الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية ينفي اتخاذ قرار بحل حزب 'العدالة والتنمية'

[البدوي الشارد]

محمود معروف

23/07/2009

الرباط ـ 'القدس العربي': يجد السياسيون المغاربة من رسالة، بعث بها برلماني الى السفير الفرنسي يطلب معالجة زميل له تعرض للضرب على ايدي رجال الامن، لعبة يشغلون فيها الحياة السياسية الباردة هذه الايام رغم موجة الحرارة غير العادية التي تشهدها البلاد.
وتواصل انشغال الاوساط السياسية والصحافية بحكاية عبد العزيز افتاتي النائب البرلماني عن حزب 'العدالة والتنمية' الاصولي المعتدل وعضو امانته العامة ورسالته الى السفير الفرنسي بالرباط للتدخل من اجل علاج نور الدين بو بكر زميله في بلدية مدينة وجدة الذي كان في حالة غيبوبة في احدى مصحات المدينة بعد تعرضه للضرب اثناء تفريق الشرطة لتجمع للمنتخبين.
واعتمد افتاتي في بعث رسالته الى كون بوبكر يحمل الجنسية الفرنسية وبناء على الحاح من عائلته حسب ما صرح به.
وامام احتجاج واسع من السلطات المغربية على كافة مستوياتها ومعها احزاب عديدة التي ذهبت الى درجة اتهامه بطلب الحماية الاجنبية اضطر افتاتي بعد شعور ان الحملة استهدفت حزبه ايضا لتقديم استقالته من الهيئات القيادية للحزب وقبلت الامانة العامة الاستقالة دون ان تتخلى عنه.
لكن اوساطا في السلطة لم تكتف بالاستقالة وإقرار الحزب وافتاتي بالخطأ الذي ارتكبه وطالبت بمتابعته قضائيا وذهب البعض الى المطالبة بحل الحزب.
وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، نفى وجود أي توجه لاتخاذ قرار سياسي بحل حزب 'العدالة والتنمية' على خلفية الرسالة واكد في تصريحات نشرت بالرباط أن موضوع الرسالة التي كان النائب البرلماني عن حزب 'العدالة والتنمية' عبد العزيز أفتاتي قد بعث بها إلى السفير الفرنسي يشكو فيها اعتداء عناصر أمنية على مواطن مغربي يحمل الجنسية الفرنسية، قد طويت.
وقال خالد الناصري 'موضوع رسالة النائب البرلماني إلى السفير الفرنسي تمت معالجته بالأسلوب السياسي الملائم، وبالنسبة لنا الموضوع يقف عند هذا الحد'.
واضاف الناصري 'يبدو لي أن الملف قد طوي بصرف النظر عن خطورة الفعل الذي تم. وبصرف النظر عن الموقف الذي اتخذته الحكومة من الرسالة الكامن في إدانة رئيسها للرسالة واستقبال وزير الداخلية لعدد من مسؤولي الحزب، واستقبال وزير الخارجية للسفير الفرنسي ليعلمه بأن موقف النائب موقف نشاز، وبغض النظر عن مواقف الشجب والإدانة التي اتخذتها مختلف الأحزاب السياسية، فإننا نعتبر أنه في الظرف الراهن ليس هنالك ما يدعو إلى اتخاذ موقف آخر'.
ويقترح محمد الشيخ بيد الله الامين العام لحزب الاصالة والمعاصرة الذي يتزعمه فؤاد عالي الهمة الوزير السابق في الداخلية وصديق الملك ان رسالة افتاتي ليست معزولة عن سلسلة المواقف والسلوكيات التي ينهجها حزب 'العدالة والتنمية' الذي يناصبه العداء.
وتساءل بيد الله في مقال نشرته صحيفة 'المساء' المستقلة 'كيف يمكن للمتتبع الرصين ألا يستحضر صورة استضافة قيادة حزب العدالة والتنمية من قبل السفير الفنزويلي وتواجد بعض أعضائها بالجمهورية الإسلامية الإيرانية في عز قطع العلاقات الديبلوماسية مع هذين البلدين؟ وهل يمكن أن يمر مر الكرام على محاولة الاستقواء بنتائج استطلاعات رأي خزان تفكير أجنبي عندما تنبأ لهذا الحزب بموقع ريادة وصدارة المشهد الحزبي المغربي؟ وهل يمكن للملاحظ المتبصر، المتأني ألا يتذكر، في هذا الظرف، أن أحد أعضاء هذا الحزب متهم في خلية ذات ارتباطات دولية ينتظر فيها حكم القضاء؟
وقال انه سبق لحزب الأصالة والمعاصرة أن أثار تهافت خطاب الأخلاق والمرجعية الدينية الذي يردده حزب العدالة والتنمية، وإلى البون الشاسع ما بين هذه المرجعية، وما تنقله الممارسة اليومية والخطاب السياسي عنه. وتشاء الأقدار أن يماط اللثام عن أمر دبر بليل وأحاطه صانعوه بقدر غير يسير من الكتمان، ولأن القصد ينافي الشرع والأخلاق فلم تحطه العناية الإلهية بمنطوق الحديث 'اقضوا حوائجكم بالكتمان'.
ويؤكد بيد الله ان افتاتي وحزب 'العدالة والتنمية' اراد من رسالته للسفير الفرنسي، عن قصد أو عن غير قصد، أن يعيد بلادنا إلى 'زمن المحميين' وإلى الاستقواء بالحماة في إساءة إلى مؤسسات البلاد وسمعتها، بإقحام سفارة دولة أجنبية - رغم متانة وشائج الصداقة التي تربطها ببلادنا- في صميم عمل الدولة الوطنية ومساطرها ومؤسساتها.
وقال ان 'الرسالة تهين مؤسسات وطنية منظمة وسيادية، وتحتج بجنسية أجنبية للتعالي على باقي المغاربة والتفريق بينهم. والرسالة تتعارض مع منطوق النظام الداخلي لمجلس النواب وتتنافى مع وظيفة البرلماني كقناة للوساطة ونقل مطالب السكان إلى مؤسسات التمثيل وليس إلى جهات أجنبية.
حزب 'العدالة والتنمية' لا زال يدبر ملف افتاتي بهدوء مع تأكيده على انه متمسك بالقيم والثوابت للبلاد ولم يصعد مواجهته خاصة وانه يرى في سلسلة من التطورات السياسية في البلاد ما قد يدفع نحو ادخاله معركة لم يحسب حسابها ويكتفي بتسجيل نقاط على مواقف وقرارات للسلطات تثير الانزعاج لدى بقية الفاعلين السياسيين مثل الاسراع بإقالة والي مراكش على خلفية شكوى حزب الاصالة والمعاصرة بعد قرار محكمة بإلغاء نتائج الانتخابات البلدية التي اعطته منصب العمدة.

تعليق البدوي الشارد:
الاستنجاد بالفرنسيين ولا ريب سقطة ما كنا نتمناها لأفتاتي، وهي غير جديرة بهذا الحزب الذي نعلق عليه آمالاً أن يقدم نموذجاً لرؤية واسعة الأفق لحزب يجمع بين فهم الواقع المعاصر وفهم الشريعة الإسلامية الفهم واسع الأفق الذي رأيناه عند كتاب "حركة التوحيد والإصلاح" من أمثال أحمد الريسوني والمقرئ وغيرهما مع الارتباط الوثيق مع الهوية الإسلامية .
وفي رأيي أن على الحزب التوقف باهتمام كبير عند هذه السقطة وعدم تمريرها.

[سيدي حرازم يطرونس]

صرح بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أن أفتاتي قام بالاتصال بالسفارة الفرنسية دون استشارة كوادر الحزب ولا أمانته العامة، وبالتالي فالخطأ يعتبر فرديا، لكن الذي يجري هنا هو حرب معلنة بين وزارة الداخلية والحزب الاسلامي، وتعود تفاصيلها إلى ما قبل الانتخابات الأخيرة، وفي كل مرة تتصيد الداخلية الفرص للانقضاض على هذا الحزب.
ورغم أن أفتاتي لم يطلب سوى تدخل السفارة لنقل المواطن، المغربي/الفرنسي، ليعالج في المستشفيات الفرنسية، بعد أن ظل راقدا في حالة كوما،في مستشفى محلي متواض، إلا أن أحداثا أخرى سوف تجري، على خلفية هذا القرار وغيره، من أجل تحجيم الحزب الإسلامي، وتقوية أحزاب أخرى بعضها يظهر أيام الانتخابات فقط، ويضم أسرا غنية أو متنفذة في المناصب العليا وطبقة من الانتهازيين، إضافة إلى حزب جديد، حديث الولادة، يكاد لا يعرف أمينه العام أحد، أسسه مسؤول كبير سابق في الداخلية، وصديق مقرب للملك، ويا سبحان الله، حصل على الرتبة الأولى قي الانتخابات الأخيرة.

الخلاصة، لقد تم تمييع الحياة السياسية المغربية مؤخرا.
وقد يحصل للعدالة أكثر، كما لكل حزب له قاعدة شعبية، قد ينافس أصحاب القرار في التأثير على الخيارات السياسية.