وقال عز سلطانه: (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم).
وقال عز من قائل: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين).
وقال جل وعلا: (وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها»، رواه أبو داود والحاكم عن ابن عمر.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم»، رواه أحمد والترمذي والحاكم عن أبي هريرة، والطبراني في المعجم الكبير عن أم سلمة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله الربا وآكله وموكله وكاتبه وشاهده وهم يعلمون، والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة»، رواه الطبراني في المعجم الكبير عن ابن مسعود.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله المحلل والمحلل له»، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن علي ، والترمذي والنسائي عنه وعن ابن مسعود ورواه الترمذي أيضا عن جابر
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن عبد الدينار، لعن عبد الدرهم»، رواه الترمذي عن أبي هريرة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ستة لعنتهم، لعنهم الله وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله تعالى، والمتسلط بالجبروت فيعز بذلك من أذل الله ويذل من أعز الله، والمستحل لحرم الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي»، رواه الحاكم عن عائشة.
وغير ذلك مما لا يحصى كثرة.
وبالجملة: فلا يرتاب ذو تحصيل في أن اللعن طاعة يستحق عليها الثواب إذا وقع على وجهه، وهو أن يلعن مستحق اللعنة تقربا إلى الله تعالى لا للعصبية والهوى، وقد يكون واجبا كما إذا قصد به البراءة من أعداء الله واقتصر عليه، وسيأتي الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى."
قطعا اللعن جائز مباح بما ورد فى القرآن وأما حكاية الحسن ويزيد فأمر أخر لكون الحوادث لم تحدث ولا يمكن حدوثها فى ذلك العصر كما بينا فى أول النقد
ولكن لو أخذنا الروايات على أنها صادقة وكلها كاذب فيجوز لعن يزيد ومن معه وبناء على جواز اللعن استحل الشيرازى لعن يزيد ومن معه لارتكابهم جرائم القتل وهدم الكعبة التى لا يمكن هدمها ولا مسها لأن الله يعاقب من يريد فقط ارتكاب ذنب فيها العقاب على الإرادة وهى النية وليس الفعل لنه محال وقوعه فيها وفى هذا قال تعالى :
" ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"
وهو مكان آمن لا يمكن أيذاء من دخله فإذا يحمى من فيه فكيف يتم هدمه واحراقه وسرقته كما تزعم الروايات والتى يقول :
" ومن دخله كان آمنا "
وفى هذا قال :
"هذا، وإنك لخبير بأن تلك الامور التي استحق فاعلها اللعن ليست بأعظم من قتل الحسين وأصحابه، والرضا به، واستباحة المدينة، وهدم الكعبة وضربها بالمجانيق، إن لم تكن دونه، فإذا جاز اللعن هناك فليجز هنا أيضا.
بل الحق أن جوازه هنا بطريق أولى، إذ لا رزية ولا مصيبة في الاسلام أعظم مما وقع يوم عاشوراء بكربلاء، كما لا يخفى على من أنار الله بصيرته، وطهر من الخبث سريرته."
وناقش الشيرازى أدلة مانعى اللعن فقال :
"فإن قال قائل: قد ورد النهي عن كون المؤمن لعانا في قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
«لا تكونوا لعانين» وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا».
قلنا: هذا وارد في النهي عن اتخاذ اللعن خلقا بسبب المبالغة فيه والافراط في ارتكابه بحيث ينجر إلى أن يلعن اللعان من لا يستحق اللعن ـ كما حكى ذلك ابن الجوزي عن خط القاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى بن الفراء.
وليس فيه النهي عن لعن المستحقين، وإلا لقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا تكونوا لاعنين، ولا ينبغي لصديق أن يكون لاعنا، فإن بينهما فرقا يعلمه من أحاط بدقائق تصاريف لسان العرب.
وأما نهي علي أصحابه عن لعن أهل الشام، فإنه كان يرجو إسلامهم ورجوعهم إليه، كما هو شأن الرئيس المشفق على الرعية، ولذلك قال: «قولوا: اللهم أصلح ذات بيننا وبينهم».
وهذا قريب من قول الله تعالى في قصة فرعون: (فقولا له قولا لينا)، كذا قال أصحابنا رحمهم الله تعالى.
وقال ابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي في (شرح النهج): الذي كرهه منهم أنهم كانوا يشتمون أهل الشام، ولم يكن يكره منهم لعنهم إياهم والبذاءة منهم. انتهى.
وله في هذا المقام كلام ينبغي لرواد الحقائق الوقوف عليه، والله الموفق والمستعان."
الأدلة السابقة فى منع اللعن تخالف آيات الوحى فى وجوب لعن الكفار وهو الدعاء عليهم عندما يعتدون على المسلمين
وتحدث عن الأعمال التى توجب اللعن فقال :
"الثالث: الصفات المقتضية للعن
قال الغزالي في (الاحياء): الصفات المقتضية للعن ثلاثة:
الكفر والبدعة والفسق.
وقال الشيخ الامام المحقق الكركي في (النفحات): لا ريب أن اللعن من الله تعالى هو الطرد والابعاد من الرحمة، وإنزال العقوبة بالمكلف، وكل فعل أو قول اقتضى نزول العقوبة بالمكلف من فسق أو كفر فهو مقتض لجواز اللعن، ويدل عليه قوله تعالى في القاتل: (وغضب الله عليه ولعنه)، وقوله تعالى: (والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) رتب اللعن على الكذب، وهو إنما يقتضي الفسق، وكذا قوله تعالى: (والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) رتب الغضب على صدقه في كونها زنت، والزنا ليس بكفر.
وقوله تعالى: (ألا لعنة الله على الظالمين) أي على كل ظالم،
لان الجمع المعرف للعموم، والفاسق ظالم لنفسه كما يرشد إليه قوله تعالى: (فمنهم ظالم لنفسه) حيث جعله سبحانه قسيما للمقتصد وقسيما للسابق بالخيرات.
قال رحمه الله: ولا ريب أن الكبائر مجوزة للعن، لان الكبيرة مقتضية لاستحقاق الذم والعقاب في الدنيا والآخرة، وهو معنى اللعن.
وأما الصغائر فإنها تقع مكفرة لقوله تعالى: (الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم) فقد فسر بصغائر الذنوب، فلهذا لا ينقص إيمان فاعلها، ولا ترد شهادته، ولا تسقط عدالته.
نعم، لو أصر عليها ألحقت بالكبائر، وصار اللعن بها سائغا. انتهى كلامه "
قطعا كل ذنب لم يتب منه صاحبه ,اصر عليه يوجب لعنه وأما من تاب فلا يجوز لعنه كما يجوز لعن الكافر المستمر فى كفره
وتحدث عن أدلة لعن يزيد من القرآن وهو كلام ليس صحيحا فلا وجود ليزيد فى الكتاب وإنما الموجود لعن من يرتكبون الذنوب ولا يتوبون منها وفى هذا قال :
"جواز لعن يزيد من الكتاب:
إذا تمهد هذا فلنشرع في تقرير ما دل على جواز لعن يزيد بن معاوية ـ لعنهما الله تعالى ـ من الكتاب والسنة بحول الله وقوته.
أما الكتاب العزيز:
1 ـ فقوله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله..).. الآية.
استدل به الامام أحمد بن حنبل على لعن يزيد، كما حكاه أبو الفرج ابن الجوزي في الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد، عن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء، إذ روى في كتابه المعتمد في الاصول بإسناده عن صالح بن أحمد، قال: قلت لابي: إن قوما ينسبوننا إلى توالي يزيد.
فقال: يا بني! وهل يتوالى يزيد أحد يؤمن بالله؟!
فقلت: لم لا تلعنه؟!
فقال: ومتى رأيتني ألعن شيئا؟! لم لا يلعن من لعنه الله في كتابه؟!
فقلت: وأين لعن الله يزيد في كتابه؟!
فقرأ: (فهل عسيتم..) ـ الآية، فهل يكون فساد أعظم من القتل؟
وفي رواية: يا بني! ما أقول في رجل لعنه الله في كتابه؟!
2 ـ وقوله تعالى: (والذين... ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار).
قال الامام أحمد: وأي قطيعة أفظع من قطيعته صلى الله عليه وآله وسلم في ابن بنته الزهراء ـ كما حكاه الشبراوي في (الاتحاف).
3 ـ وقوله تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن).
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في (الدلائل) وابن عساكر عن سعيد بن المسيب، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني أمية على المنابر، فساءه ذلك.
قال الفخر الرازي: وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء."
الحديث يزعم رؤيتهم عيانا على المنابر فى عهد الرسول(ص) وهو ما يناقض أنه رآهم فى الحلم فى الحديث التالى :
وأخرج ابن أبي حاتم عن يعلى بن مرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أريت بني أمية على منابر الارض، وسيتملكونكم فتجدونهم أرباب سوء»، واهتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لذلك، فأنزل الله (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس).
وأخرج ابن مردويه نحوه عن الحسين بن علي."
ثم قال :
قلت: ولا ريب أن يزيد داخل في الملعونين من بني أمية دخولا أوليا.
قال ابن حجر الهيتمي المكي في تطهير الجنان واللسان: صح أنه صلى الله عليه وآله وسلم رأى ثلاثة منهم ـ يعني بني الحكم بن أبي العاص ـ ينزون على منبره نزو القردة، فغاظه ذلك وما ضحك بعده إلى أن توفاه الله سبحانه وتعالى.
قال: ولعله هؤلاء ويزيد بن معاوية، فإنه من أقبحهم وأفسقهم، بل قال جماعة من الائمة بكفره. انتهى.
4 ـ وقوله تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا).
فمن ذا الذي يشك في أن قتل الحسين عليه السلام وجماعة من آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وسبي الذرية الطاهرة على أقتاب الجمال، وضرب الثنايا الشريفة بالقضيب، وغير ذلك مما يذوب الفؤاد بذكره،
|