العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حوار مع شيخ العرفاء الأكبر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الضفائر والغدائر والعقائص والذوائب وتغيير خلق الله (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال فتى الفقاعة: ولد ليعيش "سجينا" في فقاعة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب المسح على الرجلين في الوضوء (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 05-12-2009, 01:17 PM   #31
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

نواصل الحلقة الخامسة
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-12-2009, 01:24 PM   #32
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي الحلقة الخامسة

5

...تمر الساعات هنا كئيبة ثقيلة وكأن اليوم لا نهاية له. بعد توزيع وجبة العشاء عادة ما تدور الرحى . هكذا عهدتهم . إلا أن يكونوا قد غيروا البرنامج. وكأني بهم ينامون نهارا ويستيقظون ليلا كالخفافيش...

علمت من خلال التجربة السابقة لماذا يفضلون التحقيق ليلا. فهي فرصة للمنع والحرمان من النوم . النوم هاجس الضحايا خصوصا الجدد منهم. كل شيء هنا ممنهج ويسير وفق دراسة مضبوطة, مدروسة.

الحداثة والعولمة وصلتا المكان أيضا...عولمة في مقاصد الترهيب ووسائل التنكيل بالعباد لإذلاهم وتركيعهم.

هنا يدرك المرء حقيقة الكثير من النعم التي لا نعرف قدرها إلا بعد الحرمان منها. نعمة البصر... نعمة الأمن ....نعمة الحرية...نعمة العقل...

نعمة النوم...تدبرت طويلا في قوله عز وجل( وجعلنا الليل لباسا والنهارمعاشا). وفي قوله تعالى (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة. من إلاه غير الله يأتيكم بضياء . أفلا تسمعون)

هنا لا يعترفون بشيء اسمه السنن الكونية. وهذا الظلم المستشري على هذه الأرض لا يمسخ آدمية الإنسان ويغير ما فطره الله وجبله عليه فحسب

بل له نفس المفعول على بقية مخلوقات الله الأخرى. وهؤلاء الشياطين المردة يغيرون خلق الله كفرا وجحودا...لم يتركوا شيئا...

لطالما تسائلت . ترى كم يستطيع الإنسان أن يبقى يقضا مفتح العينين ...يومان ...ثلاثة...سبعة...هنا لن تنام حتى يحلبونك حلبا...تجاريهم وتوافق على تمثيل دورك بإتقان.

بعدها يدعونك تنام...تأكل وتشرب وأهم شيء العلاج. يداوون جراحك بأدوية أمريكية الصنع.هكذا قرأت علبها!!! Made in usa

ذات مفعول قوي وشبه فوري كالسحر. ثم يرسلونك للمثول أمام القضاء (النزيه والمستقل) وكأنك كنت في فندق من خمس نجوم .

حينها لن يصدق أحد(إدعائك) بالتعرض للتعذيب ولن تعرض على خبرة طبية كما يقرر ذلك قانونهم المطبوع طبعا على الورق فقط. وإن حدث وداهمهم الوقت أو لم تشف جراحك لسبب ما وعرضوك على قاضي التحقيق بعينين متورمتين وأنف مكسور مهشم وسبعة عشر غرزة في الرأس .

فسيتهمك بأنك تعمدت ضرب رأسك بالحائط وإيذاء نفسك للنيل من سمعة الشرفاء. حدث هذا للأخ - ن م -

شربت بعض الحساء الدافئ مضمدا به جراح فمي الداخلية ,كما فعلت مع قهوة الصباح المخلوطة بالحليب. كنت كمن مضغ حفنة زجاج .

صرت أبلع دون مضغ لأن ذلك يؤلمني ويدمي فمي المجروح ...

لا شك أن الإشاعات سرت مرة أخرى في الحي سريان النار في الهشيم, وأن الأزقة الضيقة قد امتلأت بالتعليقات, والمبدعون قد أضافوا أخبارا إضافية كثيرة بغية التشويق والإثارة...

في المرة السابقة زعموا أنه قد وجد في بئر محفورة بعناية وسط غرفتي كمية كبيرة من المتفجرات الخطيرة لو انفجرت لمسحت الحي بكامله من الوجود .

وقال آخرون أنني من قادة المتطرفين على مستوى المملكة وأن لي صلة بأحداث 11 سبتمبر وكان مقررا أن أكون على متن إحدى الطائرات لولا تأخر حصولي على التأشيرة لدخول الولايات المتحدة الأمريكية!!!

أما أحد الخبثاء فقد حدث أنهم وجدوا معي مبلغا هائلا من المال بالعملة الصعبة استلمته من جهات أجنبية لاستخدامه في عمليات تخريبية ...

أثمرت الحادثة ألف حكاية وحكاية , وتاهت حقيقتي في خضم ما يتقيؤه الكذابون وصانعوا الإشاعات من العاطلين ومن لا هم لهم سوى نهش لحوم العباد. المنهوشة بالسياط وصعقات الكهرباء...
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-12-2009, 01:27 PM   #33
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

جراحات السنان لها التئام ولا يلتئم ما جرح اللسان

لم يكلف أحد نفسه عناء التثبث من المصادر الحقيقية لهذه الإشاعات والهدف من ورائها. أما بيت أسرتي فقد أصبح كبقعة أرض نزل بها طاعون يفر منه الناس .


احتجبت أمي في البيت لأيام مذ تعمدت إحدى المشبوهات سيئات السمعة إسماعها كلاما جعلها تلزم فراش المرض لأيام.

قالت الخبيثة وهي تخاطب رفيقتها في فرن الحي العمومي بصوت مسموع جهوري . متعمدة أن تبلغ كلماتها مسامع والدتي:

" أنا بعدا ولادي يلا مشاو للحبس كيدخلو ليه غير على السرقة ولا الحشيش ما كيفركعو قهاوي ما كيقتلو أبرياء...عقبت صاحبتها شكيكو...الله يسترنا...الله يسترنا..."

(أنا أولادي إذا دخلوا السجن لا يدخلونه إلا من أجل السرقة أو الحشيش. لايفجرون المقاهي ولا يقتلون الأبرياء).

حتى تلك الزيارات والمجاملات الإنسانية التي عهدت عن المغاربة وما عرفوا به من حسن الجوار,بمناسبة وبغيرها . لم يعد لها ضرورة . انقطعت أو كادت.


شقيقتي المسكينة فسخت خطبتها وذهب العريس المنتظر إلى غير رجعة بعدما نكدوا عليه عيشه بكثرة استفساراتهم وأسئلتهم....تبا لهم جميعا ...تبا للعالم...قلت في غيظ :
إذا رضي الإله فلا أبالي ... أسار الركب أم رضي الأمير.

لن أكترث بكلام الخلق فهم يعملون الموبقات ويظهرون في الصفوف الأولى للصلاة بملابسهم الأنيقة التي تجلبها لهم بناتهم من عرق أثدائهن وبابتساماتهم الصفراء الخادعة . أعرفهم واحدا واحدا وأعرف أسرهم . تبا لهم...تبا لهم ...

لا راحة في هذه الدنيا, تبدو لي كأكذوبة كبيرة ومهرجان ضخم وفارغ يعج بالمهرجين والممثلين والنصابين. لا أكاد أنجو من فخ حتى أقع في آخر فأضل أتلوى فيه ألما. صدقت أمي الغالية كثيرا مارددت :لا راحة في هذه الدنيا . الراحة في الجنة.

أحاول السفر بعيدا بأحلام يقظتي. لولاها لمت خوفا وكمدا. أجد فيها سلوتي وراحتي خاصة في مثل هذه المواقف والأماكن. لكن يأبى القوم إلا أن يفسدوا كل شيء كعادتهم دائما. نادوا رقما معينا . فأخذوا صاحبه.بدأت أطرافي ترتعش . دعوت له في نفسي . يبدو كبير السن. لم يوقروا أحدا في هذه الحرب المعلنة. يمشي بصعوبة . وببطئ يجر قدماه . تخيلت بسرعة شكله ورسمته في مخيلتي.عدلت الشكل بعدما تكلم بلكنة أهل الشمال.

"أنت شيخه ماشي شيخ ...أنت ماشي راجل..."

هكذا بدأوا صراخهم في وجهه. ويجيبهم بلهجة أهل الجبل (جباله) ينطق بدل حرفي الكاف والقاف همزة. يضحكون منه ومن طريقة كلامه ويسخرون. يقلد أحدهم كلماته فتبلغني قهقهاتهم.

"هادي خمس ايام وحنا كنساويو معاك ...احترمناك واحترمنا هاذ الشيب اللي في وجهك...ولكن أنت كلب ولد الكلاب...أنت قواد ...ولد قواده..."

ردد المسكين ...أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

" الشيطان هو أنت ...الشيطان هو أبوك." هوت على وجهه وربما رقبته أيضا الصفعات المتتالية. صاح فيه المجرم (كابيلا).

حينها وقف شعر رأسي وأصبت بمغص جديد وإسهال حاد. إنه هو. صوته لا أخطؤه ,يمكنني تمييزه من بين مليون صوت...كيف أنساه؟؟!!

وجهه قطعة من عذاب كأنه خارج لتوه من جهنم. كل من مر من هناك يعرفه, اشتهر بهذا اللقب لشبهه الشديد بزعيم الثوار الذي أطاح بدكتاتور جمهورية زايير السابق موبوتو موسوسيكو وحل محله على رأس هذه المستعمرة الفرنسية سابقا الغنية بالأحجار الكريمة. غير إسم الجمهورية إلى الكونغو الديمقراطية. لكن إبنه لم يتركه يفرح بكرسيه . لم يمهله طويلا قتله بأمر من أسياده البيض أباطرة الألماس . وسار في جنازته ,وتلقى التعازي فيه من قادة العالم .


هكذا قدر إفريقيا الجائعة, المتخلفة, الغنية. الإنسان لا يساوي فيها ثمن الرصاصة التي تخترق جمجمته قربانا للسيد الأبيض القادم من خلف البحار بخردة من سلاح لجني غلالها .

أتسائل مرارا كلما ذكرت أو تذكرت أفريقيا . كيف كانت ستصير هذه القارة لو نجح مشروع ( القائد الملهم) القذافي في توحيدها كما زعم تحت اسم الولايات المتحدة الإفريقية . الجنون فنون. صدق من قالها. وأنا أضيف الجنون فنون والدوام لله سبحانه وتعالى.

(كابيلانا) المحلي يشغل أيضا منصب رئيس. رئيس زبانية العذاب في سراديب الموت السري العلني ب معتقل تمارة.


يتفنن في أجساد ضحاياه كتشكيلي مهبول مولع بالأسود والأحمر والأزرق. مذ خرجت في المرة الأولى ووجهه البشع لايفارقني في كوابسي الدائمة. حاشا البشر أن يكون من فصيلتهم.
رأسه مربع كجهاز تلفزيون صغير. هو من حاول إدخال العصا في دبري عليه اللعنة إلى يوم الدين.

__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-12-2009, 01:29 PM   #34
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

يصيح كالمجنون دائما بصوته المرعب المميز ورجع صداه يهز المكان.

" أنا أبو جهل...أنا أبو جهل ...أنا أبو جهل. أبو جهل لم تذكر كتب التاريخ والسير عنه أنه فعل ما فعله كابيلا في ضحاياه...

أجزم أن الأنبياء والرسل لوبعثوا في الزمان لما تورع أبو جهل الزمان في التنكيل بهم.

نزع البانظة عن عيني حين حللت ضيفا في أول مرة وقال لي:

"عارف شكون أنا؟؟؟ "

أجبته وقد تملكني الرعب من شكله البشع وعيناه التي يترامى منهما الشرر وتنبعث منها الأشعة النارية .

"لا ما عرفتكش شكون أنت."

أنارت النجوم وتراقصت أمام عيني بصفعتين من يديه الضخمتين قائلا:

"أنا هو مولنيكس اللي غادي تطحن أمك"

(أنا هو الخلاط الذي سيسحق أمك)

أمر المجرم بنزع سروال الشيخ

"حيد ليه السروال,نشوفو واش شيخ ولا شيخه...!!"

حوقل الرجل واسترجع :" لاحول ولا قوة إلا بالله...إنا لله وإنا إليه راجعون...حسبنا الله ونعم الوكيل..."

ازداد غضب المجرم وانبعث من فمه المنتن أفحش الكلام.

أنت من تقول للناس أن الديمقراطية كفر وأنه دين غير دين الإسلام .احمد ربك أيها اللوطي فلولا الديمقراطية, لدفناك حيا...!!!

"أفضل أن أدفن حيا على هذه الإهانة"

قهقهوا وسخروا من كلامه

"...لم تر بعد شيئا..."

انقضوا عليه لنزع سرواله.لم يقاومهم طويلا .ضل يحوقل ويكبر ويدعوا عليهم .شرعوا في ضرب إليته بأكفهم ويسخرون بكلام يعف القلم عن خطه:

"هذا قرد ماشي شيخ...هذا قرد مزغب...قرد شايب...اقرأ يس آلفقيه... اقرأ القارعة آلفقيه... اقرا آلفقيه...

"كم أعطيت فلان من المال؟؟؟"

"لم أعطه شيئا أنا ليس لي ما أعطيه لأحد.وأجرة إمامة الناس وتدريس القرءان للأطفال لا تكفيني لمصاريف نصف الشهر. فكيف أعطي فلانا؟؟"

عندنا معلومات أنه زارك قبل سفره إلى أفغانستان وباركت خطوته وأعطيته مبلغا كبيرا لإيصاله إلى هناك "

"هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. أنا لا أخفي أنني أعرفه.لكني لم أعطه أو يعطني شيئا.

ازداد غيظهم وحنقهم عليه بعد إجابته تلك. وازدادوا عبثا في عورته وسخرية واستهزاءا وبذاءة دون أدنى خجل أو تحفظ . اعتصرني الألم وسمعت نحيب من يرقدون بجانبي .

هنا لا قيمة لأحد يستوي العالم و العامي. كل من يغرد خارج السرب يسحق امتثالا وتنفيذا لتوصيات إلاه العصر وهولاكوه القائل"معي أو مع الإرهاب

الذين يتحدثون دون ملل عن طي صفحة الماضي وعن عهد جديد وعن كرامة الإنسان وحقوقه...بلهاء مخدوعون أو كذبة انتهازيون . المساحيق مهما غلا ثمنها فلن تغير شيئا من تجاعيد وقبح العجوز الشمطاء .

هنا المدرسة والكلية الخاصة التي يمكن للمرء أن يتعلم فيها أصول الإرهاب, إن كانت له أصول! لم يكن الحقد الذي صار يغلي في داخلي ليجد له مكانا في صدري لو لم ألج المكان.


أصبحت تراودني الأفكار والخيالات الرهيبة. أتمنى لو أن معي منشارا كهربائيا فأقطعهم إلى أجزاء ثم أرمي بها للكلاب والحيوانات الجائعة. أما كابيلا فأقص لسانه الفاحش أولا ثم أضعه في آلة تناسب جثته. وبكبسة زر واحدة يصير كفتة مفرومة طعاما للخنازير البرية الجائعة. نعم ,لن أقدمه لغيرها,هي الوحيدة التي أراها تقبل وتستسيغ أكله....

__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-12-2009, 01:31 PM   #35
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

وإن رفضته الخنازير فما العمل؟؟ سألقيه في البحر. لا...لا...لا... لن أفعل ,قد تصاب بحر ومحيطات الدنيا بالتلوث وتنفق أسماكها وحيواناتها...

اهتديت أخيرا لفكرة النار. النار تطهر الأرض من أمثاله. سأحرقه إلى أن يصير رمادا. لا ...لا لن أفعل ...في الأمر نهي شرعي . فلا يعذب بالنار إلا خالقها. سأتركه إذن لخالقه فليفعل به وبأمثاله ما يشاء.هو القادر سبحانه. وهو المنتقم... هكذا أقرر أخيرا. حين أستفيق من أحلام يقظتي .

ربما فقط لأداري عجزي أصل لهذه النتيجة مع يقيني في قرارة نفسي أنني لو أتيحت لي الفرصة لفعلت به وبأمثاله ما الله به عليم . لست نبيا لأقول لهم إذهبوا أنتم الطلقاء. أنا بشر تعتريني عوامل النفس البشرية. لهذا حتى وإن حاولت إقناع نفسي بالصفح فشيء ما بداخلي يأبى ذلك بقوة وشدة.

حين يبكي الرجال, فعلى الأمة السلام. فما بالك حين يبكي قراؤها وعلماؤها وحملة كتابها. أعادوا الرجل الشيخ لمكانه ,فدخل في نوبة بكاء مرير. أحس المسكين بالغبن والاحتقار. بكينا جميعا لبكائه وشعرنا بنفس شعوره. مرة أخرى وجدتني أتمنى الموت على البقاء ...

صاح المخبول الذي وشى بجاره صباحا:

"اصبر آعمي هادو راهم يهود ماشي مسلمين..."

تأكدت من جنون المسكين وإلا من يجرؤ على مثل هذا الكلام هنا. وكأني به يريد التكفير عن زلة الصباح. رفسوه بسرعة وهو يكبر ويسب ويلعن..

يعلمون حاله ربما لذلك لم يأخذوه للمسلخ.

أحس قلبي ينتفض دقاته تتعالى يخفق بشكل مرعب كأنه يريد أن ينط من فمي . دوائي لم يأتوا به معي. قد يكون الدور القادم علي؟؟هكذا خمنت. الآن لبضع دقائق , يعبون خلالها علب جعة باردة ثم يأخذون رقما آخر. أصبحت على حافة الجنون. ينشف حلقي دائما في مثل هذه المواقف العصيبة, وكثرة الشرب تزيد من حاجتي للمرحاض, وحين أعصر مثانتي لأتخلص من محتواها أضطر للتخلص من ماء آخر يخرج هو الآخر رغما عني من أمعائي التي يقطعها الألم الرهيب. ووقوف الحاج المكلف بالخراء" على رأسي يزيد الأمر استفحالا. يكرر دائما بتأفف بعد أن أكون واقفا فأقعد مرغما:

"كنا في البول ولينا في البعر" لم يشأ أن يصدق أنني مصاب بالإسهال رغم أنه يرى ويسمع ويشم أيضا...

جاري المشاغب كأنه ينام على الشوك أو يتوسد لوح مسامير. ينتهز كل فرصة لخلو الممر البارد من الحجاج لوكزي . لم تهدأ حركته. اقترب مني حتى التصق بي أوكاد ,عرفني بنفسه ومنطقة سكناه . أخبرته في وجل وخوف بصوت جد خفي عن اسمي وأنني جديد جاءوا بي من فراش النوم.

فهمت منه أنه بدوره كان على أهبة الإلتحاق وأنه بدل مجهودا كبيرا لإقناع الإخوة هناك بقبوله نظرا لإعاقته. بعدما أصروا على بقائه حيث هو والإشتغال في الدعاية الإلكترونية والتجنيد. فأبى إلا المشاركة الفعلية. حدثني بصوت خافت حزين أنه لم يعد يطيق المكوث هنا بعد أن رحل كل أبناء حارتهم . و أن أعزهم إلى نفسه قضوا إلى ربهم . لم أسأله عن كيفية جهاده وهو المعذور لإعاقته ( ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولاعلى المريض حرج ). ربما أحس استغرابي فحدث أن الشباب هيئوا له سيارة خاصة بأمثاله لا تحتاج سوى رجلا واحدة تدوس البنزين. قال وهو يضحك "هناك لم أكن لأحتاج الفرامل" الأمريكان أمامي فلماذا الفرامل رجل واحدة تكفي .


يتبع ان شاء الله
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-12-2009, 05:43 PM   #36
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

نواصل الحلقة السادسة
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-12-2009, 05:47 PM   #37
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي الحلقة السادسة

6
...مغص بطني وآلام أمعائي,تزداد وتزداد وتزداد....وكأنني احتسيت سما. لم أعد أطيق.

طلبت المرحاض فأخذوني, بدون مشاكل ولا تلكأ هذه المرة. لم أكد أجلس حتى أمرني المكلف بهذا الأمر برفع سروالي والوقوف :

"حتى كتبدا الصياده عاد كيمشي السلوكي يبعر"
حين يبدأ موعد الصيد وإمساك الطريدة يذهب السلوقي لقضاء حاجته.

فهمت قصده وعرفت وجهتي, فازداد وجعي وحاجتي إلى إفراغ أمعائي...

لم أترك دواء مضادا للإسهال إلا وابتلعته. حين شكوت الأمر للطبيب الثرثار حدثني أن الأمر نتيجة طبيعية للفوبيا الشديدة التي أعيشها وأنه قد ثبت علميا أن الخوف والفزع الشديد يصاحبه الإسهال والمغص الحادين و...و...و...والحل يادكتور؟؟؟
"تخلص من السبب تتخلص وترتاح من هذا الأمر!!!"

هكذا ببساطة اختزل لي الحل في كلمات...ثم زاد قائلا:
"حاول أن تعيش مطمئنا ولا تخف!!!"

ثم واصل سرد لائحة النصائح التي ستخلصني حسب دراسته و(علمه الكلامي)مما أعانيه. وأنا أتظاهر بالإنصات وأهز رأسي زاعما موافقته والاستعداد للعمل حرفيا بما يهرف به.

مسكين هذا الرجل يبدو أنني في واد وهو في آخر. لاأخاف!!!

كيف لا أخاف؟؟ والزمن زمن خوف والبلد بلد خوف!!!

كيف لا أخاف ووجه كابيلا القبيح يحاصرني كلما غفوت أو حاولت ؟؟؟

كيف لا أخاف وعداداتهم تحصي أنفاسي وتخنق حركتي؟؟؟

كيف لا أخاف وأبواب السجن الأخضر مشرعة تبلتع دون رحمة كتنين أسطوري هائج أو ديناصور يأبى الإنقراض؟؟؟

كيف لا أخاف والأهواء والشكوك والدسائس هي التي تصرف أمور الملايين من البشر على أرض هذا الوطن المنكوب؟؟؟

مات الطفل الذي عهدته في داخلي أوكاد...
لشد ما كنت فرحا سعيدا به. لكن الخوف والمحنة والظلم صيراني عجوزا محدودب الظهر.

حطموني... أولاد الكلب. وما كدت أستعيد بعضا من توازني حتى تلقفوني من جديد .

آه...آه...لو أمهلوني قليلا لأرحتهم ووفروا (جهودهم) لأناس آخرين.

رغم كل شيء فكلما شعرت بالتضاؤل,الانهيار والمهانة دوى في داخلي صوت قوي أوعز لي أن أصبر, وأتحمل...

مسكينة أمي ستبحث عني مرة أخرى في كل مكان, ستمزقها الحيرة والحزن والأسى والآلام...لن تنام. أكيد أنها ستفقد طعم النوم. وقد تعمى من كثرة ما ستدرفه علي من الدموع .

طرقت أبواب المستشفيات,صارت تحفظ أسمائها عن ظهر قلب. وثلاجات حفظ الموتى , روعتها مشاهد الأجزاء الآدمية المقطعة والمحروقة التي تنتظر أهلها لأخذها من ثلاجات الطب الشرعي بمستشفى منطقة عين الشق وسط الدار البيضاء. حين غادرته أصابها الدوار وتقيأت,وغابت عن الوعي لم تفارقها الصور المروعة .

مراكز الأمن هي الأخرى. الدار الحمراء, المعاريف ,الحي الحسني, الدائرة السابعة, التاسعة , الرابعة,لم تترك كوميساريه إلا وزارتها في رحلة البحث عني الأولى. طردها الوكيل العام للملك حين زارته للمرة الخامسة للسؤال عني شر طردة وأسمعها كلاما جارحا لم تستطع البوح لي به..


.لم تذق طعاما ولا شرابا ولا نوما إلى أن خرت طريحة الفراش تهدي باسمي...
حكت لي بعد المحنة الأولى حين عدت ودموعها على خذها كشلال متذفق كيف كانوا يطاردونها في رحلة بحثها عني...

زارت جمعية تزعم دفاعها عن حقوق الناس دون تمييز بينهم. وبعد تسويف وذهاب وعودة اعتذروا لها بدعوى حساسية القضية والظرفية الزمنية وانشغالهم بمشروع الإنصاف والمصالحة وجبر ضرر ضحايا الماضي!!!

طرقت باب مرشح حزب (إسلامي) ما إن حدثته بالأمر حتى تغير لون وجهه وكاد يسقط مغشيا عليه...

استغل عجزها وأميتها بعض النصابين أصحاب بدلة المحاماة السوداء فسلمته ثمن قطعة أرض . نصيبها في إرث تقاتل أشقاؤها فيما بينهم على الظفر بفرصة شرائه وضمه لأرضهم بعد ما ضلت لسنوات عدة ترفض التنازل عنها وفاء لذكرى والدها الراحل. مصائب قوم عند قوم فوائد. كان الله في عونك أيتها الغالية.

الغرفة تفوح منها رائحة دخان السجائر الأمريكية وبعض المواد الكيماوية

ازدادت آلام بطني وضاقت نفسي...تركوني لدقائق. ربما كان ينتظرون قدوم أحدهم أو يتطلعون إلي لقراءتي. دخل أو دخلوا لا أدري كم كانوا...

"مرحبا بيك مرة خرى. هذا كليان قديم...احنا عزيز علينا لكليان ديالنا ...ما كنفرطوش فيه"
(مرحبا بك مرة أخرى هذا زبون قديم ونحن نحب زبناءنا لا نفرط فيهم)

"أخيرا وقعت في الفخ يا أبا جندل, كنت أعرف أنك ستعود مرة أخرى"
خاطبني ساخرا بعربية الأفلام التاريخية. تحسب نفسك ذكيا... لكنك أغبى من حمار...

أطرقت وطأطأت رأسي دون كلمة أو رد. الصمت في هذا الموطن حكمة. هكذا علمتني التجربة السابقة في مثل هذه المواقف .مجرد كلمة رد أو تعقيب واحدة تكلف الكثير الكثير الكثير...صرت أعرف متى يشتد غضبهم وأي الكلمات تزعجهم[1]

اسمع وكن رجلا...سنبدأ معك من الأخير. وبدون مقدمات , يعني نريد معرفة نشاطك وحركتك وعلاقاتك واتصالاتك منذ خرجت من هنا آخر مرة وإياك أن تلعب فأنت تعرفنا ونعرفك...
صمتت برهة لأستجمع شتات أفكاري...

"أنتم تعلمون عني كل شيء, ومنذ خرجت ورجالكم على مقربة مني و(الحاج) ظللت على اتصل دائم به كما أمرتموني وهو يعرف عني كل شيء...و...

"أنت كذاب...كذاب...كذاب ومنافق...وولد زنى....

"أقسم بالله ال...." لم أكد أكمل قسمي حتى جاءتني الصفعات المتتالية والشتائم القبيحة النابية...

لا تقسم...لاتقسم...أنت لاتعرف الله حتى تقسم به يا منافق.

الذي يعرف الله لا يكون خائنا...وأنت خائن , خنت العهد وخنت الأمانة والوطن...!!!
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-12-2009, 05:50 PM   #38
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

كلمات كبيرة. ومن يسمع أسطوانتهم المشروخة تلك يحسب أنهم يهيمون في حب هذا الوطن.

"أنا أحب الوطن وأسرتي أسرة وطنية ووالدي كان..."

قاطعني كبيرهم بكلام جارح في حق والدي ثم تابع :
"باراكا من الشعر والتمثيل. قديمه هاذي "

أمرهم ففكوا عصابة عيني بعد أن حولوني إلى زاوية الغرفة ووجهي للحائط ,وحذروني من الالتفات حتى لا أرى وجوههم القبيحة.

ساءلت نفسي: ترى لماذا يتحرزون حتى لا يراهم الناس أيخافون لهذه الدرجة؟؟؟
مم يخافون؟

على العموم أنا أيضا لا أرغب في رؤية وجوههم القبيحة. يكفيني ما أكابده بسبب وجه كابيلا وزبانية العذاب الآخرين ممن تنحصر مهماتهم في تقديم وجبات الطعام ووجبات العذاب.

امتدت يد من خلفي ووضعت ورقة على الطاولة أمامي.
مسحتها بسرعة بعيني . تقرير غبي كتبه أمي جاهل. ركاكة في التعبير وأغلاط إملائية لا يرتكبها تلاميذ الثالث ابتدائي حتى. ومن يدري فلعله كتبه مقدم حي.

كثيرون ممن مروا من هناك أو جمعني بهم السجن لاحقا, ساقتهم وشايات المقدمين التي أضحت في هذا الزمن الغريب وفي بلد الغرائب هذا ترهن مصائر العباد وتعتمد عندهم أكثر من وحي السماء دون أدنى تبين أو تمحيص وألقت بهم خلف الشمس.

وويل لمن أشارت له أصابع مقدم أو شيخ. من هنا تبدأ السلسلة!!! صارت لهم قيمة وشأن أكثر بكثير مما كانت. بعد إعلان الحرب على( الإرهاب) المزعوم زودوا بهواتف محمولة خاصة وباقة من أرقام رؤوس خفافيش الظلام, والويل كل الويل لمن غضب عليه أحد هؤلاء المنبوذين.

حتى أن بعضهم وجدها فرصة للابتزاز ومصير من يرفض يكون تقريرا كاذبا يلقيه داخل القبر ,كما فعل بأحد من التقيتهم داخله والذي أقسم له مقدم الحي بالأيمان المغلظة أن لحيته ستحرق بالولاعة. كان هذا بعدما تصدى له رافضا مساوماته وابتزازه.


لم أبدل كثير جهد لعصر ذاكرتي. تذكرت ذاك اليوم بعد قراءة السطور الأولى من التقرير المنحوس. كانت أمي قد كلفتني أنا العاطل المكتئب بالتوجه لأداء فاتورة الماء والكهرباء التي أصبحت هي الأخرى هما انضاف لهموم لا تنتهي تثقل كاهل البسطاء في هذه البلاد خصوصا بعد تفويتها كغيرها من مؤسسات الدولة للقادمين من وراء البحار الذين ضاعفوا أثمنة الفواتير في ظرف وجيز

. أجزم قاطعا أنهم لو استطاعوا امتلاك الهواء الذي نتنفسه لجعلوا لنا عدادات على رقابنا تحصي الزفرات. وكل من تأخر عن موعد الأداء المحدد على ظهر الفاتورة أوقفوا تزويده فورا. الحمد لله على نعمة الأكسجين المجاني. وصدق من قال أن الشعب المغربي يحتل المرتبة الأولى عالميا في حمل الأثقال.

وقفت لثلاث ساعات في الطابور الذي بدا لي بلا نهاية لأنه آخر أيام المهلة للأداء قبل إيقاف التزويد بالماء والكهرباء. أعرف أسرا عدة تخلت عن خدمات هذه الشركات الأجنبية وعادت للحياة البدائية. الإضاءة بالشموع والقناديل وجلب الماء من الآبار والسقايات العمومية.

تعبت من الإنتظار في الطابور الطويل الذي لا تضاهيه إلا طوابير السفارات والقنصليات الأجنبية طلبا لتأشيرة الخلاص والفرار .

كثيرون كانوا يمرون دون دور أو انتظار كبقية خلق الله . ينزل الواحد من سيارته يشهر بطاقة أو يتمتم لحارس الأمن الخاص بكلمات ثم يتوجه مباشرة إلى الشباك في عجرفة وكبرياء تغيظ المنتظرين دون أن يجرأ أحدهم على الاحتجاج. أشجعهم كان يتمتم بكلمات هامسة.

حل دوري وضعت الفاتورة والمبلغ أمام الجابي الذي لا يظهر منه سوى الوجه مختفيا خلف واجهة زجاجية. دفعها إلي بتوتر مصطنع وأمرني بالانتظار,مهللا ومقدما شخصا أنيقا دخل لتوه...
"مرحبا ...مرحبا...زيد آلحاج ...تفضل آش حب الخاطر...؟؟؟"

غلت الدماء حينها في رأسي وبدأت يدي وشفتي ترتعشان . أغلقت ثقب شباك الأداء بيدي بعد أن دفعت الحاج بكتفي وأخذت مكاني الطبيعي. ثم أقسمت أمام الملأ بأعلى صوتي أن لا يمر أحد قبلي لأن الدور دوري.

علا حينها اللغط والصخب في القاعة المكتظة احتجاجا وتضامنا معي. ازداد الهرج حين حاول الحراس جري بالقوة للخارج فتشبثت بحديدة حاجز حديدي وأنا أصرخ مطالبا بحقي. إلى أن نلته. وانصرفت مزهوا بنصري.

كان الحدث عاديا تقع الآلاف مثله يوميا في بلاد التخلف والزبونية.
وجدت الواقعة مدونة على الورقة مع زيادات وتلفيقات ما أنزل الله بها من سلطان. منها عبارات توحي بنقدي للنظام والدعاء والتسخط عليه , وغير ذلك مما لم أتفوه به إطلاقا .

أحد الخبثاء من (أصحاب الحسنات) المجانيين, يبدو أنه حضر الواقعة. أو دبوس من الدبابيس الصدئة لم أنتبه له ذاك اليوم.

وضعت الورقة من يدي المرتعشتان :" أقسم لكم بالله أن هذا كذب وفيه زيادات كثيرة."
أعادوا تعصيب عيني بعنف وسرعة:

"تتهمنا بالكذب يا ابن الزانية سنرى من يكذب,نحن أم أنت"

أنا لا أنفي الواقعة. لكني لم أسب أحدا, وهذا الموقف قد يقع فيه أي إنسان كنت في حالة توتر عصبية ودافعت عن دوري دون أي شيء آخر"

" لا بل لعنت المقدسات والدولة التي تطعمك وتسقيك!! تأكلون الغلة وتسبون الملة يا ولاد الق...." ثم خاطب أحدهم الآخر وهو يسمعني:

"ألم أقل لك آلحاج ...أن الراقصة تتوب ولا تترك هز الكتف ...."

حاولت جاهدا تبرير موقفي ذاك والدفاع عن نفسي ورد ما جاء في التقرير من كذب وافتراء, دون جدوى.

كنت بينهم كتائه يصيح بأعلى صوته في صحراء خالية مقفرة.
شرعوا بأسلوبهم المعتاد. العصا والجزرة,التهديد والمساومة. هكذا عهدتهم.

"تعلم أن هذا الكلام فقط دون ما هو قادم يساوي خمس سنوات سجنا؟؟؟ تعلم عقوبة المس بالمقدسات كم تساوي؟؟؟"

عن أي مقدس يتحدثون؟ الله هو المقدس, ورغم ذلك يسبونه هنا ويلعنونه جميعا دون استثناء. إن نسيت شيئا فلن أنسى يوم نزع كبيرهم سروالي وأنا صائم مهددا إياي أنه سينكح ربي ويفطرني بذلك. تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا.

علقت في أذني كلمة, ماهو قادم دون غيرها من كلماتهم . حرب أعصاب لا تنتهي. سائلت نفسي ماهو هذا القادم؟؟؟ هل علموا شيئا عن موضوع سفري؟؟؟

اللهم استر وسلم يارب.

أخشى أن أكون سببا في سقوط غيري أما أنا فالأمر يبدو أنه قد قضي إلا أن يشاء الله.
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-12-2009, 05:54 PM   #39
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

إلى هذه الدرجة كانوا يحصون حركاتي وسكناتي في كل مكان.
حيثما يممت وجهي كنت أجدهم .
بعض أغبيائهم ألفت وجوههم لكثرة ما أراها.

في البداية كان الخوف والقلق يتفشى في داخلي وتكربني رؤيتهم. إلى أن تعودت.

مرة لا أدري أي رغبة انتابتني فقررت أن ألعب مع أحدهم لعبة القط والفأر. وجدت في ذلك بعض المتعة والتسلية الممزوجة بالتشفي. أصعد الحافلة فيصعد, ما أن تتحرك وقبل ما تصلني جابية التذاكر , أطلب من السائق التوقف لإنزالي بدعوى أنني قد أخطأت الرقم .

أنزل فينزل خلفي يلهث ككلب أجرب. أدخل المقهى فيدخل أشرب كأس ماء واقفا أو أدخل المرحاض. أخرج فيخرج وكأني به يريد أن يقول لي ها نحن خلفك.

أحيانا كانوا يغيبون لأيام ثم لا يلبثوا أن يعودوا.
كانوا أيضا زبناء أسخياء ومواظبون أيام العربة المدفوعة.

أذكى أولئك الأغبياء كان إسكافيا بين عشية وضحاها احتل رأس الزقاق المؤدي إلى بيتنا . موقع استراتيجي يمكنه من مراقبة كل الإتجاهات. لم يطرده القائد كما فعل مع غيره مع سابيقه. يتقن ترقيع النعال والأحذية . فراستي لم تخطؤه من أول يوم إلى حدثني أحد العاطلين من أبناء الجيران محذرا باستغراب عن امتلاكه لهاتف آخر صيحة, وتدخينه المارلبورو وتناوله لوجبة الغذاء في مطعم أرخص وجباته لا تقل عن خمسين درهما!!

في كل عواصم هذا الوطن العربي قتلتم فرحي.
في كل زقاق أجد الأزلام أمامي
أصبحت أحاذر حتى الهاتف
حتى الحيطان وحتى الأطفال
أقيء لهذا الأسلوب الفج

ترى ماذا كان قائلا الشاعر مظفر النواب لو عاش بيننا؟ ماذا كان قائلا لو زار السرداب ورأى كابيلا؟؟

كررت طلبي ورغبتي في ولوج المرحاض وزاد تعنتهم ورفضهم. يتلذذون بآلامي وأوجاعي. يتهكمون ويسخرون " ديرها في سروالك"

زادت آلام بطني ومغصه . صرت أتلوى وأتشنج فصاح كبيرهم:

"بدأت في مسرحياتك " متهما إياي بالتظاهر بالوجع. سكاكين حادة تمزق أحشائي.

في لحظة, تغامزوا ربما فيما بينهم أو تلقوا إشارة, أجلسوني أرضا وظهري للحائط. وبدأت العملية مصحوبة بصراخاتهم التي يرجع صداها وتهز المكان: "افتح...افتح...افتح..."

بدأت الفظاعة مرة أخرى . سبق وأن جربتها هنا تسمى عند من خبروها بعملية (الفريش) بتفخيم حرف الراء. لأن الضحية تفرش رجلاه بقوة وعنف حتى يصير كلاعبات الجمباز المتمرنات. كلما زاد السحب زادت آلامي وصراخي. صرت (كبركار) مفتوح عن آخره.

في لحظة ما أحسست بسائل ساخن يغمرني, ينزل معى فخداي وساقي. عمت الرائحة المنتنة كل الفضاء. بدأت أتلوى, أتمرغ كديك مذبوح نصف ذبحة لم يقطع وريده كاملا. آلامي الفضيعة أنستني فعلتي اللاإرادية .

شرعوا يفرون تقززا ونفورا من رائحتي. يتهكمون...ويسبون ويلعنون...
علقت كلمات أحدهم بأذني مرة أخرى, زادت من شكوكي ووساوسي...

"ولاد الكلاب عايشين غير بالعدس وقالك باغيين يطيحو أمريكا"

ربما رأى بأم عينه بقايا آخر وجبة تناولتها في بيتنا. لكن ما دخل أمريكا بموضوع العدس, طعام الفقراء عندنا. هل علموا بموضوع سفري؟؟؟

زادت شكوكي ووساوسي السوداوية التي صارت من زمن بعيد هي خصمي الأول. أصارعها فتصرعني في غالب الجولات...حدثني الطبيب الثرثار يوما أن مرضي يسمى الوسواس القهري...

اللهم استر...اللهم استر
لم أستطع الوقوف رغم إلحاحهم علي ومحاولتهم إرغامي. أحس وكأن العصب والغضاريف في رجلي قد مزقت تمزيقا عن آخرها.

جروني من يدي كجيفة منتنة. ما الذي يحدث؟ أهو حلم وكابوس من كوابيسي المفزعة؟ حالة الذهول لا زالت تسيطر علي . كل شيء يجري وتتقلب الأمور بسرعة غريبة؟؟

رموني في زنزانة هذه المرة ولم يعيدوني وسط الأجساد المنهوكة . مرة أخرى. العزلة .... الخوف .... العذاب... الجنون القادم ...

هاهو الباب الحديدي الأسود الضخم ينتصب أمامي في تحد وجبروت مرة أخرى. يخاطبني مستفزا : " هيا انطحني...انطحني...انطحني..."

تراجعت عن فكرة نطحه في آخر لحظة مستعيدا بالله من الشيطان الرجيم ومن همزاته ووسوسته.
رجة قوية تزلزل القلوب, افتعلوها كلما فتحوا الباب أو أغلقوه . يكاد فؤادي يطير معها فزعا. يضع يده على أنفه ويمسك قطعة صابون بالأخرى, رماني بها بسرعة وصفق الباب بقوة وعنف قائلا:

" خذ اغسل خراك..."
سأصير أضحوكتهم من الآن فصاعدا لاشك في ذلك...
وهو ما كان فقد صاراسمي عندهم هو( الخراي)
اذهب بالخراي... جئني بالخراي... تكلم يا خراي...

يتبع بحول الله. .
[1] هذا مثل شعبي يضرب حين يتأخر شخص ما عن أداء أمر أو مهمة ما في الوقت المطلوب.ومعناه بالفصحى . أن كلب القنص لا يختار قضاء حاجته إلا حين ظهور الطريدة وبداية الصيد
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-12-2009, 12:42 PM   #40
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

الآن مع الحلقة السابعة
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .