العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نقد رسالة في جواب شريف بن الطاهر عن عصمة المعصوم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات فى مقال أسرار وخفايا رموز العالم القديم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال آثار غامضة ... هل هي أكاذيب أم بقايا حضارات منسية؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خرافة وهم سبق الرؤية .. ديجا فو (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال هستيريا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال فن التحقيق الجنائي في الجرائم الإلكترونية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مونوتشوا رعب في سماء لوكناو الهندية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: A visitor from the sky (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة فى مقال مستقبل قريب (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 10-01-2009, 04:41 AM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

اللازم والمتعدّي

الفعل صنفان: [لازم] لا ينصب مفعولاً به، و[مُتَعَدٍّ] ينصبه.

1- اللازم: نحو: [نام - ذهب - شبع...]، ويمكن نقله إلى متعدٍّ، بإحدى طريقتين:

الأولى: زيادة همزة في أوله، نحو: [أَذْهَبَ الاستجمامُ التعبَ](1).

والثانية: تضعيف حرفه الثاني، نحو: [عظَّمَ اللهُ العلمَ](2).

2- المتعدّي: وهو صنفان:

الأوّل: ما ينصب مفعولاً واحداً، نحو: [قرأ خالدٌ كتاباً].

والثاني: ما ينصب مفعولين، ومن ذلك - على سبيل المثال -: [أَعطى - أَلبس...]. يقال: [أعطى خالدٌ زهيراً كتاباً، وألبس سعيدٌ محمداً ثوباً].

ومما ينصب مفعولين، ما يسميه النحاةُ: [أفعال القلوب](3)، وتمتاز بأنّ أصل مفعوليها، مبتدأ وخبر، ومنها [ظَنَّ وعَلِمَ وحَسِبَ...]. يقال: [ظننت خالداً مسافراً، وعلمت زهيراً محبّاً للخير، وحسبت سعيداً غائباً](4).

وقد تأتي [أنّ] وصِلَتُها (أي: اسمها وخبرها)، بعد الفعل القلبي فتؤوَّل بمصدر يسدّ مسدّ المفعولَين، نحو: [ظننت أنّ خالداً مسافرٌ = ظننت سفرَه].

تنبيه: قد يتضمّن [القَولُ] معنى [الظنّ]، فيعمل عمله - فينصب المبتدأَ والخبرَ مفعولَين - جوازاً نحو: [متى تقول زيداً راجعاً من سفره؟] = [متى تقول زيدٌ راجعٌ من سفره].



* * *

يتّصل بأفعال القلوب مسألتان هما: الإلغاء والتعليق. ودونك بيانهما:

¨ الإلغاء: هو أن يتوسّط الفعلُ القلبيُّ مفعولَيه أو يتلوهما، فيجوز عند ذلك رفعُهما؛ ولكن يظلّ نصبهما جائزاً أيضاً.

فالرفع نحو: [خالدٌ - ظننت - مسافرٌ، وخالدٌ مسافرٌ، ظننت].

والنصب نحو: [خالداً - ظننت - مسافراً، وخالداً مسافراً، ظننت].

¨ التعليق: هو أن يلي الفعلَ القلبيَّ مانع يمنعه من نصب مفعوليه، فتكون الجملة في محل نصب تسدّ مسدّهما. وذلك إذا تلاه:

استفهام: [علمت أين الكتابُ]،

أو لام ابتداء: [تيقّنتُ لَلصدقُ فضيلة]،

أو لام قسم: [علمت ليسافرنّ خالد]،

أو إحدى الأدوات النافية: [ما، لا، إنْ] نحو: [حسبت ما خالدٌ مسافرٌ]، [علمت لا كاذبَ ممدوحٌ]، [ظننت إن زينبُ مسافرةٌ].


فائدة: قد ينصب الفعلُ القلبي مفعولَه الأول، وتسدّ الجملة مسدَّ الثاني: [علمتُ خالداً (مَن هو)].

ملاحظة: زعموا أنّ في اللغة أفعالاً تنصب ثلاثة مفاعيل، هي: [أرى - أعلم - أنبأ - نبّأ - أخبر - خبّر - حدّث]، وأنه يقال مثلاً: [أعلم سعيدٌ خالداً الأمرَ صحيحاً] و[خبّر زهيرٌ عليّاً الحديث تامّاً](5).

* * *

نماذج فصيحة من اللزوم والتعدّي

· ]لقد علمتَ ما هؤلاء ينطقون[ (الأنبياء 21/65)

[عَلِم]: فعلٌ قلبيّ ينصب مفعولين - في الأصل - ولم ينصبهما هاهنا، لأنه عُلِّق عن العمل، وذلك أنّ [ما] - حرف نفي له الصدارة - وقد تلا الفعلَ القلبي، فامتنع أن ينصب مفعوليه مباشرة، ومن ثم كانت جملة: [ما هؤلاء ينطقون](6)، في محلّ نصب، سدّت مسدَّ مفعولَين.

· ]إنّهم يرونه بعيداً[ (المعارج 70/6)

[يرونه]: (أي: العذاب)، فهاهنا - إذاً - في الأصل مبتدأ وخبر، هما: [العذاب بعيدٌ]. وقد نصبهما الفعل القلبي: [يرى]، على أنهما مفعولان له، فهاء الضمير مفعوله الأوّل، و[بعيداً] مفعوله الثاني.

· ]الذين يظنون أَنهم ملاقو ربّهم[ (البقرة 2/46)

[يظنّ]: فعلٌ قلبيٌّ ينصب مفعولين في الأصل، ولم ينصبهما هاهنا، لدخوله على [أنّ] المشبهة بالفعل وصلتها، (أي: اسمها وخبرها) فإنها هي وصلتها، سدّتا مسدّ مفعولَي: [يظنّ].

· ]أَذْهبتم طيِّباتِكم في حياتكم الدنيا[ (الأحقاف 46/20)

[ذَهَبَ]: فعلٌ لازم لا ينصب مفعولاً به. غير أنّ اللازم يُنقَل من اللزوم إلى التعدّي بإحدى طريقتين: الأولى: أنْ تُزاد همزة في أوله، كما جاء في الآية، إذ نُصِبت كلمة: [طيّبات]، على أنها مفعول به لفعل: [أذهب].

وفي القرآن آيات أخرى مطابِقات، منها: ]إنما يريد الله لِيُذْهِبَ عنكم الرجسَ أهلَ البيت[ (الأحزاب 33/33). فقد نُقِل فعلُ [ذهب] من اللزوم إلى التعدّي، بأن زيدت همزة في أوله: [أذهب - يُذهب]، فانتَصَبت كلمةُ [الرجس] على أنها مفعول به لـ [يُذْهِب].

وأما الطريقة الثانية، التي يُنقَل بها الفعل من اللزوم إلى التعدي، فهي أن يُضَعَّف حرفه الثاني. وذلك نحو قوله تعالى ]هو الذي يسيّركم في ظلمات البرّ والبحر[(يونس 10/22)، ففِعْل [يَسِيْر] لازم في الأصل لا ينصب مفعولاً به، ولكن ضُعِّف حرفه الثاني فقيل: [يُسَيِّر] فأصبح متعدّياً، فنَصَب الضميرَ: [كم]، على أنه مفعول به له.

· ]إنّا أعطيناك الكوثر[ (الكوثر 108/1)

[أعطى]: فعل ينصب مفعولَين، ليس أصلهما مبتدأ وخبراً. كاف الضمير هنا مفعوله الأول، و[الكوثر] مفعوله الثاني. ومثلُه فِعْلُ: [عَلَّمَ] في الآية: ]وما علَّمناه الشعرَ وما ينبغي له[ (يس 36/69). فالهاء مفعوله الأول، و[الشعرَ] مفعوله الثاني.

· قال الشاعر:

ظننتكَ-إنْ شبّتْ لظى الحرب-صالياً فَعَرَّدْتَ فِيمَنْ كان عنها مُعَرِّدَا

(عرَّدَ: انحرف وهرب). [ظنّ]: مِن أفعال القلوب، ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر. فكاف الضمير هي المفعول الأول، و[صالياً] هو المفعول الثاني.

· ]ولقد علِموا لَمَن اشتراه ما له في الآخرة مِن خلاق[ (البقرة 2/102)

[علِم]: فعلٌ قلبيّ، ينصب مفعولين. غير أنه جاء في الآية معلَّقاً عن العمل، فلم ينصبهما، وذلك أنّ لام الابتداء تلته، وهي من الأدوات التي لها الصدارة، فكانت الجملة بعده في محلّ نصب، سدّت مسدّ مفعولين(7).

· ]وإنْ أدري أقريب أم بعيد ما توعدون[ (الأنبياء 21/109)

[درى]: فعلٌ قلبيٌّ، ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر. غير أنه جاء في الآية معلَّقاً عن العمل، فلم ينصبهما، وذلك أنّ الهمزة مِن: [أقريبٌ] تلته، وهي حرف استفهام، والاستفهام له الصدارة، فكانت الجملة بعده في محلّ نصب، سدّت مسدّ مفعولين(8).

· ]لنعلم أيُّ الحزبين أحصى لما لبثوا أمداً[ (الكهف 18/12)

[علم]: فعل قلبيّ، ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر. غير أنه جاء في الآية معلَّقاً عن العمل، فلم ينصبهما. وذلك أنّ: [أيّ] تلته، وهي اسم استفهام، والاستفهام له الصدارة، فكانت الجملة في محلّ نصب، سدّت مسدّ مفعولين(9).

· قال الشاعر:

ولقد علمتُ لَتَأْتِيَنَّ منيَّتي إنّ المنايا لا تطيش سِهامُها

[علم]: فعلٌ قلبي ينصب مفعولين، ولكنْ عُلِّق هاهنا عن العمل فلم ينصبهما، وذلك أنّ اللام المُشْعِرَة بالقسم تلته، وهي أداة لها الصدارة، فكانت الجملة في محلّ نصب، سدّت مسدّ مفعولين.

· وقال الشاعر:

رأيتُ اللهَ أكبرَ كلِّ شيءٍ محاولةً، وأكثرَهم جُنودا

(محاولةً: قوّةً). [اللهُ أكبرُ]: هما - في الأصل - مبتدأ وخبر. ولكن دخل عليهما فعلُ [رأى]: وهو فعلٌ قلبيّ، ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، فنُصِبا - على المنهاج - مفعولين له، فقيل: [رأيت اللهَ أكبرَ].

· ]ولَتَعْلَمُنَّ أيُّنا أشدُّ عذاباً[ (طه 20/71)

[أيُّنا أشدُّ]: مبتدأ وخبر، دخل عليهما فعلُ: [تعلم]، وكان الأصل أن ينصبهما مفعولين له. ولكنه عُلِّق هاهنا عن العمل، لأنّ المبتدأ: [أيُّ] اسمُ استفهام، والاستفهام - حرفاً كان أو اسماً - له الصدارة، ومتى تلا الفعلَ القلبيّ، علّقه عن العمل، فكانت جملتهما في محلّ نصب سدّت مسدَّ مفعولين.

· قال الشاعر:

أبالأراجيز-يا ابن اللؤم-توعدني وفي الأراجيز-خِلتُ-اللؤمُ والخَوَرُ

[خِلت]: فعل قلبي مِن [خال - يخال]، حقُّه إذا تقدّم، أن ينصب المبتدأَ والخبرَ مفعولين له. وأما إذا توسطهما - كما ترى في البيت - أو تأخر عنهما، فيجوز مع النصب الرفعُ، وقد آثر الشاعر هنا الرفعَ، فقال: [في الأراجيز - خلت - اللؤمُ].

والنحاة يسمّون ذلك: [الإلغاء]. ويريدون بذلك: إلغاءَ نصب الفعل القلبي للمبتدأ والخبر، إذا توسطهما أو تأخّر عنهما. ولو أنّ الشاعر قدّم هذا الفعل لما جاز إلاّ النصب، ولكان واجباً أن يقول: [خلت في الأراجيز اللؤمَ].

· وقال الشاعر:

القومُ في أثري ظننتُ، فإنْ يكن ما قد ظننتُ فقد ظفِرتُ وخابُوا

[القوم في أثري]: مبتدأٌ وخبر، وبعدهما فعل قلبيّ تأخر عنهما هو: [ظننتُ]. ولقد كان حقُّه لو تقدّم عليهما أن ينصبهما مفعولين له فيقول: [ظننتُ القومَ في أثري]. ولكنه تأخر عنهما فجاز مع النصب الرفعُ. وهو ما يسمّيه النحاة: [الإلغاء].

· ]وتظنّون إنْ لبثتم إلاّ قليلاً[ (الإسراء 17/52)

[تظنّون]: فعلٌ قلبيٌّ، ينصب مفعولين. ولكنه جاء في الآية معلَّقاً عن العمل، فلم ينصبهما. وذلك أنّ: [إنْ] هاهنا تلته ومعناها النفي، ولها الصدارة، وإذا كان ذلك امتنع أن ينصبهما، فكانت الجملة بعده في محلّ نصب، سدّت مسدّ مفعولَين.

· ]وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلَبٍ ينقلبون[ (الشعراء 26/227)

[يعلم]: من أفعال القلوب، حقُّه أن ينصب مفعولين. غير أنه لم ينصبهما هاهنا، إذ جاء بعده ما يعلّقه عن العمل، وهو: [أيّ] الاستفهامية. وذلك أنّ الاستفهام اسماً كان أو حرفاً، له الصدارة، ومتى تلا الفعلَ القلبي، علّقه عن العمل، فكانت الجملة بعده في محل نصب، سدّت مسدّ مفعولين.

وقد يُظَنُّ أنّ [أيَّ] مفعول به لفعل [يعلم]، وليس هذا بصواب، بل هي مفعول مطلق لفعل [ينقلبون]، أي: ينقلبون أيَّ انقلاب.

· قال زهير بن أبي سلمى:

فقلت تَعَلَّمْ أنّ للصيد غِرَّةً وإلاّ تُضيِّعها فإنك قاتلُهْ

[تعلّمْ]: من أفعال القلوب، ينصب مفعولين. لكنه لم ينصبهما هاهنا، لدخوله على [أنّ المشبهة بالفعل وصلتها (أي: اسمها وخبرها)]. فإنها هي وصلتها سدّتا مسد مفعولَي [تعلَّمْ].

· قال عنترة يذكر جوادَه:

لو كان يدري ما المحاورةُ اشتكى ولكان لو علِم الكلامَ مكلِّمي

[درى]: من أفعال القلوب، ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، لكنه جاء في البيت معلَّقاً عن العمل، لأنّ [ما الاستفهامية] تلته، والاستفهام له الصدارة، ومتى تلا الفعلَ القلبي، علّقه عن العمل، كما ترى في البيت، فكانت جملةُ [ما المحاورةُ]، في محل نصب سدت مسدّ مفعولين. ولكثيّر عزّة، بيت مطابق بيتَ عنترة، هو:

وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا ولا موجعات القلب حتى تولّتِ

فقد عُلِّق فعل [أدري] عن العمل - وهو فعل قلبي ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر - وذلك أنّ [ما] الاستفهامية تلته فعلّقته عن العمل، فكانت جملةُ [ما البكا]، في محل نصب سدّت مسدّ مفعولين.

· ]قد نعلم إنّه ليَحْزُنكَ الذي يقولون[ (الأنعام 6/33)

[نعلم]: فعل قلبي ينصب مفعولين، ولكنه عُلِّق عن العمل فلم ينصبهما، لأنّ أداةً من أدوات الصدارة - هي لام الابتداء - تلته، فمُنع من العمل. فالجملة بعده في محل نصب سدت مسد مفعولين(10).

· قال هدبة بن خشرم:

متى تقول القُلُصَ الرَّواسِما يحملْنَ أمَّ قاسمٍ وقاسِما

[تقول]: فعلٌ قد يأتي بمعنى الظنّ، فيعمل عمله. (أي: ينصب مفعولين). وهو ما تراه في البيت، فكلمة [القلص](11) هي المفعول الأول لـ [تقول]، وجملة: [يحملن]، في محل نصب مفعول ثانٍ له.

· ]كذلك يُريهم اللهُ أعمالَهم حسراتٍ عليهم[ (البقرة 2/167)

في الآية ثلاث كلمات منصوبات. الأولى والثانية هما: الضمير [هم] المتصل بالفعل، و[أعمالَ] - وهاتان مفعولان لفعل: [يُري] - وأما الثالثة وهي: [حسراتٍ] فإنها حال من [أعمالهم](12).



* * *
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:42 AM   #2
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

مبالغات اسم الفاعل

في العربية صِيَغٌ تفيد تكثيرَ ما يدلّ عليه اسم الفاعل. يسمّيها النحاة: [مبالغات اسم الفاعل]. أكثرها استعمالاً صِيَغٌ خمسٌ هي:

فَعَّال نحو: صَبّار، لمن يُكْثِر الصّبْر.

فَعُول نحو: شَكُور، لمن يُكْثِر الشكر.

مِفْعال نحو: مِغْوار، لمن يُكْثِر الغارات.

فَعِيل نحو: سَمِيع، لمن يُكْثِر السمع.

فَعِل نحو: حَذِر، لمن يُكْثِر الحَذر.

وهناك صيغ أخرى أقل في الاستعمال، مثل:

فاعُول نحو: فاروق

وفِعِّيل نحو: صِدِّيق

وفُعَلَة نحو: هُمَزَة إلخ...

الحُكم: اسمُ الفاعل ومبالغاته في العمل سَواء.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:43 AM   #3
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المبتدأ والخبر



المبتدأ والخبر: اسمان مرفوعان يؤلّفان جملة مفيدة. والأصل أن يتقدم المبتدأ ويتلوه الخبر، ولكن قد يكون العكس. ولكلٍّ منهما أحكام نوردها فيما يلي:

حُكْم المبتدأ:

¨ أن يكون معرفة. ولكن جاء في كلامهم نكرةً، في كثير من المواضع(1). أشهرها وأكثرها استعمالاً ما يلي:

· أن يتقدّم على المبتدأ شبهُ جملة (ظرفٌ أو جارٌّ ومجرور) نحو: [عندنا ضيفٌ، وفي البيت كتابٌ].

· أن يكون منعوتاً نحو: [صبرٌ جميلٌ، خير من استرحامِ ظالم].

· أن يتلوه مضافٌ إليه نحو: [طَلَبُ عِلْمٍ خيرٌ من طَلَبِ مال](2).


أحكام الخبر:

¨ يشترط في الخبر أصلاً أن يطابق المبتدأ، إفراداً وتثنية وجمعاً، وتذكيراً وتأنيثاً. ويستثنى من ذلك أن يكون المبتدأ مشتقّاً، فإن معموله من فاعل أو نائب فاعل، يغني عن الخبر ويسدّ مسدّه. نحو: [أناجحٌ أخواك؟] و[ما مؤتمنٌ الغادرون](3).

¨ إذا تمت الفائدة بشبه الجملة (الظرف أو الجارّ والمجرور)كان هو الخبر نحو: [خالدٌ عندنا، وزيدٌ في البيت](4).

¨ قد يتعدّد الخبر، والمبتدأ واحد، نحو: [عنترةُ بطلٌ، شاعرٌ، فارسٌ].

¨ يُحذَف الخبر وجوباً في موضعين: بعد [لولا]، وبعد مبتدأ قَسَمِيّ. مثال الأول [لولا الكتابة - لضاع علمٌ كثير]، ومثال الثاني: [لَعَمْرُكَ لأُسافرَنَّ](5).

¨ إذا اتصل المبتدأ بضمير الخبر وجب تقديم الخبر نحو: [للضرورة أحكامُها] (للضرورة: شبه جملة، خبر مقدم، وأحكامها: مبتدأ مؤخر).



* * *


نماذج فصيحة من المبتدأ والخبر

· قال الشاعر:

خيْرُ اقترابِي من المولى، حليفَ رضاً وشرُّ بعديَ عنهُ، وهو غضبانُ

( المولى: ذو معانٍ مختلفة، منها الحليف ومنها ابن العمّ...).

[خيرُ]: مبتدأ خبرُه محذوف للعلم به. إذ المعنى: [خيرُ اقترابي من المولى، اقترابي منه، حالة كونه حليفَ رضاً]. ومثل ذلك قوله في عَجُز البيت: [شرُّ بعديَ عنه، وهو غضبانُ]، ففي العبارة خبرٌ حُذِف للعلم به، إذ المعنى: [شرُّ بعدي عنه، بعدي عنه وهو غضبان](6). ومثل ذلك، الحديث الشريف:

· [أقربُ ما يكون العبد من ربه وهو ساجد].

[أقرب] مبتدأ خبره محذوف للعلم به. إذ المعنى: [أقرب ما يكون العبد من ربه، يتحقّق وهو ساجد].

· ]محمّدٌ رسول الله[ (الفتح 48/29)

[محمد]: مبتدأ مرفوع، وهو معرفة. ومجيء المبتدأ هاهنا معرفةً، على المنهاج. إذ حُكْمُه في الأصل أن يكون كذلك؛ على أنه في مواضع كثيرة من كلامهم، جاء نكرة، حتى لقد قيل بعد يأس من حصرها: إنّ الحَكَمَ في ذلك هو السليقة. (لم يشترط سيبويه في الإخبار عن النكرة إلاّ حصول الفائدة).

· ]ويلٌ للمطفّفين[ (المطفّفين83/1)

(المطفّفون: هم الذين يكيلون لأنفسهم فيستوفون، فإذا كالوا للناس أنقصوا).

[ويلٌ]: مبتدأ مرفوعٌ نكرة. والأصل أن يكون معرفة؛ وإنما جاز مجيئه نكرة، لأنّ بعده نعتاً حُذِف للعلم به. والتقدير: ويلٌ عظيمٌ للمطفّفين.

· ]سلامٌ عليكم[ (الأنعام 6/54)

[سلامٌ] مبتدأ نكرة، والأصل أن يكون معرفة. ولكن جاز تنكيره لأنّ هاهنا محذوفاً جاز حذفه للعلم به. والتقدير: [سلامُ الله عليكم] أو [سلامُ طمأنينة عليكم] أو [سلامٌ عامّ أو شاملٌ عليكم]، أو ما تشاء مما يصلح ويصحّ تقديره، من نعت أو مضاف إليه.

· ]ولَعبْدٌ مؤمنٌ خيرٌ من مشرك[ (البقرة 2/221)

[لعبدٌ]: اللام للابتداء، [عبدٌ]: مبتدأ مرفوع، وهو نكرة، والأصل أن يكون المبتدأ معرفة، غير أنه لما نُعِت، فقيل: [لَعبدٌ مؤمنٌ]، صحّ مجيئه نكرة.

· ]قُلْ كلٌّ يعمل على شاكلته[ (الإسراء 17/84)

[كلٌّ]: مبتدأ مرفوع، وهو نكرة. ولقد نوّهنا آنفاً بأنّ الأصل أن يكون المبتدأ معرفة. غير أنه لما كان بعد [كلّ]، مضافٌ إليه مقدّرٌ محذوف، إذ المعنى: [قل كلُّ أحدٍ يعمل...]، جاز أن يجيء المبتدأ نكرة.

· ]وفوق كلِّ ذي علمٍ عليم[ (يوسف 12/76)

[فوق]: شبه جملة، ظرف مكان، وهو خبر مقدَّم، و[عليمٌ]: مبتدأ مؤخّر مرفوع، وهو نكرة. وإذا تقدّم شبه الجملة (الظرف أو الجار والمجرور) على المبتدأ، صحّ مجيء المبتدأ نكرة، كما رأيت هنا. وذلك كثير جدّاً في الكلام. ولقد جاء شبه الجملة في الآية ظرفاً، وهو في الآية التالية جارّ ومجرور:

· ]لكلِّ أجلٍ كتاب[ (الرعد 13/38)

[لكلِّ]: شبه جملة، جارّ ومجرور، وهو خبر مقدَّم، و[كتابٌ] مبتدأ مؤخّر مرفوع، وهو نكرة. ولقد قلنا آنفاً: إذا تقدّم شبه الجملة (الظرف أو الجارّ والمجرور) على المبتدأ، صحّ مجيء المبتدأ نكرة، كما ترى في الآية. وذلك كثير جداً في الكلام.

· ]أُكُلُها دائمٌ وظلُّها[ (الرعد 13/35)

[ظلُّها]: مبتدأ مرفوع، وهو معرفة، على المنهاج. غير أنّ خبره محذوف. وإنما جاز حذفه للعلم به، وذلك أنه لما قيل: [أكلها دائم] دلّ هذا على أنّ ظلَّها دائم أيضاً، فصحّ الحذف.

· ]وأنْ تصوموا خيرٌ لكم[ (البقرة 2/184)

[أنْ تصوموا]: أنْ، حرف مصدريّ ناصب، و[تصوموا]: مضارع منصوب، وواو الضمير فاعل. ومعلومٌ أنّ [أنْ] والفعل المنصوب بعدها، يؤوّلان بمصدر. ويتحصّل من ذلك أنهما معاً يعدلان أو يساويان أو يُعَدّان مصدراً، أي: [أنْ تصوموا = صيامُكم].

ومن المفيد أن نذْكر هنا، أنّ المبتدأ قد يكون ضميراً، نحو أنت مسافر، وقد يكون اسماً صريحاً، نحو: خالدٌ ناجح، وقد يكون -كما رأيت في الآية - مصدراً مؤوّلاً، أي: [صيامكم خيرٌ لكم](7).

· من أمثال العرب قولهم: [مُثْقَلٌ استعانَ بذَقَنِه].

(يضربونه مثلاً لمن يستعين بمن هو أذلّ منه وأضعف. وأصله أنّ البعير يُحمَل عليه الحِمل الثقيل، فلا يقدر على النهوض، فيعتمد بذقَنِه على الأرض).

الأصل في المثل: [بعيرٌ مثقل استعان] فيكون [بعيرٌ] مبتدأً نكرة، وجملة: [استعان] خبره. وإنما جاز أن يكون المبتدأ هنا نكرة - مع أنّ المبتدأ يجب أن يكون في الأصل معرفة - لأنه نُعِت بـ [مثقل]. ومتى نُعتت النكرة، صحّ استعمالُها مبتدأً. ثمّ لما حذف المبتدأ وهو [بعير]، غَدا نعته، وهو: [مثقلٌ]، خلفاً منه. ويلاحظ المرء بشيء طفيف من التأمل، أنّ قاعدة ابن مالك الكلية: [وحذف ما يعلَم جائز] تشمل هذه الحالة الجزئية، لأنّ العرب تعرف المثل، وتعرف لِمَ قيل، وتعرف ما المقصود بـ [المثقل]، ولولا ذلك ما جاز أصلاً حذفه.

· ومن أمثالهم أيضاً: [شرٌّ أهرّ ذا ناب].

(يريدون أنّ السبُع إنما يصدر أصوات الهرير إذا غضب. يضربونه مثلاً لظهور أمارات الشرّ ومخايله).

[شرٌّ]: مبتدأ مرفوع، وهو نكرة. وإنما جاز ذلك - والأصل في المبتدأ أن يكون معرفة - لأن هاهنا محذوفاً معلوماً، هو نعتٌ للنكرة، إذ الأصل قبل الحذف: [شرٌّ مثيرٌ أهرّ ذا ناب]. ومعلوم أنّ النكرة إذا نُعتت صحّ الابتداء بها.

· قال الشاعر:

لَعَمْرُكَ ما الإنسان إلاّ ابنُ أمِّهِ على ما تَجَلّى يومُهُ، لا ابنُ أَمْسِهِ

[لعمرك]: اللام للابتداء، و[عمرك] مبتدأ مرفوع، خبره محذوف وجوباً، فكأن الشاعر قال: حياتُك (عمرك) قسمي. والمقسَم عليه هو: [ما الإنسان إلاّ...]. وإنما يُحذف الخبر وجوباً في موضعين: بعد مبتدأ قسميّ،كالذي تراه هنا في بيت الشاعر، وبعد [لولا] في نحو قولك: لولا الحارس لسُرق المال.

· قال الشاعر:

أقاطنٌ قومُ سلمى، أم نوَوا ظَعَناً إن يَظْعنوا فعجيبٌ عيش مَن قَطَنا

(قطن:أقام، وظعن: رحل).

[أقاطنٌ]: الهمزة للاستفهام. و[قاطنٌ]: مبتدأ مشتق (اسم فاعل)، و[قومُ سلمى] فاعلٌ لهذا المشتق، أغنى عن الخبر وسدّ مسدّه. وذلك أن المبتدأ إذا كان مشتقاً، أغنى معمولُه عن الخبر وسدّ مسدّه.

· قال الشاعر:

خبيرٌ بنو لِهْبٍ فلا تكُ مُلْغِياً مقالةَ لِهْبِيٍّ إذا الطير مَرَّتِ

(يريد أنَ بني لِهْبٍ يُحسنون زجْرَ الطير، تفاؤلاً وتشاؤماً، فخُذْ برأيهم إذا قالوا، فإنّ قولهم هو القول).

[خبير] مبتدأ مشتق (صفة مشبهة). و [بنو لهب] فاعل لهذا المشتق، أغنى عن الخبر وسدّ مسدّه. وذلك أن المبتدأ إذا كان مشتقاً، أغنى معمولُه عن الخبر وسدّ مسدّه.



* * *
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:43 AM   #4
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المبني والمُعْرَب

¨ المبني: ما لا تتغيّر حركة آخره، اسماً كان أو فعلاً أو حرفاً. فكل كلمة لزمت حركةً واحدةً لا تتغير - مهما يكن موقعها من العبارة، ومهما تكن العوامل المؤثّرة فيها - فهي مبنية، نحو: [هذا - الذيْ - مَنْ - قدْ - رُبَّ - يسافرْنَ - لَتَذْهَبَنَّ إلخ...].

¨ والمعرَب: ما تتغيّر حركة آخره في الكلام ما بين ضمّة وفتحة وكسرة وسكون، على حسب تأثير العوامل فيه نحو: [سافر خالدٌ - رأيت خالداً - مررت بخالدٍ - يسافرُ خالد - لم يسافرْ خالد إلخ...].

تنبيه: الأسماء والأفعال المختومة بواو قبلها ضمّ، أو ياء قبلها كسر، يستثقل العربي لفظ الضمة والكسرة على آخرها، فيسقطهما استثقالاً. نحو: [يدعُوْ القاضِيْ بالجانِيْ فيقضِيْ عليه بما يستحقّ]. وكان الأصل لولا الاستثقال أن يقال: [يدعُوُ القاضِيُ بالجانِيِ فيقضِيُ عليه بما يستحقّ]!! ولكن العربيّ لا ينطق بذلك.



* * *
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:44 AM   #5
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المثنى



المثنى: اسم لحقته ألف ونون مكسورة، في حالة الرفع. وياء ونون مكسورة، في حالة النصب والجرّ، ليدلّ على اثنين. نحو: كتاب + انِ = كتابانِ و: كتابَ + يْنِ = كتابَيْنِ.

تنبيه: في اللغة ثلاث كلمات مفردات هي: [أبٌ - أخٌ - حمٌ]، يجعل العربيّ في آخرها واواً، عند تثنيته لها، فيقول: [أبَوانِ - أخَوانِ - حَمَوانِ] و[أبوين- أخوين - حَمَوين](1).

* * *

فوائد في نماذج فصيحة:

أ- التعبيرعن المثنى بالمفرد والجمع:

إن من ينعم النظر في استعمال العرب للمثنى، يجد من التوسع في ذلك، ما لا يجده في سواه. ودونك نماذج من هذا:

· فمن التعبير عن المثنى بالمفرد قول الفرزدق يهجو جريراً (معاني القرآن 1/308 + أمالي ابن الشجري 1/12):

[كأنّه وجهُ تُركِيّيْنِ قد غَضِبَا] وإنما يريد: [كأنه وَجْهَاْ تركيَّين].

· ومنه قول المتنبي (الخزانة 7/551):

حَشايَ على جَمْرٍ ذكِيّ من الغَضا وعَينايَ في روضٍ من الحُسن تَرتَعُ

وإنما يريد: [ترتعان].

· ومن التعبير عن المثنى بالجمع: ]والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما[ (المائدة 5/38) والمراد: [يداهما] لا أيديهما الأربع. وقولُه: ]فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون[ (الشعراء 26/15) والمراد: [إنا معكما]. وقولُه: ]إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما[ (التحريم 66/4) والمراد: [صغا قلباكما].

ب- التعبير بالمثنى عن المفرد والجمع:

· فمن التعبير به عن المفرد: ]أَلْقِيَا في جهنم كل كفار عنيد[ (ق 50/24) والمراد: [ألقِ]، إذ الخطاب لمفرد هو [مالك].

· ومنه قول جرير:

فجَعَلْنَ مدفع عاقلَين أيامِناً وجعلن أَمعَزَ رامَتَيْنِ شِمالا

وأراد بقوله: [عاقلين] جبلاً اسمه عاقل، وأراد بـ [رامتين] موضعاً اسمه رامة.

· ومنه أيضا قول المتنبي:

أَبدَيْتِ مثلَ الذي أبديتُ مِن جَزَعٍ ولَم تُجِنّي الذي أَجْنَنْتُ مِن أَلَمِ

إذاً لَبَزّكِ ثوبَ الحُسنِ أَصْغَرُهُ وصِرتِ مِثليَ في ثوبَينِ مِن سَقَمِ

وإنما أراد: [في ثوب من سقم].

· ومن التعبير به عن الجمع: ]إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم[

(الحجرات 49/10) والمراد: [فأصلحوا بين إخوتكم] إلخ...



* * *
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:45 AM   #6
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المجرد والمزيد



في العربية عشرة أحرف، يجمعها قولك: [سألتمونيها]، سمّاها اللغويّون: [أحرف الزيادة]. ولم يريدوا بهذه التسمية، أن تلك الأحرف لا تكون في الكلام إلا زائدة، وإنما أرادوا أن الحرف الذي يُزاد في الكلمة، لا يكون إلا واحداً منها حصراً. فهي إذاً تكون أحياناً غير زائدة وتكون أحياناً أخرى زائدة، على حسب الحال.

وإنما تَعرف أن الحرف منها زائد، بأن تُسقطه من الكلمة - فِعلاً كانت أو اسماً - فلا يختلّ معناها، ولا يتغير إلى معنى آخر.

فالتاء - مثلاً - من فِعل: [تدحرج] حرف زائد، ودليل زيادته أنك تُسقطه فلا يُخِلّ إسقاطه بمعنى [الدحرجة] ولا يغيّره إلى معنى آخر.

والحكم نفسه منطبق على الأسماء، فالتاء من قولك: [تِبيان] حرف زائد أيضا، ودليل زيادته أنك تُسقطه فلا يُخِلّ إسقاطه بمعنى [البيان] ولا يغيّره إلى معنى آخر.

وأما في نحو: [تعِب، ترَك] فالتاء أصلية، غير زائدة، ودليل ذلك أن إسقاطها يُفسد المعنى، فضلاً على أنه يجعل بناء الفعل من حرفين، وذلك ممتنع في العربية.

وقُل الشيء نفسه في [توت وتاج] ونحوهما من الأسماء، فالتاء فيهما أصلية، غير زائدة، ودليل ذلك أن إسقاطها يُفسد معنى هذين الاسمين، ويجعل بناءهما من حرفين، وذلك في العربية غير وارد.

فالمجرد إذاً، ما كانت جميع حروفه أصلية، والمزيد ما كان فيه حرف زائد أو أكثر.

* * *
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:46 AM   #7
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المذكر والمؤنث



الاسم: مذكّر أو مؤنث. مثال المذكر: [رجل] و[كتاب].

فأما الأول: [رجل]، فمذكر حقيقي، لأن له مؤنثاً من جنسه. وأمّا الثاني: [كتاب]، فمذكر غير حقيقي، إذ ليس له مؤنث من جنسه، وإنما اصطلح أبناء اللغة على اعتباره مذكراً.

ومثال المؤنث: [امرأة] و[دار].

فأمّا الأول: [امرأة] فمؤنث حقيقي، لأن له مذكراً من جنسه. وأمّا الثاني: [دار] فمؤنث غير حقيقي، إذ ليس له مذكر من جنسه، وإنما اصطلح أبناء اللغة على اعتباره مؤنثاً.

ملاحظات عظيمة القيمة:

1- يغلب على الاسم المؤنث أن تلحق آخره: ألفٌ مقصورة مثل: [سلمى]، أو ألفٌ ممدودة مثل [حسناء]، أو تاء مربوطة مثل: [خديجة].

2- في اللغة أسماءٌ، سُمِع عن العرب تذكيرها وتأنيثها، منها: [السبيل- الحيّة - العنق - الطريق...]، ولذلك تقول: هذا أو هذه سبيل، وهذا أو هذه حيّة، وهذا أو هذه عنق، وهذا أو هذه طريق،...

3- للإناث حالات مقصورة عليهنّ، لا يشاركهن فيها الذكور، كالحَيْض والإتْآم(1) والطلاق... وأوصافُهنّ في هذه الحالات لا تلحقها التاء، فلا يقال مثلاً: هذه امرأة حائضة أو مُتْئِمة أو طالقة... بل يقال: امرأة حائِض أو مُتْئِم أو طالق(2)...

4- في العربية صفات استعملتها العرب للمذكر والمؤنث بلفظ واحد، مثل: صبور، حنون، جريح، قتيل... فقالوا: رجل صبور وامرأة صبور- ورجل جريح وامرأة جريح...

وقد بحث النحاة واللغويون في هذا قديماً، وذكروا أوزانه، ومواضع استعماله، وما شذ منه وما استثني... حتى إذا كان العصر الحديث، وقف مجمع اللغة العربية بالقاهرة عند هذه المسألة وبحث فيها، ثم خلص من ذلك إلى أن أجاز لحاقَ تاء التأنيث، كلَّ مؤنّث من الصفات. وبناء على ذلك يجوز أن يقال اليوم: رجل صبور وامرأة صبورة، ورجل جريح وامرأة جريحة، ورجل معطار وامرأة معطارة، ورجل معطير وامرأة معطيرة(3) ...


فمَن شاء أن يسلك اليوم هذا السبيل السهل فلا لوم عليه، ولا يعاب قوله. ومن شاء أن يأخذ بالطريقة القديمة، وهي الفصيحة الفصيحة، فذلك له. فامرؤٌ وما اختار(4).

* * *

عودة | فهرس


--------------------------------------------------------------------------------

1- الإتآم: أن تلد المرأة اثنين في بطن واحد.

2- ما خالف ذلك فسماعي لا يقاس عليه، ومنه الآية: ]يوم تَذهلُ كلّ مُرْضعةٍ عما أَرْضعتْ[ (الحج 22/2).

3- انظر الصفحات: 126-131-132 من كتاب [مجموعة القرارات العلمية في خمسين عاماً]. وانظر الصفحة 74 من كتاب [في أصول اللغة] الدورات 29-34، ومداخلة الأستاذين عباس حسن في الصفحة 75، وعطية الصوالحي في الصفحة 77، والصفحة 106 من الكتاب المذكور، ولا سيما الحاشية رقم 1 منها.

4- مع أننا نأخذ أنفسنا في كتابنا بألاّ ننقل قواعد اللغة إلى الناس - كما ورثناها عن الأئمة - من غير إعمال نظر فيها، وفي طريقة عرضها، فإننا رأينا من الحق علينا في هذا البحث خاصة، أن نخالف عن مذهبنا هذا.

وعلى ذلك نقلنا عن كتاب [جامع الدروس العربية] للشيخ مصطفى الغلاييني رحمه الله، نقلاً حرفياً، تلك الحالات التي [يستوي فيها المؤنث والمذكر]؛ ذاك أن كتابه - في أيامنا هذه - من أسهل كتب النحو ومن أوثقها؛ وقد وردتْ في الصفحات: 100-101-102 من جزئه الأول. فإليكها:

[ما يستوي فيه المؤنث والمذكر:

ما كان من الصفات على وزن (مِفْعَل): كمِغْشم ومِقْول، أو (مِفعال): كمعطار ومقوال، أو (مِفْعِيل): كمعطير ومسكير، أو (فَعُول) بمعنى فاعل: كصبور وغيور، أو (فَعِيل) بمعنى مفعول: كقتيل وجريح، أو على وزن (فِعْل) بمعنى مفعول: كذِبْح وطِحْن، أو (فَعَل) بمعنى مفعول: كجَزَر وسَلَب، أو مصدراً مراداً به الوصف: كعَدْل وحَقّ - يستوي فيه المذكر والمؤنث، فلا تلحقه علامة التأنيث، يقال: رجلٌ مِغْشمٌ ومِقوالٌ ومِسكيرٌ وغيورٌ وقتيلٌ وعَدْلٌ، وجَمَلٌ ذِبْحٌ وجَزَرٌ، وامرأةٌ مِقوالٌ ومِعطارٌ ومِعطيرٌ وجريحٌ وعدلٌ، وناقةٌ ذبحٌ وجزرٌ. وما لحقته التاء من هذه الأوزان: كعَدُوّةٍ ومِيقانةٍ ومِسكينةٍ ومِعطارةٍ، فهو شاذّ. وإن كان (فَعُول) بمعنى (مفعول) تَلحقه التاء: كأكولة بمعنى مأكولة، وركوبة بمعنى مركوبة، وحلوبة بمعنى محلوبة. ويقال أيضاً: أكولٌ وركوبٌ وحلوب. وإن كان (فَعِيل) بمعنى (فاعل) لحقته التاء: ككريمة وظريفة ورحيمة. وقد يجرَّد منها كقوله تعالى: ]إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِين[. وإن كان بمعنى (مفعول)، فإن أريد به معنى الوصفية، وعُلمَ الموصوفُ، لم تلحقه في الأكثر الأغلب: كامرأة جريحٍ. وقد تلحقه على قلّةٍ كخَصلةٍ حميدةٍ وفعلةٍ ذميمة. وإن استعمل استعمال الأسماء لا الصفات لحقته التاءُ: كذبيحة وأكيلة ونطيحة. وكذا إن لم يُعلَم الموصوفُ: أمذكر هو أم مؤنث؟ مثل: (رأيتُ جريحةً). أما إذا عُلمَ فلا، نحو: (رأيتُ امرأةً جريحاً) أو (رأيتُ جريحاً مُلقاةً في الطريق)، ونحو: (كُونِي صبوراً على المصائب، حمولاً للنوائب)]. انتهى.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:46 AM   #8
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المستثنى بـ [إلاّ]



المستثنى بـ [إلاّ]: اسمٌ يُذكَر بعدَ [إلاّ]، مخالفاً ما قبلَها. نحو: [جاء الطلاّبُ إلاّ خالداً]. وهو منصوبٌ، قولاً واحداً. غير أنه إذا سبقه نفي أو شبه النفي(1)، جاز مع النصب، إتباعه على البدلية مما قبله نحو:

[ما جاء الطلاّبُ إلاّ خالداً + خالدٌ: (بدل من الطلاّبُ)]

[ما مررت بالطلاّبِ إلاّ خالداً + خالدٍ: (بدل من الطلابِ)]

فإذا تقدّم المستثنى على المستثنى منه وجب نصبه نحو: [لم يسافر إلاّ خالداً أحدٌ].

ملاحظة: قد يأتي المستثنى ولا صلة له بجنس ما قبله، فيسمُّون ذلك [الاستثناء المنقطع] نحو: [وَصَلَ المسافرُ إلاّ أمتعتَه].

تنبيه ذو خطَر:

إذا كان الكلام قبل [إلاّ] غير تام، وكان معتمداً على نفي أو شبهه، فهو حَصْرٌ أو قَصْر، لا استثناء. فالتراكيب التالية: [ماجاء إلاّ خالدٌ، وما رأيت إلاّ خالداً، وما مررت إلاّ بخالدٍ] ليست تراكيب استثناء، (وإنْ كانت كتب الصناعة، تجعلها من تراكيب الاستثناء وتخلطها بها). وإنما هي - كما تقول كتب البلاغة - تراكيبُ [قصْر أو حصْر]. ومنها قوله تعالى ]وما محمدٌ إلاّ رسول[ أي: [محمّد صلى الله عليه وسلّم رسول، مقصور على الرسالة]، لا أنّ كلمة [رسول] مستثناة من [محمّد] !! يدلّك على صحة ما نقول، أنّ [خالد] في التركيب الأول فاعل، وفي الثاني مفعول به، وفي الثالث مجرور بالباء، ولا صلة لكل ذلك بالاستثناء !!

* * *

نماذج فصيحة من استعمال المستثنى بـ [إلاّ]

· ]الأخِلاّء يومئذٍ بعضُهمْ لبعضٍ عدوٌّ إلاّ المتّقين[ (الزخرف 43/67)

[المتقين]: مستثنى بإلاّ، منصوب على المنهاج. إذ كلّ مستثنى منصوب قولاً واحداً. (غير أنه إذا سبقه نفيٌ أو شبهه(2) جاز مع النصب إتباعه على البدلية).

· ]فشربوا منه إلاّ قليلاً منهم[ (البقرة 2/249) (أي: شربوا من النهر)

[قليلاً]: مستثنى بإلاّ، منصوب على المنهاج.

· ]ما فعلوه إلاّ قليلٌ منهم[ (النساء 4/66)

[قليلٌ = قليلاً]: هاهنا مستثنى بإلاّ. والقاعدة أنّ المستثنى بإلاّ منصوب قولاً واحداً، إلاّ إذا سبقه نفي أو شبهه، فيجوز مع النصب إتباعه على البدلية. ولقد تحقق ذلك في الآية كما ترى، إذ سَبَقَ المستثنى هاهنا نفيٌ: [ما فعلوه]، فجاز إذاً مع النصب، الرفعُ على البدلية من ضمير الفاعل وهو الواو من [فعلوه]. ومن هنا كان للآية قراءتان: قراءة السبعة، ماعدا ابن عامر [إلاّ قليلٌ] على البدلية، وقراءة ابن عامر [إلاّ قليلاً] على الاستثناء.

· ]ولا يلتفِتْ منكم أحدٌ إلاّ امرأتك[ (هود 11/81)

[امرأتَك = امرأتُك]: هاهنا مستثنى بإلاّ. سُبِقَ بنهي: [لا يلتفتْ]، فجاز إذاً مع النصب، الرفعُ على البدلية من [أحدٌ]. ومن هنا كان للآية قراءتان: قراءة أبي عمرو وابنِ كثير [إلاّ امرأتُك] بالرفع على البدلية، وقراءة الباقين بالنصب [امرأتَك] على الاستثناء.

· ]ومَن يقنطُ من رحمة ربِّه إلاّ الضالّون[ (الحِجر 15/56)

[الضالّون]: اسم مرفوع على البدلية من ضمير: [يقنط] وهو فاعل. وذلك أن المستثنى سبق باستفهام: [مَن يقنط؟]، فجاز مع النصبِ الرفعُ. ولولم يكن الكلام قرآناً، لصحّ قولُك: [الضالّين] ناصباً على الاستثناء. وقُلِ الشيءَ نفسَه في قوله تعالى: ]ومَن يغفر الذنوبَ إلاّ الله[ (آل عمران 3/135)، فلفظ الجلالة [الله]، وإن جاء مرفوعاً في الآية، يصحّ نصبه أيضاً من الوجهة الصناعية. فأنت ترى هاهنا أنْ قد سبقه استفهام: [مَن يغفر؟]، فجاز مع النصب الإتباع على البدلية. وقد رُفع هاهنا على البدلية من ضمير [يغفر]، وهو فاعل. ولولا أنّ الكلام قرآن، لصحّ النصب على الاستثناء أيضاً: [إلاّ اللهَ].

· قال النابغة الذبياني، يذكر دار ميّة:

وقفتُ فيها أُصَيْلاناً أُسائلُها عَيَّتْ جواباً وما بالرَّبع مِن أحدِ

إلاّ الأَوارِيَّ لأْياً ما أُبَيِّنها ..............................

(أصيلان: تصغير أَصيل - عيَّتْ: عجزتْ أن تجيب - الأواريّ: مرابط الخيل - لأياً: أي: بعد جهدٍ).

[الأواريّ]: مستثنى بإلاّ، ولكن لا صلة له بجنس ما قبله، وهو المستثنى منه [أحد]، فهنا مرابط خيل، وهناك سُكّان رَبعِ ميّة. وبتعبير آخر: إنّ المستثنى [الأواريّ] لا صلة له بجنس المستثنى منه: [أحد]. وكتب الصناعة تسمّي هذا الصنف من الاستثناء: [الاستثناء المنقطع].

ومهما يَدُر الأمر فقد جاء منصوباً على المنهاج، إذ هو ككلّ مستثنى، حكمُه النصب قولاً واحداً. إلاّ إذا سبقه نفي أو شبهه (أي: نهي أو استفهام)، فيجوز مع النصب الإتباع على البدلية.

· ومن هذا الصنف من صنوف الاستثناء (أعني الذي يسمونه: الاستثناء المنقطع) قوله تعالى: ]ما لهم به من علم إلاّ اتّباعَ الظنّ[ (النساء 4/157)

فالمستثى هنا هو: [اتّباعَ الظنّ]، واتّباع الظنّ لا صلة له بالعلم. وقد جاء نصبه على المنهاج في نصب المستثنى بإلاّ.

· قال الكميت:

وما ليَ إلاّ آلَ أحمدَ شيعةٌ وما ليَ إلاّ مذهبَ الحقّ مذهبُ

الأصل في التركيب أن يقال: [ماليَ شيعةٌ إلاّ آل أحمد]، ولكنّ الشاعر قدّم المستثنى بإلاّ، وهو: [آل أحمد] فوجب النصب. وذلك أنّ المستثنى إذا تقدّم على المستثنى منه - كما في بيت الكميت - وجب النصب، وامتنع ما عداه.

ويحسن أن نوجّه النظر هنا، إلى أنّ في البيت تركيباً آخر هو: [ما ليَ إلاّ مذهبَ الحقّ مذهبُ]، وهو مثل التركيب الأول طِبقاً. فقسه عليه.

ومن ذلك قول حسان بن ثابت في يوم (بدر):

وَفَوا يومَ بدرٍ للرسول وفوقهمْ ظلالُ المنايا والسيوفُ اللوامعُ

.......

لأنهمُ يرجون منه شفاعةً إذا لم يكن إلاّ النبيّينَ شافعُ

فالأصل في قوله: [لم يكن إلاّ النبيين شافعٌ] هو: [لم يكن شافعٌ إلاّ النبيين]، (فهو مما يجوز معه الرفع أيضاً - لو أنّ الشاعر أراد ذلك - إتباعاً على البدلية من المستثنى منه المرفوع: [شافعٌ]. أي كان يجوز له أن يقول أيضاً: [إلاّ النبيون]. إذ القاعدة: أنّ المستثنى بـ [إلاّ] منصوب قولاً واحداً، إلاّ إذا سبقه نفي أو شبهه، فيجوز مع النصب الإتباع على البدلية). وقد قدّم الشاعر المستثنى على المستثنى منه، فوجب النصب قولاً واحداً.

هذا، ونورد فيما يلي نماذج من تراكيب الحصر، وإن كانت أحكامه لا علاقة لها بأحكام الاستثناء، مبتغين من ذلك مزيداً من إيضاح الفرق بينهما:

· قال الشاعر:

ما لكَ مِن شيخِكَ إلاّ عملُهْ إلاّ رسيمُهُ وإلاّ رَمَلُهْ

(الرسيم والرمَل: نوعان من السير).

في البيت مسألتان:

الأولى: أنّ [إلاّ] مِن قوله: [إلاّ عملُه]، ليست أداة استثناء، وإنما هي أداة حصر (ويسمونه القصر أيضاً، وهو إثبات حُكْمٍ لشيء، ونفيه عما عداه). ومن شروطه أن يكون الكلام غير تام. وقوله: [ما لك من شيخك] غير تام. وأن يتصدّره نفي أو نهي أو استفهام. وقد تصدّرته هنا أداة نفي هي: [ما]. ومن الأدلة على القصر في التركيب، أنْ ليس هاهنا مستثنى منه. فإذا كان ذلك - وهوكائن - فكيف يصحّ في العقول أن نستثنيَ شيئاً، من أشياء لا وجود لها؟! وتأمّل البيت، تجد ما قلناه منطبقاً عليه معنىً وإعراباً: وذلك أنك إذا حذفت من الكلام ما فيه من الحشو، بقي: [ما لك إلاّ عملٌ]، وبالإعراب ترى أنّ:

[ما] نافية، وبتصدّرها التركيب يتحقق شرط من شروط القصر (أن تتصدره أداة نفي أو نهي أو استفهام).

[لك] شبه جملة: خبر مقدّم.

[إلاّ] أداة حصر.

[عملٌ]: مبتدأ مؤخر.

فأين المستثنى منه؟! إنّ التركيب تركيب قصر !!

المسألة الثانية: تكرار [إلاّ]. فأما أولاهنّ فأداة قصر، كما ذكرنا آنفاً. وأما الثانية فزائدة، و[رسيمُه] بدل من [عملُه]. وأما الثالثة فزائدة أيضاً، و[رملُه] معطوف على رسيمُه]. ومن المفيد أن نقول هنا: [إلاّ] تتكرر للتوكيد، فتكون زائدة.

· ]إنْ أنتَ إلاّ نذير[ (فاطر 35/23)

الأداة [إنْ] في صدر التركيب أداةُ نفي، معناها [ما]. ومن شروط القصر، أن تتصدره أداة نفي أو نهي أو استفهام. وعلى ذلك يكون المعنى: ما أنت إلاّ نذير. وليس هاهنا تركيب استثناء، بل تركيب قصر. يدلّك على ذلك أنّ المعنى قبل [إلا] غير تام، ومنه فليس قبل [إلاّ] مستثنى منه، وكلمة [نذير] - إذاً - ليست مستثنى، بل هي خبر مرفوع، للمبتدأ: [أنت]. وكم بين المستثنى المنصوب والخبر المرفوع من البَوْن!!

· ]ما على الرسول إلاّ البلاغ[ (المائدة 5/99)

الأداة [ما] في صدر التركيب أداة نفي. ومن شروط القصر أن تتصدره أداة نفي أو نهي أو استفهام. وليس في الآية تركيب استثناء، بل فيها تركيب قصر. وذلك أنّ المعنى قبل [إلا] غير تام. وكلمة [البلاغُ] وإنْ جاءت بعد [إلاّ]، فإنها مبتدأ مؤخّر، وشبه الجملة: [على الرسول] خبر مقدَّم. ولو تغافلنا موقتاً عن أداة النفي: [ما]، وأداة الحصر: [إلاّ]، لاتّضح أنّ التركيب في الأصل هو: [على الرسول البلاغُ].

ويكفي دليلاً على صحة ما نقول، أنْ ليس قبل [إلاّ] مستثنى منه، فإذا كان ذلك، وهو كائن، فكيف يصحّ في العقول أن نستثنيَ شيئاً، فنخرجه من أشياء لا وجود لها؟!

· ]ولا تقولوا على الله إلاّ الحقّ[ (النساء 4/171)

الأداة [لا] في صدر التركيب، أداة نهي. ومن شروط القصر، أن تتصدره أداة نفي أو نهي أو استفهام. وليس في الآية تركيب استثناء، بل فيها تركيب قصر.

وذلك أنّ المعنى قبل [إلا] غير تام، إذ لا يتم إلا بكلمة [الحق]. وكلمة [الحقَّ] بعد [إلاّ]، مفعول به لا مستثنى بإلاّ. ولو تغافلنا موقتاً عن أداة النهي: [لا]، وأداة الحصر: [إلاّ]، لاتّضح أنّ التركيب في الأصل هو: [قولوا الحقَّ]. ومن الأدلة على هذا أنْ ليس قبل [إلاّ] مستثنى منه. والعقل لا يسلّم باستثناء شيء من أشياء لا وجود لها. ومن ثم يكون التركيب تركيب قصر لا تركيب استثناء.

· ]فهل يُهلَك إلاّ القومُ الفاسقون[ (الأحقاف 46/35)

الأداة [هل] في صدر التركيب أداةُ استفهام. ومن شروط القصر، أن تتصدره أداة نفي أو نهي أو استفهام. والآية إذاً ليس فيها تركيب استثناء، بل فيها تركيب قصر. وذلك أنّ المعنى قبل [إلا] وهو [فهل يُهلك] غير تام.

وكلمة [القومُ] بعد إلاّ، نائب فاعل، لا مستثنى بإلاّ. ولو تغافلنا موقتاً عن أداة الاستفهام: [هل]، وأداة الحصر: [إلاّ]، لاتّضح أنّ التركيب في الأصل هو: [يُهلَكُ القومُ]. ومن الأدلة على هذا أنْ ليس قبل [إلاّ] مستثنى منه. وذلك برهان قاطع، على أنّ التركيب تركيب قصر لا تركيب استثناء.



* * *



عودة | فهرس



--------------------------------------------------------------------------------

1- شبه النفي هنا، هو النهي والاستفهام.

2- شبه النفي هنا، هو النهي والاستفهام.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:47 AM   #9
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المصدر

المصدر اسم يدلّ على الحدث(1).

فأمّا مصدر الفعل الثلاثي فسماعي، يُعرف بالرجوع إلى المعاجم.

وأما مصدر ما فوق الثلاثي، من رباعي أو خماسي أو سداسي، فقياسيّ. ودونك حديثَ ذلك:

تمتاز مصادر الأفعال فوق الثلاثية بموسيقى إيقاعيّة، تسبق إلى اللسان والأذن جميعاً، بلا استثناء في إيقاعها، ولا اختلاف في حركاتها وسكناتها.

1- فإذا قلت مثلاً: عَظَّمَ فالمصدر تَعْظِيم، حتماً.

وذلك أن كل فِعلٍ وزنه [فَعَّل]، فإن مصدره [تَفْعِيل]:

فـ: شَمَّر تَشْمير تَفْعِيل

و: صغّر تصغير =

و: حرّك تحريك =

و: سكّن تسكين =

و: صمّم تصميم تَفْعِيل وهكذا...(2)

2- وإذا قلت ساهَمَ مثلاً، فالمصدر مُساهَمَة حتماً. وذلك أنّ كل فعل وزنه [فاعَلَ] فإن مصدره [مُفاعَلَة]:

فـ: ناظَرَ مُناظَرَة مُفاعَلَة

و: يامَنَ مُيامَنَة =

و: ياسَرَ مُياسَرَة =

و: سامَرَ مُسامَرَة =

و: باعَدَ مُباعَدَة = وهكذا...

3- وإذا قلت دحرج مثلاً، فالمصدر دحرجة حتماً (3).

وذلك أنّ كلّ فعل وزنه [فَعْلَلَ]، فإن مصدره [فَعْلَلَة].

فـ: عَسْكَر عَسْكَرَة فَعْلَلَة

و: بَعْثَر بَعْثرة فَعْلَلَة

و: فرقع فرقعة =

و: زلزل زلزلة =(4)

و: زخرف زخرفة = وهكذا...

4- ثم إن كلّ فِعْلٍ زِدتَ في أوّله تاءً، فلفظُه ولفظُ مصدرِه سواء، إلا الحرف الرابع من المصدر، فيُضَمّ:

فـ: تَبادَلَ مصدره تَبادُل

و: تَزَلْزَلَ = تَزَلْزُل

و: تَكَلَّمَ = تَكَلُّم

و: تَسَرْبَلَ = تَسَرْبُل

و: تَعَجْرَفَ = تَعَجْرُف وهكذا...

بعد هذه الأنماط الأربعة من الأفعال فوق الثلاثية ومصادرها، نورد القاعدة التالية، وهي أنّ:

[كلّ فعل ماض زاد على ثلاثة أحرف، مبدوءٍ بهمزة(5)، فلفظُه ولفظُ مصدره سواء، عدا أن أول المصدر مكسور حتماً، وقبل آخره ألِفٌ حتماً](6).

فـ: أَكرمَ مصدره إِكرام

و: أسرعَ = إِسراع

و: أنزلَ = إِنزال وهكذا...

[فإن كان خماسيّاً أو سداسيّاً، كُسِر ثالثُه أيضاً].

فـ: اِنحدرَ مصدره اِنحِدار

و: اِطمأنَّ = اِطمِئنان

و: اِستخرجَ = اِستِخراج وهكذا...



* * *



عودة | فهرس





--------------------------------------------------------------------------------

1- فائدة للشّداة من الطلاب: إن مما يسهّل معرفة مصدرِ فِعلٍ من الأفعال مثل: [كتَبَ - نَامَ - حَفِظَ - سافَرَ - بَكى - شَرِبَ إلخ] أن يؤتى برَوْسَم (كليشة) لا يتغيّر هو: [حَدَثَ فِعْلُ...]، فتكون الكلمة الثالثة هي المصدر. وتطبيقاً على الأفعال المذكورة آنفاً يقال: [حَدَثَ فِعْلُ الكِتابة - حَدَثَ فِعْلُ النَّوم - حَدَثَ فِعْلُ الحِفْظ - حَدَثَ فِعْلُ السَّفَر - حَدَثَ فِعْلُ البُكاء - حَدَثَ فِعْلُ الشُّرْب] والكلمات: [الكتابة - النوم - الحفظ - السفر - البكاء - الشرب] هي المصادر.

2- من تفريع هذا الوزن، أنّ [فَعّلَ] إذا كان آخره حرف علّة، نحو: [عرّى] فالمصدر [تَفْعِلَة]: [تَعْرِيَة].

فـ: وصّى توصية تَفْعِلَة

و: زكّى تزكية =

و: عدّى تعدية =

و: سمّى تسمية =

و: سلّى تسلية = وهكذا..

لكنّ من يتأمل يتبيّن له أن [سمّى] مثلاً، وزنُه [فَعَّلَ]، وذلك لأن الأصل فيه [سَمَّيَ]، وأن [التسمية] وزنُها [تفعيل]، لأن الأصل فيها [تَسْمِيْي]، ثم حذفت الياء للتخفيف، وعوّض منها التاء فقالوا: [تسمية]، وقس على ذلك. فالفرق إذاً بين [التَّفْعِيل] و[التَّفْعِلَة]، إنما هو فرق ظاهري، وإلا فإن هذا - في الأصل - هذا، والقاعدة لم تنكسر.

3- يلحق بـ [دَحْرَجَ]، كلُّ فِعلٍ يماثله في حركاته وسكناته، نحو بَسْمَلَ وزَلْزَلَ وبَيْطَرَ... وأما اختلاف الحروف ما بين لام وصاد وباء وعين إلخ... فلا قيمة له في إيقاع الوزن.

4- إذا كان الفعل مضاعفاً، نحو: [زلزل ودندن] أي متماثل الأول والثالث، فله مصدر قياسيّ آخر هو [فَعْلال]، فيقال: [زلزل: زلزلة وزَلزالاً، ودندن: دندنة ودَنداناً].

5- لا فرق في ذلك بين همزة وصل وهمزة قطع.

6- إذا كان قبل آخر الفعل ألِفٌ أيضاً، نحو: [أقام - استقام - أحال - استحال...] تعذّر تتابعُ أَلِفَيْن قبل الآخر: [ألِف الفعل وألف المصدر]، فتحذف ألف، ويُؤتى في آخر المصدر بتاء مربوطة. فـ: [أقام مصدره إقامة] و[اِستقام مصدره اِستقامة] و[أحال مصدره إحالة] و[اِستحال مصدره اِستحالة] وهكذا...
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-01-2009, 04:48 AM   #10
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المصدر الصناعي



المصدر الصناعي: اسمٌ زِيدتْ في آخره ياء مشدّدة، بعدها تاء مربوطة: [يّة]، للدلالة على ما فيه من الخصائص. نحو: [الإنسانيّة]، فإنها تدل على خصائص الإنسان، و [اللصوصيّة]، فإنها تدل على خصائص اللصوص.

ولا فرق في ذلك بين أن يكون الاسم عربياً أو أعجمياً، أو جامداً أو مشتقاً، أو مثنىً، أو جمعاً،... نحو: [الحيوانية - الرأسمالية - الاشتراكية - الأقدمية - الكيفية - الماهيّة - الهويّة - الأنانية - الديموقراطية...].



* * *
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .