العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حوار مع شيخ العرفاء الأكبر (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 07-09-2009, 12:47 AM   #1
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي ثنائية الروح والجسد عند ابن حمديس الصقلي

بسم الله الرحمن الرحيم
الشاعر الأندلسي العظيم ابن حمديس الصقلي رحمه الله يتسم شعره بالحنين البالغ إلى أرضه وأهله .وقد أسهمت الظروف التاريخية في تشكيل هذه الشخصية التي هي وليدة الأرض والتنقل والفراق .
وهذا الشاعر الكبير لقب بشاعر الحنين لكثرة ما ورد في شعره من الحنين إلى أرضه ووطنه وإخوانه ، كما كان شاعرًا هو الأبرز في الرثاء لما أصاب إشبيلية من خراب عند دخول النورمانديين ولما أصاب أهله أبًا وعمًا وعمةً وغير ذلك من الأهل والأصدقاء .
ومن أشهر أبياته التي وردت في التعبير عن هذا الشوق لأرضه قوله :

ومن ثوى عن أرض وروحه بها
تمنى لها بالجسد أوبة آيب ِ
إن هذه الرؤية تتسم بقدر كبير من الواقعية المتمثلة في الطباق بين الروح والجسد .
فعلى الرغم من أن الكثير من الشعراء دأبوا على تصوير البعد على أنه البعد بالروح وليس الجسم كما قال شوقي رحمه الله :
فإن القرب بالروح ِ
وليس القرب بالجسم ِ

إلاأن ابن حمديس اتسم بالعقلانية الشديدة رغم هذا الحنين .إنه الحنين الذي لم يبرد فجعله لا يتصور البعد بالجسم قد يهوّنه قرب الروح كما قال حافظ إبراهيم رحمه الله :
يا ساكني مصر إنا ما نزال على
عهد الوفاء وإن غبنا مقيمينا
إنه شاعر حزين لكن أجمل ما في حزنه أنه يطلق الكلمة الصادقة نحو الهدف الحقيقي الذي لا يختلف عليه اثنان وهو الوطن والالتصاق به،إذ أنه لا يتصور لأي إنسان أن يستغني بما في وجدانه عما بين يديه .
وهذه الرؤية ينبع جمالها في الصرخة الواقعية التي يخرج بها علينا والتي لا تجعل الأسى يبرد في قلبه إذ أنه يرسل رسالة غير مباشرة مفادها لو أن الوطن في قلبي إذًا لأشبعت بالقلب غليلي إليه لكنه بعيد عن العين وكأن هذا البعد عن العين هو الموت الذي لا يحييه إلا الوجود الحقيقي .
إنه يقول بشكل غير مباشر أنه لا مكان لديه للفلسفة ولا التلهي بأماني الفؤاد فالبعيد مهما قرب من القلب فلن يبلغ بقربه من القلب فرحته به لو كان بين يديه ماديًا .
إنه يرسل رسالة غير مباشرة مفادها أن لو كان بإمكانك القول بأن القرب بالقلب يكفي إذًا فما استحق أحد من الراحلين البكاء عليه لأنه حي في القلب .
إنها قمة الواقعية وقمة الاتزان بين الروح والجسد ، إذ أن الروح مهما بلغت لذة القرب منه إلا أن للجسد في النهاية عبقه وسحره هذا الجسد المادي ممثل في الوطن -الأهل ..إلخ هو الذي يمد النفس بالطاقة الروحية والعاطفة الوجدانية القلبية وليس العكس .
فلو لم يكن لك جسد ولا كان للحياة وجود لما كان للروح أن يجد المادة التي يستقي منها مشاعره . ومن هنا تنبع فرادة هذه الفكرة لدى شاعرنا الراحل لأن الجسد هو غذاء الروح أو الوجدان وهذه هي الرؤية الواقعية الفريدة التي تجعل ألمه دائمًا مطردًا لا يخففه أُلْهِيّات النفس ولا الأحلام القاصرة التي وقف عندها الرومانتيكيون الضعفاء .
وهذه الثنائية تتمثل بشكل أعمق في رثاء عمته رحمها الله إذ قال :
فلو أن روحي كان كسبي وهبته
لجسمك لكن ليس روحي َ من كسبي

فها نحن ذا لا نراه يقول لها أنت بقلبي تعيشين وإنما نراه يستنهض حياة جسمها ذلك الجسم الذي كانت تتقوى به على الطاعة والصلاة ، بل وإن غيابها بالموت لن يعيد إليه الرعاية التي كانت توليه بها
كريمة تقوى في صلاة تقيمها
وجسم تحض الصوم منه على الجدب ِ
وكنت إذا ماضاق صدري بحادث ٍ
فزعت بنجواه إلى صدرها الرحب ِ
وتُذهِب ُ عني هم نفسي كأنها
شفت غلة الظمآن بالبارد العذب ِ

إنه يقول إننا لا نعيش في عالم سماوي ، وإنما في عالم له حقائقه المادية والتي إذا اختفت لم تصلح الحياة ،وليس له عزاء ولا إسقاطات تعويضية تخفف عنه وطأة ما فيه.
إنها رؤية واعية وواقعية إلى أبعد مدى تنشد الجسم والأشياءالملموسة لأنها هي التي تولد الإحساس . بينما المشاعر الوجدانية -الروحانية هي (مولود)هذا الجسم .
فكأن الجسم هو الذي يولد -بحكم تفاعلاته- هذه المشاعر والأحاسيس لذلك فإنه لا يستغني عنه ولا ينشد الراحة إلا بين يديه ليبقى عبق الذكرى وأريج الحنين ، ومسحة الدمع علامة لا تمحى من عيون -ولا ذاكرة- ابن حمديس الصقلي ، وقليل ما هم .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .