العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة الفـكـــريـة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: New death (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة في مقال البروباغاندا الهدوءُ والفتك (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب إرشاد الأخيار إلى منهجية تلقي الأخبار (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الميسر والقمار فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال لغز زانا الأم الوحشية لأبخازيا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: Can queen of England? (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: المعية الإلهية فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد رسالة في جواب شريف بن الطاهر عن عصمة المعصوم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات فى مقال أسرار وخفايا رموز العالم القديم (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 14-10-2010, 03:22 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

القسم الثالث: المجتمع المدني في الحياة المعاصرة

الفصل السابع: المجتمع المدني والشيوعية

(الصفحات 327 وما بعدها من الكتاب)

(1)

تكمن جذور الاهتمام المعاصر بالمجتمع المدني في قناعة ـ سادت لدى بعض المثقفين الغربيين الأوروبيين في عقد الثمانينات من القرن العشرين ـ مفادها أن تسارع أزمة الشيوعية كان (ثورة المجتمع المدني ضد الدولة). فتشكل ببطء أدبٌ منشقٌ، مناوئ تماماً لدعاوى الأحزاب الحاكمة التي تصف نفسها بالطليعية، ومناوئ لفهمها البيروقراطي للسياسة، وهو أدب رأى أن الاشتراكية القائمة، ما هي إلا دولة مسيطرة ومندسَّة في ثنايا كل شيء، دولة تقترن بتخطيط مركزي عالٍ لإنتاج الصناعات الثقيلة، وبقمعٍ شاملٍ مانعٍ لكل مبادرة اجتماعية تقع خارج سيطرة الدولة ـ الحزب.

لقد بلور المحللون الأوائل، استناداً الى النزعة الدستورية الليبرالية، والى (توكفيل)، والأدبيات الغربية حول (النزعات الشمولية أو التوتاليتارية)، نقداً قوياً لما اعتبروه افتقار الماركسية للحدود، ونزعتها في تسييس كل شيء، وخيانتها للديمقراطية، ورغبتها في توجيه أو استيعاب كلّ فاعلية عفوية تنشأ عن المجتمع المدني.

نتيجةً لتجذرِ هذا النقد في الرغبة الشعبية الواسعة في نيل الديمقراطية السياسية، فإنه تجاهل تماماً المسائل الاقتصادية، وقدم نفسه ابتداءً باعتباره تجديداً للفكر الاشتراكي. ما من شك في أن أحكام هذا النقد لم تكن جديدة، غير أن الأزمة الاقتصادية الخانقة وانتصار اليمين السياسي في إنجلترا والولايات المتحدة قدَّما إليها دعماً جديراً بالاعتبار. فكان ما كان في تحالف العوامل الداخلية والخارجية لانهيار الشيوعية.

(2)

لما كانت (الاشتراكية: النظم السياسية السابقة) تتطور بوصفها إستراتيجية دولة تدير النمو الاقتصادي والتنظيم الاجتماعي [ استناداً لأقوال ماركس وهو يسمي نفسه: ديمقراطياً اجتماعياً]، انجذب النقد المُنشَّق نحو النظريات الليبرالية بصدد المجتمع المدني التي تركزت على الحد من سلطة الدولة القسرية.

استندت الاشتراكية الحديثة، توأم الليبرالية في (عصر التنوير)، الى توسيع الديمقراطية لكي تشمل المجال الاقتصادي؛ وهذا في الواقع هو السبب الذي حدا بماركس أن يصف نفسه بالديمقراطي الاجتماعي في المقام الأول.

إن فهم المجتمع المدني بوصفه كياناً ذاتي التنظيم بكل بساطة جَنَحَ الى رؤية الدولة عائقاً أساسياً أمام الديمقراطية، والى عدم إقامة الاعتبار للاقتصاد. ولكن إذا كانت النظرية تصور المجتمع المدني بوصفه ميداناً لفوضى الإنتاج، والمصلحة الخاصة، واللامساواة، فإن ديناميكية الاقتصاد الداخلية يمكن أن تخضع للضبط. ويكمن هذا التوجه في جوهر النظريات الاشتراكية كلها عن المجتمع المدني.

فمن سياسات إعادة التوزيع المعتدلة التي دافع عنها البعض الآخر، بدت المساواة والديمقراطية بحاجة الى استعمال سلطة الدولة للتدخل في الملكية الخاصة ومنطق التسليع.

يفسر صاحب الكتاب (جون إهرنبرغ) سر انجذاب العالم الى الشيوعية نظرياً وعملياً في الفترة التي عقبت الحرب العالمية الثانية وما أصاب العالم من خراب ودمار احتاج قسوة في تطبيق العدالة لإعادة إعماره، وحماية المتضررين من الحرب من استغلال متصيدي الفرص!

تعليق

رغم الحرص على تقديم الكتاب كما يراه المؤلف، والذي بذل جهداً كبيراً في تقديم تفسيرات تساعد المثقف والقارئ في كل أنحاء العالم للاستدلال على مراحل التطور في تكوين المجتمع المدني وما رافقها من نظريات سياسية واقتصادية، بالرغم من كل هذا، فإن المؤلف، شأنه في ذلك شأن مؤلفي صراع الحضارات ونهاية التاريخ الكتابين اللذين سبق وقدمنا لهما قراءات وعرض، لا يفتأ في التبشير بالليبرالية الحديثة، وسيرى القارئ فيما تبقى من فصول هذا الكتاب.

فإن كانت الشيوعية والماركسية بنظره تسم من يتبناها من أنظمة بالدكتاتورية والقمع ونكران الدين الخ، فهي بنظر أصحابها تزعم نشر العدالة وتبشر ما بشر بها أصحاب الأديان السماوية وغير السماوية، فهي تزعم القدرة على معرفة كيفية تحقيق العدل والمساواة بين الناس، حتى ولو بالقوة، وقد يكون نهجها قد ألحق الأذى بالإبداع الفردي المتعلق بالملكية الفردية وحمايتها.

لكن من زاوية أخرى، فإن الليبرالية والديمقراطية الغربية، وإن بدت للمراقب الساذج أنها متاحة بعدالة ومساواة كاملة لتناقل السلطة ومواقع القيادة بين كل الناس بالتساوي، فهذه النظرة كاذبة كل الكذب، فالمرشح للرئاسة والبرلمان يركض من مكان لمكان ومن لوبي لآخر ليسترضيه حتى يُسمى مرشحاً لحزب أو غيره، وقد انتقلت تلك العدوى للدول التي تدور بفلك الدول الليبرالية الغربية، فلن ينجح بترشيح من لا يتلاءم مع فكر أعوان هؤلاء. والعراق ومصر واليابان وأوروبا كلها أمثلة صارخة، فأي اختلاف بين ديكتاتورية شمولية وديكتاتورية ليبرالية تدعي أنها متاحة للجميع؟
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 18-11-2010, 02:00 PM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

النزعة الشمولية (التوتاليتارية)

(1)

كان المشروع العظيم لكارل ماركس هو تحليله النقدي للمجتمع المدني البرجوازي. لقد قضى وقتاً قصيراً نسبياً في وصف فكرته عن طريقة تنظيم الشيوعية. ولكنه قدم مخططاً متماسكاً تماماً للانتقال الى الاشتراكية. وتصور ماركس أن الاستيلاء على السلطة سوف يسبق المجتمع المدني ويجعل تغييره ممكناً، وتوقع ماركس بيقين أن مشروعه سيحظى بدعمٍ فاعل من أغلبية الجماهير.

تبين لفلاديمير لينين بأن تحويل المجتمع المدني أصعب بكثير من الاستيلاء على سلطة الدولة. فأجل ذلك للتغلب على الثورة المضادة وتصفية جيوبها المعيقة لتحويل المجتمع الى مجتمع اشتراكي شيوعي. وكانت ظروف الاتحاد السوفييتي كافية لإعاقة بناء مجتمعٍ مدني راقٍ، فكيف وقد جاءت الحرب العالمية الأولى بنتائجها وثقلها؟

تراجعت أفكار الشيوعيين التي كانت تريد مجتمعاً بلا دولة، تقوده سوفياتات محلية من العمال والفلاحين، وتُرك هذا الموضوع جانباً، لتقوم مكانه دولة حديدية هي من يفرز منظمات المجتمع المدني وتسخرها لتكون رديفة للدولة نفسها.

أدرك لينين أن صهر الدولة بالحزب وتحييد القوى المعارضة سيكون خطراً كبيراً بالاعتماد على الدولة والحزب وحدهما، وحذر زملاءه مراراً وتكراراً من أن سيطرة العمال وإشرافهم هو الأمر الوحيد الذي سوف يحول مركزية الثورة الحتمية لصالح الاشتراكية. وأقر بصعوبة تفادي البيروقراطية، لكنه اعتقد بإمكان تحجيم آثارها السيئة من خلال إشراف الطبقة العمالية، وفي نهاية حياته أدرك بأسى أن قول ذلك نظرياً أسهل من تحقيقه على أرض الواقع.

(2)

لم يقدم موت لينين عام 1924 الكثير لحل التناقضات المتأصلة في استعمال الدولة لتحويل المجتمع المدني. لقد بدا أن كل هدف من أهداف الثورة بحاجة الى تقوية سلطة الدولة المتعاظمة، وتقوية قيادة الحزب للتعبئة الاجتماعية العامة والتحديث الاقتصادي. فجرت مناقشات التصنيع المهمة في أواخر العشرينات في سياق إجماع القيادة السوفييتية الواسع على أن الرأسمال اللازم لبناء الصناعة سوف يأتي من الفلاحين. وكان السؤال الوحيد هو مدى سرعة استخلاص هذا الرأسمال.

ضَخمَت الحرب العالمية الثانية والمواجهة اللاحقة مع الولايات المتحدة من دور الدولة في الصناعة الثقيلة، ومن كونها في حال طوارئ مستديمة، وغدت الضرورة العسكرية هي ما يميز الاشتراكية السوفييتية، سار الاقتصاد السوفييتي منذ البداية على الاستعداد للحرب، واعتمد على التخطيط المركزي، والسيطرة الصارمة، وإحكام القبضة على قوى السوق.

انتشرت عدوى النموذج السوفييتي لعقود طويلة في القرن العشرين، واستلهمتها كثير من الدول المتخلفة في العالم، فاتسم هذا النمط من الإدارة الى حتمية الهجوم على المجتمع المدني وصبغه بصبغة نظام الحكم القائم، تحت ما يُسمى بالصالح العام ومقتضيات ظروف الثورة أو المعركة.

(3)

وصف المفكرون السياسيون، منذ أرسطو، الحكم المطلق بأنه تشكيل سياسي يتسم بالتعسف واللامسئولية وانعدام الحدود. فالنزعة الشمولية بما تتميز به من رغبة شديدة في فرض الوحدة الأيديولوجية، وإزالة الاختلافات الاجتماعية، وتنظيم مستويات عالية من المشاركة الجماهيرية والتلاعب بها، هي جذور النزعة الشمولية في محاولتها إخضاع دوافع المجتمع المدني التلقائية لغايات محددة سلفاً.

إن قدرة الدولة الشمولية غير المسبوقة على الإقناع والعقاب تساعدها على تنظيم (سيطرة وتوجيه مركزيين للاقتصاد برمته من خلال التنسيق البيروقراطي للكيانات التعاونية والمستقلة سابقاً.

وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الأنظمة الشمولية لتحطيم وجود الكيانات المنفصلة عنها، تظل في هذه الأنظمة الديكتاتورية، بعض المجموعات تعمل على مقاومة السلطة الشمولية. فالعائلة والكنائس والجامعات ومراكز أخرى للمعرفة التقنية، والكُتَّاب والفنانون، كلٌ حسب تقديره لوجوده باعتباره كائناً عاقلاً، يتعين عليهم، إن أرادوا البقاء، مقاومة مطالب الأنظمة الشمولية.

ستواجه النُظم الشمولية والتي على شاكلتها جماهيرها بنفس الصيغة التي يتعامل معها المحتلون (فرق تَسُد). ويكون قيام الحركات الشمولية ممكناً حيثما توجد جماهير تجنح لسبب أو لآخر الى التنظيم السياسي. فالجماهير لا تأتلف معاً بداعي الوعي بالمصلحة المشتركة، فهي تفتقر للوضوح الطبقي الخاص الذي يتم التعبير عنه في أهداف مقررة ومحدودة وُضعت لهم دون مشاركتهم الفعالة في فهم مفرداتها.

خاتمة تلك المقالة

إن الدولة الاشتراكية العاجزة عن نبذ شكوكها في المجتمع المدني، اندفعت الى (تمزيق كل الصلات والروابط الاجتماعية وغير الرسمية التي تقع خارج نطاق العائلة). فالمجتمع السياسي ـ عندها ـ يعني أولوية الدولة السياسية على الحياة الاجتماعية ككل، وأن المجتمع ملحق بالدولة الكلية القدرة أكثر منه كياناً مستقلاً. وهنا يتم شَّل الأفراد عن تبيين حاجاتهم، ويتحولوا الى كيانات فردية خالية من الإبداع الحقيقي.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-12-2010, 01:12 AM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الثورة (المحدودة ذاتياً)

(1)

كانت النزعة الشديدة المناهضة للدولة، التي وسمت أدبيات المجتمع المدني المبكرة، ردَّ فعلٍ مفهوماً تماماً على ما تتصف به (الاشتراكية القائمة) من روتينية وبيروقراطية. وبنهاية السبعينات من القرن العشرين، كانت تصور المجتمع المدني في أوروبا الشرقية على أنه (ميداناً للنشاط الاجتماعي المستقل واللاسياسي ظاهرياً) الذي لا يسعى الى تحدي سيطرة الدولة على زمام السلطة الرئيسة، وقد حقق هذا عقداً ضمنياً بين تلك المنظمات وسلطات دولة الحزب الحاكم.

إن الفكرة القائلة إن نقابات العمال المستقلة، والحركات الاجتماعية الجديدة، والمنتديات المدنية، ومنظمات حقوق الإنسان، والدوائر الأخرى (للمجتمع المدني الاشتراكي) يمكن أن تصل الى تسوية مع الدولة هو قول يدل ضمناً الى إمكانية التفكير في المجتمع المدني بمعزل عن سلطة الدولة المباشرة، ويقر بأن مراكز السلطة المستقلة كانت تتطور في مجتمعات اشتراكية (ناضجة).

كانت الفائدة المجتناة من (النزعة الشمولية) قد أصبحت في الحقيقة إشكالية متزايدة. فمع غروب عقد الستينات، تعرضت قضيتان مركزيتان طرحهما منظرو النزعة الشمولية الى هجوم كاسح، تتمثل الأولى في أن العلاقات الاجتماعية الفردية تمت تذريتها (Atomized) بشكل يتعذر إصلاحه، والثانية هي أن الحياة الاجتماعية والسياسية المستقلة أمرٌ مُحَال.

وأن الفكرة المُبسطة القائلة إن المصالح المُستقلة لا يُمكن أن تُنَظَم في المجتمعات الاشتراكية، نُبذت تلك الفكرة حتى أن معاينة نماذج متسامحة كان ممكن أن يراها المراقب حتى في العهد الستاليني. وبعد مجيء (نيكيتا خروتشيف) وإتباعه لسياسة (شيوعية الغولاش) [وهي كناية للشوربة الهنغارية، وترمز الى غض النظر الذي اتبعه السوفييت والتهاون في مضايقة المجر بعد أحداث 1956، والتي قمعت فيها القوات السوفييتية ثورة المجر، فأُريد من تلك السياسة عدم تكرار ما حدث.]

(2)

بعد تلك الأحداث، لم تعد السياسة تدخل من الباب الأمامي لمنزل المواطن، واختفى دور المُحرض السياسي الذي كان الشيوعيون يرسلونه ويسمى (قارع الأبواب). وحل محله شاشة التلفزيون. ولكن التسييس الشمولي كان يلفظ أنفاسه الأخيرة. ولم يعد هناك مناقشات سياسية في العمل، فساعات العمل للعمل فقط، وبإمكان المواطن أن يفعل ما يريد في أوقات فراغه.

بدت الأحداث التي جرت في بولندا مصداقاً للمقاربة التعددية، وتوكيداً للتخمينات المبكرة حول تجذر مجتمع التنظيمات الوسيطة المدني. فحركة الاحتجاج الفاعلة في بولندا حفزت التطورات المبكرة، وكثفتها في نظرية المجتمع المدني الأولى في أوروبا الشرقية.

كان الناطقون باسم المعارضة البولندية، الذين لم يدفعوا الأمور الى أقصى حد، حريصين على عدم الظهور بمظهر التخريب السياسي. فبدلاً من مهاجمة سلطة الدولة مباشرة، نشد التنظيم الذاتي للمجتمع تقييد تجاوز دولة الحزب حدود ميدانها الخاص. فالمنظمون أولوا عنايتهم لنقابات العمال، وفِرق الطلبة، والجمعيات الثقافية، ولجان العمال، ومنشورات الأدب السرِّي [ نوع من النشاط ظهر بعد موت ستالين 1953]. وغيرها من النشاطات التي أصبحت مؤثرة فيما بعد.

(3)

أطلق (آدم مشنيك)*1 ما دعاه بالمعارضة (المحدودة ذاتياً) وتتلخص فكرته في تحسين تنظيم المجتمع في منظمات طوعية ليس لها علاقة بالدولة، وعدم الاصطدام بالدولة مباشرة، بل على العكس كان يطلب مساعدة الدولة، ولكن فكرته وأسلوبه هذا لم يأتي بنتائج ملموسة.

لكنه في جانب آخر نجح في التأكيد أن تطور المعارضة يجب أن يكون من خلال توجهها للرأي العام وليس للسلطات.

استطاعت نقابة تضامن البولندية من انتزاع اعتراف الدولة بها، حتى لو كان هذا الاعتراف مقترناً بتعهد من النقابات بأنها لا تسعى لانتزاع السلطة.

كانت تسود الفضاء الذهني أجواءٌ تشجع لتقدم مثل تلك النشاطات. فمقاومة الكنيسة للإلحاد الرسمي، ومقاومة القرى للتعاونيات، ومقاومة الطبقة المثقفة للرقابة، عبَّدت الطريق أمام العمال لتنظيم أنفسهم.

(4)

في بداية عهد (غورباتشوف) في الاتحاد السوفييتي، اعترفت جريدة (برافدا) الناطقة بلسان الحزب الشيوعي السوفييتي، بوجود أكثر من ثلاثين ألفاً من المنظمات الطوعية غير الرسمية في الاتحاد السوفييتي، وقد تصاعد نشاط تلك المنظمات مع الشعور بأن غورباتشوف قد أطلق حملة إصلاحات، تدعو الى اعتبار الديمقراطية السياسية خطوة أولى في التجديد الاشتراكي لا يمكن تمييزها من الديمقراطية الاجتماعية الكلاسيكية.

كان غورباتشوف يدرك أن خططه لا يمكن أن تتم إلا بتخفيف الرقابة وإطلاق الحريات، حتى يصل لما سماه (الغلاسنوست: أي سياسة الشفافية) والتي يمكن أن تؤدي الى (البيروسترويكا: إعادة البناء)...

هكذا أدركت الشعوب وقياداتها محدودية نشاط منظمات المجتمع المدني في ظل النظام الاشتراكي، فسواء كان انتشارها يتم انتزاعاً أو من خلال إرادة رأس الحكم فالأمران سيان، لا مكان لمنظمات المجتمع المدني الحقيقية في ظل النظم الاشتراكية (هذا رأي المؤلف).

هوامش:
*1ـ [ آدم مشنيك هذا هو من كبار من أوحى لفاليسا صاحب فكرة نقابة تضامن، وهو أيضاً من أوحى للقيادة البولندية للاشتراك مع (بوش) في غزو العراق]
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .