العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 27-05-2006, 11:44 AM   #31
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

أحيانا تعجز الكلمات عن الوصف....ويعجز اللسان عن الكلام....

فوجئت بصديق لى يخبرنى أنه سعيد جدا لغزو الأمريكان للعراق...

ثم ما لبث أن قطع دهشتى مستدركا:
إن فى العراق نهاية هذه الحضارة ونهاية هذا المارد....
إن فى العراق سينهض جيل جديد يألف الحرب ولا يخشى إلا الله...
ومن العراق سيبدأ عصر جديد...لهذه الأمة بأسرها....
وفى العراق سنتحرر من الخوف...ونتحدى الطغاة....
وفى العراق...........

إن القاعدة الثابتة لهذه الأمة عبر التاريخ...فقط هذه الأمة..هى:
قبل أى قيام وظهور...يجب أن يسبقه سقوط مروع....
واسألوا صفحات التاريخ...

أخى محمد...بعد كل ما قرأت...زاد خوفى وقلقى عليك....
والله إنى كنت على وشك أن أسأل الأصدقاء عنك...
رجاءا ....لا تبتعد كثيرا مرة ثانية....

********************

وطبيب عادنى فى علتى
ومضى يكتب لى بعض الدواء...

ظن فى صدرىَ داءا هدنى
وارتضى الراحةَ لى بعد العناء....

كيف يا جراح أرضى راحةً
أنا جندىٌ على أرض الفداء....

وجراحُ الصدر لا تؤلمنى
إنما يسحقنى جرحُ الإباء

********************
__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-05-2006, 09:20 AM   #32
محمد العاني
شاعر متقاعد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
الإقامة: إحدى أراضي الإسلام المحتلة
المشاركات: 1,538
إفتراضي

أخي الحبيب..
دُمت و من تحب بخير..
و إنما إنقطاعاتي عن الخيمة ليست بيدي..و الله أعلم بحال العراق..


أخوك
محمد
__________________
متى الحقائب تهوي من أيادينا
وتستدلّ على نور ليالينا؟

متى الوجوه تلاقي مَن يعانقها
ممن تبقّى سليماً من أهالينا؟

متى المصابيح تضحك في شوارعنا
ونحضر العيد عيداً في أراضينا؟

متى يغادر داء الرعب صبيتنا
ومن التناحر ربّ الكون يشفينا؟

متى الوصول فقد ضلت مراكبنا
وقد صدئنا وما بانت مراسينا؟
محمد العاني غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 04-09-2006, 11:54 PM   #33
maher
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 8,145
إفتراضي



السلام عليكم

احتل العراق منذ اربع سنوات و كان خلال كل هذه الفترة جريحا يتخبط في دمائه

و لكن رغم ذلك تخللت الاربع قرون و ليس سنين فترات تضميد جراح و تلقي الاسعافات و لكن هذه الفترات ام تتجاوز اليوم ان لم نقل سويعات

و ما انقطاعك اخي عن هذا الموضوع الا لتضميد الجراح على ما ارى ثم العودة بكتابات مدمية تقتلنا بها

وينك اخي لم ابكي منذ مدة
وينك اخي تفرغ ما في مقلتي من دموع
وينك واصل حفظك الله
اااااااه

من لك يا عراقنا
من لك يا عراقنا
من لك يا عراقنا

لك الله
لك الله
لك الله
لك الله

لك الواحد الاحد
لك الذي يمهل و لا يهمل
لك الحكم العدل
لك الجبار القهار



اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ,لااله الا الله العلى العظيم لا اله الا الله الحليم الكريم ,سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ,الحمد لله رب العالمين .اللهم كاشف الغم مفرج الهم مجيب دعوة المضطرين اذا دعوك,رحمن الدنيا والاخره ورحيمها فارحمنا فى حاجتنا هذه بقضائها ونجاحها رحمة تغنينى بها عن رحمة من سواك .

نأسألك اللهم أن تفك كروبنا وتيسر أمورنا وتفرج همومنا وتفك كرب اخواننا المسلمين فى كل مكان وتفك اسرهم من ايدى اعادائنا اعداء الله

اللهم اخواننا في العراق
اللهم اخواننا في العراق
اللهم اخواننا في العراق
اللهم اخواننا في العراق
اللهم اخواننا في العراق

اللهم الى من تكلهم
إلى قريب يتجهمهم أم الى عدو ملكته أمرهم
اللهم ان لم بك غضب علينا و عليهم فلا نبالي و لكن عافيتك أوسع لنا، نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات
اللهم فك اسرهم و سهل امرهم و اقم فيهم من يخافك و يخشاك
الللهم لك الحمد و المنة على كل حال و سبحانك انا كنا من الظالمين





__________________





maher غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-09-2006, 10:31 AM   #34
محمد العاني
شاعر متقاعد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
الإقامة: إحدى أراضي الإسلام المحتلة
المشاركات: 1,538
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة maher


السلام عليكم

احتل العراق منذ اربع سنوات و كان خلال كل هذه الفترة جريحا يتخبط في دمائه

و لكن رغم ذلك تخللت الاربع قرون و ليس سنين فترات تضميد جراح و تلقي الاسعافات و لكن هذه الفترات ام تتجاوز اليوم ان لم نقل سويعات

و ما انقطاعك اخي عن هذا الموضوع الا لتضميد الجراح على ما ارى ثم العودة بكتابات مدمية تقتلنا بها

وينك اخي لم ابكي منذ مدة
وينك اخي تفرغ ما في مقلتي من دموع
وينك واصل حفظك الله
اااااااه

من لك يا عراقنا
من لك يا عراقنا
من لك يا عراقنا

لك الله
لك الله
لك الله
لك الله

لك الواحد الاحد
لك الذي يمهل و لا يهمل
لك الحكم العدل
لك الجبار القهار



اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ,لااله الا الله العلى العظيم لا اله الا الله الحليم الكريم ,سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ,الحمد لله رب العالمين .اللهم كاشف الغم مفرج الهم مجيب دعوة المضطرين اذا دعوك,رحمن الدنيا والاخره ورحيمها فارحمنا فى حاجتنا هذه بقضائها ونجاحها رحمة تغنينى بها عن رحمة من سواك .

نأسألك اللهم أن تفك كروبنا وتيسر أمورنا وتفرج همومنا وتفك كرب اخواننا المسلمين فى كل مكان وتفك اسرهم من ايدى اعادائنا اعداء الله

اللهم اخواننا في العراق
اللهم اخواننا في العراق
اللهم اخواننا في العراق
اللهم اخواننا في العراق
اللهم اخواننا في العراق

اللهم الى من تكلهم
إلى قريب يتجهمهم أم الى عدو ملكته أمرهم
اللهم ان لم بك غضب علينا و عليهم فلا نبالي و لكن عافيتك أوسع لنا، نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات
اللهم فك اسرهم و سهل امرهم و اقم فيهم من يخافك و يخشاك
الللهم لك الحمد و المنة على كل حال و سبحانك انا كنا من الظالمين





اللهم آمين اللهم آمين اللهم آمين

أخي الحبيب ماهر..
بإذن الله سأعود للكتابة في هذا الموضوع كلّما أتيح لي الوقت..إلا أننا كما يقول الشاعر:
ننسى بما جدَّ من أوجاعنا وجعاً * * * بالأمس من وطئةِ الآهات أبكانا
__________________
متى الحقائب تهوي من أيادينا
وتستدلّ على نور ليالينا؟

متى الوجوه تلاقي مَن يعانقها
ممن تبقّى سليماً من أهالينا؟

متى المصابيح تضحك في شوارعنا
ونحضر العيد عيداً في أراضينا؟

متى يغادر داء الرعب صبيتنا
ومن التناحر ربّ الكون يشفينا؟

متى الوصول فقد ضلت مراكبنا
وقد صدئنا وما بانت مراسينا؟
محمد العاني غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 21-11-2006, 11:51 AM   #35
محمد العاني
شاعر متقاعد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
الإقامة: إحدى أراضي الإسلام المحتلة
المشاركات: 1,538
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ
صدق الله العظيم
من سورة المائدة الآية (32)

بعد احتلال بغداد بعدّة أيام، بدأت الأسواق تُفتح من جديد و محلات الخدمات و المخابز كذلك. حيث أن الناس بدأوا يُحسون شعوراً كاذباً بأن أسوأ ما يُمكن أن يحدث قد حدث فعلاً في أيام المعارك الضارية و انتهت أيام المُعاناة.
خرجتُ يوماً من البيت لأذهب إلى الأسواق القريبة من بيتنا لشراء بعض الحاجيات. و في طريقي مررت على صديقٍ لي يعمل في محل حلاقةٍ لأسلم عليه لأنني لم أره منذ بدء الحرب، فإذا بي أرى جنوداً أمريكيين يجلسون في محل الحلاقة ينتظرون دورهم في الحلاقة...!!!
كانت تعليمات القيادة الأمريكية واضحةً مع القوات الأمريكية و خصوصاً "الشرطة العسكرية" و ليس المارينز هو بتشكيل صداقاتٍ مع الناس و تقديم أنفسهم كمحررين منقذين للبلد. كان الأطفال يجلسون بجانب الأمريكان في محل الحلاقة و يلمسونهم ليتأكدوا أنهم كائنات أرضية و ليسوا كائنات فضائية.
بعد ذلك في طريق عودتي إلى البيت مررت بالمخبز الذي يقع وراء بيتنا مباشرةً فوجدتُ سيارة للقوات الأمريكية واقفة أمام المخبز و أحد الجنود واقفاً في الطابور بانتظار دوره لشراء الخبز العراقي. يالَبرائتهم..
إذا كانت بغداد قد احتُلّت فإننا لم نعلم بعدُ من مات و من لم يمُت في هذه الحرب. فكنت كلّما أسمع صوت الباب ارتعش رعباً لأنني أكاد اوقن أنه قد أتى بخبر سئ عن شخصٍ عزيز أو صديق مقرّب. و كذلك كان..
جاء أحد أصدقائي إلى بيتنا وهو يبكي..تسارعت دقّات قلبي و جفّ حلقي و لم أستطع الحِراك..لم أستطع أن أفعل شيئاً غير أن أقول كلمة واحدة:"مَـن؟؟". فأجابني صاحبي وهو يُكفكفُ دموعه إنه "هشام" صديقنا منذ ايام المدرسة الثانوية..!!
أن ترى الكثير من الناس يموتون أمامك هو أمرٌ مُرعب..و أكثر رُعباً منه أن ترى أناساً بعمرك يموتون. فذلك يجعلك تُدرك أنه كان من الممكن أن تكون أنت.
هشام (رحمة الله عليه) كان من ألطف و أرقى الناس الذين مرّوا علي بحياتي حتّى هذه اللحظة. كان قد تخرّج من الجامعة مُهندساً مدنيّاً و بدأ بإكمال دراسة الماجستير قبل الحرب بستة شهور. و كان قد خطب بنتاً معه في الجامعة و كان ينوي الزواج بها بعد أن يُكمل الماجستير..إلا أنه لم يُكمل الماجستير و لم يتزوج..يا تُرى لماذا؟؟
لأنه كان و أبوه و أخوه في سيارتهم في طريقٍ يُسمى شارع الزيتون و هو أحد الشوارع الذي يرتبط بمجمع القصور الرئاسية (المسماة حالياً المنطقة الخضراء). مرّوا في هذا الشارع بنفس الوقت الذي حدث فيه الإنزال الأمريكي على مجمع القصور الرئاسية. و إحدى دبابات الأمريكان ضربت قذيفة على سيارتهم إلا أن القذيفة أخطأت السيارة و انفجرت بجانبها، فجُرح هشام و السيارة لم تعد تعمل..فنزل ابوه و اخوه من السيارة و هم يصيحون به لينزل من السيارة و يركض وراءهم إلى الأشجار المُجانبة للشارع..إلا أن إصابته و انفجار القذيفة بجانب الباب الذي بجانبه حال دون فتح الباب و نزوله قبل أن يُقرر جُندي أمريكي أن يُطلق النار عليه من سلاح "البيكيتا" الموحود فوق إحدى المدرعات الأمريكية ليُمزّق جسده بعددٍ هائلٍ من الإطلاقات و أبوه على بُعد عدّة أمتارٍ منه لا يستطيع أن يفعل شيئاً.
لم يستطع أبو هشام و أخوه من أن يأخذوا جثته من السيارة إلى بعد خمسة أيام. ذلك بسبب الحرب الضارية التي نشبت في تلك المنطقة. فظلّ جسد صديقي في السيارة التي صارت فيها ثقوب الإطلاقات أكثر من الثقوب في قلبي..

كانت أم هشام و أخته خارج بغداد في أحد بيوت اقاربهم و لم يُخبرهم أبو هشام بما حدث لهشام. و عادوا إلى بيتهم في بغداد في نفس اليوم الذي ذهبنا فيه أنا وصاحبي لنُعزّي أبي هشامٍ و أخوه...
ولا كلمات تستطيع أن تصف ما يحدث للأم عندما تعلم أن ابنها البكر قد قُتل..و بتلك الطريقة الوحشية.
__________________
متى الحقائب تهوي من أيادينا
وتستدلّ على نور ليالينا؟

متى الوجوه تلاقي مَن يعانقها
ممن تبقّى سليماً من أهالينا؟

متى المصابيح تضحك في شوارعنا
ونحضر العيد عيداً في أراضينا؟

متى يغادر داء الرعب صبيتنا
ومن التناحر ربّ الكون يشفينا؟

متى الوصول فقد ضلت مراكبنا
وقد صدئنا وما بانت مراسينا؟
محمد العاني غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 21-11-2006, 11:53 AM   #36
محمد العاني
شاعر متقاعد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
الإقامة: إحدى أراضي الإسلام المحتلة
المشاركات: 1,538
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ
صدق الله العظيم
من سورة المائدة الآية (32)

بعد احتلال بغداد بعدّة أيام، بدأت الأسواق تُفتح من جديد و محلات الخدمات و المخابز كذلك. حيث أن الناس بدأوا يُحسون شعوراً كاذباً بأن أسوأ ما يُمكن أن يحدث قد حدث فعلاً في أيام المعارك الضارية و انتهت أيام المُعاناة.
خرجتُ يوماً من البيت لأذهب إلى الأسواق القريبة من بيتنا لشراء بعض الحاجيات. و في طريقي مررت على صديقٍ لي يعمل في محل حلاقةٍ لأسلم عليه لأنني لم أره منذ بدء الحرب، فإذا بي أرى جنوداً أمريكيين يجلسون في محل الحلاقة ينتظرون دورهم في الحلاقة...!!!
كانت تعليمات القيادة الأمريكية واضحةً مع القوات الأمريكية و خصوصاً "الشرطة العسكرية" و ليس المارينز هو بتشكيل صداقاتٍ مع الناس و تقديم أنفسهم كمحررين منقذين للبلد. كان الأطفال يجلسون بجانب الأمريكان في محل الحلاقة و يلمسونهم ليتأكدوا أنهم كائنات أرضية و ليسوا كائنات فضائية.
بعد ذلك في طريق عودتي إلى البيت مررت بالمخبز الذي يقع وراء بيتنا مباشرةً فوجدتُ سيارة للقوات الأمريكية واقفة أمام المخبز و أحد الجنود واقفاً في الطابور بانتظار دوره لشراء الخبز العراقي. يالَبرائتهم..
إذا كانت بغداد قد احتُلّت فإننا لم نعلم بعدُ من مات و من لم يمُت في هذه الحرب. فكنت كلّما أسمع صوت الباب ارتعش رعباً لأنني أكاد اوقن أنه قد أتى بخبر سئ عن شخصٍ عزيز أو صديق مقرّب. و كذلك كان..
جاء أحد أصدقائي إلى بيتنا وهو يبكي..تسارعت دقّات قلبي و جفّ حلقي و لم أستطع الحِراك..لم أستطع أن أفعل شيئاً غير أن أقول كلمة واحدة:"مَـن؟؟". فأجابني صاحبي وهو يُكفكفُ دموعه إنه "هشام" صديقنا منذ ايام المدرسة الثانوية..!!
أن ترى الكثير من الناس يموتون أمامك هو أمرٌ مُرعب..و أكثر رُعباً منه أن ترى أناساً بعمرك يموتون. فذلك يجعلك تُدرك أنه كان من الممكن أن تكون أنت.
هشام (رحمة الله عليه) كان من ألطف و أرقى الناس الذين مرّوا علي بحياتي حتّى هذه اللحظة. كان قد تخرّج من الجامعة مُهندساً مدنيّاً و بدأ بإكمال دراسة الماجستير قبل الحرب بستة شهور. و كان قد خطب بنتاً معه في الجامعة و كان ينوي الزواج بها بعد أن يُكمل الماجستير..إلا أنه لم يُكمل الماجستير و لم يتزوج..يا تُرى لماذا؟؟
لأنه كان و أبوه و أخوه في سيارتهم في طريقٍ يُسمى شارع الزيتون و هو أحد الشوارع الذي يرتبط بمجمع القصور الرئاسية (المسماة حالياً المنطقة الخضراء). مرّوا في هذا الشارع بنفس الوقت الذي حدث فيه الإنزال الأمريكي على مجمع القصور الرئاسية. و إحدى دبابات الأمريكان ضربت قذيفة على سيارتهم إلا أن القذيفة أخطأت السيارة و انفجرت بجانبها، فجُرح هشام و السيارة لم تعد تعمل..فنزل ابوه و اخوه من السيارة و هم يصيحون به لينزل من السيارة و يركض وراءهم إلى الأشجار المُجانبة للشارع..إلا أن إصابته و انفجار القذيفة بجانب الباب الذي بجانبه حال دون فتح الباب و نزوله قبل أن يُقرر جُندي أمريكي أن يُطلق النار عليه من سلاح "البيكيتا" الموحود فوق إحدى المدرعات الأمريكية ليُمزّق جسده بعددٍ هائلٍ من الإطلاقات و أبوه على بُعد عدّة أمتارٍ منه لا يستطيع أن يفعل شيئاً.
لم يستطع أبو هشام و أخوه من أن يأخذوا جثته من السيارة إلى بعد خمسة أيام. ذلك بسبب الحرب الضارية التي نشبت في تلك المنطقة. فظلّ جسد صديقي في السيارة التي صارت فيها ثقوب الإطلاقات أكثر من الثقوب في قلبي..

كانت أم هشام و أخته خارج بغداد في أحد بيوت اقاربهم و لم يُخبرهم أبو هشام بما حدث لهشام. و عادوا إلى بيتهم في بغداد في نفس اليوم الذي ذهبنا فيه أنا وصاحبي لنُعزّي أبي هشامٍ و أخوه...
ولا كلمات تستطيع أن تصف ما يحدث للأم عندما تعلم أن ابنها البكر قد قُتل..و بتلك الطريقة الوحشية.
__________________
متى الحقائب تهوي من أيادينا
وتستدلّ على نور ليالينا؟

متى الوجوه تلاقي مَن يعانقها
ممن تبقّى سليماً من أهالينا؟

متى المصابيح تضحك في شوارعنا
ونحضر العيد عيداً في أراضينا؟

متى يغادر داء الرعب صبيتنا
ومن التناحر ربّ الكون يشفينا؟

متى الوصول فقد ضلت مراكبنا
وقد صدئنا وما بانت مراسينا؟
محمد العاني غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 22-11-2006, 06:56 AM   #37
السمو
" الأصالة هي عنواننا "
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
الإقامة: السعودية
المشاركات: 10,672
إرسال رسالة عبر MSN إلى السمو
إفتراضي

ياسبحان الله كيف غاب عني هذا الموضوع كل هذه المدة
وللأسف لأول مرة أشاهده ..

ويالله كم علقت في حلقي غصة تلو غصة ؟؟!!
وكم أصاب قلبي من لوعة وحرقة ؟؟!!
وأنا مجرد أقرأ !! فكيف بالله على من عاش تلك الأحداث ؟!
ولاينام إلا على قصف القنابل والصواريخ !!

أخي محمد
لا أقول إلا اللهم ياقوي وياعزيز بقوتك وجبروتك انتقم من الأمريكان
وأخرجهم من العراق أذلة صاغرين ..

وكان الله في عونكم أخي ..
__________________
الحياة قصيرة فلا تقصرها بالهم والأكدار
الشيخ /ابن سعدي
السمو غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 22-11-2006, 10:42 AM   #38
محمد العاني
شاعر متقاعد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
الإقامة: إحدى أراضي الإسلام المحتلة
المشاركات: 1,538
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة دايم العلو
ياسبحان الله كيف غاب عني هذا الموضوع كل هذه المدة
وللأسف لأول مرة أشاهده ..

ويالله كم علقت في حلقي غصة تلو غصة ؟؟!!
وكم أصاب قلبي من لوعة وحرقة ؟؟!!
وأنا مجرد أقرأ !! فكيف بالله على من عاش تلك الأحداث ؟!
ولاينام إلا على قصف القنابل والصواريخ !!

أخي محمد
لا أقول إلا اللهم ياقوي وياعزيز بقوتك وجبروتك انتقم من الأمريكان
وأخرجهم من العراق أذلة صاغرين ..

وكان الله في عونكم أخي ..
اللهم آمين اللهم آمين اللهم آمين..

لا أراك الله مكروهاً في عزيزٍ تحبهُ أو وطنٍ تُجلهُ بإذنه و رحمته إنهُ الكريم الحفيظ..
__________________
متى الحقائب تهوي من أيادينا
وتستدلّ على نور ليالينا؟

متى الوجوه تلاقي مَن يعانقها
ممن تبقّى سليماً من أهالينا؟

متى المصابيح تضحك في شوارعنا
ونحضر العيد عيداً في أراضينا؟

متى يغادر داء الرعب صبيتنا
ومن التناحر ربّ الكون يشفينا؟

متى الوصول فقد ضلت مراكبنا
وقد صدئنا وما بانت مراسينا؟
محمد العاني غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-07-2007, 11:59 AM   #39
maher
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 8,145
إفتراضي

أحس برغبة قاتلة في البكاء
لم أجد أحسن من هذا الموضوع أدفن فيه جراحي
فإذا به تنفجر علي
و تزيد استفحالا

لنا الله حسبنا هو ونعم الوكيل
__________________





maher غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-07-2007, 12:07 PM   #40
اوراق الثريا
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2007
المشاركات: 807
إفتراضي

رحمه الله وجعل الجنة مثواه
أعرف أن كلماتي و مفردات اللغة جميعها على الرغم من غناها وتنوعها ستقف عاجزة عن التخفيف من حدة أحزانك
ذاك هو الموت ياصديقي...القوة التي لا تقهر وتلك رحلة على الجميع خوض غمارها
ولكن أود إخبارك شيئاً أخي محمد
الموت دوماً يخطف من اقترب قليلاً من درجة الكمال
__________________
كيف لي ان اقتحم اسوار عزلتي
ان استرق من نور الشمس إلهامي
ان ادفن خيباتي بعيداً
سئمت ضجري عجزي وذاتي
ما الطريق إلى المجهول الرحيم؟؟
اوراق الثريا غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .