من مآثر المواعظ
من مآثر المواعظ
(1)
روى أن داود عليه السلام، بينما هو يسيح في الجبال إذ أوفى على غار، فنظر إليه فإذا فيه رجل عظيم من بني آدم، وإذا عند رأسه حجر مكتوب بكتاب محفور فيه: أنا دوسوم الملك ملكت ألف عام، وفتحت ألف مدينة، وهزمت ألف جيش، وافترعت ألف بكر من بنات الملوك، ثم صرت إلى ما ترى فصار التراب فراشي والحجارة وسادي، فمن رآني فلا تغرنه الدنيا كما غرتني.
(2)
وقال وهب بن منبه رضي الله عنه: خرج عيسى عليه السلام يوماً مع جماعة من أصحابه، فلما ارتفع النهار، مروا بزرع قد أمكن من الفرك فقالوا: يا رسول الله إنا جياع. فأوحى الله تعالى إليه أن ائذن لهم في قوتهم، فأذن لهم فتفرقوا في الزرع يفركون ويأكلون، فبينما هم كذلك إذ جاء صاحب الزرع وهو يقول: زرعي وأرضي ورثته عن آبائي، بإذن من تأكلون يا هؤلاء? قال:فدعا عيسى ربه فبعث الله تعالى جميع من ملك تلك الأرض من لدن آدم إلى ساعته، فإذا عند كل سنبلة أو ما شاء الله رجل أو امرأة كل ينادي زرعي وأرضي ورثته عن آبائي! ففزع الرجل منهم، وكان قد بلغه أمر عيسى وهو لا يعرفه، فلما عرفه قال: معذرة إليك يا رسول الله! إني لم أعرفك، زرعي ومالي لك حلال! فبكى عيسى عليه السلام وقال: ويحك هؤلاء كلهم قد ورثوا الأرض وعمروها، ثم ارتحلوا عنها وأنت مرتحل عنها وبهم لاحق، ليس لك أرض ولا مال!
__________________
ابن حوران
|