بسم الله الرحمن الرحيم
أشكرك أخي العزيز على هذا الموضوع الهام والضروري والذي أراه يمثل مشكلة حقيقية في الألفاظ
التي يذكرها البعض بشكل تلقائي دون التفكير في مضمونها الحقيقي .
الكاتب يبدو أنه كان يكتب المقالة إثر لسعة بعوضة لأنفه ، فراح يخبط يمينًا تارة وشمالاً تارة في مواقف أخرى من المقال وبدا مضحكًا كما لم يكن إسماعيل ياسين .
فالقول بأن عبد الناصر فعل ذلك من أجل مصر فقط أمر يحتاج إلى إعادة النظر ، وليس من العيب أن يعيش أي رئيس من أجل وطنه .بل إن السياسة لا أجد فيها من تطوّع مشكورًا من أجل أن يكون منظمة إنسانية لخدمة الآخرين وليس مطلوبًا من أي رئيس ولا زعيم الإنفاق على دُولٍ أخرى لسواد أعينها.
وأما المصريون المقيمون في الخليج فلعل كاتبنا الفذّ بحاجة إلى معرفة أن العمل هو منفعة متبادلة بين الطرفين وليس يعيبُ الإنسان العمل بالخارج مقابل منفعة تكفل له حقه في العيش الكريم ،ولبنان على سبيل المثال رغم ما هي فيه من ممارسة ديمقراطية وعلى الرغم من اختلاف وضعها عن مصر بشكل شبه جذري إلا أن لها مهاجرين في الخارج لا يحصَون .وهؤلاء لم يهاجروا من أجل سواد عيون المهن التي يمتهنونها.
ولا يُنتظر مثلاً من إبراهيم عيسى أن يكتب في الدستور لوجه الوطن (مجانًا) أو من أجل شرف المهنة الصحفية ، ومن باب أولى فليس من الخطأ قيام المصريين بالتدريس في الخارج ،ونحن لا نمن على أحد بأننا علمناه إلا حينما يمن علينا بأنه يشغّلنا رحمة بنا ورأفة بحالنا لا لأن المصريين لهم باع كبير في عملية التعليم (وفق المفهوم العربي ).وإلى ذلك فمن المضحك أن نجِد من الآخرين ذكرهم لبعض أفضال الآخرين ومنهم المصريون عليهم بينما هو بشكل متطرف يريد أن نبقى في موضع إدانة لمجرد شعوره بأن أحداثًا معينة نالت حيزًا يفوق حجمها الحقيقي . نعم نحن ضد الشعور بأننا أصحاب فضل دائمًا على الآخرين لكننا في الوقت نفسه نرفض أن يُشعِرنا الآخرون بأنهم أصحاب فضل علينا وعلى آبائنا .
القضية ببساطة أنه ينظر إلى سلوك انفعالي لمجموعة من المواطنين تحت ضغوط معينة . وفي هذه الظروف لا يُنتظر من الفرد أن يكون متعقلاً في كل ما يطرحه . بل إننا نعرف ما علينا من أخطاء لكن وقت الاستفزاز كثيرًا ما يطيش العقل ،وليست هذه المشكلة التي يفتعلها -في تصوري- بمشكلة الساعة ،وليس شعور المصريين بأنهم أصحاب الفضل هو الدافع لهم نحو التراخي والكسل ،بل هي عوامل أخرى متعقدة .
كل ما في الأمر أن الكاتب المكابر تحت ضغط انفعالي بسبب كلمة سمعها في شارع أو حارة راح يخرج علينا بأن هذه تمثل (ظاهرة) بكلام مرسل يفتقد إلى تعميم علمي .. ليصبح الموضوع أقرب إلى مناقشات بائعي الفجل والجرجير منه إلى نقاش إنسان مثقف جاد .
عمومًا إن الحياة لاسيما السياسية تحكمها مبادئ المصلحة المشتركة والمنفعة ، وبالشكل الذي لا يكون صحيحًا أن نمن ّ فيه على الآخرين ، فمن الخطأ التسليم بأن كل انتقاد لنا يعبر عن حقيقة مسلم بها . وكاتبنا الفذ رغم نقاط كثيرة في مقالته صحيحة إلا أن ركاكة أسلوبه واستخدامه أسلوبًا عاميًا أكثر من اللازم في الكلام يُشعِر القارئ بأننا حيال رواد المقهى .
وفي النهاية فالصورة رغم صحتها من حيث الشكل العام إلا أن مصر ليست بهذه الدناءة التي يحاول إظهارنا بها كما أن باقي العرب كلهم ليسوا بهذه النزاهة ولا العبقرية التي يحاول إظهار بعضهم بها.
أشكرك على نقل هذا المقال الهام للغاية ،لكن على القارئ أن يكون ذا عقل فلا يصدق ولا يكذب كل ما يسمع لأن لحظة الغضب تطيح العقل فكيف بها عند الكتابة!!
وليته أخيرًا يعلم أن كل دولة عربية تحاول(من منظور قاداتها الخاص) أن تُظهر نفسها بأنها ذات الفضل الأتم على الجميع سواء لمكانتها السياسية أو مستواها الاقتصادي أو امتدادها التاريخي ، وكلنا في الهم شرق ُ.