلن الحياة لأبي العلاء يومًا في حياته، فإنها أيضًا كانت قاسية عند النهاية؛ فقد اعتلّ شيخ المعرَّة أيامًا ثلاثة، لم تبق من جسده الواهن النحيل إلا شبحًا يحتضر في خشوع وسكون، حتى أسلم الروح في (3 من ربيع الأول 449هـ = 10 من مايو 1057م) عن عمر بلغ 86 عامًا.
وقد ترك أبو العلاء تراثًا عظيمًا من الشعر والأدب والفلسفة، ظل موردًا لا ينضب للدارسين والباحثين على مر العصور، وكان له أكبر الأثر في فكر وعقل كثير من المفكرين والعلماء والأدباء في شتى الأنحاء، ومن أهم تلك الآثار:
- رسالة الغفران: التي ألهبت خيال كثير من الأدباء والشعراء على مَرِّ الزمان، والتي تأثر بها "دانتي" في ثُلاثيته الشهيرة "الكوميديا الإلهية".
- سقط الزند: وهو يجمع شعر أبي العلاء في شبابه، والذي استحق به أن يوصف بحق أنه خليفة المتنبي.
- لزوم ما لا يلزم (اللزوميات)، وهو شعره الذي قاله في كهولته، وقد أجاد فيه وأكثر بشكل لم يبلغه أحد بعده، حتى بلغ نحو (13) ألف بيت.




--------------------------------------------------------------------------------

المعرّة - معرّة النعمان



معرة النعمان: مدينة في محافظة إدلب، شمال وسط سوريا. هي أهم مدن المحافظة بعد إدلب، ومسقط رأس الشاعر العربي الشهير أبو العلاء المعري. أهم آثارها المسجد الجامع والمدرسة الشافعية وخان أسعد باشا العظم زخان مراد باشا، الذي يضم اليوم متحفاً لآثار المنطقة.

"
"
"
"
"
"
[/FRAME]
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 09-07-2007, 05:45 PM   #2
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

[FRAME="11 70"]أشهر الأبيات



"أيها الغرّ إنْ خُصِصْتَ بعقلٍ فاتّبعْهُ ، فكلّ عقلٍ نبي"

-----------------------------------------------------------




يرتجي الناسُ أن يقـومَ إمامٌ ناطقٌ في الكتيبة الخرساء
كذب الظنُّ لا إمام سوى العقل مشيرا في صبحه والمساء
فإذا ما أطعته جلب الرحمة عند المسير والإرساء
إنما هذه المذاهب أسباب لجذب الدنيا إلى الرؤساء
أفيقوا أفيقوا يا غواة فإنما دياناتكم مكرٌ من القدماء



*********

ولا تصدق بما البرهان يبطله -- فتستفيد من التصديق تكذيبا

*********


جاءت أحاديثُ إن صحتْ فإن لها -- شأناً ولكنّ فيها ضعف إسنادِ

فشاور العقل واترك غيره هدرا -- فالعقلُ خيرُ مشيٍر ضمّه النادي

*********

في كل أمرك تقليدٌ رضيتَ به -- حتى مقالك ربي واحدٌ ، أحدُ

وقــد أُمرنا بفكرٍ في بدائعه -- وإن تفكر فيه معشر لحدوا ؟

*********


قلتم لنا خالقٌ حكيم قلنا صدقتم كذا نقـولُ
زعمتموه بلا مكانٍ ولا زمانٍ ألا فقولــوا
هذا كلام له خبـئٌ معناه ليست لنا عقولُ

*********
أما الإله فأمرٌ لست مدركه -- فاحذر لجيلك فوق الأرض إسخاطا

*********


أنهيتَ عن قتل النفوس تعمدا -- وبعثت أنت لقبضها ملكين؟

وزعمت أن لنا معادا ثانيا -- ما كان أغناها عن الحالين

*********


إن كان لا يحظى برزقك عاقــل -- وترزق مجنونا وترزق أحمقا

فلا ذنب يارب السماء على امرئ -- رأى من ما يشتهي فتزندقا

*********


أما اليقين فـلا يقين وإنما -- أقصى اجتهادي أن أظن وأحدسا

*********

وقد عدم التيقن في زمان -- حصلنا من حجاه على التظني

*********

هفت الحنيفة والنصارى ما اهتدت ويهود حارت والمجوس مضللهْ
اثنان أهل الأرض : ذو عقـل بلا ديــن وآخر ديِّن لا عقل لهْ

*********


تعالى الله فهو بنا خبير -- قد اضطرت إلى الكذب العقول
نقول على المجاز وقد علمنا -- بأن الأمر ليس كما نقول

*********

فلا تحسب مقال الرسل حقا -- ولكن قول زور سطّروه

وكان الناس في يمنٍ رغيدٍ -- فجاءوا باالمحال فكدروه

*********

دين وكفر وأنباء تقص وفرقان وتوراة وإنجيل
في كل جيل أباطيل ، يدان بها فهل تفرد يوما بالهدى جيل ؟

*********

وينشأ ناشئ الفتيان منا -- على ما كان عوّده أبوه

وما دام الفتى بحجى ولكن -- يـعلمه التدين أقربوه

*********

ولا تطيعن قوما ما ديانتهم -- إلا احتيال على أخذ الإتاوات
وإنما حمل التوراة قارئها -- كسب الفوائد لا حب التلاوات
إن الشرائع ألقت بيننا إحنا -- وأودعتنا أفانين العـــداوات

*********

أمور تستخف بها حلوم -- وما يدرى الفتى لمن الثبور
كتاب محمد وكتاب موسى -- وإنجيل ابن مريم والزبـور
نهت أمما فما قبلت وبارت -- نصيحتها فكل القوم بور

*********

في اللاذقية ضجةٌ ما بين أحمد والمسيح
هذا بناقوس يدق وذا بمئـذنة يصيح
كل يعظّم ديـنه ياليت شعري ما الصحيح ؟

*********


وما حجّي إلى أحجار بيت -- كؤوس الخمر تشرب في زراها
إذا رجع الحكيم إلى حجاه -- تهاون بالمذاهب وازدراها

*********


ما الركن في قول ناس لست أذكرهم -- إلا بقية أوثان وأنصاب

*********


أرى عالما يرجون عفو مليكهم -- بتقبيل ركن واتخاذ صليب

*********

وما لنفسي خلاص من نوائبها -- ولا لغيري إلا الكون في العدم


*********

وزهَّدني في الخلق معرفتي بهم وعلمي بأن العالمين هباء

*********


إذا سألوا عن مذهبي فهو بيِّن وهل أنا إلا مثل غيري أبله

*********


جهلنا فلم نعلم على الحرص ما الذي يُراد بنا والعلم لله ذي المنِّ

*********

سبحان من ألهم الأجناس كلَّهم أمراً يقود إلى خبل وتخبيل

*********

سألتموني فأعيتْني إجابتُكم من ادَّعى أنه دارٍ فقد كذبا

*********

وكم طلبتَ أموراً لست مدركَها تبارك الله من أغراك بالطلب

*********

قال المنجِّم والطبيب كلاهما -- لا تُحشَر الأجساد قلت إليكما
إن صحَّ قولُكما فلستُ بخاسرٍ -- أو صحَّ قولي فالخسارُ عليكما

*********

لا تقيِّد عليَّ لفظي فإني مثل غيري تكلُّمي بالمجاز


*********

خالق لا يُشَكُّ فيه قديم وزمان على زمان تقادم
جائز أن يكون آدم هذا قبله آدم على إثر آدم
لست أنفي عن قدرة الله أشـ ـباح ضياء بغير لحم ولا دم
وليس لنا علمٌ بسرِّ إلهنا فهل علمتْه الشمس أو شعر النجم

*********

يحطِّمنا ريب الزمان كأننا -- زجاج ولكن لا يُعاد لنا سَبْك
وما الإنسان في التطواف إلا -- أسيرٌ للزمان فما يفك

*********

يُفني ولا يفنى ويُبلي ولا يبلى ويأتي برخاء وويل


*********


نَزول كما زال أجدادنا ويبقى الزمان على ما ترى
[/FRAME]
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 09-07-2007, 05:47 PM   #3
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

[FRAME="11 70"]تعريف بالشاعر المفكر أبو العلاء المعري

هو أحمد بن عبدالله بن سليمان ( 363 – 449 هجريا . 973 – 1057 ميلاديا )

ولد فى " معرة النعمان " بسورية



وقد عميَ من الجدري في عامه الرابع

لزم منزله في عزلة لا يبرح بيته ولا يأكل اللحم ولم يتزوج أيضا وكان يصوم كل أيام السنة ما عدا عيد الفطر وعيد الأضحى وكان يلبس خشن الثياب وعاش زاهدا حتى وفاته بمعرة النعمان , و أوصى أن يكتب على قبره :

هذا جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد



وعن كتبه ومؤلفاته يقول القفطي :

" إن أكثر كتب أبى العلاء هذه عُدمت ، وإنما يوجد منها ما خرج عن المعرة قبل هجم الكفار عليها ، وقتل من قتل من أهلها ونهب ما وجد منها فأما الكتب الكبار التي لم تخرج من المعرة فعدمت وإن وجد شئ منها فإنما يوجد البعض من كل كتاب "

( القفطى : إنباه الرواة )

اما مؤلفاته التى لم تتعرض للحرق او الضياع فهى :

ديوان "سقط الزند"

ديوان "لزوم ما لا يلزم"

رسالة "الصاهل والشاحج"

"رسالة الغفران"

"رسالة الملائكة"

"رسالة الهناء"

"رسالةالفصول والغايات"



من اقواله فى العقل الذى يحترمه ويعتبره

السبيل الوحيد للوصول الى

الحقيقة وكشف الزيف

والوهم والخرافات



"أيها الغرّ إنْ خُصِصْتَ بعقلٍ فاتّبعْهُ ، فكلّ عقلٍ نبي “



يرتجي الناسُ أن يقـومَ إمــامٌ ناطقٌ في الكتيبة الخرســاء

كذب الظنُّ لا إمام سوى العقل مشيرا في صبحه والمســاء

فإذا ما أطعـتــه جلب الرحمة عند المسير والإرســـاء

إنما هذه المذاهب أسبـــاب لجذب الدنيا إلى الرؤسـاء



ولا تصدق بما البرهان يبطله فتستفيد من التصديق تكذيبا



جاءت أحاديثُ إن صــحتْ فإن لها شأنـا ولكن فيها ضعف إسنادِ

فشاور العقل واترك غيره هـــدرا فالعقلُ خيرُ مشيٍر ضمّه النادي



في كل أمرك تقليدٌ رضيتَ به حتى مقالك ربي واحدٌ ، أحدُ

وقــد أُمرنا بفكرٍ في بدائعه وإن تفكر فيه معشر لحدوا ؟



قلتم لنا خالقٌ حكيم قلنا صدقتم كذا نقـولُ

زعمتموه بلا مكانٍ ولا زمانٍ ألا فقولــوا

هذا كلام له خبـئٌ معناه ليست لنا عقولُ



أما الإله فأمرٌ لست مدركه فاحذر لجيلك فوق الأرض إسخاطا



أنهيتَ عن قتل النفوس تعمدا وبعثت أنت لقبضها ملكين؟

وزعمت أن لنا معادا ثانيا ما كان أغناها عن الحالين



إن كان لا يحظى برزقك عاقــل وترزق مجنونا وترزق أحمقا

فلا ذنب يارب السماء على امرئ رأى من ما يشتهي فتزندقا



أما اليقين فـلا يقين وإنما أقصى اجتهادي أن أظن وأحدسا



وقد عدم التيقن في زمان حصلنا من حجاه على التظني



هفت الحنيفة والنصارى ما اهتدت ويهود حارت والمجوس مضللهْ

اثنان أهل الأرض : ذو عقـل بلا ديــن وآخر ديِّن لا عقل لهْ



تعالى الله فهو بنا خبير قد اضطرت إلى الكذب العقول

نقول على المجاز وقد علمنا بأن الأمر ليس كما نقول



وينقد الاديان ويشكك فى صدقها ويعتبرها تأليف بشرى

من القدماء ويعتبرها سببا للعداوة

بين البشر , وانها وراء

تخلف المجتمعات

أفيقوا أفيقوا يا غواة فإنما دياناتكم مكرٌ من القدماء



فلا تحسب مقال الرسل حقا ولكن قول زور سطّروه

وكان الناس في يمنٍ رغيدٍ فجاءوا باالمحال فكدروه



دين وكفر وأنباء تقص وفرقان وتوراة وإنجيل

في كل جيل أباطيل ، يدان بها فهل تفرد يوما بالهدى جيل ؟



وينشأ ناشئ الفتيان منــا على ما كان عوّده أبوه

وما دام الفتى بحجى ولكن يـعلمه التدين أقربوه



ولا تطيعن قوما ما ديانتهم إلا احتيال على أخذ الإتاوات

وإنما حمل التوراة قارئهـا كسب الفوائد لا حب التلاوات

إن الشرائع ألقت بيننا إحنا وأودعتنا أفانين العـــداوات



أمور تستخف بها حلوم وما يدرى الفتى لمن الثبور

كتاب محمد وكتاب موسى وإنجيل ابن مريم والزبـور

نهت أمما فما قبلت وبارت نصيحتها فكل القوم بور



في اللاذقية ضجةٌ ما بين أحمد والمسيح

هذا بناقوس يدق وذا بمئـذنة يصيح

كل يعظّم ديـنه ياليت شعري ما الصحيح ؟



وعن اعتقاده بان الحج ما هو الا طقوس

وثنية يرفضها العقل :

وما حجى إلى أحجار بيت كؤوس الخمر تشرب في زراها

إذا رجع الحكيم إلى حجاه تهاون بالمذاهب وازدراها



ما الركن في قول ناس لست أذكرهم إلا بقية أوثان وأنصاب



أرى عالما يرجون عفو مليكهم بتقبيل ركن واتخاذ صليب



وعن عبثية الحياة وشكه فى الوجود

وايمانه بعدم وجود

حقيقة مطلقه:

وما لنفسي خلاص من نوائبها ولا لغيري إلا الكون في العدم



وزهَّدني في الخلق معرفتي بهم وعلمي بأن العالمين هباء



إذا سألوا عن مذهبي فهو بيِّن وهل أنا إلا مثل غيري أبله



جهلنا فلم نعلم على الحرص ما الذي يُراد بنا والعلم لله ذي المنِّ



سبحان من ألهم الأجناس كلَّهم أمراً يقود إلى خبل وتخبيل



سألتموني فأعيتْني إجابتُكم من ادَّعى أنه دارٍ فقد كذبا



وكم طلبتَ أموراً لست مدركَها تبارك الله من أغراك بالطلب



قال المنجِّم والطبيب كلاهما لا تُحشَر الأجساد قلت إليكما

إن صحَّ قولُكما فلستُ بخاسرٍ أو صحَّ قولي فالخسارُ عليكما



لا تقيِّد عليَّ لفظي فإني مثل غيري تكلُّمي بالمجاز



خالق لا يُشَكُّ فيه قديم وزمان على زمان تقادم

جائز أن يكون آدم هذا قبله آدم على إثر آدم

لست أنفي عن قدرة الله أشـ ـباح ضياء بغير لحم ولا دم



وليس لنا علمٌ بسرِّ إلهنا فهل علمتْه الشمس أو شعر النجم



يحطِّمنا ريب الزمان كأننا زجاج ولكن لا يُعاد لنا سَبْك

وما الإنسان في التطواف إلا أسيرٌ للزمان فما يفك

يُفني ولا يفنى ويُبلي ولا يبلى ويأتي برخاء وويل

نَزول كما زال أجدادنا ويبقى الزمان على ما ترى
[/FRAME]
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 09-07-2007, 05:49 PM   #4
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

[FRAME="11 70"] ]لسماع شعر أبي العلاء المعري.
هنا
http://www.dwaihi.com/hm/8m3ry.htm[/SIZE
]
[/color]
[/FRAME]
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 09-07-2007, 06:01 PM   #5
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

[FRAME="11 70"]بلغ ابو العلاء من العمر عتيا" فوصف له الطبيب فروجا" فلما جئ به له مد اليه يده وهي ترتعش فما تحسسه حتى كف يده وقال: استضعفوك فوصفوك هلا وصفوا شبل الاسد؟

*********************************



في رسالة الغفران يمارس ابو العلاء التصوير الكاريكاتوري الساخر نفسه الذي مارسه في رسالة الملائكة, التصوير الذي يمثل المستحيل المستحب عند الصغار وعند الكبار الذين يفهمون ما وراء تصوير المستحيل. فكما نرى في الافلام الكاريكاتورية كيف يقتل الحيوان ثم ينتصب حالا حيا كما كان, كذلك نرى في رسالة الغفران كيف ان اهل الجنة يأكلون اوزة ويستمتعون بطعمها, ثم تقوم هذه الاوزة تسعى كأن شيئا" لم يكن (من نوع ان حوريات الجنة يقين أبكارا" بعد الجماع, او ان شرب الخمرة لا يسكر).

****************************

دين وكفر وأنباء تقص وفرقان ينص وتوراة وانجيل

في كل جيل أباطيل يدان بها فهل تفرد يوما" بالهدى جيل

****************************





عجبت لكسرى وأشياعه وغسل الوجوه ببول البقر
وقول النصارى اله يضام ويظلم حيا" ولا ينتصر

وقول اليهود اله يحب رشاش الدماء وريح القثر

وقوم اتوا من أقاصي البلاد لرمي الحجار ولثم الحجر

قواعجبي من مقالاتهم ايعمي عن الحق كل البشر



****************************





يا قوم ان الهوى اذا اصاب الفتى

في القلب ثم ارتقى فهد بعض القوى

فقد هوى الرجل




تغيرت البلاد ومن عليها قوجه الارض مغبر قبيح

واودى ربع اهليها, فبانوا وغودر في الثرى الوجه المليح





****************************



أيها الغر ان خصصت بعقل فاسألنه فكل عقل نبي



والعقل يعجب للشروع تمجس وتحنف وتنصر وتهود


تستروا بأمور في ديانتهم وانما دينهم دين الزناديق


اذا كان لا يحظى برزقك عاقل وتزرق مجنونا وترزق أحمقا

فما ذنب يا رب السماء على امريء رأى منك ما لا يشتهي قتزندقا





****************************





قلتم لنا خالق حيكم قلنا صدقتم كذا نقول

زعمتموه بلا مكان ولا زمان الا فقولوا:

هذا كلام له خبئ معناه ليست لنا عقول



****************************





واعجب ما نخشاه دعوة هاتف أتيتم فهبوا يا أنام الى الحشر
فيا ليتنا عشنا حياة بلا ردى مدى الدهر او متنا مماتا بلا نشر



****************************



يقولون ان الجسم ينقل روحه الى غيره حتى يهذبه النقل

فلا تقبلن ما يخبرونك ضلة اذا لم يؤيد ما أتوك به العقل

وليس جسوم كالنخيل وان سما بها الفرع الا مثل ما ينبت البقل

فعش وادعا وارفق بنفسك طالبا" فان حسام الهند ينهكه الصقل



****************************



اذا اصحاب دين حكموه أزالوا ما سواه وخربوه
****************************





في اللاذقية فتنة ما بين أحمد والمسيح

هذا بناقوس يدق وذا بمأذنة يصيح

كل يؤيد دينه يا ليت عمري ما الصحيح



****************************





اثنان أهل الارض ذو دين بلا عقل وأخر دين لا عقل له

****************************



ما أسلم المسلمون شرهم ولا يهود لتوبة هادوا
ولا النصارى لدينهم نصروا وكلهم لي بذاك أشهاد



****************************



توهمت يا مغرور أنك دين علي يمين اله ما لك دين

تسير الى البيت الحرام تنسكا ويشكوك جار بائس وحزين





****************************









قالوا العمى منظره قبيح قلت بفقدانكم يهون

والله ما في الحياة شئ تأسى على فقده العيون



عدمتك يا دنيا فأهلك أجمعوا على الجهل طاغ مسلم ومعاهد
****************************



ربي متى أرحل عن هذه ال دنيا فاني قد اطلت المقام

لم ادر ما نجمي ولكنه في النحس مذ كان جرى واستقام

فلا صديقي يترجى يدي ولا عدوي يتخشى انتقام

والعين سقم للقتى منصب والموت يأتي بشفاء السقام

والترب مثواي ومثواهم وما رأينا أحدا منهم قام







أبوالعلاء المعري
عن كتاب رسالة الغقران شرح د. سليم مجاعص




--------------------------------------------------------------------------------













--------------------------------------------------------------------------------

عن علقمة بن عبيدة:



فان تسألوني بالنساء فانني صير بأدواء النساء طبيب

اذا شاب رأس المرء, او قل ماله فليس له في ودهن نصيب

يردن ثراء المال حيث علمنه, وشرخ الشباب عندهن عجيب
[/FRAME]
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 09-07-2007, 06:26 PM   #6
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

[FRAME="11 70"]
في النّثر والنثريّة (11) ... محمد خريف
التاريخ: الأربعاء 14 يونيو 2006
الموضوع: نقد


من خبر الرّسم إلى خراب الطّبع في رسالة الغفران لأبي العلاء المعرّي (*)

خبر الرّسم في السّرد شهادة على بؤس الاقتفاء والسّير على المنوال أو النمط المحنط أو المرسّخ بالثقافةالماورائية وإن كان جذر( خبر) يتيح على مستوى المعجم إمكانات أخرى منها ما أقرّ الاستعمال معانيها ومنها جذور يمكن أن يكون لها معان افتراضيّة وهي (بخر- ربخ - خرب - برخ- رخب) وهذه الجذور الممكنة تحرّر الخبر من بؤس الشّاهد الحاكي الخانع مقتفي الأثر الذّليل الكاذب بتخريبه وفي التخريب إحالة على معنى الدّنس، والدّنس فعل العامّة في حين يكون الخبر بمعنى الرّواية من فعل رواة الشّعر والحديث لذلك كان الخبر متأرجحا بين القبول والرفض شأنه شأن الشعر محمودا منبوذا..

محمودا ما لم يضرّ بمسلم وما لم يعرض بعقيدة على حدّ تعبير الجرجاني في دلائل الإعجاز وإن لم يلتزم الخبر بشروط التّقوى فخرب نثره محاولا تجاوز السقف في مقامات الهمذاني حيث مدّ خراب الطبع وجزر خبر الرّسم وانتصار تهمة الزّندقة على تمرّد الذّات فخنس لاعج الخراب بعصا القائم وتهويل يوم الحساب والعقاب. والتّرغيب في يوم الغفران وإن كان جذر غ ف ر لا يتيح ما يتيحة خبر من إمكانات أخرى افتراضية غير رغف وغرف وفغر وهي متمكّنه في معاني الفراغ والغرف وما يتعلّق من معاني الأكل والشّراب والمجون وغضّ الطرف والسّتر والكتمان. فالغفران بمعنى آخر خبر زور يغطّي خبر خطيئة أو سيّئة وكأنّي بخبر الغفران أو رسالته بخبر يغطّي خبرا والخبر هي أخبار أعلام أمثال المتنبّي وابن الرواندي وبشّار وأبي تمام والحلاّج. وغيرهم أمثال مولاي الشيخ والمقصود به المعرّي في رسالة ابن القارح، يخشى ابن القارح أن تبقى كما هي دون أن يعلن أصحابها بأخبار أخرى يعلنون فيها توبتهم فيغضّ الله ورسوله وصحابته عنهم الأبصار سواء بالواسطة أو بغيرها.
"ولكنني اغتاض على الزنادقة والملحدين الذين يتلاعبون بالدين ويرومون إدخال الشّبهات والشّوك على المسلمين ويستعذبون القدح في نبوّة النبيين صلوات الله عليهم أجمعين ويتظرفون ويبتدئون إعجابا بذلك المذهب... والحسين بن منصور الحلاج من نيسابور وقيل من مرو ويدعي كل علم وكان متهورا جسورا يروم انقلاب الدول ويدعي فيه أصحابه الألوهية ويقول بالحلول ويظهر مذاهب الشيعة للملوك ومذاهب الصوفية للعامة وفي تضاعيف ذلك يدعي أن الالوهية قد حلت فيه وناظره على بن عيسى الوزير فوجده صفرا من العلوم" ص36

وابن القارح كان في عرضه أخبار هؤلاء المخربين معلقا على كل خبر بما يواتي العقل والذّكاء لا التّهور والزندقة فهو لا يخرج عن خبر الرّسم وبؤسه إلى خبر التمرّد وغناه والعبرة بالنهاية أو المال ورجاء التّوبة لا الثّبات على العناد كما يقول معلّقا على نهاية على بن العباس بن جريح الرّومي "فأرجو أن يكون هذا القول توبة مما كان اعتقده من ذبحه نفسه مشيرا إلى قول ابن الرومي لأبي عثمان "والخنجر إذا زاد على الألم ذبحت به نفسي"

ابن القارح يبدو مشفقا على هؤلاء رجيا لهم التوبة والغفران اقتداء بما جاء في خاتمة الرسالة من صيغ الاعتذار عن الخطل والعيوب "ما فرغت من السوداء وأنا اعتذر من خطل فيها أو زلل فإن الخطأ مع الاعتذار والاجتهاد"

والخبر في رسالة ابن القارح التي كانت تأمر بتقبل الشرع وتعيب من ترك أصلا إلى فرع كما يقول المعري في جملة يستهلّ بها رسالته يجسّم تلك الذهنيّة النمطية التي لا يمتزج حرفها بمقال الزور - والغفران لا يخلو من أخبار الزّور، اتّسعت جنّة الغفران لها في محاكاة جدّ ينطوي على سخرية لتلقح ذهنيّة طبيعية يساير خبرها مفهوم الغفران كما تستسيغه العقيدة، عقيدة ابن القارح محنّطة بنمطيّة عقيدة العامّة، عقيدة الشرع البدائيّ فيكفي أن ينجز طالب المغفرة خبرا افتراضيا يغطّي به خبره الواقعيّ المتحوّل بمقامات اللّغة ليحصل له الغفران الحتميّ فيصير الغفران بمفهوم مختلف كذبة خبر على خبر أو شهادة زور تصبح شهادة حقيقة وهكذا فالغفران خارج عنف النمط صنيع إعادة صوغ الخبر لا غير في فضاء ميتافيزيقي هو فضاء الجنّة مشروطا بسلطة المتلقّي "الله" الذي بقدرته يتحوّل الكذب صدقا يؤهّل صاحبه للفوز بالجنّة لذا فمسألة الغفران مسألة متعلّقة بمقامات الخبر ومختلف تداولاته لا بفعل الإنسان الواقعيّ في الدّنيا. لذا جاء الخبر في رسالة الغفران جملا قصصيّة راوية على المجاز وإن أضمر الخبر مشروع تخريب العقيدة في رسالة ابن القارح وذلك بالإخبار الخالع نزوة ابن القارح بما يجس له أو يخطر من أمور السّارح في الجنّة بجبلّة الطّبع ونبض السّجع بالمحاكاة السّاخرة فيحصد القارئ النمطيّ تمرّدا من مقامات القول من خبر مكتوب بحرفه لا يخالطه وشاية بزور إلى خبر ضد يد عالق بمقامه علوق غلبة الظّنّ على اليقين والحركة على الجمود والقصيد على الآية والمدنّس على المقدّس والإمكان على التمكّن ويظلّ خبر إبليس خبر صدق لا يشوبه زور. فإبليس وحده لا يطمع في جنّه ولا غفران ولا يندم بل يستمرّ في غيّ لا بائسا ولا خائفا ممّا هو فيه من أصفاد وأغلال وزفير نار بل لا يزال متهكّما من ابن القارح ومن لفّ لفّه.
"فيطلع فيرى إبليس - لعنه الله - وهو يضطرب في الأغلال والسلاسل ومقامع الحديد تأخذه من أيدي الزبانية. فيقول إني لا أسألك في شيء من ذلك ولكن أسألك عن خبر تخبرنيه أن الخمر حرمت عليكم في الدّنيا وأحلت لكم في الآخرة فهل يفعل في الجنة بالولدان المخلدين فعل أهل القريات فيقول عليك البهلة أما شغلك ما أنت فيه أما سمعت قوله تعالى: ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون (سورة البقرة آية 25)

وتعطى حرية القول بالخبر الخارب لإبليس أو يفتكّها متحدّيا فيقول "وأن في الجنة لأشربة كثيرة غير الخمر فما فعل بشار بن برد فإن له عندي يدا ليست لغيره من ولد آدم كان يفضلني دون الشعراء وهو القائل:
إبليس أفضل من أبيكم آدم ..... فتبينوا يا معشر الأشـــــرار
النــار عنصره وآدم طينته ..... والطين لا يسمو سمو النار

لقد قال الحقّ ولم يزل قائله من الممقوتين. فلا يسكت من كلامه إلا ورجل في أصناف العذاب يغمض عينيه حتى لا ينظر ما نزل به من النقم فيفتحها الزبانية بكلاليب من النار وإذا هو "بشار بن برد" قد أعطي عينين بعد الكمه لينظر إلى ما نزل به من نكال (ص ص308 و309و310).

إمكانات عدة يتيحها الخبر في صيغة خرب تخلع عن الخبر زيف التمكّن في اقتفاء الرسم فيتمرّد معلنا خبر الحقّ أو البيان المختلف، بيان الشّيطان الثّابت في طبعه الإنساني رغم أصناف العذاب وكلاليب النّار، إنّه الوحيد المقتنع بفعله وما له فلم يمتهن النفاق ولم يلجم لسانه بخبر آخر يغالط خبره ولم يسع إلى الخلاص من النّار بأساليب التّمويه التي افتعلها ابن القارح.

وما خبر الشّيطان المدعوم ببيتي شعر إلا اعتراف بل احتفاء وابتهاج بفرحة التمرّد النّافع في وجه الغفران البائس الضارّ، ومن منافع خراب الرّسم اهتداء الشّيطان إلى معرفة مخاطبيه بفلان وفلان لا بالأسماء والألقاب في الجنّّة كما هو الأمر لعلي بن منصور القارح وإن لم يجد صعوبة في الاهتداء إلى معرفة بشار بن برد وفي هذا أكثر من دلالة إذ الخبر يرفل في إيقاع سجع ساخر مصحوب بألم الحبّ، حبّ الدّنس، حبّ الشّيطان، بل حبّ الطّبع الإنسانيّ الجريء على الاصداع بحقيقة الشّيطان التي يسعى ابن القارح إلى كتمها عن طريق خبر الغفران، فهذه الحقيقة من ذاته لكنّه بخبر الرّسم يظهر أنّه لا يحبّها وكأني برسالة الغفران خبر فاضح أو خارب من ناحية وصكّ توبة برواية كاذبة من ناحية أخرى وكأني أيضا بخبر الشّيطان شارة رفض بحجاج صادق، وهكذا يكون إبليس في منظور المعرّي الرّاوي الطبيعي.
[/FRAME]
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 09-07-2007, 06:28 PM   #7
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

[FRAME="11 70"]الإنسان هو كما هو بعد إدراكه الحدّ النوعيّ للبدائيّ والنّمطيّ أو هضمه الفويرقات المؤسّسة لذهنيّة كل خبر من الأخبار الفنية أصدق من ابن القارح وأجرأ على قول الطّبع وإن كان على ما هو عليه مكبّلا بالأغلال مبتهجا باللّعنة ومن يتغنّى باللعنة من شعراء الغواية بسرد خبر بشار الساخر وقد أعطي عينين بعد الكمه ليلتذّ برؤية السالم وهنا يقدر الخبر على إبراز أهمّية المشهد باعتباره وسيلة تعذيب إلهيّ وكأن عذاب الله لا يكون ناجعا إلا بالمسخ وإرجاع العينين لشاعر أعمى ليشهد عذاب ذاته وكأنّنا هنا أمام إله صاد مصاب بعقدة تعذيب الآخرين وعيونهم تبصر عذابهم، أليست عبثية تنسب إلى الخالق شأنها شأن المعتقدات المتعلقة بالقول بأنّ الله يجدّد للكافرين يوم القيامة جلودهم ليشعروا بالألم وهكذا فالألم إلهيّ مذاقه أرضي دنيوي ومن هنا تنشأ حيرة السؤال الطّبيعية لإبليس عن مسألة الغلمان وأهل القريات في الجنّة.
وتدفق أخبار في رسالة الغفران تراوح بين بناء خبر الغفران وتخريبه تنبت المضارع من الوجس والخطر والطلع والقول والضّرب "ويجس في صدره (ص71 وص72) ويقول - لأفتي ناطقا بالصواب (ص 273) " ثم يضرب سائرا في الفردوس ص264" فيطلع فيرى إبليس لعنه الله ص 308 و309 و310" وتفيض عنها إمكانيات يتيحها جذر غفر بمعنى رغف والرغيف مرتبط بمفهوم الأكل والأكل هنا بآكليه ومحضريه وهم من أشهر طباخي حلب وإن كان الإطار إطارا لغويّا ميتافيزيقيا ألا وهو إطار الجنّة فالجنّة منشطرة بين الأرضيّ مرفوعا بجسد اللّغة في فعل حاضرها والأخروي الممكن في مستقبلها والآمر فيها ابن القارح رمز الإنسان المنشطر بين دواعي الطّبع الخارب وزيف الخبر الراسم وذلك هو أنموذج الإنسان المحيّر الكامل الناقص الشّره الباحث عما يشبع الرغبات الجسديّة، رغبات البطن والأذن والعين والأير والفرج وما إلى ذلك من خبر كتمان الفضيحة. أليست تلك صفات من حارت البريّة فيه؟ أليس المعرّي المتلبّس بمهمّة الرّاوي الساتر الفاضح ولافتته - مولاي الشيخ - في رسالة ابن القارح مندّد أو مشيد بسلوك ابن القارح ولافتته - مولاي الشيخ - في رسالة الغفران؟ واللاّفتة بحرفها تسخر مقاميّا باللاّفتة في حوار رسالة ابن القارح برسالة المعرّي لتنتهي إلى رسالة تحاور القارئ المفترض الّذي يرتفع بالتّأويل إلى درجة أرقى أو يتجاوز التّأويل والتّفسير إلى الوقوف على حيرة الطّبيعي الّذي يحاول أن يعيد الأمور إلى نصابها فتتحوّل شخصيّة ابن القارح من موضوع كره أو نقمة إلى حافز مناصرة لطبع مولاي الشيخ ابن القارح الخائف على نفسه وعلى المعرّي من مسألة العقاب وتصوّره للتّوبة مما يسنح للمعرّي بأن يهتف من بعد بذهنيّة مغايرة لذهنيّة سائدة يمثّلها فكر ابن القارح الرّاغب في الكمال، فالمعرّي يضمر جديد الفكر الهازل، فكر الشّعور بالنّقص، نقص ابن القارح وهو العاجز عن التحرّر من وهج الحياة الدّنيا، وهج الجسد البشريّ، حيث يفارق الطّبع النّاقص ثقافة الكمال المرسوم وفي هذا نبله اللّغويّ أو السرديّ الّذي يلوح بنبله الإنسانيّ، الذي يقدّم الإنسان هو الإنسان، في فوضاه يبني بيته الحكائيّ ليهدمه بدءا من حطام لغته النثريّة والشعريّة في آن ليصيّره متحرّكا نحو رحلة سامورها المضارع في يخطر ويجس ويبدو له فتبلغ به جنّتها ناقصة على الدّوام تخرّب بخبرها، يسترها ويعرّيها دون ركون إلى يقين مميت أو سكون نفس أو استقرار يجمّد الحيوان المنسوخ الممسوخ، فالحيوان المتحوّل بقدرة تدبير اللاّغي إلى ذهب وزبرجد وعسجد ودرّ، حيوان حيّ في جنّة الإنسان العلائيّ، جنّة الخلود، حيّ بمعنى لا يمكن أن يقطع مع الطّبع الإنساني الذي لا يمكن أن يكون خارج الدّنيويّ أو خارج مفهوم الصّراع الطّبيعيّ بين مفهوم الغفران المقترن بمفهوم الفناء الطّبيعيّ ومفهوم ابن القارح الثقافي ومن لفّ لفّه ممن يتصوّرون مفهوم الخلود في الفناء وهو مفهوم الخلود الشّائع مفهوم العوامّ فهذا التناقض يثير قلق المعرّي بوصفه ناقدا طبيعيّا يوضح ما أشكل على القارئ البدائي والنمطي كما يقول باز وليني(**)Pasolini . وهذا القلق ضارّ نافع حين يخلخل الإيمان، إيمان هذا القارئ ويرتقي به إلى مرحلة جديدة أو درجة مختلفة نوعيّا من الحيرة الفكريّة الجادّة السّاخرة دون أن يمكّّنهم من الجواب اليقين في الحاضر بناء على خبر الماضي لأنّ خبر الغفران خبر مستقبليّ غير خبر غضّ الطّرف وكتمان السّرد أو خبر الكذب، كذب الرّواية البانية خبر التّوبة من وهم خطّة الرّاوي ونمطيّة تدبيره السّاحر بجاذبيّة السرد فيقنع الشّكل دون الأكل كما يفهم من سجع الهمذاني إذ المهمّ في رسالة الغفران ليست مراجع إحالات الكلام في الخبر بقدر ما يؤمّنه محفل إيقاعه من مشهديّه مفلومة بأساليب تخريب أو تناصّ متحدّ قد يمتسخ عوالم أخرى مفترضة بجرأة التّجريب، تجريب مغامرة الدّخول أو النزهة في غابات السّرد الروائي - والعبارة لايكو (***) Eco- وجذوع أشجارها جذور لغويّة بكر غير مطروقة تكون على شاكلة برخ و ربخ وغيرهما مستغنية عن جذور شجرة الغفران الباسقة غفر ورغف وغرف وفرغ، وتلك حؤولة نوعيّة طبيعيّة نحو تفكير ما بعد حداثيّ يقضي الأرب من الفكر لا الطّعام ليخلو صدره من سرور الدّعاء والإيقاع السجعيّ إلى سرور التّدبير بالتّفكير فيصير الخبر في الغفران خراب الغفران بالإنسان أي بفكر الإنسان وبطبعه من أجل الإنسان الحيّ المستقبليّ لا الإنسان الميّت الحيّ بذكره أي بأخبار غفرانه الّذي لا يتمّ. والإنسان بما سيفعل لا بما فعل أو يفعل الآن، فعل لغة لا يد، وجنّته من طبعه الإنسانيّ الخرب في فعله المستقبليّ لا في ما يتوسّل به من أخبار اليقين المؤدّية تمويها إلى الكذب والظّنّ.

والطّبع الإنسانيّ الخرب إحداثيّة مفيدة في ما توفّره إمكانيّة الجذر خرب من تمكّن في التمرّد بتمكين الشّيطان الثّابت في مبدئه الطّبيعيّ المتمرّد رغم الأغلال - إنه الوحيد الأوحد الذي لم يمتهن خبر النّفاق والتبدّل ولم يسع إلى الخروج من النّار للدخول إلى الجنّة بالأسلوب أو الطّريقة التي تدبّرها ابن القارح بالواسطة. وخبر الشّيطان لم يكن اعتراضيّا أو هامشيّا أو مضمرا أو هو مجرّد نزوة وإنما هو محطّة سرديّة متأنّية مدعومة ببيتي بشّار بن برد تشهد بصراع التمرّد العقلانيّ المترف في وجه الغفران العاطفيّ البائس. فالشّيطان يهتدي إلى معرفة مخاطبيه في مشهديه الوضوح في الآخرة، آخرة الإنسان المطلق وقرينة المنادى "فلان وفلان" لا "على بن منصور القارح".

إنّ مصيدة الخبر في اقتفاء الأثر للظّفر بالغفران تمكّن من ملامسة خيوط دقيقة تشدّ إلى أخبار ثلاثة:
1- خبر بائس واقف على حيرة البدائيّ الحائل قلقه اللاّهوتي إلى موقف الخائف من خبر الزّندقة، خبر الحداثة، باحثا عن الحلّ في التّوبة انطلاقا من توبة غيره من المحدثين بخراب الطّبع أمثال بشار وأبي نواس والحلاّج وابن الرواندي ومولاي الشيخ أي المعرّي وغيرهم وما تلك التّوبة المأسوف عليها إلاّ توبة غفران الصّدقة المتوقّفة على تزييف خبر لنقض خبر فيسرّ المغفور له سرور البؤس.
2- خبر سعيد متحرّك على بؤسه البدائيّ غنيّ بجاذبيّة غربيه ناظر بعينه وعقله الطّبيعيّ لا بوجدانه اللاّهوتي محاولا تجاوز خبر ابن القارح البائس وسقفه سلطة أساسها حنق حرّيات التّعبير. وصاحب الخبر السّعيد هو المعريّ لا غير بوصفه هدف رسالة ابن القارح ومتلقّيها فهو ينطلق من حيرة ابن القارح ليجاريه في نزهته على هواه ليهرب به إلى ما هو أبعد وأعقد فينشئ رسالته، بل بيته اللّغوي الممكن على أجنحة التّخييل لا الاستنساخ والتّنميط فيوهمك عصفور جنّته بالحطّ على أغصان اللغة دون ركس.
3- خبر مستقبل ينتظر أن يكتبه متلقّ مفترض لا يتحوّل إلى أمشاج وأحاسيس مائعة من قبيل الآهات والحسرات لا يرى في خبر المعرّي غير خبر حبّ الإنسان الرّاغب بطبعه في تحويل كلّ ما هو جاهز قاتل - ولو كانت صورة الجنّة نفسها كما تخطر مشاهدها صائبة مفرطة في حسّ النزوة، نزوة ابن القارح العلائيّ لا المعرّي القارحيّ في رسالة المدخل أو القادح فابن القارح في رسالة الغفران فلان بن فلان المغرور، آمر ناه في جنّته لا يشبع من ملاذّها يظلّ محروما حرمان التّخمة وهو إن انطلقت رحلته من خواطر النّفس أو القلب فإنّه ينتهي بعين ابن القارح إلى جنّة معهودة محيّرة قوامها الشّغف بما هو ظنّي أو مثير للجدل في أبسط المسائل اللغويّة وأعقدها فلا وجود لتفسير أوحد أحد.

يتحوّل الخبر في رسالة الغفران من مجرّد نقل خطيئة فتهمة ووعد ووعيد وتشريع لغفران التّوبة وإعادة ما قيل إلى إخبار إنشاء وتصرّف في ما ينقل عن ابن القارح من دعاء وأساليب المحاكاة والمحاكاة السّاخرة في إيقاع سجعي ثابت لكنه متحول بسياقات القول مما يجعل رسالة الغفران مرفقة برسالة ابن القارح شبيهة بمقامات الهمذاني باعتبارها جنسا بكرا يصبح التناصّ فيه قائما على التحدّي، تحدّي النّصوص بعضها بعضا، فهذا الجنس يرسم الخطوط الأولى لخبر فنّي عربيّ كان له أن يتطوّر إلى شكل فنّي آخر لعلّه الرّواية الّتي أنشأها في ما بعد "سرفنتس" في "دون كيشوط" إلا أنّ عوامل موضوعيّة حالت دون ذلك فلم يتحوّل الخبر الفنّي لا في المقامات ولا في رسالة الغفران إلى جنس فنّي يؤسّس إلى ذهنيّة بديلة مختلفة تتحدّى ذهنيّة النصّ الواحد الذي يجعل كل الأخبار الأخرى رغم تصانيفها منسجمة مع النصّ الأوحد ومجنّدة إيمانيا للبرهنة على إعجازها فصار النصّ الأوحد في ذهنيّة المفكر الأنموذجle modèle نصا أعظم لا يطال ولا يقدر الإنسان المنبوذ الكنود أن يأتي بمثله ولعلّ هذا من الأسباب التي جعلت إدوار سعيد يعتبر أن المسلمين بلغوا بنصّ القرآن مرحلة الكمال فنظر إلى كل إبداع في مجال الخبر يوكل للإنسان مهمّة مستحيلة أو محكوما عليها بالفشل مسبّقا.

إنّ الخبر في رسالة الغفران يسري في شرايين الكلام ليدفق مشوّقا في ردّ مضمر على ذهنيّة بدائية منمطّة بذهنيّة حداثيّة منفتحة على الاختلاف أو هي أرقى أو أحدث متولّدة عن الأولى أو محترقة بورقها المؤلم ملتهبة بقدح الخبر الخرب خبر الظّنّ الرّاقي، خبر النقص، نقص الإنسان لا كماله.

في علاقة الخبر بالغفران علاقات كتاب بكتب شتّى وذاك ما يجعل رسالة الغفران في جدل مع نصوص المدوّنة الأدبيّة منذ الجاهليّة وهذه الكتب أو النصوص لا تتراكم تراكم - كان يا ما كان - أو تراكم الحجّة المنطقيّة الّتي تدعم الحجّة العقلية والعكس بالعكس ولكنّها تضارع ما قيل وما يقال مضارعة النّقد والاختلاف لقول ما لم يقل أو يمكن أن يقال أو سيقال وأنّ ما دوّن أو ما كتب ليس بالضّرورة ما ينبغي أن يقال في كلّ الأحوال ولا هو صادق في كل الأحوال. لذا فإنّ وجاهة رسالة الغفران تكمن في الوعي بضرورة تغيير النّظرة إلى الخبر وتلك قضية مرتبطة بقضايا الوعي بالمفاهيم وكيفية تكوّنها.


الهوامش:
(*) أبو العلاء المعرّي، رسالة الغفران، الطبعة الخامسة/ تحقيق عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ - دار المعارف بمصر.
(**) بازوليني، بقلم ريني دي سكّاتّي - قاليمار 2005
Pasolini par René de Ceccatty –Gallimard 2005
(***) امبرتو ايكو، ستّ جولات في غابات الرّواية وغيرها نقلته من الإيطاليّة إلى الفرنسيّة مريم بوزاهر، منشورات قرصّاي 1996
UMBERTO ECO : six promenades dans les bois du roman et d’ailleurs – éditions GRASSET 1996

محمّد خريّف / ناقد من تونس
[/FRAME]
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-08-2007, 03:13 AM   #8
هيثم العمري
شاعر الحبّ
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
المشاركات: 1,366
إفتراضي

يا سيد عبد الرزاق إن رهين المحبسين سيد الشعراء وأنا هنا أستأذنه قبل أن أدخل حدائقه الشعرية وأرجو من إدارة الخيمة العربية أن تثبت ديوانه الشعري احتراما لكرامتنا
هيثم العمري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 21-06-2010, 07:56 PM   #9
عادل محمد سيد
عضو نشيط
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2010
المشاركات: 152
إفتراضي

أخى اعذرنى فى السؤال :
قيل عن ابى العلاء المعرى أنه قد ألحد. فما مدة صحة هذه المقولة؟

عادل محمد سيد غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .